الاهمال وعدم المعرفة وراء حادث تحطم الهيلوكبتر التي كانت تقل نائب الرئيس السوداني جون قرنق

بقلم محمد زين العابدين محمد *
حادث تحطم طائرة نائب الرئيس الراحل جون قرنق اوضحت ان اهمالا علي اعلا المستويات حدث في الدولة الجارة. من الضروري ان ننظر بنوع من الجدية لما حدث لنستخلص الدروس قبل ان نصل لمستوي الحديث عن المؤامرة التي يكثر الحديث عنها الان . كانت هنالك اخطاء وعوامل عديدة كان كل منها كفيل بان يؤدي الي سقوط الهيلوكبتر او ارتطامها قبل ان تهبط ونسبة الاحتمال كما اعتقد كانت لاتقل عن 85 الي 90 في المائة . المؤامرة قد تكون واردة مادام هنالك انسان يقف خلف التخطيط للسفرية وسوف لن اتعرض للمؤامرة هنا لانه هنالك عوامل تواجهك منذ البداية وتفرض نفسها علي الساحة بوضوح ولايكمن ان نمر عبرها او نقفز فوقها الي فرضيات المؤامرة الا اذا كان تخطيط السفرية بهذه الطريقة هو المؤامرة . سوف اتعرض هنا لعاملي الاهمال وعدم المعرفة اما الفرضيات الاخري فتحتاج لمن يثبت ان هنالك فعل فاعل .
ليس من المفروض ان يتم التخطيط لطائرة صغيرة اوهيلوكوبتر بالطيران والهبوط ليلا في مطار خلوي خلال ساعات الظلام الا اذا المطلوب القيام بعمل عسكري ينطوي علي نوع من المجازفة . الهيلوكوبتر المعنية اقلعت خلال ضوء النهار وكان المعروف انها ستهبط خلال ساعات الظلام وهي تقل شخصية مهمة وهنا يبرز الاهمال والتسيب وعدم المعرفة والذى تم تحت سمع وبصررئاسة دولة افريقية ويظهر ذلك المستوي الحقيقي للاداء حتي في المهام التي من المفترض ان تعطي اعلا قدر ممكن من الاهتمام .
بالنسبة للطائرات الصغيرة او الهيلوكوبتر فانه من غير المألوف استخدامها ليلا الا اذا استدعت ظروف العمليات المجازفة و يستدعي الامر هنا التدريب اليلي الجيد وعمل البروفات .
في بعض الاحيان كانت بعض الطائرات تتأخر لظروف طارئة في احد المحطات الخارجية لتعود بعد مغيب الشمس وفي هذه الحالة يتم استنفار جزء من الافراد لعمل الاضاءة للمطار واي تجهيزات اخري تبرز الحوجة لها وعندها يثوجة جميع كبار المسؤولين والقادة للمطار حتي تهبط الطائرة . السودان به مطارات محدودة توجد بها تجهيزات اضاءة ليلية ثابتة وبعض المدن الكبري توجد بها اضاءة غير ثابتة يتم وضعها علي جنبات مدرج الهبوط وثدعم باستخدام ضوء العربات التي تتيسر . وفي العادة يستخدم اكبر قدر ممكن العربات للمساعدة في اظهار مكان مدرج الهبوط للطيار خاصة في ظل الاحوال الجوية الرديئة والتي خلالها لايستطيع الطيار تحديد المعالم الارضيه واحيانا لايستطيع الطيار تمييز المعالم الار ضية حتي في خلال ساعات النهار عند الاحوال الجوية الرديئة اما التخطيط لهبوط طائرة ليلا في مطار نيو سايت وهي تقل شخصية قيادية هامة فيعتبر نوع من العبث والاهمال وعدم المعرفة .
فيما يختص بتوقيت القيام والهبوط حلال ساعات الظلام ساتعرض لموقف كنت شاهد عيان عليه ففي عام 1985 بعد الانتفاضة كنت قائدا لاعالي النيل وحاكما بلانابة لفترة وحينها حضرت بعثة من الامم المتحدة للوقوف علي الموقف الغذائي باعالي النيل والبعثة حضرت بطائرة الامم المتحدة الصغيرة وبعد انتهاء مهمة البعثة تاخر افرادها في الوصول للمطار في الزمن المحدد وكانت الرؤية جيدة والسماء صافية الا ان الطيار رفض الاقلاع بحجة ان الوفد تاخر من الوصول للمطار في الزمن المحدد وانه بالتالي سوف يهبط بمطار الخرطوم بعد حلول الظلام كما انه سيطير خلال ساعات الظلام لفترة ويحتمل ان يتعرض لاي ظروف غير طبيعية وعندها سوف تحدث الكارثة وكانت الساعة حينها قد تعدت الرابعة بقليل . فشلت كل المساعي الرسمية والشخصية في اقناعه بالاقلاع و الطيار هو زين العابدين ابراهيم مدني وكان يعمل طيارا لطائرة الامم المتحدة وهو مشهود له بالكفاءة والجدية وبالفعل قضي الوفد اليل معنا بملكال وسافر صبيحة اليوم الثاني . لمعرفتي الشخصية بالاخ زين العابدين منذ ايام الدراسة بمدرسة وادي سيدنا القديمة اخبرتة بان بعض الاجانب من اعضاء الوفد يعتقدون انه يبالغ في اجراءات السلامة وكان رده بان يحمل عدد من الشخصيات ولايمكن ان يطير في هذا الوقث وهذه قناعتة فاين الان زين العابدين و امثاله من المقتدرين والذين يتحلوا بهذا القدر العالي من المسؤولية .
العامل الثاني هو عامل الجو ففي هذا الوقت من السنة تكثر الامطار والزوابع الرعدية خاصة في المساء
والهيلوكوبتر لا تصلح لنقل شخصيات مهمة في مثل هذه الاجواء والطائرات الكبيرة تستطيع الطيرا ن في ارتفاعات عالية وبالتالي تعلو علي العواصف والسحب و لن تتاثر بالزوبعة عندما ترتفع وتصبح فوقها كما وان الرؤية سوف تنعدم عند حدوث زوابع ليلا وحتي خلال ساعات النهار تكون الرؤية صعبة للغاية في ظل الامطاروالزوابع وعلي سبيل المثال قامت لنا هيلوكبتر من الخرطوم لتهبط بملكال في منتصف النهار وكانت هنالك بعض الغيوم وبالرغم من ان الرؤية لم تكن رديئة لحد كبير الا ان الطائرة مرت فوق سماء ملكال ونحن نرقبها ولم تتعرف علي المدينة واتجهت نحو جنوب كردفان بعد ان ضلت طربقها وهبطت في منطقة وعرة بعد ان نفذ وقودها و لحسن الحظ نجا جميع الركاب وتوجهوا لاحدي محطات القوات المسلحة اما الهليوكبتر فقد تمت نجدتها بعد ان ظلت قابعة في مكانها لفتره قاربت الشهر بدون علم قوات الحركة الشعبية في المنطقة وكان ذلك عام 1985 والامثلة عديدة .
عدد الركاب واي حمولة اخري داحل الطائرة تؤثران علي كمية الوقود التي ستحملها الطائرة وكلما زاد عدد الركاب والحمولة داخل الطائرة كلما قلت كمية الوقود والمقصود هنا حمولة الطائرة من الركاب والبضائع مقارنة بالوقود الذي تحملة وبالتالي يوثر ذلك علي المسافة التي يمكن ان تطيرها و السؤال هنا هل كانت هنالك اي حمولة اخري بالهيلوكبتر وما هو حجم الوقود التي تزودت به الطائرة حسب سجلات الطائرة والمطارقبل القيام .
عدد الركاب حسب ما وجدته اللجنة كان13 شخصا . المسافة من عنتيبي الي نيو سايت 117 ميل وبالتالي تحتاج الطائر ة لوقود لمسافة 234 ميل لتعود للمطار الام عند حدوث طارئ هذا استبعدنا اي مناورة تقوم بها الطائرة خلال الاحوال الجوية الرديئة او عندما تضل طريقها وهذا امر شبه حتمي والمفروض ان تعود الطائرة ادراجها بوقود يكفيها لتصل الي مطار أمن .
منطقة الهبوط منطقة وعرة التضاريس ولاتوجد اضاءة في قمم المرتفعات الموجودة بالمنطقة وكذلك اي نوع
اخر من الا ضاءة ليجعل الطيار يميز هذه المرتفعاتةفي العادة ثوضع اضاءة باللون الاحمر في القمم وعليه بدون هذه التجهيزات يتم الاعتماد بالكامل علي الرادار مما يجعل المهمة صعبة عندما تقترب الطائرة من الارض والتعرف علي المطار نفسة مشكلة اذا حدث ان سادت احوال جوية غير طبيعية ولاتوجد الاضاءة مثلما توجد في المدن الكبيرة والمطار هنا عبارة عن نققطة في فضاء ممتد.
كان من المفترض ان تقل الوفد طائرة كبيرة الي جوبا بعد التاكد من صلاحية الاضاءة الثابتة اي ليس فقط اضاءة الطوارئ وعندها يمكن للطائرة الاقلاع والهبوط ليلا وفي اليوم التالي يمكن ان يستخدم الهيلوكوبتر للسفر لاي مكان في ظل احوال جوية طبيعية و رؤية جيدة خلال ساعات التهار وقد سبق ان سقطت طائرات كبيرة بمطار جوبا حاولت الهبوط مع الغروب وكانت الاحوال الجوية طبيعية ولم تكن هنالك حتي مجرد سحب والسبب كان عدم الرؤية الجيدة ةكانت الخسارة فادحة.
المسئولية هنا لاتقع علي الطيار الذي وافق علي القيام بالرحلة فقط ولكن علي كل كبار المسؤولين وكان المفروض ان يكون لديهم المام بابسط قواعد استخدام الطائرات ومهما كان مستوي تدريب الطيار ومقدرته فيجب عدم الزج به في موقف يعرض الطائرة وركابها بما فيهم الطيار لمخاطر قد تؤدي بحياتهم وفي النهاية لايمكن ان تلقي اللوم عليه .
الجيش اليوغندي جيش صغير ةتنقصة الخبرة في الاستخدام الامثل للطائرات و لكن الامر لايمكن ان يصل الي هذا المستوي من الاهمال والعملية بكاملها تمت باسلوب وباهمال لايمكن ان يرقي لمستوي رئاسة الدولة.
الواضح ان ما يحدث في الدول الافريقية علي اعلا المستويات هي ممارسات فوضوية ولا يتم في كثير من الاحيان استشارة ذوي الخبرة والتخصص والمعرفة والدراية ومن يمد اللة في ايامة سيري الكثير وماقصدت اظهارة انة قبل نصل لمستوي نظرية المؤ امرة والتي اصبحت الان الشماعة لكثير من الامور علينا ان نقف كثيرا لندرس الاخطاء التي تم ارتكابها اهمالا وفي الواقع فان احتمال وصول الهيلوكبتر الذي يقل الراحل قرنق بسلام الي نيوسايت علي النحو الذي حدث كان احتمالا لايتعدي نسبة مئوية بسيطة للغاية حسب تقديري وكان من المفترض ان تتدخل قيادة الحركة لمراجعة جدول تحركات رئيسها في ظل عدم المام الاجهزة السودانية المختصة بذلك والحركة الشعبية بحكم طبيعة تكوينها لم تكن تمتلك الطائرات وكذلك الخبرة في استخدامها ومن ا لواضح ان يوغندا بلد مساحتة صغيرة وتنقصهم الخبرة الكافية في استخدام الطائرات وليس المقصود هنا تدريب الطيار
ا وفنون الطيران بل مستوي المستخدم الذي يقوم بتشغيل الطائرة ويتطلب الامر ان يكون علي دراية باصول استخدام الطائرة وقد سقط من قبل عدد من الطائرات نسبة لاصدار قرارات خطاء من بعض المسؤولين وكان من الواضح انه كانت تقصهم الخبرة والمعرفة الكافيه .