السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

من المستفيد من أحداث الشغب الاخيرة بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/3/2005 4:01 ص

سئل مرة الراحل جون قرنق عن الشكل الحضاري الذي يريده لمدينة الخرطوم ؟ فأجاب بكل ثقة أنا أريدها عاصمة حضارية مثل القاهرة أو عمان ، عاصمة من أجل التواصل ولا تحدها الجدر العازلة ، وأبناء الشمال ليسوا من أبناء شعب الله المختار ليختاروا الحواجز الاسمنية وسياسة التهجير القسري من أجل الشعور بالاطمئنان وعدم الخوف ، وأبناء الشمال اذا صح هذا التعبير والذي اصبح البضاعة الرائجة اليوم موجودين في جوبا وبورتسودان ونيالا والفاشر وفي كل بقاع السودان المترامية ، ولا أشعر بأن ذلك مدعاة للخوف والقلق ولكنه أمر طبيعي لأنهم سودانيين قبل أن ينعموا بصفة انتمائهم للشمال العربي ذو الاصول العربية القرشية التي تمتاز بجودة العنصر العرقي الصافي ، والان يستطيع الطيب مصطفي أن يضحك بملء اشداقه وهو الذي حذر الناس عندما رأي شجرا يسير من علي البعد فحذر قومه من الخطر القادم ولكن كما يقول المثل العربي ( لا يطاع لقصير أمر ) ، وكما قال الشاعر :
وقد نصحت لهم بمنعرج اللوي .. فلم يستبينوا نصحي الا ضحي الغد
أعترف الطيب مصطفي بأنه لن يذرف دمعة واحدة علي الجنوب لو أنفصل عن الشمال ، ولكن الانقاذ أهلكت الحرث والنسل من أجل المحافظة علي الجنوب الغني بالنفط والذي اصبح بحيرة تتدفق منها الاموال علي الميامين الاشراف من أهل الشمال ، وعلي العتباني في كتاباته دعي الي عودة العاصمة الخرطوم الي عهد الخديوية والتركية بدلا من تلويثها بدم الزنج القبيح الذي يعكر صفاء النفوس ويكدر طيب الخواطر ، ان أعمال النهب والتخريب لم تبدأ في يوم الاحد الاسود كما يعتقد الناس ولكنها بدأت بالاقلام والفكر قبل أن تتحول الي اعصارا يدمر كل ما يجده في طريقه من ممتلكات وأموال وعروض تجارة ، والان انتصرت رؤية الطيب مصطفي والعتباني وحسم الخلاف للعنصرية والجهوية ، سوف يتقوقع الشمال وينكفئ علي نفسه في جغرافية صغيرة من الارض ويرفض التحدي الحضاري بأن يتحول السودان الي قومية كبيرة تقضيعلي التجذر والتشرذم والانقسامات ، دخل عبد الرحمن عبن هشام بن عبد الملك بن مروان بن أمية بن حرب أرض الاندلس وهو طريد العباسيين والامويين من أرض الشام، وكان في معيته ثلاثمائة فرد من حاشيته ولكنه قبل التحدي وقرر المضي قدما في تأسيس دولة جديدة للامويين تعوضهم عن خسارة عرشهم في الشام ، وعلا ذلك الصوت النشاز عندما تم استقبال جون قرنق في الخرطوم وتحدثت الاقلام عن حدوث شغب وتحطيم لزجاج السيارات علي الرغم أن هذه الحوادث كانت محدودة ، ولكن كان هناك من يريد أن يفسد جو الاستقبال الرحب ، كان كرنفال الاستقبال مهيبا ونادر الحدوث في القارة الافريقية فحتي مانديلا لم يحظي بهذا الاستقبال وهو خارج من بوابة السجن ، ستة ملايين شخص كانوا في استقبال قرنق نصير المهمشين ، دخل جون قرنق الغابة وكان تحت امرته خمسين جنديا وعاد الي الخرطوم وكان في استقباله الملايين من الناس من أهل الهامش الذين ذاقوا الفقر وألفوا التشرد في الفيافي في عز أيام حكومات الشمال المتعاقبة، وأهل الجنوب لا يسرهم العيش في الخرطوم ومقاسمة اللقمة مع الجار الجشع والخائف من الغدر وموتة الغيلة ، مواطن الجنوبقبل الحرب كان يعيش تحت ايكة ظليلة ويجري من تحته النهر ولا تسمع ال اصوت البقرة الحلوب وهي تناغي عجلها الرضيع في ساعات الهجوع ، مواطن الجنوب كان يعيش في جنة عدن وفي نعمة يحسدها عليه كل من طاف بالجنان ، وخيار الحرب لم يكن خيار أهل الجنوب ولكن صيحات مثل ( هي لله ) وصلت الي هذه البقعة الخلابة من الجنة البعيدة ، رحلت المدافع والراجمات والطائرات من بطون الشمال الي الجنوب وهي تدك القري وتحرق المزارع في حرب ضروس مات فيها أكثر من اثنين مليون شخص جلهم من أهل الجنوب ، ميدان المعركة كان هو أرض الجنوب والهدف كان هو مواطن الجنوب الذي كتب عليه الشقاء وامتهان الترحال والهجرة شمالا ليعيش في ظل مخيمات كرتونية لا تقي من حمارة القيظ ولا برد الشتاء ، عاشوا من غير تعليم ومدارس وفكر وأمتهنوا حياة اللصوصية والسرقة ، انها احدي افرازات الحرب البغيضة عندما يتحول المواطن الي لص وقاتل ، خسارتنا في الحرب لم تكن الجنود والرصاص ولكنها خسارة للانسان السوداني في المقام الاول ، وكان السبب في ذلك هو تجاهل أهل الشمال لهم وتركهم في العراء وأحيانا تأتيهم المجنزرات العسكرية وتطلب منهم بلا استحياء مغادرة هذه الوطن الجديد الي بقعة أكثر بعدا من مدينة الحاضرة والعروبة الخرطوم ، بعيدا الي الصحراء والفيافي كمريض الجذام والايدز الذي يحرم عليه مخالطة الاصحاء ، وعندما جاء قرنق الي الخرطوم وقبل بالسلام مع حكومة الخرطوم برق الامل من جديد لهولاء الناس وشعروا أن هناك فرجا من بعد الضيق وأملا من بعد اليأس ، وعودة قرنق بالنسبة للحكومة كان هو المفتاح السحري من أجل العودة الي صف المجتمع الدولي ولم يكن النظام بطبيعة الحال راغبا في السلام ولكنه كان يأمل في الخروج من عنق زجاجة العقوبات الدولية ، وقد قالها مصطفي عثمان أكثر من مرة ( أنه لا مبرر من وجود العقوبات الاقتصادية الامريكية علي السودان ) ، وبعد رحيل قرنق المفاجئ انكسرت زجاجة سمن الراعي وأعتذر عن استخدام هذا المثل في كل مقالاتي ولكن هذه هي الحقيقة ، قد تبخرت احلام الجميع بين عشية وضحاها ولا يوجد الان بصيص من الأمل ينير الطريق ، أعمال النهب والسلب كان من الممكن تلافيها ووضح حد لها منذ اليوم ولكن كان هناك من يستفيد من وصول الامور الي هذه المرحلة من التردي والانفلات حتي ولو كان الثمن هو مال المواطن السوداني وحياته ، كان هناك من أعد العدة لمثل هذا اليوم ليعطينا مثال البيان بالعمل ، ألم أقل لكم أن أهل الجنوب يمثلون خطرا عليكم أنظروا ماذا فعلوا بكم؟؟ قد حرقوا دوركم ومزقوا قمصان البنات في المدارس ودنسوا المصحف الشريف ورموا به في القاذورات وأحرقوا مسجد زريبة العيش في مدينة الرنك !! ، قد وصل الدرس الي الجميع ولكن ما هو الحل !!، وأزيد المعلومة الي الذين راهنوا علي نجاح هذا الفوضي بأن نظريتهم قد نجحت فقد احرق الان السوق الشعبي وسوق ليبيا وذبح 17 مواطنا جنوبيا في الثورة والقيت جثثهم علي قارعة الطريق كما يفعل الزرقاوي في العراق ، وبدات جيوش الانتقام في التحرك والشرطة والجيش تحرسان املاك حزب المؤتمر الوطني في الخرطوم وتركت أطراف امدرمان للفوضي والنهب والقتل ، وأنا أكتب هذه السطور ولا زالت النيران المشتعلة في كل مكان ولا يوجد من يطفئ هذه النيران ، والحديث عن موت 46 مواطنا اصبح خبرا قديما وأنا أكتب من أمدرمان حيث تدور معارك طاحنة بين الجنوبيين والشماليين في أطراف امدرمان و أن حصيلة القتلي ربما تتجاوز المائة في منطقة واحدة ، ولكن ما هو الحل بالنسبة للذين سمحوا بهذه الفوضي ؟؟ والحل أسهل من خلق الازمة نفسها يجب طرد الجنوبيين من العاصمة لتصبح مدينة خالصة لأهل الشمال وهذا هو ما يقوم به ابناء الشمال الان ، وفي امدرمان تجري عمليات التطهير العرقي في وضح النهار ولا أثر لشرطة البشير وجيشه في هذه البقاع وكل الحراسات مركزة علي الدور الحكومية فقط ، والان ماذا سيحل بأهل الغرب والشرق والوسط وكردفان و متي يأتي دورهم في التهجير والطرد والابادة ، ومن هم أهل الشمال .. هل هم حزب الؤتمر الوطني .. أم المقصود هو الشمال من حيث ناحية الجغرافيا حيث ترتبط هذه الصفة بكل من سكن الشمال حتي ولو كان من أهل الجنوب .. كان النظام قادرا علي وضع حد لأعمال السلب والنهب منذ ليلة السبت التي أختفت فيها طائرة الرفيق قرنق ولكن هذه الرسالة القيمة ما كانت ستصل للجميع لو أن الامور كانت تحت السيطرة ، رحيل قرنق كان قضاءا وقدرا وليس بفعل فاعل وهذا لا يمنع من اجراء تحقيق دولي ، والنظام بالرغم من ارتباطه بجرائم الاغتيالات في السابق ولكن لا يوجد دليل مادي يثبت ضلوعه في هذه الحادثة بالذات ، فاذا أستغل بعض أبناء الجنوب هذا الحادث ومارسوا الاجرام في حق الجميع فهناك من استغل الحادث ليعيد البلاد الي وضعية الطوارئ ويسئ بشكل خفي الي الجماهير التي استقبلت قرنق في العاشر من شهر يوليو الماضي ، وما حدث في الخرطوم في يوم الاحد الاسود يجب أن يعيد لاذهاننا الخاوية من شريط الذاكرة ما حدث في دارفور من فظائع ، حيث نهبت القري وأحرقت واغتصبت النساء ولم تحرك السلطات ساكنا ولكنها هرعت الي المروحيات وزادت الطين بلة بقصفها للمدنيين وممارستها للتصفية العرقية ، قد مات في احداث الخرطوم 46 مواطنا وهذا أمر يؤسف له وأعتقدنا ان عهد الاستهانة بالدماء السودانية قد ولي ولكن في دار فور قتلت 300 ألف نفس وهجر 3.5 مليون شخص من ديارهم بلا ذنب ، وقناة الجزيرة والتي يراهن عليها ادعياء العروبة من ابناء الشمال لم تكن حاضرة لتصور هول الكارثة ، فهي غطت أحداث افغانستان والعراق علي الرغم من المخاطر التي لاقت مراسليها هناك ولكن ما حدث في دارفور لا يرقي الي مستوي الحرب أو الكارثة حتي تتحدث عنه ، والمهم لقناة الجزيرة الان هو سقوط 46 قتيلا في احداث الشغب الاخيرة وربط هذا الاحداث بجمهور الحركة الشعبية ولم تستحي قارئة اخبارهم المتبرجة من الاخلاق والمعرفة أن تسأل الاستاذ/باقام اموم : سيدي ان التخريب قد لحق بالمساجد الان ؟؟ ماذا أنتم فاعلون !! في عهد الانقاذ تنعدم الحرية الفكرية والاعلامية لابناء السودان الاوحد ومن العجائب أنها متاحة لقناة أجنبية والسبب لأنها تؤيد وجهة النظر الرسمية للحكومة ، والجزيرة قد طردت في كل الدول العربية لتحيزها في التغطيات الاخبارية ولنشرها الاخبار التي تؤدي الي زيادة الكراهية والعنف ، وقطر نفسها لا توجد فيها حرية اعلامية ولماذا لا تهتم هذه القناة لوجود اكثر من 50 ألف من قوات المارنز في دولة قطر ، وقبل شهر سحبت قطر الجنسية القطرية من 6000 مواطن قطري لأنهم كانوا موالين لوالد الشيخ/حمد أمير قطر ، ان من يترك والده يتسول بين الدول لا يمكن أن يكون حكما عادلا في سودان المليون ميل مربع ، وأذكر هتيفة الجزيرة ودعاة القومية العربية حديث الرسول ( ص ) الي عبد الله بن عمرو بن العاص ( أطع أباك ما دمت حيا ) أم تري أن الشيخ القرضاوي قد ضعف من رواة هذا الحديث .

سارة عيسي

[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved