مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

نحو إقامة دولة قومية في السـودان بقلم حسن موسى دلـدوم

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/14/2005 6:44 ص

نحو إقامة دولة قومية في السـودان

( 1 ـــــ 2 )

حسن موسى دلـدوم
[email protected]

لا شك أن الرغبة في الحرية ومناهضة الظلم الإجتماعي والسياسي خاصة هي من أهم العوامل التي دفعت بأهل السودان إلى مقاومة المستعمر الأجنبي. لقد تصدت شعوب السلطنات والممالك والدويلات (ما تشكل اليوم جمهورية السودان) لتسلط وإستبداد الحكم الخديوي، الذي مارس في حقهم شتى صنوف القتل والتنكيل بل والإساءة إلى ذاتهم الإنساني عندما هم الخديويين ومن شاركهم من أهل السودان وللأسف إلى نهب ثروات البلاد والإتجار بالبشر الأمر الذي تسبب في سرقة الموارد ومصادرة الممتلكات و"بيع" نفر من أبناء شعبنا في ما اشتهرت بأسواق النخاسة بمصر والأستانة وغيرها.

ما يحمد للإستعمار الإنجليزي من بعد، هو كونه تمكن من إيقاف مثل تلك الممارسات التجارية المسيئة بحق الإنسان والإنسانية في وقت عجزت فيه حتى الدولة المهدية التي إنتصرت يومها على الغزاة و"تجار النخاسة" من الأتراك والخديويين (الحكم التركي ـ المصري في السودان 1821 ـ 1885م) عجزت من فعل شئ للقضاء على تلكم الممارسات.

بيد أن أولويات الإنجليز هي الأخرى لم تخل بالطبع من أهداف المستعمر عندما حملت معها رغبة متجددة تجاه نهب موارد البلاد وثرواتها مستغلين في ذلك طاقات الشباب ومكانة مشايخ وزعماء الإدارات الأهلية لدى مجتمعاتهم ليعانى أهل السودان مرة أخرى من محنة إستعمارية أرقت مضاجعهم وأنهكت كاهلهم بالأتاوات المتواصلة وأعمال الجزية التي فاقت قدراتهم وإمكانياتهم المالية والإقتصادية على محدوديتها.

أخيرا خرج الإنجليز مع حلفائهم المصريين من البلاد مثلما خرج الأتراك والخديويين من قبل، لتنتهي حقبة إستعمارية أجنبية أخرى إستمرت لأكثر من نصف قرن من الزمان أعلن على أثرها إنتهاء الإستعمار من السودان وقيام الدولة الوطنية المستقلة مطلع العام 1956م. بخروج المستعمر دخل السودان مرحلة جديدة من الحياة السياسية والإجتماعية، أمتزجت فيها فرحة الحرية والإستقلال بالخوف والتخوف من خطر الهيمنة والتشرزم بفعل النزعة الذاتية وروح الأنا والآخر الذي طالما أطل برأسه إبان الدولة المهدية كما سنرى.

لعل الموضوعيين من أهل التأريخ والمهتمين بالشأن السوداني يوافقونني الرأي أن الإنتصارات السريعة والمتتالية التي حققتها قوات الإنجليز الغازية على جيش المهدية لم تكن وليدة صدفة فالمهدية التي كانت في أوج قوتها خلال حكم الخليفة عبد الله التعايشي، سرعان ما إنهارت أمام جيوش الغزاة لتسقط مواقعها واحدة تلو الأخرى من فركة ودنقلا شمالاً وإنتهاءً بالهزيمة الفاصلة في كل من كرري وأم دبيكرات.

لم تتم إنتصارات الإنجليز تلك بفعل غلبة السلاح الناري على أسلحة الأنصار التقليدية فحسب وإنما نتيجة للتعاون الكبير الذي وجدوه من الكثيرين من أهلنا من شمال البلاد([1]) ممن إنخرطوا أفرادا وجماعات في صفوف الجيوش الغازية وقدموا لهم عملا "استخباراتيا" كبيراً ساعدهم من هزيمة الأنصار دون كثير مقاومة، ولعل مرد ذلك يعود لسببين أساسيين:ـ

1. قوة الآلة القتالية لدى الغزاة مقابل وجود نقاط عسكرية محدودة العدد والعتاد للأنصار على إمتداد نهر النيل خاصة بعد أن تمركزت معظم جيوش المهدية في كرري من أجل منع الغزاة من دخول أمدرمان عاصمة الدولة المهدية. لذلك ما كان لتلك المجتمعات المنقسمة على نفسها ما بين المعارضة والموالاة للمهدية سوى الإستسلام لسياسة الأمر الواقع وفتح الطريق أمام كتشنر وجنوده في زحفهم جنوبا صوب أمدرمان.

2. الإنتقام من المهدية ممثلة في شخص الخليفة عبد الله التعايشي، أحد أبناء دارفور الذين بايعوا الإمام المهدي وناصروه فقربه وجعله خليفته الأول ثم عين من بعده رئيسا للدولة المهدية (أول وأخر رئيس للسودان من خارج وسط وشمال البلاد حتى اليوم!). المعروف أنه وبعد أن تسلم الخليفة عبد الله مهام الدولة المهدية لم تكن الأمور لتسير له كما ينبغي حيث سرعان ما واجه صراعا سياسيا قوياً مع بعض كبار قادة المهدية كادت أن تعصف بحكومته من أول الطريق، صراع أخذ في مضامينه نزعة جهوية وتناول سالب للتنوع الثقافي والإثني الذي قامت عليه الدولة المهدية وهو ما عرف بصراع أولاد البلد بقيادة الخليفة على ود حلو وحلفائه من مجتمعات وسط وشمال السودان مع أولاد الغرب من كردفان ودارفور الذين وقفوا بجانب الخليفة عبد الله التعايشي.

حصاد الإستقلال:ــ

بعد هذه المقدمة التاريخية، دعونا نضع بعض النقاط والملاحظات حول ما تطلع إليه أهل السودان من مستقبل باهر لبلادهم عشية الإستقلال وما آلت إليه أحوال الوطن والأمة، سيما السياسية والإقتصادية والأمنية بعد خمسين عاما من ذهاب المستعمر. لقد وضع السودانيين آمالا كبيرة في الحكومات الوطنية التي تعاقبت على حكم البلاد. عند إعلان الأستقلال كان المطلوب أن تبدأ أولى هذه الحكومات في وضع إطار سياسي جامع يؤسس لإقامة دولة قومية في السودان مبني على نظام حكم متكامل أساسه عزة الوطن وسيادة القانون وشيوع روح الوطنية، نظام حكم يقر الحريات الأساسية ويحترم التنوع الإثني والثقافي والديني الذي يتميز به أهل السودان دون كثير ممن سواهم.

ما حدث بعد الإستقلال كان بحق بداية لهيمنة وتوارث مجموعة جغرافية وثقافية من شمال البلاد خاصة على مقاليد الحكم في السودان سيما في المجالين السياسي والإداري محتكرين بذلك أهم المناصب القيادية والوظائف المدنية في الدولة بالإضافة إلى قيادات الجيش والشرطة، تلك الهيمنة التي طالما إستمرت وإزدادت قوة عبر مختلف سني أنظمة الحكم التي مرت على البلاد لتأخذ منحا جهوياً مبني على الذاتية والتمايز الجغرافي والثقافي أكثر من كونه إنتماء أيديولوجي سياسي يجمع أعضاء الفئة الحاكمة فيما بينهم.

إن ما يحدث اليوم في ظل نظام الإنقاذ من بطش وهيمنة وجهوية لهو أبعد مما يتصور، لقد عمد هذا النظام إلى إبقاء غالب أهل البلاد (حتى أنصارهم من مجتمعات مناطق الهامش) بعيدا عن المشاركة الفعلية في الحكم وفي تقلد مواقع صنع القرار، لقد ضيق أهل الإنقاذ الطريق أمام الجميع حتى في مجالات الحركة الإقتصادية والفكرية على نحو بدت مسألة الهيمنة الجغرافية والثقافية هذه تصبح حالة من التقليد والقداسة ومنهج حياة يستوجب القبول والتبعية والإنصياع من قبل الآخرين لا محالة.

ولما كانت تجربة الدولة المهدية في السودان هي أول تجربة وطنية موسعة لحكم البلاد بغض النظر عن ما صاحبها من أزمات داخلية وبوادر صراع إثني وجهوي ساهمت بشكل أو بآخر في زوالها، فإنه من الأهمية بمكان أن نثمن تلك التجربة وأن نقدر جملة المحاولات التي بذلت وقتها من أجل تقديم أنموزج وطني سوداني يجمع عليه الناس على إختلاف ألسنتهم وإنتماءاتهم.

إن ما تم لاحقا في أواخر العام 1955م من إعلان لإستقلال السودان من داخل البرلمان كان في حد ذاته تحولاً إيجابيا وحدثا تاريخيا هاماً في مسيرة البلاد السياسية إضافة الى كونه قد وضع الساسة والمفكرين والتجربة السياسية في السودان عامة أمام إختبار حقيقي في مدى القدرة على إرساء دعائم قوية للوحدة الوطنية والمشاركة الفاعلة لكافة فئات المجتمع السوداني سيما فيما يتعلق بحكم وإدارة شئون بلادهم.

للتأريخ فإن ما خرج به إعلان إستقلال السودان يومها من مفاهيم ووعود خاصة في جانب العملية السياسية والتنموية يعد في نظر الكثيرين مجهوداً مقدرا كان بإمكانه أن يخطو بنا خطوات الى الأمام في إتجاه تأسيس وبناء الدولة القومية في السودان. لكن يبدو أن مشكلتنا في السودان هي ليست في وضع النصوص والمبادئ السياسية أو في توقيع البروتكولات والمعاهدات الملزمة للمتعاقدين عليها حسبما يمليه العرف الإنساني وبإعتبارها عقد إجتماعي ومثل أخلاقية يجب أن تحترم وتبر، إن مشكلتنا في المقابل هو في كيفية ومدى تمسكنا و إلتزامنا بما نتعاهد عليه من عهود ومواثيق.

الإستقلال وجنوب السودان:ــ

قبيل إستقلال السودان، حدد أهل الجنوب بعض المطالب التي حدت بهم إلى عدم التسرع في مسألة إعلان الإستقلال عندما قدموا من جانبهم بعض المطالب الإدارية والخدمية مثل توفير الخدمات الضرورية والتدريب والتأهيل الإداري للكادر الجنوبي ( لم يرد في مطالبهم ما يشير الى الرغبة في الإنفصال أو حق تقرير المصير) أسوة بما حظى به أخوتهم من مناطق أخرى من السودان، ريثما يتمكنوا من المشاركة بفاعلية في مسيرة بناء الدولة المستقلة. هنا يجب أن نذكر أن ما نصت عليها مسودة إعلان الإستقلال آنفة الذكر خصوصا في الجانب المتعلق بمطالب أهل الجنوب، كانت إيجابية بالقدر التي دفعت الأخوة الجنوبيين قبل غيرهم للموافقة وللتحمس نحو إعلان إستقلال البلاد.

بالفعل إتفق جميع أهل السودان على إختلاف تكويناتهم وإنتماءاتهم السياسية والثقافية على موعد محدد لإعلان الإستقلال الذي تحقق فعلياً في مطلع يناير 1956م كما أسلفنا، لكن الذي حدث بعد الإستقلال كانت ضربة موجعة في صميم الوحدة الوطنية وفي مسيرة الحياة السياسية في البلاد، منذ ذاك اليوم بدأت الغيوم تحيط بمستقبل الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد سيما مع ظهور التكتلات الجغرافية والثقافية على الساحة السياسية ومن ثم بدأ مسلسل توارث حكم السودان بين أيدي مجموعات من شمال السودان لتشهد البلاد أسوأ سياسة للهيمنة والعزل والإقصاء ضد غالب أهل السودان بلغت ذروتها خلال الـ 16 عاما ونيف من حكم نظام الإنقاذ.([2])

للأسف لم يتحقق شيء مما تعاهد عليه القيادات والأحزاب السياسية ومنظمات العمل المدني من عهود ومواثيق حول مطالب الجنوبيين. النتيجة أن ظهرت حركات الأنانيا المسلحة في جنوب السودان كأول حركات مسلحة تحارب الدولة بعد الإستقلال فدخلت على أثرها البلاد حرباً أهلية قاسية قضت على كل معاول التنمية وآمال الوحدة الوطنية حيث لم تشفع لذلك ما أبرمت لاحقا من معاهدات وإتفاقيات للم الشمل وتسوية الخلافات كما كان الحال مع إتفاقية أديس أبابا في العام 1972م والتي أنتهت بموجبها الحرب الأهلية الأولي في الجنوب وما تم من إستيعاب لعناصر تلك الحركات وقواتهم العسكرية في دواوين ومؤسسات الدولة المختلفة.

كما ذكرنا فإنه من غير الممكن حل ومعالجة مشاكل السودان السياسية عبر توقيع البروتكولات والإتفاقيات الثنائية فحسب أو بمنأى عن المشكل الإجتماعي والثقافي الذي بات متأزما في البلاد ناهيك عن أهمية ما يمكن أن نتفق عليه من بنود ومواثيق. نحن بحاجة أولاً إلى ضرورة الإعتراف بالآخر قولاً وتطبيقاً دون منّ ولا أذى كما يجب أن ندرك أن لا أحد له حق الإملاء أو التسلط برأيه أو بحكم إنتماءه الإثني أو الديني أو الثقافي على الآخرين، فالإنتماء والمواطنة تعطي كل سوداني ذات الحقوق وذات القيمة الإجتماعية والسياسية والثقافية على حد سواء، للأسف تلك هي أهم ما نفقده من معاني ومضامين في سودان القرن الواحد والعشرين.

ونحن نتحدث عن مسألة هيمنة أهل الشمال خاصة على مقاليد حكم البلاد منذ الإستقلال وما سبّب ذلك من معوقات في الطريق نحو إقامة الدولة القومية، لابد لنا أن نذكر بأن تلك الهيمنة خاصة في العقد الأول من عمر الدولة السودانية المستقلة حدثت في الأساس بفضل السبق التعليمي والخبرة الإدارية والمهنية التي حظيت بها مجتمعات شمال السودان إبان حكم المستعمر.

بعد القضاء على الدولة المهدية أدرك الإنجليز أنهم بحاجة إلى كوادر وسيطة من الإداريين والأفندية والمترجمين .. الخ من السودانيين للمساعدة في تسيير شئون المستعمرة الجديدة فكان أن إتجهت أنظارهم نحو أهل الشمال للآتي:ـ

1. الموقع الجغرافي لشمال السودان مع مصر خلق منها تواصل تاريخي ممتد الأمر الذي إستفاد منه بعض الشماليين للحصول على تعليم مبكر في مصر إضافة إلى نيل الخبرات الإدارية المناسبة كما كان الحال خلال فترة الحكم التركي ـ المصري في السودان، لذا رأى الإنجليز أهمية الإستعانة بتلك الخبرات المحلية.

2. الموقف المساند من بعض أهل الشمال للغزاة الإنجليز عندما أتوا من مصر في العام 1898م م بهدف إحتلال السودان كما ذكرنا هو ما حدا بالمستعمر الإنجليزي للعمل على تأهيل وتدريب كوادر من تلك المجموعات بغية الإستعانة بهم في بعض المهام الإدارية والتعليمية.

عموما لم يستوعب الذين ورثوا حكم السودان الدرس من المحن والويلات التي ألمت بالوطن بسبب أعمالهم وتعنتهم بل وجهلهم بحقيقة تركيبة المجتمع السوداني الغني بقيمه وثقافاته وإرثه التأريخي المتميز. لقد إستمرت النظرة الآحادية لمشاكل السودان ومشاكل المجتمعات المهمشة على وجه التحديد وظلت المناصب والحقائب الإدارية ملك لفئة يعطونها لمن يريدون ويمنعونها لغيرهم غير مدركين لحجم التحول الماثل اليوم بين كافة فئات المجتمع السوداني على المستوى التعليمي والفهم المتبصر لمسألة الحقوق والمكتسبات.

لقد إضطر الأخوة الجنوبيين للعودة الى الغابة مرة أخرى في صيف العام 1983م ليخوضوا حربا أخرى ضروسة من أجل دفع الظلم ورد الحقوق ثم ما لبث أن قامت حركات مسلحة في جبال النوبة في كردفان والأنقسنا في النيل الأزرق وأهل شرق السودان الذين أعلنوا تمردهم على الظلم السياسي والتنموي والهيمنة الثقافية في البلاد.

لكن ما زاد من تأزم الوضع في السودان في الفترة الأخيرة هو قيام الثورة المسلحة التي ظهرت بقوة في دارفور مطلع العام 2003م، ثورة تضاف الى سابقاتها من حركات النضال المسلحة في دارفور وفي غير دارفور من مناطق الهامش السودانية من أجل وطن للجميع وطن ينبذ الظلم السياسي والإجتماعي والثقافي ويحاربه من أجل التأكيد أن السودان ليس ملكا لفرد أو جماعة دون أخرى .. من أجل وطن لكل أهل السودان على السواء.

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . الشائع هو أن السودان ينقسم لشمال وجنوب بإعتبار أن الغير جنوبي هو من الشمال بطبيعة الحال وهذا خطأ، هناك الكثير مما يميزمجتمعات غرب وشرق وشمال السودان عن بعضها البعض.. الأصح هو تناولها في إطار الجغرافيا وهذا ما سنقوم به في هذا المقال.

[2] للحصول على المزيد في هذا الجانب، راجع الجزأين الأول والثاني من الكتاب الأسـود.

--------------------------------------------------------------------------------

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved