مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

إلى متى يهتف الشعب ضد الأمريكان ؟ بقلم : الصادق احمد عبيدة /فرنسا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/29/2005 8:08 م

إلى متى يهتف الشعب ضد الأمريكان ؟

بقلم : الصادق أحمد عبيدة / فرنسا

لماذا يجب على الشعب السوداني الخروج إلى شوارع العاصمة و المدن الأخرى يهتف طيلة يوم كامل تعطّل فيه عن كسب عيشه "لن نُذل ولن نُهان ولن نطيع الأمريكان" ، والحكومة السودانية لا تكلف نفسها عناء أن تفهمه حقيقة ما يجري وبصورة تحترم عقله؟

فإذا أراد الشعب السوداني أن لا يذل ولا يهان فعليه قبل الهتاف، أن يطالب الحكومة بأن تفعل كما يفعل الأمريكان أنفسهم.. وان تأخذ العبرة من الجزائر و روسيا وصرب البوسنة في تجاربهم مع العدالة الدولية. وان تتذكر الدروس المجانية التي تلقّاه كل من الزعيم القذافي و شارلس تايلر و جان بيرتران ارستيد وغيرهم لا يسعهم المجال في وقتٍ تنتفي فيه قاعدة الزمان والمكان.

1- أما أن يحذو السودان حذو "أمريكا" فإنما نقصد منه أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تأتي خطوة أو تتخذ قرار إلاّ ويكون خلاصةً تخرج بها مراكز الأبحاث المتخصصة تخصصا عاليا، والتي تعمل ليل ونهار من اجل إمداد الإدارة الأمريكية بما تحتاجه من معلومات سابقة لاتخاذ قرار. وهي مراكز مزودة بأحدث ما تحتاجه في مجالات العلوم والتكنولوجيا والاتصال. ويعمل بها المتخصصون في المجالات العسكرية ،الإستراتيجية، السياسية، القانونية والعلمية بغض النظر عن أيدلوجيتهم أو ولاءهم السياسي. لذلك عندما تخرج علينا أمريكا بقرارٍ ما، فان كل ما نفهمه هو أن هذا القرار إنما ينطوي على "أجندة خفية". ويفوتنا أن هذا القرار قد جاء نتيجة بحث طويل وتدقيق في كل كبيرة وصغيرة. ولعل اقرب مثال للأذهان هو قرار غزو العراق والتحضيرات التي سبقته و التي أورد تفاصيلها الكاتب الصحفي الأمريكي الشهير( بوب وودوارد Bob Woodward ) في كتابه القيم بعنوان ( Plan of attack خطة هجوم).

وبذات المنهج ظلت أمريكا بعيدة عن مصيدة المحكمة الدولية أولا بعدم توقيعها ميثاق المحكمة، ثم بتشجيعها لقيام المحاكم الجنائية الخاصة كالمحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافها بل وقد نجحت في أن تجعل احد الخبراء الأمريكيين )ثيودور ميرون (Theodor Meron رئيسا لها. كذلك ظلت أمريكا تمارس ضغوطها على مجلس الأمن للحصول على هذه الحماية الاستثنائية لجنودها وقد استطاعت الحصول على ذلك في يونيو 2002 ثم يوليو 2003، أما في صيف 2004 فلم تحصل على هذا الاستثناء بفضل عنادٍ من فرنسا وألمانيا. أما عملية إصدار القرار الأخير الخاص بمجرمي الحرب في دارفور، والذي يمثل واحدة من حلقات المنافسة التاريخية بين أوروبا وأمريكا ومحاولة كل منهما أن تقود العالم، فقد ظلت أمريكا تعارضه طيلة شهرين مهددة باستخدام حق النقض بل وكانت حجر العثرة أمام الدول الأخرى الأعضاء التي تنوي وضع حد لهذا الوضع غير الإنساني في هذا الجزء من العالم. لذلك كنا قد دهشنا ونحن نرى كبار قيادات المؤتمر الوطني وعلى رأسهم الأمين العام للحزب الحاكم يهتفون، ومنذ الوهلة الأولى بعبارات "ولن نطيع الأمريكان".

2- أما أن تستفيد الحكومة السودانية من الدرس الجزائري فذلك لان العالم لم ينسى للجزائر تلك الجرائم الوحشية من مجازر واختفاء واختطاف والتي وقعت إبان الحرب الأهلية التي انتظمت البلاد مطلع التسعينات، عقب إلغاء الانتخابات التي كادت أن تأتي بجبهة الإنقاذ إلى السلطة. ولكي تكسب الدولة الجزائرية المجتمع الدولي الذي تحتاجه للخروج من أزمتها، واحتراما لذاكرة وضمير شعبها قامت بعدة إجراءات قانونية كان آخرها أن كوّنت لجنة لتقصي الحقائق وضعت بين يدي الرئيس بوتفليقة تقريرا من خمسين صفحة يعترف بتورط النظام في أعمال العنف ضد المدنيين. ويؤكد التقرير الذي سُلّم للرئيس في 31 مارس الماضي(جريدة اللوموند الفرنسية بتاريخ 5ابريل2005) إن عناصر من الأمن والاستخبارات مسئولة بصورة شخصية عن اختفاء 6146 مدنيا، وتلتزم حكومة بوتفليقة بالقيام بكل الإجراءات اللازمة لمحاكمتهم.

لذلك وقبل أن يردد كبار رجالات الخرطوم عبارات عبر الفضائية السودانية مثل "خائن خائن ياعنان رجالنا في الميدان"، كان الأحرى بهم في مثل هذه الملمات والكوارث أن ينتظموا ، وبسرعة ، في خلايا للازمات و مجموعات عمل متخصصة لدراسة وتحليل مثل هذه القرارات وبحث كيفية التعامل السياسي و الدبلوماسي والقانوني معها. وان يتذكروا أن الأمر إنما يتعلق بقرار أممي صادر تحت البند السابع وليس نتيجة مباراة رياضية نهتف في نهايتها "التحكيم فاشل". فانه ليس مقبولا على الإطلاق أن تقتاد الحكومة شعبها إلى حيث لا يعلم. ومهما يكن من أمر فان الشعب ، بطريقة أو بأخرى ، سوف يمتلك الحقيقة كاملة وحينئذ تكون "عودة المَانِفِلّة قوية جدا". أما أن تحترم الحكومة شعبها و تطرح له الأمر بشفافية وذكاء، فهو سوف يقف معها و يساعدها في الخروج من هذا المأزق، على الأقل بدافع من الوطنية.

3- وهذا ما تفعله الآن الحكومة الصربية إزاء ملفاتها الوسخة في ما يتعلق بجرائم حرب البلقان الشهيرة. فقد قامت بإقناع عشرات من القادة العسكريين المتورطين الفارين بتسليم أنفسهم, وقد كان الجنرال راتكو ملاديتش آخر الذين سلموا انفهم بعد عشرات السنوات من الفرار.ولعل الدرس الذي يجب ان تعيه الحكومة السودانية هنا، هو انه و حسب ما ورد في الفاينانشيال تايمز بتاريخ 5 ابريل 2005 أن ملاديتش قد سافر بنفسه إلى لاهاي ووضع نفسه بين يدي العدالة. و يُذكر أيضا أن جميع القادة الصرب الذين سلموا انسفهم أخيرا قد صرحوا بأنهم أنما يقومون بذلك من اجل مصلحة بلادهم التي تسعى للدخول في الاتحاد الأوربي و الذي يشترط في كل مرة تسليم هؤلاء الفارين إلى المحكمة الدولية.

4- وفي المقابل فان الحكومة السودانية مطالبة بالتروي مليّا قبل أن تحذو حذو العقيد القذافي الذي تعنّت و اقسم ان لا يُسلّم الليبييَن المتهمَين في حادثة تفجير طائرة لوكربي. معرضا بذلك بلاده وشعبه للحصار و الدمار عشرات السنوات ثم عاد وتراجع عن كل ذلك وسلم المتهميَن مع دفع ملايين الدولارات تعويضا لأسر الضحايا، وهو أمرٌ لا طاقة للشعب السوداني به.
5
- كذلك يمكن لعقلاء الخرطوم مراجعة الدرس الليبيري تحت قيادة تشارلز تايلور الذي اغرق بلاده في الفوضى والفساد والاتجار بالسلاح والمخدرات واستغلال الأطفال حتى أعلنته الأمم المتحدة مجرم حرب فاضطر تحت ضغط المجتمع الدولي للخروج من بلاده هاربا إلى نيجيريا في صيف العام 2003.

6- آخر الأمثلة حتى لا نطيل هو الدرس الهايتي حيث قاد الرئيس السابق جان بيرتران ارستيد بلاده الى الفوضى والفساد والفقر والمحسوبية. فتعرّض اثر ذلك لضغط عسكري شعبي في الداخل، و تمكنت قوات المعارضة من احتلال اغلب المدن الرئيسية في هايتي. فتدخلت كل من باريس وواشنطون وأعلنتا مسؤولية ارستيد عن الأوضاع غير الإنسانية التي عمّت البلاد واُجبر بذلك على توقيع وثيقة الاستقالة من منصبه في فبراير عام 2003 واللجوء إلى إفريقيا الوسطى.

الوضع الإنساني في دارفور يزداد سوءا يوما بعد يوم. ملايين من الأطفال والنساء في العراء يعانون الجوع والخوف والبرد والمرض. ومسئولية الحكومة الأولى في الوقت الراهن هي توفير الأمن والغذاء والدواء، وبصورة ملحة. لذلك فان هتافات الحكومة "بنظريات المؤامرة" و "الأجندة الخفية" ليس إلاّ هروبا من هذه المسؤولية، فإلى متى يهتف الشعب ضد الأمريكان و"يحفر تحت الشجرة الخطأ"؟

بقلم : الصادق احمد عبيدة /فرنسا

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved