مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

حتى لا تجقلب الخيل.. بقلم صلاح شكوكو

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/29/2005 7:48 م

حتى لا تجقلب الخيل

( صلاح شكوكو )

أمثال كثيرة تنطبق علينا .. البعض منها يلامس الواقع والآخر يدور بصورة أو أخرى حول ذلك الواقع المر .. وفي مخيلتي صور شتى للحالة المزرية التي نحن فيها .. لكنني جلست أضحك بيني وبين نفسي وأنا أستحضر المثل القائل :- ( الخيل تجقلب ويذهب الشكر لحمدان ) لكن التركيبة الذي جاء على سياقها المثل فيها أخذ وعطاء ..

المتأمل في هذا المثل قد يستغرب أن يكون المثل شعبيا وسودانيا ويجـــــد الخيل في صـــــدره بينما ( الحمير ) أكثر شعبية في حياتنا وبيئتنا من الخيل .. تماما كالذرة والقمح .. لأن الذرة هي غذاء غالبية أهل السودان بينما القمح غذاء لسكان المدن لذا فإن أي مثل يدور بينهما ينبغي أن يدور حول الذرة في المقام الأول .. وبهذا المنطق كان ينبغي للحمير أن تجقلب كما تشاء .

أما الجزء الثاني من المثل فقد ورد فيه إسم لشخص وهو ( حمدان ) وهو إسم ليس شائعا في كل مناحي السودان .. بل ليس إسما شعبيا من الدرجة الأولي كعبدالله ومحمد أحمد وغيرهما .. ولسنا هنا في مقام تجريد هذا المثل من جنسيته ولكن نحاول أن نفند المثل ليلامس واقعنا خاصة في ملامسة الجانب الرياضي فيها .

فلو تأملنا كلمة ( جقلبة ) فإننا سنجد أنها تقابل كلمة ( جلبـــة ) والجلبة هي الفوضى .. والفوضى سمة من سمات واقعنا الرياضي وإنكساراته ووهدته .. ولعل الناس لم تفق بعــــد من وقع هزيمة المقاولون العرب لفريق المريخ وهو قـــاب قوسين أو أدنى من النصر بعــد تقـــدمه بالخرطــــوم .. حيث كانت مباراة الرد فرصـــة للمريخ لتوجيه المباراة والمحافظة على النصر وتلقين الفريق المصري درسا يعيد به للكرة السودانية بعض كرامتها المهدرة دوما في شمال الوادي .

والذين شاهدوا المباراة عبر التلفاز أدركوا من الوهلة الأولى أن سبب الهزيمة المركبة لم يكن بسبب الأداء المتقاعس للاعبين بحسب .. بل لعلهم أدركوا بفطنتهم أن الخسارة هي في الأساس بسبب الروح الإنهزامية التي يتحلى بها اللاعب السوداني من خلال التركيبة الهشة التي تتجلى في سوء تقديره للمواقف والتي تظهر في شكل تعاطيه مع الأحداث وردود أفعاله اللا مسؤولة .

ولقد جلست طيلة المباراة لأشاهد جملة تكتيكية واحدة تدلل على أن المريخ قد جاء الى هذه المباراة بإستراتيجية محـــددة فيها سعي مقنع يقود للنصر خاصة وأن المريخ قد ظل في معسكرات متواصلة حتى موعد هذه المباراة ولم أجد أثرا لذلك إلا في لعبة واحدة كانت في شوط المباراة الأول حين أخذ الكرة فاروق جبرة ليحولها لوسط في حركة تموهية لينطلق جبره مع خط التماس للأمام بدون مراقبة لتلعب له الكرة ويشكل لعبة مدروسة نحو المرمى .. وبعدها إنتهى كل شيء ولم نعد نشاهد شيئا يمت للكرة بصله .

ولو عدنا للوراء قليلا وتأملنا مباراة المريخ في مدغشقر بذات التشكيلة فإننا بالتأكيد لن نرى فريقا يمكن أن نثق فيه لأحراز النصر وحتى المباراة التي كانت بالخرطوم وإنتزع فيها المريخ النصر لم تكن فنيا في المستوى المطمئن .. حتى جاءت مباراة المقاولون بالخرطوم والتي أيضا إنتصر فيها المريخ بأداء ضعيف ( لا يشبه تاريخ هذا النادي العريق الذي قهر أعتى الفرق الأفريقية بل ظل الى أمد قريب هو النادي الذي يحفظ للكرة السودانية ماء وجهها ) .. لكن الثلث الأخير من تلك المباراة فقط هو ماكان مقنعا خاصة بعد دخول عبدالحميد السعودي .

فلو إستصحبنا كل ذلك وأضفنا إليه الأداء الجنائزي الذي قضى عليه طرد اللاعب بدرالدين الذي خرج من المباراة بذات السيناريو المعهود في اللاعب السوداني و الذي يُهدي الخصم خروجا من النص والملعب دون خسائر في الطرف الآخر معيدا ذات السيناريو الذي خرج به لاعب الهلال في مباراة الترجي الشهيرة .. ذلك الأسلوب الذي يوضح بجلاء عدم قــدرة اللاعب السوداني في إدراك الواقع الذي حوله ..

وهكذا إستطاع المقاولون تحويل المباراة الى فيلم كارتوني يشبه أفلام ( توم آند جيري ) حيث إنهار المريخ فجأة وتسييّد المقاولون المباراة بلاعبين ( نص عمر ) وحولوا الملعب الى مرقص وأحدثوا بفهلوة المصريين ( جلبة ) أحرزوا خلالها ما كانوا يرجوه من أهداف بينما الكاميرا ترصد لنا الوالي يمضغ المرارة وهو جالس في المقصورة الرئيسية .

هذا المشهد أعادني للمربع الأول حيث كانت الصحافة قد كالت للمريخ كل صنوق الذم والنقد السلبي بعد هزيمته في مدغشقر ثم جاء الإعلام ليجعل المريخ في قمة المدح والتطبيل يوم إنتصاره في الخرطوم ثم عاد الإعلام ليقوم بذات الدور الإطرائي المسرف وذات الجلبة المعهودة بعد لقاء المقاولون الأول حتى خيل للاعبين أنهم أبطال حقيقيون فتوهموا حقيقة لا تلامس تراب الواقع وإنهاروا في أول المواجهات ليجدوا أنفسهم في خواء جردهم من الوهم الكبير .

وهاهي ذات الأقلام تهاجم المريخ بضراوة بينما هي التي خلقت هذه الحالة في اللاعبين بل سيظل الإعلام يقوم بهذا الدور السلبي الذي يدور بين الشد والجذب ليخلق حالة من ( القلق ) في سلوكيات اللاعبين والمشاهين من خلال رسمه لواقع غير موجود ودور سالب في عملية التقويم والبناء .. فبدلا من أن يقوم الإعلام بعمليتي الإنتقاء والتعليم .. هاهو يقوم بدور سالب يفرَغ من خلاله الممارسة من محتوها لتصبح الممارسة مسخا مشوها .. لغياب النقد والتحليل العلمي المبني على الإحصائيات والرصد والإستقراء .

حتى المدربين والمحللين الذي يتحفنا الإعلام بهم لتحليل المباريات ورصد أحداثها تجدهم غير قادرين على التحدث بلغة مقنعة حتى دب اليأس والقنوات وأصبح الناس يشككون في قدرات المدربين والرموز الرياضية وقدامى اللاعبين .. وكأننا أصبحنا أمة خاوية في كل شيء حتى مجرد الحديث والكلام والفهلوة .

إن ما حدث للمريخ اليوم كان قد حدث للهلال من قبل وقد حدث قبلها للفريق القومي الذي يسمى زورا بالمنتخب القومي ( والإنتخاب يختلف عن التجميع ) وسيظل الحال على هذا المنوال الى أمد بعيد .. لأن الشواهد تؤكد أننا أمة لا تحسن الإجترار .. وأمة ذاكرتها مثقوبة .. لا تتعلم من الأخطاء .. تحركها الأحداث بمفهوم رزق اليوم باليوم .. أمة لا تنظر أبعد من أقدامها .. لا تعرف التخطيط .. تتعامل مع الأحداث بردود أفعال آنية .. تقول كل ما تعرف ولا تعرف كل ما تقول .. أمة كلها عيوب لكنها لا ترى إلا عيوب الآخرين ..

نعم إنهزم المريخ اليوم .. وسينهزم غدا كذلك .. وسينهزم الهلال .. بل سينهزم السودان بأكمله طالما أننا ندير الرياضة بهذه العشوائية وهذا الفكر المثقوب .. حياتنا كلها الهلال والمريخ وبقية الأندية ( مجرد ديكور ) نزين بها العملية الرياضية بينما تكمن قوة الهلال والمريخ في وجود منافسة حقيقية قوية .. يدعمها بنيان هرمي قوامه المراحل السنية .. لتموت المبادرات الشخصية والوسطات التي تسجل وتشطب .. وبعدها نسأل المدربين عن النتائج !!! فهل يستقيم الظل والعود أعوج ؟؟؟ .

كلمات متقاطعة :-

• متى نترك الجقلبة .. والجلبة .. ونتحول الى ممارسة واقعية علمية حقيقية ؟؟ ومن المسؤول عن هذا التحول ؟؟ لا أعتقد أن شداد يمكن أن يكون همه الآن فعل ذلك .
• أتمنى أن يكتفي التلفزيون بتلفزة شوط المباراة الأول من أي مباراة دولية يكون طرفها فريق سوداني .. خاصة التي تلعب خارج السودان .. حتى لا نشهد الكارثة .
• حاولت أن أوطن نفسي على أن أتابع الأخ / سيف الدين علي وهو يقوم بالتعليق على مباراة المريخ بمصر لكنني لم أستطيع .. لأن معلق مباريات ( تلي ماتش ) ينفعل حتى يجذبك لمتابعته .. بينما ما زال سيف الدين تائها .. أصحى ياراجل .. فالمصريون نقلوا المباراة الأولى من الإستديو وكان المذيع منفعلا وكأنه في الخرطوم ..
صــلاح محمــــد عبـــد الدائم
( شكــوكو )
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved