تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أطباؤنا نجوم .... بقلم علي يس الكنزي / جنيف سويسرا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/22/2005 9:17 ص


يبدو أن حديثي عن مهارة الطبيب السوداني لن ينقطع، وذلك لتجاربي الشخصية معه. فهذه هي المرة الثانية يسقطني المرض وأنا مقبل على وطني كعادتي في كل خريف كما نعده نحن أهل السودان، وصيف كما يصفه الفرنجة، أما أهل الشام فيقولون عنه شهر آب "أغسطس" يؤوب فيه المرء لرحِمه وأحبته.
المرة الأولى قبل عامين، داهمني مرض القلب، تصلبت العروق، فبرد الجسم ، وهمدت الحركة، وظننت بنفسي الظنون. وقلت أني مفارق لا محال لأخرى لم أتحوط لها بقليل عمل، ولم أتزود لها ولو ببضاعة مزجاه. فدعوت في جزع وخوف: ربي ارجعون لعلي أعمل صالحاً. فجعل شفائي على يد نطاسة سودانية ماهرة، أوردتُ وقائعها بجريدة الرأي العام بعمود الأستاذ المهندس عثمان مرغني.
أما الثانية، فعند أوبتي لوطني هذا الخريف، وأنا أهم بالنزول من سلم الطائرة، لأمكث في مطار بلد شقيق ساعات معدودات، ريثما تأخذني طائرة أخرى من مطار هذا البلد، الذي تأوي إليه أفئدة أهل السودان طلباً للشفاء والاسترخاء، داهمني ألم إن قلت عنه أقعدني فقد أوجزت، وأوجعني فما استكثرت، وأسخن عيني فما هولت. وبالمطار قل حراكي وزاد عراكي. فاستقبلت من أمري ماستدبرت، وعزمت البقاء لأسبوع ربما أزيد عليه قليلاً ولا أنقص منه كثيراً، لعلي أجد الشفاء. وكان لقائي بطبيب جراح شهير يعمل أستاذاً في أشهر جامعات هذا البلد. بعد المعاينة والأشعة والفحوص، قرر أن يجري لي عملية مستعجلة في العظمة الكروية أعلى الفخذ. فأمهلني أثنين وسبعين ساعة ريثما أستشير طبيباً أخر. عندما ذهبت للطبيب الأخر في اليوم التالي، كان بالصدفة المحضة رئيساً للأول في كلية الطب. ذهب في التشخيص مذهب مرؤوسه، لكنه لم ير سبباً لاستعجال العملية، فاستبدل الأمر بوصفة طبية. ومكثت في عشرة أيام أترغب الشفاء، ولكن كنَّ عشر شداد أطرن الكرى من شدة الألم.
هاتفت شقيقي بالسودان مبلغاً إياه ما ألم بي، فنصحني بأن أرتد علي عقبي، معللاً بأن الطب في البلد الذي أتيتُ منه "سويسرا" أفضل ألف مرة من الطب في البلد الذي أنا قادم إليه. ولكني حزمت أمري وأكملت سيري متوكلاً على الحي القيوم. في صباح اليوم التالي كان لقائي بالدكتور كمال وديع صبري. وبعد الكشف اليدوي فقط، أعطاني تشخيصاً وعلاجاً مغايراً تماماً عن ذاك الذي لزميليه. ونفحني بوصفة طبية هدأت من ألمي، وبدأت حالتي في تحسن مستمر. وعندما عدت إلى جنيف، قابلت أخصائي جراحة العظام، فذهب في تشخيصه مذهب طبيب السودان.
لهذا الطبيب مندوحة أخرى أعرفها، ففي الساعات التي كان فيها البرجان التوأمين يحترقان في نيويورك، كانت هناك سيارة تشق عباب الأرض شقاً، متجهة شطر كوستي مخلفة الخرطوم من ورائها، حاملة في جوفها "شقيقي" ومرافقه "أبن خالتي". وقبل الوصول لمدينة الدويم، فقدت السيارة توازنها، وانقلبت، ثم تقلبت كأنها عصفور ذبيح. وعندما استقرت، كان أبن خالتي فخري في عداد الشهداء، وشقيقي بشير للموت أقرب، فتهشمت منه الضلوع وتقطعت منه الأواصل ، فأُخذ إلى الخرطوم على عجل. أُدخل غرفة العمليات لثمانية ساعات طوال رأب فيها الدكتور كمال كل صدع، وأعاد فيها كل ضلع. وبعد أشهر عاد إلى لندن حيث يقيم، وضرب موعداً مع وأحد من أشهر جراحي العظام ليطمئن قلبه. وعندما ادخله الطبيب لصالة الكشف، بدأ يفحص أثار العملية الجراحية. سأله في دهشة واستغراب: أين أجريت هذه العملية؟! فأجاب: في السودان!!! إذن لماذا قدمت إلينا وببلادكم هذه الكفاءة النادرة؟!!! أردف مجيباً: سيدي أتيت إليكم لأنني أقيم ببلدكم.

علي يس الكنزي / جنيف سويسرا


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved