لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟

لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟


11-04-2006, 03:58 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=9&msg=1167289869&rn=0


Post: #1
Title: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-04-2006, 03:58 AM

أثار الأخ البحر في احد بوستاته مؤخرا مسالة تأييد الجمهوريين ضرب الجزيرة أبا بواسطة نظام مايو في عام 1970م. و الحقيقة ان الإخوة الجمهوريين لم يتركوا فعلا و لا قولا لهزا النظام الديكتاتوري لم يويدونه و يقفوا وراءه. بل و قد كانوا أقسى من الأجهزة الأمنية على القوى الوطنية التي كانت تقاوم ذلك النظام، تشهد على هزا كتيباتهم و أركان نقاشهم (احمد المصطفى دالي، د. عمر القراى) على منابر جامعة الخرطوم و غيرها من الجامعات. و بالجملة ترك الجمهوريون التبشير لأفكار جماعتهم و تفرغوا تماما لتجميل النظام بما كان يستحى منه حتى فلول الاتحاد الاشتراكي المقبور. و استمر الجمهوريون في موقفهم من مايو حتى أواخر 1984م حين صدر منشور هزا أو الطوفان الزى استغله "ثلاثي القصر" كما كان يعرف وقتها كلا من النيل ابوقرون و عوض الجيد محمد احمد و بدرية سليمان لإعدام الشهيد محمود محمد طه (من منطلق خصومتهم العقائدية - كمتصوفة- للفكر الجمهوري). و ازا نظرنا للمنشور من وجهة نظر أمنية لا نجد فيه ما يهدد نظام مايو سيما و قد كان الإمام الصادق و البعثيون في ذلك الوقت يقولون في خطبهم و منشوراتهم كلاما أقسى بكثير من ذلك المنشور الجمهوري. و لو كان القرار في يد الأجهزة الأمنية لما تجاوز رد الفعل بضع اعتقالات لفترات محدودة.

و الحقيقة ان المرء ليحار في فهم دواعي الجمهوريين للوقوف في صف هزا النظام الديكتاتوري، في الوقت الزى تشكل فيه الحرية لحمة و سداة مذهبهم الفكري. بل اننى أرى ان المذهب الجمهوري هو ارقي و أكمل مدرسة تجديدية للفكر الاسلامى منذ ظهور الإسلام بحيث ان أفكار الجمهوريين تشكل الطريق الوحيد لإعادة دور و فعالية الإسلام في حياة الناس اليومية. و البديل إما ان يترك الناس إسلامهم لأنه لا يساير روح العصر، أو يقعون فريسة لجماعات التطرف الدينى

Post: #2
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-04-2006, 07:17 AM
Parent: #1

عزيزي الأستاذ عوض محمد أحمد

تحية طيبة

لقد كانت لدي عدة مداخلات في بوست خالد بحر وهذا واحد منها:

Re: هل أيد محمود محمد طه ضرب الانصار فى الجزيره أبا عام1970..؟

ولكن دعني أعلق على بوستك هذا..

قولك:

Quote: و الحقيقة ان الإخوة الجمهوريين لم يتركوا فعلا و لا قولا لهزا النظام الديكتاتوري لم يويدونه و يقفوا وراءه.


يا عزيزي عوض، أنت أستاذ جامعي، ومثل هذه الكتابة التعميمية لا تليق بأمثالك.. ويمكنني أن آتيك بالدليل على انتقاد الجمهوريين لنظام مايو في كثير من الأمور..

قولك:

Quote: بل و قد كانوا أقسى من الأجهزة الأمنية على القوى الوطنية التي كانت تقاوم ذلك النظام، تشهد على هزا كتيباتهم و أركان نقاشهم (احمد المصطفى دالي، د. عمر القراى) على منابر جامعة الخرطوم و غيرها من الجامعات.


من يقرأ هذه الكلمات من أستاذ جامعي يقول في نفسه "دا أستاذ جامعي ولا بد أن يكون لديه ما يسند هذا الإدعاء من قراءته لكتب الجمهوريين، وقد يكون معاصرا لحركة الجمهوريين في الجامعة".. فهل كنت معاصرا لحركة الجمهوريين في الجامعة وأركان نقاشهم؟؟ سأنتظر إجابتك.. ولكني لا أزال شديد العجب بوصفك للجمهوريين بأنهم "كانوا أقسى من الأجهزة الأمنية على القوى الوطنية".. وبقولك الآخر:

Quote: و بالجملة ترك الجمهوريون التبشير لأفكار جماعتهم و تفرغوا تماما لتجميل النظام بما كان يستحى منه حتى فلول الاتحاد الاشتراكي المقبور.


قولك:
Quote: و استمر الجمهوريون في موقفهم من مايو حتى أواخر 1984م حين صدر منشور هزا أو الطوفان الزى استغله "ثلاثي القصر" كما كان يعرف وقتها كلا من النيل ابوقرون و عوض الجيد محمد احمد و بدرية سليمان لإعدام الشهيد محمود محمد طه (من منطلق خصومتهم العقائدية - كمتصوفة- للفكر الجمهوري).


ربما تكون هذه فرصة مناسبة في هذا البوست لسرد بعض الحقائق التاريخية التي لا تحتمل المغالطة..
في أوائل مايو من عام 1983 كتب الجمهوريون كتابهم "الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلى السلطة" وقد بدأ جهاز الأمن باعتقال الجمهوريين والجمهوريات إلى أن تم اعتقال الأستاذ محمود في يوم 9 يونيو من عام 1983، قبل ثلاثة أشهر من إصدار قوانين سبتمبر سيئة الذكر.. إذن قولك "و استمر الجمهوريون في موقفهم من مايو حتى أواخر 1984م حين صدر منشور هزا أو الطوفان" يحتاج إلى إعادة نظر..
فبداية مواجهة الجمهوريين لنظام مايو لم تبدأ بمنشور هذا أو الطوفان.. وفي مداخلة قادمة سأحاول التفصيل كما قلت..

قولك:
Quote: و ازا نظرنا للمنشور من وجهة نظر أمنية لا نجد فيه ما يهدد نظام مايو سيما و قد كان الإمام الصادق و البعثيون في ذلك الوقت يقولون في خطبهم و منشوراتهم كلاما أقسى بكثير من ذلك المنشور الجمهوري. و لو كان القرار في يد الأجهزة الأمنية لما تجاوز رد الفعل بضع اعتقالات لفترات محدودة.

المنشور

كان بمثابة نصيحة لنظام مايو، لأن الجمهوريين لم يكونوا يقصدون تهديد النظام أو إزالته لانهم يعرفون أن البديل الجاهز له هو الهوس الديني.. وكان الجمهوريون قد بدأوا يحاولون تنبيه النظام في العديد من كتبتهم بعد قيامه بمصالحة الأخوان المسلمين والسلفيين والطائفيين، وإليك الأمثلة بتواريخ الكتب:
الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي الطبعة الأولى أغسطس 1977 الأخوان الجمهوريون
لجنة تعديل القوان لن تفلح إلا في خلق بلبلة الطبعة الأولى يناير 1978 الأخوان الجمهوريون
الدكتور حسن الترابي يخرج عن الشريعة!! بإسم تحكيم الشريعة الطبعة الرابعة من الكتاب كانت في مايو 1978 والكتاب من "رابطة الفكر الجمهوري بجامعة الخرطوم"
خلف الله الرشيد وقامة رئيس القضاء الطبعة الثانية كانت في مايو 1978 "الأخوان الجمهوريون"
وحتى الكتاب المعنون "لماذا نؤيد سلطة مايو" الذي صدرت طبعته الأولى في مايو 1979 كان يشتمل على نقد نظام مايو ولكنه يمثل نصح الصديق وليس هجوم العدو.. فأحد عناوين الكتاب الجانبية كان "سلبيات التنمية" ومن ضمن ما جاء فيه هذه الفقرة:
"إن سياسة الحد من الصرف التي اتجهت إليها الدولة، والمتمثلة في الحد من استهلاك العربات، والبنزين، والتلفونات، يجب أن تسير إلى مداها البعيد حتى تبلغ درجة التقشف في كل مظهر للنشاط الرسمي للدولة ، وذلك حتى يجد المواطنون نموذجا صالحا أمامهم، في الدولة، يغريهم، ويحملهم على التقشف، والحد من الصرف البذخي في حياتهم الخاصة"

قولك:
Quote: و الحقيقة ان المرء ليحار في فهم دواعي الجمهوريين للوقوف في صف هزا النظام الديكتاتوري، في الوقت الزى تشكل فيه الحرية لحمة و سداة مذهبهم الفكري.


لقد كان السبب بسيط وهو أن القوى التي كانت تطرح نفسها بديلا لنظام مايو لم تكن ديمقراطية كما تدعي، ولم تكن أصلح منه كما تدعي.. وقد دعا الجمهوريون إلى المنابر الحرة وإشاعتها ولكن قوى المعارضة الإسلامية التي تمكنت من احتواء النظام من داخله أفشلت سعي الجمهوريين.. سأنقل لك وللقراء من كتاب "الإخوان الجمهوريون يدعون إلى المنابر الحرة" الصادرة طبعته الأولى في مايو 1976 ما يفيد في هذا المقام:
Quote: الإهداء
إلى كل مسئول..
مسئولية سياسية،
أو مسئولية تنفيذية،
في هذا البلدك
إعمل على إشاعة المنابر الحرة،
في كل مكان من هذا البلد،
فإن الشعب الحُر هو الشعب الذي يشارك في صنع القرارات، ويلم بكافة المعلومات..


فهل من يقول مثل هذا الكلام في صدر كتاب عنوانه مثل هذا العنوان يجوز وصفه بتأييد الحكم الدكتاتوري، أم أن الأمر يحتاج إلى وقفة وتثبت خاصة من العلماء والمتعلمين والمثقفين؟؟ربما لا تعرف أن الأستاذ محمود وثمانية من الجمهوريين قد تعرضوا للاعتقال لمدة شهر كامل في ديسمبر 1976، يعني في نهاية نفس تلك السنة التي خرج فيها كتاب الدعوة إلى المنابر الحرة عندما أخرجوا كتابهم "إسمهم الوهابية وليس إسمهم أنصار السنة"!!! لقد كان الجمهوريون يدركون أن هناك قوى خارجية وداخلية تريد أن تزيل نظام مايو لمصلحة الهوس الديني "السعودية" أو الهوس القومي العربي "البعثي" المتمثل في نظام صدام حسين في العراق..

قولك:
Quote: بل اننى أرى ان المذهب الجمهوري هو ارقي و أكمل مدرسة تجديدية للفكر الاسلامى منذ ظهور الإسلام بحيث ان أفكار الجمهوريين تشكل الطريق الوحيد لإعادة دور و فعالية الإسلام في حياة الناس اليومية. و البديل إما ان يترك الناس إسلامهم لأنه لا يساير روح العصر، أو يقعون فريسة لجماعات التطرف الدينى

ما دام هذا هو رأيك في الفكر الجمهوري فلماذا لا تحاول أن تفهم حقيقة موقف الأستاذ محمود بدل أن تتعجل نفسك؟؟.. في هذه الفقرة قمت أنت بالإجابة على نفسك في كل ما قلته بعاليه.. في الحقيقة لم يترك أعداء الحرية الفرصة للجمهوريين وإنما أرادوا إزاحتهم لأنهم العقبة الكبيرة في سبيل تمكين الهوس من السودان..

ولك مني الشكر ووافر المودة.. ولي عودة بالتفصيل..

ياسر


Post: #3
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-04-2006, 09:13 AM
Parent: #1

الأخ عوض محمد أحمد

لقد فاتني التعليق على أول عبارة لك في هذا البوست..

Quote: أثار الأخ البحر في احد بوستاته مؤخرا مسالة تأييد الجمهوريين ضرب الجزيرة أبا بواسطة نظام مايو في عام 1970م.

الأخ خالد لم يثر المسألة باعتبارها حقيقة.. لقد تساءل الأخ خالد البحر عن صحة ما أورده الدكتور محمد وقيع الله في لقائه العجيب الذي نشر في جريدة الصحافة وقال فيه أن الجمهوريين أصدروا بيانا وتآمروا مع سلطة مايو في ضرب الجزيرة أبا.. وكتابتك لهذه العبارة بهذه الطريقة وغض الطرف عن الإجابات الواضحة التي وردت في البوست أثارت دهشتي.. فهل هي محاولة لوصم الجمهوريين بتأييد ضرب الجزيرة أبا فقط بتكرار التهمة برغم ما أوردته من أدلة بأن ذلك لم يحدث؟؟

ياسر





Post: #4
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-04-2006, 09:25 AM
Parent: #1

الأخ عوض،



أحب أن أنبهك إلى واحدة من أهم أدبيات الكتابة في البورد.. عندما تشير إلى ما جاء في بوست آخر فإنه يتعين عليك وضع وصلة البوست.. ويا حبذا لو تداخلت في نفس البوست وقلت أنك ستفتح بوست منفصل حتى يتمكن المهتمون بالموضوع من متابعته معك إن إرادوا..

مع وافر المودة

ياسر

Post: #5
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-04-2006, 02:06 PM
Parent: #4

Quote: لقد كان السبب بسيط وهو أن القوى التي كانت تطرح نفسها بديلا لنظام مايو لم تكن ديمقراطية كما تدعي، ولم تكن أصلح منه كما تدعي.. وقد دعا الجمهوريون إلى المنابر الحرة وإشاعتها ولكن قوى المعارضة الإسلامية التي تمكنت من احتواء النظام من داخله أفشلت سعي الجمهوريين.. سأنقل لك وللقراء من كتاب "الإخوان الجمهوريون يدعون إلى المنابر الحرة" الصادرة طبعته الأولى في مايو 1976 ما يفيد في هذا المقام


الاخ ياسر
الايمان بالديقراطيه لايتجزأ فشخص الديقراطى او التنظيم المؤمن بالديقراطيه لايتنكر لها مهما كانت الاسباب والحجج. فلا يضير ان تتمسك بالديقراطيه منهجا وحياه على الرغم من عدم تقيد الاخرين بها على حسب قولك (بان بديل مايو لم يكن ديقراطيا). هذا هو نفس سلوك الشيوعيون والاخوان وكل من اعتدى على حرمه الديقراطيه وساند نظام مستبد. الحقيقه هى ان الجمهورين ايدوا وساندوا مايو حتى 83 وبدورها وفرت لهم مايو الحمايه وحريه التنظيم وحرمت كل القوى الاخرى منها وزجت بقيادات المعارضه الى السجون والمنافى

لم يتنكر حزب الامه والاتحادى كاحزاب لمبادى الديقراطيه فى ذلك الزمان بل اعتمدا على الجماهير والانتخابات فى الوصول للسلطه وحتى عندما اتيا للسلطه كان بوسعهما تصفيه الجيش وتسيس الخدمه المدنيه كما فعل الاخرين. فقولك بان بدائل مايو لاتؤمن بالتداول السلمى والديقراطيه لااساس له لاننا لم نسمع بتعطيل الدستور وفرض احكام عرفيه فى فتره حكم الاحزاب...كل القوانين كانت تجاز بواسطه برلمان منتخب له حق التشريع كبرلمانات الدنيا

دودى

Post: #6
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-04-2006, 07:10 PM
Parent: #5

أخي الكريم محمد دودي،
تحية طيبة
قولك:
Quote: الايمان بالديقراطيه لايتجزأ فشخص الديقراطى او التنظيم المؤمن بالديقراطيه لايتنكر لها مهما كانت الاسباب والحجج. فلا يضير ان تتمسك بالديقراطيه منهجا وحياه على الرغم من عدم تقيد الاخرين بها على حسب قولك (بان بديل مايو لم يكن ديقراطيا).


الجمهوريون لم يتنكروا للديمقراطية، بل بالعكس، تمسكوا وظلوا ينادون بها وينصحون نظام مايو بإقامة المنابر الحرة حتى يكون متسقا مع ما أعلنه غداة مجيئه بأنه جاء لإحياء مبادئ ثورة أكتوبر..
قولك:
Quote: هذا هو نفس سلوك الشيوعيون والاخوان وكل من اعتدى على حرمه الديقراطيه وساند نظام مستبد.

دعنا نكون عادلين فإن ما تعرض له الشيوعيون على يد الأحزاب من حل لحزبهم وطرد لنوابهم وتزييف للديمقراطية في الستينات هو الذي دفعهم للبحث عن حل خارج النظام الديمقراطي، فاشترك ضباطهم مع بقية الضباط من القوميين العرب [بتغطية من مصر الناصرية] إلى الإنقلاب.. ودعنا نكون منصفين فإن الأخوان المسلمين لم يتعرضوا لأي إنكار لممارسة حقهم في النظام النيابي في فترة ما بعد مايو، وبرغم هذا انقلبوا على ذلك النظام.. فلا يجوز لك أن تساويهم بالشيوعيين.. ولا يجوز لك أن تشبه الجمهوريين بأي من هذين الفريقين، فهم لم ينقلبوا، ولم يشاركوا في التخطيط لأي انقلاب..

قولك:
Quote: الحقيقه هى ان الجمهورين ايدوا وساندوا مايو حتى 83 وبدورها وفرت لهم مايو الحمايه وحريه التنظيم وحرمت كل القوى الاخرى منها وزجت بقيادات المعارضه الى السجون والمنافى


لم تقم مايو بإعطاء الجمهوريين ما كانوا يتمتعون به من حرية حركة وتنظيم كما تزعم، ولكنهم كانوا يستخدمون ما يسمح لهم به القانون، ولا يستطيع النظام أن يغمطهم ما يسمح هو به.. ومع ذلك فقد تندهش لو علمت بمدى القيود التي كان يضعها النظام وبعض أجهزته في وجه نشاط الجمهوريين ومنذ زمن بعيد.. فقد جهاز البوليس بقيادة مالك أمين نابري في عام 1974 بضرب محاضرة للجمهوريين بالغاز المسيل للدموع ومنذ ذلك الوقت تم منع الجمهوريين من إقامة المحاضرات العامة والندوات بواسطة قرار من مجلس الأمن القومي [السوداني].. ولذلك كان الجمهوريون يطالبون ذلك المجلس بإعادة النظر في قرار المنع ذاك. وقد جاء في مقدمة كتاب الجمهوريين "الإخوان الجمهوريون يدعون إلى المنابر الحرة" الصادر في مايو 1976 ما يلي:
"
Quote: فلتقم تلك المنابر، وليُدَعّمها النظام القائم بكل وسائل الدعم.. ولا يخشى عواقب التجربة.. فإنه ليس هناك عاقبة تُخشى أسوأ من إبقاء هذا الشعب بعيداً عن المشاركة بالرأي، بعيداً عن منافذ الوعي. ولنا ـ نحن الأخوان الجمهوريين ـ تجربة في المنابر الحرة.. تجربة في الريف، وتجربة في المدينة، وتجربة في الجامعة.. وجميعها يشير إلى أن الطائفية والأفكار المتخلفة لا تزدهر إلا في جو خال من الوعي .. ومن المنابر الحرة..
وقبل ذلك، فَلْيُعِدْ مجلس الأمن القومي النظر في قراره بمنع الأستاذ محمود محمد طه، وتلاميذه، من إقامة المحاضرات والندوات العامة! فإن هذا القرار ضد المصلحة العامة تماماً..

وكما ذكرت في مداخلتي بعاليه فإن الأستاذ محمود وثمانية من الجمهوريين قد تعرضوا للاعتقال بدون محاكمة لمدة شهر كامل في سجن كوبر في ديسمبر من نفس تلك السنة 1976..

قولك:
Quote: لم يتنكر حزب الامه والاتحادى كاحزاب لمبادى الديقراطيه فى ذلك الزمان بل اعتمدا على الجماهير والانتخابات فى الوصول للسلطه وحتى عندما اتيا للسلطه كان بوسعهما تصفيه الجيش وتسيس الخدمه المدنيه كما فعل الاخرين.

قادة كلا الحزبين الأمة والإتحادي الديمقراطي ومعهما جبهة الميثاق الإسلامي هم الذين صنعوا الأزمة الدستورية بتعديل الدستور وافتعال معركة معهد المعلمين لحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان.. وتعديل المادة 5/2 من الدستور يعني القضاء على الدستور لو كنت تعلم.. فلا معنى لقولك:
Quote: فقولك بان بدائل مايو لاتؤمن بالتداول السلمى والديقراطيه لااساس له لاننا لم نسمع بتعطيل الدستور وفرض احكام عرفيه فى فتره حكم الاحزاب...كل القوانين كانت تجاز بواسطه برلمان منتخب له حق التشريع كبرلمانات الدنيا

البرلمان ليس من حقه أن يقرر ما ينسف الدستور.. هل تريد الحق.. لقد كان الحزبان يريدان القضاء على الديمقراطية بإسم الديمقراطية.. وكان الوضع الأمثل هو معالجة أخطاء الممارسة بالمزيد من الديمقراطية ولكن الأحزاب أرادت الاعتماد على الأغلبية الميكانيكية في تمرير مسائل غير دستورية من الأساس.. وقد وثّق الجمهوريون هذه الأحداث في كتبهم ومنها كتابهم "معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية خلال ثلاثين عاما" الجزء الثاني الصادر في عام 1976 فلنقرأ:


Quote: لقد تدافعت الأحداث واشتد الصراع بين الأحزاب الطائفية نفسها، وصارت الحكومات إذا أصبحت إحداها لا تأمن أن تمسي، من فرط التكالب على السلطة.. وكان الحال في أوائل عام 1969 يشبه الحال عام 1958، وكأنما أعاد التاريخ نفسه فكانت المؤامرة تنسج في القصر بين رجال الطائفية، لإجازة "الدستور الإسلامي المزيف" بأي سبيل.. وقد صدر بيانهم بتاريخ 8/5/1969 ونشر بجريدة الصحافة:
(أصدر الحزبان المؤتلفان البيان التالي حول مفاوضاتهما التي تمت مساء أمس الأول بالقصر الجمهوري..
اتفق الحزبان على أسس الدستور الرئيسية على أن تقدم مسودة الدستور للجمعية في شهر يوليو 1969 بحيث تتمكن من إجازته في وقت أقصاه آخر ديسمبر 1969 فإذا حان ذلك الوقت ولم تتمكن الجمعية من إجازته في مرحلة القراءة الثانية، تعرض المواد الرئيسية التي لم تُجز على استفتاء شعبي تكون نتيجته ملزمة وهي: إسلامية الدستور أو علمانيته، رئاسية الجمهورية، أو برلمانيتها، إقليمية الحكم، أو مركزيته. وأن يشتمل الإستفتاء أية مواد أخرى يتفق على أهميتها حينذاك .. والتزم الحزبان على أن يتفاوضا مع الأحزاب والهيئات الأخرى لجمع كلمتها حول هذا المشروع والتزما أن يشملا في الإتفاق النقاط اللازمة لضمان حقوق الأقليات والحريات العامة والحريات الدينية، والله ولي التوفيق.
إمضاء: محمد عثمان الميرغني، إسماعيل الأزهري، الهادي عبد الرحمن المهدي، علي عبد الرحمن الأمين، الصادق المهدي، عبد الحميد صالح، حسين الهندي.


فمسألة استفتاء الشعب على إسلامية الدستور أو علمانيته ما هو إلا تخليط.. وكلمة "علمانية" نفسها قد تم وضعها لتوحي بمعنى آخر أقرب إلى معنى "إلحادية" ويمكن لكل عاقل أن يكتشف مقدار التزييف في هذه المسألة.. وأي حديث عن دستور إسلامي بطريقة الطائفيين والأخوان المسلمين كان يعني استبعاد الجنوبيين من الوهلة الأولى، وهو الذي أجج من الحرب في الجنوب، في حقيقة الأمر..


وشكرا
ياسر


هذا التعديل لتصحيح كلمة يغمطهم التي وردت خطأ بالقاف..






Post: #7
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-04-2006, 09:29 PM
Parent: #6

الاخ ياسر مره اخرى
Quote: الجمهوريون لم يتنكروا للديمقراطية، بل بالعكس، تمسكوا وظلوا ينادون بها وينصحون نظام مايو بإقامة المنابر الحرة حتى يكون متسقا مع ما أعلنه غداة مجيئه بأنه جاء لإحياء مبادئ ثورة أكتوبر

ولكن هل سمعت مايو النصح...كل من ينقلب على اى نظام منتخب يعلن تمسكه بالديمقراطيه ولكن على نهجه ..ديمقراطيه الوصايه والابويه وهذا مافعلت مايو بالضبط بدأت حمراء وانتهت زرقاء مهوسه وبينهما مشاركه القوميين والجمهورين

Quote: دعنا نكون عادلين فإن ما تعرض له الشيوعيون على يد الأحزاب من حل لحزبهم وطرد لنوابهم وتزييف للديمقراطية في الستينات هو الذي دفعهم للبحث عن حل خارج النظام الديمقراطي، فاشترك ضباطهم مع بقية الضباط من القوميين العرب [بتغطية من مصر الناصرية] إلى الإنقلاب.. ودعنا نكون منصفين فإن الأخوان المسلمين لم يتعرضوا لأي إنكار لممارسة حقهم في النظام النيابي في فترة ما بعد مايو، وبرغم هذا انقلبوا على ذلك النظام.. فلا يجوز لك أن تساويهم بالشيوعيين.. ولا يجوز لك أن تشبه الجمهوريين بأي من هذين الفريقين، فهم لم ينقلبوا، ولم يشاركوا في التخطيط لأي انقلاب..


لم تزييف الديمقراطيه فى الستينات ومسأله طرد النواب وحل الحزب الشيوعى كانت من اكبر اخطاء الديمقراطيه على الرغم من فداحه الحدث خصوصا بعد صدور قرار المحكمه الدستوريه ببطلان الحل ولكن على الرغم من ذلك لم يتم حصر نشاط الحزب الشيوعى فكان الحزب يعقد ندواته بكل حريه ولم يقتل او يسجن اى من قياده الشيوعى ولكن عندما الت السلطه للحزب الشيوعى حاولوا القضاء على الانصار وحزب الامه بتهم الرجعيه وخلافه وكانت مجزره ابا وودنوباوى...للتاريخ لقد عانى الاخوان كبقيه الاحزاب (الامه والاتحادى) حتى مصالحه 76 عندما انخرطو فى نظام مايو. لو عملنا عمليه جرد حساب لسؤأت الشيوعى والجبهه فى فتره مايو لقد ارتكب الشيوعى فى فتره سنتين قتل ومصادرات اكثر مما ارتكبته الجبهه فى ثمانى سنوات من عمر مشاركتهم مع نميرى. لم يشارك الجمهوريون ولكنهم ايدوا مايو

Quote: فمسألة استفتاء الشعب على إسلامية الدستور أو علمانيته ما هو إلا تخليط.. وكلمة "علمانية" نفسها قد تم وضعها لتوحي بمعنى آخر أقرب إلى معنى "إلحادية" ويمكن لكل عاقل أن يكتشف مقدار التزييف في هذه المسألة.. وأي حديث عن دستور إسلامي بطريقة الطائفيين والأخوان المسلمين كان يعني استبعاد الجنوبيين من الوهلة الأولى، وهو الذي أجج من الحرب في الجنوب، في حقيقة الأمر..


من حق اى شعب ان يشرع من معتفداته مايشاء دونما حجر على حقوق الاقليات وهذا مايحدث فى الغرب كل الدساتير تعتمد على مورثهم الثقافى الكنسى وليس لنا الا ان نحترم حقهم الديمقراطى مادام دستورهم يمنحنا الحق فى اقامه شعائرنا. اذا اختار الشعب السودانى دستور اسلامى فله كل الحق فى ذلك

Post: #8
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-05-2006, 05:50 AM
Parent: #7

الاخوة
د. ياسر
دودى
شكرا على التداخل و الى ردود مفصلة

Post: #9
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-06-2006, 10:35 AM
Parent: #8

الأخ ياسر
لك كل التحايا و الود
بداية أشكرك على التواصل و إثراء النقاش في هزا البوست رغم بعض الغمز و اللمز الزى لا يليق و لم نعهده في الأخوان الجمهوريين فقد عهدناهم يقولون لأشد خصومهم (الذين أسلموهم للسجون و المشانق) ان أشخاصكم موضع حبنا، فما بالك بشخص يكن احتراما و تقديرا كبيرا للفكر الجمهوري (كما ورد في خاتمة بوستى)، إنما فقط اختلف معكم في جزيئة ليست باى حال من أسس هزا الفكر و هي مسالة موقفكم من نظام مايو. و لا أدرى ان كنت كتبت مؤيدا لموقف الجمهوريين من مايو
1. السودان من أوائل دول الشرق الأوسط و أفريقيا التي شهدت نشأة الأحزاب منذ أربعينات القرن الماضي, و بدلا عنها " تنصحون" نظام مايو بإقامة المنابر الحرة و هي أشكال هلامية تتجمل بها عادة النظم الديكتاتورية للهروب من استحقاق النظام الحزبي الزى يترتب عليه تداول السلطة و قد شهدنا تطبيقا لها في نظام التوالي (الزى استحى منه الانقازيون فيما بعد و ألغوه). و يبدو ان الجمهوريون كانوا متأثرين وقت إطلاق هزه الدعوة بفكرة المنابر التي ابتدعها نظام السادات في مصر منتصف السبعينات للالتفاف حول المطالبة الشعبية وقتها بإقرار نظام الأحزاب.

2. حسنا، كنتم تؤيدون نظام مايو كما قلت لان البديل كان تسليم البلد لقوى الهوس الديني. و هل هناك بيئة تفرخ و تنعش الهوس غير الدكتاتورية و الفساد و هما جماع التجربة المايوية. هل كل نقدكم (الناعم) لنظام مايو يتركز في إشراك "الطائفية" و الإخوان المسلمين بعد المصالحة. هل لدى الجمهوريين اى أدبيات مكتوبة تبين لنا مواقفهم إزاء جرائم مايو الكبرى مثل ترحيل يهود الفلاشا إلى إسرائيل، التستر على المجاعة و الجفاف الزى ضرب غرب السودان في عامي 1983 و 1984م، والفساد الزى أضاع على السودان هبات و قروض بحوالى 20 مليار دولار (دولار الثمانينات و السبعينات)، المحاكمات الجزافية التي أراقت دماء أعداد كبيرة من السودانيين في محاكم صورية............. ان اى تنظيم أو جماعة يحتاج إلى قدر كبير من تخانة الجلد و تبلد الحس الاخلاقى ليغض النظر أو يتعايش مع هكذا نظام يرتكب مثل هزه الموبقات!!! خصوصا ان قصارى جهد الجمهوريين في " نقد" مايو كما قلت أنت كان الدعوة لترشيد استهلاك البنزين و التلفونات!!! (يا مثبت العقل و الدين)

3. كنت في الثمانينات طالبا في الجامعة و قد عاصرت أركان الجمهوريين و معارضهم و رأينا رأى العين و سمعنا بازاننا استماتة القراى و دالي في الدفاع عن مايو و سخريتهم حتى من ضحايا النظام المايوى بما يعف اللسان عن ذكره. بل و كانت هناك فروع للاتحاد الاشتراكي لا تجرؤ عضويتها على الدفاع عن مايو (ربما لأنها كانت أكثر حياءا). و عموما فان كلا الرجلين أحياء يرزقون بل و ناشطون في المنابر الاسفيرية و بامكانهما نفى هزا الكلام ان لم يكن صحيحا أو تبريره. و يمكنك استفتاء عضوية البورد ممن عاصروا تلك الفترة في بوست منفصل عن صحة ما قلته. و غير الإحباط الزى كانت تسببه منابر الجمهوريين وسط الطلاب (الذين كانوا معادين للنظام في اغلبهم) فقد تسببت في نفورهم من الفكرة الجمهورية رغم إنها الأكثر استنارة و تفتحا و مسايرة لروح العصر مقارنة مع الأخوان المسلمين و أنصار السنة على سبيل المثال، و لعلك تلاحظ قلة عضوية التنظيم من خريجي الجامعات في الثمانينات و أواخر السبعينات.

4. ليس اضر على الحركات الفكرية و الأحزاب السياسية من المكابرة و الإصرار على التغاضي عن تصحيح الأخطاء اعتمادا على ضعف ذاكرة الناس. كل من يعمل وسط الجماهير عرضة للأخطاء. الموقف من مايو قد يكون سؤ تقدير أو قصر نظر أو تغليب لمصالح آنية. كل أحزابنا ارتكبت الأخطاء و الخطايا و البعض كبر في أعين الجماهير باحترامه لها بالإقرار بخطئه و التراجع عنه. الحزب الشيوعي انتقد موقفه الأول المعارض لإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، و الإمام الصادق المهدي انتقد موقفه و موقف حزبه من أزمة حل الحزب الشيوعي عام 1965ـ و حتى الترابي و أتباعه ينتقدون يوميا الانقاز التي أتوا بها.

Post: #10
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: محمد حسن العمدة
Date: 11-06-2006, 11:50 AM
Parent: #9

Quote: الجمهوريون لم يتنكروا للديمقراطية، بل بالعكس، تمسكوا وظلوا ينادون بها وينصحون نظام مايو بإقامة المنابر الحرة حتى يكون متسقا مع ما أعلنه غداة مجيئه بأنه جاء لإحياء مبادئ ثورة أكتوبر..
قولك:


نصح !!!! بهذه البساطة والسذاجة يا دكتور ياسر ؟؟؟

لم اتوقع ابدا ان تذهب الى هذا الحد التبريري , وبحد كلامك - نصح الجمهوريون نميري ولكن ماذا فعل نميري ؟ قتل استاذها ومعلمها الاول !! بالله عليك ايهما افضل ديمقراطية اقصى ما تستطيعه من انتهاك لحقوق الانسان هو طرد نواب حزب ما وحرمانهم من حق شرعي ام سفاح قاتل سكير حقير عربيد يتنشق سفك الدماء ؟؟

سؤال يا دكتور هل من ضمن النصائح الجمهورية مطالبة النميري بتقديم نفسه للعدالة لقتله للابرياء من الاطفال والشيوخ بمجازر الجزيرة ابا وود نوباوي واحداث 1971 انقلاب هاشم العطا وووو ما في بيوت الاشباح ؟؟؟

ما هكذا يا دكتور ياسر

الديمقراطية افضل الف الف الف مرة من نصح مستبد ايا كان عادلا ام ظالما ام فاسدا
هكذا يفعل السلفيون والتقليديون والمنكفئة للسلاطين

اذا كنت تتمترس خلف حجة طرد نواب الحزب الشيوعي فهذه خطيئة ولقد اعتذر ( الطائفيون ) والرجعيون في كيان الانصار وحزب الامة عنها فهل يعتذر الجمهوريون عن تاييد مايو او قل نصحهم لمايو إسوة بحزب الامة وكيان الأنصار ؟؟؟؟ اتمنى ذلك فالاعتذار فضيلة لا يعرفها الا الشجعان

لك التحية الاخ عوض على هذا البوست ومن قبل

Post: #11
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Abureesh
Date: 11-06-2006, 01:40 PM
Parent: #10

محمــد حسن العمـدة كتب:

Quote: سؤال يا دكتور هل من ضمن النصائح الجمهورية مطالبة النميري بتقديم نفسه للعدالة لقتله للابرياء من الاطفال والشيوخ بمجازر الجزيرة ابا وود نوباوي واحداث 1971 انقلاب هاشم العطا وووو ما في بيوت الاشباح ؟؟؟


على أى أساس بنيت المصالحـة الوطنيـة؟ هل اشترط السيـد الصادق وحزب الأمـة على النميـرى أن يقدم نفسـه للعدالـة، قبل أن يقســم الصادق للولاء للإتحاد الإشتـراكى التنظيـم الأوحـد، ويكون فى الصف الأول فى ذلك التنظيـم الصـورى؟ الأستـاذ محمـود كان مستقلا وحـر الإرادة حتى عندمـا أيـد إستمـرار مايو المرحلى.. ولكن ماذا تقول فى السيـد الصـادق زعيم الأنصـار الذين قتلوا فى ابا وود نوباوى ومن سمـاهـم النميـرى بـ (المرتزقـة) الصـادق إنخرط فى الإتحاد الإشتـراكى ولم يطالب حتى بإعادة تسميـة المرتزقـة وإعادة الإحترام لمقاتليـه، الذين لم يعطهـم أكثـر من قيمـة الدرق له حتى يصل للسلطـة.

Quote: الديمقراطية افضل الف الف الف مرة من نصح مستبد ايا كان عادلا ام ظالما ام فاسدا

طيب خلينـا من النصـح.. ماذا عن تجنيـد النفس للمستبـد، والقســم للولاء، ليس للديمقراطيـة التى هى (افضل الف الف الف مرة من نصح مستبد) ولكن للأتحـاد الإشتـراكى التنظيـم الفرد!!

Quote: اذا كنت تتمترس خلف حجة طرد نواب الحزب الشيوعي فهذه خطيئة ولقد اعتذر ( الطائفيون ) والرجعيون في كيان الانصار وحزب الامة عنها

متى أعتـذر عنهـا حزب الأمـة؟ ما قاله السيــد الصادق أن تلك كانت إنفعالات يمكن أن تتكـرر.
فهل تنويرنـا على أن الســودان كان محكومـا بواسطـة قادة يتصـرفون بإنفعالات وليس بتخطيط واستراتيجيـات ودولـة مؤسسـات.. ثم تبشيرنـا بأن تلك الإنفعلات يمكن أن تتكـرر!! هل تعتبـر هـذا بمثابـة إعتذار؟!!!

Post: #12
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: محمد حسن العمدة
Date: 11-06-2006, 03:16 PM
Parent: #11

Quote: على أى أساس بنيت المصالحـة الوطنيـة؟ هل اشترط السيـد الصادق وحزب الأمـة على النميـرى أن يقدم نفسـه للعدالـة، قبل أن يقســم الصادق للولاء للإتحاد الإشتـراكى التنظيـم الأوحـد، ويكون فى الصف الأول فى ذلك التنظيـم الصـورى؟



انا دائما بقول انو اي انسان قبل ما يدخل اي حوار ويهاجم الاخرين يجب ان يكون متسلح بالمعلومات والمعرفة , وللاجابة على هذا السؤال اسالك سؤالا وساجاوب عليه لاني لا اتوقع معرفتك بالاجابة وهذا من خلال مداخلتك اعلاه
ما هي بنود المصالحة الوطنية ؟ وهل التزم النميري بتنفيذها ؟ وبعد ان تنكر لها هل استمر حزب الامة في المصالحة ؟
واحده من اهم بنود المصالحة الوطنية هو اجراء انتخابات حرة ونزيه بالبلاد واشاعة الحريات الاساسية ولكن حزب الامة يعلم جيدا مقدرته على اكتساح هذه الانتخابات وبالتالي تغيير النظام ولكن لم يتم الالتزام بهذا البند وركب الاحمق راسه وسدر في قييه ولذا خرج حزب الامة من المشاركة في النظام بنفس القوة التي صالح بها ولم يتم عامه الاول بعد واكتفى بوقف الدماء بين ابناء الشعب السوداني وعمل من اجل الانتفاضة الشعبية ونجح في ذلك باسقاط النظام بانتفاضة رجب ابريل والتي انطلقت من اتحاد جامعة ام درمان الاسلامية اتحاد سلامة عضو الطلاب الانصار حزب الامة

هل تعلم ذلك ؟؟؟

لا اعتقد

Post: #13
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Omer Abdalla Omer
Date: 11-06-2006, 03:47 PM
Parent: #12

هزاquote
Dr. Awad watch this common mistake of "the ZAYI and Zain" could you

Post: #14
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-06-2006, 07:19 PM
Parent: #9

الأخ الدكتور عوض محمد أحمد

تحية طيبة

لقد حزنت جدا لما كتبته هنا:


Quote: بداية أشكرك على التواصل و إثراء النقاش في هزا البوست رغم بعض الغمز و اللمز الزى لا يليق و لم نعهده في الأخوان الجمهوريين فقد عهدناهم يقولون لأشد خصومهم (الذين أسلموهم للسجون و المشانق) ان أشخاصكم موضع حبنا، فما بالك بشخص يكن احتراما و تقديرا كبيرا للفكر الجمهوري (كما ورد في خاتمة بوستى)


أرجو أن تبين لي مكان الغمز واللمز وأنا مستعد أن أعتذر لك عنه أو أدافع عن نفسي..

وشكرا

سأعود للتعليق على بقية مداخلتك ..
ياسر




Quote: الأخ ياسر
لك كل التحايا و الود
بداية أشكرك على التواصل و إثراء النقاش في هزا البوست رغم بعض الغمز و اللمز الزى لا يليق و لم نعهده في الأخوان الجمهوريين فقد عهدناهم يقولون لأشد خصومهم (الذين أسلموهم للسجون و المشانق) ان أشخاصكم موضع حبنا، فما بالك بشخص يكن احتراما و تقديرا كبيرا للفكر الجمهوري (كما ورد في خاتمة بوستى)، إنما فقط اختلف معكم في جزيئة ليست باى حال من أسس هزا الفكر و هي مسالة موقفكم من نظام مايو. و لا أدرى ان كنت كتبت مؤيدا لموقف الجمهوريين من مايو
1. السودان من أوائل دول الشرق الأوسط و أفريقيا التي شهدت نشأة الأحزاب منذ أربعينات القرن الماضي, و بدلا عنها " تنصحون" نظام مايو بإقامة المنابر الحرة و هي أشكال هلامية تتجمل بها عادة النظم الديكتاتورية للهروب من استحقاق النظام الحزبي الزى يترتب عليه تداول السلطة و قد شهدنا تطبيقا لها في نظام التوالي (الزى استحى منه الانقازيون فيما بعد و ألغوه). و يبدو ان الجمهوريون كانوا متأثرين وقت إطلاق هزه الدعوة بفكرة المنابر التي ابتدعها نظام السادات في مصر منتصف السبعينات للالتفاف حول المطالبة الشعبية وقتها بإقرار نظام الأحزاب.

2. حسنا، كنتم تؤيدون نظام مايو كما قلت لان البديل كان تسليم البلد لقوى الهوس الديني. و هل هناك بيئة تفرخ و تنعش الهوس غير الدكتاتورية و الفساد و هما جماع التجربة المايوية. هل كل نقدكم (الناعم) لنظام مايو يتركز في إشراك "الطائفية" و الإخوان المسلمين بعد المصالحة. هل لدى الجمهوريين اى أدبيات مكتوبة تبين لنا مواقفهم إزاء جرائم مايو الكبرى مثل ترحيل يهود الفلاشا إلى إسرائيل، التستر على المجاعة و الجفاف الزى ضرب غرب السودان في عامي 1983 و 1984م، والفساد الزى أضاع على السودان هبات و قروض بحوالى 20 مليار دولار (دولار الثمانينات و السبعينات)، المحاكمات الجزافية التي أراقت دماء أعداد كبيرة من السودانيين في محاكم صورية............. ان اى تنظيم أو جماعة يحتاج إلى قدر كبير من تخانة الجلد و تبلد الحس الاخلاقى ليغض النظر أو يتعايش مع هكذا نظام يرتكب مثل هزه الموبقات!!! خصوصا ان قصارى جهد الجمهوريين في " نقد" مايو كما قلت أنت كان الدعوة لترشيد استهلاك البنزين و التلفونات!!! (يا مثبت العقل و الدين)

3. كنت في الثمانينات طالبا في الجامعة و قد عاصرت أركان الجمهوريين و معارضهم و رأينا رأى العين و سمعنا بازاننا استماتة القراى و دالي في الدفاع عن مايو و سخريتهم حتى من ضحايا النظام المايوى بما يعف اللسان عن ذكره. بل و كانت هناك فروع للاتحاد الاشتراكي لا تجرؤ عضويتها على الدفاع عن مايو (ربما لأنها كانت أكثر حياءا). و عموما فان كلا الرجلين أحياء يرزقون بل و ناشطون في المنابر الاسفيرية و بامكانهما نفى هزا الكلام ان لم يكن صحيحا أو تبريره. و يمكنك استفتاء عضوية البورد ممن عاصروا تلك الفترة في بوست منفصل عن صحة ما قلته. و غير الإحباط الزى كانت تسببه منابر الجمهوريين وسط الطلاب (الذين كانوا معادين للنظام في اغلبهم) فقد تسببت في نفورهم من الفكرة الجمهورية رغم إنها الأكثر استنارة و تفتحا و مسايرة لروح العصر مقارنة مع الأخوان المسلمين و أنصار السنة على سبيل المثال، و لعلك تلاحظ قلة عضوية التنظيم من خريجي الجامعات في الثمانينات و أواخر السبعينات.

4. ليس اضر على الحركات الفكرية و الأحزاب السياسية من المكابرة و الإصرار على التغاضي عن تصحيح الأخطاء اعتمادا على ضعف ذاكرة الناس. كل من يعمل وسط الجماهير عرضة للأخطاء. الموقف من مايو قد يكون سؤ تقدير أو قصر نظر أو تغليب لمصالح آنية. كل أحزابنا ارتكبت الأخطاء و الخطايا و البعض كبر في أعين الجماهير باحترامه لها بالإقرار بخطئه و التراجع عنه. الحزب الشيوعي انتقد موقفه الأول المعارض لإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، و الإمام الصادق المهدي انتقد موقفه و موقف حزبه من أزمة حل الحزب الشيوعي عام 1965ـ و حتى الترابي و أتباعه ينتقدون يوميا الانقاز التي أتوا بها.

Post: #15
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Abureesh
Date: 11-06-2006, 07:40 PM
Parent: #14

Quote: واحده من اهم بنود المصالحة الوطنية هو اجراء انتخابات حرة ونزيه بالبلاد واشاعة الحريات الاساسية ولكن حزب الامة يعلم جيدا مقدرته على اكتساح هذه الانتخابات وبالتالي تغيير النظام ولكن لم يتم الالتزام بهذا البند وركب الاحمق راسه وسدر في قييه ولذا خرج حزب الامة من المشاركة في النظام


الذى يحكـم شعب كامل بإنفعالات، حـرى به أن يوقـع على أحـلام..

أى نوع من السياسيين هـذا الذى يستغفلـه النميـرى، ثم يستغفلـه الترابى فى جنيف!! وفى كلا الحالات يعود بخفى حنين..
أتمنى أن ينفـذ السيـد الصـادق عمليـة واحـدة، يسميهـا "تتعظــون"

Post: #16
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-06-2006, 07:50 PM
Parent: #14

أحب أن أضع هذه الوصلة لهذه المداخلة مع الأخ طلعت في بوست الأخ خالد بحر..
Re: هل أيد محمود محمد طه ضرب الانصار فى الجزيره أبا عام1970..؟

وتوفيرا لنقرة الماوس سأضعها هنا وذلك لعلاقتها الوثيقة مع موضوع بوست الأخ عوض محمد أحمد..

.....

أشكرك يا عزيزي طلعت على ما تفضلت به..
لو افترضنا أنه لم يكن للحزب الشيوعي، ولجنته المركزية، دور في انقلاب 19 يوليو فكيف يمكنهم تبرير اشتراكهم مع بقية الضباط من القوميين العرب في انقلاب مايو نفسه؟؟ في ذلك الزمان كانت الانقلابات العسكرية، وليس الديمقراطية النيابية، هي النغمة السائدة في العالم الثالث عموما، والدول العربية خصوصا، وكان للاتحاد السوفيتي الدور الأكبر في تدبير الانقلابات أو التدخلات أو احتواء الأنظمة العربية التي كانت تسمى تقدمية مثل النظام الناصري في مصر والبعثي في سوريا والعراق والشيوعي في اليمن والشيوعي في إثيوبيا "مقستو"، وإلى حد كبير نظام القذافي في ليبيا.. لا أعتقد أن هناك علاقة بين إنكار بعض الشيوعيين لمسئولية الحزب عن المشاركة في انقلاب مايو وانقلاب يوليو وبين تبرير أو قل دفاع الجمهوريين عن موقفهم في ذلك الوقت من الأحداث السياسية كلها.. سأوالي الكتابة عن موقف الجمهوريين بمزيد من الشرح..

قولك:

Quote: الدفاع عن تأييد الجمهوريين لانقلاب مايو ايضا ضعيف بمعطيات اليوم بمعنى اننا يمكن ان نجد العذر للاستاذ محمود ومن معه فى ذلك الوقت حيث كانت الاشتراكية تعد كلمة اكثر بريقآ من الديمقراطية ، ولكن اليوم ووسط هذا الجيل الذى توفرت له التجربة والمعارف الانسانية التى تؤكد اهمية ان تتخلل نسمات الديمقراطية كل خلايا المجتمع كشرط ضرورى لانجاز اية شىء من محاربة الفساد وحتى المحافظة على السلام ، فمن السهل توقيع اتفاقيات السلام والمحافظة عليها بعض الوقت ولكن من الصعب جدآ المحافظة عليه كل الوقت.


لا أريد أن أكرر نفسي، ولكني أود التعليق على قولك الذي وضعت تحته خطا.. الواقع شيء والأحلام والأماني والمثل العليا شيء آخر.. نحن في السودان وفي المنطقة العربية والأفريقية ما زالت عقلية غالبية الناس بعيدة عن أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان.. والدليل على ذلك أنه حتى الآن ليس هناك نظام ديمقراطي واحد.. ولكن دعني أهمس لك بأن الديمقراطية المثلى لا توجد حتى في أمريكا والدول الغربية نفسها وذلك لطغيان الرأسمالية..

في بوست آخر كانت لي هذه المداخلة التي سأتخذها كمقدمة لمواصلة الحديث عن الواقع الذي كان يتحرك فيه الجمهوريون..

دور مصر و جمال عبد الناصر في إفساد الحياة السياسية في السودان
...

Quote: الأخ محمد العميري

تحية طيبة وشكرا للبوست..

جمال عبد الناصر كان نتيجة طبيعية لفساد الحكم الملكي وفساد الباشوات والاقطاعيين وزعماء الأحزاب .. وقد أصابت ثورة يوليو بعض النجاح في أول الأمر ولكن لم يلبث أن أصاب الثورة داء الانحراف والاستبداد..
أكبر أخطاء ثورة يوليو هو تأميم قناة السويس عام 1956 بصورة استفزت الغرب "بريطانيا وفرنسا" وكانت النتيجة المباشرة ما عرف في التاريخ بالاعتداء الثلاثي على مصر، والذي نتج عنه جر مصر ومن ورائها الدول العربية إلى حلبة الحرب الباردة بين القوتين الكبريين "الاتحاد السوفيتي وأمريكا"..
كان لجمال عبد الناصر تدخلات سالبة في السياسة السودانية قبل وبعداستقلال السودان.. فهو الذي كان يدعم التيار الاتحادي في فترة الحكم الذاتي التي سبقت الاستقلال [1954 ـ 1956].. وقد كان لذلك الدعم أثره في فوز الحزب الاتحادي ورئاسة الحكومة، ولكن عندما التحق الاتحاديون بفكرة الاستقلال التام وتم إعلان الاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955 غضب عبد الناصر وقطع الدعم عن الاتحاديين فسقطوا في الانتخابات التي تلت الاستقلال وفاز بها حزب الأمة وكون حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الديمقراطي [الختمية].. ولم يلبث عبد الناصر أن ندم على تصرفه الذي أدى إلى فوز حزب الأمة، وأكثر ما أغضبه هو مطالبة حكومة السيد عبد الله خليل بإعادة النظر في اتفاقية مياه النيل وبحق السودان في منطقة حلايب، فأضمر الكيد.. فكان لتآمره أثرا بالغا في التعجيل بتدهور الحياة السياسية في السودان، فقد بلغ التكالب أوجه على السلطة، وارتمى الحزب الوطني الاتحادي في أحضان مصر بصورة مخزية حيث كان في المعارضة، وأصابه اليأس من العودة للحكم، وكانت تلك الأيام تعم الجو نغمة الوحدة التي تمت بين مصر وسوريا فذهب وفد الوطني الإتحادي إلى مصر، وقابل جمال عبد الناصر بعد قطيعة وجفوة.. وصرّح بعدها رئيسه، السيد إسماعيل الأزهري، بأنه إذا عاد للحكم سيقيم وحدة إقتصادية وعسكرية مع مصر.. وإذا طلب الشعب الوحدة الشاملة معها فسينفذ رغبة الشعب.. أما السيد علي عبد الرحمن زعيم حزب الشعب الديمقراطي فقد صرح في مصر في تلك الأيام أيضا من عام 1958، أن حزبه يقف في المعارضة مع أنه مؤتلف مع حزب الأمة ويشاركه الحكم!!!! وقد اتضحت الخطة التي كانت تهدف إلى طرح الثقة في الحكومة في يوم 17 نوفمبر 1958 في البرلمان.. وقد شجب الجمهوريون تصرّيحات السيد الأزهري، ووصفوه بالخيانة، إذ ترتب عليه تدخل خارجي مصري مكثف في شراء نواب حزب الشعب لإسقاط حكومة الإئتلاف الذي لأول مرة يخرج من صفوفه بعض نوابه وينضمون للمعارضة.. وأصبح محتماً سقوط الحكومة عند افتتاح البرلمان يوم 17 نوفمبر وكان من الوشيك الوقوع أيضاً، والمدبر له أن تعلن الوحدة بين مصر والسودان، من داخل البرلمان، على غرار ما جرى بين مصر وسوريا في تلك الأيام.. وقد علم عبد الله خليل بذلك وظن أن تسليم الحكم للجيش هو الحل للتخلص من ضياع الاستقلال، ولكن الذي لم يعلمه هو أن مصر كانت تخطط بالفعل لانقلاب عسسكري في السودان على حكم الأحزاب السياسية، وقد سعدت بتسلم عبود للحكم، وبالفعل استطاعت مصر أن تحصل من حكومة عبود على ما كانت تريده من إعتراف باتفاقية مياه النيل، بل حصلت منها على منطقة حلفا لتقيم مشروع بناء السد العالي الذي كانت من آثاره إغراق منطقة حلفا القديمة!!!!

يسرني أن أنقل لك وللقراء جزءا من خطاب كان قد أرسله الحزب الجمهوري لجمال عبد الناصر في أغسطس من عام 1958..


Quote: سيادة الأخ جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر
تحية مباركة
وبعد فإن ثورتكم بالملك السابق قد شبت في 23 يوليو من عام 1952 وقبل مضى شهر على شبوبها وعلى وجه الدقة في 18 أغسطس من نفس العام شيّع الحزب الجمهوري كتابا موجّها إليكم جميعا في شخص الأخ الكريم محمد نجيب وهو كتاب لم نتلق عليه ردا في حين أن ردودكم كانت تتوالى على مرسلي برقيات التهنئة ولعل مرد ذلك إلى أن ثورتكم قد كانت من التوفيق والنجاح بحيث لم تدع لكم مجالا لسماع ما يقال من غير كلمات التهنئة وكلمات الإطراء ولم نكن نحن من هؤلاء المهنئين المطرين وإنما كنا ناصحين مشفقين ناظرين إلى غد الثورة لا إلى يومها ولقد جاء في كتابنا ذلك قولنا " والفساد في مصر ليس سببه الملك وليس سببه الساسة والأعوان الذين تعاونوا مع الملك بل إن الملك وأعوانه هم أنفسهم ضحايا لا يملكون أن يمتنعوا على الفساد وأن يدفعوه عنهم .. فإن أردت أن تلتمس أسباب الفساد فالتمسها في هذه الحياة المصرية في جميع طبقاتها وجميع أقاليمها تلك الحياة التي أقامت أخلاقها إما على قشور الإسلام أو على قشور المدنية الغربية أو على مزاج منهما وأنت لن تصلح مصر أو تدفع عنها الفساد إلا إذا رددتها إلى أصول الأخلاق حيث يكون ضمير كل رجل عليه رقيبا .
(من أنت؟؟ هل أنت صاحب رسالة في الإصلاح فتسير بشعب مصر إلى منازل التشريف أم هل أنت رجل حانق جاء به ظرف عابر ليقلب نظاما فاسدا ثم يضرب ذات اليمين وذات الشمال حتى ينتهي به المطاف إما لخير وإما لشر .
ذلك هو السؤال الذي يترقب التاريخ جوابه فانظر حيث تجعل نفسك فإنك رجل مجازى بالإحسان مأخوذ بالاجترام .)
هذا ما قلناه يومئذ وما نرى إلا أن ما توقعناه وخشيناه قد حدث فقد لبثنا نراقب الثورة في كل ما تأتي وما تدع فنراها تنحرف شيئا فشيئا عن النهج القويم فبدل أن توقظ العقول المصرية والضمائر المصرية بالتربية الرشيدة والفلسفة الإنسانية البانية والحرية الفردية التي تخلق الرجال والنساء أخذت تكبت المصريين كبتا ألغى عقولهم وأفسد ضمائرهم وساقهم سوق السوام بلا إرادة ولا اختيار ثم ضربت عليهم من الرقابة ما أخرس ألسنتهم وأقامت عليهم من الجاسوسية ما أفسدت ذات بينهم وألبسهم لباس الخوف .


انحراف الثورة
ثم إن الثورة لما انحرفت عن رسالة البناء والحرية انحدرت في سراديب مظلمة لا يحفزها في شعابها إلا البغض والضغينة والحقد وقديما قيل ان الشيطان يعطي عملا للأيدي العاطلة وهو أيضا يعطي فكرا للرؤوس الفارغة وكذلك نفث الشيطان في روع الثورة فأغراها بعداوات كانت في غنى عنها ولو أنها قد اعتدلت في تلك العداوات وحملت منها ما تطيقه وأبقت منها بقية لغدها لما كان عليها في ذلك من بأس فانه ليس سبيل إلى الحرية بغير مناجزة القوى التي تعوقها ولكنها حملت من العداوات ما ليس لها به يدان فاضطرت أن تستعين على عدو بعدو هو أشد لددا وأقوى مراسا وأسوأ من ذلك أن هذا العدو يظهر في ثياب الصديق الشفيق .


الشاهد أنه كان لجمال عبد الناصر ونظامه الدور الأكبر في إفساد الحياة السياسية في مصر وفي الدول العربية وبصورة خاصة في السودان وهو ما يهمنا كسودانيين.. أتابع ما بدأته من نقل بعض فقرات خطاب الجمهوريين لجمال عبد الناصر:


Quote: أما بعد فهذا قليل من كثير يمكن أن نسوقه إليك أيها الأخ الفاضل وهو قول لم نرد به إلى إحراجك ولا إلى إعناتك وإنما أردنا به إلى خيرك وخيرنا وخير الإنسانية جميعها ثم اننا مازلنا نرى رأينا الأول في كتابنا الذي شيعناه لكم في أغسطس سنة 1952 وذلك حيث قلنا (وأنت لن تصلح مصر أو تدفع عنها الفساد إلا إذا رددتها إلى أصول الأخلاق حيث يكون ضمير كل رجل عليه رقيبا) ونحب أن نحذرك من التورط في خطأ كبير تورط فيه كثير من المفكرين الإجتماعيين وهو اعتبار الرخاء المادي بالتوسع الزراعي والصناعي بديلا عن الحرية الفردية .. ويطيب لنا أن نؤكد لك أنه ليس لك من سيبل إلا سبيل الإسلام ثم إنا نرجو أن نقترح عليك الآتي :-
1) أن تترك التدخل في شئون البلاد العربية - التدخل بجميع صوره - الإذاعة والصحف والرشوة - وذلك لأنه ليس لديك ما تعطيه أيا من هذه الدول وما تزيدها بتدخلك في شئونها غير تخسير .
2) أن تنفض يدك فورا من الدعوة الباطلة - دعوة القومية العربية - وأن ترجع بشعبك إلى الإسلام رجوعا واعيا وأن تحاول بعث المعاني الإنسانية الرفيعة التي يذخر بها القرآن وأن تصلح بها قومك أولا وهذا ما عنيناه برد قومك إلى أصول الأخلاق حيث يكون ضمير كل رجل عليه رقيبا .
3) أن تصحح رأيك في الحياد الإيجابي … فانك لن تستطيع الحياد إذا أسرفت في عداوة فريق من الفريقين ، فان الإسراف لا يورث الاعتدال . فأنت لا تجني من الشوك العنب .. وانك لن تستطيع أن تكون (إيجابيا) في حيادك إلا إذا كنت تمتلك الفلسفة الإيجابية وما نرى لك من فلسفة بازاء الرأسمالية والشيوعية غير الإسلام .
4) فإذا ما أرحت الدول العربية من تدخلك في شئونها ومن دجل دعوة القومية العربية فسيكون على كل دولة عربية داخل حدودها - ولا يعني هذا عدم التعاون المتكافل - أن تبعث الإسلام من جديد وأن تطبق مذهبيته التي تحقق التوفيق بين الإشتراكية والديمقراطية أي بين العدالة الاجتماعية والحرية الفردية فإذا ما استطاعت أي من الدول العربية أن تخلق من نفسها نموذجا صالحا للدولة الإسلامية التي تحل مشاكل سكانها على هدى أهدى من الشيوعية ومن الديمقراطية الرأسمالية فان الدول العربية ستحذو حذوها وسيتم اتحاد العرب تحت راية القرآن وسيكونون باتحادهم ومذهبيتهم الكتلة الثالثة التي تنهض بين الشيوعية والرأسمالية وسيقلد نموذجهم سائر دول العالم وهكذا ينفضون من حول الشيوعية والرأسمالية وتقوم الحكومة الفدرالية العالمية على مذهبية تتمم النقص في الشيوعية والرأسمالية وذلك بتحقيق التوفيق بين العدالة الاجتماعية والحرية الفردية وهكذا يحل في الأرض السلام والرخاء .
5) ريثما تبرز الكتلة الثالثة في الحيز العملي لابد من فترة من السلام وليس في طوق الإنسانية في عهدها الحاضر تحقيق سلام غير هذا السلام المحموم غير الطبيعي الذي يقوم على توازن القوى ولذلك فلابد من اجتناب أي عمل يخل هذا التوازن حتى ولو كان عائدا ببعض الكسب المحلي على الدولة التي تمارسه .

هذا ما اتسع الوقت لتوجيهه إليك وإنا لنرجو لنا ولك من الله التوفيق والهداية .
((الحزب الجمهوري - الخرطوم))


أرجو أن أجد الوقت لمواصلة السرد في دور جمال عبد الناصر في إفساد الحياة السياسية في السودان...
وشكرا

ياسر

Post: #17
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: طلعت الطيب
Date: 11-06-2006, 09:14 PM
Parent: #1

الاخ الفاضل صاحب البوست
أسمح لى بنقل وجهة نظرى كاملة نظرآ لان الاخ الكريم ياسر نقل رده عليها حيث أعتقد انه لم يتناول النقاط الجوهرية التى أثرتها، ولنترك للقارىء الكريم التقييم ، على ان لى عودة فى الموقعين لمزيد من الحوار ، مع عاطر تحباتى


الاخ الفاضل ياسر

أتفق معك تماما فى ان الطائفية تتحمل جزء من المسؤلية تجاه ديمقراطية ما قبل مايو، فى مصادرة الحقوق السياسية للأخرين والتى كان من أبرزها قضية طرد نواب الحزب الشيوعى من البرلما ن وعدم رضوخهم لقرار المحكمة والقاضى ببطلان القرار وعدم التزام الحكومة بارجاع النواب المنتخبين.
ولكن تبقى القضية المحورية هنا أن هذه الاحزاب برغم هذه التجاوزات الجسيمة، لم تقل مثلا ما تقوله الاحزاب الاصولية مثل) انهم مفوضين من الله ورسوله وان الديمقراطية موروث غربى). بمعنى آخر كان من الافضل مهما كان ،العض بالنواجز على التداول السلمى للسلطة السياسية مهما كان الثمن والمخاوف والتوجسات، بدلا عن تأييد انقلاب عسكرى.
فى اعتقادى ان الجبهة الاسلامية لم تأتى من الفضاء كما صورها اديبنا الطيب صالح قى مقاله الرائع) من أبن اتى هؤلاء ) ولكنهم جزءا من مجتمعنا وما بمبزهم هو انهم يحملون عصارة سوءاتنا جميعا، لذلك اتفق مع الحكمة القائلة بأننا جميعأ نحمل جرثومة الاصولية وان بدرجات متفاوتة ولا يسلم منها حتى الاخوة الجمهورييين. وفى محاولات ايجاد اسباب مقنعة لتأييد انقلاب ماب نجد بعضا من ملامح لنلك الاصولية التى اتحدث عنها.
ربما أقوم فى نهاية عطلة الاسبوع بالقاء مزيد من الضوء لتوضيح وجهة نظرى هذه .
مع فائق تقديرى واحترامى



الاخ الكريم ياسر

هناك بعض أسئلة كانت الاجابة عليها تبدو سهلة قبل ثلاثة او اربعة عقود من الزمان مثل:
هل يمكن بناء وترسيخ سلام بدون ديمقراطية؟
هل يمكن تطبيق قيم الاشتراكية او العدالة الاجتماعية بعد الاستغناء عن خدمات الديمقراطية؟
من الثابت حتى الآن سواء بالرجوع الى تاريخ السودان الحديث مثل اتفاقية اديس اببا ايام مايو الاولى او تجارب العالم من حولنا ان ذلك غير ممكن بشكل عام.
ربما كان موقفى مختلفآ قبل اربعة او خمسة عقود وذلك بحسب معطيات ذلك الزمان، وهذا ما فعلته الكثير من قيادات ذلك الجيل ولا يستثنى من ذلك الاستاذ محمود محمد طه عليه رحمة الله، فالرجل كان ابنأ لعصره. لكن من الصعب ان نتحدث اليوم عن انجازات لمايو لنعدد منها وقف نزيف الحرب فى الجنوب والذى لم يتوقف الا ليتجدد بشكل افظع. ولذلك فان مبررات تأييد انقلاب ما يو العسكرى على سلطة ديمقراطية منتخبة مهما كانت نواقصها يفقد مبرراته التاريخية واقصد هنا وفقآ لمعطيات عصرنا الراهن. أقول ذلك على الرغم من أتفاقى التام معك حول ازمة الاحزاب الطائفية البنيوية وتفريطها فى الحقوق والحريات فى اكثر من منعطف ، وقد كانت جبهة الميثاق الاسلامى هى رأس الرمح فى ضرب العديد من المكتسبات والحقوق رغم انها كانت أقلية فى ذلك الزمان. وربما كان موقف السيد الصادق المهدى من طرد النواب الشيوعيين بعد حادثة معهد المعلمين الشهيرة غجيب فلو حدثت فى اية مجتمع متحضر لاكتفى بالمسؤؤلية القانونية لمسببها شوقى، بدلآ عن مصادرة الحقوق السياسية لتنظيم باكمله. ظل الصادق المهدى يدافع عن موقفه ذاك حتى عهد قريب. واذكر كم كان احباطنا فى الثمانينات ونحن طلابآ فى الجامعة حينما قرأنا تصريحأ له بمجلة الجامعة يقول فيه ان حادثة معهد المعلمين انفعال يمكن ان يتكرر

طوبى للغرباء:
احدث ظهور الحزب الجمهورى وكذلك الحزب الشيوعى هزّة فى المجتمع السودانى قبيل وبعد الاستقلال خاصة بين اوساط مثقفيهن وقد احدثا هذين الحزبين انقلابا فى المفاهيم والقيم السياسية والاجتماعية واكتسبا عدد لاباس به من الاعضاء والمؤيدين ولا شك فى ذلك ولكن فى تقديرى انه حدث استبطان لغربة ما لدى العضو عن المجنمعthe main stream قاد هذا الاحساس بالغربة الى الالتصاق اكبر بالتنظيم والانغماس فى انشطته وفى تقديرى انه كانت من تبعات ذلك الاحساس المستبطن بالغرية هو تقديس ما لزعيم التنظيم ومصداقا لكلامى هذا فقد طال التقديس الصوفى هذا حتى قيادات الاحزاب العلمانية) تقديس شخصية المرحوم عبد الخالق محجوب مثلا) فمازال اعضاء الحزب الشيوعى يؤمنون بصحة مقولة لجنتهم المركزية ضعيفة المنطق فى تنصلها عن مسؤليتها تجاه انقلاب 19 يوليو والمقتبسة اصلأ عن سعد زغلول ،ان انقلاب يوليو شرف لا ندعيه وتهمة لاننكرها، وهل يمكن ان تخطىء قيادة الحزب فى التقييم؟ بل هل يمكن ان يخطىء قائد فى حجم عبد الخالق محجوب؟
ربما لم يكن موقف الجمهوريين اليوم فى تقييمهم لتاكتيكات الامس يخضع فقط للمنطق الذى تعرضت له فى يداية مساهمتى هذه ، ربما ارتبط الحزب الجمهورى بشخص الشهيد الاستاذ محمود، فأصبح الرجل هو السياسات، وربما كان نقد السياسات والتاكتيكات تعد بمثابة مساس بسيرة الرجل اكثر من كونها تقييما عاديآ لتاريخ منظمة ما،




الاخ الفاضل ياسر

فى تقييمها لانقلاب 19 يوليو حاولت اللجنة المركزية للحزب الشيوعى التنصل من مسؤلية الانقلاب ومحاولة تصويره على انه كان مبادرة من المرحوم هاشم العطا والمجموعة التى كانت معه. وعليه يرجى الرجوع الى ذلك التقييم، لان هذه الحقيقة يدركها اى متابع. اما كتاب الاستاذ الجليل محمد سعيد القدال امد الله فى عمره فتظل مبادرة شخصية. بمعنىآخرحاولت اللجنة المركزية نفى حقيقة انها هى التى اعطت الضوء الاخضر لخلاياها العسكرية للتنفيذ. بينما تؤكد شواهد عديدة ان المرحوم عبد الخالق محجوب هو الذى كان يشرف شخصيا على التنفيذ وقد قام قبلها بصياغة كاملة لبرنامج الانقلاب من معتقله فى الشجرة وهذه قصة طويلة لكن اهم تلك الشواهد هى شهادة الدكتور فاروق محمد ابراهيم من داخل اللجنة المركزية والذى اوضح انهم فى احدى اجتماعات الجنة المركزية فى العام 1970 على ما اعتقد ان اعضاء اللجنة المركزية حين سألوا مسئول العمل العسكرى عن التحضيرات وقد كان المرحوم عبد الخالق محجوب اجابهم بانه لن يعطيهم اية معلومات لان الامر يتعلق بحياة رفاق ثم اضاف : اقول ليكم كلام علشان بكرة القاهو فى خباز_ خباز كان مقهى شهير فى الخرطوم على ذلك الزمان_لكن اهم شىء فى شهادة دكتور فاروق هى ان اللجنة المركزية كانت قد اتخذت قرارها بالانقلاب فى دورة انقادها فى ابريل او مايو اى قبل اشهر من الانقلاب الذى كان التحضير له قد بدأ قبلها بكثير.
قصدت من هذا السرد ان اقول ان محبة القيادة شىء ايجابى ومطلوب ، خاصة اذا ما كانت تلك القيادات كاريزمية من امثال الاستاذين عبد الخالق محجوب ومحمود محمد طه، ولكن العيب هو ان تتحول هذه المحبة الى تقديس حيث يزعجنى مثلا ان يجد مثل هذا التنصل من انقلاب يوليو وحججه الضعيفة اذنأ صاغية من متعلم صرف عليه دافع الضرائب السودانى الغالى والنفيس وفى اصعب الظروف من اجل تعليمه وتوعيته.
الدفاع عن تأييد الجمهوريين لانقلاب مايو ايضا ضعيف بمعطيات اليوم بمعنى اننا يمكن ان نجد العذر للاستاذ محمود ومن معه فى ذلك الوقت حيث كانت الاشتراكية تعد كلمة اكثر بريقآ من الديمقراطية ، ولكن اليوم ووسط هذا الجيل الذى توفرت له التجربة والمعارف الانسانية التى تؤكد اهمية ان تتخلل نسمات الديمقراطية كل خلايا المجتمع كشرط ضرورى لانجاز اية شىء من محاربة الفساد وحتى المحافظة على السلام ، فمن السهل توقيع اتفاقيات السلام والمحافظة عليها بعض الوقت ولكن من الصعب جدآ المحافظة عليه كل الوقت. من الصعب الدفاع عن موقف مثل تاييد انقلاب مايو وسط ابناء هذا الجيل بعد كل ما توفرلهم من معارف وتجارب. ولكن فى اعتقادى ان التقديس الذى يحول بيننا ورؤية الواقع بوضوح يعد نوعا من الاصولية

Post: #18
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-07-2006, 01:20 PM
Parent: #17

Quote: انا دائما بقول انو اي انسان قبل ما يدخل اي حوار ويهاجم الاخرين يجب ان يكون متسلح بالمعلومات والمعرفة , وللاجابة على هذا السؤال اسالك سؤالا وساجاوب عليه لاني لا اتوقع معرفتك بالاجابة وهذا من خلال مداخلتك اعلاه
ما هي بنود المصالحة الوطنية ؟ وهل التزم النميري بتنفيذها ؟ وبعد ان تنكر لها هل استمر حزب الامة في المصالحة ؟
واحده من اهم بنود المصالحة الوطنية هو اجراء انتخابات حرة ونزيه بالبلاد واشاعة الحريات الاساسية ولكن حزب الامة يعلم جيدا مقدرته على اكتساح هذه الانتخابات وبالتالي تغيير النظام ولكن لم يتم الالتزام بهذا البند وركب الاحمق راسه وسدر في قييه ولذا خرج حزب الامة من المشاركة في النظام بنفس القوة التي صالح بها ولم يتم عامه الاول بعد واكتفى بوقف الدماء بين ابناء الشعب السوداني وعمل من اجل الانتفاضة الشعبية ونجح في ذلك باسقاط النظام بانتفاضة رجب ابريل والتي انطلقت من اتحاد جامعة ام درمان الاسلامية اتحاد سلامة عضو الطلاب الانصار حزب الامة

هل تعلم ذلك ؟؟؟

وجاء في كتاب سقوط الأقنعة للمؤرخ السوداني الأستاذ فتحي الضو :
في غمرة التمنيات،قطع إنقلاب مايو الطريق،ويذكر أنه بعد وقوعه ،لم يكن للسيد الصادق أيّ تحفظات عليه ،سوى إبعاد الواجهة الشيوعية ،ربما لأنه إنقلاب وطني بحسب عرفه !!وقد نقل رغبته تلك إلى جعفر نميري قائد الإنقلاب ،بل تطوع بتقديم خدماته لإقناع عمه الإمام الهادي ،فأعطاه نميري ضوءاً أخضر ،فغادر إلى الجزيرة أبا التي استعصم بها الإمام الهادي ،مصمماً على معارضة الإنقلاب الشيوعي ولكن الأخير طلب منه البقاء في الجزيرة للهدف نفسه عوضاً عن اصطحابه هو للخرطوم لمفاوضة الإنقلابيين ،وأثناء ذلك توجس الإنقلابيون منه خيفة بظنهم أنه خدعهم ،فاستدعوه بدعوى مواصلة الحوار وعند وصوله، تم اعتقاله،وإرساله إلى سجن بورتسودان،وبذلك منحه الإنقلابيون شرف معارضتهم !!وهوشرف لم يسلم من الأذى ليس لأنه لم يرق على جانبيه الدم،ولكن لإنه شرف سعى له،ولم يسع هو إليه!!.
إذا ما أضفنا لكل ذلك الصفقة السياسية التي تمت بينه وبين نميري العام 1977 والتي سميت تجاوزاً ب المصالحة الوطنية فقد كانت في حقيقتها قواسم مشتركة لأفكار شمولية ،طمح لها المهدي،ولوح له بها النظام المايوي ،مثل الجمهورية الرئاسية والتنظيم السياسي الواحد والتوجهات الإسلامية....الخ ولم تكن الديمقراطية فيها سوى فريضة غائبة، لم تجر سيرتها،لا على الورق ولآ حتى على الألسن،ولو لآ أن نميري انقلب على نفسه بعدئذٍ لما وعد به المهدي لذاته،لما وجد الأخير هذا تبريراً في معارضة نظام نميري،والذي لا فرق في توجهاته الديكتاتورية في أي من سني حكمه الست عشرة،عليه فإن إستنساخ الأخطاء ،وتبرير الفشل يظلان سمة مسيرة السيد الصادق المهدي السياسية،لكنه لا يأبه لذلك كثيراً.

أبوحمد

Post: #19
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: محمد حسن العمدة
Date: 11-07-2006, 03:40 PM
Parent: #18

Quote: أى نوع من السياسيين هـذا الذى يستغفلـه النميـرى، ثم يستغفلـه الترابى فى جنيف


ابو الريش

طبعا ده نوع نادر جدا ولم يعد موجودا في سياسي
بلادي الان نوع يكره العنف وسفك الدماء يتمنى الخير
والسلام لاهله .. انظر حتى ما جاء به الاخ عثمان
عبد القادر على قلم من نعته بالمؤرخ فتحي اثبت
ان تاريخ الامام الصادق المهدي كاره للعنف فهو سعى
للتفاوض مع نميري من اجل حقن دماء شعب السودان في
الجزيرة ابا ولكن غدر به النميري واودعه السجن .
وباصرار النميري لم يكن مفر من قعقعة السلاح فكانت
احداث 76 حركة المقاومة الوطنية بقيادة العميد محمد
نور سعد وقبلها كانت حركة المقدم حسن حسين والحبيب
عباس برشم والذين قتلا بوادي الحمار تعذيبا على حجارة
في عز شمس ساخنة ولا يعلم احد اين دفنا , كانت مايو
الاكثر دموية وفقدت البلاد خيرة ابنائها على يد سيف السفاح
نميري الذي ايده الطاهويون في الوقت الذي كان يتلذذ بتذوق
دماء الانصار في ود نوباوي والجزيرة ابا ويتجرعون الكاس
في محاكمة وقتل الشفيع احمد وعبد الخالق محجوب والذان
قتلا بفقع الاعين اي والله بفقع الاعين بطعنة سونكي بيد النميري
وكان سكيرا في ذلك الوقت كان الطاهويوين يؤيدون النميري
ويقدمون له النصائح في كيفية البطش بالرجعية والطائفية .

بين العنف والعنف المضاد خرج الامام ب77 من اجل حقن الدماء
وفعلها مرة اخرى في جيبوتي وكانت المدخل الرئيسي لكل
الاتفاقيات اللاحقة ويكفيه شرفا انه فاتح هذا النفاج الذي
اوقف سيل الدماء فقد تسلح الجميع ودوت المدافع في كل
انحاء البلاد ولا تزال

انه قلب طاهر ملي بحب هذا الشعب كاره للعنف وللدماء لا لشي
الا لانه انسان
يكفي انه وطوال عدد ما حكم من سنين لم يقتل ولم يسرق ولم
يشرد ولم يفصل ولم تسجل في تاريخه حالة انتهاك لحقوق انسان .

لقد كانت فترات حكمه فترات خير وبركة ونمو

كل ما تكتبه يا ابو الريش لن يحلك من ورطة تاييد مايو
ولا مخرج سوا الاعتذار لهذا الشعب العظيم

Post: #20
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: طلعت الطيب
Date: 11-08-2006, 01:11 AM
Parent: #1

الاخ عوض
تحياتى
أتفق معك اجمالآ ، مع اختلافى معك فى بعض التفاصيل. أعتقد أنه مطلوب من الاخوة فى الحزب الجمهورى اعادة تقييم لبعض الاخطاء التى حدثت منهم فى الماضى، وعلى رأسها موضوع تأييدهم لمايو . طبعآ لاحزابنا الاخرى اخطاء اكثر جسامة عبر تاريخها والمسألة ما قاصرة على تجربة الحزب الجمهورى والذى لا يخلو تاريخه وطرحه من اضافات حقيقية للفكر السودانى .
لكنى وحسب ما سقته من ملاحظات اعلاه ، أعتقد ان ذلك النقد شبه مستحيل لان نقد الماضى ربما لا يعد نقدآ عاديأ بل يتعداه الى المساس بشخص الاستاذ محمود عليه رحمة الله، فقد ارتبط الرجل والحزب الذى أنشأه ارتباطأ لا انفصام عنه مما يجعل مراجعة مواقفه نوعآ من المساس بقداسة لا يستطيعون الفكاك منها. وهذه هى الاصولية التى تحول دون رؤية الواقع كما هوو التى اشرت اليها .

Post: #21
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-09-2006, 03:56 AM
Parent: #20

Quote: في ذلك الوقت كان الطاهويوين يؤيدون النميري
ويقدمون له النصائح في كيفية البطش بالرجعية والطائفية .


Quote: الاخ عوض
تحياتى
أتفق معك اجمالآ ، مع اختلافى معك فى بعض التفاصيل. أعتقد أنه مطلوب من الاخوة فى الحزب الجمهورى اعادة تقييم لبعض الاخطاء التى حدثت منهم فى الماضى، وعلى رأسها موضوع تأييدهم لمايو .

كتب الأستاذ أبوبكر الأمين لصحيفة الحرية بتاريخ 18/1/2002 مايلي:
Quote: ومثلما كان شهيد الفكر يلتقط دائماً أول الخيط ويدهشك بمقدار من العمق والتناول غير المسبوق ويطرح كل ذلك في بساطة ومباشرة وسهولة اقترح الجمهوريون عقد ندوة حول هذه الظاهرة وارسلت الدعوات بسرعة للعديد من وجهاء وأعيان ورموز مدينة كوستي وكنت وصديقي فاروق بلول نقضي اجازة بالمدينة وكانت صلتنا بالاخوة الجمهوريين وطيدة ولم ينس الذين حملوا الدعوات أن يضمونا الى قائمة هؤلاء الوجهاء والاعيان. وجلسنا في مقاعد الندوة نستمع الى طرح شامل صارت فيه تلك الواقعة حدثاً جللاً لابد من تلافي عواقبه قبل أن تتخرج على أيدي المحرضين اجيال مشربة بالعداء والعنف ولا تعرف فضيلة المناقشة والحوار. وكنت قد لاحظت أن الشهيد الاستاذ كان وهو يرد على الاسئلة والمداخلات يحرص على ذكر اسم السائل وخطر لي أن هناك من يبعث اليه بورقة يعرفه فيها باسم المتحدث لكني لم أرى مثل تلك الورقة ومضى بي التفكير (الواقعي) الى أن الاستاذ يعرف معظم الحضور بسبب علاقته السابقة بالمنطقة عندما كان يعمل مهندساً في المشاريع الزراعية بالنيل الابيض ولكني أفقت من هذه (الواقعية) عندما ناداني باسمي وهو يرد على سؤالي الذي كان مصاغاً بطريقة تعلمناها في دروس المساجلات الطلابية التي تهدف الى ارباك الخصم لا الى كمال الحجة والمنطق، قلت للاستاذ الشهيد: أنتم الآن تحتجون على بعض الصبية الذين قذفوا الجمهوريين بالحجارة وتغضون الطرف عن أكبر المجازر التي لا عنف أكبر منها عندما علق أنبل الرجال على المشانق من أمثال عبد الخالق محجوب وتؤيدون نظام مايو الذي مارس ذلك العنف... وبهدؤ شديد واطمئنان شامل قال لي كلمات وان كنت لا اتذكر الآن نصها بالضبط إلاّ أنه ذكر ما معناه انني اناقش مسألة مهمة هي ذاتها التي يطرحونها للنقاش حتى لا يكون حسم الخلاف عبر العنف والفرق اننى أتحدث عن الماضي وهم يتحدثون عن المستقبل وأنا أتحدث في السياسة وهم يتحدثون في التربية التي هي عاصم الآجيال الجديدة عن اقتراف تلك الاخطاء وقال كلمات خيّرة في حق الشهيد عبد الخالق وعرفت في لحظة قصيرة ما لو قضيت العمر كله ما عرفته عن مفكر سوداني كان خلاصة أخيرة لصوفية خلاويها موغلة في القرون وبهمة كما قال الشيخ تاج الدين البهاري (تصلح لإقامة الدين).

كتب المرحوم محمد طه محمد أحمد في الوفاق مايستبين معه المحلل الموضوعي رفض الأستاذ لتطبيق الفهم السلفي للشريعة الإسلامية التي كان مبيتاً إجازتها عشية انقلاب مايو1969 :
Quote: ولو استشار مدير الجامعة عميد كلية القانون لقال له العميد ان حكم القاضي المهلاوي والقاضي المكاشفي بالاعدام على المهندس محمود محمد طه قد تعرض للنقد والنقض في المحكمة العليا وهذا الحكم يدرس في كليات القانون كسابقة للاحكام الخاطئة التي تمت على عجل واعدمت انساناً بعجلة سياسية لا علاقة لها بالتروي والصبر والحكمة واعطاء فرصة لمن ادين بالضلال ان يتوب ويلحق لركب الهداية وهي نفس الفرصة التي منحها النميري لنفسه منذ عام 1969 حتى عام 1983 حينما كان ضالاً قبل اعلان وتطبيق الشريعة الاسلامية وقال في بياناته وتصريحاته الاولى ( لقد مزقنا الوريقة الصفراء وريقة الدستور الاسلامي).

وواصل المرحوم محمد طه محمد أحمد في صحيفته الوفاق ما يلي مبيناً زهد الأستاذ محمود في الدنيا وكسبها الزائل مما يؤيد الحجة في رؤيته الموضوعية لمايو رفضاً وقبولاً :
Quote: ان القضاة الذين يقول مدير جامعة النيلين انهم يجب ألا يتعرضوا للنقد اعدموا رجلاً ودفنوه في قبر مجهول، فماذا يعتبرهم اذا وصل الجدل حول حكمهم الى انهم اخطأوا أو اصابوا ؟؟ انهم احياء يرزقون، بعد ان اعدموا زعيم حزب ظل يعيش في بيت جالوص في الحارة الاولى بالثورة- ام درمان. ان القضية ليست هي فقط اعدام المهندس محمود محمد طه فقط لانه يطرح فكراً صوفياً شاطحاً او متطرفاً يقول فيه انه يرجو ان يكون الانسان الكامل تماماً كما قال الحلاج؟ ان الطلاب يريدون ان يعرفوا لماذا نجح زعيم حزب سياسي في ان يرسخ على الاقل القدوة في معاشه ووسط تلاميذه، فعاشوا اشتراكية حقيقية بينما فشلت كل القوى السياسية في ذلك وبحثت عن الرفاهية ورغد العيش؟ لماذا نجح محمود محمد طه في ان يعيش في بيت الجالوص، وهو اول مهندس في السودان؟ وكيف استطاع اقناع تلاميذه بان يعيشوا في مجتمع نموذجي مثل الاشعريين الذين كانوا اذا وجدوا طعاماً اقتسموه بالسوية؟؟



أبوحمد

Post: #22
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-09-2006, 04:46 AM
Parent: #21

Quote: ان اى تنظيم أو جماعة يحتاج إلى قدر كبير من تخانة الجلد و تبلد الحس الاخلاقى ليغض النظر أو يتعايش مع هكذا نظام يرتكب مثل هزه الموبقات!!! خصوصا ان قصارى جهد الجمهوريين في " نقد" مايو كما قلت أنت كان الدعوة لترشيد استهلاك البنزين و التلفونات!!! (يا مثبت العقل و الدين)


Quote: خرج حزب الامة من المشاركة في النظام بنفس القوة التي صالح بها ولم يتم عامه الاول بعد واكتفى بوقف الدماء بين ابناء الشعب السوداني وعمل من اجل الانتفاضة الشعبية ونجح في ذلك باسقاط النظام بانتفاضة رجب ابريل والتي انطلقت من اتحاد جامعة ام درمان الاسلامية اتحاد سلامة عضو الطلاب الانصار حزب الامة

هل تعلم ذلك ؟؟؟


يقول الدكتور منصور خالد :
Quote: شهدنا في الفصل الماضي ما بلغه نظام النميري من ضعف رغم كل مظاهر الجبروت، وما انتهى إليه من زراية رغم كل مظاهر القداسة، منخوراً كمنسأة سليمان أصبح . فمنذا الذي يقدم على لكز الهيكل المتهافت؟ ومنذا الذي يتقدم لإزالة التمثال من قاعدته ومنذا الذي، كما يقولون، يجرأ على تعليق الجرس في رقبة القط؟ فمع كل عوامل ضعف النظام التي كانت بادية للعيان استمر خصوم النظام يتجادلون ويتصارعون في أمور ، حتى وإن افترضنا أهميتها النظرية ، إلا أنها كانت غير ذات موضوع في تلك الساعة . أشبه بفقها الزمان القديم كانو يتجادلون حول الملائكة : أذكور أم إناث في الوقت الذي كان يقضم فيه الطاعون كل من حولهم . والطاعون أرأف حالاً مما كان عليه أهل السودان في زمن الطوارئ .
كان الكل يترقب حدثاً من السماء في حين كان الوضع في انتظار سيراجيفوه أو قل تيموشواراه ، سيراجيفو أو تيموشوارا كانت هي اغتيال محمود محمد طه ، الحدث الذي طعن السودان في خاصرته ، وطعن أهل السودان في واحدة من أمجد خصائصهم التسامح . وكان ذلك الحدث قمة لأحداث متتاليات من التحقير للرجال والتشهير بالنساء ، والتعهير للمبادئ السامية ، وهل أسمى عند المؤمنين من مبادئ دينهم؟ في ذلك التحقير والتشهير والتعهير لم يكن النميري وحده، كان معه "الأخوان المسلمون" الذين سعوا لأن يجدوا للجنون نسباً مع الدين وهم يتوسلون بفقه التبرير الزائف . وكان معه الزئبقيون من العلماني اسلاميين الذي دخلوا ديانة في النميري أفواجا ، كاذباً وراء كاذب . وكان معه أيضاً رجال هم عدته وعديده في تنفيذ أحكامه الجائرة المشتطة ومن هؤلاء من حُمل جثمان محمود الطاهر بأمرهم وتحت أعينهم ليدفن في مكان قصي.
وحين صمت الكبار أمام ذلك الحدث تقية وخشية ، أو تلهوا عنه لأنه صادف في أنفسهم موقعاً لأن كثيراً منهم لم يكونوا يشاركون الرجل أفكاره ، برزت مجموعة أخرى تقول أما بعد ، والنحاة يسمون "أما بعد" بفصل الخطاب . تجمع قلة من النقابيين وقلة من النقابات لتطالب بإلغاء قوانين سبتمبر وإيقاف تنفيذ الحكم على محمود . كان موقفهم شجاعاً لأنه تم وسيف ديموقليس مسلط على الرقاب ، وليت النميري كان ديموقليس ..... تجمع ممثلون على ليسوا من النقابات ليقولوا كفى ، تلك النقابات الست كان لها قصب السبق في "تعليق الجرس" في رقبة القط" ثم ذادت إلى ثلاث عشرة نقابة وقعت على مذكرة تستنكر الحكم الجائر.

وكتب الأستاذ ابراهيم يوسف بتاريخ 20/1 /2002 :

Quote: ومن نماذج ذلك قول الاستاذ فتحي رضوان رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان " يشرف المواطن العربي أن يوجد بين إخوانه في هذا الوطن من يواجه طغيان الحكام بثبات ورباطة جأش رافضاً أن يتعاون مع هذا الطراز من المحاكم والقضاة وأن يتمسك برأيه ولا يخاف حتى حينما يصل الأمر إلى التهديد بالموت". ونشرت صحيفة العرب القطرية عن " تعاطف الطبقات السياسية والمثقفة في السودان مع غاندي أفريقيا " كما وصفت، وأذاعت وكالة الأنباء الفرنسية أن الأستاذ " قابل الموت وهو يبتسم" ونعتته الصحف الأفريقية بأنه قديس " قال للطاغة لا" وقالت سيدرك المسلمون قريباً ان الرجل قد كان قديساً " لأنه قبل أن يموت من أجل أن يعيش أخوانه بصورة أفضل " كما قالت صحف أتاوا " أن محمود جزء من آلام المخاض المتأجج لأفريقيا الحديثة" كما دفعت فداحة المأساة وصدور الحكم الجائر إلى مجاهرة أثنتي عشر نقابة سودانية بمعارضة السلطة وتوالت النقابات والتنظيمات الساسية وهنا ولد التجمع الذي قاد الإنتفاضة التي أسقطت النظام بعد 76 يوماً كما حركت المأساة المنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب والمحامين المصريين لارسال وفد للسودان لاستنكار ذلك الحكم.

كتب الأستاذ الحاج وراق:

Quote: ولذلك كان الأستاذ محمود محمد طه أصيلاًََ واحداً وإستثنائياً في بحر القيم التقليدية المتلاطم في البلاد. دعا إلي " التوحيد" ليس كلفظة تردد بلا روح وإنما كتوحيد بين الظاهر والباطن .. ودعا إلي الإنسان الحر – وهو بحسب تعريفه – الذي يقول كما يفكر ويفعل كما يقول ثم لا تكون نتيجة قوله وفعله إلا براً بالأحياء وبالأشياء . وكان بأسلوب حياته كلها، وبرحيله كذلك، موحداً وحراً . أعطي مثالا ًعز نظيره في تطابق القول والممارسة .
سمعته يقول "سيأتي نموذج الإنسان الذي يهزم تجربة الموت ويمشي الي الله مشياً.." وكان قوله فعله.... مشى في لجج الموت نازعاً حتي غريزة البقاء، وليس أقوى منها غريزة ، مشى هادئاً مطمئناً، بل وباسماً – إبتسامة الرضا برؤية إكتمال المسير خلف غبار الجزئي والمؤقت والعابر والشرير. مسير تحقق الحرية المطلقة والخير المطلق والجمال المطلق


أبوحمد

Post: #23
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-09-2006, 05:46 AM
Parent: #22

Quote: الاخ ياسر
الايمان بالديقراطيه لايتجزأ فشخص الديقراطى او التنظيم المؤمن بالديقراطيه لايتنكر لها مهما كانت الاسباب والحجج. فلا يضير ان تتمسك بالديقراطيه منهجا وحياه على الرغم من عدم تقيد الاخرين بها على حسب قولك (بان بديل مايو لم يكن ديقراطيا).


Quote: و يبدو ان الجمهوريون كانوا متأثرين وقت إطلاق هزه الدعوة بفكرة المنابر التي ابتدعها نظام السادات في مصر منتصف السبعينات للالتفاف حول المطالبة الشعبية وقتها بإقرار نظام الأحزاب.

كتب الباحث الدكتور حيدر ابراهيم على:
Quote: و المهم في الوضعية السياسية – الحزبية للجمهوريين هي عدم اشتراكهم في أية انتخابات عامة كحزب حتي ولا ضمن قوائم الخريجين , وهذا ما يجعل المرء يبعدهم عن تصنيفات الاحزاب السياسية القائمة .
ترتكز مساهمات الاستاذ محمود محمد طه الفكرية و السياسية في محورين :
الأول : تجديد و تحديث التفكير الدينى و الشريعة الاسلامية و فكرة الدستور الاسلامى .
الثانى : الدعوة للديمقراطية بمضمونها السياسى و الاجتماعى – الاقتصادى فهو ليس مجرد ليبرالى بسبب دعوته المتكررة للحرية . ولكن اقرب للديمقراطيين الاشتراكيين حيث تتكرر دعوته للاشتراكية مع رفضه للماركسية .
وعلى المستوى الحركى كان العمل الجمهورى يسعى لتاكيد المحورين السابقين من خلال مهام محددة لازمت الجماعة منذ قيامها منتصف الاربعينات وهي مواجهة الاستعمار و الطائفية و الفكر السلفى المتخلف ( كتاب الشؤون الدينية تحمي العلماء المؤتمرين من الافكار الجمهورية 1981 ص 10 )

كتب اسامة الخواض:
Quote: قد أمضى الأستاذ محمود اربعين سنة يعلم شعبه بكتبه ( تعلموا كيف تصلون ) .. ( تعلموا كيف تتعاملون ) .. إلخ .. ثم كتب كتابه الاخير ( تعلموا كيف تموتون ) ...

الأستاذ سنة 1946 م:
Quote: (فلا يظنن احد أن النهضة الدينية ممكنة بغير الفكر الحرولا يظنن احد أن النهضة الاقتصادية ممكنة بغير الفكر الحر ولا يظنن احد أن الحياة نفسها يمكن أن تكون منتجة ممتعة بغير الفكر الحر).
( فليتدارك الله ديناً يحيا باسمه أناس في برد العيش وقرار النعمة ورخاء الدعة وباسمه هم لأبنائه يكيدون ).


الجامعة تنفرد بآخر حديث صحفي للأستاذ محمود محمد طه قبيل إغتياله
محمود:
Quote: كنا أمام خيارين مايو أو الطائفية والهوس الديني
فارتضينا أخف الضررين


أبوحمد

Post: #24
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-09-2006, 12:16 PM
Parent: #1

سلام للجميع..

فوق..

ريثما أجد الوقت للعودة أرجو أن أقرأ رد الأخ الدكتور عوض محمد أحمد على مسألة "الغمز واللمز" حتى يكون الحوار متعافى بيني وبينه..

وشكرا

ياسر

Post: #25
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: محمد حسن العمدة
Date: 11-09-2006, 01:03 PM
Parent: #24

أرى أن الافضل هو اعتذار الجمهوريين عن تاييدهم لنظام السفاح الفاسد الفاسق النميري

Post: #26
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Kostawi
Date: 11-09-2006, 01:18 PM
Parent: #25



عدد الردود 24
و عدد الزوار 2

????????????????

Post: #27
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-09-2006, 08:20 PM
Parent: #26

Quote: لكنى وحسب ما سقته من ملاحظات اعلاه ، أعتقد ان ذلك النقد شبه مستحيل لان نقد الماضى ربما لا يعد نقدآ عاديأ بل يتعداه الى المساس بشخص الاستاذ محمود عليه رحمة الله، فقد ارتبط الرجل والحزب الذى أنشأه ارتباطأ لا انفصام عنه مما يجعل مراجعة مواقفه نوعآ من المساس بقداسة لا يستطيعون الفكاك منها. وهذه هى الاصولية التى تحول دون رؤية الواقع كما هوو التى اشرت اليها .

إذا صح القول أعلاه بطل أدناه ويكون المطالب بالإعتذار هو الأستاذ وليس الجمهوريين علماً بأنّا لم نسمع من أهل العلم والفكر غير أهل الهوى من طالب الأستاذ محمود بهكذا إعتذار، فمن فسّر موقفه الأول بأنه دعم لنميري كان عليه أن يفسر موته من أجل الضعفاء بمثابة إعتذار عملي وليست شفهي فهل فعل غيره من الأحياء المنعمين!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!؟
Quote: أرى أن الافضل هو اعتذار الجمهوريين عن تاييدهم لنظام السفاح الفاسد الفاسق النميري


Quote: ( خير الجهاد كلمةُ حقٍ أمامَ سلطانٍ جائر ) حديث نبوي شريف
( سيد الشهداء حمزة ورجلٌ قال كلمةَ حقٍ أمامَ سلطانٍ جائر فقتله بها ) حديث نبوي شريف

وهذا رأي أهل الفكر والعلم في سوداننا المعاصر:

إهداء اللجنة القومية للإحتفاء بيوم حرية الفكر
الثامن عشر من يناير كل عام
الحرية لنا ولسوانا :
Quote: إلى الشعب السوداني الطيب ، الذي أنجب الأستاذ محمود ، والذي سيظل ينجب الأحرار ، وينجب المفكرين . ثم إلى العالم الذي أضحت حاجته إلى الفكر الثاقب ، الذي به يتوحد الكوكب ، وبه يتحقق السلام ، والعدل ، والرخاء ، حاجة حياة . نهدي هذا الملف الخاص بذكرى إستشهاد رجل الفكر والسلام والحرية .الذي عاش مفكراً ، حراً ، فـذاً ، رائـداً ، في إبراز الوجه السلمي ، الحضاري ، للإسلام .والذي مات كأكرم ما يموت الرجال ، حيث قدم روحه الطاهرة فداءً لشعبه الطيب ، شعب السودان ، وهو يبتسم راضياً مسروراً


كتاب أهوال الحرب وطموحات السلام للدكتور منصور خالد.
إهداء لحرية الأستاذ الفكريَة والسلوكيَة :
Quote: محمود محمد طه : رجلٌ لم يأسره الحرص إذ غني عن الدنيا باليأس منها .
ومفكر ذو بصر حديد لم يتق غير الله في التعبير عن فكره ،جابه الناس بهذا الفكر ولم يستدبرهم بغيب. فآراؤه السياسيّة التي أجلينا في هذا الكتاب،منذ مؤتمر الخريجين ،آراءٌ لا يجسر عليها إلا أولو العزم في وطن فيه للباطل سلطان،. واجتهاده في الدين اجتهاد بديع بريع لا يرفضه إلا من ضاق وعاؤه، ولئن عاد من عاد إلى الكثير من تلك الاجتهادات ،فهو متبع لا مبتدع .

كتاب سقوط الأقنعة للأستاذ فتحي الضو :
الإهداء :
Quote: إلي الأستاذ محمود محمد طه .. شهيد الفكر الحر، الذي أنذرنا بقدوم الطوفان ، ولم نستبن النصح إلا ضحى الغد….!!
واجه الموت معتدلاً بابتسامة وضيئة، هزمت ترَهات الظلاميين .. لم يدركوا بأنه ليس في الجبّة إلا كلمة حق في وجه سلطان جائر ..


أبوحمد

Post: #28
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-10-2006, 06:12 AM
Parent: #27

الأخ الأستاذ عثمان عبد القادر "أبو حمد"



كتابتك جعلت للبوست نكهة عجيبة بالتوثيق لكتابة نفر ممن تحررت عقولهم وصفت قلوبهم.. ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل..

لك ولهم التحايا والإعزاز..

ياسر

Post: #29
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-10-2006, 06:17 PM
Parent: #28

شكراً لك أخي د. ياسر وأحييك لما تقوم به من جهد لحفظ الفضل لرجل بقامة الأستاذ محمود.
نحن لسنا ضد أحد ولا نريد أن نغمط الناس أشياءهم وإنما نحزن وتنفطر أفئدتنا وتنهمر دموعنا كسيلٍ حطّ من علٍ عندما يعرف من هم خارج السودان قيمة الفداء الذي قدمه الأستاذ محمود لأهله ولأخوته في الإنسانية جمعاء ولا يحفظ له هؤلاء الأهل ذلك، لا لشيء ذي بال أو خدمة لوطنهم وإنما بسبب عصبيّة الجاهليَة التي لا تنفك عن غزيّتها .
وليت أهلي وأبناء جلدتي ولسان أمي يمعنون نظر المتأمِّل فيما أوردته مجلة جون أفريك نقلاً عن ملف ذكري إستشهاد الأستاذ محمود الذي أعدته اللجنة القومية لحرية الفكر والتعبير.
Quote: مجلة جون افريك:
خصصت المجلة ذات الانتشار الواسع في افريقيا الناطقة بالفرنسية غلاف عددها الصادر بتاريخ 30 / 1 / 1985م لخبر الاعدام بعنوان ( الجريمة: اعدام محمود محمد طه غاندي افريقيا بسبب أفكاره).. وقالت المجلة إننا لا نعرف عنه شيئاً كثيراً.. ولكن استشهاده قد مسنا عميقاً.. واضافت اننا نأمل من المسلمين الذين أساساً يجهلون عبادة الشهداء، ألا يأخذوا زمناً ليعرفوا في محمود محمد طه رجلاً قديساً.. رجلاً يقبل أن يموت من أجل أن يعيش اخوانه بصورة أفضل.
أبوحمد

Post: #30
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-11-2006, 04:54 AM
Parent: #29

Quote: ريثما أجد الوقت للعودة أرجو أن أقرأ رد الأخ الدكتور عوض محمد أحمد على مسألة "الغمز واللمز" حتى يكون الحوار متعافى بيني وبينه..


الاخ ياسر
ختى لا ينجرف النقاش لسجال فى امور جانبية ارجو تزويدى- ان امكن ببريدك الالكترونى حتى اوضح لك اكثر
[email protected]

Post: #31
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: محمد حسن العمدة
Date: 11-11-2006, 05:19 AM
Parent: #30

Quote: وقالت المجلة إننا لا نعرف عنه شيئاً كثيراً..


ودي اكبر مشكلة ان تقدم على الكتابة عن شخص لا تعرفه فقط بسبب عواطف ساذجة

لو ان الصحيفة علمت بان محمود محمد طه كان يؤيد نظاما فاسدا
لو ان الصحيفة علمت بان محمودا كان يؤيد نظاما سفاحا عطاش للدماء
لو ان الجريدة علمت بان محمودا كان يؤيد من قتل النساء والشيوخ
وقتل خيرة ابناء السودان .. لو علمت كل هذا .. لما كتبت حرفا

ولكنهم لا يلعمون
هل قتل النساء والشيوخ والاطفال يعتبر اخف الضررين في عرف الجمهوريين ؟؟
اذا ما الفرق بينهم وبين متطرفي القاعدة من اللادنيين والزرقاويين والظواهريين ؟؟

لا فرق فالانسان هو الانسان والقتل هو القتل والدماء هي الدماء

Post: #32
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-11-2006, 06:45 AM
Parent: #30

عزيزي الدكتور عوض،
تحية طيبة
هذا ليس أمرا جانبيا ولا شخصيا فأنا يهمني جدا أن أعرف خطأي، إن وجد، حتى أعتذر عنه أمام الملأ.. وأنا أنفر جدا من الحوار الذي يحوي عنفا لفظيا أو غمزا ولمزا لأن الإحترام المتبادل بين المتحاورين من أساسيات الحوار نفسه..

على كل حال سأرسل لك على الإيميل وثق أنني سأعتذر لك على الملأ في حالة اكتشاف الخطأ، فإني أخشى أن أكون بالفعل قد أخطأت بحقك..

ولك شكري
ياسر

Post: #33
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-11-2006, 03:43 PM
Parent: #32

Quote: ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل


ومن أهل الفضل البروفيسور عبدالله الطيب،الذي نظم قصيدة من مائة وخمس وعشرين بيتاً في رثاء الأستاذ محمود عدّد فيها مآثره ورجولته وهوان مبغضيه وذلّهم وخنوعهم :
قد شجاني مصابه محمود مارق قيل وهو عندي شهيد
وطني مجاهد وأديب منشئ في بيانه تجويد
لم يجرد سيفاً وأصدر منشوراً وهذا أسلوبه المعهود
وهونهج من النضال حضاري بامثاله السراة تسود
وأراهم من ثغره بسمة الساخر والحبل فوقه ممدود
وعلى وجهه صفاء وإشراق أمام الردى وديع جليد
يالها وصمة على جبين القطر ستبقى وعارها لايبيد
أذعن الناس خاضعي أرؤس أذلة كل فواده مفؤود
أذعنوا خاضعين للجور والقهر وكل لسانه معقود

أبوحمد

Post: #34
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Abureesh
Date: 11-11-2006, 04:42 PM
Parent: #33

محمـد حسن العمـدة - درق سيـدو الما بمسك مويـة..

عارف لو كـررت حكايـة الطاهويين دى، التى تكررهـا مثل الببغـاء من فم سيـدك الصـادق المهـدى، فلا تظن أن الناس سـوف يفوتون الإستخفاف والسخف.. هـذه وحدهـا من حديثك التى عندهـا قيمـة (سالبـة).. باقى كلامك ما عندو أى قيمـة، لا سالبـة لا موجبـة..

وأرجو أن لا تغضب لا تغضب لا تغضب.

الصـادق لم يقتل رجلا بسيفـه.. نعـم، ولكنـه سـاق الاف الأنصـار لمجزرة 76، ثم عندمـا فشـلت بطبيعـة الحال، لأنه لم يكن جنرالا يخطط بإستراتيجيـات وتكتيكـات، وإنما بنفس خطـط المهديـة التى لم يضعهـا المهدى لهـذا الزمن.. عندمـا فشل فى الوصول الى السلطـة على أشلاء الأنصـار، قام بمصالحـة النميـرى.. وفى الحقيقـة لم تكن مصالحـة وإنما إذعان له بدليل قسمـه أمام النميـرى للولاء للإتحاد الإشتـراكى السـودانى ولثورة مايـو..

الصـادق يحتاج أن يعتذر للأنصـار أولا قبل أن يعتذر للشعب السـودانى.. ولست ألومك لعدم معرفـة أقـدار الناس، فإن الأستـاذ محمـود حريص على حياة الأنصـار أكثـر من الصـادق المهـدى.. والكذب الذى تنشـره بدون أدلـة أو براهين لا يقلل من قـدره أبـدا.

Post: #35
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-11-2006, 07:29 PM
Parent: #1

وصلة تستحق أن تجد مكانها في هذا البوست..

الدكتور محمد وقيع الله يكرر أكاذيبه مرة أخرى!!!

يتواصل

Post: #36
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-12-2006, 08:10 AM
Parent: #35

Quote: ومن أهل الفضل البروفيسور عبدالله الطيب


هل صحيح ان البروفيسور عبد اللة و الشاعر المجذوب كان ضمن اول مجموعة انتمت للفكر الجمهورى.

المعلومة المتداولة وسط البعض ان البروف كان من اشد خصوم التطرف الدينىرغم خصومته المعروفة مع اليساز

Post: #37
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-13-2006, 05:20 PM
Parent: #36

أشكرك يا عزيزي د. عوض على الرسالة الخاصة..

والحمد لله أنك عرفت أنني لم يكن قصدي أي غمز أو لمز.. يا سيدي شخصك محل احترامي وتقديري حتى لو اختلفنا في بعض الآراء..

الشاعر الراحل محمد المهدي المجذوب عليه رحمة الله كان من أوائل من انضموا للحزب الجمهوري في الأربعينات وله قصائد مشهورة منذ ذلك الوقت.. أما البروفيسور عبد الله الطيب فلم يحدث أن انضم للحركة الجمهورية في أي مرحلة من مراحلها [الحزب السياسي ـ الحزب الفكري ـ حركة الأخوان الجمهوريين].. ولكنه دخل التاريخ بعد كتابته لقصيدة يرثي بها الأستاذ محمود يقول في بعضها:

قد شجاني مصابه محمود مارق قيل ، وهو عندي شهيد
وطني مجاهد واديب منشئ في بيانه تجويد
وخطيب مؤثر ولديه سرعة الرد والذكاء الفريد

الى ان يقول :
علناً علقوه يشنق للجمهور ذاك المفكر الصنديد
أخرجوه لحتفه ويداه خلفه وهو موثق مشدود
جعلوه يرقى به الدرج الصاعد نحو الهلاك خطو وئيد
كشفوا وجهه ليعرف ان هذا هو الشخص عينه محمود
فاراهم من ثغره بسمة الساخر والحبل فوقه ممدود
وعلى وجهه صفاء واشراق أمام الردى وديع جليد


وهو بالفعل ضد التطرف والتعصب الديني..

وأرجو أن أجد الوقت للعودة لمواصلة الحوار حول الموضوع وبقية مداخلتك التي لم أعلق عليها بعد..

تسلم..

ياسر


Post: #38
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-14-2006, 07:34 AM
Parent: #37

شكرا د. باسر

Post: #39
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-14-2006, 10:51 PM
Parent: #1

عزيزي الأخ عوض،

تحية المودة والتقدير
قولك:

Quote: إنما فقط اختلف معكم في جزيئة ليست باى حال من أسس هزا الفكر و هي مسالة موقفكم من نظام مايو. و لا أدرى ان كنت كتبت مؤيدا لموقف الجمهوريين من مايو
1. السودان من أوائل دول الشرق الأوسط و أفريقيا التي شهدت نشأة الأحزاب منذ أربعينات القرن الماضي, و بدلا عنها " تنصحون" نظام مايو بإقامة المنابر الحرة و هي أشكال هلامية تتجمل بها عادة النظم الديكتاتورية للهروب من استحقاق النظام الحزبي الزى يترتب عليه تداول السلطة و قد شهدنا تطبيقا لها في نظام التوالي (الزى استحى منه الانقازيون فيما بعد و ألغوه). و يبدو ان الجمهوريون كانوا متأثرين وقت إطلاق هزه الدعوة بفكرة المنابر التي ابتدعها نظام السادات في مصر منتصف السبعينات للالتفاف حول المطالبة الشعبية وقتها بإقرار نظام الأحزاب.


الموقف من نظام مايو لم يكن خطأ إذا أخذنا في الاعتبار المعطيات في ذلك الوقت.. نظام مايو كان نتيجة طبيعية لإساءة الأحزاب إلى الديمقراطية وتزييفهم لها، وقد كان أخطر ما فعلوه قبل مجيء مايو هو إطلاق يد الجيش في الجنوب ليتصرف كجيش غازي وليس كجيش وطني.. ولذا لم يكن صعبا على جيش أطلقت يده ألا يلتفت إلى الوراء لينتزع السلطة من أولئك الساسة والزعماء الذين عجزوا عن حل مشكلة الجنوب سياسيا ويريدون أن يزجوا بالجيش الوطني في حرب أهلية بلا طائل، ترهق ميزانية الدولة، ويصعب كسبها لأن الثوار يحاربون فيها حرب عصابات، تواجهه الحكومة بالفتك بالمدنيين..

وقد كانت ديمقراطية الأحزاب زائفة وغير دستورية.. وذلك منذ بداية ما سمي بالحكم الذاتي بعد انتخابات 1953 .. يكفي أن ديمقراطية ما بعد أكتوبر لم تتم فيها انتخابات في الجنوب، ثم أن هذا لم يمنع الأحزاب الشمالية من إعلان 21 مقعدا [معظمهم شماليون!!!] فائزين بالتزكية في الجنوب!!!!! [أي ديمقراطية هذه؟؟] أرجع إلى كتاب الدكتور منصور خالد"السودان.. أهوال الحرب وطموحات السلام" تحت عنوان:
انتخابات زائفة وائتلافات متداعية، في صفحة 273..
وماذا فعلت تلك الحكومة ناقصة الشرعية في الجنوب؟؟ لنقرأ ما كتبه الدكتور منصور خالد بالتوثيق في صفحة 276 من نفس الكتاب:

Quote: (توقع الكثيرون أن يقبل محجوب، القانوني النصيف، على معالجة قضية الجنوب معالجة سياسية دستورية، ولكن رؤيته للقضية، للأسف، لم تختلف اختلافاً جوهرياً عن تلك التي ارتآها عبود. عادت الحكومة التي ترأسها محجوب إلى الإنكار القديم لوجود أية مشكلة حقيقية في الجنوب، وطفقت تردد العبارات المنهوكنة عن "المتمردين، وعملاء الاستعمار، وأعداء الحضارة العربية والإسلام". ففي واحد من أوائل تصريحاته بعد تولي الرئاسة، أعلن المحجوب أن حكومته سوف تواجه المشكلة الجنوبية التي خلّفها المستعمرون باتباع سياسة واضحة وحازمة من شأنها تأكيد وحدة البلاد وتحقيق رخاء الشعب دون تمييز بين أهله. أضاف رئيس الوزراء أنه لن يسمح بأي تدخل أجنبي إزاء سياسته الرامية لتصفية المنظمات الإرهابية. وإلى جانب تصعيد العنف، بلغت ريطروطيقا الحرب والكراهية المرضية للأجانب Xenophobia ذروتها في عهد محجوب. مثال ذلك التهم العشوائية التي وجهت إلى التجار الأجانب في الجنوب، خاصة اليونانيين والمسيحيين السوريين، رغم أن غالبية هؤلاء كانوا سودانيين بالميلاد، بل إن العديد منهم استقر في الجنوب منذ زمان وتزاوج مع أهله. تلك الاتهامات بلغت حداً لا يطاق من الغلو حين وصفت الصحيفة الناطقة باسم حزب الشعب الديمقراطي هؤلاء المواطنين بالتآمر مع المتمردين، ودعت إلى طردهم ومصادرة ممتلكاتهم. ولا نجد تفسيراً لهذه الكراهية المرضية للاجانب المزعومين سوى التحيز العرقي، لأن ظاهرة رهاب الأجانب، هي في حقيقتها، تعبير عن تحيز عرقي كامن. وبالرغم من أن حزب الشعب كان حزباً معارضاً للحكم يومذاك، إلا أن الحكومة لم تتوان ي اتخاذ الخطوات اللازمة لطرد هؤلاء الأجانب من الجنوب، بل اتبعت تلك الإجراءات بفرض الرقابة على الصحف للتعتيم على ما يدور في المنطقة، كما ذهبت إلى تطهير قوات الأمن المتمركزة في الجنوب من الجنوبيين باعتبار أن كل جنوبي أصبح طابوراً خامساً يتآمر مع "المتمردين".)

ويمضي الدكتور منصور خالد في السرد الموثق فيقول:
Quote: ((وكان محجوب، في سياسته القاسية نحو الجنوب، مدعوما بقرار إجماعي من الجمعية التأسيسية التي كان يسيطر عليها الشماليون، ويمثل الجنوب فيها عدد كبير من الأعضاء فاقدي الشرعية. بموجب ذلك القرار مُنح الجيش العامل في الجنوب الحرية الكاملة للتصرف لحماية النظام العام في جميع المناطق الخاضعة لسيطرته. ومما أثار قلق الجنوبيين أن كلا من الإخوان المسلمين والحزب الشيوعي السوداني صوتا لصالح ذلك القرار، وكان من المدهش، مثلاً، صدور تعليقين في يومين متتاليين من الصحيفتين الناطقتين اسم الحزبين ينددان فيهما بعنف الحركات المسلحة الجنوبية دون إشارة لتجاوزات الجيش. ففي 30 مايو 1965 كتبت جريدة الميثاق الناطقة باسم جبهة الميثاق الإسلامي تقول أن "الأسلحة المتدفقة للجنوب تجيء من دول أجنبية عبر الكونغو، كما اتمت وزيراً جنوبياً في الحكومة (هيلاري لوقالي) بإفشاء أسرار الدولة للمتمردين لأنه شارك في اجتماع بكمبالا لجبهة الجنوب. وحزب الجنوب المشار إليه، حزب سوداني شرعي كان يحتل موقعه مع بقية الأحزاب الجنوبية في مؤتمر المائدة المستديرة. وفي اليوم التالي (31 مايو) أوردت جريدة الميدان أن الحل السلمي الديموقراطي لن يتحقق في الجنوب إلا بازدهار الوطنية فيه، وتأييدها من القوى الديموقراطية في الشمال لحماية الوحدة. غير أن الميدان مضت تقول إن هذا غير ممكن طالما ظلت جماهير الجنوب واقعة تحت سيطرة أعداء الوطن الإرهابيين ودعاة الإنفصال، والإمبريالية. مفاد هذا الحديث أن ليس للحركات العسكرية دافع داخلي، وإنما هي فقط إرهاب داخلي أو نتاج لمؤامرات يغذيها الخارج.
نتيجة لقرار البرلمان صعّد الجيش من هجماته الانتقامية تحت مرأى ومسمع من الجميع، بل إن محجوب أصدر في يونيو 1965 إنذاراً نهائياً للجنوبيين لكي يستسلموا في غضون خمسة عشر يوماً. وعنما لم يستجب الجنوبيون لذلك الإنذار، أطلق محجوب العنان لإرهاب فاق إرهاب نظام عبود. قمة ذلك الإرهاب كانت هي المذبحة التي راح ضحيتها، حسبما أعلنت وسائل الإعلام، ألف وأربعمائة مدني جنوبي في مدينة جوبا في ليلة واحدة، وستة وسبعون موظفاً حكومياً في مدينة واو، وكلهم من صفوة الجنوب. بدا واضحا أن الحرية التي منحها محجوب للجيش ليحمي النظام العام في الجنوب، قد فُسّرت من جانب الجيش بأنها تفوض مطلق (carte blanche) له لأن يفعل ما يشاء ويختار. وتشير الأحداث إلى أن رأي الجيش قد استقر على أن كل متعلم جنوبي يشكل تهديداً محتملاً للحكومة، ولهذا فهو مشروع متمرد يجب استئصاله. نتيجة لهذا تعرض نفر كبير من متعلمي الجنوب للإبادة،[هامش: أكد تحقيق قام به قاض للمحكمة العليا (دفع الله الرضي) أن 430 متعلماً جنوبياً مدنياً لاقوا حتفهم في جوبا وواو في حملة مدبرة من الجيش للقضاء على من كانوا يحسبون أس البلاء. ومع أن هذا الرقم يقل كثيراً عما أشيع عقب الحادث (1400 قتيل)، إلا أن مصرع 430 مدنيا اغتيل أغلبهم في دورهم لا يمكن وصفه بشيء غير التصفية العرقية] كما فُكّكت كل التنظيمات الاجتماعية في الجنوب بالقوة. ولم يكن المتعلمون المسلمون الجنوبيون بمنأى عن هذا المصير، فعلى سبيل المثال دفعت تجاوزات الجيش كلا من عبد الرحمن سولي وأحمد مرجان إلى أحضان المتمردين. هذا دليل آخر على صحة استنتاج لجنة قطران بأن لا علاقة للدين بمشكل الجنوب. في إطار حملة الإبادة هذه، اُغتيل ويليام دينق نيال (السياسي الجنوبي المعروف وأكبر مؤيدي الفيدرالية في مؤتمر المائدة المستديرة)، ولذلك الحدث أدارت المؤسسة الشمالية الحاكمة بأكملها ظهرها، بل اعتبرته مأساة يمكن تجاوزها بالصمت عنها. ولم تزل ذكرى اغتيال دينق تؤرق حليفه البرلماني الحميم، صادق المهدي.
    )

ويمضي الدكتور منصور خالد فيقول:
Quote: ((من البدهي، إذن، أن لا يرى الجنوبيون في محجوب يومذاك إلا رمزاً للشر. هذا أمر مؤسي، لأن المحجوب بطبعه وتكوينه رجل وديع مُسالم، إلا أنه في إقباله على موضوع الجنوب اختار التطبع على طبعه. على أن الأمور في الشمال أيضاً لم تكن تسير على ما يرام بالنسبة له في قاعدة حكمه، في إطار صراعات السلطة التي ليس لها نهاية في الأحزاب التقليدية. في الصراع الأخير انتفض الصادق المهدي على عمه إمام الأنصار، الهادي المهدي، وبالتالي على محجوب. وكانت إمامة الأنصار قد آلت إلى الإمام الهادي عند وفاة الإمام الصديق، والد الصادق. وعندما رأى الصادق أن زعامة الطائفة قد فلتت من بين يديه وانتقلت إلى عمه، قرر الاستيلاء على القيادة السياسية لحزب الأمة ومن ثمّ قيادة الحكومة. وكما أسلف الذكر، لم يكن ذلك في مقدور الصادق، لاعتبارات دستورية (عدم بلوغه بعد سن الترشيح للبرلمان). وفور بلوغ الصادق تلك السن، أقنع حزب الأمة واحداً من أنصاره (بشرى حامد ممثل دائرة كوستي الانتخابية) بالتنازل له عن مقعده. هذا في جوهره ازدراء لكل من صاحب المقعد الأصلي وجمهور الناخبين. وهكذا أصبح الصادق عضواً في الجمعية التأسيسية وأدى اليمين الدستورية في 23 يونيو 1966، ولم يكد شهر واحد ينقضي على أدائه اليمين كعضو في البرلمان حتى ذهب الصادق لتحدي محجوب في 27 يوليو 1966 وإسقاط حكومته إستناداً على الدعم الذي حشده من أتباعه في داخل الحزب، ومن جبهة الميثاق الإسلامي، وجماعة وليام دينق، ثم يا لسخرية الأقدار، من الأزهري.)


يمضي الدكتور منصور ليسرد لنا عن عهد السيد الصادق المهدي فيقول:
Quote: (فترة حكم صادق الأولى كانت مخيبة للآمال. ففي أول خطاب له أمام البرلمان هيّج الصادق مشاعر السودانيين غير المسلمين، كما أثار مخاوف الجنوبيين. ففي حديثه عن هُوية السودان الثقافية قال رئيس الوزراء الجديد أن الطابع المميز لأمتنا هو الطابع الإسلامي، والسمة العربية هي السمة الغالبة عليه. ولن تتحدد هُوية السودان الثقافية وتعزز هيبته وكرامته إلا في ظل نهضة إسلامية. وعندما تجيء هذه الكلمات من رجل كان يدعو إلى فصل ما هو روحي عما هو دنيوي، بل من رجل اختلف مع عمه في الجمع بين الإثنين ولم يجفل عن وصف هيمنة إمام الأنصار على الدين والسياسة بالبابوية، يعسر على المرء فهم ما يريد. فجميع قواميس السياسة، وسير الدول والملوك، لا تعين كثيراً على فك شفرة مقاصد رجل يقول الشيء بلسان، وضده بنفس اللسان. دون أدنى شك، لم يعبأ الصادق المهدي بالجوانب الأخرى في الهُوية الثقافية للسودان، كما كان، فيما يبدو، أقل اكتراثاً لأثر نظرته لتلك الهُوية على الصراع الدائر في بلاده. ذلك التصريح لم يكن مجرد ملاحظة عابرة صدرت عن قائد متحمس ذي أصل ديني، ولكنها عكست أيضاً توجهاً عاماً بين أنصار الصادق. فعلى سبيل المثال، أكدت الصحيفة اليومية الناطقة بلسان جماعة الأنصار هذا الانطباع في إحدى افتتاحياتها عندما ذكرت أن إحياء الثقافة العربية الإسلامية في الجنوب لا يعني استعماراً عربياً، وإنما هو إسهام ثقافي يمثل الطريق الطبيعي لنقل الجنوبيين إلى الحضارة. ))
انتهى..
ويلخص الدكتور منصور خالد في خلاصة ذلك الفصل فيقول:

Quote: (( لا تلقى السياسات الحزبةية في التعامل مع قضايا السودان الجوهرية: الحرب، والسلام، ترشيد الحكم، خلال هذه الفترة من أي مؤخ إلا الإدانة. فبدلاً من أن تعي الأحزاب الدرس من فشل سياسات عبود في الجنوب، عملت على اتباع سياساته بدقة بالغة. فمنذ فترة الاستقلال في منتصف الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات كان سلوك الحكومات المدنية في الجنوب أشبه بسلوك المستعمرين الجدد، منه بسلوك الوطنيين الديمقراطيين. وتتراوح الأمثلة على ذلك بين الكذب الفاضح على مواطنيها والتنكر للعهود، إلى الغزو الصريح للجنوب والإيذاء البدني لصفوته. أضف إلى ذلك أن الجيش خلال حكم عبود ـ كما في فترة محجوب ـ كان يتصرف في الجنوب مثلما يتصرف أي جيش أجنبي يغزو بلداً آخر. ثم جاء الإسلامويون ـ القدامى والجدد ـ في منتصف الستينيات ليدخلوا السودان في بلاء عظيم قضى على كل ما هو جميل وإنساني في نفوس عامة أهل السودان المسلمين وغير المسلمين. وبإصرارهم على أن يقوم دستور بلد متعدد الأديان يأملون في توحيده، على أساس دين واحد يصبح هو مصدر التشريع وقاعدة الحكم للوطن كله، أبانوا عجزاً كاملاً عن التمييز بين ما هو حقيقي وما هو وهمي.))
انتهى..

يجدر بالباحث المتأني أن يجد في مقابلة الصحفي عبد الله جلاب مع الأستاذ محمود محمد طه في ديسمبر 1972 بعض المؤشرات التي تعينه على فهم موقف الجمهوريين من سلطة مايو بعد أن وجدت مواجهة مسلحة في مارس 1970 من الأنصار وانقلابا عسكريا في يوليو 1971 من الشيوعيين.. فماذا قال الأستاذ عنها.. أدعوك وأدعو القراء للرجوع إلى هذا اللقاء هنا:
http://alfikra.org/talk_page_view_a.php?talk_id=8&page_id=1
أرجو قراءة هذه الجزئية من اللقاء والتركيز على تحته خط أو ما كتب بلون مختلف..
الصحفي عبد الله جلاب يسأل الأستاذ محمود "س" والأستاذ محمود يجيب "ج"..


Quote: (س) وحتى يأتي طور الدستور الذي تقول عليه ، ما العمل ؟؟
(ج) العمل اليوم يجب أن يتجه الي اعداد الشعب ليكون في أدني مراتب الأهلية للحكم الديمقراطي .. فان هذا الشعب لم يحكم حكما ديمقراطيا في جميع عصوره. ويجب أن يكون واضحا، فان ما كان عليه العمل في عهود الأحزاب المختلفة من أنتخابات تعقد ومن دستور مؤقت ومن محاولات لوضع الدستور الدائم (والدستور الاسلامي بالذات) انما كان سلسلة من التضليل. فقد كان هذا الشعب تتقسمه الطائفية في محورين كبيرين: الأنصار والختمية. وكان يوجه من زعماء الطائفية توجيها جعله تحت أسوأ انواع الوصاية .. الوصاية التي ترى مصلحتها في أن يظل الناس جهلاء .. ولذلك فقد كانت الأجهزة الديمقراطية نوعا من التضليل الذي يحاول أن يضفي على نفسه صفة المشروعية .. ان هذا الشعب يحتاج الى وصاية على أن تكون وصاية مخلصة رشيدة .. وما ينبغي لهذه الوصاية أن توهم الشعب بأنه يعيش في ظل ديمقراطية. لأنها ان فعلت ذلك تورطت في أسلوب من التضليل للشعب لا يليق بالأوصياء الرشدة. ومن هذا المنطلق أجدني غير موافق علي المحاولة المبذولة اليوم لوضع دستور وبالذات على مسودة الدستور المطروحة علي مجلس الشعب اليوم.
ان النظام الحاضر يجد تبريره الكافي في انه منذ البداية سار في اتجاه تصفية الطائفية بصورة لم يسبق لها مثيل في العهود السابقة ولا يمكن لهذا الشعب أن يدخل عهد كرامته ومن ثم ديمقراطيته الا اذا تخلص من النفوذ الطائفي ، وليست الطائفية تنظيما فحسب وانما عقيدة .. ولا تحارب العقيدة بالسلاح وان حورب التنظيم بالسلاح. وانما يجب أن يسير مع السلاح الذي أضعف التنظيم "الطائفي" نشر الوعي بالدعوة الي الاسلام الصحيح المفهوم فهما متجددا ومتواكبا مع بشرية اليوم .. وما يجب عمله اليوم هو استيقان الوضع القائم من انه مرحلي يعد الشعب لأن ينهض نهضته المرتقبة التي تجعله أهلا للدستور الاسلامي الصحيح .. الذي يقوم علي بعث آيات الأصول ونسخ آيات الفروع ويقوم علي المنهاج التربوي الذي به يكون الأفراد أحرارا ديمقراطيين. ذلك بأن الدساتير والقوانين والأجهزة الديمقراطية من مجالس نيابية وسلطات مستقلة وحدها لا تجعل الناس أحرارا ولا تجعلهم ديمقراطيين ولا حتى أهلا للديمقراطية. وانما التربية وحدها هي التي تغير الناس وتجعلهم في طريق التغيير المستمر وثم تخرجهم من طور الوصاية الى طور المسئولية.
عندي أن هذا النظام القائم مبرر بما يكفي ان سار علي هذين الأسلوبين وهو لا يحتاج الي اصطناع دستور ولكنه يحتاج الي ما يمكن أن يسمى ميثاقا وطنيا يهيئ مرحلة الإنتقال لأن تسلم الأمور إلي مرحلة الإستقرار حيث يتم وضع الدستور الإسلامي الصحيح.


أما أن الجمهوريين كانوا متأثرين بالنظام المصري في عهد السادات فهو زعم غير صحيح.. يهمني أن أوضح بالوثائق ما قاله الجمهوريون في ذلك.. لقد نصحوا النظام بأن يبتعد عن الفكرة المصرية بالتحديد.. ونقرأ ذلك في كتاب: "الأخوان الجمهوريون يدعون إلى المنابر الحرة" [مايو 1976]
Quote: المنابر الحرة وتجربة النظام المصري:
لقد مرّ على النظام المصري الذي أعقب الملكية والأحزاب في مصر قرابة العشرين عاما، عاد بعدها الشعب المصري ينادي بالحريات!! بل لقد ارتفعت، من بين صفوفه أصوات تنادي بعودة الأحزاب السابقة!!
تلك كانت حصيلة العشرين عاماً الماضية لنظام ادّعى لنفسه ما ادّعى من المقدرة على تغيير حياة شعبه: العودة من حيث بدأ!!
فماذا وراء ذلك الجمود الذي أصاب الحياة المصرية طول هذه الأعوام مما دعا الشعب المصري إلى أن يفكر في العودة إلى ما كان عليه قبلها؟
السبب: غيبة المنابر الحرة!! فقد عاش الشعب المصري طول تلك الأعوام وهو محجوب عن المعلومات الوافية، مكتوف اليدين عن المشاركة في المسائل العامة بالرأي والقول.. ولذلك ترسبت في قاع نفسه رواسب ماضيه، وظلت تتحين الفرصة لتطفو على السطح، حتى واتتها!! فاشتد في نفس الشعب المصري الحنين إلى أحزابه الماضية، بكل مثالبها، وأخذ يعبر عن ذلك الحنين بشتى الصور. فلو قد كانت هناك منابر حرة، لكانت تلك الأعوام العشرون حقيقة بتغيير حياة ذلك الشعب تغييراً أساسيا، ولما عاد ليبدأ من حيث انتهى..

السودانيون يجب ألا يكرروا خطأ المصريين:
ونحن السودانيين، يجب ألا نكرر ذلك الخطأ.. فإن كل يوم يمر علينا بغير منابر حرة للتوعية فهو ضياع وخسران محسوب على مستقبلنا، ونحن لا نعني بالمنابر الحرة التجربة المصرية الراهنة، وهي قيام تنظيمات من اليمين، واليسار، والوسط، داخل التنظيم الواحد، وهو الاتحاد الاشتراكي المصري. نحن لا نعني ذلك، بل إن ذلك ليضلل، أشد التضليلن عما نعني بالمنابر الحرة..
المنابر الحرة هي كل المجالات التي تتاح فيها الفرصة لكل مواطن للتعبير عن رأيه، كفرد، لا كتنظيم، في حدود القوانين القائمة، ونحب أن نوكد هنا أن المنبر الحر هو للأفراد، كأفراد، وليس للتنظيمات، وكل فرد يتحدث في هذه المنابر، معبراً عن رأيه، يتحمل مسئوليته عن قوله أمام القانون.


سأعود لبقية النقاط في مداخلة أخرى لأن هذه المداخلة كانت طويلة بسبب ذكر الوثائق، وستكون المداخلات الأخرى أيضا بالوثائق..
وشكرا

ياسر

Post: #40
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-15-2006, 00:36 AM
Parent: #39

الاخ ياسر
الديمقراطيه لاتتجزء تبريرات اعلاه نفس تبريرات الكيزان والحزب الشيوعى وتبريرات كل من تواطأ لؤاد الديمقراطيه....يااخى لماذا لاتحترمون خيارات الشعب وحقه فى اختيار ممثليه...لقد اختار الشعب مرارا الامه والاتحادى لقبادته دونما اكراه...لماذا ايدتم نميرى والان تبرر له مع العلم بانه اخذ الحكم عنوه

Post: #41
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-15-2006, 05:51 AM
Parent: #40

الأخ محمد دودي،
Quote: يااخى لماذا لاتحترمون خيارات الشعب وحقه فى اختيار ممثليه.


إذا كنت قد قرأت مداخلتي الأخيرة [فوق كتابتك مباشرة] فهل تستطيع أن تشرح لي كيف تكون ديمقراطية إذا كان الجنوب لم يشارك في الانتخابات؟؟ وكيف يمكن لجمعية تأسيسية بدون الجنوبيين أن تقوم بكتابة دستور؟؟ وكيف يحق لزعماء الأحزاب الحديث عن أن فرصة البرلمان في إجازة ذلك الدستور في قراءته الثانية هي لغاية ديسمبر 1969؟؟ وإذا لم تتم إجازته فسيطرح للاستفتاء ليقول الشعب كلمته؟؟

هل عندما يقول أغلبية السودانيين أنهم يريدون دستورا إسلاميا، بتفصيل وهندسة السيد الدكتور حسن الترابي، يكون ذلك العمل من الديمقراطية في شيء؟؟ فضيلة مايو في مبدأ مجيئها أنها فطنت إلى هذه المشكلة.. [وأنا أتحدث عن التاريخ لأن النميري نفسه جاء ووقع في نفس خطأ الأحزاب ودفع الثمن كما دفعوا هم الثمن قبله]..


ولك تحياتي..

ياسر

Post: #42
Title: وغدا نعود!! هل نعود؟؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-15-2006, 07:04 AM
Parent: #1

فوق بهذه القصيدة وهذا التعليق..

Re: احزابنا ماوعت الدرس ...احزابنا عايشة علي السراب...

وغدا نعود..

Post: #43
Title: Re: وغدا نعود!! هل نعود؟؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-15-2006, 01:25 PM
Parent: #42

الإخوة الكرام
سلام
Quote: الاخ ياسر
الديمقراطيه لاتتجزء تبريرات اعلاه نفس تبريرات الكيزان والحزب الشيوعى وتبريرات كل من تواطأ لؤاد الديمقراطيه....يااخى لماذا لاتحترمون خيارات الشعب وحقه فى اختيار ممثليه...لقد اختار الشعب مرارا الامه والاتحادى لقبادته دونما اكراه...لماذا ايدتم نميرى والان تبرر له مع العلم بانه اخذ الحكم عنوه

أرجو أن تسهم هذه الإضافة في تفهم تبنِّي الأستاذ محمود والإخوة الجمهوريين لموقفهم موضوع الحوار من نظام مايو في مرحلة تاريخيّة معينة، وهذه الفقرات بينها رابط قوي أتمنى أن يلحظه كل من أراد الحقيقة لله والتاريخ، أمّا الشانئ لا نملك له ما يرضيه .
يقول البروفيسور محمد أركون :
Quote: والمشكلة الكبرى هي ان الاسلام مطالب الآن بأن يواجه تحديات العولمة الكونية في حين انه لم يتعرف بعد على المكتسبات الهائلة للحداثة الكلاسيكية! بمعنى آخر فانه لم يهضم بعد الفتوحات اللاهوتية والعلمية والفلسفية والسياسية لعصر التنوير وما بعده. فكيف بامكانه ان يواجه العولمة وكل ما سبقها دفعة واحدة؟ كيف يمكنه ان يهضم اللاحق اذا لم يكن قد هضم السابق؟ ومع ذلك فهذا ما يطلبه الغرب منه حاليا وبسرعة. ولكن الخبراء ببواطن الامور يعرفون ان ذلك أمر مستحيل في المدى المنظور. فهناك هوة سحيقة تفصل بين عالم الاسلام وعالم الغرب ولا يستطيع احد سدها في الوقت الحاضر، ولن تسد أصلا قبل عشرات السنين.

وكتب عثمان عبدالقادر في مقال سابق:
Quote: تعلمنا من الناموس أن القفز فوق مراحل التاريخ أمر صعب إن لم يكن مستحيلاً ولكن جعل المرحلة قصيرة أمر ممكن وسرها يكمن في الحراك وتكثيف الصراع لأن به تتكون الأفكار فتنتظم القوى لتخلق توازناً يؤدي إلىتوافقات جديدة تدفع بالأخلاق إلى مرحلة جديدة تساهم بقدر كبير في تغيير السلوك وهذا التكثيف قدم أنموذجه الأعلى في حياتنا المعاصرة الأستاذ محمود الذي قال المجتمع الصالح أفضل وسيلة لإنتاج الفرد الصالح ). وهي كما نرى علاقة جدلية عميقة متشعبة لأنه بدون صلاح المجتمع يصعب صلاح الفرد فالأخلاق تشكلها الظروف وبدون صلاح الفرد يظل المجتمع في الحالة التي ترونها أمامكم اليوم في السودان والعالم بدرجات متفاوته وما الظروف إلا التربية والتعليم ، والعدالة وسيادة القانون، والمساواة والحرية .....الخ

ودعونا نتأمل ردود د.الترابي على قناة الجزيرة لأن كل حرف فيها يحكي عن علم الأستاذ محمود وصدق رؤيته وقراءته المستقبليّة لما سيحدث وجهل والتواء الكثيرين :
Quote: أحمد منصور: هل هناك فوارق كبيرة بين الشعارات والمبادئ والأفكار وما بين الممارسة الفعلية للسلطة؟
حسن عبد الله الترابي: نعم يحدث لكل الثورات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل اكتشفتم هذا من خلال الممارسات؟
حسن عبد الله الترابي [متابعاً]: الثورة الفرنسية بدأت بالعدالة والمساواة والإخاء ولكن قضت مائة عام من الإرهاب ومن في الحياة الرجوع إلى نابليون حتى يرتاحوا من الفوضى، ذلك ليس بغريب لأحد لم يتمكن من الهداية المُنزّلة المفصلة على نظم السلطة وعلاقاتها وفتنها وضوابطها ولم يمكّن أخلاقيا كذلك على مقاومة نوازعها نحو الشهوة والسكر بها ليس ذلك ببعيد لأول تجربة له يعني وأول تجربة لا نقول أنها فشلت بل إن التجربة نفسها تعظك فالله يبدل السيئات حسنات لأنها تعظك من أن لا تعود إليها والآن نحن أبصر..

أحمد منصور: لو طلبت منك في نقاط أن تقول لي ما الذي خرجتم به من هذه التجربة؟
حسن عبد الله الترابي: أولا أن المجتمع المسلم يبنى حياته الدينية غالبه لا من تلقاء السلطة ولكن من تلقاء ضمير المؤمن التقى المندفع المتوكل ومن تلقاء المجتمع المتدافع المتعاون المتآمر بالمعروف والمتضابط كذلك وقليلا ما يضطر إلى اللجوء إلى السلطة لو قرأنا القرآن هو كذلك والعالم كله الآن في البلاد المتقدمة جدا بالتجربة البشرية انتهت إلى ذلك، كلما قلت السلطة ونهض المجتمع كلما نهضت حضارته.
أحمد منصور: يعني بناء المجتمع هو الأساس بالنسبة لكم؟
حسن عبد الله الترابي: أه طبعا، قطعا والحضارة كذلك.
أحمد منصور: أنت تقر الآن بأن المجتمع السوداني بالفعل لأن أنا أخر زيارة في السودان حينما حاولت أن استقرأ الواقع وجدت أن الحركة الإسلامية ضرت المجتمع السوداني أكثر مما أفادته؟
حسن عبد الله الترابي: نعم لأنها هجرته إلى مواقع السلطة وظنت أنها.. لكن الله سبحانه وتعالى يوصى النبي ويؤهله منذ مكة ما أنت عليهم بمسيطر، ما أنت بجبار، ذَكِر، تعامل مع الناس ولا تستعمل المال {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} فنحن فتنة السلطة وجدة السلطة علينا ولكل جديد لذة طبعا هي صرفتنا عن المجتمع، الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الأمر، المجتمع وثقافته والمجتمعه وأعرافه أولا لا يعني ذلك أن نترك السلطة تنعزل وتنفصل عن الدين ولكن تتم الدين وتكمله فقط نظام الحكم الإسلامي..
أحمد منصور: يعني العلاقة الآن من خلال تجربتكم أنتم في السودان ترى أن العلاقة التي يجب أن تقوم بين الحركات الإسلامية والسلطة يجب أن تكون علاقة محدودة وأن يكون المطمع ليس السلطة وإنما المطمع بناء المجتمع؟
حسن عبد الله الترابي: بناء المجتمع والسلطة ليس إلا شريحة من قوى التضابط وقوى المجتمع مما يستدعى استعمال السلطة القوة.. القوة فقط في مجال محدود، كلما صلح المجتمع انحصر المجال الموكول للدولة.
أحمد منصور: لو استقبلت من أمرك ما استدبرت هل كنت ستسعى لعمل انقلاب 1989؟
حسن عبد الله الترابي: كلا يعني الآن فقط كذلك مما نفعني كذلك أنني عدت أقرأ تاريخ الأمة المسلمة ووجدت لا الأمة المسلمة وحدها وتاريخ كل الأمم ووجدت أن أهل الحرب والجند والعسكرية دائما هي تقوم على الأمر والقوة بالطبع لأنها تتعامل مع الآخر بالقوة بالضرب فلذلك كنا ظننا أن الثورة يمكن أن تعيد.. لأن الثورات هي التي أعادت الديمقراطية إلى أوروبا ولكن نسينا أنه الثورات عقبتها عهود من الإرهاب ومن الطغيان وبعد عهود متطاولة حتى تنزلت القيم.. قيم الثورة إلى الواقع وأصبحت جمهوريات ديمقراطية في الواقع فلو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا قطعا لن نلجأ إلى العسكر.
.(يعني القوة) التعليق بين القوسين من عندي .
من أجل هذا كان للأستاذ محمود رؤية عميقة وبعيدة استكشفت ما وراء حجب الجهل والإلتواء لأنه القائل في عام 1977 : (سوف يأتي وقت تتمكن فيه جماعة الهوس الديني من السيطرة على الحكم في السودان،ولو عن طريق انقلاب عسكري، وسوف يذيقون الشعب السوداني الأمرين وسيقلبون نهاره إلى ليل، لكنهم ستنشأ بينهم صراعات تقتلعهم من المجتمع اقتلاعاً).
ومع هذه المعرفة اليقينيّة أدّى الواجب المباشر وقام بالفداء العظيم .
وفي لقائه مع الأستاذ بابكر حسن مكي في عام 1978 حسب ما جاء في كتابه نميري الإمام والروليت سأله الأخير قائلاً :ماذا يريد الإخوان المسلمون ؟ فرد عليه الأستاذ محمود:إنهم يريدون السلطة ،لأنهم يظنون أن باستطاعتهم إقامة دولة إسلامية عند إستيلائهم على السلطة!! قال بابكر :وماذا تريدون أنتم ؟فرد الأستاذ بقوله :نحن نريد إشاعة الوعي بين الناس،فنحن مع مثقف الشمال والجنوب نحاوره ثم نتركه يختار!!!
أبوحمد

Post: #44
Title: Re: وغدا نعود!! هل نعود؟؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-15-2006, 03:33 PM
Parent: #43

Quote: إذا كنت قد قرأت مداخلتي الأخيرة [فوق كتابتك مباشرة] فهل تستطيع أن تشرح لي كيف تكون ديمقراطية إذا كان الجنوب لم يشارك في الانتخابات؟؟ وكيف يمكن لجمعية تأسيسية بدون الجنوبيين أن تقوم بكتابة دستور؟؟ وكيف يحق لزعماء الأحزاب الحديث عن أن فرصة البرلمان في إجازة ذلك الدستور في قراءته الثانية هي لغاية ديسمبر 1969؟؟ وإذا لم تتم إجازته فسيطرح للاستفتاء ليقول الشعب كلمته؟؟

الاخ د.ياسر
تمرد توريث حدث قبل جلاء قوات الاحتلال السودان وقبل الاستقلال فهل يعقل ان لا نمنح استقلاننا بدواعى عدم الاستقرار فى الجنوب واستحاله اقامه انتخابات فى مناطق التمرد نسبه لعدم الاستقرار لان حكومه الاستعمار كان من شروط مغادرتها البلاد واعطاء السودان استقلاله السياسى بانها لن ولم تسلم السودان الا لحكومه منتخبه ولذا اشرفت حكومه الحكم الثنائى على الانتخابات ومن ثم تسلمت حكومه الازهرى مقاليد الحكم. كانت عدد الدوائر التى لم تجرى فيها الانتخابات اقل من 15% او 10% من مجموع الدوائر الانتخابيه انذاك ولذا يمكن ان يقال بان الانتخابات تمثل 90% من اراده الشعب السودانى وعلى نفس المنوال اجريت انتخابات 86 حيث لم تجرى الانتخابات فى حوالى كم وعشرون دائره لانعدام الاستقرار والامن. اذا اخذنا بمنطقك هذا (عدم ديمقراطيه الانتخابات لانها لم تجرى فى كل الدوائر) فاننا سنكون اخر دوله مستعمره حتى الان .
اما مسأله دستور مابعد 64 فمن واجب الحكومه ان تضع دستورا دائما للبلاد وكان موضوع الدستور الاسلامى او عدمه فى صلب برامج كل الاخزاب التى نافست فى انتخابات 65 و 67 ولقد اختار الشعب اغلبيه تتبنى الدستور الاسلامى ممثله فى احزاب الامه, الاتحادى والاخوان لقيادته ولذا كان الدستور الدائم من اهم واجبات البرلمان الجديد. هنالك FlipBoster attempts from other members ولذا كان لازما على الحكومه ان تضع سقفا زمنيا لاجازه الدستور الدائم والا فالشعب هو الحكم وهى ممارسه بمقايس اليوم تعد من ارقى انواع الممارسه الديمقراطيه

Quote: هل عندما يقول أغلبية السودانيين أنهم يريدون دستورا إسلاميا، بتفصيل وهندسة السيد الدكتور حسن الترابي، يكون ذلك العمل من الديمقراطية في شيء؟؟ فضيلة مايو في مبدأ مجيئها أنها فطنت إلى هذه المشكلة.. [وأنا أتحدث عن التاريخ لأن النميري نفسه جاء ووقع في نفس خطأ الأحزاب ودفع الثمن كما دفعوا هم الثمن قبله]..


رغم اختلافى السياسى مع نهج الترابى الا ان الرجل من الخبراء القلائل فى علم الدساتير والقوانبن ولقد ساعد فى اعداد كثير من دساتير العالم والترابى المفكر الدستورى مفخره لنا كسودانين . كل مشاريع القوانين فى العالم والدساتير تعد من قبل فرد او افراد. للبرلمان الحق فى اجازه مشروع الدستور او القانون , تعديله او رفضه جمله وتفصيلا وهذا هو الفرق بين يرلمان 67 ونميرى والانقاذ وفعلا عندما اتت مايو كنا فى مرحله القراءه الثالثه والاخيره من اجازه الدستور الدائم وبما ان اجازه الدستور الدائم لم تكن ترضى الجمهورين والشيوعين (راى الاغلبيه) كان تامر الثانى وتاييد الاول. يادكتور الديمقراطيه قد تاتى بما لانهوى انفسنا ولكن ايماننا بها هو من يجعلنا ان نتمسك بها. ليست لمايو فضيله سياسيه تذكر بل من سنت القتل الجماعى لمخالفى الراى واستشراء الفساد المالى والادارى والمحاباه وماشابه من ذلك . هل التنكر لقالبيه الشعب الذى صوت لصالح دستور اسلامى فضيله؟؟؟؟؟

Post: #45
Title: Re: وغدا نعود!! هل نعود؟؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-18-2006, 09:20 AM
Parent: #44

الأخ ياسر
تحياتي

قولك:

Quote: نحن لا نعني ذلك، بل إن ذلك ليضلل، أشد التضليل عما نعني بالمنابر الحرة..
المنابر الحرة هي كل المجالات التي تتاح فيها الفرصة لكل مواطن للتعبير عن رأيه، كفرد، لا كتنظيم، في حدود القوانين القائمة، ونحب أن نوكد هنا أن المنبر الحر هو للأفراد، كأفراد، وليس للتنظيمات، وكل فرد يتحدث في هذه المنابر، معبراً عن رأيه، يتحمل مسئوليته
عن قوله أمام القانون

وهزه المنابر بصورتها التي وصفت أسوا و أضل من منابر السادات. على الأقل منابر السادات كان فيها روح التنظيم و منابر الجمهوريين ليست إلا نسخة من لجان للقزافى و جماهيريته التي كانت غطاء لواحدة من أسوا دكتاتوريات القرن العشرين. هل لدى الإخوة الجمهوريين من حيث المبدأ اى اعتراض على النظام الحزبي؟ هل تبرر ممارسات الأحزاب الرديئة الانقضاض علي الديمقراطية؟ و ازا اقترضنا ان الأحزاب في منتهى السؤ فما مبرر الانقضاض على حرية الصحافة و حرية الأفراد؟ و حتى هزه المنابر الناعمة مقلمة الأظافر، التي لا تهش و لا تنش رفضها النظام المايوى فلمازا لم يسجل الجمهوريين موقفهم حينئذ متيحين الفرصة لخصومهم لاتهامهم بمقايضة حرية كامل الشعب السوداني مقابل السماح لهم بممارسة أنشطتهم؟
.

قول الشهيد محمود م طه لعبد اللة جلاب

Quote: وحتى يأتي طور الدستور الذي تقول عليه، ما العمل ؟؟
(ج) العمل اليوم يجب أن يتجه إلي إعداد الشعب ليكون في أدني مراتب الأهلية للحكم الديمقراطي .. فان هذا الشعب لم يحكم حكما ديمقراطيا في جميع عصوره[/QUOTE

مع كامل احترامنا للاستاز إلا ان هزه الحجة هي دايما ما تقول بها الأنظمة الدكتاتورية من اجل مصادرة الديمقراطية. ما الفرق بين هزه الحجة و بين ما قال به الانقازيون أول عهدهم بإعادة صياغة الشعب السوداني حتى يصير مؤهلا لاستعادة حريته. ثم كيف يتم إعدادنا للديمقراطية في غياب الديمقراطية؟ و كيف بتم القضاء على الطائفية في ظل مناخ الكبت و الإرهاب الزى فرضه المايويون وقتها؟
و بعدين يا آخى ياسر هل حقيقة تعتقد ان شخصا جاهلا أفاقا مثل جعفر نميرى مؤهل فعلا لإعداد الشعب السوداني لممارسة الديمقراطية؟ هل تظن حقيقة ان نظاما كنظام مايو الزى أضاع ثروات السودان و صارت البلد وقتها مرتعا لأسوا لصوص العالم أمثال الخاشوقجى يستحق ذرة من حسن الظن من قبل حركة ضمت صفوة أبناء السودان.

Post: #46
Title: مفهوم الحقوق الأساسية في الدستور وتضليل الترابي
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-19-2006, 06:28 AM
Parent: #44

أخي محمد دودي،
تحية طيبة، وبعد

قلت لك في مداخلتي السابقة:

Quote: إذا كنت قد قرأت مداخلتي الأخيرة [فوق كتابتك مباشرة] فهل تستطيع أن تشرح لي كيف تكون ديمقراطية إذا كان الجنوب لم يشارك في الانتخابات؟؟ وكيف يمكن لجمعية تأسيسية بدون الجنوبيين أن تقوم بكتابة دستور؟؟ وكيف يحق لزعماء الأحزاب الحديث عن أن فرصة البرلمان في إجازة ذلك الدستور في قراءته الثانية هي لغاية ديسمبر 1969؟؟ وإذا لم تتم إجازته فسيطرح للاستفتاء ليقول الشعب كلمته؟؟


وكان تعليقك:

Quote: الاخ د.ياسر
تمرد توريث حدث قبل جلاء قوات الاحتلال السودان وقبل الاستقلال فهل يعقل ان لا نمنح استقلاننا بدواعى عدم الاستقرار فى الجنوب واستحاله اقامه انتخابات فى مناطق التمرد نسبه لعدم الاستقرار لان حكومه الاستعمار كان من شروط مغادرتها البلاد واعطاء السودان استقلاله السياسى بانها لن ولم تسلم السودان الا لحكومه منتخبه ولذا اشرفت حكومه الحكم الثنائى على الانتخابات ومن ثم تسلمت حكومه الازهرى مقاليد الحكم. كانت عدد الدوائر التى لم تجرى فيها الانتخابات اقل من 15% او 10% من مجموع الدوائر الانتخابيه انذاك ولذا يمكن ان يقال بان الانتخابات تمثل 90% من اراده الشعب السودانى


المقصود ليس انتخابات ما قبل الاستقلال، فإن الجنوب قد شارك في تلك الانتخابات التي تمت في حقيقة الأمر قبل حوادث توريت.. وإنما المقصود انتخابات ما بعد ثورة أكتوبر.. فإن الجنوب لم يشارك في تلك الانتخابات، وما حدث من فوز 21 من النواب [أغلبهم شماليون] كان فوز بالتزكية.. أرجو الرجوع إلى المداخلة كاملة وقراءتها..

قولك:
Quote: اما مسأله دستور مابعد 64 فمن واجب الحكومه ان تضع دستورا دائما للبلاد وكان موضوع الدستور الاسلامى او عدمه فى صلب برامج كل الاخزاب التى نافست فى انتخابات 65 و 67 ولقد اختار الشعب اغلبيه تتبنى الدستور الاسلامى ممثله فى احزاب الامه, الاتحادى والاخوان لقيادته ولذا كان الدستور الدائم من اهم واجبات البرلمان الجديد. هنالك FlipBoster attempts from other members ولذا كان لازما على الحكومه ان تضع سقفا زمنيا لاجازه الدستور الدائم والا فالشعب هو الحكم وهى ممارسه بمقايس اليوم تعد من ارقى انواع الممارسه الديمقراطيه


حتى لو افترضنا أن فكرة الدستور الإسلامي موجودة في صلب برامج الأحزاب الشمالية [الأمة، الاتحادي الديمقراطي، وجبهة الميثاق] في انتخابات ما بعد أكتوبر فإن ذلك لا يخولها طرح المسألة في البرلمان في ظل غياب نواب الجنوب وأغلبهم غير مسلمين.. لو كانت الحكومة جادة لذهبت في طريق إحلال السلام قبل البدء في مسألة الدستور الإسلامي المثيرة للجدل.. لذلك كانت محاولة تمرير الدستور بتلك الطريقة نوع من الاحتيال والتضليل..
وطريقة الاستفتاء لحسم مسألة الدستور الإسلامي، التي كان يُزمع اللجوء إليها في حالة فشل البرلمان من إجازته، كانت ستكون أمعن في التضليل، أولا لأن الدستور يجب أن يمثل توجه جميع السودانيين، وليس أغلبية السودانيين.. وذلك لأمر بسيط وهو أن الدستور [حسب تعريفه] يجب أن يكفل الحقوق الأساسية لجميع المواطنين على اختلاف أديانهم وثقافاتهم.. وقد لاحظ الجمهوريون أن جموع السودانيين غير ملمّة بهذه المسألة ولذلك أخرجوا كتاباً في 20 مارس 1969 عنوانه "أسس حماية الحقوق الأساسية في الدستور" سأقتطف منه ما يعين على فهم هذه المسألة بدقة:


Quote: الى السودانيين عامة
والى المثقفين منهم خاصة
إن بلادنا اليوم تجتاز مرحلة خطيرة في تاريخها وهي مرحلة اجازة الدستور .. وهناك عوامل من الجهل وعوامل من الغرض قد تزيف الدستور وتضلل من ثم سعى هذا الشعب الكريم .. والحزب الجمهوري حرصا منه على هذا الشعب وضنانة به على التضليل رأى اقامة اسبوع لحماية الحقوق الأساسية .. يقوم خلاله بتنوير الشعب في أمرها حتى يحوزها كاملة في دستوره الدائم .. وسيبدأ هذا الاسبوع بيوم الخميس 13/3/1969 بمحاضرة بدار الحزب بالموردة .. ثم تستمر المحاضرات في الأندية المختلفة في أطراف العاصمة ، ثم تختم في يوم الخميس 20/3/1969 بدار الحزب .. ويتوجه الحزب بالدعوة للهيئات والأحزاب والأفراد ليشتركوا في يوم الختام حتى يأخذ شكل مؤتمر تتخذ فيه التوصيات من أجل حماية الحقوق الأساسية في دستور السودان الدائم ..

الحقوق الأساسية:-

الحقوق الأساسية هي حق الحياة وحق الحرية وما يتفرع عليهما: ويتفرع على حق الحياة الحقوق الإقتصادية ويتفرع على حق الحرية حرية العقيدة وحرية الرأي ويتفرع على هذه الفروع فروع كثيرة غرضها كرامة حياة بني آدم .. ينصص عليها الدستور ويستوعبها القانون ..

توصيات سنة 1967:-

كانت اللجنة القومية للدستور قد قدمت للجمعية التأسيسية الماضية ما سمي بـ (مشروع الدستور) وقد أوشكت الجمعية أن تجيزه لولا انها حلت .. هذا المشروع تحاول اليوم الأحزاب الكبيرة وبعض الأحزاب الصغيرة أن تجيزه بحاله التي قدم بها .. والغريب أن هذه الأحزاب تزعم انها تدعو الى الدستور الإسلامي ومع ذلك فهي تريد اجازة هذا المشروع .. ونحن الجمهوريين نقرر أن هذا المشروع ليس بدستور على الإطلاق: لا هو دستور علماني ولا هو دستور اسلامى .. هو ليس بدستور علماني لأنه يأخذ بالتعديل الباطل الذي أجرى على المادة 5/2 من دستور السودان المؤقت (المعدل سنة 1964)، ذلك التعديل الذي أجيز يوم 22/11/1965 ، وبه ثلمت الحقوق الأساسية للمواطنين .. وهو ليس بدستور اسلامي لعدة أسباب منها ، وأهمها أن المادة 113 منه تقول أن: (الشريعة الاسلامية هي المصدر الأساسي لقوانين الدولة) .. وليس في الشريعة الاسلامية حقوق أساسية لأنها لا تمثل المستوى الديمقراطي في الإسلام ، وانما تمثل عهد الوصاية منه ، وليس في عهد الوصاية دستور .. ثم ان هذا المشروع يقوم على تناقض مشين .. وهو بهذا التناقض عمل لا يستحق مجرد الاحترام .. فالمادة الأولى منه تنص: (السودان جمهورية ديمقراطية اشتراكية تقوم على هدي الإسلام) والمادتان 112 و 114 تقيدانه بالشريعة الاسلامية ، وليست الشريعة الاسلامية ديمقراطية ولا اشتراكية .. ومن ههنا التناقض ..
الدستور الإسلامي المزيف:

الدعوة اليوم قائمة الى الدستور الاسلامي .. ودعاته لا يفهمونه ، وانما يدعون اليه عن جهالة تامة .. ويكفي أن نقول أنهم لا يفرقون بين الدستور والشريعة ، فهم يدعون الى سيادة الشريعة ، وانما تكون السيادة للدستور ، فالدستور أصل ، والشريعة فرع .. الدستور القرآن ، على أن يفهم فهما جديدا في المستوى الديمقراطي منه .. ويومئذ سيظهر أن في الشريعة الاسلامية نصوصا ليست دستورية فيجري تعديلها .. ذلك بأن الشريعة قد شرعت في عهد الوصاية ، وهو مرحلة انتقال نحو الديمقراطية .. والخطر على البلاد من مرور دستور اسلامي مزيف كبير لأنه سيكون جهلا متسترا بالإسلام .. والباطل العريان خير من الباطل المتستر بقداسة الإسلام ..


وقد اتضح من كتابتك أنك، برغم اختلافك مع الدكتور الترابي، إلا أنك تعتقد أنه كان مؤهلا لكتابة الدستور!! هل قرأت عن محاصرة الأب فيليب عباس غبوش له في البرلمان عام 1968 أثناء مناقشة مشروع الدستور؟؟ هل تعلم أنه أجاب في نهاية الحصار بأن غير المسلم لا يحق له أن يتولى رئاسة الدولة [يعني في السودان الذي يقوم على أسس دستور الترابي]؟؟
الترابي لا يعرف عن الدستور إلا ما يمكنه هو وحزبه من التضليل.. وقد صح عنه قول الأستاذ محمود قبل تلك الحادثة في كتاب مشهور ، أرشح لك وللقراء الكرام قراءته هنا..

http://alfikra.org/book_view_a.php?book_id=14

ولكني أقتطف بعضا مما جاء فيه عن الكتاب الذي كتبه الدكتور الترابي واسمه "أضواء على الأزمة الدستورية":
Quote: عقلية الدكتور الترابي

ونحن لا نعتقد أن الدكتور الترابي ذهب مذهبه في كتابه الغريب بفعل الرغبة أو الرهبة ، بقدر ما ذهبه بفعل ضحالة الثقافة ، وسطحية التفكير .. يمد له في مذهبه كونه مفتونا بثقافته القانونية أشد الفتون .
ومفتاح عقلية الدكتور الترابي ومفتاح ثقافته ، في هذا الباب ، يمكن أن يلتمس في فقرات كثيرات من كتابه هذا الغريب ، ولكننا نرشح هنا لهذا الغرض قوله من صفحة 16 ((وليس في متن الدستور ولا في مبادئ التفسير بالطبع ما يعول عليه للتفريق بين نص ونص على أساس أن هذا قابل للتعديل والآخر غير قابل ، ولا ما يسند الزعم بأن لفصل الحقوق الأساسية خاصية تميزه في هذا الصدد عن سائر الفصول ، فكلها تستوي في قوة مفعولها ، وأيما قانوني تعلل بمجرد الأهمية النسبية لهذا الفصل أو ذاك في تقديره الشخصي ، فإنما هو متكلف لا شاهد له من الدستور ، ومغالط لا حجة له من القانون ، ومعتبط يتجنى على القانون)).
((ولو صحت المفاضلة القانونية بين فصول الدستور لكان فصل الحريات من أضعفها لأنه يخضع للتشريع)) هذا ما قاله الدكتور الترابي في ذلك الموضع من كتابه ، والتماس فتون الدكتور بثقافته القانونية في هذه الفقرة لا يعيي أحدا من القراء ، ولذلك فانا سنمضي في تبيين ضحالة الثقافة وسطحية التفكير ..


ثم يستطرد الكتاب ليقول عن الحكم الديمقراطي:

Quote: وإنما قام نظام الحكم الديمقراطي ليجعل كل هذه الحقوق الأساسية مكفولة ، والدستور الذي هو لازمة من لوازم الحكم الديمقراطي : هو القانون الأساسي ، وهو إنما سمي قانونا أساسيا لأنه ينصص على هذه الحقوق الأساسية ، وإنما سميت الهيئة التي تضع الدستور جمعية تأسيسية لأنها تضع القانون الأساسي ، وواضح أن الحقوق الأساسية إنما سميت حقوقا أساسية لأنها تولد مع الإنسان .. الحياة والحرية ، هي حقوق لأنها لا تمنح ولا تسلب في شرعة العدل .. وهي أساسية لأنها كالغذاء وكالهواء والماء ..
ويمكن إذن أن يقال أن الدستور هو ((حق حرية الرأي ، وأن كل مواد الدستور الأخرى ، بل وكل مواد القانون ، موجودة في هذه العبارة الموجزة كما توجد الشجرة في البذرة .. فان النخلة ، بكل عروقها ، وفروعها ، وساقها ، موجودة في ((الحصاية)) تراها عين العقل فإذا وجدت ((الحصاية)) الظرف المناسب : من التربة والماء : خرجت منها النخلة بكل مقوماتها، وأصبحت ماثلة تراها عين الرأس أيضاً بعد أن كانت معدومة في حقها .. وكذلك الدستور هو موجود بالجرثومة في الحق الأساسي – ((حق حرية الرأي)) ، وما الجمعية التأسيسية إلا الظرف المناسب الذي يجعل شجرة الدستور ، بفروعها ، وعروقها ، وساقها تنطلق من تلك البذرة الصغيرة ، كما انطلقت النخلة من ((الحصاية)).
هذا فهم للديمقراطية وللدستور وللحقوق الأساسية يفهمه كل مثقف استطاع أن ينفذ من قشور الثقافة الغربية إلى اللباب ، ولكن الدكتور الترابي وقف مع القشور حين ظن أن ((ليس في متن الدستور ولا في مبادئ التفسير بالطبع ما يعول عليه في التفريق بين نص ونص على أساس إن هذا قابل للتعديل والآخر غير قابل))
ولو كان الدكتور الترابي قد نفذ إلى لباب الثقافة الغربية لعلم أن المادة 5 (2) من دستور السودان المؤقت غير قابلة للتعديل . وهذه المادة تقول ((لجميع الأشخاص الحق في حرية التعبير عن آرائهم والحق في تأليف الجمعيات والاتحادات في حدود القانون)) وهي غير قابلة للتعديل لأنها هي جرثومة الدستور ، التي إنما يكون عليها التفريع .. وهي الدستور ، فإذا عدلت تعديلا يمكن من قيام تشريعات تصادر حرية التعبير عن الرأي فان الدستور قد تقوض تقوضا تاما .. ولا يستقيم بعد ذلك الحديث عن الحكم الديمقراطي إلا على أساس الديمقراطية المزيفة .. وهي ما يبدو أن الدكتور الترابي قد تورط في تضليلها .
المادة 5 (2) هي دستور السودان المؤقت ، وهي دستور السودان المستديم ، وهي دستور كل حكم ديمقراطي ، حيث وجد هذا الحكم الديمقراطي ، وعمل الجمعية التأسيسية في وضع الدستور إنما هو تفريع عليها ، ليجعل تحقيقها اكمل وأتم .وهناك قولة قالها الدكتور الترابي هي إحدى الكبر في شرعة العقل المفكر ، والثقافة الصحيحة ، وتلك هي قوله ((ولو صحت المفاضلة القانونية بين فصول الدستور لكان فصل الحريات من أضعفها لأنه يخضع للتشريع)) فعبارة ((لأنه يخضع للتشريع)) تدل دلالة قوية على أن الدكتور يجهل أموراً ما ينبغي أن تجهل في أمر الحرية ، وفي أمر التشريع .. وأول هذه الأمور أن الحرية لا تضار بالتشريع ، وإنما تزدهر بالتشريع ، اللهم إلا إن كان هذا التشريع يقوم على نزوات الحكم المطلق ، الذي يسمي نفسه ديمقراطية ، زوراً وبهتاناً .. وهذا ما يبدو أن الدكتور يعنيه .. وهذه إحدى مشاكل تفكير الدكتور .. وعبارة ((في حدود القانون)) التي وردت في عجز المادة 5 (2) هي روح المادة .. لأن القانون هو الذي يعطي الحرية معناها ، ويميزها عن الفوضى.. فالتشريع صديق الحرية وليس عدوها ، وكل تشريع غير ذلك لا يسمى تشريعا ، إلا من قبيل تضليل الناس .. فالتشريع في النظام الديمقراطي طرف من الدستور وهذا هو المعنى بدستورية القوانين .. فكل تشريع يعارض الحرية ليس تشريعا دستوريا .



وسوف أعواد لمواصلة نقاط الأخ الدكتور عوض عندما يتوفر الوقت..

ياسر

Post: #47
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-21-2006, 01:02 PM
Parent: #1

أعود لمواصلة التعليق على نقاط الأخ الدكتور عوض..

الأخ عوض يقول:

Quote: 2. حسنا، كنتم تؤيدون نظام مايو كما قلت لان البديل كان تسليم البلد لقوى الهوس الديني. و هل هناك بيئة تفرخ و تنعش الهوس غير الدكتاتورية و الفساد و هما جماع التجربة المايوية. هل كل نقدكم (الناعم) لنظام مايو يتركز في إشراك "الطائفية" و الإخوان المسلمين بعد المصالحة.


نعم، البديل الجاهز لمايو كان هو الحكم الحزبي الذي فشل فشلا ذريعا منذ أن أجبر حكومة أكتوبر الأولى على الاستقالة ثم كسب الانتخابات بالطريقة إياها المعهودة [التضليل والرشوة] ثم حكاية الفوز بالتزكية.. وقامت الأحزاب [أمة اتحادي جبهة ميثاق] بطرد نواب الحزب الشيوعي مع أنهم من الخريجين [لمنع الإلحاد] ، ثم قامت مؤامرة [مهزلة محكمة الردة] ضد الأستاذ محمود محمد طه، بإيعاز خارجي من دولتين جارتين وتآمر داخلي من القصر والأحزاب.. حكم مهزلة محكمة الردة كان سيتم تنفيذه بعد إقرار الدستور الإسلامي في البرلمان أو بالاستفتاء.. كل هذا كوم، وحال الجنوب الذي تحول إلى حرب إبادة المتعلمين الجنوبيين كوم آخر..
ونعم، ليس من الممكن محاربة الهوس الديني [الأخواني والطائفي] تحت ظل نظام دكتاتوري أو شمولي، ولكن ترى ماذ ا كان سيكون الحال لو تمكنوا من تمرير الدستور الإسلامي [الترابي] منذ ذلك الوقت؟؟ هل سألت نفسك هذا السؤال؟؟
وقد انتقد الجمهوريون نظام مايو في معنى ما انتقدوا فكرة الدستور الذي ينص على أن "الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر الدستور".. وتوجهوا إلى مواجهة المؤسسات التي يحسن دعاة الدستور الإٍسلامي استخدامها لإحتواء النظام وتحويله عن مساره العلماني الذي أحرز به نجاحاته الأولى.. هذه المؤسسات هي "الشئون الدينية" "القضاء الشرعي".. ولو أن المجال يسمح لكنت أوردت لك النصوص في نقد النظام في معنى نقد هذه المؤسسات ورجالها، ولكن لضيق المجال سأكتب عناوين الكتب وتاريخ صدورها حتى وقت المصالحة:

كتاب: أضواء على شريعة الأحوال الشخصية، اكتوبر 1973
كتاب: الميزان بين محمود محمد طه والامانة العامة للشئون الدينية 1974
كتاب: مهزلة محكمة الردة مكيدة سياسية، مايو 1975
كتاب: القضاة الشرعيون أكبر عقبة أمام عودة الدين، مايو 1975
كتاب: قانون وقضاة الاحوال الشخصية قصور عن الشريعة وتخلف عن العصر، يونيو 1975
كتاب: وقائع قضية بورتسودان.. كتاب من ثمانية أجزاء يوليو 1975 وهو كتاب يغطي قضية رفعها قاضي شرعي ضد الأستاذ محمود والجمهوريين، وقد تدخل فيها النائب العام وقتها، وقد كتب الجمهوريون في ذلك كتابا منفصلا..
قضايا كوستي، يوليو 1975
اتحاد نساء السودان وقضية المرأة، يوليو 1975
الدين ورجال الدين عبر السنين، يوليو 1975
كتاب: النائب العام والتدخل فى قضية بورتسودان، أغسطس 1975
كتاب: بيننا وبين الشئون الدينية وأساتذتها من أزهريين وسعوديين، أغسطس 1975
كتاب: الذكرى السابعة لمهزلة محكمة الردة، نوفمبر 1975
كتاب: صفّوا قضاة دوائر الاحوال الشخصية، يناير 1976
كتاب: علماء بزعمهم - الكتاب الأول، فبراير 1976
كتاب: علماء بزعمهم - الكتاب الثاني، فبراير 1976
كتاب: ليسوا علماء السودان وانما علماء اخر الزمان، فبراير 1976
كتاب: التهافت فبراير 1976
كتاب: ماذا بعد التهافت مارس 1976

كتاب: قضية بورتسودان : البداية والنهاية، أبريل 1976
كتاب: نحن نتهم شريعة الأحوال الشخصية، مايو 1976
كتاب: الاخوان الجمهوريون يدعون الى المنابر الحرة، مايو 1976
الاخوان الجمهوريون فى جريدة الايام السودانية، مايو 1976، والصحف في ذلك الزمن كانت مؤسسات حكومية، يتم تعيين مديريها بواسطة الحكومة!!!..
كتاب: "اسمهم الوهابية وليس اسمهم انصار السنة"، نوفمبر 1976، وإثر صدور هذا الكتاب قامت سلطة مايو باعتقال الأستاذ محمود محمد طه وثمانية من الجمهوريين في سجن كوبر لمدة شهر بدون تحقيق وأطلقت سراحهم بدون شروط، ولكن وضح أن الاعتقال كانت وراءه قوى خارجية..
كل هذا قبل محاولة الغزو العسكري بمساعدة ليبيا التي تمت في يوليو 1976 وتداعت أحداثها حتى اضطر النظام لمصالحة المعارضة [الأخوان المسلمين بصورة أساسية].. وبعد دخول الأخوان المسلمين صارت محاولة الاحتواء أكثر نشاطا وقد تولى الجمهوريون عبء مواجهة ذلك الخط مواجهة صارمة وليست كما تقول "نقدا ناعما" للنظام لإشراكه "الطائفية والأخوان المسلمين" والكتب التي أخرجت تشهد على ذلك.. وإليك بعض عناوين تلك الكتب:
كتاب: الصلح خير اغسطس 1977
كتاب: ثورة مايو وعودة اكتوبر سبتمبر 1977
كتاب: الشريعة الاسلامية تتعارض مع الدستور الاسلامى سبتمبر 1977
كتاب: الدكتور حسن الترابي يخرج عن الشريعة باسم تحكيم الشريعة يناير 1978
كتاب: لجنة تعديل القوانين لن تفلح الا فى خلق بلبلة يناير 1978
كتاب: خلف الله الرشيد وقامة رئيس القضاة ابريل 1978
كتاب: الدين ونحن وعون الشريف يوليو 1978
كتاب: هؤلاء هم الاخوان المسلمون - الجزء الاول أغسطس 1978 والجزء الثاني ديسمبر 1978، والجزء الثالث يناير 1979.
كتاب: مخطط الصادق/الترابي/الهندى لاحتواء نظام مايو ديسمبر 1978
كتاب: لماذا نؤيد سلطة مايو؟ ، مايو 1979
كتاب: الموقف السياسى الراهن يتطلب حكمة السلطة ووعى الشعب أغسطس 1979
كتاب: ساووا السودانيين فى الفقر الى ان يتساووا فى الغنى أغسطس 1979
كتاب: لجنة تعديل القوانين بجعلها لحد الخمر تعزيرا تزيف الشريعة وتعوّق بعث الدين، أغسطس 1979
كتاب: مقترحات الازهر للدستور الاسلامى جهالة لا تمثل الدين، أغسطس 1979
كتاب: لا !! يا رئيس القضاء !!، أكتوبر 1979
كتاب: لتكريم ذكرى اكتوبر اقيموا المنابر الحرة ومهدوا بها لنشر الفكر الرصين وبناء الخلق المتين، أكتوبر 1979
كتاب: لجنة تعديل القوانين بقانون اصول الاحكام القضائية تتوه القضاء !! وتطفف العدالة !! يناير 1980
كتاب: الى متى هذا العبث بعقول الناس وبدين الله ؟! يناير 1980
كتاب: القانونيون وقضية الساعة، فبراير 1980
كتاب: انتهازية الاخوان المسلمين فى انتخابات مجلس الشعب، مايو 1980
كتاب: الهوس الدينى يهدد امن ووحدة الشعوب ويعوق بعث الاسلام، يونيو 1980
كتاب: لاتفسدوا تربية النشء باسم الدين !!، أغسطس 1980
كتاب: القضاء المدنى فى قفص الاتهام، أكتوبر 1980
كتاب: ماهو البديل عن نظام مايو ؟، أكتوبر 1980
كتاب: ثورة اكتوبر عائدة !! ولكن كيف ؟ أكتوبر 1980
كتاب: نميري والنهج الاسلامى والدعاة السلفيين، ديسمبر 1980
كتاب: الاستقلال جسد روحه الحرية، يناير 1981
كتاب: ابعدوا رئيس القضاء !!، فبراير 1981
كتاب: هذا "المؤتمر العالمى للدعوة الاسلامية" الى ماذا يدعو العالم ؟!، مارس 1981
كتاب: قانون الآداب العامة مزيف للدين !! مفسد للاخلاق !! مبلبل للأفكار !!، مارس 1981
كتاب: الارهاب الدينى يهدد حرية الفكر، مارس 1981
كتاب: الشئون الدينية تحمى العلماء المؤتمرين من الافكار الجمهورية، مارس 1981
كتاب: المؤتمر العالمى للدعوة الاسلامية بلا دعوة اسلامية، أبريل 1981
كتاب: الجبهة الداخلية و صمت الصحف و حديث الترابي، أكتوبر 1981
كتاب: اكتوبر الثانية و الكتلة الثالثة، أكتوبر 1981
كتاب: الضائقة الاقتصادية الراهنة، ديسمبر 1981
كتاب: الاستقلال، يناير 1982
كتاب: جنوب السودان المشكلة و الحل، فبراير 1982
كتاب: التكامل، نوفمبر 1982 [انتقاد لعملية التكامل بين مصر والسودان بطريقة علمية موثقة]
كتاب: قانون الطمأنينة العامة، مارس 1983
كتاب: بنك فيصل الإسلامي، مارس 1983
كتاب: الهوس الديني يثير الفتنة ليصل الى السلطة، مايو 1983، وعلى إثر هذا الكتاب تم اعتقال الجمهوريين ابتداء من أواسط مايو 1983، وتم اعتقال الأستاذ محمود في يوم 9 يونيو 1983، وبلغ عدد الجمهوريين المعتقلين أكثر من خمسين، وقد لجأ الجمهوريون إلى ابتكار طريقة الحديث على أشرطة الكاسيت وتوزيعها على الجمهور.. وأثناء الاعتقال خرج كتاب الموقف السياسي الراهن
كتاب: الموقف السياسي الراهن، أغسطس 1984
معروف أن الاعتقال دام حوالي 19 شهرا تقريبا خرج بعده الأستاذ محمود والجمهوريون في 19 ديسمبر 1984، وأخرجوا منشور "هذا أو الطوفان" وكتاب الاستقلال..
كتاب: الاستقلال والثورة الثقافية وبعث السنة، يناير 1985

هذه القائمة كتبتها أيضا لمصلحة الذين يودون كتابة دراسات عن حركة الجمهوريين..

والآن أعود لقولك:
Quote: هل لدى الجمهوريين اى أدبيات مكتوبة تبين لنا مواقفهم إزاء جرائم مايو الكبرى مثل ترحيل يهود الفلاشا إلى إسرائيل، التستر على المجاعة و الجفاف الزى ضرب غرب السودان في عامي 1983 و 1984م، والفساد الزى أضاع على السودان هبات و قروض بحوالى 20 مليار دولار (دولار الثمانينات و السبعينات)، المحاكمات الجزافية التي أراقت دماء أعداد كبيرة من السودانيين في محاكم صورية............. ان اى تنظيم أو جماعة يحتاج إلى قدر كبير من تخانة الجلد و تبلد الحس الاخلاقى ليغض النظر أو يتعايش مع هكذا نظام يرتكب مثل هزه الموبقات!!! خصوصا ان قصارى جهد الجمهوريين في " نقد" مايو كما قلت أنت كان الدعوة لترشيد استهلاك البنزين و التلفونات!!! (يا مثبت العقل و الدين)

أولا، فضيحة ترحيل اليهود الفلاشا[ التي تمثلت في تلقي 65 مليون دولار رشوة، والقيام بتنفيذ العملية بطريقة سرية] تمت في أواخر عام 1984 وقد كان الأستاذ محمود وكبار القياديين في المعتقلات والنشاط محظور، فضلا عن أن الفضيحة لم تظهر إلى السطح إلا فيما بعد..
سوف يحكم التاريخ على الجمهوريين فيما كتبوه وقالوه لنظام مايو ولشعب السودان، ولا أريد أن أعلق على مسألة "تبلد الحس الأخلاقي" لأنها تهمة في غير محلها، خاصة أن الجمهوريين قد حاولوا وسعهم الإصلاح.. فقد وضح تماما أن الجمهوريين كانت تهمهم مصلحة السودان والسودانيين.. يكفي أن مواجهة الجمهوريين للنظام كانت سلمية ولم يكن فيها لجوء للسلاح كما فعل آخرون، فإنه عندما يلعلع السلاح فلن يكون لجم الانفعالات من الجانبين بالسهولة التي يتصورها البعض..

قولك:

Quote: 3. كنت في الثمانينات طالبا في الجامعة و قد عاصرت أركان الجمهوريين و معارضهم و رأينا رأى العين و سمعنا بازاننا استماتة القراى و دالي في الدفاع عن مايو و سخريتهم حتى من ضحايا النظام المايوى بما يعف اللسان عن ذكره. بل و كانت هناك فروع للاتحاد الاشتراكي لا تجرؤ عضويتها على الدفاع عن مايو (ربما لأنها كانت أكثر حياءا). و عموما فان كلا الرجلين أحياء يرزقون بل و ناشطون في المنابر الاسفيرية و بامكانهما نفى هزا الكلام ان لم يكن صحيحا أو تبريره. و يمكنك استفتاء عضوية البورد ممن عاصروا تلك الفترة في بوست منفصل عن صحة ما قلته. و غير الإحباط الزى كانت تسببه منابر الجمهوريين وسط الطلاب (الذين كانوا معادين للنظام في اغلبهم) فقد تسببت في نفورهم من الفكرة الجمهورية رغم إنها الأكثر استنارة و تفتحا و مسايرة لروح العصر مقارنة مع الأخوان المسلمين و أنصار السنة على سبيل المثال، و لعلك تلاحظ قلة عضوية التنظيم من خريجي الجامعات في الثمانينات و أواخر السبعينات.


أرجو أن تذكر أمثلة لما كان يقوله الأخ دالي والأخ القراي وسيكون بعد ذلك الحكم على القول.. ما كان يقوله الجمهوريون مسجل كله في كتبهم.. حتى أن لديهم كتاب إسمه "لماذا نؤيد سلطة مايو "مايو 1979".. ولكن دعني أقول لك بأن قول الحق لا يترك لقائله صديقا.. وإنه لحق أن الطلاب لم يتفهموا مواقف الجمهوريين إلا بعد فوات الأوان.. فقد كانت جموع الطلاب واقعة تحت تأثير الأخوان المسلمين الذين كانوا أكثر تنظيما، والدليل على ذلك فوز الأخوان المسلمين في أغلب الأحيان في اتحادات الجامعات.. أما اليساريون فقد كانوا لا يريدون سماع الحقيقة التي يقولها الجمهوريون، وقد ظنوا أن المشكلة هي نميري وقد عرفوا بعد ذهاب نميري أن المشكلة لم تكن نميري أو نظام مايو وإنما الخطورة هي دفع النظام نحو "الأسلمة".. عندما كان الجمهوريون يذكّرون الطلاب بفظائع الاتحاد السوفيتي، هل تصدق أن بعض الشيوعيين في تلك الأركان كانوا يدافعون عن غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، وكانوا يدافعون عن دخول الاتحاد السوفيتي بالدبابات إلى المجر وتشيكوسلوفاكيا في عامي 1956 و 1968؟؟

قولك:


Quote: 4. ليس اضر على الحركات الفكرية و الأحزاب السياسية من المكابرة و الإصرار على التغاضي عن تصحيح الأخطاء اعتمادا على ضعف ذاكرة الناس. كل من يعمل وسط الجماهير عرضة للأخطاء. الموقف من مايو قد يكون سؤ تقدير أو قصر نظر أو تغليب لمصالح آنية. كل أحزابنا ارتكبت الأخطاء و الخطايا و البعض كبر في أعين الجماهير باحترامه لها بالإقرار بخطئه و التراجع عنه. الحزب الشيوعي انتقد موقفه الأول المعارض لإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، و الإمام الصادق المهدي انتقد موقفه و موقف حزبه من أزمة حل الحزب الشيوعي عام 1965ـ و حتى الترابي و أتباعه ينتقدون يوميا الانقاز التي أتوا بها.


الموقف من مايو لم يكن سوء تقدير، وقد كان هادي الجمهوريين فيه هو مصلحة الشعب وليس مصلحتهم الخاصة، ففترة مايو قد فرضت على الجمهوريين اختيار أخف الضررين، إما مايو وإما الدكتاتورية الدينية بإسم الدستور الإسلامي، وقد تأكد الآن أن ضرر الهوس الديني أفظع بما لا يقاس من نظام مايو [ طبعا قبل أن يتبنى الأخير الهوس الديني].. يكفي أن عدد القتلى في جنوب السودان في زمن الإنقاذ قد تعدى المليونين، والآن في غرب السودان قد وصل إلى ثلاثمائة ألف.. لقد كان الجمهوريون يحذرون من هذا المصير..

والآن أعود إلى مداخلتك الأخيرة.. فقد نقلت لك من كتاب "الجمهوريون يدعون إلى المنابر الحرة هذا النص:


Quote: نحن لا نعني ذلك، بل إن ذلك ليضلل، أشد التضليل عما نعني بالمنابر الحرة..
المنابر الحرة هي كل المجالات التي تتاح فيها الفرصة لكل مواطن للتعبير عن رأيه، كفرد، لا كتنظيم، في حدود القوانين القائمة، ونحب أن نوكد هنا أن المنبر الحر هو للأفراد، كأفراد، وليس للتنظيمات، وكل فرد يتحدث في هذه المنابر، معبراً عن رأيه، يتحمل مسئوليته عن قوله أمام القانون


وقد كان تعليقك:
Quote: وهزه المنابر بصورتها التي وصفت أسوا و أضل من منابر السادات. على الأقل منابر السادات كان فيها روح التنظيم و منابر الجمهوريين ليست إلا نسخة من لجان للقزافى و جماهيريته التي كانت غطاء لواحدة من أسوا دكتاتوريات القرن العشرين. هل لدى الإخوة الجمهوريين من حيث المبدأ اى اعتراض على النظام الحزبي؟ هل تبرر ممارسات الأحزاب الرديئة الانقضاض علي الديمقراطية؟ و ازا اقترضنا ان الأحزاب في منتهى السؤ فما مبرر الانقضاض على حرية الصحافة و حرية الأفراد؟ و حتى هزه المنابر الناعمة مقلمة الأظافر، التي لا تهش و لا تنش رفضها النظام المايوى فلمازا لم يسجل الجمهوريين موقفهم حينئذ متيحين الفرصة لخصومهم لاتهامهم بمقايضة حرية كامل الشعب السوداني مقابل السماح لهم بممارسة أنشطتهم؟


لا لم تكن فكرة المنابر الحرة التي اقترحها الجمهوريون، ولم تتم الاستجابة لها، شبيهة بتجربة اللجان الثورية في ليبيا.. ومشكلة الأحزاب التقليدية أنها لم تكن تملك مذهبيات واضحة، بل ليس لها دستور.. الأحزاب العقائدية، الأخوان المسلمون والشيوعيون، كانت لها مذاهب ولكنها غير ديمقراطية.. كان من الممكن أن تعمل المنابر الحرة على تمحيص الأحزاب وعلى إيجاد مذهبية.. وقد ضاعت الفرصة..
أقترح عليك وعلى القراء متابعة ما كتبه الدكتور منصور خالد في كتابه "النخبة السودانية وإدمان الفشل" صفحة 562 حيث يقول

Quote: "من بين كل القوى السياسية الفئة الوحيدة التي دعت لإيلاء مكان متقدم للجانب الفكري في حوار المصالحة كانت هي "الأخوان الجمهوريون". ففي بيان وقعه عبد اللطيف عمر حسب الله حول موقف الجمهوريين من الوحدة الوطنية صدر في 31/7/1977 جاء أن "أول ما يجب أن يؤكد في الأذهان هو أن الأحزاب، بصورتها التقليدية المعروفة لدينا والتي يرجع إليها فساد الحكم جميعه لن تعود. لقد آن الأوان للتكتلات الطائفية والعقيدية أن تبني نفسها في صورة أحزاب ذات مناهج تقوم على مذهبية واضحة مفصلة تلتزمها في أخلاق قادتها وفي أخلاق قاعدتها، وعلى هداها تورد تفاصيل حل مشكلات المجتمع المعاصر. بإيجاز تعود الأحزاب في صورة تنظيمات فكرية لا تكتلات غرضها الأساسي من التكتل الوصول إلى السلطة بأي سبيل، وبكل سبيل".
ودعت المذكرة إلى ميثاق وطني تتسع فيه دائرة المصالحة لتشمل جميع القوى السياسية والاتجاهات الفكرية في البلاد دون استثناء على أن يتم إقرار ذلك الميثاق في مائدة مستديرة. كما نادت بضرورة اتفاق الأحزاب على "طبيعة عملها في هذه المرحلة وهي إبراز كل تنظيم لمذهبيته بوضوح كاف، ورسم الخطط العملية لحل مشكلات الإنسان السوداني على ضوئها، وتقديم نظرة متكاملة لقضايا الحرية والحقوق الأساسية والديمقراطية والمساواة بين المواطنين عامة وبين الرجال والنساء خاصة".
)
انتهى..
والجمهوريون لم ينتظروا أحدا كي يسمح لهم بممارسة حقهم في المنابر الحرة، وقد اتضح أن موقفهم ابتداء من مايو 1983، ومواجتهم للنظام كان السبب الرئيسي وراء ترنح النظام وسقوطه.. وقد قال بهذا كثير من المحللين لتلك الفترة ومنهم الدكتور منصور خالد حيث قال في الجزء الثاني من كتابه "النخبة السودانية وإدمان الفشل" صفحة 11 تحت عنوان "حاجز الخوف وفصل الخطاب": ما يلي:

Quote: (كان الكل يترقب حدثاً من السماء في حين كان الوضع في انتظار سيراجيفوه أو قل تيموشواراه لتشعل الفتيلة. سيراجيفو أو تيموشوارا كانت هي اغتيال محمود محمد طه، الحدث الذي طعن السودان في خاصرته، وطعن أهل السودان في واحدة من أمجد خصائصهم التسامح. كان ذلك الحدث قمة لأحداث متتاليات من التحقير للرجال، والتشهير بالنساء، والتعهير للمبادئ السامية، وهل أسمى عند المؤمنين من مبادئ دينهم؟ في ذلك التحقير والتشهير والتعهير لم يكن النميري وحده، كانت معه النخبة المنتقاة، كان معه "الأخوان المسلمون" الذين سعوا لأن يجدوا للجنون نسباً مع الدين وهم يتوسلون بفقه التبرير الزائف. وكان معه الزئبقيون من العلماني إسلاميين الذين دخلوا في "ديانة" النميري أفواجاً، كاذباً وراء كاذب. وكان معه أيضا رجال هم عدته وعديده في تنفيذ أحكامه الجائرة المشتطة ومن هؤلاء من حُمل جثمان محمود الطاهر بأمرهم وتحت أعينهم ليدفن في مكان قصي.
وحين صمت الكبار أمام ذلك الحدث تقية وخشية، أو تلهوا عنه لأنه صادف في أنفسهم موقعاً لأن كثيراً منهم لم يكونوا يشاركون الرجل أفكاره؛ برزت مجموعة أخرى تقول أما بعد، والنحاة يسمون "أما بعد" بفصل الخطاب. تجمع قلة من النقابيين وقلة من النقابات لتطالب بإلغاء قوانين سبتمبر وإيقاف تنفيذ الحكم على محمود. كان موقفهم شجاعا لأنه تم وسيف ديموقليس مسلط على الرقاب

[... يواصل الدكتور منصور فيقول]
Quote: وتتالت الأحداث من بعد اغتيال الأستاذ، وما توانت تلك العصبة عن ما همت به، مجابهة النظام جهاراً، وقيادة العمل المعارض في أشد الظروف قسوة. وللمرة الأولى انتقل العمل النقابي للخطاب السياسي، الخطاب الذي يدين السياسات الاجتماعية للنظام، ويعلن بأن الشعب قد قدم من التضحيات الكثير في انتظار نتائج لم تتحقق، ويندد بالحرب وبالسياسات الاقتصادية الحمقاء. وسرعان ما كشفت تلك المجابهة المتأخرة هشاشة النظام وكسرت حواجز الخوف، فالخوف ظاهرة نفسية.
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى * وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا
غاب أهل الأحزاب عن ذلك التجمع، و"الغائب عذره معاه" كما يقول أهلنا. عذر حزب الأمة هو ارتهان النظام للصادق وتربصه به، وما دق النميري "القُراف" إلا ليخيف الجمل، أو كما قال بعضهم. أما الاتحاديون فقد كانوا في صراع بين قيادة الداخل وقيادة الخارج، قيادة الشريف وقيادة الميرغني. ونذكر أن وريث الشريف في تلك المجابهات ـ بعد أن مات حسين على دينه في الخارج ـ كان هو العم الشيخ الحاج مضوي، رجل بُلغ الثمانين "وما أحوجت سمعه إلى ترجمان". كان هذا هو الحال قبل أن يتناسل ورثاء الشريف بعد أن بلغوا حفير زياد، أي بعد أن أصبح حجاج هذا الزمان طاغية مخلوعاً. والشيوعيون، مع كل تعاطفهم مع الجمهوريين، كانوا بين شقي الرحى.. ففي المجاهرة بالوقوف ضد الحكم على محمود تأكيد على "إلحادهم" خاصة والشيوعيون، في شرع النميري وفقهائه، لم يبلغوا مرحلة التدين حتى يرتدوا عن دينهم، ومصير الملحدين معروف. ومن الجانب الآخر كان جل سعيهم هو التوفيق بين الأحزاب المتصارعة حتى تتفق على كلمة سواء، هذا كان هو الشغل الشاغل لصديقي محجوب عثمان، الذي كان هو وحزبه حريصين كل الحرص على الانتساب للسير العام الذي يحكمه قاسم مشترك أدنى. وهناك في ركن قصي وقف "البعثيون" من بعد أن سعى النظام لتجريمهم وإلحاق تهمة الإلحاد بهم. أما الأحزاب الأخرى التي تناسلت كالفطريات يوم الهول العظيم فقد كانت تركض ركضاً، لا في الشارع السوداني وإنما في رحم الغيب. أخطر ما في موقف الأحزاب الكبرى هو توزع مشاعر قياداتها بين رفضها لأفكار محمود، وخوفها مما ستقود إليه الدموية التي انحدر النظام إليها. وموطن الخطر في هذا الموقف هو ما ينبئ عنه من فقدان لمصداقية هذه الأحزاب عندماتتحدث عن الديموقراطية والحريات، فهناك ثمة فرق بين أن تختلف مع رجل على رأيه مهما كانت درجة الاختلاف، وبين أن تدافع عن حقه في التعبير عن ذلك الرأي حسب مقولة فولتير الخالدة. مصير هؤلاء وصفناه منذ زمان قديم: سيؤكلون كما أكل الثور الأبيض.
)
انتهى..

وأخيرا آتي إلى تعليقك على سؤال عبد الله جلاب سنة 1972 وإجابة الأستاذ:

Quote: س: وحتى يأتي طور الدستور الذي تقول عليه، ما العمل ؟؟
(ج) العمل اليوم يجب أن يتجه إلي إعداد الشعب ليكون في أدني مراتب الأهلية للحكم الديمقراطي .. فان هذا الشعب لم يحكم حكما ديمقراطيا في جميع عصوره..


وجاء تعليقك كما يلي:
Quote: مع كامل احترامنا للاستاز إلا ان هزه الحجة هي دايما ما تقول بها الأنظمة الدكتاتورية من اجل مصادرة الديمقراطية. ما الفرق بين هزه الحجة و بين ما قال به الانقازيون أول عهدهم بإعادة صياغة الشعب السوداني حتى يصير مؤهلا لاستعادة حريته. ثم كيف يتم إعدادنا للديمقراطية في غياب الديمقراطية؟ و كيف بتم القضاء على الطائفية في ظل مناخ الكبت و الإرهاب الزى فرضه المايويون وقتها؟


يبدو لي أنك نسيت ما كانت عليه الحالة قبل مجيء نميري أو لم تعايشه عمليا كما يبدو لي من قولك بأنك كنت في الجامعة في الثمانينيات.. أرجو أن ترجع إلى ما كتبته هنا عن مجاهدات الجمهوريين في سبيل الحقوق الأساسية قبل مجيء مايو.. الفرق بين مايو والإنقاذ هو أن مايو بدأت علمانية والإنقاذ بدأت بما انتهت به حكومة نميري.. والحكومة العلمانية دائما قابلة للإصلاح، وهذا ما أخذه الجمهوريون على عاتقهم، ولكن جهودهم لم يُكتب لها النجاح.. المهم أنهم كان لهم فضل الاجتهاد والجهاد السلمي وأخيرا المقاومة السلمية والعصيان المدني الذي تجلى في رفض التعاون مع المحكمة المهزلة..

قولك:

Quote: و بعدين يا آخى ياسر هل حقيقة تعتقد ان شخصا جاهلا أفاقا مثل جعفر نميرى مؤهل فعلا لإعداد الشعب السوداني لممارسة الديمقراطية؟ هل تظن حقيقة ان نظاما كنظام مايو الزى أضاع ثروات السودان و صارت البلد وقتها مرتعا لأسوا لصوص العالم أمثال الخاشوقجى يستحق ذرة من حسن الظن من قبل حركة ضمت صفوة أبناء السودان.


لقد قرأت من قبل ما كتبه الأخ محمد الحسن العمدة من أوصاف لنميري قريبة من أوصافك هذه، ولكن للحقيقة والتاريخ فإن النميري لم يكن يختلف كثيرا عن بقية أعضاء مجلس الثورة والوزراء، أو حتى عن كثير ممن سبقه لحكم السودان من رؤساء ووزراء في شتى الحقب، ولكن تضافرت بعض العوامل لتخلق منه حاكما فردا ورئيسا للجمهورية، من هذه العوامل حركة الأنصار وانقلاب يوليو 1971.. الجمهوريون كانوا يطرحون فكرتهم للإصلاح ولذلك لم يشاركوا في مؤسسات النظام، وعندما يئسوا من إصلاحه أعلنوا معارضتهم له..
وللأمانة والتاريخ لا يمكن لمؤرخ محايد أن ينكر أن مايو قد نجحت في السنين الأولى في التنمية والإصلاح الاقتصادي والتوسع في التعليم وأنها أصابت نجاحا ملحوظا في مجال الصحة وترقية المرأة وإعطاؤها الأجر المتساوي مع الرجل للعمل المتساوي، ولأول مرة تبوأت المرأة الوزارة في ذلك العهد.... ولا تنس حل مشكلة الجنوب بإعطائه حق الحكم الذاتي الإقليمي قبل الانتكاسة ونقض الاتفاق.. هذه حقائق تاريخية.. ولم يكن الفساد المالي في أوائل مايو بأكثر من الفساد في زمن الحكم النيابي الذي سبقه.. وأنا أعرف أن الفساد قد ازداد بعد المصالحة في ظل تضخم مالي عالمي بعد ازدياد أسعار البترول في منتصف السبعينات وفي ظل ضغط من دول عربية بعينها كانت تبتز النظام. وسوف يحفظ التاريخ للجمهوريين أنهم قالوا ما لم يقله غيرهم في النصح للنظام في عديد الكتب التي أوردت نماذج منها بعاليه، خاصة كتاب "التكامل" "بنك فيصل الإسلامي"..

آسف جدا للإطالة، ولكن مثل هذا البوست سيكون ذا قيمة كبيرة في أرشيف سودانيز أونلاين، ولذلك كان لا بد من التوثيق المنضبط..

ولك شكري يا عزيزي عوض.. ودمت..

ياسر

Post: #48
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-21-2006, 09:21 PM
Parent: #47

الاخ الفاضل ياسر
قلت
Quote: المقصود ليس انتخابات ما قبل الاستقلال، فإن الجنوب قد شارك في تلك الانتخابات التي تمت في حقيقة الأمر قبل حوادث توريت.. وإنما المقصود انتخابات ما بعد ثورة أكتوبر.. فإن الجنوب لم يشارك في تلك الانتخابات، وما حدث من فوز 21 من النواب [أغلبهم شماليون] كان فوز بالتزكية.. أرجو الرجوع إلى المداخلة كاملة وقراءتها..


لقد شارك الجنوب فى انتخابات مابعد اكتوبر ولكن لقد تم اجراء الانتخابات فى دوائر المدن والتى كانت تحت سيطره الحكومه فقط لعدم توفر الامن فى باقى الدوائر الانتخابيه نسبه للحرب المشتعله انذاك فى الجنوب...ان تجرى انتخابات فى 10% من الدوائر خير من حكم استبدادى حتى لو كان الحكام ملائكه لان السلطه المطلقه مفسده مطلقه. اترك للقارى ان يقارن بين قيام الانتخابات فى 85% من الدوائر ام قيام حكومه غير منتخبه (هيهات) او استمرار نظام عبود. لقد قامت ثوره اكتوبر من اجل عوده الحكم الديمقراطى ورجوع العسكر الى سكناتهم (من اهم شعارات اكتوبر)

Quote: وقد اتضح من كتابتك أنك، برغم اختلافك مع الدكتور الترابي، إلا أنك تعتقد أنه كان مؤهلا لكتابة الدستور!! هل قرأت عن محاصرة الأب فيليب عباس غبوش له في البرلمان عام 1968 أثناء مناقشة مشروع الدستور؟؟ هل تعلم أنه أجاب في نهاية الحصار بأن غير المسلم لا يحق له أن يتولى رئاسة الدولة [يعني في السودان الذي يقوم على أسس دستور الترابي]؟؟
الترابي لا يعرف عن الدستور إلا ما يمكنه هو وحزبه من التضليل.. وقد صح عنه قول الأستاذ محمود قبل تلك الحادثة في كتاب مشهور ، أرشح لك وللقراء الكرام قراءته هنا..


رغم اختلافى مع الترابى الا انه مؤهل اكاديميا لكتابه الدستور وكما ذكرت فى مداخلتى الاخيره باننى اختلف مع الترابى السياسى وحزبه وهذا الاختلاف تؤكده مقتطفاتك من محاضره قيلب غبوش. للبرلمان الحق فى قبول , تعديل او رفض اى مسوده قانون او دستور وهنا فى امريكا كل مسودات القوانين تحمل اسم مقدمها او مقترحها
مااود ان اقوله هو ان الديقراطيه منهج كامل كالاسلام لا ينبقى ان نؤمن به وجه النهار ونكفر به اخر الليل وهذه مشكله كل الاحزاب العقائديه فى السودان من اقصى اليمن الى اقصى الشمال حتى الاخوه الجمهورين, يؤيدون الديمقراطيه اذا صادفت هواهم والا فيتهمون الشعب بالغباء وعدم الاخلاق (الرشوه) وعدم الرشاد اذا انتخب غيرهم. لقد رضينا فى حزب الامه بنتائج انتخابات 55 رغم مرارتها

Post: #49
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-22-2006, 09:11 AM
Parent: #48

أخي الكريم محمد دودي،

تحية المودة والاحترام

قولك:

Quote: لقد شارك الجنوب فى انتخابات مابعد اكتوبر ولكن لقد تم اجراء الانتخابات فى دوائر المدن والتى كانت تحت سيطره الحكومه فقط لعدم توفر الامن فى باقى الدوائر الانتخابيه نسبه للحرب المشتعله انذاك فى الجنوب...ان تجرى انتخابات فى 10% من الدوائر خير من حكم استبدادى حتى لو كان الحكام ملائكه لان السلطه المطلقه مفسده مطلقه. اترك للقارى ان يقارن بين قيام الانتخابات فى 85% من الدوائر ام قيام حكومه غير منتخبه (هيهات) او استمرار نظام عبود. لقد قامت ثوره اكتوبر من اجل عوده الحكم الديمقراطى ورجوع العسكر الى سكناتهم (من اهم شعارات اكتوبر)


لقد تعجلت الأحزاب للانتخابات وتجاهلت مسألة الحرب التي تفاقمت بأكثر مما كان على عهد الحكم العسكري وهذا التعجل خطأ كبير.. ثم أنها عندما أقامت انتخابات ناقصة، بسبب عدم مشاركة أغلب مناطق الجنوب، ذهبت بهذه الجمعية، ناقصة الشرعية، إلى تعديل جوهر الدستور المؤقت الذي بغيابه لا يكون الدستور دستورا.. ثم أنها أرادت بنفس هذه الجمعية أن تكتب دستورا دائما للبلاد اختارت له أن يكون إسلاميا متناسية حقوق غير المسلمين.. كان يمكن الاستمرار بالدستور المؤقت ريثما تُحل مشكلة الحرب ويحل السلام لأن السلام أهم من الدستور الدائم.. الغريب أن الأحزاب تجاهلت ثلاثة من شعارات أكتوبر أولها مشكلة الجنوب واهتمت بالشعار الرابع وهو الانتخابات!!! ولكنها سيطرت على حكومة جبهة الهيئات بطريقة غريبة يحدثنا عنها الدكتور منصور خالد في كتابه "أهوال الحرب وطموحات السلام" فيقول في صفحة 242:
Quote: (من الطبيعي أن تحتج الأحزاب على ولوغ حكومة أكتوبر في موضوعات يتطلب تحقيقها وفاقاً جماعيا، وطبيعي أيضا، أن تعترض على بعض الممارسات غير المعافاة التي صحبت إجراءات تطهير الخدمة المدنية. كما من المتوقع، أن تحتج الأحزاب على رغبة المهنيين في تأجيل الموعد المضروب للانتخابات، مما يعني استمرار سيطرة أولئك المهنيين على الحكومة، وهي سيطرة اقتضتها ظروف استثنائية. أما القول بأن الانتخابات هي الحل، فقول فيه عوج، وعوج كبير. مع ذلك، لم يكن أمام رئيس الوزراء، سر الختم الخليفة، وهو رجل بعيد عن مناورات السياسة السودانية، إلا أن يستجيب لطلب الأحزاب بإجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها وفقاً لميثاق أكتوبر، أي في موعد أقصاه مارس 1965،. جاء قبول سر الختم لضغوط الأحزاب بعد أن قدمت له إنذاراً صريحا مفاده هو إما أن يُجري الانتخابات في موعدها المحدد، أو أن يقدم استقالته. ذلك أمر إن تم، كان سيدخل البلاد في مأزق. ولتأكيد عزمه على الأمر، أخرج حزب الأمة عشرات الآلاف من الأنصار في شوارع الخرطوم للضغط على الحكومة. إزاء تلك الضغوط اضطر رئيس الوزراء في فبراير 1965 لتقديم استقالته وتكوين حكومة جديدة. في تلك الحكومة الانتقالية الجديدة وجدت الأحزاب السياسية بُغيتها إذ سيطرت على الحكومة، في حين ظل سر الختم في رئاستها. ومع خروج حكومة أكتوبر الأولى توقف تيار الحماسة الإصلاحية، وتضاءلت احتمالات الوصول إلى مصالحة حقيقية، وتبخرت آمال تحقيق الاستقرار والرخاء، وهي آمال مرهونة بتحقيق السلام.)
انتهى
قولك:

Quote: رغم اختلافى مع الترابى الا انه مؤهل اكاديميا لكتابه الدستور وكما ذكرت فى مداخلتى الاخيره باننى اختلف مع الترابى السياسى وحزبه وهذا الاختلاف تؤكده مقتطفاتك من محاضره قيلب غبوش. للبرلمان الحق فى قبول , تعديل او رفض اى مسوده قانون او دستور وهنا فى امريكا كل مسودات القوانين تحمل اسم مقدمها او مقترحها



إذا كنت ترى أن الترابي مؤهل لكتابة دستور ما هو رأيك في قوله لرئيس الجمعية التأسيسية بأنه لا يحق لغير المسلم أن يكون رئيسا للدولة؟؟
أما قولك بأن في أمريكا يمكن تعديل الدستور فهو صحيح ولكن في كل الدول توجد مواد من الدستور لا يجوز تعديلها أبدا.. والمادة 5/2، مادة الحقوق الأساسية في الدستور المؤقت هي من نوع هذه المواد التي لا يجوز المساس بها أو تعديلها.. وسأعطيك مثلا من الدستور الألماني لمواد لا يجوز تعديلها أبدا.. وقد وضعت لك خطاً تحت العبارة المهمة التي وردت في نهاية النص الذي نقلته لك من هذا الرابط:
http://www.tatsachen-ueber-deutschland.de/ar/political-...4/the-basic-law.html
..

Quote: الدستور الألماني "القانون الأساسي"

يرسم الدستور الألماني حدودا للتشريع القانوني ضمن الإطار الدستوري كما يلزم إدارة الدولة بالحق والقانون. وتحتل الفقرة الأولى من الدستور مكانة خاصة. فهي تعتبر أهم فقرة من الدستور لما تنص عليه من احترام كرامة الإنسان: "لا يجوز المساس بكرامة الإنسان. وتلتزم الدولة بكافة مؤسساتها باحترامها وحمايتها". وتضمن الحقوق الأساسية أيضا أمورا، منها حرية التجارة في إطار القوانين، والمساواة بين الناس أمام القانون وحرية الإعلام والصحافة وحرية الجمعيات وحماية الأسرة.

أما حقيقة أن الشعب يمارس السلطة من خلال مؤسسات مختلفة، فهي تتواكب مع نص الدستور على طريقة الحكم المعتمدة على التمثيل الديمقراطي. كما أنها تبين أن ألمانيا دولة قانون: تخضع فيها كافة تصرفات الجهات الحكومية لرقابة القانون. وتعتبر الدولة الاتحادية مبدأ آخر من مبادئ الدستور. وهي تعني تقاسم السلطة بين مجموعة من الدول الأعضاء من جهة وبين دولة مركزية من جهة أخرى. وأخيرا يعتبر الدستور ألمانيا على أنها دولة اجتماعية. والدولة الاجتماعية تفرض على السياسة اتخاذ إجراءات تضمن للناس مستوى لائقا من الحياة المادية في حالات البطالة والإعاقة الجسدية والمرض والشيخوخة. أما الميزة الخاصة التي يتمتع بها الدستور فهي ما يعرف باسم "الطبيعة الأزلية" التي تتمتع بها أسس هذا الدستور. الحقوق الأساسية وطريقة الحكم الديمقراطية والدولة الاتحادية والدولة الاجتماعية، كلها مبادئ لا يجوز المساس بها من خلال تعديلات لاحقة على الدستور أو حتى في حال صياغة دستور جديد للدولة.


قولك:
Quote: مااود ان اقوله هو ان الديقراطيه منهج كامل كالاسلام لا ينبقى ان نؤمن به وجه النهار ونكفر به اخر الليل وهذه مشكله كل الاحزاب العقائديه فى السودان من اقصى اليمن الى اقصى الشمال حتى الاخوه الجمهورين, يؤيدون الديمقراطيه اذا صادفت هواهم والا فيتهمون الشعب بالغباء وعدم الاخلاق (الرشوه) وعدم الرشاد اذا انتخب غيرهم. لقد رضينا فى حزب الامه بنتائج انتخابات 55 رغم مرارتها


أولا الجمهوريون لم يسبق لهم أن ترشحوا في الانتخابات.. ولم يسبق لهم أن وصفوا الشعب بالغباء بل قالوا أن الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام.. والرشوة والتضليل هي من ممارسة السياسيين الحزبيين ورجال الأحزاب.. لقد قبل الاتحاديون الرشوة من الحكومة المصرية من يد الصاغ صلاح سالم، وقد اعترف بهذا مؤخرا السيد محمد حسنين هيكل في برنامجه "هيكل: تجربة حياة" في قناة الجزيرة.. وقد كانت هذه الرشوة لزعماء الاتحاديين كي يضللوا الشعب السوداني ويمرروا مسألة الاتحاد مع مصر، وبالفعل فاز الاتحاديون بتلك الانتخابات التي جاءت بحكومة الحكم الذاتي وهي نفس الحكومة التي انقلبت على مسألة الاتحاد ورضخت لرأي القائلين بالاستقلال التام، وعليه تم إعلان الاستقلال من داخل البرلمان.. ذلك الانقلاب كلف الاتحاديين أن يخسروا الانتخابات بعد الاستقلال وقد فاز بها حزب الأمة طبعا..
وقد ارتكب رجال الأحزاب أكبر خطأ لهم على الإطلاق وهو أنهم تنكروا لوعدهم للجنوبيين بالفدرالية.. لاحظ أن مسألة الفدرالية "الاتحادية" هي من البنود التي لا يجوز تعديلها في دستور ألمانيا.. وعن تنكر رجال الأحزاب لذلك الوعد يحدثنا الدكتور منصور خالد في كتابه آنف الذكر صفحة 197 فيقول:

Quote: في لهفتهم العجلى على إعلان الاستقلال من داخل البرلمان في الأول من يناير 1956، متجاوزين إجراءات تقرير المصير بالصورة التي حددتها الاتفاقية المصرية البريطانية، لم يكن لدى الحاكمين الجدد في الشمال الوقت الكافي لإصدار دستور يستجيب للخصائص السياسية والاجتماعية والثقافية للسودان. بدلاً عن ذلك قرروا اتخاذ الدستور الذي وضعه القاضي ستانلي بيكر للحكم في مرحلة الحكم الذاتي دستوراً للسودان المستقل مع إدخال بعض التعديلات الشكلية عليه. وكان مشروع ذلك الدستور "الاستعماري" قد رفض رفضاً تاماً من قيادات الحركة الوطنية في الخمسينيات.)

ويمضي الدكتور منصور فيقول في موضع آخر من صفحة 198:
Quote: (بغض الطرف عن ذلك التناقض، أقر الحاكمون الجدد ثوابت دستور وستمنستر، دون تمييز للقيم التي تحكمه؛ فلا البُنى الثقافية ـ الاجتماعية للسودان، كانت تحتمل البُنى الفوقية الوستمنسترية، ولا القيم السياسية السائدة كانت تقبل المفاهيم التي ارتكزت عليها تلك الديموقراطية، أو تذعن للضوابط التي مسارها. لم تحرص الأحزاب، أيضاً، على تشكيل ذاتها حتى تواجه التحديات التي تفرضها القيم والأفكار والأعراف التي ترتكز عليها تلك الديموقراطية المستعارة. على رأس تلك القيم والأعراف، المساواة الكاملة بين المواطنين دون أدنى تفرقة على أساس الدين أو الأصل الإثني أو الجنس، وخضوع القيادة للإرادة الشعبية، ورضوخ القيادات لمحاسبة قواعدها في داخل الأحزاب نفسها. هذه المعايير لم تكن تتوافق مع واقع رضي فيه المحكومون بالامتثال لقيادات سياسية ذات أصل عشائري أو منبت ديني، بل ارتضى أغلبهم بكامل قواهم العقلية تقديس تلك القيادات، أو على الأقل الظن بعصمتها عن الوقوع في الخطأ. غير أن الأمور لم تكن لتبلغ الدرجة التي بلغتها من السوء لو كان الحزبان التقليديان على وفاق بشأن قضايا الوطن الرئيسية. عوضاً عن ذلك الوفاق كان الطرفان منهمكان في شجار تلاحمي لا صلة له بمصالح البلاد العليا أو الدنيا. وكان محور الشجار بينهما قضية واحدة هي التمكين في الحكم عبر التحالفات والانتخابات. أما قضية الحرب والسلام فقد قررا أن تبقى في المؤخرة، ريثما فرغا من كبريات الأمور: التحالفات والانتخابات.)

انتهى.
ويمضي الدكتور منصور في سرد أحداث هامة من ذلك التاريخ فيقول في صفحة 218 من نفس الكتاب:

Quote: (على المستوى السياسي ثابر البرلمانيون الجنوبيون حتى عشية إعلان الاستقلال على طلبهم الخاص بتأسيس حكومة فيدرالية، باعتبار أن تلك هي الصيغة الوحيدة التي تُرضي الجنوب، وتُزيل مشاعر الاستياء، وتحفظ للسودان وحدته. إلا أن حكومة الأزهري وساسة الشمال لم يروا في المطلب الجنوبي إلا محاولة تفتيت السودان، ولذا هددت الحكومة باستعمال الحديد والنار إذا ما أصر الجنوبيون على مؤامراتهم. نتيجة لذلك قام نواب البرلمان الجنوبيون في الحزب الوطني الاتحادي الحاكم، (داك داي وبولين ألير، الجنوبيان الوحيدان في حكومة الأزهري) بترك الحكومة والحزب. وسرعان ما رأى حزب الأمة في تلك التطورات فرصة للمزيد من التشويه لصورة الحزب الوطني الاتحادي بين أهل الجنوب، وأدى هذا التطور إلى قيام حلف جديد بين حزب الأمة وحزب الأحرار الجنوبي هدفه شن حملات ضد حكومة الأزهري في جنوب السودان. من جهته، قام الحزب الوطني الاتحادي بإطلاق حملة مضادة في الجنوب يحذر فيها الجنوبيين من عودة الاسترقاق المهدوي إن مالوا لحزب الأمة. [هامش: تقرير القاضي قطران]
لتهدئة مخاوف الجنوب، وتمهيد الطريق أمام الاستقلال الذي بات إعلانه وشيكاً، أقدمت الطبقة السياسية الشمالية على إطلاق كذبة أخرى، وكانت بَلْقاء. ففي 22 ديسمبر 1955 قرر البرلمان أن تنظر الجمعية التأسيسية المرتقبة بعين الاعتبار للمطلب الجنوبي حول الفيدرالية. تلك الصيغة كانت رداً من الأحزاب الشمالية على المقترح الواضح الذي قدمه بنجامين لوكي للمؤتمر الذي ضم جميع الأحزاب (الشمالية والجنوبية) في 12 ديسمبر 1955 بهدف الاتفاق على إعلان الاستقلال من داخل البرلمان. قال لوكي لذلك الاجتماع: إعلان الاستقلال يجب أن يرافقه إعلان بتأسيس ولايتين فيدراليتين داخل سودان موحد. وفي تقديرنا، لم يك تأجيل النظر في أمر الفيدرالية إلى حين تكوين جمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للسودان إلا تحايلاً ظاهراً للخروج من المأزق، إذ لا يستقيم عقلاً أن تملك الأحزاب الشمالية الجسارة على تجاوز الاتفاقية البريطانية ـ المصرية، وحرمان الشعب كله من ممارسة حقه في تقرير المصير كما ورد في الاتفاقية، ثم تجد غضاضة في اتخاذ قرار يتعلق بنظام الحكم (system of rule) في إطار سودان موحد. وعلى كل، فقد قبل الأعضاء الجنوبيون في البرلمان مقترح الأحزاب الشمالية بمعناه الظاهري (at face of value)، ولكن ليس قبل سماعهم لكلمات منذرة من زعيم المعارضة في مجلس الشيوخ، ستانسلاوس بياسما. قال بياسما أن الجنوبيين لن يرضوا بما هو أقل من الوضع الفيدرالي للجنوب، وأضاف أن المستقبل وحده هو الذي سيبين عما إذا كان الوضع سيؤول إلى ذلك، أو إلى شيء آخر. ولم يبد الحزبان الرئيسيان (حزب الأمة والحزب الاتحادي الديموقراطي) اهتماماً كبيراً بتلك النذارة، وربما كانا يعتقدان بأنهما كسبا الجولة وسيكسبان الجولات الأخرى بمزيد من المكر والخداع. فجوهر الاستقلال منذ البداية كان جوهراً كذاباً، كما كان القَسَم الذي أُدي لدستوره قسماً كاذباً. ما درى المُقسمون أن اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع، كما جاء في الأثر..

بقبول الجنوب لذلك التعهد انتقل السودان إلى الاستقلال في مطلع يناير 1956 إلا أن الوضع لم يستمر طويلاً. فبعد مضي أسابيع قليلة قادت الأحزاب الشمالية التي أعلنت التزامها بالنظر بعين الاعتبار لمطلب الفيدرالية حملة ضارية ضد فكرة الفيدرالية نفسها ووصفتها بأنها مخطط استعماري نسج خيوطه سير وليام لوس. [هامش: صوت السودان (لسان حال الختمية) 15 فبراير 1956] أشد إيلاماً من هذا وقوف قانونيين مرموقين (محمد أحمد محجوب ومبارك زروق) ليقولا أمام لجنة الدستور التي أنشئت عقيب إعلان الاستقلال بأن الذي اتفق عليه في ديسمبر 1955 ليس هو منح الفيدرالية وإنما النظر بعين الاعتبار لمطلب الفيدرالية، وما بمثل هذا التبسيط المراوغ، تعالج القضايا المصيرية. القدح في هذين القانونيين البارزين يؤلمنا كثيراً، ولكن ما حيلتنا إن اعترفا بأن استقلال السودان كان نتاجاً لمزاعم زائفة (false representations)، أو أن تجافيا مبدأين أساسيين في العهود والاتفاقات: الأول هو أن العهود باستيفائها، والثاني هو أن هذه العهود ـ أياً كانت الصورة التي قُدمت بها ـ تقرأ وتفهم في إطار الأعمال التمهدية التي قادت إليها.
حقاً، اكتنف الجو السياسي العام في الشمال إنكار غريب لحقائق الحياة في العالم، وتجاهل غير رشيد للواقع الذي كان ماثلا أمام الجميع. حتى الحزب الشيوعي السوداني الذي كان أكثر وعياً من غيره بطبيعة المشكل الجنوبي شارك الأحزاب التقليدية في التحامل على الفيدرالية، رغم تأييده الواضح لمنح الإقليم الجنوبي حكماً ذاتياً. وعلنا نرد موقف الحزب الشيوعي إلى الهلع المرضي (phobia)، من أي شيء دعا له الاستعمار. غير أن الاستعمار، إن صح أن الفيدرالية هي واحدة من بنات أفكار وليام لوس، لم يخلف لنا الفيدرالية وحدها، وإنما صاغ أيضاً للسودان دستوره الذي ظل يحكم به طوال العهود إلى عام 1973، وترك إلى جانب ذلك، القضاء المستقل، ومبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال الجامعات، ونظام الحكومات المحلية. تلك أفكار ورؤى ومؤسسات لم نرثها من مملكة العبدلاب أو الدولة المهدية، وإنما أورثها لنا الاستعمار، وحَسُن بها حالنا.)

انتهى.
ولعله من المفيد أن أذكر لك وللقراء بأن الجمهوريين قد اقترحوا نظام الحكم الفيدرالي للسودان بكل أقاليمه منذ عام 1955.. وقد مثّل الأستاذ محمود الحزب الجمهوري في لجنة الدستور التي كُونت بعد الاستقلال ولكنه استقال من تلك اللجنة عندما رأى أن الحكومة تحاول الهيمنة عليها وسأنقل لك وللقراء قبسا من ذلك التاريخ ليقيني بأنه غير معروف للكثيرين..

Quote:
لجنة الدستور القومية
بعد إعلان الاستقلال، وفي أواخر عام 1956، تم تكوين لجنة قومية لوضع الدستور الدائم.. ولقد وجهت الحكومة الدعوة للأحزاب والهيئات لتوفد ممثليها في اللجنة.. وقد تكونت اللجنة بالفعل، واشترك الجمهوريون فيها.. وفي أول اجتماع فوجئنا بأن الحكومة قد حاولت أن تهيمن على اللجنة، وتؤثر على قراراتها.. فقد عيّنت رئيسها، واختارت أعضاءها المعينين المستقلين.. فاعترضنا على تغوّل الحكومة هذا.. وتجاوب معنا رئيس اللجنة نفسه وكثير من الأعضاء.. وننقل هنا صورة من محضر جلسة اللجنة القومية بتاريخ 27/9/1956م..
السيد زيادة أرباب وزير العدل: ان واجب اللجنة أن تضع مسودة الدستور وبالطبع ستكون كل مداولاتها مدونة، وسوف تقدم إلى جهة الاختصاص.
السيد محمود محمد طه: هل ستقدم مسودة الدستور التي تضعها هذه اللجنة إلى الجمعية التأسيسية رأساً أم إلى الحكومة؟
السيد زيادة أرباب: لقد عينت الحكومة هذه اللجنة بغرض أن تساعد في وضع التوصية اللازمة بشأن الدستور للجمعية التأسيسية، ولا يمكن أن تقدم إليها توصيات هذه اللجنة ما لم تكن مصاغة صياغةً قانونية، وعندما تصاغ تلك التوصيات بطريقة لا تخرج عن المعنى الذي تحمله تسلّمها الحكومة للجمعية التأسيسية..
السيد محمود محمد طه: إن موضوع الصياغة هذا لا نقره، لأنه سوف يجعل بيننا وبين الجمعية التأسيسية وسيطاً، ونحن في الواقع نعتبر أنفسنا هيئة استشارية.. ولهذا فإننا نرفع توصياتنا وقراراتنا للجمعية التأسيسية، ولا نرضى أن يكون للحكومة دخل في ذلك..
السيد مبارك زروق: أود أن أشير إلى النقطة التي تحدث فيها السيد محمود محمد طه، فيما يختص بجهة الاختصاص: هل هي الحكومة، أم هي اللجنة الوزارية؟ ثم مسألة صياغتها بواسطة المستشار القانوني: فهل هي ستعرض على اللجنة بعد صياغتها؟ لأنها قد تكون بُدِّلت، أو غُيِّرت بسبب الصياغة.. وأن الجهة المختصة في نظري هي الجمعية التأسيسية، لا أية جهة أخرى.
السيد عقيل أحمد عقيل: إنه يجب أن لا يكون هناك أي شبح رسمي على هذه اللجنة، سواء كان ذلك عن طريق الإيحاء أو الصياغة.
السيد عبد الرحيم أحمد: إنني أرى أن حديث السيد محمود محمد طه في هذه الناحية يجب أن يكون موضع الإعتبار لأن وجودنا في هذه اللجنة، ومعرفة اختصاصاتها، أهم من هذا التعديل.
السيد مبارك زروق: إنني لا أقر أن الحكومة هي التي عيّنت هذه اللجنة، وإنني كنت أعترض دائماً وخصوصاً عندما فرض مجلس الوزراء نفسه وعيّن رئيساً للجنة. إن اعتراضي ينصب على المبدأ، وليس على شخص السيد الرئيس..
السيد محمود محمد طه: إن الهيئة التي أمثلها قد تعيد النظر في الاستمرار في عضوية هذه اللجنة بعد معرفة الاختصاصات، إننا نريد أن نعرف هل نحن أحرار في كل الخطوات التي نخطوها أم يجب أن نرجع للحكومة في كل شيء؟
السيد أحمد سليمان: إنني ذكرت في اقتراحي "الجمعية التأسيسية" وليس "جهة الاختصاص".
السيد الرئيس: في الواقع إننا رجعنا إلى خطاب الحكومة الذي صدر عند تكوين اللجنة وتصرفنا هذا التصرف بوضع كلمتي "جهة الاختصاص" بدل "الجمعية التأسيسية"


وقوع التأثير على اللجنة
هذه صورة لبعض ما دار في تلك الجلسة.. وقد ظهر منها، كما يلاحظ، بداية تأثير الحكومة على سيرها.. ويمكن أن يفهم هذا من تصرف رئيس اللجنة في استبدال عبارة: "الجمعية التأسيسية" التي وردت في اقتراح السيد أحمد سليمان، الذي يوصّي بأن ترفع اللجنة توصياتها، بعد إجازتها إلى "الجمعية التأسيسية"، ولكن سلطان الحكومة الذي وقع على الرئيس، في أول وهلة، من غير أن يشعر، دفعه ليغير كلمات الاقتراح، بصورة أبعدتها كلية عن المقصود منها..
ولقد تقدمنا باقتراح لتتولى اللجنة القومية للدستور تصحيح الوضع ولكن الإقتراح سقط، كما تحدثنا جريدة الرأي العام بتاريخ 19/1/1957 وهي تنقل ما دار في اجتماع اللجنة:
(استقلال اللجنة عن الحكومة:
وتقدم الأستاذ محمود محمد طه باقتراح بأن تكون لجنة الدستور مستقلة استقلالا تاماً عن الحكومة، تعين رئيسها وأعضاءها، وتتخذ ما تشاء، بعيدة عن الحكومة، وقد سقط الاقتراح).

انسحاب الجمهوريين من اللجنة
وبإسقاط اللجنة، نفسها، لإقتراحنا انسحبنا من اللجنة، وأصدرنا الخطاب التالي الذي نشرته جريدة الرأي العام بتاريخ 26/1/1957م:
(حضرة السيد رئيس لجنة الدستور القومية، والسادة أعضاء اللجنة المحترمين..
تحية طيبة،
وبعد:
يؤسفنا أن نبلغكم إنسحابنا من اللجنة القومية للدستور، وذلك لانهيار الأساس الذي قبلنا به الإشتراك فيها.. فقد جاءت فكرة تكوين هذه اللجنة عقب رغبة حقيقية أعلنها الرأي العام السوداني، كيما تساعد على إبراز الرأي المعبر عن مُثُل الشعب الإنسانية، ليصاغ منها دستوره، وقامت الحكومة بتنفيذ فكرة تكوين اللجنة باعتبار أنها أصلح من يقوم بمثل هذا العمل.. وما كنا لنبخس الحكومة حقها في شكرها على أدائها هذا العمل لو سارت فيه السير الصحيح.. ولكن مع الأسف كونت اللجنة بصورة يصدق عليها أن تعتبر لجنة حكومية، وليست قومية، فاستحلّت الحكومة لنفسها أن تعيّن رئيسها، وتعيّن أعضاءها المستقلين، حسبما يروقها، وهذه من أخص حقوق اللجنة التي ما كان للحكومة أن تتغوّل عليها.. وكان أملنا أن تسترد اللجنة حقوقها المسلوبة، ولكن اللجنة نفسها، خذلتنا عندما أسقطت الإقتراح الذي تقدمنا به في هذا الصدد فارتضت لنفسها بذلك وضعاً مهيناً، لا نشعر بالكرامة في قبوله، والإستمرار فيه.. وقد قال بعض أعضاء اللجنة، أن اللجنة عينتها الحكومة، وعينت لها اختصاصاتها، وليس من حق أعضائها أن يعيدوا النظر فيما حددته الحكومة، بل لا يتورّع بعض الأعضاء من أن يعلن أن الدستور منحة تمنحها الحكومة للشعب الذي هي ولية أمره فيفصح بذلك عن كفرانه بالشعب أصل الدساتير، كل هذا يقال داخل اللجنة، واللجنة تقبله.
وبذلك وضح أن الحكومة تريد أن تجعل هذه اللجنة مخلب قط في يدها وتتخذ منها أداة لعمل تلبسه ثوب القومية.. وإزاء كل هذا لا يسعنا إلا أن نعلن إنفصالنا من هذه اللجنة..
وختاما تفضلوا بقبول فائق الاحترام.
الحزب الجمهوري)


منقول من كتاب "معالم على طريق تطور الفكر الجمهوري خلال ثلاثين عاما 1945 ـ 1975" الجزء الثاني..
الجدير بالذكر أن الجنوبيين أيضا انسحبوا من تلك اللجنة في وقت لاحق، وعن ذلك يخبرنا الدكتور منصور خالد في صفحة 228 من كتابه آنف الذكر فيقول:


Quote: (ففي أول برلمان حصل الجنوب على ربع المقاعد، إلا أن ذلك الوضع العددي لم يكن ذا قيمة فيما يتعلق بالتأثير على الحكومة، أو إحراز تطور ملموس للإقليم. وأصبح في حكم العادة انتقاء برلمانيين جنوبيين مطاوعين لتعيينهم في وزارات هامشية، ومن ثم تقلصت مشاركة الجنوب في السلطة إلى إرضاء النخب من بين أهله. ولربما وجد الشمال ضالته في عدد من سياسيي الجنوب كانوا على أتم الاستعداد لتبديل مواقفهم بالسرعة التي يبدلون بها قمصانهم. وبلا ريب، أعان الطموح الشخصي والخلافات القبلية بين الجنوبيين، على انقسام النخبة السياسية الجنوبية على نفسها بحيث أصبح أعضاء البرلمان الجنوبيين فريسة سهلة لجوارح السياسة في السودان، وكأن حكام الخرطوم كانوا ينفذون وصايا ونجت وكرومر بحذفارها. تمهروا في تطبيق سياسة فرّق تسُد بغية كسر صفوف النواب الجنوبيين في البرلمان، دون وعي بأن تلك السياسة لم تفد الاستعمار في شيء، كان ذلك في الجنوب أو في الشمال. وكانت صحف الخرطوم تطلق على تلك العملية، بحق، إسم النخاسة البرلمانية.
في تلك المرحلة أيضاً، نقض الشمال عهده الخاص بحصول الجنوب على الوضع الفيدرالي عندما قررت لجنة وضع الدستور في مايو 1958 بأغلبية آلية أن عيوب الفيدرالية تفوق محاسنها. [ هامش: انقسمت اللجنة إلى لجان فرعية، أوكل لواحدة منها التدارس في أمر الفيدرالية. تلك اللجنة الفرعية تكونت من سبعة أعضاء، ثلاثة من الجنوب وأربعة من الشمال. ومثل الجنوب في اللجنة ستانسلاوس بياسما، بوث ديو، سترنينو لاهورو.] وهكذا أُلحق قرار البرلمان حول الفيدرالية الذي طُحن بالتكذب وعُجن بالمراوغة، بغبن فاحش، وهذا غذاء تضوي به الأجسام. كان قرار لجنة الدستور حول عيوب الفيدرالية هو القشة التي قصمت ظهر البعير، والمعيوب حقيقة هو ذلك القرار وليس الفيدرالية. السؤال الأول الذي كان يجب أن تتطرق إليه اللجنة (وهو ما لم تفعله): هل الفيدرالية أمر مشروع، أي له دواعيه السياسية، أو غير مشروع؟ فإن كان مشروعاً فما على اللجنة إلا العمل على تطبيقه، وإن كان مشروعاً، إلا أن عيوبه أكثر من محاسنه (كما قالت اللجنة)، فعلى اللجنة أن تقترح على صاحب الحق المشروع بدائل مقبولة. نكاد نجزم أن صانعي القرار لم يولوا هذه القضايا أدنى اهتمام، بل تداولوا الأمر وكأنهم كانوا يختارون عرائس لأبنائهم حيث تُقَدر الأمور بمعيار المحاسن والعيوب. لا نغالي إن قلنا أن السودان، منذ تلك اللحظة، أصبح بلداً ممسوساً، أو كما يقول أهلنا بلداً مسكوناً، أي يسكنه الجن. البلد وبسطاء أهله بُراء من ذلك المس، فالذين لحقت بهم مواس التخبط هم أهل الحل والعقد فيه. أبوا إلا أن يثخنوا وطنهم بالجراح، وكأن ليس فيما أرهقه به التاريخ من تناقضات ما يكفي.
ثار الغضب بالأعضاء الجنوبيين في اللجنة نتيجة لهذا القرار السميج (القبيح)، وباسمهم تحدث الأب ساترنينو لاهورو حديثاً كان ينبغي أن يكون مصدر عذاب للأحزاب الشمالية التي آثرت المغالطة وخداع الذات، بدلاً من الاعتراف بالحق والجد في الاستقصاء. قال ساترنينو: ليس لدى الجنوبيين أي نوايا سيئة تجاه الشمال، فالجنوب ببساطة يطالب بإدارة شئونه المحلية داخل سودان موحد، وليس لديه أيضاً أية نية للانفصال عن الشمال. وإن أراد ذلك، فليس هناك قوة على وجه الأرض تستطيع أن تحول دون مطالبته بالانفصال. الجنوب يطالب بالدخول في وحدة فيدرالية مع الشمال وهو حق يمتلكه الجنوب وفقاً لمبدأ حق تقرير المصير. أضاف ساترنينو أن "الجنوب سيقوم بالانفصال عن الشمال في أية لحظة يقرر فيها الأخير استبعاد أهل الجنوب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن أي قرارات سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية تخص الإقليم أو تؤثر عليه. [هامش: محاضر الجمعية التأسيسية لتعديل الدستور 1958]. وفي آخر الأمر برز ساترنينو كقائد حقيقي للحركة الجنوبية، ولكن بدلاً من التعامل معه بتلك الصفة، قررت الخرطوم تصفيته، ففي ظروف غامضة خلال عهد الحكومة الثانية للأحزاب (1967) أُغتيل ساترنينو على الحدود اليوغندية عبر تواطؤ بين حكومة السودان وقوات الأمن اليوغندية.
في ذات الوقت لم تشهد الأوضاع الاقتصادية في الجنوب أي تحسن ملحوظ أو غير ملحوظ. فحين شهد الشمال ازدهاراً نسبياً نتيجة لارتفاع عائدات القطن خلال السنوات التي سبقت الاستقلال مباشرة وبعده بقليل، اتجهت المكاسب إلى جيوب محدودة في الشمال النيلي (الجزيرة، الخرطوم)، دون أن يفيد منها الجنوب أو مناطق الأطراف في الشمال. وإن أضفنا إلى هذا إغلاق مشروع أنزارا، مشروع التنمية الوحيد الذي خلفه الاستعمار، نجد أن الجو أصبح مهيئاً لتوليد المزيد من المرارة في نفوس الجنوبيين. نتيجة لكل هذه الظروف أصبح عبد الله خليل عاجزاً عن الحكم وفقدت حكومته التأييد الذي كانت تُحظى به في الجنوب. فالفيدرالية التي دعا لها الجنوبيون لم تلق تأييدا من حلفائه أو حتى داخل حزبه، ووزراؤه انقسموا شيعاً وطوائف حول قضايا السياسة الراهنة، أي قضايا السلطة. وجاءت ثالثة الأثافي عندما أقالت الحكومة ستانسلاوس من الحكم واتهمته بإثارة الكراهية ضد الدولة. وكانت التهمة الموجهة لذلك السياسي الجنوبي المقتدر، والذي ما فتئ يؤكد حرصه على وحدة السودان، هي دعوته للفيدرالية في إحدى زياراته للجنوب. هذا الرأي انتهى إليه مدير إحدى المديريات الجنوبية (عبد العزيز عمر الأمين) وأبلغ رئيس الوزراء أن الوزير الجنوبي يقوم بـ "نشاط هدام" في الجنوب يحرض فيه الشعب ضد الحكومة. وهكذا، بقدرة قادر، أصبحت الدعوة للفيدرالية عملاً تحريضياً، وكان نظام الحكم بوزرائه ومديريه كان غافلاً عن حقيقة أن الفيدرالية هي واحدة من الأعمدة التي ارتكز عليها إعلان الاستقلال. ويستحيل منطقاً وقانوناً أن تكون الفيدرالية فكرة مشروعة، وتكون الدعوة لها عملاً غير شرعي. إزاء هذا الوضع كان من الطبيعي أن تبرز قيادات جنوبية أكثر تشددا من رجال مثل بياساما ولوكي وبوث ديو.)

انتهى..

أشكرك يا عزيزي محمد، فإن ما كتبته لك هنا كنت أنوي كتابته أصلا ولكن مداخلتك شجّعتني على التعجيل بهذه الكتابة..

ودمت.
ياسر

Post: #50
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Omer Abdalla
Date: 11-22-2006, 11:49 AM
Parent: #1

الإعزاء الدكتور عوض والدكتور ياسر
والاخوان الكرام ضيوف هذا الخيط
أحب أن اشارك في هذا الخيط بجزء من خطاب كان أن كتبه الأخ الدكتور عمر القراي لأحد الاخوان في تبيين موقف الجمهورين من نظام مايو في عام 1998 .. وقد تمت اعادة نشر هذا الخطاب في منبر الجمهوريين الداخلي منذ عامين تقريبا:

لعلك تذكر ان الدستور الاسلامي ، قد كان مطروحاً للقراءة الثانية في الجمعية التأسيسية قبل مجئ مايو. وكانت لجنة الدستور في مداولاتها شديدة الجهل ، شديدة التخلف حتى انها ذكرت اقصاء كلمتي ديمقراطية واشتراكية لانهما ( لم يردا في الكتاب والسنة ) !! في ذلك الوقت ذاع تصريح من السيد الهادي المهدي يقول بان الجمعية اذا لم تجز الدستور ، فان الانصار سيجيزونه بحد السيف .. ولقد بدأوا فعلاً بالتسلح في الجزيرة أبا ، والتكتل في ودنوباوي .. نعم ! لقد كان الشيوعيون ضد الدستور الاسلامي ، وكذلك الجنوبيون داخل وخارج الجمعية ، لكنهما لم يعملا عملاً منظماً ، ومحدداً في مواجهة الدستور الاسلامي .. أما الشيوعيين ، فانهم كانوا يعتبرون حساسية موضوع الدين ، ويخشون حقاً ان يعتبرهم الناس كفاراً ، حتى اضطروا لافتتاح محاضراتهم بالقرآن الكريم !! وأما الجنوبيين فقد راوا في الامر مؤامره (شمالية) لاجتثاث وجودهم فحدث مثقفوهم أهلهم وزهدوا في خطاب كتلة الشمال لانهم يرونها كلها في مركب واحد.. كانت الساحة خالية والمثقفون في غفلتهم المعهودة منذ ان جلا الاستعمار عن هذه البلاد.

الجمهوريون وحدهم تصدوا لموضوع الدستور أو كما سمّوه مؤامرة الدستور الاسلامي المزيف.. وافرد الاستاذ محمود محاضرات في اسبوع مناهضة الدستور الاسلامي . وخرج كتاب "الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين" وكتاب "الدستور الاسلامي .. نعم ولا !!" .. ولقد كان رد فعل الطائفية واذيالها من الاخوان المسلمين على هذه المقاومة المؤسسة لمخططهم الغادر ، هو اقامة محكمة الردّة في 18 /11/1968 .. وكان رد الجمهوريين تصعيد المواجهة ضد الطائفية ، وضد دستورها ، وضد الاخوان المسلمين ، وضد القضاة الشرعيين الذين ضلعوا في مؤامرة محكمة الردّة التي مثل فيها الاخوان المسلمين شهادة الزور التي اداها شيخ عطية محمد سعيد .. في هذه الظروف وقع انقلاب مايو 69 ، فأوقف مؤامرة الدستور الاسلامي في الجمعية ، ومحاولة فرضها بالسلاح التي كانت تدبر في الجزيرة أبا ، ثم انه افلح في ايقاف الحرب التي ظلت مشتعلة منذ عام 1955 بين الشمال والجنوب ، وعجزت كافة الحكومات الوطنية عن ايقافها .

أخلص من هذا السرد التاريخي، الذي ادرك انك على علم به ، الى حقيقتين في غاية الأهمية:

1- ان الجمهوريين كانوا قبل مايو ، يطالبون بايقاف الدستور الاسلامي ، وايقاف حرب الجنوب ، وابعاد الطائفية من فرض هذا الجهل بقوة السلاح .. فجاءت مايو وايدت ، عملياً ، هذا الطرح.. ولم تأت مايو ببرامج مختلفة ثم ايدها الجمهوريون لضمان سلامتهم أو لضمان فرصة خاصة لهم للعمل .. فاذا كانت هذه المبادئ هي ثورة مايو ، فان الجمهوريين قد ظلوا مخلصين لهذه المبادئ ، حتى بعد ان تنصل عنها نميري واخذ يهدم فيها ابتداء بالتحالف مع الطائفية وانتهاء باشعال حرب الجنوب ، واعلان الدستور الاسلامي مرة أخرى ..

2-لما كانت سلبيات مايو كانقلاب عسكري ، وكنظام عنيف لا يملك للاصلاح غير البطش ، ولموقفه من خصومه من الاعتقال ، لم يستطع الجمهوريون تاييده ، وانما كان موقفهم في البداية التاييد السلبي أي عدم المعارضة أو مساعدة المعارضة ، حتى لا يسقط النظام الذي كان بديله الجاهز اسوأ بكثير ..

وهذا ما قرره الجمهوريون في اجتماع الابيض الشهير* الذي تم يوم 26 مايو 1969 ، حيث ذكر الاستاذ ان هذا النظام الجديد لن نؤيده ولن نعارضه لانه يؤدي عملاً كبيراً للبلاد .. ولكنه لا يمثل الحق الذي ظللنا ندعو له .. وفي ذلك الاجتماع ايضاً ذكر اننا قد نضطر الى تاييده السافر لو تحركت المعارضة لاسقاطه !! واغرب من كل هذا ان الاستاذ ذكر في ذلك الاجتماع بان نظام مايو سوف يسقط تحت ضربات الازمة الاقتصادية حين يتحالف مع قوى التخلف ، وانه في ذلك الوقت سوف يعارضه الجمهوريون !! ( وقائع ذلك الاجتماع مسجلة عند الأخ عبد الرحيم محمد أحمد ويمكن الرجوع اليها ) .

لقد حاول الشيوعيون منذ البداية أحتواء نظام مايو ، لانه قد جاء في الاساس لاحباط مؤامرة (اليمين الرجعي) .. وفي ظل التأثر بالشيوعيين مارس النظام دكتاتورية عقائدية صعبة .. وادخل مبدأ التطهير للخصوم السياسيين من الخدمة المدنية ، وكان فاروق ابو عيسى وزير العمل الذي حل جميع النقابات !! بل ان الاساتذة المخالفين للشيوعيين طردوا من جامعة الخرطوم .. وحل الاتحاد الذي كان يتكون من عدة اتجاهات ، وحلت محله "لجنة الخدمات" .. وفي هذا الوقت الذي تدخلت فيه السلطة في الجامعة لأول مرة في تاريخ السودان ، كان هذا التدخل يجد السند من الشيوعيين .. هذا هو الوقت الذي وقف فيه الخاتم عدلان في النشاط ليقول ( لن تظل الجامعة جزيرة رجعية في محيط ثوري هادر)** .. وحين رفض الطلاب واعتصموا بالجامعة كانت الدبابات التي يقودها ابو القاسم محمد ابراهيم تحاصر الجامعة ، والطلاب بالداخل والشيوعيون بالخارج وهم يهتفون (اضرب اضرب يا ابو القاسم ) !! ثم انقلبت مايو على الشيوعيين ، وحالت بين الشعب وبين دكتاتوريتهم العقائدية التي لا تفضبل كثيراً دكتاتورية الاحزاب الطائفية في مشروعها الاسلامي المزيف .. فحسبت هذه ايضاً من حسنات مايو واوجبت الاستمرار في تاييدها غير المعلن أو الامساك عن مشايعة المعارضة في معارضتها لها ..

في اغسطس /شعبان 1973 تحالف الشيوعيون والاخوان المسلمون داخل الجامعة ، وجماهير الاحزاب خارجها ، فكانت احداث شعبان المشهورة ، وبدات النقابات تتحرك نحو الاضراب .. في هذا الوقت بالذات بدات مساعدة الجمهوريين للنظام ، وتاييدهم السافر له . فأخرجوا المنشورات ، واتصلوا بقادة النقابات ، وتحدثوا داخل الجامعة مع الطلاب ، واعلنوا للشعب بان مايو أفضل من الشيوعيين ، وافضل من الاخوان المسلمين .. وسقطت محاولة أغسطس /شعبان 1973 وازداد النظام بسقوطها قوة واكتسب أعداداً من المؤيديين .. هذا هو موقف الجمهوريين في تاييد مايو فماذا كان يمكن ان تفعل حركة وطنية نشأت على نقد الطائفية ومقاومة الاستعمار ، ثم استمرت بعد الاستقلال تنشر فهم متقدم للدين وللحياة ، لا يحول دون الشعب ودونه شئ مثل الطائفية الدينية والدكتاتورية الشيوعية ؟
ولقد استمر التأييد لنميري حين سار في اتجاه التنمية ، فشق الطرق ، واقام المشاريع ، ذلك ان حكومات الاحزاب درجت على تناسي التنمية تماماً ، وانشغلت عنها بالنزاع حول (الرخص التجارية) ولا يعني هذا ان نظام نميري لم يكن ضالعاًُ في الفساد المالي ، ولكن الفساد مع العمل في التنمية ليس مثل فساد الاحزاب الذي ليس فيه شئ غير اللهث وراء المصالح الشخصية ..

تاييد الشيوعين لنظام مايو في أول عهده مبرر عندهم بانه طرح برنامج يتفق مع فكرتهم .. ومع ذلك لا يعذرون الجمهوريين في تاييدهم لنميري !! في نقاشنا معهم كانوا يقولون ان الفكرة الجمهورية فكرة دينية تؤمن بالمطلق ولا تعتمد على "التكتيك" أو الموازنات السياسية ، وليس هي فكرة (براغماتية) تبحث عن الاصلح والانسب .. فلماذا لم تعارض نميري وتظل على معارضتها للطائفية والاخوان المسلمين ؟ ومثل هذا التساؤل ناتج عن الجهل بالفكرة الجمهورية ، وعن الغرض في معارضتها .. فالفكرة وان كانت تؤمن بالمبادئ المطلقة كالخير والسلام والعدل الا انها ترى في تطبيقها ضرورة التقييد بالواقع ، ومن ثم ترى نسبية هذه المبادئ .. فما يكون اليوم حق يمكن ان يكون غداً باطل .. ومن هنا يجئ الفهم الداعي لتطوير التشريع نزولاً عند حكم الوقت ، وهو فهم مؤسس وعتيد .. فالمقارنة ليست بين نظام نميري الدكتاتوري ونظام الاحزاب الديمقراطي ، ولكن المقارنة بين النظام الدكتاتوري العسكري ، والنظام الدكتاتوري المدني ، الذي حل الاحزاب وعقد محاكم التكفير !!

في عام 1976 صالح زعماء الطائفية نظام مايو دون أي شرط ، ودخلوا في داخل الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي رغم ادعاءهم الايمان بالتعددية .. وقام نميري بتنصيب السيد الصادق المهدي والسيد محمد عثمان الميرغني في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، وبدأ الصراع داخل السلطة بين (القادمين والقدامى ) !! في هذه الظروف طرح الجمهوريون ضرورة قيام المنابر الحرة ، حيث تضطر الاحزاب ان توضح مبادئها ، فتنكشف للحزب الحاكم .. كتب منصور خالد ( ومن بين كل القوى السياسية فان الفئة الوحيدة التي دعت اعلاء مكان متقدم للجانب الفكري في حوار المصالحة كانت هي الاخوان الجمهوريون . ففي بيان وقعه عبد اللطيف عمر حسب الله جاء " لقد آن الاوان للتكتلات الطائفية العقيدية ان تبني نفسها في صورة احزاب ذات مناهج تقوم على مذهبية واضحة مفصلة تلتزمها في اخلاق قادتها وفي اخلاق قاعدتها ، وعلى هداها تورد تفاصيل حل مشكلات المجتمع المعاصر" ) ( النخبة السودانية صفحة 562 ).
ولكن نميري لم يستمع لذلك ، ولم يستطع دعم اشياعه الذين كانوا يحاولون وقف التيار القادم حتى لايؤثر على اتجاه الحكومة ، وهو يبطن المعارضة ويظهر المصالحة .. وبعد فترة بدا نميري يتأثر بالاحزاب الطائفية ، بدلاً من ان يؤثر فيها ، فاخذ يحطم انجازاته الواحد تلو الاخر ، فبدأ باتفاقية أديس ابابا ، فتنصل عنها ، وسعى الى تقسيم الجنوب ، فبدأ التمرد بمظاهرات رمبيك الثانوية التي تم اغلاقها.. ثم اخذت التنمية تتساقط تحت ضربات الفساد ، وخضع النظام الى البنك و الصندوق ، فرفع الاسعار ، وبدأ في خصخصة السكة حديد ، فاشتعلت المظاهرات .. ثم حل الرئيس الاتحاد الاشتراكي ، واعفى كبار قادة الجيش ، ثم واجه اضراب القضاة في مايو 1983 باعلان القوانين الاسلامية في سبتمبر 1983 ..

حين رجع النظام الى النقطة التي بدا منها في الواقع السوداني ، نقطة الدستور الاسلامي والقوانين الاسلامية ، أخذ الجمهوريون في المعارضة بالصورة التي تعلمها حتى حدثت المحاكمة ، والاعتقالات ، والتنفيذ للاعدام .. المهم هنا هو حديث الاستاذ في يومية التحري والذي قرأ في المحكمة، حيث أكد ان الجمهوريين لا زالوا مع مايو بمعنى تاييد المبادئ ، وان الحكومة قد انحرفت عن مسارمبادئ ثورة مايو ، وسنظل نحن مع تلك المبادئ ، التي رفعناها حتى قبل قيام ثورة مايو لانها في راينا السبيل في المرحلة لتوعية الشعب ..


* تم تصحيح المعلومة بأن الاجتماع كان في مدني وليس في الأبيض .. وقد كان الأستاذ محمود يحاضر في مدينة الأبيض عشية إنقلاب مايو وقد تعرض الى ضرب بالعصا على رأسه من قبل أحد المهووسين في أثناء تلك المحاضرة ..

** تجدر الإشارة الا أن الراحل الخاتم عدلان نفى وقوفه مع تدخل العساكر في الحرم الجامعي من خلال هذا المنبر ونفى بصورة خاصة ما نسب اليه من قول (أضرب اضرب يا ابوالقاسم) ..

Post: #51
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-22-2006, 01:03 PM
Parent: #50

الاخ العزيز د.ياسر
ما احترامى الشديد لمقتطفاتك الاخيره من كتابات منصور خالد الا ان منصور لا يؤمن بالديمقراطيه ابدا ولقد وظف كل حياته للدفاع عن النظم الاستبداديه بدل تقديم نصح لها والمساهمه فى التحول الديمقراطى ولذا كل كتابات منصور خالد عن الديمقراطيه فى السودان ماهى الا محاوله مثقف تبرير موقفه المتخازل من الديمقراطيه. لا انفى بان المظام الديقراطى كان مبرا من العيوب والاخطاء ولكنه افضل من اى نظام استبدادى تقوده ملائكه يااخى على اقل الفروض تمثل الصحافه الحره واحزاب المعارضه رادعا قويه ضد الفساد والذى هو صنو الفقر والتخلف فى العالم الثالث كما قالت منظمه الشفافيه الدوليه

دودى

Post: #52
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-23-2006, 05:22 AM
Parent: #51

عزيزي محمد دودي،

تحية طيبة

Quote: ما احترامى الشديد لمقتطفاتك الاخيره من كتابات منصور خالد الا ان منصور لا يؤمن بالديمقراطيه ابدا ولقد وظف كل حياته للدفاع عن النظم الاستبداديه بدل تقديم نصح لها والمساهمه فى التحول الديمقراطى ولذا كل كتابات منصور خالد عن الديمقراطيه فى السودان ماهى الا محاوله مثقف تبرير موقفه المتخازل من الديمقراطيه.


أستطيع أن أشهد أن الدكتور منصور خالد من أكثر المفكرين السياسيين والمحللين الذين انتقدوا ماضيهم بصدق وجرأة.. لو قرأت كتبه ستجد ذلك ظاهرا.. ويكفيه أنه بدأ بنقد نظام مايو قبل أن يسقط النظام، ولم يكن غرضه هو الوظيفة أو السلطة.. هذه شهادة مستحقة في حق هذا الرجل..

قولك:
Quote: لا انفى بان المظام الديقراطى كان مبرا من العيوب والاخطاء ولكنه افضل من اى نظام استبدادى تقوده ملائكه يااخى على اقل الفروض تمثل الصحافه الحره واحزاب المعارضه رادعا قويه ضد الفساد والذى هو صنو الفقر والتخلف فى العالم الثالث كما قالت منظمه الشفافيه الدوليه


طبعا الحكم الديمقراطي أفضل من الحكم الاستبدادي، ولكن النظام النيابي لم يكن ديمقراطيا أبدا، ولذلك لا يجوز إسباغ هذه الصفة العزيزة عليه.. وقد حاولت أن أوضح هذه المسألة في هذا البوست.. فقبل أن تنجح الديمقراطية لا بد أن تقوم على احترام الحقوق الأساسية للمواطنين وهذا ما لم يحدث خاصة فيما يتصل بالجنوبيين غير المسلمين..

لك شكري..
ياسر

Post: #53
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-23-2006, 03:55 PM
Parent: #52

Quote: أستطيع أن أشهد أن الدكتور منصور خالد من أكثر المفكرين السياسيين والمحللين الذين انتقدوا ماضيهم بصدق وجرأة.. لو قرأت كتبه ستجد ذلك ظاهرا.. ويكفيه أنه بدأ بنقد نظام مايو قبل أن يسقط النظام، ولم يكن غرضه هو الوظيفة أو السلطة.. هذه شهادة مستحقة في حق هذا الرجل..


لقد انتقد منصور مايو بعد اقالته...وايضا كان له موقف سلبى من انتفاضه ابريل و الحكم الديقراطى الذى اعقبه. لقد سخر منصور كل طاقاته الفكريه فى محاربه الديقراطيه الثالثه...كما ذكرت سابقا الديقراطيه منهج وسلوك وهى نظام متكامل غير قابل للتجزأه

دودى

Post: #54
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-23-2006, 07:20 PM
Parent: #52

الأعزاء جميعا..
تحية طيبة
كيف بدأت السلسلة الجهنمية حكم نيابي، حكم عسكري، حكم نيابي إلخ..
هل كان بالإمكان إبعاد رجال الجيش عن السياسة في دول العالم الثالث إبان القرن العشرين؟؟
فمعظم دول العالم الثالث قد خرجت من حقب استعمارية وقد كان رجال الجيش يرون بعد استقلال بلادهم أن لهم حقا في المشاركة في حكم بلدهم، خاصة إذا فشل المدنيون في إدارة البلد.. وهذا ما حدث بالنسبة لنا في السودان، وقد كانت تجربة مصر في انقلاب يوليو 1952 هي التي مهدت الطريق لفكرة الحكم العسكري في السودان لدى السياسيين الذين قرروا تسليم الحكم للجيش وأيضا لدى رجال الجيش أنفسهم كما شجعت العسكريين السودانيين أنفسهم، في أول حكم عسكري عام 1958.. التجربة المصرية كانت أيضا بمثابة النموذج الذي قلده إنقلاب مايو، فقد كان تنظيم الضباط الأحرار في السودان محاكاة لتنظيم الضباط الأحرار في مصر.. لم يكن غريبا أن يحصل الحكم العسكري الأول على مباركة السيدين علي الميرغني وعبد الرحمن المهدي..
أشكر الأخ محمد حسن العمدة لتوفيره مادة في هذا البوست:
لكي يولد السودان ثانية في مهد حقوق الإنسان المستدامة .....لانسان الصادق المهدي
وجدت أنها مفيدة في هذا الباب وهي من ورقة للسيد الصادق المهدي، سأقتطف منها ما يمكن أن يثري الحوار هنا ويدفعه إلى الأمام، أو على الأقل يتضح منها بعض ما كنت أريد توضيحه..

Quote: السلوك غير الواقعي تجاه الديمقراطية
تمثل الإخفاق الأساسي الثالث لأنظمة الحكم الديمقراطية في السودان في الموقف غير الواقعي لأجهزة ومؤسسات الديمقراطية نفسها تجاه النظام الديمقراطي. فالمتوقع من هذه الأجهزة والمؤسسات (الأحزاب السياسية، القضاء، الصحافة، النقابات، القوات المسلحة، وكل مؤسسات الديمقراطية الأخرى) أن تسعى في أداء دورها المنوط بها في النظام الديمقراطي الطبيعي.
ولتحليل هذا النوع من السلوك تجاه الديمقراطية نبدأ ببحثه في قطاع مهم هو الطبقة المتعلمة. في كثير من أقطار العالم الثالث تعطى الطبقة المتعلمة الديمقراطية ترتيبا متدنيا في سلم أولوياتها التي تأتي في مقدمتها قضايا التنمية الاقتصادية، التحديث، الوحدة الوطنية، وهكذا . ولقد تأثر قطاع كبير من النخبة بأفكار المفكرين الكلاسيكيين –أمثال جان جاك روسو.. تلك الأفكار التي ترى أن كرامة الإنسان وحريته يمكن تحقيقها فقط من خلال المساواة مما يستدعي الثورة الشاملة في المجال السياسي والأخلاقي واستلهام إرادة الجماهير كمصدر للشرعية وهذا ما أعطى المبرر النظري لدكتاتورية الحزب الواحد كممثل لجموع الجماهير وبالتالي كممثل للإرادة العامة للأمة .
ولقد سخر ماركس من الدولة البرجوازية الديمقراطية وإن كانت أفكاره عن أداة التغيير السياسي –الحزب- ومستقر القوة السياسية –الدولة- فضفاضة للغاية. وقد اضطلع لينين بمهمة بناء الحزب الاشتراكي والدولة ولكنه قلب الماركسية رأسا على عقب، إذ جعل للسياسة (الحزب والدولة) الدور المفتاحي بدلا عن الاقتصاد. وقد بلغ الحزب اللينيني نهايته المنطقية عند ستالين، إذ أصبح أكثر التنظيمات الحديثة فعالية في التعبئة السياسية. كما أصبحت الدولة اللينينية كما أحكمها ستالين أضخم آلة سياسية في القرن العشرين.
ومن النظام السياسي ونظام الحكم الستاليني استعار كل من هتلر وموسوليني أنظمتهما لخدمة أفكارهما الفاشية. هذه الأفكار الثورية في اليمين واليسار جذبت قطاعا عريضا من المثقفين في العالم الثالث، وحرمت الديمقراطية من حماسة وسند العديد من العقول النيرة. والمشكلة الأولى التي تحتاج إلى وسائل جديدة لمعالجتها هي: كيف نعطي النظام الديمقراطي شرعية في أعين هذا القطاع من المثقفين.
كاتب عربي هو الأستاذ جورج طرابيشي نشر مؤخرا كتابا اسمه "في ثقافة الديمقراطية" قال فيه: "نحن ننتمي لجيل وقع ضحية خدعة ماكرة فحواها أن الديمقراطية كانت بحاجة لتقويم وتصحيح، بعد أن أصبحت الثورات ومنها ما شهدته بعض الدول العربية من أنظمة ديكتاتورية دموية وبعد سقوط التجارب الاشتراكية وانفجار الجسم النظري للماركسية نفسها اكتشفنا أن الديمقراطية إفراز بنيوي متقدم لمجتمعات متقدمة وأنها دون أن تكون كاملة، هي النظام السياسي الأرقى والأكثر عقلنة بين الأنظمة التي اخترعتها البشرية عبر مسارها التاريخي الطويل". وهو يرى أن إعادة اكتشاف فضيلة الديمقراطية تكاد تشكل السمة الأكثر تمييزا للوعي النقدي لجيله في نهاية القرن العشرين، بل إنها تحولت فعلا إلى أيديولوجيا بديلة عن الأيديولوجيا الثورية أو القومية الآفلة شمسها .
الأمر الثاني: هناك مشاكل لا يمكن حلها وفقا لقانون الأغلبية الميكانيكية. عدم المقدرة على تمييز هذا النوع من المشاكل يمثل إخفاقا ثانيا. ففي ظروفنا تقوم الاختلافات على أسس دينية ولغوية وعرقية مما يشكل تصدعا في المجتمع لأن الناس لا ينقسمون حيالها على أساس أيديولوجي مثل الانقسام بين اللبرالية والاشتراكية ولا بناء على المصالح كما في الطبقات الاجتماعية. إلى ذلك أشار آرثر لويس حين قال: ستحقق الحكومات الأفريقية قدرا عاليا من الشرعية لو تمت الانتخابات البرلمانية وتم تعيين الموظفين في الوظائف العامة وتوزيع الموارد المالية العامة على المجموعات الصغيرة المتميزة ثقافيا –لو تم كل ذلك على هدي من مبدأ النسبية) . وقد نحل عالما الاجتماع –ليفارت وليهامبروش لهذا المفهوم اسما هو: ديمقراطية إتخاذ القرار بوسائل توفيقية Consocietal Decision Making، واحتجا قائلين: "تستقر الديمقراطية في الأقطار الممزقة ثقافيا إذا استخدمت ديمقراطية إتخاذ القرار التوفيقي بدلا عن الديمقراطية التنافسية والتي يصنع القرار فيها بواسطة الأغلبية على غرار الفائز يأخذ الكل" .
الخلاصة أنه في المجتمعات التي توجد فيها مثل هذه المجموعات الموصوفة –والقائمة على التراث- تحتاج الديمقراطية إلى إدخال مفاهيم ومؤسسات للتوازن.
العلاقة مع القوات المسلحة
الفشل الرابع الكبير للنظام السياسي الديمقراطي يتعلق بالعلاقة مع القوات المسلحة. فالتسليم بأن القوات المسلحة ستقوم بمهامها المناطة بها بحكم القانون وتوقع انضباطها في تلك الحدود في ظروف عالمنا الثالث سيورث المشاكل كما اكتشفنا ذلك بصورة مؤلمة في السودان. فقد كان على النظام السياسي في فجر الاستقلال أن يضع دور القوات المسلحة في الاعتبار وأن يتخذ قرارات أساسية بشأن هذا الدور. والخيارات المتاحة تجاه القوات المسلحة ودورها في النظام السياسي تنحصر في ثلاثة خيارات هي: الأول: أن تلتزم بواجباتها الدستورية والقانونية كذراع دفاعي خاضع للقوة التنفيذية المنتخبة، كما هو الحال في الديمقراطيات الغربية وهذا هو الوضع الأمثل ولكنه وضع متقدم أخذ من الغرب قرونا للوصول إليه.
الثاني: وهو الإجراء الأقصى الذي طبقته كوستاريكا في أمريكا اللاتينية وهو إلغاء القوات المسلحة باعتبارها مهددا للنظام السياسي.
الثالث: هو استيعاب القوات المسلحة في العملية السياسية فيما سماه ازيكيو –الرئيس الأول لنيجريا: السلطة ذات الرافدين Diarchy، ومن المعلوم أن نظام الحكم في كل من تركيا ومصر قد استوعب القوات المسلحة وأشركها في العملية الديمقراطية المدنية- وهذا هو مفهوم الدياركيه: نظام حكم مشترك مدني عسكري.
الفشل في الوصول لهذا الدور المتفق عليه للقوات المسلحة في السياسة كلف السودان ثمنا باهظا، وسنرى فيما بعد فداحة الثمن.
وخلافا لعمل الانقلابات العسكرية، فقد مارست القوات المسلحة قدرا عاليا من صلاحيات السلطة التنفيذية المدنية، هذه الحقيقة مكنت القوات المسلحة من إدارة الحرب الأهلية بطريقة فيها الكثير من التخبط، وارتكبت أخطاء أساسية قاتلة أضطرت الحكومات المدنية المنتخبة إلى قبولها مكرهة. أذكر هنا ثلاث وقائع مهمة:
الأولى: في أثناء الديمقراطية الثانية (64-1969م) أصبح القادة العسكريون في الجنوب محبطين بسبب النشاطات السياسية للمثقفين الجنوبيين إذ اعتبروهم طابورا خامسا لحركة أنيانيا المسلحة. فتم جمع عدد من المثقفين الجنوبيين وتصفيتهم في كل من جوبا وواو عام 1965م، وكانت الحكومة المدنية في ذلك الوقت برئاسة رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب، وكنت حينها الرئيس المنتخب لحزب الأمة والذي كان المحجوب ممثله في الحكومة الائتلافية. وكان اصطدامي الأول برئيس الوزراء مرتبطا بمطالبتي أن تقدم الحكومة السلطات العسكرية المشاركة في الحادث للمحاسبة. وقد قاد هذا الاصطدام مع عوامل أخرى للانقسام في حزب الأمة في 1966م.
الواقعة الثانية: حدثت في أثناء رئاسة السيد محمد أحمد محجوب الثانية للوزراء في 1968م. فقد نظر بعض المسئولين العسكريين أصحاب الحماس الزائد إلى السيد وليم دينق رئيس حزب سانو على أنه خطر على الأمن. والسيد وليم دينق كان من أبعد رجال الدولة الجنوبيين نظرا، وقد شارك مشاركة قوية في عملية السلام في السودان، إذ عاد بكل شجاعة إلى السودان بعد سقوط النظام العسكري الأول (58-1964م) مباشرة وأسس حزبا سياسيا منظما فعالا داخل السودان –هو حزب سانو، ودخل في المناقشات المثمرة التي أفضت إلى تقديم أهم مشروع للحل العادل للحرب الأهلية عبر مؤتمر المائدة المستديرة، ولجنة الإثنى عشر ومؤتمر كل الأحزاب السودانية واللجنة الدستورية. ولكن بعض السلطات العسكرية في الجنوب نظرت له في ضوء آخر إذ اعتبرته متعاونا مع حركة أنيانيا العسكرية فتربصت به وقتلته أثناء قيامه بحملته الانتخابية أثناء الانتخابات العامة 1968م فحرموا السودان من أحد أعمدة السلام ورجل دولة شريف سعى من أجل بناء السلام والفهم المشترك في السودان.
الواقعة الثالثة: حدثت في فبراير 1989م. كرئيس للوزراء فقد تم تنويري بواسطة ضباط إدارة العمليات والمخابرات العسكرية عن تطورات الحرب الأهلية وتحديدا عن إخلاء الجيش لحامية ليريا وهي حامية تقع بالقرب من جوبا. وأمام كل القيادات العليا ونواب هيئة الأركان رفضت التنوير وطلبت من الاجتماع الرد على ستة انتقادات متعلقة بإدارة العمليات. وقد أقر الاجتماع بصحة الانتقادات، فطلبت منهم أن يجتمعوا ويصدروا توصية بالسياسات الضرورية لإجراء الإصلاحات اللازمة، وبدلا من ذلك، ودفاعا عن أدائهم، سيسوا الموضوع وتجنبوا المحاسبة العسكرية وأتوا بمذكرة فبراير 1989م.


وقد كتب الأستاذ محمود محمد طه في كتابه "مشكلة الشرق الأوسط" منذ عام 1967 رأيه في الدكتاتورية العسكرية فقال:

Quote: الدكتاتورية العسكرية

((النظم التقدمية)) نظم دكتاتورية عسكرية. ومع أن أسلوب الحكم الدكتاتوري أسلوب سئ، من حيث هو، فان أسوأه ما كان منه دكتاتوريا مسيطرا عليه الجيش.. ذلك بان تربية الجيش بطبيعتها لا تؤهل رجاله ليكونوا حكاما مدنيين، يتجاوبون مع طبيعة المدنيين، في الاسترسال والحرية، وانما هم ينشأون على الضبط والربط والطاعة العمياء.
ثم ان الجيش في الاوضاع الصحيحة، يجب الا يكون له تدخل في السياسة، لان السياسة تفسده، وتصرفه عن تجويد فنه العسكري، وتجعله، بما يظن لنفسه من حق في التطلع الى السلطة السياسية، يرى نفسه حاكما على الشعب، وانه، من ثم، من حقه الاستمتاع بامتياز الحاكم وهو عندهم الترف والدعة.
ثم ان الدكتاتور العسكري، وهو قد وصل الى السلطة بفضل اخوانه الضباط، وابنائه الجنود، لا بد ان يرى حقهم عليه مما يوجب تمييزهم عن بقية الشعب.. وهناك أمر هام وهو أن هذا الدكتاتور العسكري، زيادة على ما تقدم، لا بد ان يرى انه مما يؤمنه ضد الانقلابات العسكرية ان يرضى اخوانه الضباط باعطائهم من الامتيازات ما يلهيهم عن التطلع الى منافسته، وما يجعلهم اعوانا له ضد كل محاولة تستهدف انهاء حكمه، سواء كانت هذه المحاولة من الشعب عامة، او من أفراد مغامرين.. هذا، على أيسر التقدير، ما يكون في بداية أى حكم عسكري.. فاذا أتفق للدكتاتور العسكري، وقليلا ما يتفق، ان يكسب حب شعبه، وان يصبح، من ثم اعتماده على حماية الجيش اياه أقل، في اخريات الايام، مما كان عليه في أولياتها، فانه يصعب عليه ان يسحب امتيازات الجيش التي تكون قد اصبحت يومئذٍ حقاً مكتسبا ومسلما به.. والامتيازات تفسد الجيش، كما يفسد الترف أخلاق الرجال في جميع الاماكن وجميع الازمان.. وأسوأ من هذا! فان الشعب لا بد ان يدرك ان هذه الامتيازات، من الدكتاتور العسكري لبقية رجال الجيش، انما هى بمثابة رشوة، ولمثل هذا الشعور سود العواقب على اخلاق الشعب وقيمه..
والحكم الدكتاتورى، سواء كان من ملك وارث للعرش عن آبائه، ويجمع في يديه السلطات، أو من متسلط، مستبد مطلق، انما يفسد الشعب بما يفرض عليه من وصاية تحول بينه وبين ممارسة حقه في حكم نفسه كما يفعل الرجال الراشدون.. وأسوأ من ذلك!! قد يكون المتسلط – وهذا هو الغالب الاعم – جاهلا بأساليب الحكم الصالح، وخائفا من انتقاض الشعب عليه، فهو لذلك يعتمد على الارهاب، والبطش، والتجسس الذي يحصى على الشعب كل كبيرة وصغيرة، وينشر عدم الثقة بين أبنائه.. فمثل هذا الحكم انما يربى المواطنين تربية العبيد لا تربية الاحرار.. وأنت لن تجد العبد يدفع عن حوزة ما يدفع الحر.. وجميع العرب بين تربية تشرف عليها الدكتاتورية العسكرية، وهى التي تسمى نفسها ((بالتقدمية)) و((بالثورية)) وبين تربية تشرف عليها الدكتاتورية المدنية، وهى التي تسميها الدكتاتورية العسكرية ((بالرجعية العربية)).. والشعوب العربية، بين هؤلاء واولئك، مفروضة عليها الوصاية، من قادة قصّر، هم، في أنفسهم، بحاجة الى أوصياء..
ونحن لن نتحدث هنا عن قصور القيادات المدنية بين العرب، لان هذه القيادات ليس لها كبير أثر في الحوادث العنيفة التي تعرضت لها البلاد العربية في الآونة الاخيرة، وانما سنتحدث عن القيادات العسكرية، وبوجه خاص عن القيادة المصرية – قيادة جمال عبد الناصر – لانها فرضت زعامتها على العرب كلهم – بالترغيب وبالترهيب – حتى اصبحوا تبعا لها، فقادتهم من هزيمة الى هزيمة، وجرت عليهم من العار ما ان خزيه ليبقى على صفحات التاريخ، الى نهاية التاريخ.


ثم كتب الأستاذ محمود في أكتوبر 1984 وفي آخر كتبه التي لم تنشر وقتها وكان المقصود منه أن يكون بمثابة ديباجة جديدة لكتاب "أسس دستور السودان" ما يلي:

Quote: أما نحن السودانيين فقد بلونا أسوأ ألوان الحكم النيابي، في محاولتنـا الأولي، في بدء الحكــم الوطني، و في محاولتنـا الثانيــة، بعـد ثورة أكتوبر 1964‏.‏‏.‏ فقد كانت أحزابنا السياسية طائفية الولاء، طائفيـة الممارسـة، فهي لم تكن تملك مذهبيــة في الـحكم ‏.‏‏.‏ و الطائفية نقيض الديمقراطية‏ .‏‏.‏ ففي حين تقوم الديمقراطية علي توسيـع وعي المواطنين، تقوم الطائفية علي تجميد وعيهم‏ .‏‏.‏ و في حين أن الديمقـراطية في خدمة مصلحة الشعب، فان الطائفية في خدمة مصلحتها، هي، ضد مصلحـة الشعب ‏.‏‏.‏ و من ههنا جاء فساد الحكم النيابي الأول عندنا ‏.‏‏.‏ فكانت أصوات الناخبين توجه بالإشارة من زعيم الطائفة، كما كانت تشتري!! و كـان النـواب يشترون أيضا!! وذلك في جـو مـن الصـراع الحزبي الطاحن علي السلطة أدي إلي تهديد سيادة البلاد واستقلالها‏ .‏‏.‏ فقد كانت الحكومة ائتلافية بين حزب الأمة، و حزب الشعب - حزبـي الطائفتين ذواتي الخصومة التقليدية، طائفة الأنصار، و طائفة الختمية .‏.‏ ودخلت البلاد في أزمة سياسية من جراء عدم الانسجام في الوزارة، وبروز الاتجاه للالتقاء بين الحزب الوطني الاتحادي، الذي كان في المعارضة، وحزب الشعب، عن طريق وساطة مصر ‏.‏‏.‏ فسافر رئيسا الحزبين، السيد إسماعيل الأزهري، والسيد علي عبد الرحمن، إلي مصر، لهذا الغرض .. و لقد نسب لرئيس الوطني الاتحادي تصريح ، بمصر، يعترف فيه باتفاقية 1929، التي كانت حكومة السودان الشرعية قــد ألغتها‏ .‏‏.‏ (وهي الاتفاقية التي أُبرمت في الماضي بين دولتي الحكم الثنائي، بريطانيا، و مصر، بينما كان السودان غائبا، تحت الاستعمار، فأعطت السودان نصيبا مجحفا من مياه النيل، بالنسبة لنصيب مصر‏.‏‏.‏) و كان ذلك الاعتراف بالاتفاقية بمثابة مساومة مع مصر لتعين الحزب علي العودة للحكم‏.‏ كما صرح رئيس حزب الشعب، بمصر، بأن حزبه يقف في المعارضة ! ! (أنباء السودان 15/11/1958، الرأي العام 9/11/195 ‏.‏‏.‏ في هــذا الجو السيـاسي الذي يهدد استقـلال البلاد، و سيادتـها، بالتدخـل الأجنبي، سلم السيد عبد الله خليل رئيس الـوزراء، الحكــم للجيش‏.‏‏.‏ (أقوال الفريق عبود في التحقيق الجنائي حـول الانقــلاب بعد ثورة أكتوبر 1964، (( التجـربة الديمقراطية، وتطور الحكم في السودان)) للدكتور إبراهيم محمد حاج) ‏.‏‏.‏ فكان انقلاب 17 نوفمبر 58 بمثابة إنقاذ للبلاد‏.‏‏.‏ وحكم الحكم العسكـري ست سنوات، صادر فيها الحريات الديمقراطية .‏‏.‏ و برغم انه حقق شيئا من التنمية الاقتصادية، إلا انه آل إلى صور من العجز عن الإصلاح، وفي الفساد، أدت إلى قيام ثورة 21 أكتوبر 1964 ‏.‏‏.‏ و لقد تمثل في تلـــك الثــورة الشعبيـة، السلمية، إجماع الشعب السوداني الكامل علي الرغبة في التغيير، وإن لم يكن يملك المعرفة بطريقة التغيير‏.‏‏.‏ فتخطي الشعب الولاءات الطائفية، وهو ينادي بعدم العودة لماضي الحزبية الطائفية‏.‏‏.‏ و لكـن سرعان ما أجهضت الأحزاب الطائفية تـلك الثورة، و صفـــت مكتسباتها ‏.‏‏.‏ فقــد ضغطت، بالإرهـاب السياسي، علي رئيس حكومة أكتوبر الثورية حتى استقال، و شكل حكومة حزبيـة برئاستـه ‏.‏‏.‏ ثم عادت الأحزاب الطائفية للسلطة، عن طريق الأغلبية الميكانيكيـة الطائفيـة فـي الانتخابات ‏.‏‏.‏ وقامت حكومة ائتلافية من حزب الأمة والوطني الاتحادي‏.‏‏.‏ و تعرضت الديمقراطية في هذه التجربة النيابية الثانية ! لأسـوأ صـــور المسـخ، عــلاوة علــي المسـخ الذي تعرضت له الديمقراطيـة من جراء فسـاد القلة، ومـن جراء قصــور وعـي الشعب ‏.‏‏.‏ فقد عُدل الدستور مرتين للتمكين للحكم الطائفي في الاستمرار: مرة ليتمكن أزهري من أن يكون رئيسا دائما لمجلس السيادة، في إطار الاتفاق بين الحزبين علي اقتسام السلطة ‏.‏‏.‏ و مرة أخري لحل الحزب الشيوعي، و طرد نوابه من الجمعية التأسيسية‏.‏‏.‏ فقد عدلت الجمعية التأسيسية المادة 5/2 من الدستور، و التي تعد بمثابة روح الدستور‏.‏‏.‏ و هي المادة التي تنص علي الحقوق الأساسية، كحق التعبير، وحق التنظيم‏.‏‏.‏ و لما حكمت المحكمة العليـا بعدم دستورية ذلك التعديــل (مجلة الأحكام القضائية 196 أعلن رئيس الوزراء آنذاك، السيد الصادق المهدي، ((أن الحكومة غير ملزمـة بأن تأخذ بالحـكم القضائـي الـخاص بالقضيــة الدستورية))‏.‏ (الرأي العام 13/7/1966)‏.‏‏.‏ ليتعرض القضاء السوداني بذلك لصـورة مـن التحقيـر لم يتعـرض لـها في تاريخه قط!! و لما رفعت الهيئة القضائية مذكرة إلى مجلس السيادة تطلب فيها تصحيح الوضع بما يعيد للهيئة مكانتها (الرأي العام 27/12/1966) وصف مجلـس السيادة حكم المحكمة العليا بالخطأ القانوني (الأيام 20/4/1967) فاستقال رئيس القضاء السيد بابكر عوض الله، و قد جاء في الاستقالة: ((إنني لم أشهد في كل حياتي القضائية اتجاها نحو التحقير من شأن القضاء، و النيل من استقلاله كما أري اليوم‏.‏‏.‏ إنني أعلم بكل أسف تلـك الاتجاهات الخطـيرة عنـد قــادة الحكم اليـوم، لا للحـد مـن سلطـات القضـاء في الدستـور فحسب، بل لوضعـه تحت إشـراف الهيئة التنفيذية)) الكتاب المشار إليه آنفا‏.‏‏.‏ هذه صورة لفشل التجربة الديمقراطية النيابية في بلادنا، مما حولها إلى دكتاتورية مدنية، فهدد الاستقرار السياسي، حتى جاءت ثورة مايو بمثابة إنقاذ للبلاد!! إن قصور تجربتنا الديمقراطية مرده الأساسي إلى قصور الوعي- وعي الشعب، ووعي القلة التي تحكم الشعب، مما أفرغ مدلول كلمة الديمقراطية من محتواها - هذا وفشل الديمقراطية في ظل البلاد المتخلفة أدي إلي الانقلابات العسكرية، في كل مكان، في النصف الأخير من هذا القرن و ليس في الانقلابات العسكرية حل‏.‏‏.

Post: #55
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 11-24-2006, 02:00 PM
Parent: #54

المتداخلون الكرام،
أتابع باهتمام.
أشكركم على المثابرة، وأشيد بروح الحوار.
وسأظل أتابع.

Post: #56
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-25-2006, 05:15 AM
Parent: #55

الاخ الدكتور ياسر
تحياتي
Quote: أرجو أن تذكر أمثلة لما كان يقوله الأخ دالي والأخ القراى


بالطبع لا يمكن بعد مرور هزا الزمن الطويل ان انقل بدقة اى من أقوال الرجلين الفاضلين. اذكر من اقوالهما اتهما يؤيدان (باسم التنظيم طبعا) مايو لأنها فقط حرمت قوى الطائفية و الشيوعيين من الحكم. كما كانا يسخران من اتهامات الفساد ضد النظام.
اخى ياسر اننى لا أمل من تكرار تقديري و احترامي للفكر الجمهوري بل اننى أرى ان الأفكار التي وردت في "الرسالة الثانية من الإسلام" أهم اجتهاد ظهر منذ ظهور الإسلام. أحيانا يخيل لي ان عدم استعداد الجمهوريين لمراجعة موقفهم من النظام المايوى مرده إلى نوع من التقدير و الوفاء لزكرى الشهيد محمود محمد طه. و ان اى محاولة للاقتراب من تجريح ذلك الموقف تنطوي على المس ب "قداسة" الاستاذ. و أرجو ألا يكون هزا التحليل صحيحا لأنه ازا صح فانه ليس سوى إعادة إنتاج للطائفية التي انفق الاستاذ عمره في حربها. و البعض يلاحظ ان الإخوة الجمهوريين لا يقرنون و لو من باب السهو صفة الشهيد أو المرحوم بالاستاز محمود و يلمحون ان الجمهوريين ربما ينكرون وفاته أو ربما يعتقدون انه قد "رفع" أو في "غيبة". و أرى ان بعض الترهات (و هي غالبا من تلبيس خصوم الفكرة الجمهوريين) مثل فكرة الإنسان الكامل و رفع العبادات الحركية عن الاستاذ قد صرفت النظر عن جوهر الفكر الجمهوري اى التجديد كما وردت خطوطه العريضة في "الرسالة الثانية".

Quote: لقد قرأت من قبل ما كتبه الأخ محمد الحسن العمدة من أوصاف لنميري قريبة من أوصافك هذه،
كأنك، آخى ياسر، تراه مترنيخ أو بسمارك أو عمر بن عبد العزيز. و على العموم ما دام منصور خالد هو الحكم الترضى حكومته فاني أحيلك إلى الأوصاف التي خلعها عليه خصوصا في "الفجر الكاذب" و في "النفق المظلم".

Quote: من هذه العوامل حركة الأنصار وانقلاب يوليو 1971..


كان مايو أتت بها ديمقراطية وستمنستر؟ أم انك ترى ان نعطى هؤلاء العسكر الجهلة و صغار السن وقتها، العاطلين من اى موهبة "الفرصة" و "الهدوء" و تقبل لشعب السودان الزى طالما تغنت الأدبيات الجمهورية بطيب خصاله ان يركع لإرادة بضع عشرات من السكارى الضالين الذين لا يؤتمن الواحد منهم حتى على حسن إدارة شئون بيته.


Quote: وللأمانة والتاريخ لا يمكن لمؤرخ محايد أن ينكر أن مايو قد نجحت في السنين الأولى في التنمية والإصلاح الاقتصادي والتوسع في التعليم وأنها أصابت نجاحا ملحوظا في مجال الصحة وترقية المرأة وإعطاؤها الأجر المتساوي مع الرجل للعمل المتساوي، ولأول مرة تبوأت المرأة الوزارة في ذلك العهد.


للأسف هزا نموذج للكلام الملقى على عواهنه. أولا الأجر المتساوي كان من إنجازات حكومة أكتوبر الأولى. الإصلاح الاقتصادي المايوى كان نتاجه تدهور قيمة العملة و أعلى نسبة تضخم و اكبر هجرة جماعية حتى ذلك الوقت لمهنيي و عمال السودان المهرة نحو دول الخليج. التنمية (تنمية حسان سعد الدين) هزه من الأفضل السكوت عنها لان حصيلة تدفقات نقدية من الأموال العربية زادت على العشرين مليار دولار لم تثمر إلا إنشاء شارع بور تسودان و مشروع كنانة و الرهد و الباقي ذهب إلى جيوب لصوص النظام اللهم إلا ازا أردت ان تحسب قاعة الصداقة ضمن إنجازات النظام و هي ليست سوى عمارة بامكان اى من أثرياء السودان بناء ما هو اكبر منها.
ثم ان اى تنمية تقاس في النهاية بمقاييس موضوعية مثل وفيات الأطفال الرضع و دون الخامسة و نسبة الأمية و مدى توفر المياه النظيفة و معدل النمو و اى نظرة منصفة لما آل إليه الحال في نهاية العهد المايوى بامكانه الحكم على أداء النظام الاقتصادي و ان الوضع كان أسوا مما كان في 1969م.. و من العجيب انه حتى دهانقة النظام و الثابتين على موقفهم المؤيد له حتى اليوم لا يجرؤن على القول بنهضة اقتصادية حصلت على عهدهم.

Quote: ولم يكن الفساد المالي في أوائل مايو بأكثر من الفساد في زمن الحكم النيابي
الذي سبقه

و هنا للأسف وقائع التاريخ تخذلك و لا مقارنة البتة بين اى فساد في الأنظمة الديمقراطية و الأنظمة العسكري. فشل نظام مايو في إثبات اى واقعة فساد كبيرة ضد الحكم السابق في الوقت الزى سمع و رأى فيه شعبنا محاكمات رموز نظام مايو العلنية متهمين بسرقة المليارات. كما ان تنقيب الانقازيين في ملفات الحكم النيابي الأخير لم يتمخض إلا عن اتهام السيد إدريس البنا بتخصيص حفار مياه و توجيهه لخدمة منطقة معينة و حتى هزه "التهمة" على تهافتها لم تثبت.

Post: #57
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-25-2006, 08:46 AM
Parent: #56

عزيزي الأخ عوض محمد أحمد،
تحية طيبة
لقد قلت في مداخلتك السابقة:

Quote: كنت في الثمانينات طالبا في الجامعة و قد عاصرت أركان الجمهوريين و معارضهم و رأينا رأى العين و سمعنا بازاننا استماتة القراى و دالي في الدفاع عن مايو و سخريتهم حتى من ضحايا النظام المايوى بما يعف اللسان عن ذكره. بل و كانت هناك فروع للاتحاد الاشتراكي لا تجرؤ عضويتها على الدفاع عن مايو (ربما لأنها كانت أكثر حياءا). و عموما فان كلا الرجلين أحياء يرزقون بل و ناشطون في المنابر الاسفيرية و بامكانهما نفى هزا الكلام ان لم يكن صحيحا أو تبريره.


وقد أدهشتني عبارتك التي وضعت لك تحتها خطا هنا وهي "بما يعف اللسان عن ذكره" ولذلك سألتك أن تنقل من تلك الأقوال فيكون الحكم..
وها أنت تقول:


Quote: بالطبع لا يمكن بعد مرور هزا الزمن الطويل ان انقل بدقة اى من أقوال الرجلين الفاضلين. اذكر من اقوالهما اتهما يؤيدان (باسم التنظيم طبعا) مايو لأنها فقط حرمت قوى الطائفية و الشيوعيين من الحكم. كما كانا يسخران من اتهامات الفساد ضد النظام.


لقد نقلت لك وللقراء بعضا مما كتبه الجمهوريون في كتبهم عن أسباب تأييدهم لمايو، فدعنا من الأخوين دالي والقراي ما دمت لا تذكر "ما يعف اللسان عن ذكره".. وعبارة أن مايو "حرمت قوى الطائفية والشيوعيين من الحكم" ليست دقيقة.. الكلام كان يدور حول أن مايو أوقفت مؤامرة الدستور الإسلامي وأنها اتجهت إلى حل مشكلة الجنوب ونقاط كثيرة أخرى لا داعي لتكرارها.. طبعا كان هناك فساد والجمهوريون قد ذكروه في كتبهم ولكنه لم يكن أخطر من محاولة أسلمة النظام التي دأب عليها الإسلاميون قبل وبعد المصالحة.. وسأحاول في هذا البوست العودة إلى هذه المسألة..

لقد سألتني أنت السؤال الآتي في مداخلة سابقة

Quote: و بعدين يا آخى ياسر هل حقيقة تعتقد ان شخصا جاهلا أفاقا مثل جعفر نميرى مؤهل فعلا لإعداد الشعب السوداني لممارسة الديمقراطية؟ هل تظن حقيقة ان نظاما كنظام مايو الزى أضاع ثروات السودان و صارت البلد وقتها مرتعا لأسوا لصوص العالم أمثال الخاشوقجى يستحق ذرة من حسن الظن من قبل حركة ضمت صفوة أبناء السودان.

وكان تعليقي عليك كالآتي:
Quote: لقد قرأت من قبل ما كتبه الأخ محمد الحسن العمدة من أوصاف لنميري قريبة من أوصافك هذه، ولكن للحقيقة والتاريخ فإن النميري لم يكن يختلف كثيرا عن بقية أعضاء مجلس الثورة والوزراء، أو حتى عن كثير ممن سبقه لحكم السودان من رؤساء ووزراء في شتى الحقب، ولكن تضافرت بعض العوامل لتخلق منه حاكما فردا ورئيسا للجمهورية، من هذه العوامل حركة الأنصار وانقلاب يوليو 1971..الجمهوريون كانوا يطرحون فكرتهم للإصلاح ولذلك لم يشاركوا في مؤسسات النظام، وعندما يئسوا من إصلاحه أعلنوا معارضتهم له..


ولكنك جئت ونقلت العبارة الأولى من هذه الفقرة المنتهية بأول شولة، ولم تذكر بقية قولي.. ثم علقت عليه بقولك:

Quote: كأنك، آخى ياسر، تراه مترنيخ أو بسمارك أو عمر بن عبد العزيز. و على العموم ما دام منصور خالد هو الحكم الترضى حكومته فاني أحيلك إلى الأوصاف التي خلعها عليه خصوصا في "الفجر الكاذب" و في "النفق المظلم".


مع أن عبارتي كانت واضحة بأن نميري لم يكن يختلف كثيرا عمن سبقه من الرؤساء أو الوزراء. وقد قال بهذا أيضا الدكتور منصور خالد في كتابه "السودان: أهوال الحرب وطموحات السلام":
صفحة 370

Quote: لقد جاء انقلاب مايو ليعلن أنه امتداد لعهد أكتوبر، وكانت سياسات النظام في البدء توحي بعزمه على أن يسلك طريق أكتوبر، خاصة فيما يتعلق بقضية الجنوب، والحد من هيمنة القوى التقليدية على السياسة والاقتصاد. ولكن ما إن مضت السنون حتى انحدر النظام إلى تخلف وظلامية لم يعرفهما السودان منذ الاستقلال. فبحلول عام 1983 استيقظ السودانيون ذات صباح من شهر سبتمبر في ذلك العام ليفاجأوا بقائدهم الذي عرفوا عنه، وأحبوا فيه الكثير، يعلن بمرسوم رئاسي تطبيق الشريعة عليهم وإعلانه لنفسه أميراً للمؤمنين. نقول فوجئ أهل السودان، لأن التقوى لم تكن من بين الأشياء التي عرفوها وأحبوها في رئيسهم القائد، وإن عرفوا فيه كل ما ينأى به بعيداً عن ذلك. لذلك المسار المتلوي الصاخب أسبابه، وهي أسباب تتجاوز المصالحة مع الإسلاميين. من تلك الأسباب شخصية نمير وأسلوبه الشاذ (roguish) في إدارة الأمور والذي كان يراه، كما يراه المعجبون به، ضرباً من ضروب الرجولة. ثانياً، عجز نميري التام عن الوعي بالآثار المترتبة على قراراته. ذلك يبدو بوضوح في الطريقة اليت استهان فيها بقراره بإلغاء اتفاق أديس أبابا عندما أعلن، ولاقو إلى جانبه: "هذا الاتفاق قمت به أنا ولاقو وكلانا موافق على إلغائه، فلم كل هذه الضجة؟. ثالثاً، السلطة المطلقة تسكر من يتعاطاها، خاصة إن كان ممن يفتقرون إلى الحس التاريخي، والتوازن النفسي، والإدراك لمحدودية الإنسان. تلك العوامل مجتمعة ربما تكون هي التي أدت إلى تناقضات نميري وتلويه.
عوامل الضعف في شخصية نميري ما كانت لتصل إلى الحد المأساوي الذي وصلت إليه لولا سعينا لمأسسة الطغيان. فبصرف النظر عن الظروف الموضوعية التي حدت بنا للتحالف مع نميري، وبصرف النظر عن الإنجازات الكبار التي تحققت في عهده، وتلك التي كان الكثيرون ممن عمل معه يطمح في تحقيقها، إلا أن السلطات التي منحها الدستور للرئيس، وضعف التنظيم السياسي عن استغلال الكوابح التي توفرت في نفس الدستور للحد من سوء استغلال تلك السلطات، جعلت من نميري صنماً، يسدن عليه من يسدن. فيوم اجتمع على نميري قادة جيشه يتصدرهما عبد الماجد حامد خليل وعز الدين علي مالك يقولان إما أنتصلح من سياساتك أو تذهب، أو كما يقول أهل البحرية الأمريكية للجندي المشاغب (shape up or ship out)، تجمع أهل الحل والعقد في الاتحاد الاشتراكي العظيم يقودهم قدامى الساسة، وبروفيسورات النظام ليذودوا عن حمى الرئيس القائد. ويوم أن قضى بإلغاء اتفاق أديس أبابا تجمعت نفس الفئة لتهنئة الرئيس بقراره الحكيم. ويوم أن أصبح القائد إماماً تدرع نفس البروفيسورات والساسة الاشتراكيون جلابيب الدراويش ليصحبوا الإمام في غزواته على أم ضوابان وأم مرحي. ما أقبحه خصاء الرجال.
في نهاية الأربعينات من القرن الماضي قال يحيى الفضلي عن إسماعيل الأزهري، عند الخلاف معه: "هذا صنم بنيته بيدي، وسأحطمه بذات اليد". أما في السبعينيات، كما أوردنا في أكثر من كتاب، قال الراحل جعفر بخيت عن نميري: هذا صنم بنيناه بأيدينا ولن يحطمه إلا رب العالمين. ولرب العالمين جنود منها إرادة الشعوب. ثم جاء على الإنسان حين من الدهر أصبح فيه الصنعم بزعمه أميراً للمؤمنين، ولكن في حقيقته لم يكن إلا وثناً ذا ودع. لا غرابة، إذن، في أن يظن الوثن الذي كان يعبده الأخصياء بأنه قادر على إقامة المؤسسات وإصدار القوانين، كما هو قادر، في ذات الوقت، على تجاوزها وإلغائها أنى شاء، وكيف شاء.


أشكرك على تصحيحي في مسألة الأجر المتساوي للعمل المتساوي الذي حدث بعد ثورة أكتوبر..
ولكن كل مساوئ مايو والفساد المالي لا يساوي شيئا أمام أخطائه الكبرى التي كان الجمهوريون يحاولون أن يمنعوه عن الوقوع فيها وهي أن يتم احتواؤه بواسطة الإسلامويين.. وأستطيع أن أقول لك بأنهم لم ينجحوا في ذلك..
سأعود بمقاربة أكثر من كتابات المحللين والمؤرخين السودانيين وكتابات الجمهوريين حتى لا يكون الحديث ملقىً على عواهنه..

وشكرا
ياسر

Post: #58
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-25-2006, 12:44 PM
Parent: #57

Quote: و هنا للأسف وقائع التاريخ تخذلك و لا مقارنة البتة بين اى فساد في الأنظمة الديمقراطية و الأنظمة العسكري. فشل نظام مايو في إثبات اى واقعة فساد كبيرة ضد الحكم السابق في الوقت الزى سمع و رأى فيه شعبنا محاكمات رموز نظام مايو العلنية متهمين بسرقة المليارات. كما ان تنقيب الانقازيين في ملفات الحكم النيابي الأخير لم يتمخض إلا عن اتهام السيد إدريس البنا بتخصيص حفار مياه و توجيهه لخدمة منطقة معينة و حتى هزه "التهمة" على تهافتها لم تثبت


الاخ عوض
اؤيد وابصم على هذه الفقره بالعشره.
لاينبقى ان نربط بين الصادق المهدى ,الميرغنى والديمقراطيه لم يكن الصادق او الميرغنى فوق المسائله سواء كانت قضائيه, برلمانيه ام سياسيه عن اخطائهم ولذا فان اسوأ نظام ديقراطى افضل من اى حكم استبدادى تقوده ملائكه. انظر لنتائج الحكم الشمولى ( عبود اجج مشكله الجنوب بتعريب الجنوب واسلمته بالقوه, نميرى ابو الفساد الحديث فى السودان وهو اول من بداء فى نتف النسيج الاجتماعى المتوارث بحله الاداره الاهليه بجره قلم اما الانقاذ ففى ظلالها واحاديتها ضاع الوطن)
كماان المشكله الكبرى التى تصاحب الدكتاتوريات هو تهافت المثقفون لخدمه جهله العساكر لجاه لم يجدونه فى ظل الانظمه الديقراطيه ولدواعى الوزاره خدم منصور خالد واخرون نميرى ولنفس دواعى السلطه هجر على عثمان ومصطفى اسماعيل والعتبانى الترابى واثروا ان يبرروا سياسات البشير الكارثيه

دودى

Post: #59
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عادل محمد الصافي
Date: 11-25-2006, 04:20 PM
Parent: #58

نقد ذاتى لتجربتهم أو لفكرهم الذى كفرهم به الأزهر الشريف وعلماء السعودية وعلماء السودان الماعجبنك كلهم اتفقوا على كدى؟ الأختشوا ماتوا؟ كان معنا زميل يعمل بالخرطوم حينها وقبل اعدام محمود بيوم مصر أنو الأستاذ لن يقتل ولما نفذ فيه الحكم قال وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ؟ تخيلوا هذا الفكر المنحرف ، والله والله صحيح.طبعاً الراجل ترك الشغلانية دى نهائى وقال لى بالحرف دا فكر منحرف؟ ويجىء الحين حضرة الدكتور ليحييه؟سجم السودان اكان ديل متعلمينو؟ ابشرك والله لا فكر محمود ولا الفكر الشويعى ولا أى خرابيط تنفع فى السودان نحن ناس مسلمين قبل الأنقاذ وبعدها وحتى الموت ؟ ولن نرضى غير الله رباً والأسلام ديناً ومحمدأ (ص) نبياً ورسولا؟ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا.
خالد

Post: #60
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: othman mohmmadien
Date: 11-26-2006, 06:48 AM
Parent: #59

Quote: محمـد حسن العمـدة - درق سيـدو الما بمسك مويـة..

عارف لو كـررت حكايـة الطاهويين دى، التى تكررهـا مثل الببغـاء من فم سيـدك الصـادق المهـدى، فلا تظن أن الناس سـوف يفوتون الإستخفاف والسخف.. هـذه وحدهـا من حديثك التى عندهـا قيمـة (سالبـة).. باقى كلامك ما عندو أى قيمـة، لا سالبـة لا موجبـة..


نشكر الأخوة المتداخلون ونثمن صبرهم على هذاالنقاش الجاد، الذي بلا شك سيقودنا لنكون أخوة متحابين.
مصيبتنا مع أبو الريش وإفلاسه الدائم الذي يشكل عبء كبير علينا كأخوة سودانيين وللاخوة الجمهوريين أنفسهم، من المفترض أن نختلف ونحترم ذلك وذكرت لك من قبل ياأبو الريش أنك تكره ولكنك لا تختلف معنا، الطاهويين = الطائفية البغيضة ما تتقبلها ذي ما نحن بنتقبل إهاناتك.

أخي ود العمدة واصل عطائك المقدر ولا تهتم لمثل هذه الردود التي تحمل ترهات ابو الريش لا غير....ولكننا يبدو في العالم السوداني، نواصل البحث عن أسباب غياب الديمقراطية وإمكانية تطبيقها وتلكأ السلط ودوائر النفوذ والهيمنة في استمرار وأد التجارب والمشاريع التي تروم الاستنهاض وتجترح قيم الديموقراطية والحريات السياسية وحقوق الإنسان والمجتمع ومؤسسات الدولة العامة. فلازال الوعي السوداني لم يصل إلى لحظة التماهي مع الحقيقة الديموقراطية كقيمة وجودية يعيشها كلحظة محايثة للواقع الراهن، وليس ابو الريش بأبعد عن ذلك ونكرانه وجحوده ألا بمثل رؤى من ينتمي لهم.

أننا لسنا في وقت يجب أن نقتتل فيه بضراوة والعدو أمامنا كمن عينه في الفيل ويطعن في ظله أخوتي الجمهوريين

Post: #61
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: othman mohmmadien
Date: 11-26-2006, 06:50 AM
Parent: #59

Quote: محمـد حسن العمـدة - درق سيـدو الما بمسك مويـة..

عارف لو كـررت حكايـة الطاهويين دى، التى تكررهـا مثل الببغـاء من فم سيـدك الصـادق المهـدى، فلا تظن أن الناس سـوف يفوتون الإستخفاف والسخف.. هـذه وحدهـا من حديثك التى عندهـا قيمـة (سالبـة).. باقى كلامك ما عندو أى قيمـة، لا سالبـة لا موجبـة..


نشكر الأخوة المتداخلون ونثمن صبرهم على هذاالنقاش الجاد، الذي بلا شك سيقودنا لنكون أخوة متحابين.
مصيبتنا مع أبو الريش وإفلاسه الدائم الذي يشكل عبء كبير علينا كأخوة سودانيين وللاخوة الجمهوريين أنفسهم، من المفترض أن نختلف ونحترم ذلك وذكرت لك من قبل ياأبو الريش أنك تكره ولكنك لا تختلف معنا، الطاهويين = الطائفية البغيضة ما تتقبلها ذي ما نحن بنتقبل إهاناتك.

أخي ود العمدة واصل عطائك المقدر ولا تهتم لمثل هذه الردود التي تحمل ترهات ابو الريش لا غير....ولكننا يبدو في العالم السوداني، نواصل البحث عن أسباب غياب الديمقراطية وإمكانية تطبيقها وتلكأ السلط ودوائر النفوذ والهيمنة في استمرار وأد التجارب والمشاريع التي تروم الاستنهاض وتجترح قيم الديموقراطية والحريات السياسية وحقوق الإنسان والمجتمع ومؤسسات الدولة العامة. فلازال الوعي السوداني لم يصل إلى لحظة التماهي مع الحقيقة الديموقراطية كقيمة وجودية يعيشها كلحظة محايثة للواقع الراهن، وليس ابو الريش بأبعد عن ذلك ونكرانه وجحوده ألا بمثل رؤى من ينتمي لهم.

أننا لسنا في وقت يجب أن نقتتل فيه بضراوة والعدو أمامنا كمن عينه في الفيل ويطعن في ظله أخوتي الجمهوريين

Post: #62
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-26-2006, 11:43 AM
Parent: #61

الإخوة الحضور
سلام
جاء في هذا الخيط :
Quote: و هنا للأسف وقائع التاريخ تخذلك و لا مقارنة البتة بين اى فساد في الأنظمة الديمقراطية و الأنظمة العسكري. فشل نظام مايو في إثبات اى واقعة فساد كبيرة ضد الحكم السابق في الوقت الزى سمع و رأى فيه شعبنا محاكمات رموز نظام مايو العلنية متهمين بسرقة المليارات. كما ان تنقيب الانقازيين في ملفات الحكم النيابي الأخير لم يتمخض إلا عن اتهام السيد إدريس البنا بتخصيص حفار مياه و توجيهه لخدمة منطقة معينة و حتى هزه "التهمة" على تهافتها لم تثبت.

وكتبت في نفس هذا الخيط سابقاً ما يلي :
Quote: من أجل هذا كان للأستاذ محمود رؤية عميقة وبعيدة استكشفت ما وراء حجب الجهل والإلتواء لأنه القائل في عام 1977 : (سوف يأتي وقت تتمكن فيه جماعة الهوس الديني من السيطرة على الحكم في السودان،ولو عن طريق انقلاب عسكري، وسوف يذيقون الشعب السوداني الأمرين وسيقلبون نهاره إلى ليل، لكنهم ستنشأ بينهم صراعات تقتلعهم من المجتمع اقتلاعاً).
ومع هذه المعرفة اليقينيّة أدّى الواجب المباشر وقام بالفداء العظيم .
وفي لقائه مع الأستاذ بابكر حسن مكي في عام 1978 حسب ما جاء في كتابه نميري الإمام والروليت سأله الأخير قائلاً :ماذا يريد الإخوان المسلمون ؟ فرد عليه الأستاذ محمود:إنهم يريدون السلطة ،لأنهم يظنون أن باستطاعتهم إقامة دولة إسلامية عند إستيلائهم على السلطة!! قال بابكر :وماذا تريدون أنتم ؟فرد الأستاذ بقوله :نحن نريد إشاعة الوعي بين الناس،فنحن مع مثقف الشمال والجنوب نحاوره ثم نتركه يختار!!!

قال فولتير : ( شعب من الخراف يوجد حكاماً من الذئاب)
لا يصعب على أهل الذكاء وسعة الخيال أن يدركوا ما نحن فيه الآن، ما هو إلا حصيلة الجهل الذي رعته الطائفية على مر الأيّام حفظاً لمكتسباتها. ولا أظنني في حاجة لإيراد البيّنات والشواهد على أنه لا يوجد فساد يداني الجهل فهو مصيبة كل المصائب ، وفي كلمة ( ليس بعد الكفر ذنب) فهو العائل والحاضن الأول والأخير لكل معايب السلوك والفكر ما ظهر منها وما بطن وما نميري والترابي والبشير ونحن وشعبنا إلا ضحايا للطائفية التي قعدت بإنسان السودان عن ما يريده له الله ويرضاه، وهل خلقنا إلا لنتعلم!!!؟.
فلو كانت موازين القيم منتصبة لكان الطائفيّون أولى بالمحاسبة والعقاب من غيرهم، ألا يكفيك من فسادهم إضاعة مكتسبات الشعب التي حققتها له بعض النخب من ثورات على الظلم ومشاريع للتنمية فيعودوا كل مرة إلى مزاحهم الباطل دون أن يكون لهم الفضل في قيامها ونجاحها، حتى وضعونا في ذيل الأمم ولوكان الكاتب يظن أن عدم سرقتهم للمال العام نتيجة لأنهم لم تدعهم إمرأة ذات حسن وجمال، أمر يحسب لهم مقابل ما ارتكبوه من جرم في حق هذا الشعب فإني أدعوه بكل اطمئنان وثقة أن يعيد النظر في ذلك !!!!.
ولو لم تقم الطائفية بتعهد شجرة الجهل والدوغمائيّة التي أثّرت على عقول من دخلوا المدارس لكفتهم رسالة الأستاذ محمود لهم في العام1980 ولما وصلنا ألى ما آل إليه حالنا اليوم وقد جاء فيها :-
(إن على المثقفين ألا يتركوا ساحة الفكر ،لعقليات تريد أن تنقل تحجرها إلى الحياة باسم الدين ،وتريد أن تصفي باسم تحكيم الإسلام سائر مكتسبات هذا الشعب التقدمية التي حققتها طلائعه المثقفة عبر صراعها الطويل من أجل الحرية والمساواة ،ثم على المثقفين أن يتخلصوا من مواقفهم السلبية المعهودة نحو مسألة الدين فيكسروا الاحتكار الذي ضربه الدعاة الدينيّون حول الدين .إن المثقفين في الحقيقة لهم أولى بالدين من هؤلاء الدعاة الأدعياء الذين حجّروا وجمّدوا الدين،ذلك بأن المثقفين يمثلون روح العصر بأكثر مما يمثلها هؤلاء ).انتهى.
وفي الختام أقول أن في تاريخ السودان الذي سيطرت عليه الطائفية باسم الدين الكثير من الوقائع التي تمد كل من يحتاج إلى نقدها وتعريتها وتحميلها مسؤولية الماضي والحاضر وإذا شاء المستقبل القريب.
أبوحمد

Post: #63
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-26-2006, 12:00 PM
Parent: #62

الإخوة الكرام
سلام لكم جميعاً
جاء في هذا الخيط :
Quote: نقد ذاتى لتجربتهم أو لفكرهم الذى كفرهم به الأزهر الشريف وعلماء السعودية وعلماء السودان 11111111الماعجبنك كلهم اتفقوا على كدى؟ الأختشوا ماتوا؟ كان معنا زميل يعمل بالخرطوم حينها وقبل اعدام محمود بيوم مصر أنو الأستاذ لن يقتل ولما نفذ فيه الحكم قال وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ؟ تخيلوا هذا الفكر المنحرف ، والله والله صحيح.طبعاً الراجل ترك الشغلانية دى نهائى وقال لى بالحرف دا فكر منحرف؟ ويجىء الحين حضرة الدكتور ليحييه؟سجم السودان اكان ديل متعلمينو؟ ابشرك والله لا فكر محمود ولا الفكر الشويعى ولا أى خرابيط تنفع فى السودان نحن ناس مسلمين قبل الأنقاذ وبعدها وحتى الموت ؟ ولن نرضى غير الله رباً والأسلام ديناً ومحمدأ (ص) نبياً ورسولا؟ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا.

كتبت الدكتورة وفاء سلطان :
(الثقافة تساعد الانسان على استيعاب مايتعلمه، ثمّ تطبيقه على حياته!
الانسان المعوّج، الذي افتقر الى ثقافة تقوّمه، لا يستطيع ان يستوعب ايّ علم، وبالتالي لا يستطيع أن يطبّقه!
مانفع علوم لا نقدر على استيعابها ولا على تطبيقها في حياتنا؟!
الثقافة هي الوسائل التربويّة التي تقوّم الانسان وتأهله لتطبيق مايتعلّم لاحقا!
والتربية هي الأحكام والقوانين والنظم والضوابط التي تقولب الانسان بطريقة مستقيمة، طريقة تكسبه هويّته البشرية الانسانيّة التي تميّزه عن غيره من مخلوقات الطبيعة!
انظر الى الانسان المسلم كيف يحاور.. كيف يتصرف عندما تختلف معه.. كيف يمشي.. كيف يقطِب حاجبيه.. كيف يقطع الطريق.. كيف يقود السيارة في شوارع بلاده.. كيف يناطح في الأماكن المزدحمة.. كيف يرمي بالاوساخ من شرفة بيته وعلى قارعة الطريق.. كيف يغش عندما يؤتمن.. كيف يتسيّب عندما يحمل مسؤولية.. كيف ينتقم عندما يبغض..كيف يتكاثر.. كيف يعامل زوجته واهل بيته..
عندما تراقبه عن كثب تلاحظ بأنّه يعيش حياته بلا ضوابط، وبالتالي بلا ثقافة!
فالثقافة هي نظم ومثل وضوابط. بل، باختصار، هي المسطرة التي تستخدمها لرسم خط مستقيم لا عوجاج فيه!
الأمم المتمدّنة هي أمم منضبطة، تحكمها قوانين ومبادئ ونظم، وهنا تكمن ثقافتها.
الامّة الاسلاميّة امّة تفتقر الى ثقافة، وفقرها الثقافي المدقع تسبب في انتاج انسان معوّج لم يستطع ان يستفيد من بحور العلوم التي اغرقت عالم اليوم!
مابين ايدينا لا يتعدّى كونه مجموعة اعراف وعادات وتقاليد وتعاليم شوهت ولم تقوّم، وخرّبت ولم تبني!
نحتاج اليوم الى بلدوزرات لنجرف اكوام القمامة التي زخر بها تراثنا الثقافي(!!!) والتربوي!!
نحتاج الى عملية تنظيف وتطهير للعقل البشري الذي افسدته تعاليمنا!
نحتاج الى اعادة تأهيل الانسان في بلادنا تربويّا وسلوكيّا، ليكون قادرا على اخذ موقعه بين بشر اليوم!
باختصار، نحتاج الى ثقافة!!
ولكن المشكلة في طبيعة العقيدة الاسلامية التي تحدد ساحة الرؤية عند معتنقها فلا يرى إلا ما تسمح به حدود تلك الساحة!
يعيش المسلم معظم سنوات عمره في الغرب ولا تصدق عندما تقابله الا انه غادر الربع الخالي لتوه!
يركب احدث السيارات الأمريكية وكأنه يركب جمله!
يأكل غازيا.. يحاور غازيا.. يمشي غازيا.. يكتب غازيا.. يعيش حياته برمتها غازيا!مايكسبه من هذا العالم غنيمة وما يقدمه منّة!)انتهى
جاء في كتاب الأستاذ هاشم صالح( معضلة الأصولية الإسلامية )مايلي:
(كانط هو لوثر الجديد الذي أخذ جوهر الدين المصفّى ،بدون طقوس وشعائر ومسوح ورهبان . فبعده انحسر التدين عن سطح المجتمع وأصبح مستبطناً من الداخل، وبذلك انتهت مرحلة النفاق والإزدواجيّة واللامسئولية الشخصية ،ويمكننا التأكد من دقة المواعيد، والشعور بالواجب والمسئوليّة، واتقان العمل ،والحرص على المصلحة العامة وكأنها مصلحة شخصية، وهذا ما أصبح يميز الغرب، بعبارة ثانية أصبح الوازع الأخلاقي داخل الإنسان لا خارجه، أصبح الإنسان هو الذي يراقب نفسه وليس بحاجة إلى رجل دين أو شرطي يزجره... فبهذا المعنى زادت الأخلاق ولم تنقص في عصر الحداثة)انتهى .
وجاء في رسالة الأستاذ محمود لجمال عبدالناصر قوله له :
(وأنت لن تصلح مصر أو تدفع عنها الفساد ،إلا إذا رددتها إلى أصول الأخلاق حيث يكون ضمير كل رجل عليه رقيباً .)انتهي

أبوحمد

Post: #64
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-26-2006, 02:03 PM
Parent: #63

الاخ عثمان عبدالقادر
لكى لاينحرف البوست لمناكفات لاتسمن ولا تغنى من جوع ماذا تعنى بالطائفيه ( هل حزب الامه داخل فى تعريفك اعلاه)

دودى

Post: #65
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-26-2006, 02:03 PM
Parent: #63

الاخ عثمان عبدالقادر
لكى لاينحرف البوست لمناكفات لاتسمن ولا تغنى من جوع ماذا تعنى بالطائفيه ( هل حزب الامه داخل فى تعريفك اعلاه)

دودى

Post: #66
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-26-2006, 02:03 PM
Parent: #63

الاخ عثمان عبدالقادر
لكى لاينحرف البوست لمناكفات لاتسمن ولا تغنى من جوع ماذا تعنى بالطائفيه ( هل حزب الامه داخل فى تعريفك اعلاه)

دودى

Post: #67
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-26-2006, 06:55 PM
Parent: #1

الأعزاء جميعا،

تحية ومودة

شكرا للأخ عثمان عبد القادر لما تفضل به في مداخلتيه الأخيرتين.. أريد أن ألفت النظر إلى مداخلة لي في بوست الأخ خالد عويس الذي أعاد نشر مقال للأخ عمر القراي في التعليق على الدكتور محمد وقيع الله..
الدليل على أن الأستاذ محمود دعا للصلاة وشرحها


[ملحوظة للأخ عثمان عبد القادر: خطاب الأستاذ محمود الذي جاءت فيه تلك العبارة كان موجهاً للواء محمد نجيب وليس لجمال عبد الناصر]

وقد أهمتني جدا مداخلة الأخ الكريم محمد دودي المقتضبة التي قال فيها معلقا على كتابة الأخ عثمان عبد القادر:

Quote: لكى لاينحرف البوست لمناكفات لاتسمن ولا تغنى من جوع ماذا تعنى بالطائفيه ( هل حزب الامه داخل فى تعريفك اعلاه)

حزب الأمة هو حزب طائفة الأنصار وقد كان غريمه الحزب الاتحادي الديمقراطي هو حزب طائفة الختمية.. والحديث عن التاريخ مفيد لأخذ الدروس والعبر، فأرجو أن يؤخذ في هذا الإطار وألا يكون التعامل معه بشكل التنافس الحزبي الآني.. هناك الآن ما ثبت أنه أخطر من الطائفية التاريخية في السودان وذلك هو فكر الأخوان المسلمين والسلفيين الوهابية والذي استطاع أن يسيطر على السلطة في السودان ولا يزال..
هناك فرصة أمام الحزبين الطائفيين الأمة والاتحادي الديمقراطي أن يستفيدا من دروس الماضي ومن فشل الجبهة الإسلامية القومية في إدارة السودان، والأمل معقود على المثقفين الشباب داخل هذين الحزبين، لبناء مذهبية فكرية عصرية تستطيع أن تسهم في حل مشاكل السودان كي يصبح "كيانات سودانية متحدة" [ولايات متحدة سودانية] أو [الاتحاد الفيدرالي السوداني] لأن التمترس خلف الرؤية القديمة للسودان لن يورث سوى الدمار والخراب والعودة إلى مربع الحرب..

لقد فوّت المثقفون السودانيون فرصة دعم الفكر الجمهوري في ذلك الوقت، وانشغلوا بمعارضة نظام نميري ظنا منهم أنه هو المشكلة وما دروا أنه نتيجة طبيعية لمشكلة أكبر منه.. والآن بعد أن ضاعت تلك الفرصة الثمينة ووصل السودان إلى حافة انهيار الدولة أو ما يُصنف بـ "الدولة الفاشلة" فإن واجب المثقفين، وبخاصة في الحزبين الكبيرين، هو دعم دولة المواطنة لكل السودانيين والمطالبة بتقويض قوانين دولة الإنقاذ خاصة قوانين وعقوبات الحدود لأن هذه القوانين لا يمكن أن تبني وطنا واحدا.. ولا يظن أحد أن انفصال الجنوب سيحل المشكلة فإن الشمال أيضا لا يمكن إدارته بمثل هذه القوانين الشائهة..
لقد كان لتلكؤ الحزبين الكبيرين، الأمة والاتحادي، في إلغاء قوانين سبتمبر في الفترة النيابية الثالثة أسوأ الآثار على السودان منذ ذلك الوقت..

شكرا للجميع..

ياسر

Post: #68
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عثمان عبدالقادر
Date: 11-27-2006, 12:33 PM
Parent: #67

الإخوة الكرام

سلام
شكراً أخي د. ياسر على إثبات المعلومة الصحيحة ،إنت عارف دي من علامات الكُبُر أنا بقرأ في الخطاب وبالي مع عبدالناصر لأنو كان الرّجل الفاعل تاريخيّاً. ( وطبعاً دي زي طور النفعيّة عند الأطفال الواحد يرسم أمه بحجم أكبر من الشجرة كما قال أهل السايكولوجي).
ولك الشكر أيضا بما تفضلت به من رد على الأخ دودي غير أني أحب أن أؤكد له أني لست من أهل المناكفات أو المماحكات فالمسألة لا تعدو كونها رد على حجة يحاول أصحابها إلقاء اللوم على جهات لم تكن متنفذة في الحياة السياسية السودانية بل هي الجهة الوحيدة على إطلاق الكلمة التي حاولت وقدمت التضحيات العملية من أجل تنبيه أهل السودان لمكامن الخطر التي تتهددهم، وأنا دفعت بأن الطائفية تتحمل المسئولية عن قدوم هذا الخطر، وكما ذكر الأخ ياسر خرج حزب الأمة من عباءة الأنصار والاتحادي الديمقراطي من عباءة الختمية وأساس الطائفتين هو الدين بصورته السلفية ولن يستطيع أي من الطائفتين الخروج عن هذا الأمر حتى لو أدرك القائمون عليهما تجاوز التاريخ لدورهما والسبب غاية في البساطة هو الطبع البشري،وأظن أن الأخ دودي سمع الطبيب غازي صلاح الدين وهو يؤكد في بجاحة أن السيد الصادق والسيد محمد عثمان لن يستطيعا المحاجّة في موضوع الشريعة لأنهما يعلمان الثمن الواجب دفعه مقابل هذا الأمر.
وبما أن نشأة الطائفة دينية سلفية فهي لن تتمكن من الانفلات من قيدها وسيقعد بها هذا الأمر عن التطور والإرتقاء التنظيمي والفكري ، وفي رأينا فعل. ونكون بذلك قد رهنّا السودان رهناً خاسراً لأن الأصل في الحياة التطور والدينامية،ولتأكيد هذا الأمر ومدى فرملته لحركة السودان الحديث أقدم لك هذه المداخلة التي كتبتها في خيط آخر و تؤكد علاقة حزب الأمة بالهوس الديني الترابي الذي ترى نتائجه اليوم، وأرجو المعذرة فلا أجيد عمل اللنكات:-

وفيما يلي سأورد بعض المواقف التي كان فيها تقارب أو تطابق بين الترابيين وحزب الأمة حسب التسلسل التاريخي ،خاصة بعد بروز الترابي اكتوبر1964 :-
• الحساسية التاريخيّة المفرطة والتي تبلغ درجة الكراهيّة للنظام المصري وكلُّ من زاويته .
• الموقف المتطابق من طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان 1965 .
• الموقف المتطابق من الدستور الإسلامي 1968 .
• دور حركة الترابي في أحداث الجزيرة أبا وهروب بعضهم مع الهادي المهدي واستشهادهم معه وعلى رأسهم محمد صالح عمر وهو من الحركة 1970 .
• محاولة الإطاحة بمايو عسكريّاً من ليبيا فيما عرف بالغزو الليبي وخروج الشريف حسين الهندي من هذا التوجه 1976 .
• تجاهلهما لإتفاق كوكادام ونقضه عمليّاً 1986 .
• الرضا التام الذي أبدته الحركة الإسلامية عن موقف الصادق واعتقال حكومته للأساتذه والمثقفين الذين عقدوا لقاء امبو بأثيوبيا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان 1987.
• تسليح القبائل العربية في جنوب كردفان لمواجهة الجيش الشعبي لتحرير السودان وهو ما قامت الجبهة بمثله وتوسيعه لاحقاً.
• تردد السيد الصادق ومماطلته في قبول اتفاق الميرغني قرنق إرضاءً لصهره 1988.
• اللقاء السري في جنيف وتداعياته التي أشار إليها الأخ عادل.
• الإئتلاف الحالي بين المؤتمر الشعبي وحزب الأمة 2006.
• بالإضافة إلى كل هذه المواقف السابقة يأتي هذا التساؤل: هل السيد الصادق غرُّ وساذج بالدرجة التي لا تجعله أكثر الناس حرصاً وأقلّهم تفريطاً في إتخاذ كافة التدابير الأمنيّة اللازمة حتى لو اضطر لنقل الوحدات العسكريّة التي تشكل خطراً مثل المدرعات والمدفعيّة خارج العاصمة لحماية الديمقراطيّة التي اؤتمن عليها خاصّة وأنّه من شهود التجارب الإنقلابيّة السابقة!!!؟(ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ناهيك عن ثلاثة!!!!!). ثم يأتي جانب التفريط وبشهادات موثقة من أحياء ومنها ما أورده الدكتور منصور خالد عن خالد الكد الذي قال بالحرف أنه أخبر عبدالسلام الخليفة وهو معروف للجميع بأن هناك تحركاً من الجبهة لإستلام السلطة وأوصل الأخير الخبر للصادق المهدي فكان ردّه بما يلي نصّاً : (متي يفهم هؤلاء أن الجبهة ليست ضد الديمقراطيّة!!!) تخريمة ( ممكن يكون للجبهة أدبيّات من منازلهم أما في أدبياتها المعلنة لا نجد هذه الديمقراطيّة!!).وظهر التفريط أيضاً فيما أورده الأستاذ فتحي الضو من أن العقيد كمال اسماعيل وهو إبن الأنصار وتربطه صلة قرابة بآل المهدي في يوم 23 /6 /1989 أخطر السيد الصادق بملاحظته عن تحرك مريب لبعض العسكريين فرد عليه الأخير: ( تفتكر ممكن ضابط يغامر ويهد الشرعيّة الدستوريّة؟) فعقّب العقيد قائلاً: ( يا سيد الصادق الضابط المغامر عندما يركب الدبابة لا يعرف المؤسسة الشرعيّة ويكون تفكيره مركّزاً في اتجاه أن حياته في خطر مما يحفزه لتنفيذ تلك المهمة فقط ).
وأختم بالقنبلة التي فجرها مبارك الفاضل في تقريره الذي تناولته الصحافة السودانية 2004بعد أن وصلت فيه الأمور بينه وبين ابن عمه إلى نقطة اللاعودة وقرر صراحة أن السيد الصادق كان على علم بإنقلاب 1989.

أبوحمد

Post: #69
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-27-2006, 01:53 PM
Parent: #68

الاخ عثمان
Quote: لا يصعب على أهل الذكاء وسعة الخيال أن يدركوا ما نحن فيه الآن، ما هو إلا حصيلة الجهل الذي رعته الطائفية على مر الأيّام حفظاً لمكتسباتها. ولا أظنني في حاجة لإيراد البيّنات والشواهد على أنه لا يوجد فساد يداني الجهل فهو مصيبة كل المصائب
،

بما انكم لاتحبون وصف الحبيب ودالعمده لكم بالطاهويين انى لااحبذ مناداه حزبى بالطائفى ولكن لاثراء الحوار وللاحترام المتبادل مع بقيه الاخوه المحاورون سوف اقبل مؤقتا بتعريفك لنا فى الحزب الامه بالطائفيين. يحمد لحزب الامه مجاهداته فى سبيل الاستقلال ولكن اين جهل رعاه حزب الامه والذى لم يتسنى له حكم السودان منفردا طيله عمره والسياسى وكل فترات وجوده مشاركا فى السلطه لا تتجاوز السبع سنوات والتى كانت من افضل فترات حكم السودان.
لاحزب الامه ولا الانصار حركه سلفيه انظر لادبيات حزب الامه وكيان الانصار الفكريه وعندها سوف تدرك مفهموم الحزب لموقع الاسلام من الحياه وكيفيه ملائمه الاسلام للعصر وانه ليس هنالك تناقض بين الاسلام والحداثه ونهج الامه او الصحوه يقوم على ضروره اصطحاب الدين فى الحياه مع عدم الانكفاء فى الكهوف الفكريه القديمه ( اسلام القرون الوسطى)للسيد الصادق وبعض قاده الحزب عشرات كتب فى هذا الموضوع. فيااخى وصف الامه بالسلفى غير دقيق على الاطلاق اللهم الا اذا كنت تعتقد بان اى فكر يخالف الفكر الجمهورى فهو فكر سلفى

Quote: الحساسية التاريخيّة المفرطة والتي تبلغ درجة الكراهيّة للنظام المصري وكلُّ من زاويته

ليس لحزب الامه اى حساسيه ضد مصر بل العكس . نعم لقد طالبنا بالاستقلال التام عن مصر وبريطانيا هل هذه حساسيه مفرضه؟ الم يسعدك بان تكون لك دوله مستقله كبفيه دول العالم !!!! نحن فى الحزب الامه لاتحكم علاقاتنا الخارجيه اى عاطفه ومعروف عنا بان قراراتنا سودانيه المنشأ والاصل. هنالك من لا يرضى او يقبل هذا الوضع.

Quote: • الموقف المتطابق من طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان 1965 .
• الموقف المتطابق من الدستور الإسلامي 1968


كل البرلمان وافق على طرد نواب الحزب الشيوعى عدا نواب الشيوعى يعنى الاتحادى موافق ولقد اوضح حزب الامه بان طرد الحزب الشيوعى كان حظأءا كبيرا اما الدستور الاسلامى برضو الاتحادى كان موافق على الدستور والذى تمت اجازته فى مرحله القراءه الثانيه ( كانت برامج الامه, الاتحادى, الاخوان) الانتخابيه تبشر بدستور اسلامى وماالدستور الا انعكاس لقيم الشعب . انا شخصيا اؤيد اى دستور يعطى الاغلبيه الاسلاميه حقها فى اختيار قوانينها مع عدم المساس بحقوق غير المسلمين وهكذا كان دائما طرح حزب الامه دوله المواطنه وتطبيق القوانين المستمده من الاسلام على المستوى الفردى فى المسائل التى تخص الفرد المسلم لقوله تعالى ( وان جاءؤك فاحكم بينهم او اعرض عنهم) اى لايجوز تحكيم غير المسلم بقوانين المسلم الا اذا ارتضى غير المسلم ( المواطن) ان تطبق عليه قوانين ذات سبغه اسلاميه الايه اتمنى ان تكون صحيحه
Quote: دور حركة الترابي في أحداث الجزيرة أبا وهروب بعضهم مع الهادي المهدي واستشهادهم معه وعلى رأسهم محمد صالح عمر وهو من الحركة 1970

يحمد لحركه الاخوان انذاك معارضه نظام مايو فى مقابل تاييد الجمهوريون للنظام الجديد وهو موضوع البوست

Quote: تجاهلهما لإتفاق كوكادام ونقضه عمليّاً 1986

معلومه خاطئه الاتحادى والجبهه رفضا كوكادام والتى باركها حزب الامه وكان من ضمن المشاركون فى المؤتمر

Quote: الإئتلاف الحالي بين المؤتمر الشعبي وحزب الأمة 2006

اضف الشيوعى لهذا التحالف المبارك والذى من اهدافه الضغط على الحكومه لتكمله التحول الديقراطى ام يعجبك الحال!!!!!! لقد تحالفنا من قبل فى فما كان يعرف بالتجمع وعندما حاد ان اهدافه تركناه وسوف نتحالف مع الجمهوريون من اجل السودان

دودى

Post: #70
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 11-29-2006, 05:27 AM
Parent: #69

Quote: نقد ذاتى لتجربتهم أو لفكرهم الذى كفرهم به الأزهر الشريف وعلماء السعودية وعلماء السودان الماعجبنك كلهم اتفقوا على كدى؟ الأختشوا ماتوا؟ كان معنا زميل يعمل بالخرطوم حينها وقبل اعدام محمود بيوم مصر أنو الأستاذ لن يقتل ولما نفذ فيه الحكم قال وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ؟ تخيلوا هذا الفكر المنحرف ، والله والله صحيح.طبعاً الراجل ترك الشغلانية دى نهائى وقال لى بالحرف دا فكر منحرف؟ ويجىء الحين حضرة الدكتور ليحييه؟سجم السودان اكان ديل متعلمينو؟ ابشرك والله لا فكر محمود ولا الفكر الشويعى ولا أى خرابيط تنفع فى السودان نحن ناس مسلمين قبل الأنقاذ وبعدها وحتى الموت ؟ ولن نرضى غير الله رباً والأسلام ديناً ومحمدأ (ص) نبياً ورسولا؟ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا.
خالد


نفس تخريفات و هوس علماء و قضاة الجهل المؤسس الذى يورد بلادنا موارد الهلاك مند اكثر من 25 عاما

Post: #71
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 11-30-2006, 06:01 AM
Parent: #1

أريد أن أعرف رأي الأخ الكريم محمد دودي في ضرورة مناداة حزب الأمة صراحة بإلغاء القوانين والعقوبات الحدية الموجودة حتى الآن في القانون الجنائي السوداني لسنة 1991.. ورأيه هو الشخصي في ضرورة إلغاء هذه القوانين...

Re: بكري عديل: لم أر حتى الآن حزباً في الساحة بمستوى حزب الأمة

...

Post: #72
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 11-30-2006, 07:13 AM
Parent: #71

الاخ د. ياسر
شحصيا اؤيد اى قانون او اجراء يحفظ وحده البلاد ولكن فى وجه نظرى ان المشكله اكبر من قانون او دستور؟ هل نحن جادين فى العيش كأمه واحده لها نفس الحقوق والواجبات هذه هى المعضله التى اقعدت السودان وكل افريقيا لان القله التى ورثت الحكم من المستعمر رفضت ان تتداول السلطه والثروه بين ابناء الوطن الواحد ولقد تم تهميش متعمد لابناء الهامش من اى مزايا حقيقيه فى توزيع عادل للسلطه والثروه وذلك من خلال عدم توفير وترقيه الخدمات بصفه عامه وكما زكرت فى مداخله لى فى هذا المنبر بان حكام الخرطوم حصروا كل السودان فى الخرطوم وماحولها ثقافه وتنميه واهملوا او شطبوا باقى السودان من اولويات اهتماماتهم كحكام لكل السودان مما اضطر الكل الهجره للخرطوم. لم تبدأ مشكله الجنوب كحركه رفض لهيمنه دين معين بل كانت منذ بداياتها حركه مطلبيه ضد هيمنه المركز وعدم التزام نخبه الخرطوم بوعد الفدراليه حتى حركه 83 عندما بدات لم تكن القوانين الاسلاميه من ضمن اجندتها لان الحركه كانت نشأتها فى مايو ونميرى اعلن قوانينه المشوهه للشريعه فى سبتمبر.

لقد اقترح حزب الامه كمخرج لازمه الدستور عن بدايات مشاكوس بان يكون الدستور القومى علمانى مع حق الاقاليم او الولايات فى سن قوانين او دساتير تتماشى مع معتقدات غالبيه سكان الاقليم المعنى اى من حق مثلا الاقليم الشرقى ان يضع دستورا اسلاميا اذا رأت غالبيه سكان الشرقى بان الدستور الاسلامى يلبى طموحات سكان الاقليم وهكذا دواليك ولان التفاوض كان ثنائيا لقد غيب اقتراح حزب الامه واقتراحات اخرى كان يمكن ان ترجح كفه وحده البلد
وايضا لقد اقترح حزب الامه فى فتره الديقراطيه الثالثه بان تطبق الحدود على اساس فردى فى كل اقاليم السودان الشمالى عدا الجنوب والذى له الحق فى سن قوانينه.
شخصيا اؤيد الدستور القومى العلمانى مع حق الولايات فى اختيار دساتيرها الاسلاميه اذا اختارت غالبيه سكان الاقليم ذلك

دودى

Post: #73
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 12-04-2006, 06:53 AM
Parent: #1

الأخ العزيز عوض،

تحية

قرأت اليوم الحلقة الرابعة من رد الدكتور عمر القراي على تعقيب الدكتور محمد وقيع الله في جريدة الصحافة.. أهمية الحلقة تكمن في أنه تناول بالتعليق مسألة "نظام مايو" التي أثارها وقيع الله..


Quote: عودة إلى الحوار العجيب !! (4)
بين وقيع الله والترابي
د. عمر القراي

حين سئل وقيع الله في الحلقة الأولى ، من الحوار، ذكر بأنه مؤمن بأفكار الاتجاه الإسلامي ، ولكنه غير منظم ، لأسباب في طبيعته الشخصية ، كنت قد علقت عليها ، في ردي السابق.. ثم ذكر انه لا يعتبر الترابي مجتهداً ، وفي الجزء الثاني من الحوار، سئل عن اجتهادات الترابي الأخيرة ، فقال ( هذه الاطروحات لم يفصح عنها الترابي بشكل علني من قبل ... وهذه الاطروحات الشاذة وغيرها مما يصرح به الترابي الفينة بعد الفينة كفيل بتحويل ما يسمى بالمؤتمر الشعبي الى نحلة جدلية نظرية مشغولة بمسائل غير واقعية وكل ما اخشاه هو ان يتحول تنظيم المؤتمر الشعبي الى تنظيم مغلق كتنظيمات الرافضة والقرامطة والجمهوريين ) وحين سأله الاستاذ صلاح شعيب ( هل هذا يعني انك لا توافق على فتاويه الاخيرة التي تتطرق لمسائل العقيدة ؟ ) أجاب بقوله (قطعاً انني غير موافق عليها وهذه الفتاوي ليست مفيدة ولا مطلوبة ومسائل العقيدة لا تطرح للاجتهاد بله الجدل العقيم الذي غايته اغاظة الخصوم ومخالفة الجمهور ) وحين ألح عليه صلاح شعيب ، بسؤال آخر عن الترابي ، ضاق ذرعاً من ذلك ، وقال ( ياخي خلينا نخرج من الموضوع دا ) !!
أما أنا ، فلن ادعه يخرج منه ، حتى يعرف الناس ، أن د. محمد وقيع الله ، قد كان منظماً في الاتجاه الإسلامي ، منذ أن كان في الجامعة الإسلامية !! وانه كان يعرف للترابي ، من قبل ، اجتهادات شاذة ، في مجال العقيدة ، أسوأ من اجتهاداته الاخيرة ، وانه اخرج كتاباً يدافع به عن ما قاله الترابي ، في حديث الذباب المشهور!! جاء في ذلك الكتاب ( فقد كنت في صيف 1986 شرعت ارد الشبهات واقاويل الارجاف التي ثارت مع حمى الانتخابات السياسية التي كان وقودها خطب السياسيين ومن استعانوا بهم من الدعاة المتعصبين فكتبت في صحيفة ألوان الغراء مقالاً بعنوان " جلاء الشبهات الضبابية من الفتاوي الترابية " رددت به على الشيخ الطحان بعض ما كذب به على الشيخ الترابي وكنت بأمل ان اكتب مقالاتً آخر اناقش فيها فكرة التجديد وتهجم متعصبة الدعوة عليها .. الا ان احد مشائخ الحركة الاسلامية وهو الشيخ أحمد محجوب حاج نور كان له رأي آخر وهو الا ننشغل في معركة الانتخابات الشاملة التي ستقرر جانباً من مصير العمل الاسلامي بهذه الاختلافات التي ينشغل بها دعاة الفروع وهواة الجدل الفقهي .. وقد استجبت لرأي الشيخ حاج نور على مضض) !! ( د. محمد وقيع الله : التجديد الرأي والرأي الآخر . الخرطوم : المركز القومي للانتاج الإعلامي ص 2-3 ).
فوقيع الله إذا ، قد كان منظماً في الجبهة الاسلامية القومية ، وكان يدافع عن زعيمها ، أمام الإسلاميين الذين نقدوا اجتهادا ته ، ثم يقبل ان يوقف كتابته ، حتى يركز التنظيم على معركة الانتخابات ، التي قدر قيادياً اكبر منه ، هو المرحوم حاج نور، أنها أهم من تبرئة شيخهم ، مما نسب له ، من الخروج عن الدين، وما كان لوقيع الله ان يخالف التنظيم ، ولهذا قبل رأي حاج نورعلى مضض .. لماذا أخفى وقيع الله كل هذه الحقائق الآن، حين أصبح الدفاع عن الترابي صعباً ؟!
وبعد نهاية الانتخابات ، اخرج وقيع الله دفاعه عن الترابي ، في كتابه هذا !! ولما كان منفعلاً كعادته ، منذ ذلك الوقت ، فقد وصف من نقدوا الترابي بقوله (مروجو الفتنة امثال الدكتور الطحان ... والمدعو أحمد مالك والمدعو محمد احمد حامد محمد خير والمدعو الصادق المهدي والداعية المغمور الذي ناظرته من شيعته والداعية المغمور الآخر ) (المصدر السابق ص 6)
أما مفارقة الترابي في ذلك الوقت ، التي حاول وقيع الله ان يدافع عنها ، فهي انه سمع حديث الذباب المشهور ( اذا سقط الذباب في اناء احدكم فليغمسه وليشرب ..الخ) فقال ( هذا أمر طبي آخذ فيه برأي الطبيب الكافر ولا آخذ رأي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أجد في ذلك حرجاً ولا أسال منه عالم دين) !! ولقد اوضحنا فساد عقيدة الترابي في حينه ، عندما ثار هذا الموضوع ، في أواخر السبعينات ، في أركان النقاش بجامعة الخرطوم .. والذين عاصروا تلك الفترة من القراء الكرام ، يعرفون أن أعضاء الاتجاه الإسلامي بدأوا بإنكار، أن الترابي قال مثل هذا الحديث .. حتى جاء في محاضرة ، بكلية العلوم السياسية، وسئل عنه فلم ينكره !! ولم يأت وقيع الله بجديد ، في كتابه هذا ، وإنما خلص إلى نفس رأي الترابي ، من أن النبي صلى الله عليه وسلم ، يؤخذ منه امر الدين ، وأما أمور الدنيا فإننا يمكن أن نرفض رأيه فيها ، وأورد آراء بعض الفقهاء ، الذين وقعوا مثل الترابي ، في هذا الخطأ ، وقال ( ،أما المسائل المتعلقة باشياء الطبيعة التي يمكن فيها درك الحق ، وحسم الخلاف بالادراك البشري فتركت من ثم لكسب البشر ) (المصدر السابق ص 68 ) .. ولقد اعتمد وقيع الله ، مثل الترابي نفسه ، على الفهم المغلوط لحديث تلقيح النخل ( راجع الرد على هذا الفهم في الرد على د. عبد الوهاب الأفندي في اعداد ماضية من الصحافة ) .
ولسنا هنا ، بصدد بيان مفارقة الترابي العقائدية ، في موضوع حديث الذباب ، وهي نفسها مفارقة وقيع الله ، الذي دافع عن باطله ذاك .. ولكننا بصدد كذب وقيع الله ، حين أخفى انه قد كان عضواً متحمساً في الجبهة القومية الإسلامية ، مدافعاً عن زعيمها ، حين اجتهد في امر العقيدة ، بما رآه إسلاميون آخرون خروجاً عليها ، ثم هجومه على نفس الزعيم ، الآن ، حين قال بما هو دون ما ذكر آنفاً !! إن السؤال الذي يواجه وقيع الله هو، لماذا كان يدافع عن الترابي ، ويشيد باجتهاده، رغم باطله الظاهر حين كان قريباً من السلطة ، قبيل الانتخابات ، ثم ادعى انه ليس بمجتهد ، وشبهه بالقرامطة ، حين أصبح منبوذاً ، ومكفراً ، من تلاميذه الذين يمسكون بمقاليد الامور اليوم ، ويعتبرون نقد الترابي تقرباً اليهم ؟!

الجمهوريون ومايو :
لقد كانت التجربة الديمقراطية ، قبيل مايو، مؤوفة بآفات كبيرة ، حولتها إلى دكتاتورية مدنية ، تتحالف فيها الطائفية ، مع جبهة الميثاق الإسلامي، وترفع فيها شعارات إسلامية ، بغرض السيطرة السياسية .. فلقد عدّل الدستور، ليتم طرد الشيوعيين ، المنتخبين ، من الجمعية التاسيسية عام 1965 م ، مما يعد انقلاب على الديمقراطية ، من داخل مؤسساتها ، وضربها في جوهرها ، وهو حق التعبير، وحق التنظيم .. وحين قاوم الاستاذ محمود ، تزييف الديمقراطية ، بسلسلة من المحاضرات ، تحت عنوان " مناهضة حل الحزب الشيوعي السوداني " ، سعت الطائفية والجماعات الإسلامية ،إلى إسكات صوت الجمهوريين، بما عرف بمحكمة الردّة ، التي حكمت بردة الاستاذ محمود ، وإغلاق دور حزبه ، ومصادرة كتبه .. ولكن محكمة الردّة فشلت ، لأن المحكمة الشرعية ، كانت تعمل خارج اختصاصها ، والدستور الانتقالي ، لا يقر الردّة ، لهذا استقلت المحكمة بواسطة الجمهوريين ، لشرح فكرتهم بصورة أكبر، ولنقد المؤامرة والجماعات التي وقفت خلفها.. فسعت الطائفية وجبهة الميثاق الاسلامي لطرح الدستور الإسلامي ، حتى يتمكنوا من اسكات صوت معارضيهم باسم الدين .. وفي عام 1969 م كان الدستور الإسلامي ، مطروحاً للقراءة الثانية ، في الجمعية التأسيسية.. وكانت لجنة الدستور، في مداولاتها شديدة الجهل ، شديدة التخلف ، حتى أنها ذكرت إقصاء كلمتي ديمقراطية ، واشتراكية ، لانهما ( لم يردا في الكتاب والسنة ) !! في ذلك الوقت ، ذاع تصريح من السيد الهادي المهدي ، يقول بان الجمعية اذا لم تجز الدستور ، فان الانصار سيجيزونه بحد السيف .. ولقد تصدى الجمهوريون وحدهم لموضوع الدستور، أو كما سمّوه مؤامرة الدستور الاسلامي المزيف.. وافرد الاستاذ محمود محاضرات في اسبوع مناهضة الدستور الاسلامي . وخرج كتاب "الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين" وكتاب " الدستور الاسلامي .. نعم ولا !!" .. في هذه الظروف التي تتهدد البلاد ، بتحول النظام البرلماني المتعثر، إلى دكتاتورية دينية ، تفرض دستوراً متخلفاً ، يهدف إلى تصفية خصوم الطائفية ، وحلفائها في جبهة الميثاق الإسلامي ، وقع انقلاب مايو 69 ، بمثابة انقاذ للبلاد !! فأوقف مؤامرة الدستور الاسلامي في الجمعية ، ومحاولة فرضها بالسلاح ، التي كانت تدبر في الجزيرة أبا ، ثم انه افلح في ايقاف الحرب التي ظلت مشتعلة منذ عام 1955 بين الشمال والجنوب ، وعجزت كافة الحكومات الوطنية عن ايقافها . أخلص من هذا السرد التاريخي، الى حقيقتين في غاية الأهمية : اولهما ان الجمهوريين ، كانوا قبل مايو ، يطالبون بايقاف الدستور الاسلامي ، وايقاف حرب الجنوب ، وابعاد الطائفية من فرض هذا الجهل بقوة السلاح .. فجاءت مايو وايدت ، عملياً ، هذا الطرح.. فاذا كانت هذه المبادئ هي ثورة مايو ، فان الجمهوريين قد ظلوا مخلصين لهذه المبادئ ، حتى بعد ان تنصل عنها نميري ، واخذ يهدم فيها ابتداء بالتحالف مع الطائفية والأخوان المسلمين، وانتهاء بإشعال حرب الجنوب ، واعلان الدستور الإسلامي ، مرة أخرى .. وثانيهما ان مايو كانقلاب عسكري ، لا يقوم على فكرة ، لم يكن من الممكن للجمهوريين تأييده ، وإنما كان موقفهم في البداية التاييد السلبي ، أي عدم المعارضة أو مساعدة المعارضة ، حتى لا يسقط النظام ، الذي كان بديله الجاهز اسوأ بكثير .. ولقد قرروا ذلك ، في اجتماعهم لتقييم مايو، بعد يومين فقط من قيامها ، وكان مما سجل في ذلك الاجتماع ، الذي عقد بمدينة ودمني ، قول الأستاذ محمود ( أنا كنت متأكد أن الله لن يخلي بين الشعب السوداني ، ومؤامرة الطائفية لتمرير الدستور الإسلامي المزيف ، في سعيها للاستيلاء على السلطة الزمنية والسلطة الدينية .. لكن ما كنت عارف الوسيلة اللي راح يستعملها الله ، في حماية الشعب من المؤامرة دي ، حتى جا نميري ورفاقه من خور عمر فشعرت أن الله استخدمهم في ساعة الصفر، للحيلولة بين الشعب السوداني وبين مؤامرة الطائفية .. لكن ثورة مايو ماها البديل الصحيح عن الطائفية .. نحنا البديل الصحيح لو كنا جاهزين .. ولذلك لن نؤيد مايو تأييد إيجابي ، بل نؤيدا تأييد سلبي ، بمعنى اننا لن نعارضا ، لأن معارضتنا ليها ستذهب في ترجيح كفة الطائفية ، ولو عادت الطائفية ستعود طائفية كلوب .. وعليه سيكون موقفنا من مايو التأييد السلبي، الا اذا تعرضت لمؤامرة الطائفية ، في الوقت داك ، ناييدها نأييد ايجابي ... مايو جات لتكسر شوكة الطائفية وتقلم أظافر الشيوعية ، وبعد ان تؤدي دورها راح تفسد ، وتكون اخطاها واضحة بصورة كبيرة في أخريات أيامها وراح نتصدى ليها بقوة ، فتذهب على أيدينا ) !!
وكان لابد ان يعترض التحالف بين الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي، على حكومة مايو، التي أجهضت برنامجهم .. ولم يتحركوا في اتجاه التوعية ، أو الدعوة إلى المقاومة السلمية ، أو العصيان المدني ، وإنما اتجهوا إلى جمع السلاح ، وبدأوا تدريب الأنصار، بواسطة أعضاء جبهة الميثاق ، من أمثال المرحوم محمد صالح عمر.. ولقد حاول النظام تجنب المصادمة ، وأرسل إليهم القائد أبو الدهب يحمل رسالة للتفاوض ، لكنهم جلدوه ، وأرسلوه في رسالة واضحة ، إلى الحكومة ترفض التفاوض ، وترفض دخول رموز الحكومة ، إلى جزء من أجزاء الوطن .. فكان لابد من المواجهة المسلحة ، ولقد كانت الحكومة أمضى سلاحاً فانتصرت .. ولقد تكونت جبهة للمعارضة ، جمعت بين الاحزاب التقليدية ، وجبهة الميثاق الإسلامي ، وبدأت تعارض من الخارج ، ثم قررت غزو السودان واسقاط النظام في عام 1976!! ولم يكن من المحتمل ، أن يواجههم النظام بغير السلاح ، فدحر الغزو، فما كان من قادته ، إلا أن صالحوا نظام نميري في عام 1977 دون أي شرط ، ودخلوا في داخل الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي ، رغم ادعاءهم الايمان بالتعددية .. ودخل الترابي زعيم جبهة الميثاق ، في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، وادى قسم الولاء لثورة مايو الظافرة ، وبدأ الصراع داخل السلطة بين (القادمين والقدامى ) !! في هذه الظروف طرح الجمهوريون ، ضرورة قيام المنابر الحرة ، ولكن نميري لم يستمع لذلك ، ولم يستطع دعم أشياعه ، الذين كانوا يحاولون وقف التيار القادم ، حتى لا يؤثر على اتجاه الحكومة ، وهو يبطن المعارضة ويظهر المصالحة .. وبعد فترة ، بدأ نميري يتأثربالجماعات الاسلامية ، بدلاً من ان يؤثر فيها ، فعين الترابي مستشاراً له ، فقبل ذلك دون تردد ، ولم يرفض التعاون مع النظام ، الذي قتل أفراد تنظيمه.. وحين استجاب نظام مايو لكيد معارضيه ، الذين ادعوا مصالحته ، اخذ يحطم انجازاته الواحد تلو الاخر ، فبدأ باتفاقية أديس ابابا ، فتنصل عنها ، وسعى الى تقسيم الجنوب ، فبدأ التمرد بمظاهرات رمبيك الثانوية التي تم اغلاقها.. ثم اخذت التنمية تتساقط تحت ضربات الفساد ، وخضع النظام الى البنك و الصندوق ، فرفع الاسعار ، وبدأ في خصخصة السكة حديد ، فاشتعلت المظاهرات .. ثم حل الرئيس الاتحاد الاشتراكي ، واعفى كبار قادة الجيش ، ثم واجه اضراب القضاة في مايو 1983 باعلان القوانين الاسلامية في سبتمبر 1983 . حين رجع النظام الى النقطة التي بدا منها في الواقع السوداني ، نقطة الدستور الإسلامي ، والقوانين الإسلامية ، أخذ الجمهوريون في المعارضة ، بالصورة التي يعلمها الناس حتى حدثت المحاكمة ، والاعتقالات ، والتنفيذ للاعدام .. الذي تكون بسببه التجمع الوطني الديمقراطي واشتعلت المعارضة ، وسقط النظام بعد 76 يوماً فقط !! المهم هنا ، هو حديث الأستاذ محمود في يومية التحري ، والذي قرأ في المحكمة، حيث أكد ان الجمهوريين لا زالوا مع مايو بمعنى تاييد المبادئ ، وان الحكومة قد انحرفت عن مسارمبادئ ثورة مايو ، وسنظل نحن مع تلك المبادئ ، التي رفعناها حتى قبل قيام ثورة مايو، لأنها في رأينا السبيل في المرحلة لتوعية الشعب ..
هذا هو موقف الجمهوريين من مايو، فهل يستطيع وقيع الله ، تشويهه باستجداء عواطف الأنصار، وظنه بأنه يستعديهم على الجمهوريين، بقوله (ما هو السلاح الذي استخدم ضد الانصار ولم يعترض محمود على استخدامه بل اقره ووافق عليه وبدا كانه يحرض على المزيد منه .... انه ليس سوى سلاح الطيران الرهيب الذي اجتلب من الخارج وتم به حصد الالوف المؤلفة من جماهير الانصار الاطهار ...) ؟! فاذا كان وقيع الله ، صادقاً في تأثره لضرب الجزيرة أبا ، فلماذا لم يعترض على تنظيمه حين صالح نميري ، ودخل في حكومته ، بعد كل ما جرى للأنصار؟! بل دخل في الحكومة بعد حرب عام 1976م ، التي قتل فيها اعداداً من اعضاء الاتجاه الإسلامي ، في مجزرة دار الهاتف ،وصالح الترابي النظام ، وعين فيه ، قبل أن تمحى دماء أعضاء تنظيمه ، من حائط دار الهاتف ؟! هل منع وقيع الله دخول الترابي في النظام الذي قتل الانصار والاخوان المسلمين ، من أن يخرج كتاباً يدافع فيه عن سقطاته ؟! أم أنها المزايدة التي لا علاقة لها بالصدق والحق ؟!

خاتمة
أما بعد ، فلقد يلاحظ القراء الكرام ، أنني نأيت بجانبي صفحاً ، وأعرضت عمداً ، عن مجاراة وقيع الله في مهاتراته .. ولكنني رغم ذلك ، واجهته بعبارات ، وحقائق مؤلمة ، ما كنت فيها من المتكلفين، وإنما أرجو أن أكون مترسماً التوجيه الإلهي ( وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ) .. ولم تكن حالة وقيع الله غريبة ، وإنما هي حالة نمطية ، لمئات الإسلاميين ، الذي كنا نحاورهم ، حين كنا طلاباً في جامعة الخرطوم ، وكانوا يتهجمون على الفكرة الجمهورية ، دون أن يطلعوا عليها ، أو يقفوا عند تفاصيلها .. ولكن الغريب في أمر وقيع الله ، انه يحمل شهادة ماجستير، وشهادة دكتوراه في الدراسات الصينية ، ويقوم الآن بتدريس الدراسات الإسلامية في جامعة أمريكية ، ولم يسعفه كل ذلك ، ليتجاوز، ولو قليلاً، مستوى طلاب الاتجاه الإسلامي في الجامعات !!
ومع ذلك ، فاني لا أحقد على وقيع الله ، وأتمنى أن يوفقه الله ، ليجتهد في فهم الفكرة الجمهورية ، وربما كان الاجتهاد المطلوب منه ، هو مجرد الصبر عليها .. فمن يدري ؟ فقد يتضح له حقها ، مثلما اتضح له باطل الترابي ، الذي ما كان يظن ، حين دافع عنه ، انه سيأتي عليه زمان ، يتهمه فيه ، بالخروج من الدين !!

http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147508329&bk=1
..

Post: #74
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Mohamed Doudi
Date: 12-04-2006, 11:32 AM
Parent: #73

Quote: وقع انقلاب مايو 69 ، بمثابة انقاذ للبلاد !! فأوقف مؤامرة الدستور الاسلامي في الجمعية ، ومحاولة فرضها بالسلاح ، التي كانت تدبر في الجزيرة أبا ، ثم انه افلح في ايقاف الحرب التي ظلت مشتعلة منذ عام 1955 بين الشمال والجنوب ، وعجزت كافة الحكومات الوطنية عن ايقافها . أخلص من هذا السرد التاريخي، الى حقيقتين في غاية الأهمية : اولهما ان الجمهوريين ، كانوا قبل مايو ، يطالبون بايقاف الدستور الاسلامي ، وايقاف حرب الجنوب ، وابعاد الطائفية من فرض هذا الجهل بقوة السلاح .. فجاءت مايو وايدت ، عملياً ، هذا الطرح.. فاذا كانت هذه المبادئ هي ثورة مايو ، فان الجمهوريين قد ظلوا مخلصين لهذه المبادئ ،


تبرير ينم عن عدم ايمان بالديمقراطيه وحق الاكثريه فى التشريع وقراه غير امينه للتاريخ لان حزب الامه اذا اراد ان يحدث انقلابا انذاك فلسيت هنالك قوه تستطيع ان تحول بينه والانقلاب ولكن حرص الامه على تمكين الديقراطيه وايمانه الغير محدود بان النظام الديقراطى الانتخابى هو الاسلوب الاوحد والافضل للتداول السلمى فى دوله مثل السودان وايضا لم تكن لحزب الامه الاغلبيه النيابيه انذاك بل توافقت معظم القوى البرلمانيه على تبنى مسوده الدستور والتى لم تحجر العمل السياسى ولم تحظر نشاط الحزب الجمهورى حتى يؤيد مايو ولا الحريات العامه. نعم لقد ايد الجمهوريون مايو لانها صادفت شىء فى هواهم لان الجمهورين كانوا ضد راى الاغلبيه فى اختيار دستور ولذا لابد من اسكات الاغلبيه النيابيه باى شكل وقد كانت مايو وماادراك مامايو والتى قدرت بالجمهورين بعد شهر عسل قصير.

لقد اوقفت مايو الحرب بالمواصله فى تبنى توصيات لجنه الاثنى عشر ومؤتمر المائده المستديره ولكنها خرقت نفس الاتفاق الذى وقعته بعد اقل من اربعه سنوات مما ادى لقيام حركه اشرس من الاولى وفقد الاخوه من الجنوب الثقه فى اى حكومه شماليه مهما كان المسمى

دودى

Post: #75
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: عوض محمد احمد
Date: 12-05-2006, 07:01 AM
Parent: #74

الاخ ياسر
أشكرك على إيراد مقال الاخ الدكتور القراى. و حقيقة بعد كل النقاشات في هزا البوست أرى ان مقال القراى يجلى بعض جوانب الغموض في موقف الجمهوريين من نظام مايو و حقيقة اجدنى الآن أكثر تفهما له من زى قبل. لا أمل البتة من إبداء تقديري للفكر الجمهوري و أرى انه قد حيل بينه و بين الوصول بصورته الأصيلة إلى قطاعات كبيرة من شعبنا إما بسبب تسلط الأنظمة و من يشايعها من جماعات الهوس، أو بسبب قصور في بعض تقنيات الخطاب الجمهوري.
بيد ان لدى ثمة ملاحظات على مجمل الخطاب الجمهوري خصوصا في محاوراتهم مع الآخرين:
1. يتجنب الخطاب الجمهوري الرد بصورة لا لبس فيها على بعض ما يورده الخصوم من ترهات مثل رفع التكاليف عن الشهيد الاستاذ محمود محمد طه.
2. ان روح الفكر الجمهوري (كما أراها) هو التجديد الزى وردت خطوطه العريضة في مؤلف الاستاذ عن الرسالة الثانية. لا أدرى لما لا يركز الكتاب الجمهوريون على ما يزخر به هزا التجديد المبارك من وعود طيبة مثل الدفاع عن قيمة الحرية و رفع لواء حقوق المرأة عاليا و احترام آدمية الإنسان.
3. بعض الكتابات (خصوصا كتاباتك آخى ياسر) تجنح إلى الدفاع بصورة سافرة عن مجمل التجربة المايوية بدلا من التركيز على شرح ملابسات موقف الجمهوريين منها دون الوقوع في فخ مناصرة نظام دكتاتوري كما فعل الدكتور القراى و بدا أكثر إقناعا خصوصا لأناس معادين لمايو.
4. أرى ان هناك ما يشبه التعميم في النظر إلى ما تسمونه في أدبياتكم بالطائفية و أرى ان الموقف الشديد العداء تجاهها من قبلكم قد يكون غير مفهوم. الطائفية أكثر تقدما من القبلية. ان قصارى ما وصل له "الطائفيون" في ايزاء الجمهوريين هو حكم محكمة شرعية غير مختصة، حكم أشبه بالفتاوى، لا يترتب عليه ضرر و لا يجلب نفعا، بينما اهرق النظام(غير الطائفي) دم واحد من أعظم مفكري العصر الحديث (الاستاذ محمود). يغض الخطاب الجمهوري النظر عن إسهام الطائفية في تحقيق الاستقلال و في و الحفاظ على وحدة البلاد من خلال تجميع مجموعات فبلية و جهوية كثيرة في كيانين كبيرين. ان الموقف المعمم من "الطائفية"، على سبيل المثال، قد منع فرصة حوار حقيقي مع مفكر كبير مثل الإمام الصادق المهدي تزخر كتاباته بكثير من الأفكار و الاجتهادات الجريئة و المعتدلة.
5. ألاحظ غياب اى محاولة جدية للنظر أو مراجعة اجتهادات الاستاذ. بحلول 18 يناير القادم سوف تفصلنا 22 عاما عن استشهاده و هي فترة كافية لزيارات أخرى لأفكاره، بالطبع بغرض تطويرها و مقابلة ما استجد من قضايا. يزعم البعض (و ليسوا كلهم من الخصوم) ان كتابات و اجتهادات الاستاذ تمثل خطا احمر أمام الجمهوريين لما تكتسبه من قداسة و أرجو ألا يكون هزا التحليل صحيحا، لأنه ازا صح فانه ليس سوى إعادة إنتاج للطائفية التي انفق الاستاذ عمره في حربها.

Post: #76
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 12-05-2006, 11:32 AM
Parent: #75

عزيزي الأخ عوض،
تحية المودة
أشكرك على التعليق والتواصل.. أثناء كتابتي للمداخلة أدناه رأيت مداخلتك..

Re: اول مقال للطاهر ساتى بعد عودته من محنته وسجنه ......

ومناسبة وضعها لك هنا هي أنك تصف نفسك بالعلماني وتنادي بالعلمانية.. وأنا أسميها الدولة القائمة على الدستور والقانون العادل.. والآن إلى بعض نقاطك..


قولك:
Quote: أشكرك على إيراد مقال الاخ الدكتور القراى. و حقيقة بعد كل النقاشات في هزا البوست أرى ان مقال القراى يجلى بعض جوانب الغموض في موقف الجمهوريين من نظام مايو و حقيقة اجدنى الآن أكثر تفهما له من زى قبل.

الحمد لله وهذا هو المطلوب.. وصدقني أن ما قاله الأخ القراي هنا هو ما كان يردده في أركان النقاش بجامعة الخرطوم في ذلك الوقت..

قولك:

Quote: بيد ان لدى ثمة ملاحظات على مجمل الخطاب الجمهوري خصوصا في محاوراتهم مع الآخرين:
1. يتجنب الخطاب الجمهوري الرد بصورة لا لبس فيها على بعض ما يورده الخصوم من ترهات مثل رفع التكاليف عن الشهيد الاستاذ محمود محمد طه
.
أؤكد لك بأن الجمهوريين لا يتجنبون الإجابة على هذا الموضوع.. لا في الماضي ولا الآن.. إيه رأيك تسمع كلام الأستاذ نفسه في هذا الخصوص:
http://alfikra.org/talk_page_view_a.php?talk_id=13&page_id=1
ولا بأس من نقل سؤالين مباشرين وإجابة الأستاذ محمود عليهما اختصارا لنقر الماوس خاصة إذا كانت الشبكة بطيئة.


Quote: ماذا يقول الأستاذ عن الصلاة كوسيلة وليست غاية ؟

الأستاذ: الصلاة أعظم عمل العبد ، أعلي العبادة اللفظية قولك "لا إله إلا الله" وأعلي العبادة العملية "الصلاة" ، وقد جمعن هذه في العبارة القرآنية "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه" ، فالكلم الطيب "لا إله إلا الله" والعمل الصالح علي قمته الصلاة وكما سبقت الإشارة في إجابة سابقة أن الفرد هو وحده الغاية من جميع السعي من إنزال القرآن وإرسال الرسول وتشريع الشريعة، والصلاة الشرعية المعروفة عندنا في الدين بهيئتها وأوقاتها هي أكبر وسيلة لتوصيل الفرد إلي مقام حريته ، والصلاة تقع علي مستويين كلاهما ورد في الحديث: "الصلاة معراج العبد إلي ربه" .. وهذه هي الصلاة الصغرى التي جاء بها جبريل إلي النبي في مكة. جاءه بأوقاتها وبهيئة وضوئها وبهيئة أدائها. "والصلاة صلة بين العبد وربه" وهذه هي الصلاة الكبرى التي لم يكن جبريل حاضرها لحظة فرضها. كلا مستويين الصلاة وسيلة كما قررنا ، ولكن وسيلة الصلاة الكبرى اقرب إفضاء إلي الغاية ذلك لأن بها تتم الشريعة الفردية.
الصلاة الصغرى هي تكليف النبي بالأصالة وتكليف الأمة بالتبعية والتقليد ، فالنبي فيها أصيل والأمة فيها مقلدة له. هي وسيلة إذا أحسن التوسل بها وذلك بإتقان تقليد النبي. توصل إلي الصلاة الكبرى وذلك بسقوط التقليد وقيام الأصالة. والنبي الكريم هو داعي الصلاة الصغرى بقوله ، وعمله .. وهو داعي الصلاة الكبرى بقوله ، وعمله ، وحاله. فإذا سار المقلد بإتقان فإنه يصير إلي حال يشبه حال النبي من صدق التوجه إلي الله وحضوره معه وفراغ باله عما سواه وهذه الحال هي الأصالة في مقابل التقليد.. فالتقليد المتقن يفضي إلي الأصالة وهذا ما نقول به .. نحن لا نقول بإسقاط الصلاة ، وإنما نقول بإسقاط التقليد حتى يفضي إلي الأصالة ويسقط التقليد .. وتقوم الأصالة تأسيا بالنبي الكريم .. وعند الأصالة يأخذ الأصيل صلاته بلا واسطة .. فهو إذن علي صلاة ولكن شريعته فيها شريعة فردية وليست شريعة جماعية.

نسب إليكم (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر و أنا لا أفعل الفحشاء والمنكر لذلك لا أصلي) ما رأيكم ؟

الأستاذ: فالقول المنسوب لي بأني قد إنتهيت عن الفحشاء والمنكر ولذلك لا أصلي ، قول خطأ .. جاء من عدم الدقة في فهم ما أقول. فإن غرض الصلاة ليس فقط أن تنهي عن الفحشاء والمنكر وإنما غرضها الأعظم من هذا ، والأبعد مدى هو الذي يجعلها لا غنى عنها لأحد ، إنما هو إنشاء العلاقة بين العبد والرب وهى علاقة دائما وأبدا "سرمدية" تحتاج إلي إعادة ومراجعة.


قولك:
Quote: 2. ان روح الفكر الجمهوري (كما أراها) هو التجديد الزى وردت خطوطه العريضة في مؤلف الاستاذ عن الرسالة الثانية. لا أدرى لما لا يركز الكتاب الجمهوريون على ما يزخر به هزا التجديد المبارك من وعود طيبة مثل الدفاع عن قيمة الحرية و رفع لواء حقوق المرأة عاليا و احترام آدمية الإنسان.

الجمهوريون الذين يكتبون يفعلون ما تقوله.. مجرد عمل موقع لكتب الأستاذ محمود هو بسبيل من هذا التركيز.. ولولا أن الحيز يضيق لأوردت لك تعليقات الزائرين للموقع.. وقد كان لهذا المجهود أثره الكبير في ظهور ترجمة كتاب "الرسالة الثانية" للغة الفرنسية واللغة الإيطالية بجانب اللغة الانجليزية التي قام بها الدكتور عبد الله النعيم.
قولك:

Quote: 3. بعض الكتابات (خصوصا كتاباتك آخى ياسر) تجنح إلى الدفاع بصورة سافرة عن مجمل التجربة المايوية بدلا من التركيز على شرح ملابسات موقف الجمهوريين منها دون الوقوع في فخ مناصرة نظام دكتاتوري كما فعل الدكتور القراى و بدا أكثر إقناعا خصوصا لأناس معادين لمايو.

أنا أرحب جدا بالنقد وخصوصا عندما يأتي من شخص يقدر الأستاذ محمود ويحترمه.. ولكني أؤكد لك بأنني لا أدافع عن مجمل التجربة المايوية، وإنما أحاول بالفعل شرح ملابسات موقف الجمهوريين.. ولذلك أستعين بكتابات جمهوريين آخرين وأبرزها في المنبر.. ولكن لو لاحظت فإن كتابة الأخ القراي الأخيرة لم تختلف إلا في بعض التفاصيل عن كتابته التي نقلها الأخ عمر عبد الله في مداخلة هنا بعاليه، كما نقلها قبله الإبن قصي في مداخلة في بوست الإبن خالد بحر. وكل هذه المداخلات أفيد منها كثيرا في إتمام كتابي الذي هو تحت الإعداد عن "قراءة في حياة وفكر الأستاذ محمود وعصره في السودان" ومسألة موقف الحركة الجمهورية من نظام مايو هو باب كبير في هذا الكتاب..

قولك:

Quote: 4. أرى ان هناك ما يشبه التعميم في النظر إلى ما تسمونه في أدبياتكم بالطائفية و أرى ان الموقف الشديد العداء تجاهها من قبلكم قد يكون غير مفهوم. الطائفية أكثر تقدما من القبلية. ان قصارى ما وصل له "الطائفيون" في ايزاء الجمهوريين هو حكم محكمة شرعية غير مختصة، حكم أشبه بالفتاوى، لا يترتب عليه ضرر و لا يجلب نفعا، بينما اهرق النظام(غير الطائفي) دم واحد من أعظم مفكري العصر الحديث (الاستاذ محمود). يغض الخطاب الجمهوري النظر عن إسهام الطائفية في تحقيق الاستقلال و في و الحفاظ على وحدة البلاد من خلال تجميع مجموعات فبلية و جهوية كثيرة في كيانين كبيرين. ان الموقف المعمم من "الطائفية"، على سبيل المثال، قد منع فرصة حوار حقيقي مع مفكر كبير مثل الإمام الصادق المهدي تزخر كتاباته بكثير من الأفكار و الاجتهادات الجريئة و المعتدلة.

موقف الأستاذ محمود والجمهوريين من الطائفية سابق لمهزلة محكمة الردة بزمن طويل، وعلى العموم فموقفهم منها ليس سببه عداء مع الطائفية أو لدور الأخيرة في تلك المؤامرة المهزلة، برغم خطورتها.. وما جاء في كتب الجمهوريين عن الطائفية أملته مواقف الطائفية نفسها، وقبل ذلك أملته مصلحة الشعب السوداني التي يثمنها الجمهوريون كثيرا، حتى ولو غابت هذه الحقيقة عن كثير من أفراد الشعب، نتيجة للتضليل ونقص المعلومات.. ومصير الحقيقة أن تظهر، طال الزمن أم قصر.. وليس صحيحا أن هناك عداء أو تحاملا وإنما هو نقد بناء ولكنه بصدق شديد وبدون مجاملة.. ونعم الطائفية صيغة متقدمة على القبلية ولكن قسمة السودان الشمالي بين الطائفتين الكبيرتين بسبب ما حدث في المهدية قاد إلى تبديد طاقات السودانيين الشماليين وأعاق التطور الحزبي كثيرا.. والجمهوريون حفظوا لرجال الحكم الوطني من الطائفتين جهدهم في تحقيق الاستقلال.. فقد جاء في كتاب "معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية خلال ثلاثين عاما 1945 ـ 1975" الجزء الثاني ما نصه:

Quote: ثورة أكتوبر
لقد ثار الشعب على الحكم العسكري وأسقطه في أكتوبر عام 1964م وتكونت حكومة أكتوبر الأولى.. وقد أنيط بها المضي في تحقيق ما نادت به الثورة من شعارات الإشتراكية والديمقراطية وعزل الطائفية..
وقد كان تقويم الجمهوريين لثورة أكتوبر أنها ثورة مجيدة، وهي، على عظمتها، تمثلت في الجانب العاطفي فقط، وينقصها الجانب الفكري، ولقد نبه الجمهوريون إلى إمكان الإرتداد إلى عهد ما قبل الحكم العسكري، عهد سيطرة الأحزاب الطائفية، ومن بيانهم في هذا الصدد المنشور بتاريخ 12 نوفمبر 1964م بجريدة "السودان الجديد" نقتطف هذه الفقرات:
(إن ما وفق إليه هذا الشعب الكريم، من تمام الوحدة وسلامة الفطرة، وصلابة العود، وسداد الرأي في مقاومة الحكم العسكري لهو مثل يحتذى، وعلى كل حال مثل تقل نظائره في التاريخ.
ونحن الآن نعيش في نشوة الظفر، وما ينبغي لنا أن نذهل عما ينطوي عليه الموقف من جلائل العبر.. إن الحكم العسكري سيء، من حيث هو عسكري، ولا يجد له ما يبرره على الإطلاق إلا أمراً واحداً هو قصور الشعب الذي يخضع له، وعجزه عن حكم نفسه بأساليب الكرامة والشرف. ولقد تعرضنا لهذا العجز المهين في ساعة من ساعات تاريخنا القصير في ممارسة حكم أنفسنا، حتى استهدفت البلاد للنفوذ الخارجي حين باع نوابنا أنفسهم لمن يدفع أكثر، وأصبحت حكومتنا الدستورية معرضة للسقوط غداة فتح البرلمان.. ولمصلحة من سقوطها؟؟ لمصلحة الدولة التي تقدمت بدفع ثمن النواب على أيدي ساسة يعرفهم الناس جيداً..
ما ينبغي أن نذهل في نشوة الظفر بإسقاط الحكم العسكري عن حقيقة هامة وهي أن هذا الحكم جاء في ساعة رهيبة كان فيها بمثابة إنقاذ للبلاد من النفوذ الخارجي الذي مكن له فشل قادة الأحزاب. إننا إن ذهلنا عن هذه الحقيقة نكون حريين أن نتورط في نفس الخطأ الذي جعل الحكم العسكري على سوئه بمثابة إنقاذ للبلاد.. وما ينبغي أيضاً أن نفهم من هذه العبارة، أن قادة الأحزاب رجال شريرون، قليلو الوطنية.. بل على النقيض، فإنهم رجال طيبون شديدو الوطنية، ولكنهم لا يملكون فلسفة الحكم التي تعصمهم عن الخطأ، وتجعلهم قادة للشعب عن كفاية ومقدرة.. وظاهرة إنعدام فلسفة الحكم ظاهرة اتسمت بها حركتنا الوطنية منذ فجرها الباكر، وكثيراً ما نعاها عليها الحزب الجمهوري في كتاباته المستفيضة. والآن فإن الخطر ماثل.. وهو ماثل في صعيدين.. الصعيد الأول أن الأحزاب، وقد علمت شدة كراهية الناس لماضي حكمها، ستعود تحت تكتلات جديدة، وبأسماء جديدة، وستتبنى شعارات جديدة في عبارات منمقة ومزينة بفنون الصياغات الفنية. ولكنها في حقيقتها، ما هي إلا الخواء القديم، ونحن نخشى أن كثيراً من الناس سينخدع لهذا المظهر الكاذب، ونعلم أن قادة الأحزاب أنفسهم سينخدعون له.. ولا عاصم للناس من أن ينخدعوا إلا إذا علموا أن فلسفة الحكم عند الأحزاب لا تهبط عليها فجأة، وإنما هي امتداد لفلسفة قادتها، ونظرتهم للحياة، وأخلاقهم، وميزان القيم عندهم، في معيشتهم اليومية. فالقادة المحبون للرئاسة، الكلفون بالتسلط، الفرحون بالجاه والثروة، لا يمكن أن يعطوا أحزابهم فلسفة حكم صالحة.. "فأنت لا تجني من الشوك العنب")


وجاء في الجزء الأول من نفس الكتاب هذه الفقرة:

Quote: دور الحركة الوطنية في نيل الاستقلال
اننا ونحن نسجل هذه الشذرات من تاريخ الجمهوريين ، نلاحظ أن الحركة الوطنية قد ووجهت من الجمهوريين بالنقد القوي ، بل العنيف أحيانا ، لما رأوا من تراخيها في مواجهة الانجليز ، وانعزالها عن الشعب ، مما أوجد فراغا في ميدان الفكر بصفة عامة ، وفراغا في ميدان الحماس بصفة خاصة ، فكان لابد للجمهوريين من أن يملأوا ، في ذلك الوقت ، فراغ الحماس ، ويستنهضوا الحركة الوطنية لتتجاوب معهم .. ومن هذا المنطلق كان مايصدر منهم من كلمات يتسم بالصلابة والمواجهة الحاسمة ولكن لم يغب عن بالنا ، نحن الجمهوريين ، وماينبغي أن يغيب عن بال أحد ، أن رجال الحركة الوطنية الآخرين قد أدوا دورا مقدرا في سبيل جلاء الاستعمار ، وفي اتمام السودنة ، وإقامة أول حكومة سودانية بعد الاستقلال .. فان الدور الذي قام به رجال مثل السيد علي الميرغني ، والسيد عبدالرحمن المهدي ، وأعوانهما من السياسيين ، دور كبير..

ان صلات فريق منهم ، وهم الاتحاديون ، بمصر ، وصلات الفريق الآخر ، وهم الاستقلاليون ، ببريطانيا ، قد أذكت روح المنافسة بين دولتي الحكم الثنائي ، وساعدت كثيرا على الاتفاق الذي تم في القاهرة ، عام 1953 ، اذ اتفقت كلمة الاحزاب السودانية ، اتحادية ، واستقلالية ، على قبول اقامة الحكم الذاتي واجراء الاستفتاء على مصير السودان : استقلالا أم اتحادا مع مصر .. وقبلت ، من ثم ، حكومتا مصر وبريطانيا مااتفق عليه السودانيون .. ولما قامت الحكومة الانتقالية استطاع السودانيون أن يختصروا الأمر ، فلم يحتاجوا الى اجراء الاستفتاء الشعبي على مصير السودان وانما اتفقت الاطراف المختلفة ، وأعلنوا الاستقلال من داخل البرلمان ، في أول يناير 1956م .. هذه هي فضيلة الحركة الوطنية .. ولكن الجمهوريين كانوا يرشحونها للاضطلاع بدور أعظم مما قامت به .. كانوا يريدونها أن تتجه الى الشعب فترشّده وتفك اساره من قبضة النفوذ الطائفي الذي لايزال يعاني منه حتى اليوم .. وكان الجمهوريون يريدون اختصار التجارب وقطع الطريق أمام محاولات الحكم الفاشلة .. ولكن وقد وقع ماكان يحذره الجمهوريون فلا ضير ، فان التجارب تعجم عود الشعب وتورثه الحكمة ، وتهديه الى الصواب ..


وكنت قد أوضحت في مداخلاتي بعاليه، وبما أوردته من كتابات المحللين والمؤرخين المرموقين كيف قامت الأحزاب السودانية بالتنكر للعهد الذي أعطوه للجنوبيين بمنحهم الفيدرالية، كما أنهم لم ينصفوهم في أن يكون لهم نصيب جيد من الوظائف التي خلت في عملية السودنة، خاصة في جنوب البلاد، وكانت هذه واحدة من أفدح الأخطاء التي قادت إلى تعقيد مشاكل السودان.. كما أنني قد أوضحت كيف أن الحزبين الطائفيين المتنافسين كانا يكيدان لبعضهما البعض في التعامل مع قضية جنوب السودان..

وأتفق معك على أن السيد الصادق المهدي فعلا "تزخر كتاباته بكثير من الأفكار والاجتهادات الجريئة والمعتدلة".. وأنا أرجو أن يتفهم السيد الصادق، ومثقفي حزب الأمة عموما، ما قال به الجمهوريون منذ قبل قيام نظام مايو في كتابهم "أسس حماية الحقوق الأساسية" [مارس 1969]، والخطوط التي انتقدوا على أساسها ما عرف بـ "تعديل القوانين لتتماشى مع الشريعة الإسلامية" بعد المصالحة الوطنية، وما نادوا به من ضرورة الإلغاء الفوري لقوانين سبتمبر بعد أن قام نميري بفرضها في عام 1983.. والآن الفرصة لا تزال مفتوحة أمام حزب الأمة أن يطالب بإلغاء قوانين الحكومة الترابشيرية كأول خطوة لإثبات الجدية في إتباع القول بالفعل في تحمل الأفكار والاجتهادات الجريئة والمعتدلة.. وهنا لا بد من الإشادة بموقف السيد الصادق المهدي المؤيد لدخول قوات الأمم المتحدة لحماية المدنيين في دارفور وحمل الحكومة على احترام التعددية السودانية وحقوق الإنسان الأساسية، وضرورة الالتزام بالتحول الديمقراطي الذي نصت عليه اتفاقية السلام..

قولك:

Quote: 5. ألاحظ غياب اى محاولة جدية للنظر أو مراجعة اجتهادات الاستاذ. بحلول 18 يناير القادم سوف تفصلنا 22 عاما عن استشهاده و هي فترة كافية لزيارات أخرى لأفكاره، بالطبع بغرض تطويرها و مقابلة ما استجد من قضايا. يزعم البعض (و ليسوا كلهم من الخصوم) ان كتابات و اجتهادات الاستاذ تمثل خطا احمر أمام الجمهوريين لما تكتسبه من قداسة و أرجو ألا يكون هزا التحليل صحيحا، لأنه ازا صح فانه ليس سوى إعادة إنتاج للطائفية التي انفق الاستاذ عمره في حربها.


أعتقد أن النقاش سيكون أكثر تحديدا لو قلت لي أنت ما هي اجتهادات الأستاذ محمود التي تحتاج إلى مراجعة..
ولك شكري ومودتي..

ياسر

Post: #77
Title: Re: لما ذا لا يقدم الجمهوريون نقدا ذاتيا لتجربتهم مع نظام مايو؟
Author: Yasir Elsharif
Date: 12-05-2006, 08:45 PM
Parent: #76

عزيزي عوض،

أرجو أن تسمح لي بوضع هذه المداخلة في هذا البوست هنا:

Re: ويبقى الخازوق خازوقاً!!! قولوا رأيكم ولا تدفنوا رؤوسكم في الرمال!!!!

ياسر