ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
تلك الجــــنات.. انت خــــالد فيها .. يا قرنق البجــا اشعلوها نارا حامية من ضفاف الاتبراوي حتي التاكا بقلم د. ابو مــــــحمد ابوامـــــــنة
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/30/2005 4:25 م
تلك الجــــنات.. انت خــــالد فيها .. يا قرنق البجــا اشعلوها نارا حامية من ضفاف الاتبراوي حتي التاكا
د. ابو مــــــحمد ابوامـــــــنة
نعم يا قرنق علي ضفاف القاش سالت دماء, ولكن البجا لم يرمو السلاح. لقد كان احمد ابو ودان باشا, قائدحامية التاكا, فظيعا في تعامله معهم . فقد حرق قري الهدندوة في القاش وصادر مواشيهم, وغدر بهم و قتل قياداتهم, وكان يتلذذ بذبح الابرياء, حتي الاسري كان هو شخصيا يطلق عليهم النار, حتي ان الجنود المرتزقة اشمأزوا من كثرة مجازره وطلبوا منه ان يكف عنها علي الاقل ايام الجمعة والشهر الكريم. ولكنه كان لا يستمع.
ولكن البجا لم يرمو اللاسلاح. كل هذا لم يثنيهم عن دفاعهم المجيد, بل بالعكس, فقد هبوا اكثر ضراوة, واشعلوها نارا حامية من ضفاف اللاتبراوي حتي التاكا وأبادوا كل المواقع العسكرية من قوز رجب حتي جبال تولوس, وقطعوا خط امداد الحامية و استولوا عليه, وانتشر الرعب حتي داخل الحامية نفسها في التاكا. فاذا ابتعد احد المرتزقة قليلا من زملائه كان مصيره الهلاك.
ومحمــددين يواصل سرد تاريخ الاحداث. ولكن، يا قرنق، الحرب كما تعلم فيها كر وفر وان لم يكتب لنا النصر النهائي الا اننا لبدنا العدو خسائر فادحة و سجلنا مواقف مشرفة , وعلي ابنائنا ان يفتخروا بها. ارهقت الحرب الجانبين وخاصة وانها استمرت لسنين طويلة, وكان لابد من الجلوس للتفاوض ،وكان لابد من تقديم التنازلات من الجانبين. رضينا بدفع الطلبة, اي الضرائب, بشكل اختياري, علي ان يوقف الغزاة حملات الابادة والاســتيلاء علي الممتلكات, والاعتراف بالادارة القبيلية القائمة.
وقرنق تعود به الذاكرة قليلا للوراء كان ذلك عام 1844حين قدمت التنازلات ووافق عليها الطرفان وما اشبه اللية بالبارحة! هذا عام 2005 حين قدمت التنازلات ووافق عليها الطرفان, واتفاقية السلام لم تكن نتيجة انتصار هذا الطرف او ذاك. البجا لم يرمو السلاح حين ذاك. وهل يرمونه الان دون الوصول لاتفاق؟ هل كانت اتفاقية السلام حقا شاملة والمعارك لا زالت تدورفي الشرق والغرب ؟ انها الموازنات والمساومات والتنازلات عندما لاينتصر طرف علي اخر.
الحامية سحبت من التاكا وذهبت الي مدني وسنار لسحق تمرد الجنود ضد السلطة هناك. ونقل الجزار الي الخرطوم حيث لقي مصرعه تحت ظروف غامضة. لقد كان يفكر في الانفصال النهائي عن الدولة العثمانية وتاسيس دولته الخاصة به في السودان.لكن احلامه لم تتحقق. هل امر محمد علي باشا بتصفيته بشكل او اخر لهذا السبب وخاصة وانه كان يتهرب من الذهاب الي مصر حين يؤمر بذلك؟ لا احد يدري. قرنق يتابع باهتمام ويسأل منهم الباشبوزق؟ انهم مجموعة من مرتزقة منهم الالبانيون والبوسنيون والشايقية والدينكا. والعلماء الم يوقفوا المجازر؟ يتسائل ثانية، ومحمدين يرد بأسي ظاهر. هؤلاء كانوا يحتسون الخمر اغلب الوقت ويجالسون النساء. والالمـــان..كيف كان موقفهم؟ اخــوان كانا يعملان بالحامية , احدهم مهندس والاخر طبيب. ولكن كان يتردد عدد اخر علي المنطقة ولابد انهم سجلوا الكثير عن تلك الاحداث الدامية.
الواقع ان الاخوة فيرنر المهندس والطبيب, كتبا الكثير عن تلك الاحداث, واشادوا بشجاعة الهدندوة المتناهية, ودفاعهم المميت عن اراضيهم, وقالوها بصراحة انه لولا استعمال الاتراك للسلاح الحديث لتخلص منهم الهدندوة في بضع ساعات, ,قالا ايضا بان الصف البجاوي كان منقسما فبعض الكيانات كانت تتعاون مع الغزاة ولو لفترات , وكان هناك جواسيس , منهم ايلا الحلنقي الذي كان يقود حلقة الوشاية والخيانة.
خورشيد باشا ، حاكم السودان حينذاك، تردد كثيرا في غزو الشرق ووضعه خارج حساباته مبدئيا, وذلك لعلمه بشراسة الهدندوة وصعوبة اخضاعهم لحكم اجنبي، فهم قاوموا الامبراطورية الرومانية في اوجد مجدها والحقوا بها الخسائر واليونانين, والبطالسة والعرب, وجيش الفراعنة عبر التاريخ. واخيرا حتي الفونج لم يستطعوا اخضاعهم. فتركهم خورشيد باشا في حالهم الي ان تفاقمت الاوضاع في القرن الافريقي, ودول الجوار وظهر الصراع الاوروبي لالتهام افريقيا وخاصة تلك المناطق ذات البعد الاستراتيجي, فقرر الخوض في تلك المغامرة لأخضاء الشرق.
قرنق يتابع بكل اهتمام ويفكر: انه لشعب عظيم ..هذا الذي يقاوم الغزاة عبر التاريخ ، وتطوف بخياله صور معارك الابيض وملحمة الخرطوم وتاماي...وثــورة عـــام 1924 والأحـــــداث تتواصـــــل فكونوا معنا.
للمزيد من االمقالات
