تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

آفاق ممارسة العمل السياسي المشترك من موقع السلطة بقلم/بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/11/2005 6:18 ص

آفاق ممارسة العمل السياسي المشترك من موقع السلطة

بقلم/بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد

إن العمل السياسي المشترك مرغوب ومرغوب فيه بشدة ويكون من باب أولى في حالة التواجد في موقع السلطة. لا شك أن اتفاقية السلام الشامل ومن بعدها الدستور الانتقالي قد فتحتا الباب واسعا لتجربة جديدة يتوقع أن تستفيد من كل الزخم المتراكم علي علاّته في التجربة السياسية السودانية لأكثر من خمسين عاماً بعد الاستقلال.
قد لا يختلف اثنان في أن صعود الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الشهيد الدكتور جون قرنق دي مبيور وخليفته الفريق سالفا كير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب ، شكل منعطفاً جدير بالاهتمام العلمي والسياسي. فبغض النظر عن القراءات المتعددة والتحليلات المتباينة التي تفاعلت مع الحدث طيلة السنوات السابقة بداية في التشكيك في نوايا الأطراف محل الصراع ، وتحريضها والدفع بها خطوة إلى الأمام نحو النهاية المرجوة ، والإشادة بما هو ايجابي إلي أن تحقق السلام. يعتبر انتقال الحركة الشعبية لتحرير السودان من صفوف المعارضة المسلحة إلي السلطة لحظة مميزة في الحياة السياسية السودانية.
وقد بدا من الناحيتين الإستراتيجية والسياسية رغم التباين الواضح للأطروحة السياسية لكل من الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني الحاكم إلا أن الفضاءات الداخلية والإقليمية والدولية شكلت ضغط كبير عليهما بالبحث عن أرضية مشتركة تؤهلهما لإنجاز مشروع الانتقال التوافقي. فكانت اتفاقية السلام الشامل كخطوة متقدمة في بلورة التصورات حول مدخل الإصلاح وأبعاده التي عبرت عنها الاتفاقية في جملة البروتوكولات الست.
هذه الاتفاقية التي أمكن التوصل إليها بين الطرفين في التاسع من يناير 2005م وهي شاملة من حيث مخاطبتها للمشكل السوداني في الجنوب والشمال رغم تحفظ البعض علي ذلك ، وهو أمر نقدره حق قدره. ويمكنني القول بدون تحفظ أنها كانت الحجر الأكبر الذي حرك البركة الساكنة لسنين عددا، أو إن شئت قل بمثابة الذر الذي ما أن تم الضغط عليه .. تفجرت كل القنابل الموقوتة أو في طريقها إلي ذلك ، مما فتح ديناميات جديدة كانت عصية في السابق للحوار الجاد والمثمر حول قضايا مصيرية أمكن السكوت عنها والتهرب منها حيناً من الدهر عبر تكميم الأفواه وعن طريق عنف الدولة المنظم حتى دقت ساعة الصفر معلنة الإنذار الأخير والفرصة النادرة للتفاوض حول أن يكون السودان أو لا يكون.أي الانتقال إلي مربع جديد كما يحلو للكثيرين أن يرددوا، واستبدال حالة الاحتراب وسفك الدماء وهدر الطاقات البشرية والمادية بشرعية التراضي والتوافق.
فالضامن لهذه العملية برمتها الدستور الانتقالي الذي تم إجازته مؤخراً ، وبذلك يكون الطريق مفتوح أمام مرحلة انتقالية تمهد الانتقال إلي مرحلة دائمة ومستقرة. هذا كله بات ممكناً الآن إذا ما قدر للأمور أن تسير وفق ما خطط له من قبل اللاعبين الأساسيين في المرحلة المقبلة لاسيما الدعم المالي والسند السياسي وتكثيف آليات الرقابة دولياً ، أما داخلياً فيتطلب الأمر السند الشعبي الحقيقي والمرونة السياسية في التعاطي مع الأحداث. فضلا عن الالتزام الجاد من الشريكين بإنفاذ ما عليهما وفق ما نصت عليه الاتفاقية وما تضمنه الدستور الانتقالي لاحقا.
حزب المؤتمر الوطني الحاكم:-
فحزب المؤتمر الوطني مطالب قبل غيره بتهيئة الأجواء والمناخات التي تفضي إلي سير الحكم بمستوياته المختلفة بطريقة سلسة ومرضية. فكلنا يعلم أن لديه كوادر متمرسة علي ممارسة السلطة وبما أن الحزب كان مهيمنا هيمنة كاملة علي كل مفاصل الدولة بنسبة أكثر من 90% بات مطلوب منه الآن التنازل طواعية عن 48% وفق ما نصت عليه الاتفاقية في الشمال والسؤال المهم هل ستقبل كوادر حزب المؤتمر الوطني التي يطلب منها إخلاء مواقعها للغير بصورة طوعية؟ وفي حالة حدوث أي تمرد من قبل تلك الكوادر هل لديه الإرادة السياسية الكافية لعودة الأمور إلي نصابها؟ وإذا لم يحدث أي شيء من ذلك القبيل الآن وقبلت تلك الكوادر عن مضض التخلي عن مواقعها فهل تلتزم بذلك طيلة الفترة الانتقالية أم تعمل علي زرع الألغام في الطريق؟ ، ونستمر في طرح الأسئلة هل تلك الكوادر التي سوف تبقى في مواقعها ستتعاون تعاون حقيقي مع القوة الجديدة المشاركة لها في السلطة كأحد الضمانات لتنفيذ الاتفاقية أم لا؟ وهل قام الحزب بتهيئة كوادره من ناحية سيكولوجية بتقبل الأمر الذي أقرته اتفاقية السلام الشامل؟ هذه الأسئلة في رأي المتواضع ذات علاقة جوهرية بتحديد أفق ممارسة العمل المشترك من موقع السلطة.
الحركة الشعبية لتحرير السودان:-
الحركة الشعبية لتحرير السودان مطالبة هي الأخرى بتهيئة الأجواء داخل جسمها السياسي وبث الوعي الكافي لدي كوادرها للتعامل مع الوضع الجديد. فالانتقال من حالة الحرب إلي حالة السلم ، والمجيء من الغابة إلي كرسي الحكم أمر يحتاج إلي مجهود كبير. صحيح أن الحركة الشعبية لتحرير السودان هي سياسية بالدرجة الأولى ويعلم كل كادر فيها أو يجب أن يكون كذلك ، من أنه سوف يجد نفسه يوماً ما أمام وضع مختلف لا تصلح فيه لغة الأوامر والطاعة العمياء عادة كل القوانين العسكرية في العالم ، بل السياسة علم قبل أن تكون ممارسة مما يستدعي التأهيل من نوع خاص وتقبل الرأي والرأي الأخر وكسب المهارات التي تعين علي ذلك ، كون السياسة فن الممكن وفن إدارة المتناقضات أي اللعب بالبيضة والحجر كما يقولون. أي أن الحركة الشعبية مطالبة بتأهيل الكوادر المشاركة في إدارة الحكم في الجنوب والشمال. والأسئلة التي يمكن طرحها من قبل المراقبين وهي مشروعة تتمثل في التالي: هل قامت الحركة الشعبية بتأهيل كوادرها علميا وسيكولوجيا؟ هل المعايير التي سوف تطبق في اختيار الكوادر المشاركة في السلطة سوف تكون مرضية وتضع الرجل المناسب في المكان المناسب ولن تخلق ردود أفعال تؤثر علي جسم الحركة السياسي الآن وفي المستقبل؟ هل سوف تتعاون الكوادر المختارة مع كوادر حزب المؤتمر الوطني الموجودة في السلطة سلفاً ولن تشعر بأي نوع من الغيرة السياسية والإحساس بعقدة النقص ، وفي حالة حدوث أي نوع من النزاعات يحل عبر الطرق القانونية؟ هل تتوفر لدي الحركة الشعبية كافة الإمكانات المادية والأوعية التنظيمية والنظم الرقابية من أداء دورها الكبير والفاعل في المرحلة المقبلة وهي تشارك في السلطة علي كافة المستويات؟ يدخل هذا في صميم ممارسة العمل السياسي المشترك.
الخلاصة:-
أفق العمل السياسي المشترك بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني ، تجربة جديدة في السياسية السودانية، إذا ما قدر لها النجاح. فنجاحها يعني التمهيد لوطن واحد من حلفا إلي نمولي ومن الجينية إلي بورتسودان وفشلها لا سمح الله يعنى انقسام السودان إلي دولتين على الأقل ، وربما لأكثر من ذلك.
معاً من أجل سودان جديد


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved