تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

في فقد قرنق .. الشماليون أولى بالاعتبار ! (2ـ2) بقلم محمد خير عوض الله

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/11/2005 5:56 ص

في فقد قرنق .. الشماليون أولى بالاعتبار ! (2ـ2)

محمد خير عوض الله
[email protected]

واكبت العديد من الكتابات ـ بالنقد والتعليق ـ الأحداث المؤسفة التي صاحبت إعلان مصرع دكتور جون قرنق ، والتي كان مسرحها الأكبر في ولاية الخرطوم ، مقر رئاسة الدولة بوزاراتها ووحداتها العسكريّة والأمنيّة المتعددة ، ولم تكن ولاية الخرطوم مسرحاً خصباً لهذه الأحداث المؤسفة لساعةٍ أو ساعتين فقط أو حتى 24 ساعة !! كتب الكثيرون مصوِّبين أقلامهُم تجاه (والي الولاية) مطالبين بإعفائه ، ولستُ مع (إعفائه أو الإبقاء عليه) إلا وفق منطوق جرد موضوعي لأدائه (هو أو أي شخص آخر) هذا ليس موضوعنا ، أو بالأحرى ، هذا ليس موطن الداء أو الدواء في هذه الأحداث تحديداً ، ويُمكن ـ والحال هذه ـ أن تحدث نفس الأحداث بعد عشر سنوات والوالي من حزب الأمة أو الجبهة أو الحزب الاتحادي أو من سلاح المظلات !! .. ينبغي أن ينظر صانعو الرأي هنا ، و صانعو القرار هناك ، في منصّة الانطلاق التي اندفعت منها هذه الأحداث (المحاسبة على التقصير في أحداث أُزهقت فيها الأرواح واستبيح فيها النّاس كما لو أنّهُم جنا جداد فاسد ، واجبة بل ضروريّة لكنّها (علاج آني لمشكلة كبيرة !!) لهذا أرجو أن نفصل بين هاتين القضيّتين ، قضيّة المحاسبة على التقصير والتقاعس في أي مهام ، كبيرة أو صغيرة ، مسؤول منها زيد أوعبيد ، (لا يهم) ... ، وبين النظر في منصة انطلاق هذه الأحداث ، وهذه المنصّة للأسف يحتاج تفكيكها لجرأة شديدة قد لا تتوفّر بسهولة .. ف(شحنات الاستياء الجمعيّة) وما يُعرفُ مؤخراً ب(حزام المهمّشين) و (تريُّف العاصمة) وامتلاؤها بالمتسوِّلين و(مجهولي النّسب و الهدف والمصير) ... الخ ، كل هذه المكوِّنات ـ وغيرها ـ تمثِّل المنصّة المريحة جداً لانطلاق هذه الأحداث ، فيما مضى ، وفيما هو آت ، وهذه هي المنطقة التي ينبغي (الشُغُل ) فيها .. ينبغي تفكيك هذه المنصّة .. أظنّك الآن تتفق معي أنّ المسألة أكبر من (المتعافي) أو عبد المحمود أبو أو فاروق كدودة أو سامسون كواجي ، المسألة أكبر بكثير جداً .. الآن دعونا من إضاعة الوقت حول : كيف تريّفت العاصمة ؟ من ملأها بالعاطلين ومجهولي النّسب ؟ من ؟ وكيف ؟ .. الخ ، هذه أسئلة مشروعة ، لكن صدِّقني تبادل التلاوم لن يجدي وستزهق الأرواح من جديد إذا انصرفنا للتلاوم .. المطلوب ـ كما أراه ـ معالجة هذه المشكلة (الكبيرة جداً) ، والحل في تقديري ،( ثقافي واجتماعي واقتصادي وسياسي ) ، فالجانب الثقافي ـ لعودة النازحين من الشمالية والنيل الأبيض وكسلا والجزيرة ودارفور وكردفان والجنوب الخ ، كل هؤلاء الذين قاموا بتزوير العاصمة ونسخوا منها نسخاً وتخوماً ، بمباركة الدولة ! ـ يتمثّل في إعادة الوعي بالتمسُّك بالأرض (هُناك) ، والمحافظة على التراث المتوارث (هُناك) ، والوعي بأنّ تدفُّق السكّان إلى العاصمة يعني (إلغاء العاصمة وإلغاء الأقاليم !!) أمّا الجانب الاقتصادي ، فيتمثّل في توفير معينات البقاء (هناك) ، فالزراعة ( القاسم المشترك شبه الأكبر ) ينبغي التشجيع عليها وإعادة العافية إليها لترجع مجاميع غفيرة إلى تسع ولايات على الأقل ، ولا بُد أن تعكف اللجنة المسؤولة من هذا الجانب على وضع سياسات سليمة ومستدامة توطّن الزراعة والمزارعين بعد أن (هجروها وهاجروا )، لأنّ الزراعة ـ مصدر رزقهُم ـ أورثتهُم الرهق والديون والإعسار .. ! وهكذا بقيّة الجوانب ، توطين التعليم و العلاج وإنعاشهما في القرى والمُدن ، وضع خطط سليمة ، والشروع في تنفيذها لإنشاء مصانع في كل مدينة ، بحسب ما يناسبها ، في (الصيد وتعليب الأسماك ، مزارع الدواجن ، الأبقار والألبان ، مناجم الذهب ، مصانع القزاز ، الورق ، ... الخ ، لو تفتّحت عبقريّة السياسة والساسة ، وقامت المشاريع التنمويّة والخدميّة في كل إقليم ، لحدثت الهجرة العكسيّة ، ولغادر أربعة أخماس المزدحمين في العاصمة ، ولبقي بها الموظفون فقط يتعاطون (تساريح) القطار من جديد ، ولتكون العاصمة أنيقة تخلو من الركشات والجالسين في ظلال الجدران و (آخر محطّة) والعاطلين في التكايا !! الآن وضحت الصورة ، وكما قال المُفكِّر الجاد دكتور غازي في سهرة الخميس الماضي ، فإنّ الأحداث قد كشفت عن هشاشة البنية الاجتماعيّة ، وهذا ما نقوله الآن ، لكن (الناحية الاجتماعيّة هي الوحيدة التي ظللنا نفاخر بها في الداخل وبين الجاليات في المهجر !! ) سيكلّفنا تصحيح أوضاعنا المغلوطة مُنذ خمسين عاماً الكثير والكثير، لأنّها كثيرة وخطيرة ! (تهميش ، نزوح ، حروب ، لجوء ، فقر ، أمراض ، جهل ، قبليّة ، بدائيّة ، ...الخ ) وكُلّها في تقديري يتم التغلُّب عليها ، بعزائم وسواعد الرجال ، لكنَّ شيئاً واحداً سيكلّفنا أكثر من ذلك كُلّه ! ، بل سيستعصي و يستحيل علينا ، وهو (مغادرة أبنيتنا السياسيّة الخربة) !! وسيستعصي ذلك لأنّه لن يتم بسواعد الرجال !! (أنظر محاولات الاتحاديين من يحيى الفضلي إلى علي محمود حسنين إلى د.فاروق أحمد آدم ثمّ أنظر بقية الكوادر التي سئمت بيوتنا السياسيّة الخربة ، الحاج وراق والخاتم عدلان والشريف الهندي ومسار ونهار ...الخ) ولكي ترتاح البلاد وتنفك من أسرِها ، فإنّ الأمر مرهونٌ فقط بنوايا الزعامات أو موتِها ( بعد عُمرٍ مديد بإذن الله) وهُنا ترقُد مشاكِلنا (المُستدامة) كُلّها ، الكُل يدّعي (الشطارة) وصواب رؤاه ، وهو في حقيقتِهِ لا يلعب إلا لصالح أوراقه الخاصة ، أمّا البلاد فهي في المرتبة الثانية أو الألف ، بحسب كُل مُعطى !! الآن وضح لكُم أنّ تدفُّق الشرطة في الشوارع ، عبارة عن علاج ب(المُسكِّنات) لأمراضٍ خطيرة !!

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved