السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

قيـامـة النبي في كـوش بقلم المنـصـور جـعـفــر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/3/2005 2:55 م


في السنوات الممتدة من 1975 إلى 1985 كانت سلطة الدولة في السودان في تواليها المفرط مع مؤسسات الرأسمالية الدولية توغل في خصخصة موارد الشعب وتحرير اقتصاد السودان من بعض التوجهات الإجتماعية التي غرستها فيه بقوة إبان توجهها نحو الإشتراكية في شهورها الأولى التي توزعت بين العامين 1969-1970. وقد إرتبطت خصخصة موارد العيش في السودان بإنتهاكات واسعة لحقوق المواطنين والنقابات وبتأميم ومصادرة ما تبقى من حريات التعبير في الجامعات والصحف وتحت ظلال الأشجار، إضافة للبطش المعيشي والأمني بالناس في حياتهم اليومية. أيامها أشرت مقاومة المواطنين لهذه السياسات بالمذكرات والعرائض والقصائد والإضرابات والإعتصامات والتظاهرات والهجرة على ان التناقض بين السياسات الرأسمالية للنظامين المحلي والدولي الحاكمين للسودان من جهة والحقوق الإجتماعية والسياسية للمواطنين من جهة ضد بلغ حد الأزمة الظاهرة بمعيشة الناس وحياتهم بحرية في العاصمة.

وكان (رغد) حياة المدينة العاصمة -التي تأسست في السودان بعد الدخول الأول للرأسمالية في العهد التركي- قد غطى لزمن طويل في السودان حقيقة تركيز الطبيعة التراكمية للنظام الرأسمالي للموارد المادية والخدمات في قوى ومناطق معينة وفق إرتفاع نسبة الربح فيها -وهو إرتفاع يرتبط بالتركيز السابق للموارد والخدمات- كما خفي بهذا الرغد الظاهر تهميش هذا النظام المتسع السلطات لقوى ومناطق متزايدة.

وأما م تدهور أسس الحياة في العاصمة بالنسبة للغالب من العدد في الناس، إنهار السقف الإعلامي الذي إرتفع بشدة خلال النصف الأول من القرن العشرين عن سلامة هذه النظام وعدالته وبديع صنعه وإمكان علاج أزماته بالإنتخابات والإنقلابات وخطط للتنمية والمشاريع العملاقة والإستثمار الإجنبي لموارد مجتمعه أو حتى بخصخصة موارده ووضعها وهي الضعيفة البنية في غابة السوق الدولي تحت تصرف الإحتكارات الدولية.

وبعد فشل نظام الإنتاج القائم علىتهميش موارد الريف والعمل بالمرتبات في المدينة أمام التصاعد الذي يولده في تكاليف العيش، وعجزه عن التجديد المتناسق لدورة حياته دون تخلي عن سيادته الوطنية ودون قهر لكرامة الانسان في مجتمعاته، كانت موارد النفط في جنوب السودان تمثل القشة التي تعلق بها هذا النظام الغريق. من هذا الوضع نشأت لدى الحكم الغريق المتمركز في العاصمة ضرورة قصوى في الإستيلاء الكامل على النفط وإنتزاع مجمل عائداته من بنود تقسيم السلطة والثروة في إتفاقية السلام السودانية (1972) التي كانت قد فصلت جانباً من توجهات الشهيد جوزيف قرنق والحزب الشيوعي السوداني في الحل الإشتراكي الديمقراطي لمشكلة السودان في الجنوب، إذ جعلت اشتراك الناس في الموارد والسلطات كلمته السواء

كان المس المتكرر باتفاقية 1972 التي كفلت نوعاً من السلام والإستقرار والتنمية للحكم في عاصمة السودان، واحتجاجات الجنوبيين على المس بحقوقهم، هو بداية إنتبهاه الناس المسحورين في العاصمة بالأزمة البنيوية للرأسمالية الدولية والمحلية وتدميرها حياة الناس في السودان وتسرب الوعي لهم بعلاقة ازمة الرأسمالية في السودان بأزمة تشكيلات علاقات "شبه الإقطاع" الطائفية والقبلية فيهن تلك التي فصل إجمال الشهيد عبد الخالق محجوب لها ما عبر عنه بدقة علمية إحصائية القائد والعالم والثائر الشهيد جون قرنق دي مابيور بأبحاث أكاديمية بلغت مراق الشهادة لها وسماوات الإستشهاد بها في مجالات العلوم الإقتصادية والإجتماعية وفي دراسات الثقافة المعاصرة المتناولة تشاكل مشاريع وعلاقات التنمية والتحديث في المجتمعات بأوضاعها وعلاقاتها التاريخية في مجالات الحكم والإنتاج وغيره من التشكلات الإجتماعية والثقافية.

بعد إنتهاك سلطة مايو لأسس الشراكة بين القوى السياسية وتهميشها ثم ضربها الإتجاه القائد في الحزب الشيوعي كان سهلاً لها نقض إتفاقية السلام (بموافقة رئيسي طرفيها جعفر نميري وجوزيف لاقو) مخلة بالنصوص السياسية والإدارية والإقتصادية ثم الثقافية للإتفاقية، مزهقة روحها اللامركزية التي نفخها فيها الفنيون السابقون لـ مؤتمر المائدة المستديرة للسلام (1965) الأستاذ عبدالرحمن عبدالله ود.جعفر محمدعلي بخيت ومحمد عمر بشير (إلا قليلا) ومعهم الجهد القانوني السياسي للقاض العدل أبيل ألير والثقة الدولي البيان د. منصور خالد وجلهم نشأةً من الذين كانوا في تاريخهم المهني والأكاديمي يضادون المركزية الثقافية والإدارية معتبرين إياها المصدر الأساس للظلم الإجتماعي والطغيان السياسي، حسب إلتزامهم دروس أستاذهم حسن الطاهر زروق.

وبـفشل النضال لأجل إزالة المركزيات الثقافية والإدارية بتأسيس مركزية سياسية للبرجوازية الصغيرة أو بالتعاون معها على حساب إزالة المركزية الإجتماعية الإقتصادية العميقة في السودان، كان دخول شق معين من نضال الحزب الشيوعي السوداني في أرياف السودان بإتجاهين إتجاه تحول لإنقسام عن الحزب وتأثر بتقدم النضال الثوري للصين من الريف، وإتجاه سياسي مال لإحداث طفرة في وعي الناس في الأرياف بالأوضاع السياسية والإقتصادية لمجمل السودان وإمكانات تأثرهم بها وتأثيرهم فيها. مما تجلى فيما بعد في تشكلات مؤتمر البجا، إتحاد جبال النوبة، وجبهة نهضة دارفور والمؤتمر الوطني الأفريقي، في لحاق بتجربة الجمعيات النوبية الثقافية والإجتماعية وتجاوز متقدم سياسياً -نوعاً ما- لتركزها الشديد.

وقامت قوى السودان في الريف ونجحت بالتعاون مع قوى عدداً غيرها في القيام بـ إزالة الشكل الليبرالي لسلطة شبه الإقطاع-الرأسمالية في السودان بـ(ثورة) 25 مايو 1969. التي قطعت بقوتها الثلاثية التي كانت متضافرة الثقافية والعسكرية والجماهيرية طريق الهيمنة الطائفية-ـالقبيلية على مقاليد السلطة والثروة في الريف وتحكمها بمفاتيح المحركات الحديثة لمجمل التقدم الإجتماعي في السودان. بيد ان حديث سلطة 25مايو عن اهمية الشمولية في النظر إلى الأمور والتعامل معها، لم يعالج الطبيعة الجزئية للتغيير السياسي الذي قامت به (السلطة التقدمية) في 25 مايو بتقديمها التغييرات الثقافية العلمانية والإدارية وتاخيرها التغيير الجذري للعلاقات الإقتصادية.

فآنذاك قدمت العلمانية بأفق إشتراكي ضداً للإسلام السياسي ببناه وأفقه الطائفي العنصري للسيطرة على السودان (رفع الشعارات ووضع المواثيق الإشتراكية كأساس لسياسة الدولة في السودان) . وكما أظهرت أزمة المشروع الليبرالي وإنقلاباته المدنية والعسكرية المتوالية تناقض جانب من علاقات الحداثة الرأسمالية وليبراليتها مع جانب من أصول وسياسات شبه الإقطاع الطائفية القبيلية. فكذلك كشفت أزمة التغيير الإشتراكي تناقض قواه المدنية حول طبيعة المشروع (الأمثل) لتحقيق الإشتراكية بتعارضالإتجاه التنظيمي لـمؤتمر القوى الإشتراكية في السودان وإنتصابه ضد الإتجاه الجبهوي الشعبوي لمؤتمر الفكر العربي [الإشتراكي]

وفي الأزمة المتشكلة في السودان من هاتين الأزمتين كانت منهجية الحكم الشعبي المحلي واللامركزية وجعلهما أساساً لكينونة عمل الدولة وتوزيع السلطة والثروة فيها قد اعيقت بنيوياً بحكم جزئيتها بـسلطات رئيس الجمهورية التي جعلت حكم الشعب في محلياته هذراً أمام حكم رئيس الجمهورية لمجمل أمور السودان. كما ألغى وجود "قوى الرأسمالية الوطنية" في (الإتحاد الإشتراكي) أي إمكان للتغيير الجذري للعلاقات الإقتصادية-الإجتماعية حفاظاً على ماسمي باسم "المصالح الوطنية" في ذاك الحين من الحرب الإمبريالية الباردة ضد الشيوعية وسيطرة سياسات المنشفيك على الإتحاد السوفييتي والكتلة الإشتراكية بما فيها من أسواق (محدودة) وإستشراء تحكم النقود في علاقات تبادل المنافع بين المواطنين.

وبتوال الأزمات الدولية وإستمرار تهميش الريف وزيادة إستغلاله في السوق المعولمة للأسهم والديون بطرح مشاريع تنمية وهمية (عملاقة) وقيام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمركزة الموارد العامة، وإندفاع آليات الإستثمار الرأسمالي في الريف لنزح عائداته إلى خارج السودان، وإرتباط هذي السياسات السوقية بـعملية نفسية إجتماعية تتصعب بأسسها الإقتصادية مقومات العيش ويتسفه الغناء والنشاط الرياضي ويبتذل الدين في التسلط وجمع الثروات، كانت نتيجتها الثقافية حالة نشطة من التخويخ الفكري من هجيرها إرتمى الشباب في ظلال المفاهيم المتشظية الجنسوية والثقافوية والدينية والسوقية، بعيداً عن مخاطر الوعي الناسق، مما أكسب محاولات النظام المايوي للبقاء في الحكم مشروعية سياسية مادام الحكم قد اصحى في ذهن (المواطن) لعبة حرة من القوانين يفوز بها الصاحي والحريف والقوي.

وفي هذا الإستنقاع الذي آلت إليه السلطة التي بدات تقدمية تضافر نشاط تحقيق الأرباح المحلي والدولي مع الإسلام السياسي والإقتصادي في أنشطة إستئثارية وتوسعية، إصطافئية وإقصائية، أدت إلى إنفضاض ما تبقى من قوى وشعارات نضالية عن سلطة مايو التي تزامن إفلاسها السياسي والإقتصادي التام مع إزدهار حالات التقوقع الثقافي والقبيلي والهجرة إلى المدينة وإلى خارج السودان.

* من مجمل هذا الوضع يبدو ان التعامل الجزئي لسلطة الدولة في السودان مع ازماته البنيوية المتفاقمة -إلى أخر أيام مايو- إرتقى نوعا بمستوى الصراع الإجتماعي في السودان من الحال الطائفي القبيلي إلى حال سياسي طبقي حزبي، إلا ان عدم حسم الدولة الأزمة الإجتماعية-الإقتصادية في السودان لإعتقاد يستغن عن حلهابـ(حسم) صراعات الثقافة والإدارة التي تولد الهيمنة في المجتمع، أدى لتفاقم الأزمة الشاملة بحكم محدوديةجزئية التكوين الثقافي الذهني والعنصري لسياسي العاصمة وقادة الحياة السياسية السودانية فيها من مدنيين وعسكريين.

في 1972 كان إحتجاج النقيب جون قرنق الذي كان يقرأ كثير من الكتب الثورية على بعض بنود إتفاق السلام مدعاة لأن يبعده قائده اللواء جوزيف لاقو من عملية التفاوض. وكانت خلفية دراسته لأحوال الإشتراكية في افريقيا، ونضاله لها -من موقع غير أمدرماني الثقافة- مناطاً لتفرده بين التيار الإستقلالي السائد في جنوب السودان بأرائه في تحقيق الوحدة الإشتراكية بين عناصر وقوى وأقاليم السودان المختلفة. وكان تضعضع النظام مايو يسجل صحة أراءه عن لاجدوى التعاملات الجزئية، ومكر السياسة الفوقية وزيفها.
.

وفي شهر مارس من سنة 1983 كان الإعلان التأسيسي للحركة الشعبيـة لتحريـر السـودان لهدف إزالة الظلامات الإجتماعية الإقتصادية التاريخية في السودان الراهن ببناء سودان جديد إشتراكي موحد يمثل قصب السبق في النضال السوداني الذي كانت قواه -وإلى الآن- تتعلق بمناظير ووسائل وحلول جزئية لحل الأزمة الشاملة في السودان، خاصةً بعد هزم وإنهزام المهدية 1881-1899 التي نشات في ارياف السودان دون (مدنه) وهزم الثورة المدنية العسكرية (1924) بقيادة اللواء الأبيض، في مدن السودان دون أريافه، وتلاحق فشل الإستقلال وماتلاه من إنقلابات وثورات في تحقيق توزيع موضوعي للسلطات والموارد على مجتمعات السودان، والإجابة المعقولة لحاجات تقدمهم من الحالة الكفائية والتكالبية للعيش إلى حالة من الكفاية والعدل.

كان موضوع ربط البناء الحديث للدولة وإقتصادها الرأسمالي المرتبط بالخارج تصديراً لموارد الريف وإستيراد للوازم إستهلاك سكان المدن بالبناء القديم للدولة بممالكها شبه القبيلية وإقتصاداتها العيشية القائمة على العمل الجماعي وتبادل المنافع دون نقود، وكافة التكونات الطبقية والسياسية المرتبطة بهذا الوضع، كان ربط كل هذه الأحوال بالظلامات التاريخية التي يعيشها الناس في هامش السودان تنظيراً منيراً وعلامة ثورية فارقة في مسار تطور نضال الناس لإجابة متناسقة لضرورات عيشهم وتقدمهم كافة في المجالات الأساسية للحياة

كذلك كان ربط النضال العسكري والمدني لقوى السودان القديم والجديد هو المركز الثوري لتحول الأوضاع الجزئية لنضال الناس في السودان، وكان طرح المفهوم القاعدي والشمولي لتحرير شعوب السودان من القسمة الضيزى للموارد والسلطات بديلاً موضوعياً للعمليات السياسية -الفوقية بطبيعتها- في هذا الشأن وهي المقتصرة بطبيعتها الفوقية هذه على تغيير أشكال الحكم وأساليبه دون أن تتجرأ على تغيير مضامينه وأسسه.

وفي ظروف دولية إنهارت فيها كافة نظم الأساليب الجزئية لحل التناقضات المحلية والدولية في ظل (السلام العالمي) ثم (النظام العالمي الجديد) في امريكا الجنوبية وفي شرق أوربا وجنوب شرق آسيا وغربها، وفي أفريقيا الجنوبية، كان إجتراح عمليـة التحريـر نفسها موقفاً بطولياً معمداً بالدم في جزء السودان منأفريقيا والعالم. بطولة الرفض المسلح لإستقرار النظام الرأسمالي فيه بديكتاتوريات مدنية وعسكرية تجبي الموارد للمؤسسات المالية الدولية على حساب حاجات الشعوب وحقوقها في التطور المتناسق المستقل.

وقد أثبتت الأيام أن صلابة عملية التحرير نجحت في تفتيت جميع القوى التي واجهتها، وكشفت الزيف والخداع الذي تحيط به مشروعياتها العلمانية والإسلامية، كما أمدت عملية التحرير، من معارك الريف، بعض مناضلي المدن بطاقة ثورية جبارة في نضالهم المدني الجزئي لأجل الليبرالية كمفتاح لحل ازمة الحقوق الإقتصادية-الإجتماعية. وبالعمليات العسكرية للتحرير التي تواصلت بضراوة في الفترة مابين السنوات 1983-2003 وإنتصاراتها تفتحت في الوعي "حروف" و"مسارات جديدة" مبينة الفروق والصلات بين ثقافة التقدم الإجتماعي الشامل وثقافة القيادة الطليعية للتقدم، وضياع التعاملات الجزئية في حالة عدم وجود خطة شمولية أو توثقها بوجودها، وهي فروق وصلات كانت بطبيعتها النظرية الإستراتيجية قد أمتهنت طويلاً في الصراع الطبقي الفكري في المدن لصالح سياسات ونشاطات رد الفعل اليومي وضرورات النضال السياسي في ظروف عيش ضاغطة. حيث كانت حالة الدولة في الجنوب سياسة وثقافة مؤشراً على كل هذه التحولات، ومثلما الجسد الواحد، فكذا كان الحال في جبال النوبة ودارفور والأنقسنا والتاكا والشمال النوبي،والمناطق المهمشة بالعاصمة ووسط السودان، إذ بدأت أقسام متزايدة من شعوب السودان في شهر السلاح لإنتزاع حقوقها، فحملته من طوبة التظاهر إلى طلقة الـRPJ، فقد بين النضال المسلح للحركة الشعبية ان الحقوق لاتمنح بل تنتزع إنتزاعاً.

وإذ نجحت قوى الإحتكارات المحلية والدولية جزئياً عبر سياسة الإنشقاقات داخل الحركة الشعبية في رد الحركة إلى معسكر السياسة والتفاوض الجزئي فقد خرجت منه الحركة الشعبية ظافرة منتصرة غانمة بقبول القوى السياسية كافة إعادة توزيع مقاليد وأنصبة السلطة والثروة فيه على مجتمعات السودان، لبدء معالجة موضوعية للظلامات التاريخية التي واشجت نشؤه، وإن شاب قبول هذه القوى لطروحات الحركة الشعبية ماشاب قبول أبو سفيان للإسلام عند دخوله مكة.

وكان الخط الفاصل الذي طرحه قرنق بوضوح في ظل العزوف (الشمالي) والسياسي العام عن أسلوب نظره ومعالجته للأزمة التاريخية الشاملة في السودان، بالغ البساطة في ربطه تقرير جنوب السودان لمصيره بحال عدم موافقة الشمال السياسي ومجتمع السلطة في السودان على توزع السودانيين لسلطاتهم ثرواتهم..(عند إختلاف الورثة في البيت يا ينعمل حيطة في النص فيها نفاج، ولا كل واحد يسجل القطعة بتاعو بيت كامل، يقعد فيه زي ماهو عاوز، موش ذي ما أخوه عاوز) عاقداً المصير الآني لوحدة السودان بتصرف السلطة الإنتقالية التي تنازل لأهل الشمال السياسي فيها مقدماً عن نصيب كبير من المال كان له أن يناله في الجولات التمهيدية لإقتسام حصص النفط، كما تنازل مقدماً لهم عن نصيب كبير من مقاعد السلطة ناله بشدة مراسه في ميادين القتال ورجاحة رأيه في ميادين الكلام، وليتهم يعون تضحياته ويستجيبون لآنين المظلومين وهديرهم في أنحاء السودان .

كان العقيد الدكتور جون قرنق دي مابيور مهجر الحرب القديم، وعامل البناء، ثم الضابط في جيش حركة إستقلال جنوب السودان، فالضابط العسكري في جيش الدولة، القيادي في إستخباراتها العسكرية، والعالم العسكري، والباحث الأكاديمي المشهود له، والحكيم الثائر القائد لتحرر شعوب السودان طيلة أكثر من عقدين من الزمان، يمثل مزيجاً من البساطة في الحياة وأماتونج في الشموخ الأغر عند تعامله في حقوق الناس ومصالحهم، فقد وهب حياته لقضية التحرر الشامل لشعوب السودان من احوال القهر والتكالب، وأسالها سخية مدرارة مثل طبيعة الأرض والسماء في الجنوب. كما كان في نضاله جعفراً أسداً يأكل الموت والمخاطر ويتجاوز عن الصغائر، كريماً تجاه أعدائه عفواً مطلقاً، وجاموساً جنوبياً في تحمل الصعاب ودفق الخيرات، تماماً كما كانت كتيبته الجاموس صفوة البسالة والشجاعة في السودان، وهي التي أشرف على بناء مجدها عناصراً وتدريباً وتثقيفاً وتسليحاً وقتالاً ومعاملة أسرى حتى صارت من أمضى قوات المشاة وأشكمها مراساً في عموم أفريقيا

كان هذا القائد الدكتور متواضعاً في عز مجده وذلة خصومه، فوصف نفسه في إجتماع النصر داخل مجلس الوزراء بأنه مجرد طالب للحكمة. فكان جديراً بأن يترصده لؤم الأعداء، الذين هزمهم هزائم نكراء في مجالات الحرب ومراوغات الصيد والخداع، وأن تسقط طائرته في كوش الجديدة التي في كل تاريخ الأحوال الجوية فيها لم تسقط فيها طائرة، وأن تعمل فلول العصبية العنصرية التي هزمها في الميدان وعلى طاولة التفاوض على تقتيل أهله الغاضبين على الكيد له في شوارع المدن وفي منازلهم بهوامش الخرطوم إجهاضاً لأسس الإتفاق الذي إنتصر به وأفاقه الكريمة على تحرر شعوب السودان وأفريقيا الناهضة ضد الإستعمار الدولي والمحلي، ولكن هيهات فقد تعلم الشعب أن النضال هو السر الباسط للحقوق في السياسة.

في عجيج الحياة السياسية للسودان كرس تاريخ جون قرنق أن حمل السلاح ليس ضرورة للسلطة وحدها بل ضرورته أكثر لثورة المستضعفين عليها، مؤكداً صدق قول الشاعر العراقي المجيد مظفر النواب وهو يبكي تعاضد حزبه مع قوى الرجعية والإستعمار لتحقيق (الديمقراطية): أن حروف التاريخ تكون مزورة... حين تكون بغير دماء.

وإذ سالت الدماء في التاريخ الطويل والقصير للسودان منذ تدمير صلاح الدين الأيوبي لممالك النوبة وحتى تدمير الإستعمار البريطاني لإستقلال السودان في كرري وصولاً إلى ماقامت به القوى المحلية للنظام الرأسمالي العالمي في السودان من تدمير للحياة في جبال النوبا ودارفور والأنقسنا والتاكا وإغراق النوبة، وتخصيص الموارد الوطنية لمجتمعات السودان وعولمتها وليس نهاية بتصفية الخدمة المدنية والخدمات الإجتماعية ومشروع الجزيرة، إذ سالت الدماء رفضاً لكل هذا فإن نضال السودانيين سيأخذ من مسيرة النضال الشامل للحركة الشعبية لتحرير السودان دروساً بليغة في جدوى الثورة، وفضلها في إزالة المظالم، وفي الصناعة المتينة للغد الأفضل للأجيال الجديدة بسودان جديد إشتراكي موحد، يشترك أبناه بجهدهم وقدراتهم في حمل مقاليد السلطة والثروة وواجبات حمايته بحكمة كان إدريس النوبي قبل ألآف السنين أول من كشف بها العلاقة بين قوانين توزع الأفلاك والنجوم وقوانين توزع المواد في البناء وتوزع الموارد والأعمال في المجتمع.

ستبقى الأنهار والأمطار والأفئدة الحية في السودان -الذي إمتد في التاريخ من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي- تسيل عبر الدهور والأزمان باكية جون قرنق..أحدا أبناءها الكرام الذي كتبت مسيرته النضالية بالبارود ضد الظلم، في سجل التاريخ سطوراً مضيئة المعان تبذ الأمجاد كلها

صارت الغابات فجيعة فيك صحراء، والنجوم تجهش من مصابها، يا من رويت بالنار المأخوذة منها حدائق النماء، أيها الزول الغابة كثيف الخضرة والمهابة، الممطر، المشمس، والضل الوريف، الأسد النضر الإبتسام، والظريف، رمح الدينكا المهيب الذي أشعل تاريخ الظلم ناراً وأشتعل...هكذا يرتاح المناضل...والسلاح،... يا طيب الأسماء..وشارة إنتصار الشعب..الرتبة العليا للمستقبل الصادق الأمين.. أسمع هتاف الحرب النبيلة للآتين من شم المراحل:. Oyee..... SPLM/A
...... Oyee.. SPLM/A...... New Sudan..Oyee ... ...Oyee...... Oyee…..SPLM/A..... New Sudan
أديت الواجب الوطني مدنيا وعسكريا وحيا وميتاً... فلك من أمي وأبي السلام، ولك من جميع الرفاق التحية والنضال…. لقضية الثورة.. النبيلة المهام .
----------------------------------------------------------------------------------------------

أيها الناس ..

...أيها الشعب.. ..

..أيها الجند الهمام.... .

. أوقفوا البكا والنواح

.سووا الصفوف..

...سووا الصفوووف

.إاانتبااااه

...كرااااكووون سلاااح...

.. تعظيم سلام

سلام الشهيد

دوي البنادق والطبول

دم ..دم .. ....رري...رري....هوول ...هوول ...هووول....دم دم دم رري ..هووول...دم دم..رري. هوول

في جبال حلفا

في جبال التاكا

في جبال الأنقسنا

في جبال مرة وتبيستي

في جبال النوبة

في الأماتونج

ثم في كرري..... فالسهوول..

تطلع الشمس المنيرة .....

تعظيم سلام...

تعظيم سلام

البلد تديك التحية

ملكي وعسكرية

أيها لولد الهمام

أنوار السما

تطفي وتولع

وتدمع

عليك

سحب الغمام

وجوانحك تحلق

بالعلوم والسلام

ياشارة شعب بلدك

ورقصة بنت بلدك

صقري وفنجرية

من شرف جثمانك

تطوع الإجابة

ع السؤال المحدد

تطرد اسئلة الفروض

والشكل المحدد

لمقولة الفقه المعلب في البنوك

أو لو وماذا وإذ وقد ولو وفتحخانة

وأدبخانة

ما إنت كنت الأمين

و الحريف

ما بعت

في زمن الحروب والخريف

ضرورة الحياة الجبخانة

وفي غابة الطين الزليق

مو ودرت من الدرب

بدون قص أتر

حفظت الطريق

أوإنك حريف

للمشي البعيد

في الغابة

كسرت بعض فروع الشجر

ولوحوش الطريق

قسمت

نار الحروف

رجعت البقر من الجنجويد

وقسمت الديدبان

والجبخانة

يا..تسلم مهالكك

طيرت بالنار

الرطوبة

والبعوووض

فتحت.. في الضلمة .. العيون

نورت الطريق،.. الجاي

تسلم مهالكك في كوش الجديدة

ياوو كدا ...الدرس القصير

والمعان الطويلة

تحييك وحدتنا الإسكندرية

اياهو أنا .وجاكوب وقرنق وإدوار لينو

واخرين لم تروهم

كلنا

طابور تمام ...

نديك التحية

البلد كلها

عليك بتمسي

وبتدي التحية

ملكي وعسكرية

تعظيم سلام

تعظيم سلام

اللرجل البطل

أدى الواجب تمااااااااااام

قام للمظلوم

وحضن اليتيم

رصف الغابة ..

عالج المسكين

كسر السجن

فتح الخزن للناس الغلابة

تعظيم سلام

تعظيم سلام

للضابط العظيم... المشير، بالجد،

جون قرنق

حبة العرق النضيف

المرق

كراس الشرف

الزول الغابة

كثيف الخضرة والمهابة

اماتونج الجمال

اماتونج الشموخ

البنا البحفر الساس

والبسد

في فجى التاريخ

الشروخ

وسط العصي والسياط والخناجر وحكومات الدين الأجنبي الزيوف

كنت رمح الدينكا

الما بنخوخ

التور الأبيض

والنطة الطويلة

والإستراتيجيا بلا جموخ

تحية عسكرية

2000 طبل

21000 طلقة

كرماً

للرجل الرحل

كرماً للبلد والولد والبنت الحديقة

في كوش الجديدة

يحيوا

البطل

حيوا البطل

الراجل الهمام

حيوا البطل

حيوا البطل
حيوا البطل
حيوا البطل

المنـصـور جـعفـر [email protected]



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved