ليست هذه المرة الأولي التي نسمع فيها عن إجتماعات ومنابر عامة وبنابر خاصة في
أوربا عن قضية الشرق وفي كل مرة يهرع الناس لمعرفة كنه من ورائها لتحديد نسبة
صدقيتها وكفاءتها بمعايرة موقفها من الجناح المسلح بإعتباره المقياس (Standard)
المثالي للفدائية الأصدق أنباءاً من الخطباء والادعياء!! وكما أن حاسة الفراسة
المستعرة في ثقافة المجتمع الشرقي تجعل من السهل إدراك الكتلوج الكامل لأي من
إبنائها من يوم ترخيصه جندياً إلي لحظة تنصيبه قيادياً!! ولمعرفتنا بمن خلفها
وأمامها ملياً!! فإن الاجتماع الاخير أثلج صدورنا بما يحتويه من مناضلي الشرق
الأوفياء ولم يكن مسخاً أو نسخاً حكومياً مشوهاً مثلما في المرات السالفة مما
يوجب الفال الحسن بصحوة فئة منفعلة بألامنا وأحلامنا، ويكتسب الاجتماع أهميته
القصوى من موضع إنعقاده في لندن حيث بؤرة الاعلام العالمي ومنظمات حقوق الانسان
والحيوان والجماد!! والمجتمع المدني وملجأ ومنجا لمظلومي ومنكوبي البطش من
العالم الثالث!! لذلك نجد أن أي تأوهاً هامساً لمتدلل في لندن (دعك من مظلوم!!)
يجد سبيله في رمشة عين إلي مسامع وابصار وأفئدة الضمير العالمي اليقظ، في الوقت
الذي يجهل فيه حتي مواطنو الدولة في العالم المتخلف عن تجاوزات تشيب الرؤوس
وتدمي القولب وخاصة في الشرق حيث تمارس إبادة جماعية صامته مع إختلاف الوسائل!!
وأهم مؤشراتها العلمية معدل النمو السكاني القصوري (السالب) والأرقام القياسية
علي مستوى العالم في أمراض سوء التغذية والفقر والأمية وانعدام مياه الشرب
وانخفاض الخصوبة لدي النساء وإرتفاع نسبة وفيات الحوامل والأطفال والشخوخة
المبكرة جداً لدي الشباب وو......الخ فكل هذه التراجيديا الانسانية الحية لم
تكن من فقر طبيعي مقدر ولكنها نتاج إفقار صناعي مسطر بهندسة سياسية واعية
للواقع الاليم ورغم ذلك تصادر الموارد المحلية دون رحمة!! من ذهب سطحي رخيض
التكلفة التعدينية ومشاريع زراعية خصبة ومروية بالجاذبية الربانية!! وتجارة
حدود رابحة وعريقة ومصائد أسماك وحجارة كريمة وموارد مواني ونقاط جمركية
عديدة!! ...الخ وكل ما سبق وغيره من المآسي يتم تحت مظلة مقصلة الطوارئ التي
نزلت بالشرق إلي الدرك الأسفل من اللا إنسانية وفي نفس الوقت صعدت بأهل حظوة
المشروع الحضاري (رغم الطواري المزعومة) إلي قمم المباهج الدنيوية من قصور
فاخرة وعربات فارهة ومدارس خاصة ومستوصفات متطورة ومساجد خمس نجوم ومصايف
عالمية وأسواق راقية (عفراء) ...الخ رغم ما يقال عن الصرف الاضطراراي علي الحرب
بمعدل 80% من الميزانية!!
وعموماً ما ذكرناه جزءاً يسيراً من سيل المعاناة اليومية ولكن الذي نتمناه من
اخواننا الاحرار والمتواجدين في العالم الغربي ان يستفيدوا من هذا الاحداثي
(الزماني) اي تواجدهم في أروبا وفي هذا الزمان بالذات الذي تحتاج فيه قضية
الشرق للعرض الاعلامي القوي من قبل أبنائها وكم تمنينا ان نري بعضا منهم
مشاركين في الحلقات التلفزيونية المخصصة عن السودان في مختلف القنوات العالمية
حيث تسجل مشكلة الشرق غياباً دائماً وبل ينوب عنها في كثير من الاحايين لمن لهم
أغراض أخبث من لانقاذ حتي صارت وجع بلا وجيع كما ذكر الاستاذ نقد وكما ورد علي
لسان احد أقطاب النظام الحالي وهو قطبي المهدي عندما إتهم ابناء الشرق بالطرح
الضعيف لقضيتهم رغم قدمها ومشروعية حيثياتها!! وعليه نتمني ان نسمع من أخواننا
الطرح القوي للمعضلة المزمنة التي نعانيها بمنهجية تناسب وحجم المآساة!!
ودونكم أبناء دارفور الذين يشكلون حضوراً إعلامياً قوياً في كل المنابر
العالمية عرضاً وإخراجاً لقضايا أهلهم!! ولأن الشجن يكون أكثر تأثيراً علي
القلوب عندما يسمع من بواكيه فلا بد لاخواننا الطلقاء أن يعبروا عنا سياسياً
وثقافياً وإجتماعياً بدلاً من ترك الاجتهاد عن قضية الشرق لكل من هب ودب من
التنظيمات السياسية التي لن تترافع عنها إلا بالقدر الذي يلبي أجندتها!! ومن
المفارقات أنه حتي الحكومة (المدعى عليها) عندما لاحظت أن الجبهة الاعلامية
لقضية الشرق سائبة ومكشوفة صارت تدفع من خلالها بعض عناصرها النشطة (ليكملوا
الناقصة!!) لان الحكومة داخلياً تمكنت من تحجيم كل ما يخص الشرق وبل يعمل
أبواقها علي تزيين مساوئها!! ونتمنى الحضور الكثيف للأخوة في الخارج بقضيتهم
علي مسرح الاعلام العالمي وإدخالها إلي ورش منظمات حقوق الانسان ومنظمات
المجتمع المدني لتظل حية ومتقدة كضمان واقي من آفة نقض العهود الانقاذية. وعليه
نري ان كفاءة وفعالية إجتماعات لندن تكمن في الموقع الجغرافي للتأثير الاعلامي
علي مراكز صنع القرار العالمي، ليؤكدوا للجبهة الداخلية وجودهم الفاعل لينالوا
رضاها وإقتناعها بجدوى إسهامهم في سير المفاوضات والتي نعتقد انها تحتاج لوقود
محرك وطاقة عزم قوية لتلوي الذراع الخبيثة للحكومة وهذه الطاقة لا توجد إلا في
الاجندة والحيثيات والقرائن والأدلةالآنية والتاريخية التي تقنع الوسيط الأوربي
ليحمل عليها الحكومة حملاً!! وهو نفس النهج المتبع في نيفاشا والآن في ابوجا!!
وهذا ليس من السهل لأن الحكومة كادت ان تضلل المجتمع الدولي بأنه لا توجد للشرق
قضية بدليل أنه لا أثر لهم في الاعلام الداخلي والخارجي ورغم ذلك تريد أن تتبرع
لهم بالجلوس معهم في منبر خارجي حتي تحفظ لهم ماء وجههم كما فعلت مع (ناس)
التجمع!! رغم الصخب الاعلامي للاخير!! ثم ان الحكومة تزعم ان ما يسمى بمشكلة
الشرق ليست إلا انعكاس لاختلال علاقتها مع دولة اريتيريا وعليه تريد إصلاح ما
فسد من ود معها وثم تتوجها بجولة واحدة فقط وسريعة مع الجبهة الشرقية كما ذكر
بالحرف مجذوب الخليفة وهو يتوهم طبعاً ان المعارضة الشرقية سوف تختار بعد كسب
الحكومة لاريتريا فإما أن تأتي صاغرة أو يكون مصيرها مثل جيش الرب اليوغني بين
فكي الافتراس!! إلا أن المعادلة تغيرت الآن بالتواجد الفعلي للحركة الشعبية
داخل القصر وهي ما فتئت تذكر وتكرر مراراً أن حل قضية الشرق علي قمة أجندتها
وعليه نعتقد ان جبهة الشرق لن ترضي قميصاً دون نيفاشاً تفصيلاً ولأنه ليس
للسلام الشامل دون الشرق سبيلاً!!