مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

ملامح من العلاقات السودانية النرويجية بقلم محمد الزين محمد-أوسلو

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/2/2005 8:55 ص


ملامح من العلاقات السودانية النرويجية

2-2

محمد الزين محمد ، أوسلو

[email protected]

أكتملت التحضيرات في العاصمة أوسلو لاحتضان مؤتمر دولي للمانحين يعقد في 11 و12 من أبريل لإعادة إعمار السودان بعد انتهاء الحرب الأهلية في الجنوب، وفي ذات الوقت ستستضيف أوسلو من 7 ـ 8 من نفس الشهر ورش عمل لمنظمات المجتمع المدني التي تعمل في السودان لرفع تقييمها. و إن مؤتمرا للمرأة السودانية تحت عنوان المرأة الشمالية والجنوبية، سيعقد في 10 أبريل والذي تنظمة وزارة الخارجية النرويجية، وإن زوجة د.جون قرنق ستكون بين المشاركات في أعماله.

ولاهمية مؤتمر المانحين ستشارك أكثر من 30 دولة ومنظمة دولية، وفي المقدمة منظمة الامم المتحدة وسوف يشارك الأمين العام، كوفي أنان، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية. وعن الحضور الحكومي سيشارك النائب الأول علي عثمان إلى جانب الدكتور جون قرنق .

تشير التقديرات إلى أن إعادة الإعمار في جنوب السودان بحاجة إلى حوالي 8 مليارات دولار أميركي، وإن الحكومة السودانية ستوفر 65% من هذا المبلغ، وانه يأمل من المانحين الدوليين أن يعملوا على توفير ملياري دولار بعد انتهاء أعمال المؤتمر. ونتسأل عن مصادر تمويل الحكومة ( 6 مليار دولار) أهي من النفط وثروات السودان وجباية الضرائب من الرأسمالية الطفيلية أم من رفع الدعم الحكومي لما تبقي من خدمات للمواطن، والتمادي من سياسة الخصخصة ؟

الاتهامات ضد المنظمات النرويجية:حقيقة أم مكايدة

ظلت حكومة الانقاذ تردد إتهامات بتورط النرويج في دعم لوجستيك للحركة الشعبية، والان، وبعد التوقيع علي اتفاقية نيفاشا اصبحت الاتهامات بان الدعم النرويجي لمقاتلي دارفور. وكثرت الاتهامات بواسطة متنفذين في النظام والخلط بين أعمال المنظمات الغير حكومية والحكومة النرويجية، الخلط في أهداف الاغاثة الموجه لحاجة المواطنين وبين احتكار الحكومة للاغاثة واستخدامها كسلاح، مثلما استخدم الطعام كسلاح في حرب الجنوب.والمنظمات النرويجية لها تجربة من الستينات عندما عملت في جنوب السودان، وهنا تجدر ضرورة الاشارة الي المنظمتين الاكثر أنتشارا في العالم والسودان في الاعمال الانسانية والأكثر جدلا مع حكومات الدول التي تعاني من نزاعات.وهما:

منظمة العون الشعبي النرويجية Norsk Folkehjelp، واختصارها بالانجليزيةNPA ، والتي تأسست عام 1939م ،ورئيستها الان Grete Faremo لدورة 2003-2007م ،وهذه المنظمة لعبت دور كبير في اتفاقية اديس ابابا 1972م مع منظمة العون الكنسي، لها برنامج تنموي وبتمويل كبير تجاوز مئات الملايين من الكرونة النرويجية، ويحتوي البرنامج علي ما يلي:

1- الامن الغذائي. 2- العناية الصحية. 3-تنمية المجتمع. 4- دعم المؤسسات المحلية. ولمنظمة العون الشعبي النرويجي العديد من المشاريع ليس في السودان فقط بل في غالبية دول العالم الثالث وبرامجها بمئات الملايين من الدولارات، والمتحصل عليها من تبرعات النرويجين، أفرادا وشركات، وبالتالي هناك رقابة مالية وادراية وقانونية علي اعمال المنظمة، وأعمالها تتصف بالشفافية. ويتذكر الكثيرون عندما إدعت حكومة الانقاذ في عام 1999م بان المنظمة تقوم بنقل أسلحة الي الجيش الشعبي، وهنا في أوسلو فتحت أجهزة الاعلام الحر هذا الملف - حيث لا رقابة أمنية عليها الا بالقانون الذي يفرق بين حرية الصحافة والتجاوز بالاساءة للاخرين- وتقدمت المنظمة بدعوي ضد التلفزيون النرويجي الذي قدم برنامج يتهم المنظمة بذلك، وكسبت المنظمة الدعوي بعدم ثبوت ترحيلها أسلحة الي الجيش الشعبي. وهذا يدل علي حرية الاعلام (قل ما تريد وتحاسب أمام القانون)، وبطلان الادعاء بواقعة ترحيل السلاح.ومازالت تعمل المنظمة في الاغاثة في دارفور بالاضافة لمشاريعها القديمة في الجنوب ، والان بصدد مشاريع جديدة لمرحلة بعد إيقاف الحرب.

منظمة العون الكنسي النرويجي Norsk Kirkens Nodhjelp ويرأسها الان Atle Sommerfeldt ، وتأسست في عام1945م، وأشتهرت في أواخر عام 1969م في تقديمها المساعدات في مجاعة نيجيريا ، كما كان لها دورا كما أشرنا في أتفاقية أديس أبابا، وصرفت المنظمة في أعمالها الانسانية والتنموية خلال فترة السنوات العشرة 1973 – 1983م أكثر من 40 مليون كرونة نرويجية، وتوقفت الاعمال باندلاع الحرب مرة ثانية في مايو 1983م.

وللمنظمتين أيضا مشاريع في جبال النوبة وهي الان محمية دولية منذ يناير 2002م بعد اتفاقية سويسرا، والوجود العسكري بمنطقة جبال النوبة من الدول النرويج والسويد والدنمارك وبريطانيا وامريكا وهولندا و سويسرا و إيطاليا، برئاسة العميد النرويجي يأن أريك، وتمويل العمليات والمراقبة تكلف 9 مليون دولار ، تدفعها الدول المذكورة بالاضافة الي كندا و بلجيكا و المانيا. وأوضاع السودانيين في جبال النوبة الان في أحسن الاحوال مما كان عليه الحال من القتل الجماعي، والمجاعة.

وفي دارفور قدمت منظمة العون الكنسي مشروع إغاثة 500 الف نازح بتكلفة 25،6 مليون دولار بتمويل مشترك مع منظمات أخري، وذلك خلال 18 شهرا، وتتضمن أحتيادات المساكن البلاستكية و الخيم و البطاطين وصحة البئية ، الماء، تأهيل الطلمبات، والصحة العامة من عيادات طبية وادوية، وما زالت تعمل الا أنها تواجهة إشكاليات أمنية وتتمظهر في إشكاليات التنسيق مع مفوضية العون الانساني .وأعمال المنظمة ليست سرية ويمكن اللقاء المباشر والتنسيق مع مسؤول العمليات Bjorg Mide ، بدلا من توجية الاتهامات التي لا تفيد ولا تغني، وحتي لا ينطبق فينا المثل السوداني:

عايزين يدفنوا أبوه ، قام دسه المحافير.

أود أن أخلص لشئ هام هو أن العمل الانساني الاجنبي ينبغي التعامل معه وفقا للقوانين والاعراف الدولية، وليس في إطار ضيق بضرورة أن يصب العمل الاغاثي الدولي في المواقع التي تسيطر عليها الحكومة، ويحرم المواطنيين في المناطق تحت سيطرة الاخرين، لان هذه المساعدات إنسانية دولية بغض النظر عن الجنس او العرق او الدين أو المذهب السياسي وليست مساعدات حكومية تخضع لاجندة سياسية. و يؤكد هذا القول في تجربة شريان الحياة في جنوب السودان ومحاولات الحكومة استخدام الطعام كسلاح لتجوبع المواطنين، ولا ينبغي تكرار التجربة في دارفور.

من جانب أخر لاشك أن أجهزة المخابرات تنظر للعاملين في المنظمات الانسانية كجواسيس ، وهذا أمر وارد، ولكن ليس هذا هو هدف المنظمات وليس كل العاملين جواسيس، وهنا لا بد من أن نكون أكثر دقة في تعريف الجاسوس ومهامه، لان الكثير من البلدان ذات النزاعات مثل السودان والنزاع في الجنوب او دارفور، لا ترغب الحكومة في تسريب اخبار و تفاصيل المأساة، المجاعة ، عدد الضحايا، الامراض ، الجرائم ضد الانسانية، وتعتبر الحكومة هذه المعلومات أمنية وسرية للغاية، وبكل تأكيد هذه معلومات هامة للنشر لصالح أهل السودان والمجتمع لتقديم المساعدات والعالم أصبح قرية ، ومازالت الحكومة تقول وتكرر بأن ضحايا دارفور بين 5-7 الف مواطن! وأقل تقدير دولي يقول العدد تجاوز 70 الف قتيل.فما هو الرقم الصحيح؟ خاصة أن حجم الدعم الدولي يأتي علي حجم المأساة وعدد القتلي والمتوقع موتهم بالمرض او الجوع او الرصاص. فكلما كان رقم الضحايا أقل كان الدعم الدولي أقل وكلما كانت مأساة كبيرة كان الاهتمام والدعم كبير.

في خاتمة هذا الجزء أود ذكر حقيقتين: الأولي: أن غالبية قيادة الاحزاب السياسية ووزراء الحكومة، أغلبهم كانوا من الناشطين في هاتين المنظمتين الكبيرتين، وبالتالي التدريب علي الاعمال الانسانية مدخل لاحتراف السياسة والعمل العام في النرويج، ومثال للوزيرة هيلدا (عضو مجلس ادارة NCA في الفترة 1996-1997م . والحقيقة الثانية: و بالرغم من ان المنظمتين غير حكوميتين ومستقلتين فتقاريرهما تجدا الاعتبار الكافي والاخذ بالمعلومات الواردة فيهما بواسطة متخذي القرار السياسي، وبالتالي العداء السافر والمعاكسات الغير موضوعية تجلب التباعد والتوتر في العلاقات السودانية النرويجية، فالمنظمتين تجد الدعم والاحترام من الشعب النرويجي بشكل غير محدود.

المواقف النرويجية لتعزيز العلاقات السودانية النرويجية

الحكومة النرويجية في سياساتها الخارجية تنتهج العمل الانساني الاغاثي وتسوية النزاعات لتمتين علاقاتها الخارجية دون التورط في أعمال حربية عدائية، لذلك نجد أن علاقات النرويج بالسودان أخذت 4 محاور الأول: السلام في الجنوب(أديس ابابا و نيفاشا)، وحاليا اجتهادات لحل أزمة دارفور. الثاني: المساعدات الانسانية ( الجنوب والغرب والشرق)، الثالث: المجال العلمي والاكاديمي (دعم الجامعات وخاصة جامعة الخرطوم، ومشروع البحر الاحمر، والعلاقات المتميزة مع جامعة بيرجن، ومنح الدراسة بجامعة أوسلو وخاصة في مجال صحة المجتمع).

أما ماهو متوقع في المحور الرابع وهو رهين بتحقيق السلام وهو المحور الاقتصادي والاستثماري، وهو ضعيف لاسباب الحرب ،وفيه فرص جيدة في مجال البترول. والنرويج تعد ثالث اكبر مصدر للنفط في العالم بعد السعودية وروسيا، يصل عدد الفقراء النرويج الى 400 الف شخص من بين سكانها لأن دخل كل منهم يقل عن 17 ألف دولار سنويا، ويبلغ متوسط دخل الفرد في النرويج 33.6 الف دولار سنويا، وذلك وفق التقرير الإجتماعي الصادر من الإتحاد الاوروبي حول الفقر. في حين ان الحكومة النرويجية تعتبر ان مستوى الفقر في النرويج هو من يقل دخله عن 11.7 الف دولار سنويا ويمكن لصاحبه ان يطلب مساعدة من الضمان الاجتماعي. حيث اعتبر ان متوسط دخل الفرد في النرويج يصل الى 33.6 الف دولار سنويا. وبالرغم من ان متوسط الدخل مرتفع الا ان نسبة الضرائب تتراوح مابين 36 % الى 50 % اضافة الى غلاء المعيشة. وتمول الحكومة النرويجية 74 % من ميزانيتها البالغة نحو 100 مليار دولار سنويا من دافعي الضرائب والـ25 % الباقية من عوائد مبيعات النفط والغاز، وباقي عوائد النفط، توضع في صندوق اجيال المستقبل والذي يضم حاليا 140 مليار دولار أميركي تستثمر في اسواق الاسهم والسندات الدولية وغيرها من المشاريع في الخارج. وبالتالي سوف يستفيد السودان بصداقته للنرويج، والنرويج ليست دولة إستعمارية أو لها أطماع في موارد السودان، لان ميزانيتها لعام تحل مشاكل السودان لعقد من الزمان.

وبالتالي ضرورة فتح آفاق مع شركة البترول النرويجية الاوليStatoil والتي تأسست في عام 1972م وأصبحت الشركة الاولي في النرويج في عام 1981م، والشركة الثانية هي شركة Hydro والتي تأسست في عام 1970م، وبالتالي لابد من المتنفذين في الحكومة التعامل لمصلحة السودان الاستراتيجية، وليس إفتعال المعارك الجانبية والتي تؤثر سلبا في مستقبل العلاقات السودانية النرويجية.

و قد قالت الوزيرة الشابة والنشطة هيلدا جونسون وزيرة التعاون والتنمية النرويجية أن مفتاح الحل لأزمة دارفور الآن هو تعزيز دور بعثة الإتحاد الأفريقي ومساعدتها لاداء مهامها على الأرض. و أن الاتحاد الافريقي يضطلع بدور كبير على الأرض ويحتاج إلى دعم كبير وتعزيز لدوره حتى يتمكن من انجاح مهمته. وان الوقت قد حان لايجاد تسوية للنزاع في دارفور حتى يكون السلام شاملاً داعية إلى ضرورة البدء في تنفيذ اتفاقية السلام بين الحكومة والحركة الشعبية والعمل على انجاح الاتفاقية بالتفاف كافة القوى السياسية السودانية حولها والعمل على جعل الوحدة الوطنية جاذبة لكل السودانيين. و ان السلام يحتاج إلى تأمين احتياجاته الإنسانية والتنموية والفنية ، وأن الأسرة الدولية شريكة في تأمين هذه الإحتياجات الضرورية دون أي تقصير أو تباطؤ حتى لا يكون السلام ناقصاً. كذلك قررت النرويج رفع تمثيلها الدبلوماسي بإقامة سفارة مقيمة وسفير مقيم وقنصلية بمدينة جوبا. بعد هذا الحديث الرسمي، هل نحتاج لافتعال معارك جانبية مع النرويج؟ من له المصلحة في إفساد علاقات السودان بالنرويج وبغيرها من الدول الصديقة والشقيقة؟. لا شك أن حكومة الانقاذ مازالت تعاني في سياستها الخارجية من تعدد أجهزة العمل والاتصال الخارجي والتي تتمظهر في تعارض وتناقض في تصريحات و رؤية المسؤلين الحكومين، وهذا مما يؤثر سلبا علي مسيرة التعاون بين البلدين .خاصة وان طرف الشراكة الاخر (الحركة الشعبية) له علاقات متميزة مع النرويج وبالتالي تساعد هذه العلاقة في الدفع بالمسيرة الي آفاق أرحب .والعلاقات الدولية المتزنة تأتي وفق رؤية قومية شاملة وتقدم في طبق نظيف وعلي طاولة نظيفة حتي يتقبلها الطرف الاخر، وليس بالمكايدات والاتهامات الباطلة.

لكي يخرج مؤتمر أوسلو بنتائج إيجابية لا بد من مشاريع قومية وبرقابة دولية درءا للفساد

لا شك أن الكثيرون تابعوا الاجتماع التحضيري السابق لمؤتمر أوسلو للمانحين الذي شهد جدلاً حامياً بين ممثلين للحكومة ومانحين دوليين الذين أنهوا جولات ميدانية لـ 14 موقعاً بمختلف مناطق السودان لجمع المعلومات وتقدير الاحتياجات للفترة المقبلة، حيث طالب المانحين الحكومة بالاعتماد على مواردها الذاتية لمقابلة احتياجات التنمية و ما انجزته الحكومة لمقابلة الحاجات الملحة. والجولة الميدانية للمانحين توصلت الي أن مناطق الشرق تواجه ظروفاً صعبة بسبب الافتقار للخدمات الاساسية والفقر المستوطن المؤدي لسوء التغذية . وضرورة التمويل الفوري لمساعدة العائدين قبل الخريف، بجانب حتمية اصلاح الطرق والسكك الحديدية وازالة الالغام كخطوة ضرورية لضمان حرية الحركة للناس والسلع. المانحين اسهموا على مدى الثلاثة أشهر المنصرمة بنحو 380 مليون دولار من جملة 1،5 بليون المرصودة لخطة عمل الامم المتحدة في السودان لعام 2005م.وأقرت المنظمة الدولية بعدم توازن الموارد واشارات الى ان 75 % من الدعم ذهب للمساعدات الغذائية في دارفور. ومن جانب أخر ضرورة تمويل الدول المانحة ل برامج مكافحة الالغام، وهي كندا، فرنسا، اليابان، المانيا، ايطاليا، هولندا . والان المجتمع الدولي -وهم الدول المانحة- يطالب بضرورة استمرار الضغط الدولي على الحكومة السودانية من اجل نزع سلاح جماعة الجنجويد وتقديم قائمة ال51 الى المحكمة الدولية . فهل يشترط بعض المانحين الدوليين لكمال عقد مؤتمرهم الرئيسي لاعادة اعمار السودان وتحديد المبالغ المخصصة لذلك، ان يتم توقيع اتفاق سلام بين الحكومة السودانية ومقاتلي دارفور؟.

مشاريع قومية برقابة دولية

حقيقة الصراع في السودان نتاج لازمة شاملة إقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ، وكان التميش القافي مدخلا للتهميش التنموي ، والان فرصة للسلام من خلال التنمية، وطالما أبدي المجتمع الدولي المساعدة ، فيا مرحبا، ولكن ولما سمعناه وشاهدناه من فساد أزكم الانوف في المال العام، والتفاصيل في محاضر وتقارير ديوان المراجع العام ونيابة الثراء الحرام والمال المشبوه، فأهل السودان يتسألون هل ستذهب أموال المانحين لتنمية المناطق المتضررة بسسب الحرب و الي مصارفها الحقيقة المتفق عليها، أم ستصبح كأموال الزكاة وأولوية العاملين عليها. خاصة وأن الحكومة تقدم برنامج السودان الموحد الذي يشمل نحو ألف مشروع، جاهزة من أجل التنمية في الجنوب، تمهيدا لعرضها على الدول المانحة في المؤتمر بتكلفة نحو 150 مليار دولار، والسؤال ماهو رأي الدول المانحة، وخبراء الأمم المتحدة، والبنك الدولي بعد دراسة وتقييم هذه المشروعات قبيل عرضها علىالمؤتمر؟. ويقال أن إجمالي ما قدم من التزامات الصناديق العربية التي أقرتها الجامعة العربية لدعم مشروعات التنمية في جنوب السودان والمناطق التي امتدت إليها الحرب، يبلغ نحو 180 مليون دولار، مشيراً الى انه من المخطط ان يبلغ اجمالي الالتزامات العربية نحو 300 مليون دولار. ونتسأل ماذا تم في مؤتمر للاستثمار العربي في السودان، فما هي المبالغ المخصصة له و ما هي نوعية المشاريع؟ والسؤال أيضا هل يكفي إعلان بريطانيا ودعمها للسودان بـ «100» مليون جنيه استرليني في مؤتمر المانحين بجانب امريكا التي اعلنت عن دعمها بـ «600» مليون دولار تدفع مباشرة الى صندوق دعم المانحين. هل تكفي للإفاء بمستلزمات تعمير ما دمرته الحرب أو مشاريع في بقية المناطق المتضررة من السودان؟ وسدا للذرائع لابد من رقابة مالية دولية .

ترشيحات جائزة نوبل للسلام: الواقع والطموح

قيل أنه تم ترشيح الرئيس عمر البشير و نائبه الأول علي عثمان طه، وزعيم الحركة الشعبية جون قرنق، بالاضافة الي وزيرة التنمية الدولية النرويجية هيلدا يوهانسن رسمياً لنيل جائزة نوبل للسلام، تقديرا لدورهم في إنهاء الحرب الأهلية في جنوب السودان. و أن هذه الترشيحات، التي تتم عادة من قبل حائزين سابقين للجائزة، وأكاديميين وسياسيين وبرلمانيين، وصلت إلى اللجنة في نهاية يناير الماضي، وهو الموعد الأخير لتسلم قائمة المرشحين. و وصل عدد المرشحين للجائزة 199 شخصية دولية ومنظمة. وتتكون لجنة نوبل للسلام من خمسة أشخاص، يمثلون الأحزاب النرويجية في البرلمان، ويقومون بفحص الترشيحات خلال ستة اجتماعات متفرقة قبل الاتفاق على اسم الفائز أو الفائزين (لا يتعدى عددهم ثلاثة)، قبل الإعلان في 12 من أكتوبر من العام الحالي، على أن يتم تسليم الجائزة الدولية، وهي عبارة عن ميدالية ذهبية وشهادة تقدير وشيك بمبلغ 10 ملايين كرون سويدي، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول)، الذي يصادف ذكرى وفاة مؤسس الجائزة السويدي، الفرد نوبل. وتعتمد لجنة نوبل للسلام على وصية الفرد نوبل التي تقول إن الجائزة تمنح إلى الذين يؤدون خدمات جليلة للإنسانية، ويعملون لإنهاء الصراعات، ونشر المحبة بين الشعوب واحترام حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية.فهل يستحقها البشير وعلي وقرنق وهيلدا ؟،أم ينتظر حتي تسفر الاتجاهات العامة للاتفاقية وتحقيق وتنفيذ الاطراف التزاماتهم والتثبت من جديتهم في تحقيق السلام الدائم والعادل والشامل في السودان ،خاصة أن الحرب مستعرة في دارفور ومذبحة بورتسودان ومطالبة المجتمع الدولي لمحاكمة 51 من قيادات الانقاذ وربما منهم المشير البشير ونائبه علي عثمان، وكلها تضعف فرص أستحقاقهم للجائزة، أما الوزيرة هيلدا فالمتوقع تربعها علي منصب مدير برنامج التنمية الدولية .ومن ناحية أخري التجربة السابقة في جائزة نوبل دائما يفكر أعضاء اللجنة في أعطاء الجائزة لمن يحقق السلام بدون ردة، أي لا يمكن تفوز بالجائزة وبعد عام تقود الجيوش في حرب جديدة مدمرة ، فلابد من الاطمئنان بنسبة كبيرة لمن يستحق الجائزة .وخاصة أن أتفاقية نيفاشا غير شاملة لكل أهل السودان، باعتبارها أتفاقية ثنائية بين حزب المؤتمر والحركة الشعبية، ومن ناحية ثانية الحرب مازالت مستمرة في دارفور وفي شرق السودان .

بالتأكيد لاتؤثر هذه الجائزة علي العلاقات السودانية النرويجية، ولكني إستبشر خيرا اذا التزمت الحكومة والحركة بنصوص الاتفاقية، وسعوا جادين في احلال السلام العادل والشامل والدائم في السودان، لان هذا يدفع بالجهود الدولية وخاصة المانحين بالوفاء الكامل لالتزاماتها المالية، حيث تتحقق التنمية كمدخل للسلام. ومنها يتحقق قدر من الاستقرار الامني في المنطقة، بعد حرب أمتد أكثر من عشرين عاما.

محمد الزين محمد

أوسلو، 28 مارس 2005م

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved