مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

الحوار الثقافى: رداً علي مقال (الأنعتاق من التشكل الكاذب) للكاتب عبدالله التوم كورى بقلم بريمة محمد أدم-واشنطن دى سى

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/9/2005 1:28 م

الحوار الثقافى: رداً علي مقال (الأنعتاق من التشكل الكاذب) للكاتب عبدالله التوم كورى

بقلم: بريمة محمد أدم
[email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا المقال رداً علي المقال الماراثونى للكاتب عبدالله التوم كورى، وقصدت من تطويل المقال مجارات الكاتب حتى نستشف حقيقة التشكل الثقافى الذى نحمله، وفي المقال بعض الوخز الحميد، فليأخذنى القارئ علي نيتى، وإلي مضابط الحوار:

1. التعبير عن الذات له دلالات إيجابية، ولنا عبرة في مهيرة بت عبود

من الذى قال لك مقالاتى هى تعبير عن( تشكل كاذب( لهوية القبائل العربية؟ وما هو التشكل الحقيقى لهوية القبائل العربية في نظرك؟ علي مر العصور لم يكن هناك تعبير أقوى عن الذات من تلك التعابيرالتى ظهرت أو قيلت أوقات الأزمات الخانقة في حياة الشعوب، فإن أى شعب لا يعتز بنفسة وأصالته هو شعب ضعيف في إرادته وهش في بنيويته، لماذا؟ لأن ليس هناك معيار يشده ويجذبه نحو خصائص أصالته التى تعبر عن ذاتيته. دعنى أكون أكثر وضوحاً، فإن إعتزازى الامحدود بالقبائل العربية في أرض الهامش (البقارة) في مجال الفروسية والكرم تعبير صارخ عن الذات يشدنا إليه خصائص تأريخية متأصلة ومتميزة بها قبائلنا. ذلك التعبير عن الذات ليس أحتقاراً للأخرين إنما إستلهام للهمم وقت الملمات والعهن. ففى مقالاتى لن تجد ما يسئ لأى قبيلة نوباوية أو أى قبيلة سودانية أخرى، ومع ذلك نظل نحن البقارة نقول عن أنفسنا (نشرب إذا وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا طيناً وكدرا) وذلك لا يتنافى مع حقائق وجود مجموعات أخرى تتفق معنا في تلك الصفات أو لها صفات أخرى تعتز بها. ففي إحدى المرات جاءنا رجل من قبيلة الحمر (بفتح الحاء، أصحاب الجمال) ويعرفه كل أعمامى، وما أن تحدث الرجل وبين كل كلمة وأخرى يقول الرجل (أنا أبو هدية أو أنا أبوك هدية) فظننت علي صغر سنى إنها إمرأة عظيمة أو جميلة أوهناك صفة ما تجعل أبوهدية يفتخر بأبنته، حينما أراد الرجل مغادرتنا سألته هل ممكن أن أذهب معك؟ قال ماذا تريد؟ قلت أريد أن أرى أبنتك هدية؟ قال هيا؟ قال والدى لا؟ قلت لماذا يا أبى؟ قال ربما تأتينا بما يخالف ما يمدح به الرجل إبنته؟ قلت لوالدى ذلك لم يكن قصدى، فذهبنا، وهناك نادى الرجل أبنته هدية أن تأتينا بالشاى؟ وفي أثناء مناداته كان يكيل عليها المدح و(التشكير كما يقال عند البقارة) وحينما أتت، قلت له هل هذه هى هدية قال نعم؟ ثم سألنى ما لها؟ قلت لا لاشئ. فرجعت إلي (ضرانا)، فقال عمى الأكبر ماذا وجدت قلت له إن الرجل مكابر، ومع سحر جمال الحمريات، لم أر أقبح منها فيهن ولم أر أقصر منها قامة بينهن أو أقل شعرا منها وسطهن وليس هناك في الدنيا أسوأ منها في (طباخة) الشاى. فضحك أعمامى حتى تعالت أصواتهم، فردد عمى (شورب بى الفي أيديك حتى لو كان قنقوية) وتنطق كلمة قنقوية كما ينطق إسم د. قرنق وهى فضلات العصيدة التى تلتصق بالحلة ويخرجنها النساء في شكل رقائق ولا يأكلها رجال الحوازمة والمثل معناه (لا تقلل شأن نفسك) ونحن لدينا الكثير في مجال الفروسية والكرم ولا فخر. ولم يكن أفتخار أحمد دود اللية ( الدود هو الأسد، اللية هى منعطف الوادى، الكلام معناه هو الأسد المرابط في منعطف الوادى) بشجاعته أقل تعبيراً من مدح مهيرة بت عبود للجعليين حينما حمى الوطيس. فقد كنت متشوقاً لرؤيته ، وذات مرة نحن ورود إلي الماء، لمح شقيقى الرجل، فقال لى ذاك أحمد دود اللية، فذهبت إلي الرجل فحييته بالسلام، وكنت مازلت صبياً، فسألنى أبن من أنت فقلت إبن محمد أخو الحاج عثمان، فعرف والدى. فسألته لماذا يسمونك دود اللية وأنت قصير القامة ونحيل البنية الجسمانية؟ فقال الشجاعة ليس بنية جسمانية أو ضخامة جهامة، أو جمال هندام، أو جمال خلقة (وهو مهشم الأنسنان لم تفضل إلا أنيابه وأضراسه)، فقاطعته إذن الشجاعة ماذا؟ قال الشجاعة ها هنا وأشار إلي صدره، ثم قال والله ما نازلت فارساً في الجلد (والحمر يجلدون بعضهم بعضا بالسياط في الأعراس والمناسبات وفي غير مناسبات) إلا هزمته وما جلدنى فارساً حتى يتفطر جلدى ويسيل دمى إلا ثبت ثبات الشجعان حتى ألقى سوطة. وكشف الرجل عن ظهره، فلم أر شبراً دون علامة صوت أو جرح قديم. فقلت لوالدى أن ذلك الرجل شجاع. فقال والدى نعم إنه دود اللية وأهله الحمر فرسان ومشهورون بذلك. فالشعب السودانى من حلفا في أقصى الشمال إلي نمولى جنوباً ومن سواكن شرقاً إلي الطينة غرباً، يمتاز بتفرد خصائصه وصفاته، فمدح الجعلين لأنفسهم الذى أصبح تأريخاً يتلى ما هو إلا تعبير عن الذات، والدينكا في الجنوب ونقاء الدم العباسى الذى يرفض إختلاط الدماء الأخرى ما هو إلا تعبير ذاتى ليس بالضرورة يطابق وجهة نظر الأخرين فيهم. الأخوة أبناء النهود في حوار لهم في العام الماضى علي صفحات سودانايل، قال إحدهم مستاءاً من مواقف الحكومة في ولاية غرب كردفان فقال (فقد أصبحنا كل ما شالت الأمطار يدخلوا معنا العدة) أى يستهترون بنا، فرد أخر لا (نحن الكودكرى التى تنحنى لها رؤوس الأشجار). فخصائص قبائلنا السودانية فرادى هى في النهاية جماع خصائصنا السودانية الوطنية، وبرفع قيم وهمم وخصائص قبائلنا السودانية فرادى هو رفع لقيمنا الوطنية مجتمعة، وبدا ذلك التعبير الوطنى الجماعى القيمى في الملاحم البطولية التى وقف فيها أبطال الشعب السودانى في وجه الأستعمار والتى وصفها المستعمر بأنها (إعدام جماعى) للشعب السودانى. ففى حين ينظر الكاتب إلي تلك القيم بأنها (إيكومين) أو الأنا، فقد تجدنى أنظر إليها بأنها خصائص إيجابية لها فوائد سلوكية أخلاقية وسوسولوجية يجب أن نحافظ عليها من ضمن ثقافتنا.

2. الثقافة تحى وتموت تبعاً لسنن كونية، فإين ثقافة الأسترقاق

نخرج من التعبير الذاتى إلي ما أسماه الكاتب الأستعلاء الثقافي العروبى، الذى عبر عنه بأنه نما وترعرع في غفلة من الثقافات الأفريقية التى أحجمت بعامل قوة تأثير الثقافة العربية المهيمنة، حتى توهم أصحابها بحتمية الغلبة أو عدم إنبعاث الثقافات الأفريقية. هذا الحديث حديث عام لا ينطبق علينا القبائل العربية في أرض الهامش التى لها خصائص مميزة في هذا المجال، فقبائل البقارة لم تتحوصل علي نفسها بل وضعت كل مقومات ثقافاتها من لغة، تراث، تقاليد علي طاولة التعايش السلمى وتركتها تعترك في معترك الحياة المعاشى اليومى لتبقى أو تموت بقوة مكوناتها الذاتية، فإنتصر دينها سلمياً علي الوثنيات الأفريقية دون جهاد، وسادت لغتها العربية التى أصبحت قاسماً مشتركاً لألسن أشتات. فإن ثبات الثقافة العربية يعتمد علي مضمونها القيمى والرسالى، ليس علي قوة القائمين عليها، فإن زوال الحكومات العربية من سدة الحكم لا يعنى حتماً إندثارها. ولعل أقوى دليل تسليم قيادة المسيرية إلي دينكا أنقوك في منطقة بحر العرب، لم تتعلم القبائل العربية شئ يذكر من لغة الدينكا في حين أن أغلب الدينكا يتحدث اللغة العربية اليوم. الحوازمة والنوبة في جنوب كردفان مثال أخر، ففي حين هللت القبائل العربية للمحافظ محمود حسيب النوباوى رئيساً لها وشاركت النوبة في كل شؤون حياتها ومعاشها إلا أن التأثير اللغوى المتبادل كان لصالح اللغة العربية، هل يذكر الكاتب يوماً أن الحكومة أقامت فصول خاصة لتلقين النوبة اللغة العربية؟ أم تعلمها النوبة بمحض إرادتهم لما تحمله من منافع حيوية؟. وفي المقابل، تراجعت حضارات عظيمة عندما فقدت عوامل إستمراريتها، فقد تراجعت حضارة بابل، التى خلفت الطراز العمرانى في فن العمارة الحديثة، تراجعت الحضارة الفرعونية النوبية بعد أن خلفت معابدها الشاهقة وتراثها القيم في رصد حركة الشمس والتحنيط وإختراع فن الكتابة علي ورق البردى وغيرها. وفي عصرنا الحاضر تتراجع الحضارة الروسية البلشفية الأشتراكية وثقافتها يوماً بعد يوم لصالح الثقافة الغربية الرأسمالية الديمقراطية. ذلك المنحى التأريخى يفسر زوال الثقافات الأفريقية أو تراجعها نتيجة لأستنفاد مضمونها القيمى أو المادى، وإن محاولة بعثها بدعمها مادياً حتى تنبت أسنانها التى (تنصلت) بفعل شيخوختها لا تجدى كثيراً. فإن إندثار ثقافة الأسترقاق دليل قاطع علي موت الثقافات التى تخلو من المضمون القيمى الرسالى. ولا أدرى لماذا ترتعب فرائص نوبة الجبال خوفاً من الثقافة العربية ولغتها ولا يخاف نوبا الشمال، فالشعب النوبى في شمال الوادى الذى أجتاحته كثيراً من الهجمات الثقافية لم يزل من أقوى الشعوب السودانية أمام الذوبان الثقافى، ذلك يجعل المرء يرى حقيقة أن المجموعات العرقية الأثنية ككيانات أقدر علي البقاء والعطاء من ثقافاتها نفسها، فالشعب الكردى في شمال العراق من الذى يصدق بمقدرته علي البقاء والعطاء بعد زوال دولة كردستان وتحكم وجبروت الحكومات العراقية والسورية عليه. ذلك يودى إلي، أن تبنى النوبة للثقافة العربية لم يقلل أو يؤدى إلي ذوبان النوبة بل يؤدى إلي تكوين ثقافة سودانية فيها الكثير من الملامح النوباوية وفي المقابل، فإن رفض النوبة للثقافة العربية أيضاً يؤدى إلي توسيع الثقافة السودانية بأضافة ثقافة متميزة، إذن في كلا الحالتين بحساب الربح والخسارة إن السودان رابح ثقافياً، وبهذا المنظور يجب أن ننظر لثقافاتنا المختلفة كعامل قوة ليس عوامل ضعف. فإن عوامل قوة وحيوية أى مجتمع تعتمد إعتماد كلى علي تنوعة، والثقافات المختلفة هى جزء مهم من ذلك التنوع، فلنفتخر نحن البقارة بثقافتنا وتفتخر الكيانات الأفريقية بثقافاتها، ما هو المانع من ذلك، والأهم أن نكن راضين عن تعبيرنا عن ذاتيتنا.

3. الفهلوة في التأريخ لا تجدى ، ولن يعود عهد بعانخى، هل من قارئ فنجان لمعرفة الأسرار

نأتى إلي نقطة حساسة للمثقف النوباوى لم تكن تترأى للعيان حتى أثارت مقالاتى مكامنها وكشفت عن كنها، وهى علاقة النوبة في الجبال بالنوبا في الشمال. وقد كانت مقالاتى بحث عن حقيقة شئ أخر تماماً وهو هل كان الأستعمار وأزياله صادقون في أن البقارة طردوا النوبة إلي روؤس الجبال وأستولوا علي السهول والهضاب الخصبة؟ وقادنى البحث إلي بحث الأسباب التى دعت إلي هجرت النوبة إلي الجبال في المقام الأول؟ ذلك السؤال وحدة كافي لإثارة الوطنية النوباوية، ما الذى جاء بالبقارة إلي الجبال؟ وألفاظ من شاكلة (يكفينا فخراً أننا أصحاب هذه الأرض لم نأتى إليها علي ظهور الجمال)، (نحن أبناء وبنات هذا البلد) إلي غيرها من النشاز. الكاتب لم يخرج من تلك السفسطة القولية التى لا تقدم، وحتى الأن أنتظر من كل مثقفى السودان عامة والنوبة خاصة، قول فصل في علاقة النوبة بالنوبا، كقول جهيزة الذى لا بعده بغم. فإن لم يوجد فلماذا يتشبث النوبة بتأريخ نوبا الشمال ولماذا يطالبوننا بتأريخنا وهم لا يملكون شيئاً. أنظر إلي وهم الكاتب (معلوم أن التأريخ هو الماضى البشرى الذى نملك عليه الدليل ويعتبر التأريخ بهذا المعنى سجل الأمم والشعوب. بالتالى لا يوجد في هذه الحياة الدنيا أمة أو شعب بلا تأريخ والأصح أن يقال، أن بعض الشعوب لم تكب تأريخها أو لم توؤخ لنفسها بالوثائق المكتوبة). إذا سلمنا جدلاً أن النوبة في الجبال لم يكتبوا تأريخهم فلماذا لم يتضمنه تأريخ نوبا الشمال بأعتبار أنهم منهم ثم نزحوا. وإذا سلمنا جدلاً مرة أخرى أن نوبة الجبال لم يكتبوا تأريخهم وأن نوبا الشمال لم يضمنوه في تأريخهم وأن ذلك التأريخ يوجد في البرزخ يعلمه علام الغيوب، كيف تثبت لى أن ذلك التأريخ حقيقة وإلا نصبح نؤمن بأوهام سحرة موسى الذين أنت واحداً منهم. فلماذا قام مدير مكتب كوفى عنان بتمزيق دفاتر الأمم المتحدة لبرنامج النفط مقابل الغذاء، هل ذلك إلا لأن التأريخ المدون سوف يجرمهم، نخلص أن التأريخ هو كما قلت أنت (سجل بشرى نملك عليه الدليل) أى أن التأريخ ورقة وقلم (حبر ودواية كما يقول الفقرا). وهذه الحالة المؤلمة هى ليس خاصة بالنوبة وحدهم بل جميع قبائل السودان، فقد تمت كتابة تأريخ السودان من مدونات الشيوخ والخلاوى ما يسمى ب (النسبة) والقبائل التى لا توالى المستعمر كالبقارة مثلاً ولم تسلم نسبتها إلي أعوان المستعمر فإن تأريخها القديم لم يكن مدوناً بصورة جيدة في تأريخ السودان الذى يسمى حديث. إذن الشعوب السودانية أمامها خيار واحد، الأحتفاظ بالتأريخ القديم منذ الممالك النوبية كما وجدناه وتنقيح تأريخ السودان الحديث، ذلك يعنى أن الفهلوه التأريخية لا تجدى ولن يعد بعانخى النوبى حياً حتى نستنطقه، كما أستنطق سيدنا موسى ميت بنى أسرائل، وعلينا إن كنا جادين أن نكشف عن سواعد الجد وننقب في بواطن الكتب المطمورة في الرفوف المعشعشة ننفض غبارها ونعيد لها حيويتها وإن وجودنا في أمريكا يجب أن تنظر إليه نظرة أيجابية، فنحن مثقفى البقارة والنوبة في أمريكا نستطيع الوصول إلي أى مرجع متداول عالمياً إلا المراجع السودانية التى توجد أسماءها ولا توجد علي الرفوف، وأمامنا زمن حتى نصل إلي الحقيقة الغائبة ونحن خلفها وإن طال الزمن إن كان في العمر بقية. فهلا كونا مثقفى جنوب كردفان منتدى الكُتاب لكى نبحثوا مصادر تأريخينا ومصادر مصادرها حتى نرسوا علي الحقيقة الغائبة.

4. الشيخ كشك يفتى لون سيدنا أدم: علم لا ينفع وجهل لا يضر، وأخر يفتى: يجب أن لا نكتب كما نتبول! وأخر يفتى: بالأهمية بمكان أن نكتب كما نتبول! هل هذا يعنى أننا دوماً نخوض فيما يفيد؟

سأل أحد (العبطاء) ذات مرة الشيخ عبدالحميد كشك رحمة الله، عن لون سيدنا أدم، وكان في مخيلة السائل أن أسم سيدنا أدم مأخوذ من الأدمة، وجه الأرض، فهو ربما أسود أو أسمر اللون، ويريد أن يخلص، إن كان أسمر اللون إذن هو نوبى (أنظر العنصرية رجعت تتحسس طريقها حتى أبو البشر)، فرد الشيخ كشك، وربما فهم مغزى سؤال الرجل ضمناً، أن معرفة لون سيدنا أدم علم لا ينفع وجهل لا يضر، والحمدالله الذى أرشد الشيخ كشك إلي الصواب، فلو أفتى بغير ذلك لخلصنا أن الأصل في العالم نوبى (وذلك حميد) وفي النهاية نوباوياً (والعلة معروفة من سياق التأريخ) وذلك يعنى إن جميع سكان المعمورة أبناء له إلا نحن البقارة، فسوف حتماً نكون أولاد أبليس. نخلص إلي تحليل الكاتب لأفكارى من خلال مقالاتى التى أجملها في مدرستين فكريتين: الأولى المدرسة الأروبية الرافضة التى يقودها الفيلسوف الألمانى هيغل والأسكتلندى كوبلان وهذ المدرسة التى قال عنها (الأنسان الأفريقى الزنجى في نظر العنصريون هؤلاء قديماً وحديثاً هو مادة عجنتها علي مر العصور تأثيرات خارجية ليس في مقدوره أن يساهم في حركة التأريخ، تلك هى الأرضية الهشة التى بنى عليها كثيرون أفكارهم ومنهم الكاتب بريمة محمد)، المدرسة الثانية هى المدرسة الأنتشارية السودانية والتى يقول عنها (فإن الكاتب بريمة وإن لم يكن مؤرخاً إلا أن أفكاره ونظرته للتأريخ تشابه أراء المدرسة الأنتشارية التى ترى في تأريخ السودان مجرد تشكل لهجرات خارجية) والشئ المضحك أنظر هذه الجملة التى تتكرر في كتابات الكثيرين ( مثل هذه الأفكار الخطيرة وردت في كتابات غلاة المتعصبين الأوربيين .... وقد أنخرط في صفهم الحازمى السودانى بريمة محمد عام 2004م وهو الذى أسعده الحظ فتحول من مليشى ناقم علي النوبة إلي كاتب في نفس الطريق وسبحان مغير الأحوال) ولماذا تغيير الأحوال إن كنت ما زلت في نفس الخط،. أقول لا لقد تغيرت كثيراً من ركوب الثيران إلي العربات، ومن الظلام الدامس إلي الكهرباء، ومن مجتمع أمى قبيح الخلاق، صلف الاخلاق إلي مجتمع راقى جميل الهندام ناعم الكلام، فقد تحولت تحول أبى فراس الحمدانى حينما أتى به من البادية إلي القصر. هذه السفسطة القولية الجدلية العقيمة تذكرنى بأحد الكتاب من أبناء النوبة فقال في معرض مقاله (إننا لا نكتب كما نتبول) فرد عليه أخر (أنه يكتب كما يتبول ويهر، وكمان في آن واحد)، ومع إبتزال الألفاظ إلا إننى أعجبت بمحتواها وكنت أداوم علي التأمل فيهما لما فيهما من الحكم، فالكاتب الأول يرى أن التبول شئ لا إرادى ولا بد أن نكتب بأرادة، في حين أن الكاتب الثانى يرى أهمية هذه النعم فمن فقدها مات، فهو بالأهمية بمكان أن نكتب كما نتبول ونهر، لأن المسألة مسألة موت وحياة. وظللت أرجح أحدهما علي الأخر دون جدوى، فهى كالجدل البيزنطى عن البيضة والدجاجة أيهما جاء أولاَ، فكتابة الرجل عن تحليل أفكارى كتابة بيزنطية. فإنا لا أكتب تأريخ بل أكتب تحليلاً تأريخياً في كل مقالاتى، وأعتمد على طرق عدة منها الأستنتاج، المقارنة والترجيح. إذا قلت لى أنا نوباوى (هدراى) قلت لك ما دليلك، أذا قلت ها أنا أرطن رطانة الهدرا، فأقول لك أثبت لى أنك لم تتعلمها تعليماً. وإذا أعيتنى الحيلة قارنت ما عرفته منك مع غيرك من قبيلتك ثم أختتم بمقارنة المتضادات، ومن أهم المتضادات في التأريخ النوباوى أن النوبة ينتسبون بلا حدود لنوبا الشمال في حين لا ينتسب نوبا الشمال إلي نوبة الجبال، هل هذا يعنى أن هناك خيار وفقوس وسط النوبة، وكلما توغل الفرد في معرفة الأسباب تتسع الهوة بدل أن تطيق لدرجة تجد نفسك في هوة أو فراغ تأريخى عندها وقفت وقلت أن المعلومات التى بين أيدينا أما غير مقنعة أو ضعيفة وعلى النوبة أن يثبتوا هويتهم التأريخية، فهل هناك عدل أكثر من ذلك. ومن الذى يثبت هويتك وأنت تحمل بطاقتك الشخصية في جيبك لا تريد أن تبرزها، نطالب كاتب المقال أن يساهم إيجابياً في فك إلغاز إرتباكنا التأريخى بأن يدلو بدلوه إن كان بجعبته شئ.

5. هل الأندلس وزنجبار تأريخ مشرف للعرب أم هزائم مخزية، ماذا عن الأفارقة خارج خارطة القارة السمراء، وهل مساهمة الرقيق الأفريقى في أمريكا الشمالية واللاتينية وأروبا توسعاً أفريقيا في القارات البيضاء؟

يتندر الكاتب أو بالأحرى يشمت جهلاً علي هزيمة العرب في زنجبار، وأنهزامهم في الأندلس. وفي كلتى الحالتين كان مخطئاً في نقل المحصلة التأريخية كأنها منفصلة عن ماضيها، فقد قامت في شرق أفريقيا سلطنات عربية عريقة منها الدولة النبهانية التى قامت فى أوائل القرن الثالث حتى 1745م، فقد أزدهرت قروناً وأدخلت تجارة الذهب والعاج، الحرير، والتوابل وزارعة الموز وفن العمارة العربى وغيرها إلي شرق أفريقيا، وقد كانت بالقوة والمنعة التى بها ناطحت البرتغال في مستعمراتها الشرقية في أفريقيا، وواكبت الدولة النبهانية دولة اليعاربة إلي الجنوب منها، في منطقة ممبسا الحالية في كينيا وزنجبار والتى حكمت منذ عام 1624-1741م ويعتقد المؤرخون أن سقوط ممبسا المستعمرة البرتغالية علي أيدى العمانين اليعاربة في عام 1698م كان من الممكن أن يؤدى إلي تأسيس إمبراطورية عمانية عربية على أنقاض الأمبراطورية البرتغالية التى هزمها العمانيون في الخليج العربى، ولكن نتيجة للحروب الأهلية بين قبائل الهناوية والغافرية في عمان تأخر قيام الأمبراطورية العربية حتى قيام دولة البو سعيد عام 1741م والتى أستمر حكمها حتى وقعت تحت الوصاية البريطانية وقد أنتهت الوصاية عام 1963م ونالت زنجبار إستقلالها في 11 يناير 1964 ومازال يحكمها العرب، ثم قام الأنقلاب الذى أطاح بالسلطان وقام بأبادة الشعوب العربية الخليجية، الأنقلابات التى تمت في منطقة البحيرات كانت كلها أنقلابات دموية فأقتتال التوتسى والهوتو يؤكد بربرية تلك الشعوب الأفريقية. أما في حالة الأندلس فقد أنهزم المسلمون وليس العرب، فإن كان للكاتب غيرة علي الأسلام ما قال الذى قال، كل العالم يعرف أن طارق أبن زياد الذى قاد الفتوحات كان من قبائل البربر، وقد دامت الأندلس أكثر من 1700 عام أن أسعفتنى الذاكرة، وذلك يؤكد ضحالة فكر الرجل في قراءة التأريخ. فإن كان ذلك تأريخ مشرف للعرب خارج حدود الرقعة الجغرافية العربية، أين تأريخ الأفارقة خارج القارة الأفريقية؟ هل يمكننا أن نقل أن مساهمة الرقيق الأفريقى في أروبا وأمريكا الشمالية واللاتينية هى توسع أفريقى؟ هل ذلك مدعاة للشماته علي الأفارقة؟ لا. فإن موازنات القوة هى التى رهنت الأفارقة لتلك المآسى التأريخية، وأما إن كان الكاتب يشمت علي المسلمين فنقل لك قد تغير سير التأريخ الأنسانى، وأن الفتوحات الأسلامية اليوم تتقدم أقوى مما تتصور، فقد فتح المسلمون الغرب وتوجد المنارات الأسلامية في كل ركن قصى من أركان الدنيا حتى أستراليا وتتقدم الفتوحات الأسلامية الأن في الصين الشيوعية، فقد تسقط رايات في مناطق ما لتعلو رايات أخرى، فأن الزيادة في تعداد المسلمين تزاد أكثر من غيرهم من الديانات الأخرى، فالنصر أتى إلي كل بقعة في أفريقيا وحتى لو بعد حين. نختتم بهذه المفارقة التأريخية، فالسودان اليوم مقبل علي الهيمنة العالمية بسبب من؟ حتماً نختلف في الأجابة، وذلك هو التأريخ لا يمكن قراءته من زاوية واحدة. ولعلنا ننصف أنفسنا فأننا نقرأ التأريخ من خلال خلفية ثقافية محددة، عربية أو أفريقية، وتلك الخلفية الثقافية تشكل جزء مهم في محتوى تفكيرنا، فإن كان ذلك صحيحاً إذن مقالاتى تعبير صادق عن هوية وثقافة عربية وليس تشكل كاذب لها.

6. الشعب السودانى التائه في المتاهات: الرئيس البشير وقرنق أعداء الأمس أصدقاء اليوم، هل تصلح الأقلية الواعية ما أفسدته الأغلبية الميكانيكية؟

أولاً نتساءل كم يساوى صوت الأقلية الواعية الواحد بعدد أصوات الأغلبية الميكانيكية؟ خرج د. جون قرنق إلي الغابة بنظرية حماية الأقلية ضد مصالح الأغلبية الميكانيكية، وأخيراً بعد صراع عنيف وجد الأغلبية الميكانيكية حقيقة كانت في صالحه ولكنها كانت ناعمة أو في غفوة، فبدأ (يلكزها) حتى تصحو من غفوتها. السؤال الذى ينتظر الأجابة هل الأفريكانية القادمة تستطيع أن تجيب علي التحديات التى واجهة الثقافة العربية: هل الشعب السودانى شعب واحد بثقافات متعددة؟ أم شعوب متعددة بثقافات متعددة؟ أم شعوب متعددة بثقافة واحدة؟ هل الشعب السودانى ذو مستقبل مشترك؟ هل له تأريخ وأرث مشترك؟ وهل الثقافة الأفريكانية سوف تكون المسيح المرتجى الذى يملء الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً، بفساد الثقافة العربية، حتى يرتع الأسد والحمل في سهول البطانة وروابى جنوب كردفان الخضراء ومروجها؟ والكاتب بتذكيره لنا بما تؤول إليه الحال في السودان من بحور الدماء، والذبح والسحل والتى سوف يقتل فيها العرب كما قتلوا في الأندلس وزنجبار قائلاً (وهنا لا نشعر بالشماته لما حدث للعرب في الأندلس وزنجبار ولكن أردنا أن نذكر الكاتب بريمة بالتحول الجديد الذى سيشمل السودان حتماً) وذلك يعنى علي القبائل العربية أن (يبلوا رؤوسهم للزيانة) أو يستعدوا للمعارك القادمة. تلك الأسئلة والمخاوف والشكوك في النوايا جزء من التيه الذى يعيشه الشعب السودانى في دواخله، وماهى الحركات التحررية التى إندلعت في جنوب البلاد شرقها وغربها إلا تأكيداً مراً لحقيقة إختلاف الرؤى المستقبلية. الجدلية الحادة بين الهوية العربية، الأفريقية أو السودانية ماهى إلا تعبير صارخ علي التيه السودانى. الأختلافات الثقافية هى التى قادت إلي إتجاه التمرد في كل حلقات ظهوره الأولى إلي أن يتجه نحو ضرب المجموعات العربية كتعبير عن السخط التراكمى لهيمنة الثقافة العربية في المجال الثقافى، السياسى والأجتماعى، مما قاد إلي تأخر تطور ونضوج الحركات التحررية نتيجة لخوضها في الوحل القبلى الأثنى بدل الأتجاه نحو الرؤية السياسية للمشكل السودانى. وحركة د. جون قرنق، التى قاتلت أكثر من عشرين عاماً، لم تقنع المثقف السودانى الشمالى بجدوى رؤيتها بقدر ما أستطاعت حركة العدل والمساواة بكتابها الأسود، والذى يذكر بصحائف أهل جحنم السوداء، والذى كشف عورة التركيبه السودانية القبلية الفاضحة التى تمتد جزورها عميقة في العمل العام والخاص. فالرئيس البشير وجون قرنق ما هما إلا وجهان للعملة القبلية القاتلة يستمدان قوتهما من معين تلك القبائل النقية (عربية وأفريقية علي التوالى)، أما نحن الشعب السودانى، والذين وصفنا د. قرنق بأولاد الحرام في إحدى نكاته في لقاءه الأخير في أواخر عام 2004م في بلدية فيرفاكس بواشطن، لم نمثل إلا القشرة من البصلة ولن نجنى إلا الفتات. وتلك هى حالنا في جنوب كردفان، فالبقارة والنوبة فصيلين مهمشين تهميشاً مدقعاً، ولكن ما أن تصارع الفرسان، الرئيس وقرنق، لأقتسام الكعكة إلا تصارعنا نحن الصغار علي أطراف الحلبة لنقوى عضلاتنا العنصرية، وما أن أنصرف الكبار حتى أنصرفنا لا نعير أنفسنا لماذا الأقتتال وهل من مخرج لأغلاق الباب أما تكرره. مدخلى لحل المشكل السودانى هو إيجاد صيغة للتعايش السلمى في أى بقعة علي أرض السودان، فلتتفق القبائل فيما بينها وتكتب كتاب عهدها ومواثيقها، حينها نكون خطونا خطوة إلي الأمام، ونجعل ضمن أهدافنا القضاء علي القبلية كما هو في شعار محو الأمية، فلن يتقدم عشر الأمة الواعى دون التسيعن الجهلاء. فإذا فشلنا كما فشلنا الأن فلنمت بعزة (ديوك لا دجاج) وكل منا له مهيرته التى يخشى سلاطة لسانها، والسيد الرئيس بقسمه الغليظ في وجه الأمم الضالة يؤكد إنه جعلى أصيل (وسوف يقضى ليلته خنق) بأذن الله. وأختم هنا، كنت طالباً في أوائل التسعينيات في معهد البحر الأبيض الدولى لأنتاج المحاصيل، وقابلنا هناك طلاب من تونس الشقيق، فسألت أحدهم ما قبيلتك، قال ليس لدى قبيلة، قلت للرجل لماذا (تفزلق، بلغتهم) عليّ، قال لا والله ليس لى قبيلة، فقلت له إذن ليس لديك أصل، قال كيف تقول ذلك وأنا تونسى أصيل. قلت هل من قبائل في تونس (وأنا الميت بالقبلية من الرأس حتى أخمص القدمين)، قال يوجدون في الصعيد في منطقة الهلاليين، قلت له ما الفرق بينكم بدون قبائل وهم بقبائل، قال أينما وجدت قبائل وجدت مشاكل قبلية. فأسررت الباقى في نفسى، ما بالك يا أخى بأكثر من 630 قبيلة وأكثر من 252 لهجة محلية، إنه أبتلاء أبتلينا به وعلينا أن نجد طريقة لمصالحته.

7. خلاصة:

نخلص أن قراءتى لتأريخ السودان وتأريخ البقارة والنوبة خاصة كانت دعوة صادقة للوقوف مع الذات، لنعرف من نحن البقارة ومن هم النوبة الذين يسكنون معنا أو نسكن معهم في المنطقة، وقد أفرزت تلك المقالات حوار ثر وعميق ومثير، منها مقالك، في مجال تأريخ المنطقة ولم أكن أحسب إننا نثبره، وما يؤسفنى أن مثقفى النوبة لم يأخذوها من نظرة أيجابية، بل أخضوعها لأختلافاتنا الأثنية بأعتبارها محاولة للنيل من الكرامة والإرادة النوباوية. ولعل الذى لا يعرفه الكثيرين فقد كانت مقالاتى جسر بين نوبه الجبال ونوبا الشمال، فإبناء نوبا الشمال يقرأونها بعمق أكثر مما يقرأها نوبة الجبال، فهم يسألوننى عن مصادرى ونقاط الأختلاف وهم بعيدين كل البعد عن النظرة القبلية العمياء، وأتمنى أن تكن صلة وصل بين الطرفين، وأتمنى أن ينظر إليها أبناء نوبة الجبال نظرة أيجابية بعيدنا عن القبلية والأثنية ويجعلوا منها حافز للبحث عن المجهول الذى نجهله. وفي نهاية المقال أعيد نشر الفقرة التى أثارها الكاتب كاملة، ليعرف القارئ الكريم هل أنا ضد شعب النوبة وتأريخه أما نوباوى أكثر من النوبة أنفسهم وها هى الفقرة :( فيما يخص التأريخ رأيى واضح راجع مقالاتى وأنا ليس ضد صلة النوبة والنوبا، لكن تظل الحقائق غير موجودة أو غير مقنعة. إذن أنتم النوبة مطالبون بأثبات هويتكم التأريخية. وحتى يأتى ذلك اليوم نظل ننبهكم إلي خطأ التقول علي تأريخ الأخرين. وتظل الحقيقة التى لا تعلوها حقيقة حتى اليوم أن ليس للنوبة تأريخ غير وجودهم في جنوب كردفان وتأريخ السودان الحديث الذى يعلمه الجميع. ولا تفهمنى خطأ بأننى ضد الوجود النوباوى التأريخى، بل تجدنى أفخر بالشعب النوباوى كشعب متفرد في خصائصه وثقافتاته المتعددة والذى عرفناه عن قرب عن طريق الأكل في معون واحد والشرب بكأس واحد، ومن خلال علاقتنا الأجتماعية الفردية والأسرية والقبلية. فنحن نعرف النوبة كشعب النوبة ولا نعرف عن شعوب النوبا في الشمال، فلماذا التسابق المحموم إلي الإنتساب لتأريخ أبناء الشمال؟ هل هذا يعنى البحث عن ذات للنوبة؟ النوبة شعب بذاته ولا يحتاج إلي دعائم تدعمه). فأقرأ الفقرة من النقطة (ولا تفهمنى خطأ ...)، فهل هناك نوباوى تحدث بهذه الروح عن شعب البقارة وحتى اليوم علي مدار 21 عاماً الماضية من عمر الحرب، تلفيق الحقائق وأخراج الجمل والمعانى من مدلولاتها هو السلعة الرائجة، فلنقل الحق حتى لو علي أنفسنا.


بريمة محمد أدم، من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان.
مقيم بواشنطن دى سى، الولايات المتحدة الأمريكية.
9 أبريل 2005

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved