تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

سؤال ليس بريئا؟ بقلم هاشم كرار ـ جريدة الوطن ـ الدوحة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/14/2005 11:30 ص

سؤال ليس بريئا؟
هاشم كرار ـ جريدة الوطن ـ الدوحة
ليست نيويورك البرجين‚ ولا واشنطن البنتاغون‚ ولا بنسلفانيا ‚‚ كل مدن الغرب تتشابه في عيني الآن‚ وأنا المشبوه!
هذه الأعين الخضراء‚ تترصدني في المطارات‚ وفي الشوارع‚ والأندية‚ وأماكن التسويق‚ والترويح‚ تترصدني وأنا أفتح فمي لآكل أو أشرب أو أتثاءب‚ تترصدني وأنا أغلقه ‚‚ تترصدني حين أقوم‚ وحين أمشي‚ وحين أقعد مرة أخرى‚ وحين أتمدد في السرير‚ تترصدني حتى وأنا في الحمام!
هذه «الشبهة»‚ تؤذيني ‚‚ تذبحني في النهار والليل‚ وفي الصباحات والعشيات‚ وأنا الذي فررت من وطني‚ فقط‚ من ترصد عيون كلاب الأمن‚ وفرقعة أحذية زوار الليل‚
كنت حتى قبل‚ أن يستحيل البرجان إلى تراب يغطي مانهاتن‚ أنظر في العيون الخضر‚ وتنظر إليّ‚ ألقي عليها بالتحية‚ أو لا ألقي‚ بإشارة من الحاجب‚ أو غمزة ‚‚ كنت أبتسم أو لا‚ وأنا أتصفح في العيون‚ أو تتصفح فيَّ ‚‚ وأمضي وهُم: لا شبهة ولا اشتباه‚ ولا كل هذه النظرات التي تثقب عيني‚ وتثقب حتى السروال!
أذكر‚ أول ما فررت: في الليل نمت بلا كابوس‚ وفي الصباح قرأت صحفا ليست من نسخة واحدة‚ وفي المساء استنشقت هواء ليس فيه زفير سجان‚ وحين جاء الليل مرة أخرى‚ تذكرت بحنين جارف كسرة امي‚ وكف حبيبتي المبللة بالارتعاش‚ ونحنحة أبي وهو يزيل غصة ‚‚ وتذكرت أنني ضيّعت الشعر في زنزانة‚ ولم أضيّع الشعراء‚
هذه ليلة الشعر‚ والشعور بالأمان‚
هكذا قلت لنفسي‚ وأنا أكتب لذات الكف المبلّلة بالارتعاش‚ لحظة الوداع الحزين ‚‚ استعرت مقطعا من شاعر ضيّع مني العسس حروف اسمه‚ وكتبت إليها:
أنا في حي من أحياء الفقراء‚‚ بروما حقا ‚‚ لكن العسس الليلي هنا‚ لا يزجرني‚‚ لا يسألني‚ لا يأمرني أن أخلع أثوابي ليفتشني ‚‚ الأمر بسيط جدا جدا‚ فالعسس الليلي‚ هو العسس الليلي لعاصمة القيصر لا للمستعمرة‚‚ الآن ‚‚ سأفتح النافذة‚‚ ليدخل ضوع صنوبرة بعد المطر ‚‚ ابتعدت عني رائحة البارود!
:
و ــ قامت القيامة‚
البرجان تراب‚ والبنتاغون حريق‚ وهرج في طائرة بنسلفانيا و ‚‚ سقوط‚
:
روما‚ تضيق‚ حين ضيّقت «المكارثية» الدنيا الجديدة‚ وكما راح العسس الليليون في واشنطن يأمرون الغرباء أن يخلعوا أثوابهم‚ راح يأمرني عسس القيصر‚ ولم أعد أفتح نافذتي ليدخل ضوع صنوبرة بعد المطر‚ وعدت اتشمم رائحة البارود!
:
أوليست أرض الله‚ واسعة؟!
بلى‚ و ‚‚ كانت بريطانيا بديمقراطيتها العريقة‚ لملمت أنفاسي في «الهايد بارك»‚ واستلقيت في ظل خطيب‚ يشتم في بلير‚ فبكيت في سري لأن العسس قبل يوم فراري العظيم شتموني‚ لأنني شتمته في سر السر «لن أذكر الضمير الغائب‚ فلساني لا يزال مقطوعا»‚
«في هذه البلاد‚ ذات الديمقراطية العريقة‚ تنمو الألسنة المقطوعة»!
أتذكر الآن‚ أنني كتبت ذلك ذات يوم‚ لذات الكف المرتعش بالوداع‚ والذي يرتعش الآن‚ بأسئلة المحققين عن مكاني!
أتذكر الآن‚ انني كتبت اليها: في هذه البلاد‚ تعود للمرء ذاكرته المفقودة!
أتذكر‚ وأتذكر‚ حتى إذا جاءت تفجيرات «7» يوليو‚ لم أعد أتذكر شيئا!
الأمر بسيط جدا جدا ‚‚ فالعسس الليلي‚ لم يعد العسس الليلي‚‚ لعاصمة بلير‚
وإنما العسس الليلي لبلدان الامبراطورية التي غابت عنها الشمس!
:
الآن‚ لا استطيع أن أفتح النافذة
حتى لا أتهم بالخيانة‚
:
بن لادن‚
أيا شيخ العرب‚ أسألك بالذي خلق السماء‚ من غير عمد‚ لماذا فعلت بي شخصيا‚ كل ذلك ‚‚ ولماذا فعلت كل ذلك بهذا العالم الذي أصبح أضيق من زنزانة؟


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved