تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

وزير الدفاع عن السلام! بقلم هاشم كرار ـ صحيفة الوطن ـ الدوحة قطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/22/2005 2:49 م

وزير الدفاع السوداني‚ اللواء بكري حسن صالح‚ رجل ــ للذين لا يعرفونه ــ كيس وفطن ‚‚ وتلك صفتان من صفات «المؤمن»!
أترك ايمانه‚ ذلك الذي بينه وبين الرب‚ الى إيمانه بالسلام‚ ذلك الذي أشرقت شمسه الآن‚ على السودان كله‚
السلام‚ حين تشرق شمسه‚ لا تشرق على المدنيين وحدهم‚ انها تشرق حتى على أصحاب الخوذات‚ والملامح الخشنة ‚‚ أصحاب الأجفان المتورمة‚
في اجازتي‚ التي انتهت قبل أيام‚ زرته ــ اللواء بكري ــ في مقر قيادة الجيش‚ في قلب الخرطوم‚ الرجل بيني وبينه مودة‚ وواجب تحية واطمئنان على الصحة‚ إذا ما جاء هو الى الدوحة او ذهبت أنا الى الخرطوم ‚‚ وهو واجب اصبح ضروريا من أول حوار أجريته معه لصحيفة الشرق الأوسط‚ و«الانقاذ» وقتذاك‚ كانت لا تزال تحمل رأسها في كفيها!
وقت الزيارة‚ هذه المرة‚ كان وقتا مختلفا تماما: كان قرنق قد رقص رقصته الشهيرة في القصر الرئاسي‚ بعد أدائه القسم نائبا أول للرئيس‚ وكانت شمس السلام قد أشرقت كما ينبغي: أشرقت حتى على الملامح الخشنة‚ التي خرجت من الخنادق‚ وأشرقت حتى على ملامح الرجل الفارع‚ الذي كان يدير الحرب من الخرطوم‚
نظرت الى ملامحه‚ مرة أخرى‚
كانت «أليفة»‚ أكثر من أي وقت مضى ‚‚ وكانت مفعمة بالحميمية‚
قلت لنفسي‚ مثل هذه الأوصاف‚ لا يمكن ان تجد مكانها في وجه أي وزير دفاع في الدنيا‚ إلا حين تشرق شمس السلام!
قهوة سادة ‚‚ وكان يتحدث بكياسة عن السلام‚ أشعل غليونه للمرة الثانية‚ ورمى إليّ بالسؤال:
ــ ألم تلاحظ شيئا في هذه المرة؟
تُرى هل قرأ أفكاري؟
لم اجب‚ تشاغلت باشعال سجارة‚ لم اكن لأريد ان أقول له‚ بلى ‚‚ لاحظت: لاحظت ان ملامحك تبدو أليفة وحميمية أكثر من أي وقت مضى‚ لم اكن لأريد ان اقول له أنني لاحظت‚ انك لم تعد تشعل غليونك‚ كما يشعله السادات ‚‚ لم أكن لأريد ان أقول له انني لاحظت ان تليفونك الداخلي‚ قد كف عن «الزعيق» ‚‚ لم أرد ان أقول له كل ذلك لأنني ببساطة لا استطيع ان أطعن في فطنته وكياسته‚ وقدرته الفذة في قراءة الأفكار!
ــ ألم تلاحظ‚ انني التقيك في هذه المرة في قاعة‚ وليس في مكتبي «المتجهم الملامح»؟
انتبهت‚ انني فعلا‚ في هذه المرة‚ في قاعة انيقة جوار مكتبه: الكراسي وثيرة‚ والطاولات أنيقة عليها صبارات شاي وقهوة و ‚‚ ثمة أشجار ظل‚ وثريات‚ وباقات زهور‚
ــ تلك فقط مجرد اشارة لما يمكن ان يحدثه السلام‚ كان نوعا من الترف المؤذي في زمن الحرب‚ أن تعمل مثل هذه القاعة الصغيرة ‚‚ كان كل شيء في وزارة الدفاع مكرسا للحرب ‚‚ حتى ‚‚ حتى ثمن كرسي صغير فاخر‚ وثمن صبّارة قهوة‚ او ثمن باقة ورد!
و ‚‚ أخرجني حديث اللواء بكري‚ بذهني من تلك القاعة الأنيقة الصغيرة‚ الى السودان كله‚ لأتخيله في ظل السلام ‚‚ السلام الذي أشرقت شمسه حتى على ملاح الرجل الذي كان يدير الحرب‚ من أجل السلام!
أعادني صوته‚ مرة أخرى‚ الى القاعة‚ اكتشفت أيضا‚ أن نبرات صوته في هذا العام‚ لم تكن كما في العام الفائت: لم تكن في هذا العام خشنة على الاطلاق:
ــ الجيش الآن «تحرر» من الحرب‚ تلك التي كانت تشكل غطاء ثقيلا على مبادراته في البناء‚ الآن‚ لن تكون فقط مهمة الجيش هي الحفاظ على السلام‚ وانما المشاركة بايجابية في التنمية‚ واعادة البناء‚
و ‚‚ خرجت من لدن الرجل الذي لم تعد ملامحه خشنة‚ ومنهكة على الاطلاق‚ حتى إذا التقى هو قبل أيام‚ في الخرطوم مع «خصمه» الذي كان يدير الحرب في الغابة سالفا كير‚ تبادل الرجلان التحية العسكرية‚ وتبادلا الابتسام!
انه السلام!


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved