تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بين الضفة والساحل الفصل السابع – وطن اخضر- بقلم: بقادى الحاج أحمد- جدة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/25/2005 6:16 م


الأخ/بكرى
ســــــــلامات،،،

بين الضفة والساحل الفصل السابع – وطن اخضر- بقلم: بقادى الحاج أحمد- جدة
ملخص لما نشر:
الفصل الأول: بالروح بالدم نفديك يا سودانا
قدم الراوي مشهد من موكب انتفاضة ابريل1985م،صمود المنتفضون أمام فوهات
البنادق:
" لماذا اعتقل يا ترى؟
سأل الناس لا سبب
حان الوقت ليعرف الناس يعتقلون
من دون سبب"
ثم ما تبع ذلك من تغيير في الحياة ، لم يستغل في تنمية حقيقية، بل خفت صوت
الانتفاضة سريعا وتلاشى، وكأن شيئا لم يحدث.
الفصل الثاني: الله يسلمك..
نزل الراوي من قمة جبل الانتفاضة، يبحث عن آثارها.. واسباب لقمة العيش. ظل
نشاطه موزع بين العمل والدارسة الجامعية، تراوده أشواق العثور علي شريكة
الحياة، في طيف ندى .. أميرة وسمراء.
الفصل الثالث: الضفة الخضراء
وجد الراوي في تتطبيق أحد توصيات المؤتمر الاقتصاد الذي تلي الانتفاضة- اخذ
إجازة بدون مرتب لمدة عامين قابلة لتجديد، وجد فيها ضالة المنشودة، أزمع علي
الرحيل للعمل مؤقتا في الخليج،وجد فرصة عمل في شركة خليجية، اخذ إجازة بدون
مرتب، حمل حقيبة صغيرة، بعد أن ودع الأهل والأحباب والبلد ورحل رغم اغراءات
الابنوسية المكتنزة في الطائرة، ألا انه صمم علي ما هو مقدم علية .
الفصل الرابع: الحرمين..والهجرة
وصل الراوي ومن معه إلى جدة، فالرياض مقر إدارة الشركة، كان نصيبه أن يعمل في
فرع في منطقة المدينة المنورة، التي تشرفت بالمصطفي صلي الله عليه وسلم. واصل
طريقه إلى مكان عمله الجديد ، تراوده أشواق الذهاب إلى البيت العتيق والتعلق
بأستار الكعبة.

الفصل الخامس: الشمس تهمس بالشعاع
بدأت أعراض ال " هوم سيكـنس" تظهر علي الراوي، في صورة أحلام اليقظة، أخذ يتذكر
الأهل والصحاب والأيام والليالي، التي قضاها معهم في ارض الوطن، الذي اصبح
بينهما الآن فضاءات وبحور، مدن تسبح في النور وليالي سرمدية كما الدهور.

الفصل السادس: مدينة صغيرة علي الساحل
استلم الراوي العمل في فرع المدينة التي ترقد في حضن البحر، مدينة صغيرة، تسير
الحياة فيها بنمطية، وكذلك دوامات العمل- دوامة الدوامات- دوام صباحي ودوام
مسائي في تتابع، تباعد بينهم عطلة نهاية الأسبوع، حيث الاسترخاء ومواصلة
الدوامات من جديد.

الفصل السابع
وطن اخضر

الخطابات كان تمثل لنا الشرفة التي نطل منها علي الوطن عندما يحملها إلينا
البريد، وحينما نحمل مشاعرنا وأشواقنا ونضعها على الورق داخل مظروف ونوكل
للبريد مهمة إيصالها سالمة إلى من نحب.
كان البريد مهم جدا، أو أننا عرفنا غلا وته، خاصة في ظل التعسر المستمر لخطوط
الاتصال الهاتفي بيننا والوطن. كان البريد في السابق سيئ السمعة، تأخير وصول
الخطابات والبرقيات أو ضياعها وعدم وصولها خالص، هذا عندما كنا في داخل الوطن،
وعندما كنا نسمع عنه سمع، أما بعد التجربة الفعلية ثبت أن العكس صحيحا، تصل
الخطابات بانتظام، وخلال مدة وجيزة "5 إلى 7" أيام تصل الرسالة من الخرطوم إلى
جدة ثم إلى المدينة الصغيرة الساحلية، التي تبعد عن جدة اكثر من ألف كيلو
متر.
كنا ننتظر وصول الرسائل،ويفرحنا قدومها لدرجة الاحتفال، وكان نحزن لعدم وصولها
إلى درجة البكاء..

*

"غبريال ماجوك" زميل في العمل عندما كنا في السودان. انضم أليه قبل أن أفعل أنا
بسنوات عديدة. عندما التحقت بالعمل، كان "غبريال" يحضر دراسات عليا خارج
السودان. عملت في نفس الفرع الذي كان يعمل فيه. سمعت من اكثر من زميل التعليق
نفس؛ الشبه الذي بيننا، أنا و"غبريال"، وهكذا تم التعارف قبل أن نلتقي، انتظرت
لحظات اللقاء، حتى أري شبيهي، لا يجد المرء كل يوم شخص يشبهه في هذا الكون.أن
كانت المرآة تعد أحد أهم خطوات التقدم البشرى نحو فهم الذات الإنسانية، وهي قد
تدهش شخص مثل إنسان قصة " روبنسون كروز" عندما رأي نفسه لاول مرة في المرآة.

لكن أن ترى شخص يشبهك في الشكل الخارجي يسعى علي قدمين ، فانه أمر جد مختلف.
التقينا بعد أن عاد "غبريال" من بعثته، وكان التعارف المبكر مدخلا لمعرفة هذا
الإنسان اكثر واكثر. كان "غبريال" متواضعا رغم تعليمه العالي كان يحمل صفاء
ونقاء القريه..
كان الشبهه بيننا؛ أنا و"غبريال" في القامة والحجم، ولا أدرى إذا كان في الصفات
الأخرى أم لا ، لكن المؤكد الشبه كان أيضا في الهوايات خاصة القراءة وحب
الأدب. أصبحت الصداقة توثق عرى الزمالة بيننا. عندما حضرت إلى هذه المدينة
الصغيرة الساحلية، كانت الخطابات توصل ما قطعته الأيام بيننا من ود..

ردا علي ماطلبه "غابريال" مكتوبا عن المنطقة وما افعله خلال اليوم في الفرع
هنا، كتبت:

التاريخ --
عزيزي/ غبريال ماجوك
سلام عليك
وبعد,,,
سعدت كثيرا برسالتك التي جاءت تحمل معها عبير الوطن. أنا بحمد الله هنا بخير في
هذه المدينة الصغيرة الساحلية الهادئة، أنني احب الهدوء كما تعلم وأشياء أخرى
منها الخريف والشتاء هذه المحبوبات تجمعت والريالات معي هنا علي الساحل الشرقي
للبحر الأحمر، وهناك علي الساحل الغربي خلف الجبال تجمعت مجموعة آخر اكثر محبه
والفة، عندما القلب يتذكرهن يفر فر مثل الطائر الذي علق في الشرك ، فاني يا
صديقي في حيرة وشوق شديد.
الشتاء هنا وصل بدرجات الحرارة في المدن المجاوره لنا إلى تحت الصفر، إلا إننا
بفضل البحر لم تتعدى درجة الحرارة الـ15 درجة. المناخ – مناخ البحر الأبيض
المتوسط " حار جاف صيفا ممطر ودافئ شتاءا" كما حفظناه في المدرسة، فان المطر
الآن يهطل زخات.. زخات. المزاج مع الهدوء وزخات المطر الشتويه رائق ومعتدل،
لا ينقص عليه شئ إلا البعد عنكم والحبايب.
إليك ما طلبت عن تفاصيل يوم العمل والحياه هنا؛ يوم العمل مقسم إلى دوامين،
أول صباحي وثان مسائي، الأول يبداء الساعة الثامنة صباحا وحتى آذان الظهر،
والثاني يبدا بعد صلاة العصر الساعة الرابعة ونصف إلى الساعة الثامنة ونصف
مساءا.
الفرع عبارة عن صورة مصغرة للأمم المتحدة، تتكون قوته العاملة من: ثلاثة وطنيين
زائدا اثنين أسيويين وثلاثة أفارقة، تشمل هذه المجموعة : مدير الفرع ،
المحاسب ، أمين الصندوق، موظف حسابات جارية موظفين تحاويل خارجية – بلدان عربية
وبلدان أجنبية، مراسلة وخفير.
يبدا الدوام بإثبات الحضور، بان يضع كل موظف كرت الحضور علي آلة ضبط وقت -
الحضور ، لتطبع عليه التاريخ المحدد ووقت الحضور بالساعة والدقيقة والثانية.
يفتح الباب أمام المتعاملين ليقوم الموظفون بخدمتهم.أما المحاسب بالإضافة إلى
مراقبة العمل داخل الصالة، يقوم بمراجعة عمليات التحويل الخارجية بالتدقيق في
الأسعار والعمليات الحسابية،ومن ثم ضبط يومية اليوم السابق، وتحليل الحسابات،
وعمل ميزان المراجعة- جدول ألموا فقه، ثم الترحيل إلى الحسابات المختصة في
الأستاذ العام واليوميات المساعدة؛ الصندوق الأجنبي- عملات حرة، والشيكات
مقبولة الدفع إلى اخره.
يبدأ المحاسب عمل اليوم خلال الدوام الثاني، بفتح يومية جديده، وعند نهاية
الدوام لا يغادر الفرع قبل التأكد من مطابقة إجمالي المقوضات واجمالي
المدفوعات في الخزينة واجمالي الإيداعات واجمالي المسحوبات في الحسابات الجارية
مع نظيراتها في اليومية عنده، عند حدوث الفرق - الاختلاف يبحث عنه حتى
يجده،وبالتالي جميع الموظفين لا يغادروا الفرع قبل أن تتم عملية المطابقة
والتوافق بين المحاسب والخذينه والحسابات الجارية.

علي المحاسب أيضا تنزيل حركت الحسابات الجارية في النسخة الثانية- ومطابقتها
مع النسخة الأولى - كرت وكشف الحساب- عملية المراجعة الداخلية أو الكنترول.
العمل في الفرع يدوى لصغره ، لذلك الأعباء فيه كثيرة وتأخذ وقت، ألا إنها
ممتعه، لانك تعمل كل شي بيدك، تشعر بأنك تدير شيء، تكاد ترى الدورة المستــنديه
أمام عينك، القيد يتحرك أمامك من مكتب إلى آخر ، إلى أن يستقر علي مكتبك، ثم
يبدأ رحلة أخري التنقل بين صفحات السجلات والدفاتر، حتى يصل كمستند للحفظ في
الأرشيف.

كما تعلم فان الحسابات مثل المعادن النفيسة، كلما جلوتها زادت بريقا ولمعانا،
لذلك ترى المحاسب هنا يكثر من المراجعة والتدقيق لانه هو الغربال الأخير في
الفرع، ولاتتم مراجعته إلا عن طريق زيارات التفتيش- كل ثلاثة اشهر- أو عند
طريق الرواجع والمرفقات - التي تصاحب الميزانية الشهرية؛ إلى الإدارة الإقليمية
والإدارة العامة.
هذا الوضع يجعل المحاسب مثل الذي ينقب عن المعادن النفيسة في شاطئ رملي؛ يرها
تلمع علي ضوء الشمس الساطعة، ولكن دون أن يحصل عليها أعمال كثيرة.

قبل أن اختم احب أن أضيف بعض الملاحظات عن الغربة وسلوكياتنا فيها، كما تعلم
هناك صفات وملامح خاصة بنا- السودانية أو السودانويه كما يسميها د. احمد الطيب
زين العابدين، هذه الخصوصية نجدها في أشياء كثيرة منها مفردات اللغة العامية
مثل: آآي .. وهناى.. وزول. الأخيرة هي ما سأفرد لها مساحة اكبر.
الزول والزولة نطلقه علي من نخصه وليس علي أي حد.. وبالتالي لانرفع الكلفة
مع من ليس زولنا لينا وإلا كانت النتيجة عكسيه – مش كده يا زول..
يقول الحردلو:
الزول السمح فات الكبار والقدرو
كان شافوه ناس عبد الله كانوا يعزروا
السبب الحماني العيد هناك احضروا
درديق الشبيكي البنتو فوق صدرو

*
وكنا لو تذكر نطلق- زوله- علي كلمة المرور في الكمبيوتر لأنها قاسم مشترك كل
زولا ليهو زوله..
عموما هذه الخصوصية للكلمة استبيحت، أصبحت كلمة زول علي كل لسان – مرادفة
لسوداني من حيث اللفظ. صحيح أن سمعة الزول هنا كما هي في كل مكان، ذي الذهب
المجمر ومقبول من جميع الجنسيات؛ لتمتعه بصفات جعلته متفرد ومتميز مثل:
اللون الأسمر، دماثة الأخلاق، والأمانة، الصدق والتعليم كل هذه الصفات جعلت
الكل يحب الزول فينا ويخطب وده.
يبقى هناك شيء في استخدام الكل لكلمة زول، هل هي مقبولة منا بالطريقة التي
يستخدمها الآخرون هنا، كما نستخدمها نحن فيما بيننا؟
عندما كنا حديثي عهد بالغربة ، ولحساسيتـنا المفرطة كنا نتضايق من المناداة
بيازول.. أحيانا قد يسمع الآخر رد من - نوع تزاول من ضلك- ولا يفهمها. ولا نجهد
نفسنا بشرحها او شرح الموقف لأننا لم نكن نفهم لماذا تضايقنا هذه الكلمة
الحبيبة عندنا. لما يلاحظ الآخرون علامات الضيق علي الوجوه ويستفسروا لا نملك
أجابه شافيه.

طبعا هذا البعد الجديد لأشيائنا الخاصة أضافته الغربة ، وهو من أحد ميزاتها.
تعطى الواحد فينا الفرصة ليتأمل نفسه ويراها من بعيد.. فرصة للتفكير واستعادة
الذكريات واعادة اكتشاف النفس.
في تقديرى أن الآخرون يستخدمون كلمة يا زول في احسن الفروض، لانهم يريدون
التقرب من المخاطب وكسب وده.
المصريون هم اقرب الناس إلينا، رغم أننا – نحن وهم – نبدو كالاخوة الأعداء
،اثبتوا انهم يفهموننا نفسيا اكثر من غيرهم، أو لانهم يعرفون من أين تؤكل
الكتف ؛عندما يريد الواحد منهم خدمة ينادى بابن النيل. وعندما لا يكون في
حاجه إلى ذلك ينادى يا زول هكذا حافية..
إذن السبب هو استباحت الخصوصية ورفع الكلفة في غير موضعها، جعلت تعبير محبب
بيننا ينزلق في التعامل هنا في الغربة إلى عكس معناه الجميل في احسن الفروض،
إلا إننا نقبله لان؛ الزول صدروه واسع وباله طويل، لانه عاشميك.
و كما تقول النادرة هنا: الزول زي البيبسى اسود وهادئ ، إلا لا ترجه- اى أوعى
تهزه- لو رجيته بفور..
تحياتي إلى أسرتك والي جميع الزملاء والزميلات، والي كل من يسأل عنا.

أخوك: صالح حامدين

[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved