مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!

مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!


12-06-2005, 07:56 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=85&msg=1135719355&rn=39


Post: #1
Title: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-06-2005, 07:56 AM
Parent: #0

ورد هذا المقال بصحيفة (الحياة السياسية) يوم الأحد الرابع من شهر ديسمبر 2005م العدد رقم (946) ... ولكاتبه أسلوبه الممتع في الكتابه ... ولكن ...
سنناقش مارورد مع الأخوة بسودانيز أون لاين لنرى ...

ولنا عودة ....


Quote: معادلات
علي يس
الغلاظ

العددان الاخيران من مجلة اوراق جديدة تضمنا= الي جانب مادتهما الغنية وديباجتيهما الذكيتين = تضمنا ثلاثة حوارات مع ثلاث شخصيات منسوبة الي الادب فجاءت احاديثهم لتذكرنا بحكمة الامام عليه السلام:" المرء مخبوء تحت لسانه، وقولة حكيم لاحق:" تكلم يابني لاراك".
* عبد القادر الكتيابي تكلم، فراينا علماً وعالماً،ومبدعاً كبيراً ( وكنت قبلها اشهد انني ما رايت اشعر من هذا الفتي فاذا به في نثره ، صاحب فكر ورؤية وبصر وبصيرة!!
* انا ما قلت شيئاً بعد حتى الان تردك الي رفق المتصوفة وتوضع العلماء وشفافية المبدعين الكبار حين تقري عنه هذه الكلمة ( التي هي بالاصل ، شطر من احدي قصائده) حين تقرها مقرونة الي رويته البصيرة في موضوع النشر الالكتروني الذي يحيلك الي اناس اجازوا انفسهم كتاباً او شعراء، يملون مواقع الشبكة العنكبوتية بكثير من السخف ويزعمون انهم قالوا كل شئ ولديهم المزيد، حين تفعل ذلك لن يفاجئك في العدد التالي من اوراق جديدة الحوار الذي اجري مع شخص انتهب لنفسه حق توصيف نفسه بانه كاتب كبير، بل وشخصية لامعة كما اكد هو في الحوار ..!!! وكان سبب كونه كاتب عظيماً وشخصية لامعة هو انه عرف كيف يدس اعماله علي صفحات بعض المواقع المستباحة علي الانترنت وذلك علي حد قوله بعض ان حاصرته زبانية الرقابة في السودان وخارج السودان وصكت علي مخطوطاته الرفيعة اختامها الجائره التي تقول غير صالح للنشر !! ومفارقة عجيبة لعلها تحسب في باب اللفتات الذكية لفريق اوراق جديدة هي ان العدد الاخير ذاته يتضمن حوار مع الشاعر الشفيف والمثقف الكبير التجاني سعيد والذي طوي نفسه بين الكتب في عزلة بصيرة او قل رفقة بصيرة مع جلساء المتنبي خير جليس في الزمان كاتب ولا يسعك الا التبسم حين تقري قوله اتحشم حتى لا اكشف فخذي بين الكتب وذكاء الفته الذي اعنيه هو شخوص المفارقة بين مبدع يعرف ابداعه الجميع وتطالبه وسائل الاعلام والشهرة والذيوع فيردها جميعاً بعفة العلماء ثم لا يكتفي بالانزواء بين كتبه حتى يتحشم بينها!1 وبين اخر ينسب نفسه الي الابداع لا يعرفه الا ثلاثة اشخاص علي ظهر هذه الكرة شخصه ومحاوره وعيسي الحلو ( ان صحت رواية صاحبنا عنه) ثم لا يكف عن مل القضاء عويلاً ويشكو جميع النقاد العرب تالدهم وجديدهم ( لعله نسي ان القاص العبقري عيسي الحلو هو من جملة هؤلاء النقاد الذين وصفهم بالبكتريا)
وذكاء اللفتة يتجلي اكثر في المقارنة بين مبدع يعتنق مبدأ التحشم بين الكتب ومبدع اخر يكافح التحشم علي صفحات الكتب.
والشفافية محور كل ابداع وجوهر كل مبدع والشفافية تقتضي دائما التواضع وتكافح الزهو الفج والنرجسية البلهاء دون ان تمس اعتزاز المبدع بذاته وعفته عما في قلوب الناس تجاهه وهي بهذا المعني ذاته شاخصة في الحواريين اللذين اجريا مع كل من عبد القادر الكتيابي والتجاني سعيد.
ثم شخصت وتبرجت الغلظة التي هي من ردائف البلادة ( بالمناسبة نقيض الشفافية هو البلادة ونقيض الذكاء هو الغباء الناس يخلطون كثيراً بين البلادة وبين الغباء) شخصت الغلظة في حوار المبدع الثالث في العدد الاخير المبدع الذي كل رصيده حتى رواية رفضوا نشرها في كل البلدان العربية فقام باقحامها عنوة واقتداره في موقع بالشبكة الالكترونية التي لا ضابط بها ولا رقيب شخصت في تقديره او لنقل تقديسه لكتاباته وادعائه السمح بانه من اللامعين.
قلنا يوماً ان المبدع الحقيقي يسعي بلا هواده طوال حياته إلى تاسيس نفسه بالمعرفة لتكون اقصي غاياته ان ينتهي عارفاً وقلنا ايضاً ان نقيض المبدع هو الذي يسعي بلا هوادة ايضاً لتاسيس نفسه بالبهراج والادعاءات لتكون اقصي غايته ان يصبح معروفاً او لامعاً وكم هي بعيدة الشقة بين العارف وبين المعروف.

Post: #2
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-06-2005, 11:03 AM
Parent: #1

...



علي ياسين... كاتب...
إسحاق أحمد فضل الله... كاتب...
اختارا طريق "بوليس الكتابة" لنظام الجبهة،..
يا صديقي علي ياسين، ما فعلته لن تمحوه بمقال ولا مليون، وأعرف أنك تتابعني الحرف بالحرف، لذا سأُغازلك هذا المساء،..
من رجل مثلك يُنتظر نقدٌ لا يشبه نقد "جكس الثانوي"، وهناي دا مغرور خلاص، وغايتو شَكَّتو غياظة كيف! وقميصو داك ووو.... إلخ،..
مسألة يعرفني ثلاثة أشخاص هذه تأتي بعد "..إلخ" المرقونة أعلاه، ليست سوى مرحلة متأخرة قليلاًً عن تفكير بنات الثانوي،..
ما فعلته أنت وصديقك البوليس الثقافي –الآخر- سيبقى، كما بقي ما بين "إيفان غوانتشاروف" و"تورغنيف"، بقي السطو خالداً،..
أنت لن تعرف ما كان بين إيفان غوانتشاروف وتورغنيف، ولا أتوقع أن تكون صديقاً لرجل مثل "بشرى الفاضل" كي يحل لك هذه الأحجية،..
"ما تزعل مني في الحتة دي، بس لأنك إنت ما فاضي من القبض علي الأعمال المجرمة وعدوة المجتمع"،..
ولكن عُد إلى صديقنا "عيسى الحلو" نفسه، العارف الثالث والخاتم، بمحسن خالد، واسأله، سيجيبك،..
هذه غلطة فادحة منك، حين تذكر أنّ –الوليد والشافع، المغمور- محسن خالد، تناوله عيسى الحلو بالقراءة، فهذا يعني أنك وأدت مقالك بيديك، لكي تُنّكر محسن خالد أو أي شخص آخر، في مجال القصة، عليك عدم إيراد أي مقولة خير في حقي/ـه من أحد رجلين "بشرى الفاضل" أو "عيسى الحلو"، لو كنت حصيفاً لما اقتربت من أحد الرجلين أبداً،.. هذه نصيحة لتستفيد منها في تجهيل الناس ومحوهم مستقبلاً،..
بعدين ياخي إنت من زمن الرواية –الواحدة- الاتفاسلتو لي عليها بالنشر، إنت وصاحبك البوليس التاني داك، وألا دا تمادي في باب "المحو"، خلي عندك ضمير قبل ما يكون عندك تبروقة وقِبْلة صلاة، الضمير هو الوضوء السابق لكي تصح أي صلاة تليه،...

وللمزحة كدا يا صاحبي علي ياسين، بلغتني أخبار الاستبيان الذي أجريته حول شهرة محسن خالد، فامسك الخشب، والجاي أعظم، ويضحك نهاركم يا البواليس،..

تعبان معاي شديد شايفك، أنساني ياخ، ما تضيع نهارك ساي مع النكرات،...


...

Post: #3
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: Eng. Mohammed al sayed
Date: 12-06-2005, 02:14 PM
Parent: #2

Quote: محسن خالد، تناوله عيسى الحلو بالقراءة، فهذا يعني أنك وأدت مقالك بيديك،


بيان بالمنطق

Post: #4
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محمد عيد الله
Date: 12-07-2005, 00:01 AM
Parent: #3

هل المقصود هو محسن خالد؟
عموما لم اتبين اسمه في المقال

Post: #5
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عاطف عبدالله
Date: 12-07-2005, 00:17 AM
Parent: #3

أحساس عارم يدفعني للدفاع عن محسن خالد ، وعن خلق محسن خالد ، وعن أدب محسن خالد وعن معرفتي بمحسن خالد ( كقارئ قبل ان أكون صديق ) .. يعني بختك محسن بقينا أربعة
ولكن ..
هل محسن في حاجة للدفاع عنه
ومن هو متهمه حتى نتصدى له !!!
وما هي تهمته حتى نفندها ؟؟
لكن يا من أخترت المواجهة " هي الحرب إذن "
فشيل شيلتك
وحضر مواعينك
ومحسن خالد سيملؤها لك أدبا لو شئت أو قلة أ....... لو أردت

Post: #6
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-07-2005, 01:01 AM
Parent: #1

الحبيب محسن الخالد
يا أخي كل الذين لا يعرفون نريدهم أن يعرفوا والمعرفة ليست عيب لكنها تبقى كذلك حينما نصر على تغطيتها بـ (البطاطين) ...

محمد عيد الله

Quote: هل المفصود هو محسن خالد؟
عموماً لم أتبين اسمه في المقال


هذا صحيح ولكن توجد ثلاثة حوارات في مجلة أوراق جديدة هي: حوار مع الشاعر عبد القادر الكتيابي، وحوار مع الشاعر التجاني سعيد، وحوار مع الروائي محسن خالد ...
وبما أنه قد ذكر الشاعرين الأولين فقد بقي واحد هو محسن خالد ... إذن فالمقصود هو ..

عاطف عبد الله
مشكور على المرور
أحياناً الحرب تبقى مطلوبة من أجل المعرفة (معرفة القوي من الضعيف) و(معرفة الحقيقة من من غيرها) ....

Eng. Mohammed alsayed
مشكور على المرور

Post: #7
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: nadus2000
Date: 12-07-2005, 02:04 AM
Parent: #6

يبدو أن علي يس يحاول أن يمارس لعبة لم يتعرف حتى على أدواتها ناهيك عن قوانينها،فهو هنا يعتمد الإنشاء و(يرص الكلمات) ويقدمها كبديهيات معلومة بالضرورة (لاحظ ما تحته خط)
Quote: والشفافية محور كل ابداع وجوهر كل مبدع و الشفافية تقتضي دائما التواضع وتكافح الزهو الفج والنرجسية البلهاء دون ان تمس اعتزاز المبدع بذاته وعفته عما في قلوب الناس تجاهه .


Quote: ثم شخصت وتبرجت الغلظة التي هي من ردائف البلادة ( بالمناسبة نقيض الشفافية هو البلادة ونقيض الذكاء .

ثم يحاول أن يشغل قارئه بأن يرمي في وجه بكلام ممجوج آخر يحمل رائحة الإستفزاز للقاريء نفسه كما ورد أدناه:
Quote: هو الغباء الناس يخلطون كثيراً بين البلادة وبين الغباء)


أعود لتكرار نقل هذه العبارة:
[
Quote: هو الغباء الناس يخلطون كثيراً بين البلادة وبين الغباء)

لأتساءل ماذا يسمي علي يس وصف (الناس) أي جميع بنو آدم، بالغباء وعدم قدرتهم على التفريق بين البلادة والغباء، وحيث أنه لم يشرح لنا معايير هذه التفرقة، فليس لي سوى ألا أستثنيه من (الناس الأغبياء).

وبعدين شنو حكاية "الشفافية" العكسها البلادة دي.!!!
الأخ محسن
نحن ننتظر إبداعك، ولتدع الزبد يذهب جفاءاً.
الأخ عبدالله
الأخ عاطف

Post: #9
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عادل ابراهيم عبدالله
Date: 12-07-2005, 02:43 AM
Parent: #6

الاخ عبدالله ابراهيم الطاهر
طيب التحايا
مساهمة منى في الحوار حول المقال (موضوع البوست) ومناقشته هنا على س.اونلاين
أكتفي بنقل مقال يصب في صلب الحوار عن محسن خالد وادب محسن
للكاتب والشاعر/ابوذر بابكر-الروائى محسن خالد -- أسنّة اللغة/الثورة

Quote: دارت ولا تزال منذ مدة، محاورات حول كتابات الروائى "محسن خالد" جرت تحت جسورها مياه كثيرة حملت الورود والجمرات أيضا

آثرت طيلة الفترة الماضية، وكدأبى دائما، الإبتعاد عن "الجبهات الساخنة" بل الملتهبة فيما يتصل بهذا الموضوع، ولكن ظللت أتابع ما يجرى بحرص واهتمام

فمحسن خالد كاتب روائى مبدع يمتلك روح اللغة ويضعها فى كفه، وتأتى الفكرة من لدنه، جميلة حسناء، لكن مع إفراط شديد فى تبرجها
كنت أتمنى أن أمتلك العدة اللازمة والأدوات التامة للغوص فى نقد كتابات "محسن خالد" الإبداعية من ناحية البناء الفنى وتقنيات السرد الروائى وحبكاته الدرامية، والتى هى حتما على أبهى وأزهى ما يكون، لكن ولسوء الحظ، فإن بضاعتنا هى الشعر وما حوى

لكن سوف أحاول ما استطعت قراءة "اللغة" هذا الكائن الحى الجميل، فى كتابة "محسن خالد"، وهى المشكل الأساسى فيما يبدو فى كل ما يدور، أو فى جزء منها على الأقل

فالإتجاه الثقافى الغالب فى مجتمعنا السودانى وما يشابهه من مجتمعات، هو التمسك، وبشدة، بثقافة الماضى الى درجة يعتقد معها أنه بقدر ما يحافظ على هذه الثقافة، يحافظ على وجوده ذاته. ليس هذا التمسك إعتقادا وحسب، بل يتجسد فى الحياة ذاتها وفى كل ما يتصل بالبرامج الثقافية والفكرة، وهو بالتالى يعكس مفهوما معينا للثقافة، معرفة الماضى ومعرفة ما لا يتناقض معه، وهكذا نوع من الفهم والمعرفة يتحدث عنها الذين يمثلونها بنبرة تكاد أن تصل الى درجة التقديس.

هذا فيما يتعلق بالمفهوم الثقافى وما نتج منه من تراكمات معرفية، سلبية كانت أم إيجابية

وما علاقة هذا بالموضوع هنا؟

ربما يكون قد أتى التقديم السالف، ليمهد ولو قليلا للحديث عن اللغة ، وهى ماعون الثقافة والمعرفة الأبدى، عند الكاتب "محسن خالد" وعند غيره من المحبرين، وهى ما يتيح تفكيك ومعرفة الواقع فى شكله الأقصى، جهرا

فاللغة ليست وسيلة تعبير وحسب، وإنما هى كذلك طريقة تفكير، ولكل وضع إجتماعى لغته، فلغتنا السائدة هى لغة أوضاع مجتمعنا السائدة، وهى بالقطع أوضاع مختلفة وبذلك تكون اللغة مختلفة ايضا وعلى جميع المستويات

الفهم التقليدى المجتمعى السائد للغة، يكرس مفهوم أنها لغة بيانية، صنعية، زخرفية، فالمجتمع يستهلك اللفظة كمتعة فردية، لذا وبهذه الطريقة تفقد اللغة حيوية الإبداع فيها وحرارة الحياة، وتتحول الى ما يشبه الركام
فاللغة السائدة المتجمدة، لا تمجد لحظة الفعل، بل لحظة الكلام، لا لحظة الإنتاج، بل لحظة الإستهلاك

ومجتمعنا على سبيل المثال، وهو هنا يلعب دور المتلقى المباشر، مع أى مجتمع آخر يمكن أن تصله كتابة "محسن خالد" ايضا، ويتلقى الصدمة اللغوية على وجهه دون ساتر يحميه، فقد تم نزع ذلك الساتر بشكل عفوى تلقائى فى أغلب الأحيان، وبشكل متعمد فى أحيان قليلة، وفى الحالتين كانت وسائل النزع لا تخرج عن، السائد من عرف وتقليد، دين ومعتقد، تراث، وقناعة أو فهم فردى شخصى
فالعرف أو التقليد السائد مثلا، هو فعل تراكمى تعارف المجتمع واتفق على قبوله أو رفضه، ثم تنميته وتغذيته بالفعل اليومى العفوى، واللغة هنا تلعب الدور الحيوى الكبير، لفظا كانت أو قراءة، فقراءة الموروث أو تعلمه لا تولد الوعى المحايد فى أغلب احيانها، بل تكرس المقروء وتسكنه فى وعى القارئ وفى لا وعيه ايضا خاصة حين يكون الدافع هو الإنحياز المسبق لما ستتم معرفته
فإن كان المقروء عن تراث مرغوب مثلا، فستتمثل ثقافة ذلك التراث وتشخص ويتم ترجمتها فعليا الى فعل وقول تقليدا ومحاكاة، أى أن الأمر لن يتعدى النقل أو التحريك ميكانيكيا من وقت الى وقت جديد آخر، لن يكون هناك هم للإبتكار أو التحديث، فالذى يكتفى بالنقل والتشبه به، كأنه يرفض المستقبل
ولكن حين يتم الشذيب والتعديل إيجابا، قطعا يكون المردود أفضل وأكثر ثمر من سابقه
من المثال أعلاه، تتبدى مواجهة القارئ لكتابة "محسن خالد" ويخرج رد الفعل، من مبعث ميت/حى، أو لنقل متحرك/خامد، قد يحدث جلبة أو صدمة موازية نتيجة الصراع بين الرابض فى الداخل، والقادم من الخارج، لكنه حتما لا يقدر على مواجهة التاريخ الماضى نفسه ما لم يحاول التلائم مع القادم الجديد، ناهيك عن الواقع الحاضر أو المستقبل الآتى، والنتيجة الحتمية هى الجلوس فى خارج التاريخ.

فاللغة الثورة التى يعتمدها الكاتب "محسن خالد" تعنى أن تصبح الكلمة، وبالتالى الكتابة، أن تصبح ثورة أو فعل إبداع وتغيير تضع الراهن فى مناخ التساؤل والبحث والتطلع

فالكلمة القديمة كما ورثها "محسن خالد" لا تعبر عن كثافة انفعالية أو رؤياوية، بل عن علاقات خارجية سطحية وشبه حيادية، لماذا؟
لأنها مملوءة بدلالة مسبقة تأتيها من خارجها، وحين حاول "أبوتمام" مثلا أن يثور على الكلمة القديمة قالوا عنه أنه "أفسد الشعر"
والآن يقولون عن "محسن خالد" أنه لم يفسد الكتابة فحسب، بل عبث بثوابت صلدة لا ينبغى حتى مجرد التفكير فى الدوران حولها أو مسها، ناهيك عن الغوص فى لججها بالشكل القوى الذى إعتمده "محسن خالد"

ف "محسن خالد" بالتأكيد مبدع يخلق باللغة عالما حيا، وكل ذنبه هو أنه قد سلك مسلك "أبى تمام" عينه وغير نظام الكلام الموروث لذلك لم "يفهمه" المتلقون، ولا أقول القراء، لأن الفرق شاسع بين التلقى والقراءة

"محسن خالد" فى لغته، يقوم بثورة تكمن قوتها فى تهديم وظيفة اللغة القديمة، أو اذا شئنا الدقة نقول، الدخول الى جوف المفردة ومحاولة تجريدها من دلالتها القريبة وتشكيلها، أعنى تشكيل الدلالة، بشكل يبعدها عن الموروث المقبول والمفهوم العام
وبهكذا تشكيل، تصبح الكلمة فعلا لا "ماضى" بل تصبح كتلة تشع بعلاقة غير مألوفة بينها وبين من يقرأها أو يتلقاها

أظن أن "غير المألوف" هو كلمة السر للولوج الى عالم "محسن خالد" فهو هنا يجئ فى الزج مباشرة ودون مداراة بالمفردة القديمة وبفهما المفترض المعروف عند من يعتمدها أو لا يزال يعتمدها بدلالتها القديمة، بفهمه وقناعة تشكيلها عنده، أى عند محسن نفسه، وبعد الفصل تماما بين الشكلين/المعنيين القديم المألوف والمستحدث غير المألوف
فالثورة فى لغة محسن خالد إذن، ليست شكلية أو جمالية تقصر همها على حروفية اللفظة ومعناها، بل هى ثورة تفجر اللغة من الداخل

الفرق الأساسى بين دلالة المفردة فى اللغتين القديمة والجديدة ، وحسبما أظن أن "محسن خالد" قد إعتمدها، هو أن المعنى فى اللغة القديمة موجود مسبقا ومتفق عليه بإجماع، أما المعنى الجديد والذى يريد الكاتب له أن يسود فهو صياغة جديدة تنشأ فى الكتابة بطريقة "بعدية" لا "قبلية" ويكون المعنى بعدى لا قبلى
ومن هنا تنشأ مشكلة الصلة بين الجمهور والكاتب الثورى مع ملاحظة أن هذه المشكلة غير موجودة عند الكاتب غير الثورى، - الثورة هنا بمعنى التغيير - وهنا بيت القصيد ومربط الفرس، على الأقل فى هذا المنتدى، فالقارئ بفهمه التقليدى الذى يتشبث به، بل هو مستعد للدفاع عنه مثل ما هو حادث الآن على صفحات المنتدى، أقول يتمسك به ليبقيه ضمن العالم المقبول لديه، العالم الذى يبقيه منسجما مع ما يعتقد به، دينا ومعتقدا أو فكرة ومنهج، يبقيه متصالحا مع ذاته التى أسست إلفتها المتصالحة مع مجتمعه
لكن الكاتب الثورى يزعزع هذا العالم الأليف وهذا الهدوء الموروث من أجل إبتكار عالم جديد
ل "محسن خالد" الكاتب، همه الإبداعى الذى يحثه ويدفع به الى موضوع/لغة لبد لها ولكى تفى بمتطلبات إبداعه أن تهدد طمأنينة هذا اليومى المألوف، فاللغة بشكلها الظاهر لا تعبر عن الهاجس الإبداعى، فهو يريد أن يعبر عن موضوع يخرج على نظام الحياة المألوفة، والخروج على نظام الكتابة المألوفة يعنى بالضرورة الخروج على نظام اللغة ومعناها ونظام التفكير، وهو المهم

الكتابة الثورية ليست وقودا، بل هى النار، وهى نار لا تشتعل إلا فى أعماق الذين امتلأوا بالشمس، ومحسن خالد بهمه وهاجسه الإبداعى ومواعين لغته التى إعتمدها، يريد أن تربح اللغة/الثورة شخصا يشكل ابداع الحياة وتغييرها جوهريا، فهو لايريد أن يربحه ككتلة مادية أو تراكم تراثى لأنه فى هذه الحالة لن يكون الفرد اكثر من وقود، ولكن الأساسى فى مثل حالة "محسن خالد" له وللغة/الثورة أن يكون ذلك الفرد بؤرة من نفس النار، لا أن يكون حطبة يابسة

محسن خالد ككاتب، يريد أن يسهم فى تفكيك ما يمكن أن نسميه "الزمن الموروث" هذا إذا كان فهمى صحيحا، وتفكيك وسائل التعبير السائدة، فالرغبة فى الخلق والإبتكار تتطلب الشجاعة لرفض السائد وخلق التفجير القادر على إعادة خلق الفهم

قال "سارتر" فى دراسة له عن "مالارميه" فى تحديد "الكلمة"
أن الكلمة هى طريقة إمتلاك الشئ، وهو إمتلاك ينقل الشئ الى الآخر، ذلك أن الإنسان يكتب لكى يوصل الى الآخر ما يكتبه، غير أن "مالارميه" لا يستخدم اللغة لكى يقرب العالم اليه، بل لكى يبقيه بعيدا عنه

وهذا الكلام يلامس أيضا الكتابة عند "محسن خالد" بشكل أو بآخر، ربما لا يكون الذنب هنا واقع على "محسن خالد" بقدر ما يتمثل فى صلابة "السواتر" المستخدمة لدى الجزء الرافض للغة وكتابة "محسن خالد"

وهو من جهة أخرى، استطاع أيضا وبشكل قوى أن يوصل ما يريد للناس، ربما لأن كلمته قد إمتلكت الشئ بالقدر الذى يمكنها من النقل للآخر

"محسن خالد" كاتب خلاق و مبتكر، بغض النظر عن إعتماده لفكرة أو مفردة غير مألوفة لدى اصحاب السواتر القوية الصلدة

التحية لك يا "محسن خالد" وأنت تسير فوق أسنة مغروسة فى الطريق، تدمى القدمين والقلب أيضا، لكنها وبكثرة السير والتمسك بجادة الإبداع، حتما سوف تتسطح وتتصالح مع كل الأقدام السائرة فوقها

ويسيل الندى بدل الدماء


هذا فيما يخص محسن خالد
اما فيما يخص كاتب المقال
Quote: عرف كيف يدس اعماله علي صفحات بعض المواقع المستباحة علي الانترنت وذلك علي حد قوله بعض ان حاصرته زبانية الرقابة في السودان وخارج السودان وصكت علي مخطوطاته الرفيعة اختامها الجائره التي تقول غير صالح للنشر !!

لا أعرف توصيف دقيق لمعنى هذا الحديث سوى أنه شاهد على جزء من التشوهات
التى استشرت المشهد الثقافي .ودليل آخر على صحة ماذهب اليه محسن هو مصادرة
رواية عبدالعزيز بركة ساكن في الاشهر المنصرمة بينما الكل يعلم انه عام مخصص
للاحتفاء بالثقافة!!!وتعكس مدى سوء النية المبيت تجاه شاسع الحريات المتوفر
على شبكة الانترنت!!
(يعني لو في طريقة حتى خواطرنا وافكارنا كلنا
مفترض تتقنن وفق لما يشاء البعض)
اذن
ماهذه المقارنة الغريبة بين الفحش والبذاءة داخل روايات محسن
وطريقة قراءة الاستاذ والشاعر والباحث/التجاني سعيد
Quote: وذكاء اللفتة يتجلي اكثر في المقارنة بين مبدع يعتنق مبدأ التحشم بين الكتب ومبدع اخر يكافح التحشم علي صفحات الكتب.

اعتقد أن بين الكتب تعني خارج الكتب وهي الحيز في المكان مابين الكتب
وعلى صفحات تعني مضمون الكتب
اليست هذه مفارقة مضحكة،ماالذي يعنيني من أن كاتب ما يجلس بين الكتب عارياً او متحشما
الرصانة والموضوعية مفقودة وهى نقطة تحسب على ذكاء كاتب المقال

ويمكن طالما صرح (سيد الحق) بـ(أنساني ياخ..)
اعتقد انو المقال لاخرج عن كونه متعلق بحسابات بعينها لا تخفى على ذكاء
الزملاء والقراء الكرام

ولن يطفئوا الشمس ..
تحياتي

Post: #8
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-07-2005, 02:09 AM
Parent: #1

كما قلت أعلاه فإن الأستاذ علي يس له أسلوبه في الكتابه، ممتع، وهو رجل كتّاب، ما في ذلك شك، ونحن نكن له كثير من الإحترام، فقد كنت أناوله كتاباتي بحياء وكان يقرأها مشكوراً ويقول رأيه، على نسق (فاعلٌ، ومفاعلٌ وفعولُ) ذلك الميزان الذي (يكرفس) الشعر على طريقة الـ (High Way) ما أحببته يوماً، فأنتحيت جانباً من الشعر بعد أمسيات منتدى مكتبة البشير الريح بدايات تسعينات القرن الماضي التي عرفت فيها العزيز الصادق الرضي الذي أهداني بخط يده الجميل (علاقة الدم) وكتب أسفلها (من أجل معرفة مثمرة)، وناوشتني كلمات الهندي الذي لا يهدأ له بال إلاّ في (المناوشات) (فقط)، هربت من الشعر لأكتب القصة، ولحظي (.......) فقد نشرت قصتي (إمرأة بطعم النعناع) في صحيفة نسائية أسبوعية في عام 2000م، وعرفت بالصدفة أن أستاذي علي يس قد أعترض لدى محررات الصحيفة كيف تنشرن مثل هذه القصص، وأذكر أن تعليقهن على ذلك بأنك (أي الأستاذ علي يس) أنت الذي كنت قد قدمت هذا الشاب في الملف الثقافي بصحيفة الأنباء (كان أول نص نشر لي عبره وعلى ما أذكر كان نص عودة صاحب الربابة) ... والرجل كنت أسكن بجوار منزله في الكدرو ... وكنا نتلاقى
هذه متعلقات قديمة تذكرتها وأنا أقرأ المقال أعلاه للأستاذ علي يس ...
وما آلمني هذا الإصرار الغريب لدى صاحب (المعادلات) ... فقد كتب حتى الآن مقالين حول الروائي محسن خالد ولم يذكر إسمه فيها ولا مرة، هذا أمر ...
الأمر الثاني هو أنني لم أجد أي أثر قراءة لكتابات هذا الشاب محسن في تلك المقالات ...
خاصة وأنني أحسب أنه كاتب مقتدر (يس) ولا يكتب ما لم يعرف عما يكتب جيداً ...
الأمر الثالث وردت بعض الإشارات وهي غير صحيحة وكان الأجدى الرجوع إلى المظان أو المراجع أو المصادر التي يمكن عبرها معرفة الحقيقة وهذه الإشارات تتمثل في:
1. (هو أنه عرف كيف يدس أعماله على صفحات بعض المواقع المستباحة على الانترنت).
أريد أن أسأل عن المقصود بكلمة (المستباحة) أهي إستباحة النشر أي هو مباح لكل شخص كي ينشر ما يشاء وقتما يشاء أم إباحية النصوص المنشورة على هذه المواقع أي إباحية الجنس ومتعلقاتها؟؟؟
الموقع وليس المواقع المشار إليه هو موقع (Sudanese on line) (www sudaneseonline.com)،
2. (بعد ان حاصرته زبانية الرقابة في السودان وخارج السودان وصكت على مخطوطاته الرفيعة اختامها الجائره التي تقول غير صالح للنشر !!).
هذا الكلام غير صحيح فرواياته وقصصه قد نشرت في الخارج، والمنشور منها هو:
أ/ إحداثيات الإنسان (جزء أول).
ب/ الحياة السرية للأشياء.
ج/ كلب السجان.
ولم يرفض له نص إلاّ هنا في السودان وكنتما أنتما الحكمان (علي يس وإسحق فضل الله) ...
(غير صالح للنشر) ختم أصبح غير قابل للختم به في هذا العصر يا سيدي ... آخر العهد به كان زمان برتولد فون هنبرغ رئيس الأساقفه ... ولسنا هنا بصدد مناقشة أمر إستخدام الأدب في الجنس وهل هو صحيح أم خطأ ... يتماشى معنا أم لا ... وهل نستخدمه بملمس أدبي شفاف أم نقوله على عواهنه ... هذه أمور أخرى ... إنما الأمر المهم هو لماذا الإصرار على الكتابة بدون إلمام بالمكتوب عنه ...
3. (لا يعرفه الا ثلاثة اشخاص على ظهر هذه الكرة شخصه ومحاوره وعيسى الحلو ( إن صحت رواية صاحبنا عنه)).
(على ظهر هذه الكرة) هذا أمر غريب ... الرجل معروف على مستوى الكتاب والمثقفين العرب أكثر مما هو معروف في السودان ... هذا صحيح ... وهو عضو لجنة التحكيم الخاصة بجائزة إبن بطوطة للرحلات والتي يقدمها مركز أرتياد الآفاق بدولة الإمارات العربية المتحدة ... هذا المركز يعمل به الشاعران السوريان الأستاذ علي الكنعاني والأستاذ نوري الجراح ... وأعتقد أنهما أيضاً يعرفانه جيداً ...
يبدو أنك قد نسيت شخصك الكريم والأستاذ إسحق أحمد فضل الله بإعتبار أنكما قد قرأتما له نصاً قبل سنوات وكتبتما تقريراً للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات (في ذلك الوقت الآن هو المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية وإذن نشر الكتب ليس له به علاقة) ...
أجمل شئ أنني أصبحت ثالث ثلاثة ... هذا شرف لي أن أكون بين الناقد والقاص عيسى الحلو والروائي محسن خالد ....
قولك و(عيسى الحلو ( إن صحت رواية صاحبنا عنه)) فيه إشكال كبير جداً فقد نشر المقال الذي إقتبس منه محسن في الحوار في صحيفة الرأي العام بتاريخ ... وهو مقال معروف يبدو أن الأستاذ لا يقرأ الملفات الثقافية ... ولا يتابع الحركة الثقافية في البلد .. حسب ما عرفت منه حينما سألته حول ما يثار في سودانيز أون لاين بخصوص تقريره والذي نشر في الموقع كصورة (تم تسكين الخطاب بخط يده) فقال لي أنه أصبح مشغولاً ولا يتابع هذه الأشياء ...
وقد وقفت كثيراً في هذه لبتقطة بالذات (إن صحّت رواية صاحبنا عنه) ... التشكيك في الحقائق ليس جميلاً خاصة إذا كان كثيرون يعرفون هذه الحقائق ... وهي كمن ينكر ضوء الشمس ...
4. (الذي كل رصيده حتى الآن رواية رفضوا نشرها في كل البلدان العربية فقام باقحامها عنوة واقتداراً في موقع بالشبكة الالكترونية التي لا ضابط بها ولا رقيب).
الرواية التي يتم نشرها في سودانيز أون لاين هي رواية (تيموليلت: سيرة وحجر)، وهي رواية يكتبها صاحبها بما يسميه (مسرح الكتابة) أي هي ليست رواية مكتوبة (جاهزة) ويقوم بوضعها في الموقع إنما يكتبها مباشرة على الهواء ... والأخرى هي (إحداثيات الإنسان الكتاب الثاني) وهما روايتان لم تكتملا بعد ... وإن كانت الهيئة القومية للإتصالات قد حجبت هاتين المادتين في الموقع المشار إليه ...
الغريبة أنه ينشر بنفس الطريقة كتاب (إصلاح الكتابة) الذي يعالج فيه أخطاء الكتابة من النواحي اللغوية.
أنا أكتفي فقط بقصة (الوجود والوجود الآخر) (إن كنت قد قرأتها يا أستاذ علي يس) بغض النظر عن كتاباته الأخرى التي يستخدم فيها (الجنس) (هذا أمر مختلف فيه وهناك مدارس أدبية تتبنى هذا النهج) فإنني أقول إن محسن خالد قدم فتحاً جديداً في كتابة القصة .... أو قل قصة (عيد المراكب) ... أو قل قصة (الموفد) ... هذه كتابات تحتاج بحق إلى دراسة وتقصي بدل الكتابات التي لا تقدم ولا تؤخر ... نحن نحتاج إلى نقد النص وليس نقد صاحب النص ... لنحاكم ما يكتب ... فذلك أجدى ...
لا يا أستاذ علي يس ... لنقرأ سوياً كتاب (إصلاح الكتابة) لهذا الشاب محسن ... فقد رأيتك اليوم الذي يلي هذا المقال كتبت (وراء كل عظيم .. مصحح) عالجت فيه أمر الأخطاء اللغوية التي تحدث في الصحف ... وإن كنت لن أمر على قولك في المقال (نشروا لي قصيدة كنت – وما زلت – أحسبها من عيون شعر العرب) - (يقصد هنا صحيفة ألوان) –
فهو كتاب (يكتب تباعاً على موقع سودانيز أون لاين) يهمك أمره جداً ...

لا تبخسوا الناس أشيائهم ....
سلام ...

Post: #10
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: خدر
Date: 12-07-2005, 04:46 AM
Parent: #8

(1)
Quote: بعدين ياخي إنت من زمن الرواية –الواحدة- الاتفاسلتو لي عليها بالنشر، إنت وصاحبك البوليس التاني داك،
















علي يسن يااخوي .. كدي شوف لي ديل كم دار نشر النشروا لي محسن اخوكـ ده
صلي علي النبي و خلي الحساده

(2)

Quote: والشفافية محور كل ابداع وجوهر كل مبدع والشفافية تقتضي دائما التواضع وتكافح الزهو الفج والنرجسية البلهاء دون ان تمس اعتزاز المبدع بذاته وعفته عما في قلوب الناس تجاهه



دي زي تقدر تقطع شارع الزلط وانت بتاكل تسالي
؟؟

Post: #11
Title: فليسهر القوم جراها!!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 12-07-2005, 05:06 AM
Parent: #1

الأعزاء، عميق شكري وإعجابي...

يا أخوي محسن، عليك الله، شيل قلمك، وأمشي محرابك، دايرين شي جديد، كعوايدك، وبعد هذا، فليسهر القوم جراها ويختصموا...

Post: #12
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: esam gabralla
Date: 12-07-2005, 05:15 AM
Parent: #1


ما كتبه الاخ عبد الله إبراهيم الطاهر يوحى بان على يس هذا له علاقة بالادب وبالنقد تحديدآ، مدهش جدآ لان اسطره اعلاه رغم محاولة تلميع لغتها و حشر بعض المفردات الفاقعة هنا و هناك فهى لا صلة لها بالنقد الادبى على الاطلاق. قد تنفع كاعلان اخلاقى ضد روايات محسن او كبيان تحريض لمزيد من المنع او خطبة فى مسجد مثقفى حراس الاخلاق و النوايا و "ذائقتنا" من فسوق و عدم حشمة محسن ... لكن ليست نقد ادبى.

و مال الرجل obsessed بالاحتشام والحشمة والتحشم

Quote:
اتحشم
اكشف فخذي
حتى يتحشم بينها

يعتنق مبدأ التحشم
يكافح التحشم




يا محسن والشباب كيف يمكن الحصول على كل الاعمال بطريقة مضمونة

Post: #13
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: الصادق اسماعيل
Date: 12-07-2005, 06:43 AM
Parent: #12

الأستاذ عبدالله الطاهر
أظن (وبعض الظن إثم) أن واحدة من أمراض مجتمع الإعلام في السودان هو الحسادة، وهذا ما حدا بعلى يس أن يكتب ما كتب. والموضوع ليس قاصراً على محسن بل هناك الكثيرون من هذا الجيل لا يجدون مكاناً في دنيا الاعلام والنشر (وهم مبدعون) وأشهد أنا كقارئ على إبداعهم، ولكن ماذا نفعل مع (الحسادة).
سمعت من البعض (ثقاة وغير ثقاة)، أن الاعلام (بحيشانه الثلاثة) وأضف الصحافة ومؤسسات النشر يملكه (رباطة عتاولة) لا تستطيع أن تمر ما لم تؤدي فروض الولاء والطاعة، ولكن هذا الجيل من الكتّاب (محسن وابكر وبركة ساكن وعاطف واحمد الملك وأعظم منهم من لم أذكر أسماءهم) جاءوا ليغيروا كل هذا الواقع (السياسي والثقافي)، والآن سيحتاج على يسن بعد فترة قصيرة (هو وقبيلة الحسد) للقول عندتعريف انفسهم (والله نحن من بلد الروائي (س)) و(س) هذه مجموعة حلها بلغة أهل الرياضيات تشمل منذكرتهم ومن لم أذكرهم أعلاه من هؤلاء الشباب المبدعين.

الصادق

Post: #14
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: بدري الياس
Date: 12-07-2005, 08:00 AM
Parent: #13

عبد الله الطاهر
إزيك يا حبوب

التحايا لك ولكل الهنا ولمحسن خالد خاصة،

ويا بشرانا هذا: علي يسن "شخصياً"
وطالما أنه لن يقاوم شهوة التلصص على هذا المكان ليرى وقع ما خطت يداه، وطالما أننا كنا نتمنى فرصة لقائه فهي والله البشرى، وسيطيب لنا أن "نتونس" معاهو شوية.

نقول واحد:

* يا علي يسن لو الكلام أدناه ده ما حقك قول، عشان نجيبو ليك بخط اليد:



Quote: بسم الله الرحمن الرحيم
لجنة النشر – المجلس القومي للصحافة
الموضوع:- المخطوطة بعنوان " إحداثيات لطينة آدم" – رواية
• تتالف المخطوطة من حوالي 300 صفحة ، في أربع كراسات بخط اليد في ثمانية فصول.

يتمتع الكاتب بقدرة جيدة على التعامل باللغة ، وهو متمكن من عناصر الكتابة القصصية ، بناء شخوصه وأحداثه وأماكنه وأزمانه وهو يمتاز فوق ذلك بقدرة كبيرة على استيلاء المعاني وقيادة الحوار . والرواية عموماً جيدة جداً من حيث الجانب الفني ، ولكن تناول موضوعات الجنس والعلاقة بالمرأة فيها تناول أجرأ مما ألفه القاريء السوداني والمجتمع السوداني عموماً .. أوصي بتحويل الرواية إلى قاريء آخر . كما أثبت الملاحظات التالية:
1- في الورقة السابعة (ص14) في السطر 4 وما بعده يجب حذف الجملة البادئة بـ(على العموم الإنسان السوداني نزعته إلى المرأة الخ ...حتى "ولنجاوب على ذلك " ) ففي هذه الجملة إساءة وقذف على أمة بحالها.
2- القصائد التي ينثرها الكاتب في أثناء روايته ، رغم تساوقها مع ما حولها ، إلا أنها تحتوي أو معظمها على شيء من ركاكة يفسد استمتاع القاريء باللغة الرفيعة التي كتبت بها الرواية ، وهي كذلك الأشعار المنسوبة إلى "بشرى" و"كمال" وغيرهما والتي يبدو أنها من نسج الكاتب نفسه – أقل تماسكاً وأقل "شعرية" مما حولها من النثر . هذه الملاحظة لا توجب إجراء بعينة بل يترك الأمر للكاتب .
3- ثمة أخطاء في الإملاء ، وفي النحو ، وفي تصريف بعض الأخطاء في الكلمات، في كثير من المواضع لابد من مراجعتها وتصويبها عند – أو قبل الطبع – وفوق هذا ، ما أثبتناه أول هذا التقرير من جراءة لم يعتد عليها القاريء السوداني ، وهي عندنا ليست سبباً لمنع النشر ، ولكن نرى الاستئناس حولها برأي محكم آخر.
يسن علي يسن


اثنين:
لو الكلام ده كلامك إذن عليك بإضافة "نفر" لقائمة من يعرفون محسن خالد من "قبيلتكم"
وجهز نفسك لإضافة "النفر التاني" وهو زميلك البوليس (وإن كان سابقك بي كم شريط) "إسحاق فضل الله"..
يعني باختصار القائمة بتاعتك حا تطول.... بس طوّل بالك

تلاتة:
راجع ما تحته خط..

***

بعدين نجي نشلِّت كلامك الفوق داااك.

(نواصل)..

Post: #15
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: خدر
Date: 12-08-2005, 03:21 AM
Parent: #14

كاتب سوداني يصور الحياة السرية برؤية أجنبية



تثير رواية الكاتب السوداني محسن خالد "الحياة السرية للأشياء" مزيجا من الحيرة والاستغراب لكونها تجمع بين العمق والإحساس المرهف والشعرية من جهة وما يناقض ذلك من جهة أخرى.

تبدو الرواية من حيث اللغة كأنها ترجمة حائرة وسيئة عن لغة أجنبية هي الإنجليزية بالتحديد. وتبدو مشكلاتها رغم إنسانيتها وعمقها كأنها مستعارة من مشكلات أميركية أعقبت حرب فيتنام وكادت تستهلك خاصة حيث لا إضافة جديدة فيها.

وتذكر الرواية من حيث إطارها بأفلام سينمائية أميركية عن فترة تجمعات "وودستوك" وما بعدها عن الحرب وأنصارها وأعدائها.

وفي المحصلة تصل الرواية إلى ما توصل إليه فلاسفة غربيون بالقول إن الموسيقي هي الوسيلة الوحيدة للارتفاع إلى ما هو أبعد من الخير والشر،إلى درجة أن أبطال محسن خالد يرون "أن الخير نفسه هو الموسيقى وبها نرتفع ونحل مشكلات الإنسان".

في مقابل ذلك فعوض أن يأخذنا الكاتب في مسيرته الروائية يحول القراءة إلى عمل قد يكون مضنيا في أحيان كثيرة .. و"يرغمنا" على أن نتحول إلى شركاء له نحاول استخلاص بل انتزاع بعض أفكاره من لغته التي كتب بها الرواية فبدت إجمالا أقرب إلى ترجمة سيئة لعمل بلغة أجنبية.

وقد بدأ الكاتب رغم قدراته دخيلا على عالم يحاول أن ينقله بشيء كثير من التقليد، يذكر بأولئك الأشخاص العرب أو غير العرب الذين ينطقون بالفرنسية أو الإنجليزية بما يجعل كلامهم يبدو أكثر إنجليزية أو فرنسية من الإنجليز أو الفرنسيين.

لعل ما حمله الغلاف من كلام عن الرواية يشكل في بعضه شيئا من الإنصاف للأفكار والمواقف الفلسفية التي ينطوي عليها هذا العمل.

جاء على صفحة الغلاف "رواية عن علاقة الحب والموت على تخوم أبدية تفجرها الموسيقى بطاقتها المذهلة وتفتح لشخوص العمل مسارب شتى إلى مصائر مختلفة... كاتب سوداني وفرقة موسيقية أميركية. رواية تعتمد تقنيات سردية تتميز بكثافتها وشاعريتها... ثمة في هذا العمل خلاء شاهق يشرف معه أشخاص الرواية على مدينة في الهاوية. الموسيقى وحدها هي المنقذ من الرعب الذي يطبق على الإنسان".

الرواية وهي خامس كتاب لخالد بين رواية ومجموعة قصص صدرت في 240 صفحة وسط عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.


http://www.aljazeera.net/news/archive/archive?ArchiveId=121969

Post: #16
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: خدر
Date: 12-08-2005, 03:29 AM
Parent: #15

http://www.wadmadani.com/html/try/nash072.htm

http://www.khartoumtoday.net/view_article.asp?id=152

Post: #17
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: nashaat elemam
Date: 12-08-2005, 03:55 AM
Parent: #1

محسن ابوي
الاخوة المتداخلون
سلامات

يا اخوانا انتو دايرين تقنعوا منو؟ عمكم علي ياسين؟

يا اخوانا دي حشرجات مذبوح ساااااااااااي.. دحين هو اخبار محسن قدت اضانو.. والليله جاي يحاول يواصل الكبت السواهو زمان لمحسن.. لكن خلاص محسن بقى عالمي.. وخلوهو اليعوس في عوسو

Post: #18
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-08-2005, 05:21 AM
Parent: #17

..


ها ناس عوافي، غايتو ينشبك فيكم العدو،..

جاييكم.. بس هسّع بقول عوافي ليكم أجمعين،..

يا صاحبي في الغار (عبد الغني كرم الله بشير) يا ريتن يسهروا جراها ويختصموا، ما قلنا كدا، المشكلة إنهم سهرانين جريوات تهوهوني في رقبتي دي، عشان كدا البوست دا أنا عندي فيهو دبل رأي، (الأول) ما أورده صاحبي عبد الله إبراهيم الطاهر:

Quote: هذا الإصرار الغريب لدى صاحب (المعادلات) ... فقد كتب حتى الآن مقالين حول الروائي محسن خالد


دي شُلَّة بتكتب بالتناوب في تشويه محسن خالد، ياخد سحبة فلان، ويفضّي الخانة للبعدو، وما هي بأسباب شخصية يا صاحبي في الغار (عادل إبراهيم عبد الله) بعد مداخلة الصديق (بدري الياس) بتكون عرفت الحاصل شنو، دا نظام الـFEEDING BACK للحقد والحسد ثم "دس خجلتهما القديمة بالتشويش"، دا برنامج ضدي يقوم به صحفيون ضعفاء وهزيلين كما هو واضح من كتابة علي ياسين القدامكم دي، الواحد منهم ما يقدر يكتب جملة إنشائية صحيحة، خليها جملة مفكِّرة،..
القصة يا صاحبي إنو الصحافة السودانية 95 في المائة من كتابها ضعيفين لدرجة متوفيين، على كافّة المستويات، من الرأس وإنت نازل علي اللسان،..
كلها صحافة "دَقْ أب ظرطة"، ومحتاجة بالفعل لـTOP GUNS زي محسن خالد يدكها دك فوق سفاهتم وقلّة حيلتم، بلاد من الهزال في كل شيء،..
يعني هسّع الجَرَّة الفوق دي، بتاعة صاحبنا في الغار أبو ذر بابكر دي، تقعد كم سنة عشان تلاقيك في الصحافة السودانية؟ ترجاها لامن تموت بشوقك!!
عالم تعبانة وحالفه تتشوبر،..
غايتو يا صاحبي عبد الله إبراهيم ربّنا يصبركم،..
(الهدف الثاني) سيتضح لكم لاحقاً، بخصوص مكافحة جواسيس السلطة والدين المندسين بين الكُتَّاب،...
هاكم وعد نجيض... البوست دا ح يكون جميل، وسأفي بوعدي،...


..

Post: #20
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-08-2005, 05:40 AM
Parent: #18

...



هي الفكرة نفسها التي خرجنا في سبيلها، من أجل إنتاج حضارة، وأمّة متحضّرة، الكاتب أخلاقه الكتابة لا غير، إن حسُنت فقد حَسُنت أخلاقه، وإن بئست فيا لبؤس أخلاقه،...
الطبيب أخلاقه الطب، إن برع فيه احترمنا سموّ أخلاقه، واحترامه لوظيفته في الوجود،..
المهندس أخلاقه الهندسة،..
الأستاذ أخلاقه تعليم الطلاب القراءة وليس ما يقرؤون،..
وإنت قادل طوالي، في هذا الدرب،..

أما ذلك المذهب الهلامي، والتاريخي البائد، من كون الناقد الأدبي يجري نقده –بشكل مضاد- "أخلاقياً"، "اجتماعياً" ما يعني –لدى الدهماء- بالضرورة "القضاء عليه فنياً"... عبر منطق زريبة العيش، أو سوق البصل، فهذا بالضبط ما جعلنا أمّة من الفوضى، والجهل المتنامي، ما جعل صوت غوغاء الحلّة، فوق صوت المتعلّم الوحيد بحلّتهم،...
ما جعل المهندس الزراعي، تتلخّص فيه خطة المشروع الزراعية بكاملها، وكل العلوم والمنتجات المعرفية لكليات وتقنيات الزراعة في العالم،..
يا زول هووي، ما تقولينا زراعة وبطيخ، يعني إنت جايب ورقك الكتير دا وقاعد تتفاصح كدي، دايرنا يعني نزرع ليك بطاطسنا بأم سطر فوق وسطر تحت دي، وجنس كلامك الفاضي دا، ياخي كدي أمشي دير بهايم جدك المتعوّجات ديل، مما ولدونا عارفين الزراعة دي بزرعوها بالطورية لا بالقلم ولا باللوح، هو إنت لو بتعرف اللعوج من العديل ما كان جيت رفعت الفاتحة في بكا النعمة،..


الواقع الكوميدي، التراجيدي في الحقيقة لدرجة أن يخرأ اللامعقول في المواعين كلها،...

كل معارف العلوم والتكنلوجيا على (ظهر هذه الكرة) تعادل من الجهة الثانية "فاتحة بكا النعمة"!



أها يا علي ياسين أنا مغرور وقليل أدب، وعاجباني نفسي زي إله، ح تقرأ إنت كتاب لي، وألا ح تناسبني؟
خلينا في كتب يكتب كتابةً وبس، والآخر يجب أن لا يهمه منا إلا كتب يكتب كتابةً وبس،...


..

Post: #19
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-08-2005, 05:29 AM
Parent: #1

العزيز عادل إبراهيم عبد الله
مشكور يا أخي على الإضافات ...
وعلى المرور ...

العزيز خدر (طارق أبو عبيدة)
عساك طيب ...
هذه لفته بارعة منك يا حبيب ...
واللنكات التي وضعتها هنا على هذا البوست تعزز وتدفع بالحوار نحو آفاق أرحب ...
مشكور يا حبيب ...

عبد الغني كرم الله بشير
معاك نطالب العزيز محسن بالجديد ...
تكرم ...

esam gabralla
مشكور يا حبيب على المرور
ولكن ...

Quote: ما كتبه عبد الله إبراهيم الطاهر يوحي بأن علي يس هذا له علاقة بالأدب


لسنا نريد أن نبخس الناس أشيائهم كما يفعلون ...
لن نقول أنه خارج ملة الأدب ...
فلسنا من هذا النوع ...

الصادق إسماعيل
الحبيب أنت وين ما ظاهر ...؟؟
يا عزيزي الحسد موجود في كل مكان ...
عين الحسود فيها عود ...
وتشكر على هذا المرور الجميل ...

بدري الياس
أووووه ... أين أنت يا حبيب ...
طلتك حلوة ...
مشكور ...

نشأت الإمام
أزيك يا حبيب
يا سيدي نحن لا نريد أن نقنع علي يس أو غيره ...
ولكن ...

Post: #21
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: خضر حسين خليل
Date: 12-08-2005, 06:19 AM
Parent: #1

والله يامحسن

أجتمع عليك الاوس والخزرج وبطانة الشعراء من جنس الطحالب والكلاب علي قول ( ابكر أدم اسماعيل) . الشتم وقص الجمال عمرو ماكان وسيلة لردع الابداع ( ردع) دي طبعاً مفردة أنتجتها العقلية المريضة دي نفسها . والبوليس عمروا ما حل اشكال ..

واصل يامحسن وماتشتغل بالامة دي كتير شغل أبداعك وحرفك بصل للاماكن القصدتها وبتخش جوا البيوت القاصدا بدون تفتيش .

شكراً عبدالله أبراهيم الطاهر

خضر

Post: #23
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-08-2005, 06:47 AM
Parent: #21

خضر حسين ...
أزيك ...
زي ما قلته ... لا أحد يستطيع أن يوقف القطار الذي تحرك إلاّ سائقه ...
وسائقه هذا المحسن الخالد مطلوب منه مزيد من الإبداع ...
لقد تحدث عن كتاباته كثيرون هم بقامات لا يصلها أولئك ... وكتابته يتحدث عنها إبداعه الذي لا يحتاج إلى مترجم ... حتى النقد نحن لا نعرفه إلاّ من باب الشتم ... فالنقد عندنا رديف شرعي لنوع هذا الباب ومشتقاته ومخرجاته التي أنتجتها العقلية المغلقة العقلية التي لا تريد إلاّ كما هو كائن بعقليتها كأنما ليس هناك عقلية أخرى ...

مشكور يا حبيب على مرورك ... ونشوفك ...

Post: #22
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-08-2005, 06:32 AM
Parent: #1

صاحبي محسن الخالد أزيك ....
نعلّك زي ما ياكا ...
عجبتني والله ... وأصلكً تعجب ...
بلدنا دي يا أخوي دايره ليها زمن عشان الناس تعرف أنو فيها كنوز بس دايره يشيلو منها غباش عيون الناس البتعاين للناس ... بدل تخليها تعاين براها ...
بعدين الدنيا دي غريبة خلاص ...
أحكي ليك حكاية ...
لي أخ أكبر إسمه الطاهر جاء به زوج أختي وكان صغيراً في السن إلى أحد الترزية (الكبار) فطلب منه أن يعلمه الصنعة ... فتعامل هذا الترزي (الكبير) معه بعنجهية غريبة ... وبعد ايام طرده من العمل ...
مرت السنوات ...
والسنوات ...
أصبح أخي واحد من أكبر الترزية في الخرطوم بحري ... لديه معمل كبير يعمل معه عدد من المساعدين ...
وذلك الترزي (الكبير) (دقه الدلجه) فجاء إلى أخي وعمل معه كمساعد في أحد ماكيناته ...
تخيل ...
دنيا غريبة ...
والزمن مدور ...
والتاريخ يمد لسانه ...
هؤلاء الناس غرباء جداً لا يعرفون أن التاريخ الذي يكتبونه بأقلام الحبر السائل ستزيله أمطار الحقيقة في لحظة تجلي كوني ومعرفة كلية ...
وأغرب شئ أنهم لا يعرفون أننا في عصر مختلف كليةً ... عصر يغلب عليه معيار العرض والطلب ... ويُتنافس فيه بكلمة شرف ... ولا أحد يستطيع أن يخفي شيئاً عن الآخرين ... فكل شئ متاح ... وسهل الحصول عليه ...
الفيتوري قال:
دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الغافل من لم يأخذ منها ما تعطيه على أستحياء
والجاهل من ظن الأشياء هي الأشياء

Post: #24
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-08-2005, 09:29 AM
Parent: #22

...


خلونا نناقش أفكار حول قصة الشهرة دي وننتهي منها،..


طيّب يعني هَسَّع يا ود ياسين، إنت جيت تكتب مقالك دا عن كاتب في "العدم" وما بعرفوه غير 3 أشخاص، مش كدي؟ وكاتب عنو بدون اسم، وبعد داك منتظر الناس تعرفو! مش كدي؟ دي مسابقة فوازير يا ربي! وألا دا زول واااضح وعلم لدرجة يكفي معاه التعريض والتلميح؟
أقول ليك الواجعك إنت وواجع ناس تانين غيرك، حتى ناس عاملين فيها إنهم كويسين، يعني هم ما أحسن منك إلا بكبتهم لهذه الوجعة المشتركة،..
أولاً المعرفة والشهرة دي أنا ما ساكّيها، لأني ما بستفيد منها حاجة أولاً، ولأني عارف إنو الموضوع في أساسه العميق، وليس شكلانيته السطحية، إنو "كاريزما"، بصرفوها ليك يوم تتولد أو لن تنالها بشكل خالد وحاسم مهما أخضعت الآلة الإعلامية لخدمتك،...
وبرضو كتعمُّق مع الموضوع "محبّة الناس بشكل عام"، ومحبّة الجنس الآخر في حالة قسمة الموضوع إلى مذكّر ومؤنّث،..
في أولاد لو الواحد مرّ من جنب البنات ساي، يقومن هن في ختراتو لويس،..
وكمان بنات لو الواحدة قالت سلام ساي، يسالمنها مليون قلب ولد،...
الموضوع قديييم ومعروف من زماان يا صاحبي،..
صحيح حبوبتي "الحرم بت حاج طيفور" ما بتعرف تلوي خشمها بالإنجليزي وتقول "كارزما"، لكن بالدارجي الدراش وواضح داك بتقول: (فلان دا عندو مِلْحَة)، يعني الواحد في صمّة خشمو الناس تريدو،..
طيّب الفكرة شنو، الفكرة سبقني عليها أخونا (الصادق إسماعيل)، هناك أسماء "شابة" بعينها: (عاطف خيري، الصادق الرضي، أبَّكر آدم إسماعيل، بركة ساكن، محسن خالد)،..
دي أسماء ما عندها أي حظ في إعلام ولا صحف، لموقفها البَيِّن من النظام، ومع ذلك هي الروح الماثلة في الكتابة السودانية اليوم، وبكل صلف بقول ليك الكلام دا، لا قدر يمحوها تجاهل ولا قلّة أدب صحفيين ضعفاء ولا قمع ولا غيرو ولا غيرو، كانت الناس تركب المواصلات وتمشي تجيب الشعر من عاطف والصادق من يد ليد، وشعرك إنت تزيّط بيهو الصحافة كلها يومياً وزول واحد دايرو مافي،..
وفي أسماء "شابّة" ومش "شابة" تانية، أنت كشاعر مثلاً، أنا بوصفي –مثقفاً- رمراماً بلقّط زي عز الكوشة والدفاين، حتى أكياس النايلون بحاول آكلها، بالكاد بتذكر نص "اسمو: هذا الشعر طالق"، وألا صاحبك البوليس التاني "إسحاق" طشاش طشاش بتذكر ليهو "مجموعة قصصية" أخبرني بها هو حينما ذهبت لأخذ مخطوطة روايتي منه في بكان "برنامج ساحات الفداء"، بافتخار قال المجموعة بتاعتو اتطبعت وهو ناسيها ليهو زمن ما لاقي فرصة يمشي يجيبها، –شوف تقلة الدم والاستهتار بالآخر، الذي تُحرّم روايته بناء على قلّة الأدب هذه- أنا كتبت ذلك من قبل في بوست للصديق خالد عويس، وبعد زمن قابلتني المجموعة وأخذتها من صاحب المكتبة "أخ مسلم" لأقرأها في مكانها وأُعيدها –لعامل الفقر ولا أكثر، "فأنا كاتب حقيقي ولست عدوَّاً للكتاب من باب عداء صاحبه لي"،...
طيّب إنت وهو، نجاحكم شنو؟ في الحقيقة ما عندكم نجاح مطلقاً، واللستة بتاعة (عاطف خيري، الصادق الرضي، أبَّكر آدم إسماعيل، بركة ساكن، محسن خالد)، دي إنتو بتلدوها من أكبر واحد فينا، لاحدي الجارنكوك "محسن خالد" أصغر TOP GUNS في المجموعة دي،..
المجموعة دي هي آخذة بروح الكتابة، بحيث إنها بتشكل الكتاب البجو بعدها، زي ما هي اتشكلت بأسماء قليلة جداً سبقتها، يعني الفنّان مش المجيد، بل المؤثّر، ما يعتبر من أبنية الروح الفنية داخل ثقافته،..
طيّب هل يجوز إنو نقارن فشلكما بمجموعة بتاعة كُتّاب علمانيين، بالتالي بشوتوها جنس وكفر ويات ما يخطر ببالك كنظام محسّنات فنيّة، طبعاً دا بجوز لأنو ما في زول حماك تبقه علماني، ولكن الذي لا يجوز مقارنته هو أرواح هذه المجموعة المستعدة، والموهبة الخرافية لديها والأسطورية إن شئت، والثقافة والرمرمة المعرفية التي لن تتوفر لـ"بوَّاب" على باب الأدب، فكلاكما "ناطور" أدب،..
نجيك في حيكم، حيث تُسحقان بـ"روضة الحاج" و"خالد فتح الرحمن"، كفنانين من الحارة نفسها، يعني أنتما فاشلان في أي اتجاه، ومهزومان في أي وجهة، ووين ما تقبلوا، وتلك كانت منكما نقمة الحاسد إذا حسد،..
والذي يرى العبقريات تمر من بين أصابعه، بينما هو لا حظ له، فما الذي نتوقعه منه؟ سيذهب للعمل كجلاد لهذه العبقريات، كبوليس سري يتشفى في الظلام من أي كاتب وكتاب يمر به،..
للجميع، هذان الرجلان هما عدوّان للفكر وأيَّما أمّة إن شئت أن تعرف أدواءها فاسأل عن حال الفكر فيها،...

فياخي "الشهرة" البتقولها دي، أنا ما ساكّيها برضو لأني عارف إني ماخد من الكاريزما والمِلْحة القلناها ديك "بالهينو الكبير"، ولو ما مصدّق! خت عينيك في عينين الصورة المعلّقة قدامك دي، وشوف فيها كم كاريزماتيك سالّي سيفو وكم بطل ثوري وكم نبي وكم بنات غرقن وكم سماء متعلّقة بكواكب وغيوم، أو كما رأى العبقريان "بشرى الفاضل" و"أبو ذر بابكر"، هذان نبيان والأنبياء لا يُسألون،..

ونتمَّها لآخر "الصُرار"،...

لبن العُشَر إن ببقه لبن، نصرّر مرحات الطندب، ونفطم خشوم الفاس،...


..

Post: #25
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-08-2005, 10:00 AM
Parent: #24

...


يعني هسّع يا ود ياسين، وبعد عدم ذمتك الفوق دا كلو، الطالب أخوهو غبينة منو يا أخوي، الانطرد بكتابو منو؟ أنا وألا إنت؟
يعني الموضوع لو ما حسد ساااكت زي ما قال أخونا خدر، ما أنا شلت كتبي ديل وخليتو السودان دا كلو ليكم، في داعي بعد داك تلاحقني إنت وشّلتك بالتشويه والشتائم في صحافة إنت عارف أنا ما قاعد أكتب فيها، عشان أمزّقك؟ فوق كم؟ والطالب أخوهو تار منو؟

كدي بس الطالب أخوهو غبينة منو؟ أنا وألا إنت...



...

Post: #26
Title: لم أغرق، في التفاصيل أعلاه، كثيرا....
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 12-09-2005, 02:17 AM
Parent: #1

الأعزاء، لكم حبي وهيامي....

فلنق حجر، كي تثور البركة الساكنة، أم نلقي سنارة، كي نصطاد الكدر الداخلي، لا ادري، ولكن أخي الجميل، النازي (من ينز)، رطوبة وإيحاء، دحين، وانت تتسلق جبل الابداع، (بشق الحرف)، وحين تصل القمة (وهي على بعد يسير وغير يسير)، كما تقول قوانين الحياة، هناك في القمة، وفي القمة فقط (سترى الحياة كلها)، مرسومة بحذاقة، حتى ابليس، ستراه نزل لحكمة بالغة، ألم يقل الصديق القديم (الطبري)، وهو المهجس بالتاريخ، (إن التاريخ هو إرادة الله)، تأويلا ل (نلبسكم شيعا)، عثرت عليك صدفة، في (كلب السجان)، والتهمته كالايسكريم (بل كالنبق)، كي أسودن المثل، وسحرتني (الموهبة)، قبل كل شي، وبعد كل شئ، وأحسست بنع يتدفق ألق خاص، وبلغة خاصة، لا شك ثمرة قلق خاص، مورث ومكتسب، وسحرني، أيضاذلك الهمز، والقمز، داخل النص، وكأنه إشارة، وليست عبارة، وكأنه ثورة، على كائن قابع، في نفوسنا، أحسست بشطط، وأحيانا، وأحيانا بتمرد، ولكن إليس لهذا خلق (الأدب)، أم سيوف الترويض مسلولة، لا علينا، ولكل (زاويته)، كي يحدق في لغز الحياة، ومن الذي يعطي تقرير حتمي في أمر من امور الحياة، حتى الانبياء، يقولون بخجل ( ... وزدني علما)، وحتى النار، تلك الحتمية المحرقة، كانت على جسد (إبراهيم بردا وسلاما)....ومع هذا، نقرر في كثير من الأمور، صاحئين (الدم، أو يعود كليب حيا)...

عزيزي محسن، والسرب الجميل، (الابيض والاسود)
قلمك ملئ بمداد، تكونت جيناته، من قلق، وجنوح، وقمز، غمسته في سحب عالية، تغطي العقول، من برد البلادة، وتمطر على الاجساد من غيث النشوى، والتساؤل، فلم الانفعال، (لا انكر هناك انفعالات ساحرة)، ولكن آن لقلمك أن يغوص (في دخيلتك الثرية)، ويترك القوم جراها ويختصموا. (معذرة للحس الوعظي)، ولكني أرى في (الحياد)، أكرر (الحياد الإيجابي)، تلك نزوة المبعد، كي يرصد ، ويعري واقعة (كنبي، وكمفكر، وكقاص، وكاراوي)، كي لا يغرق في الانفعال الموقت، الساذج، وهو مسئول عنه (تحضرني مقولة للولي العظيم (حمد النيل)، حين دخلت عليه ابنته، وهو سجين (في سجون ود التعايش) فقال لها (بأن بمقدروه فك الكلبشات، بل أنه مسئول عن الثورة المهدية كلها)، وتلك حياة خصبة، (فالحواس محددوة)، وأقصد من تلك الامثولة، بأن حمد النيل، كان مسئول عن المهدية (في عوالم نجهلها)، ولو (انكرناها نكون أكثر جهلا)، ومع هذا كان سجين لقائد من تلك الثورة،....

الاعزاء، طوبى لكم، ولنا، في تتبع منحى الإبداع في بلدي، بعيدا (عن سجون كوبر، شالا الأدبية)، ألم يقل البحتري (وقد لا تسعفني الذاكرة)، علي أن اكتب وعليكم ان تحتجوا، فيا محسن (أكتب)، وخلي للناس حقوقهم في (الاحتجاج)، (أحس بانه احتجاج مهوس، وله من الثروة ولسلطة ما يفسد كونه احتجاجا)، ولكن أمضي، بحب، وأنس، (كعادتك)، كي نرى وليد ساحر، (يغرق الدانة، ويطفح المسحانة)...

حاليا بقرأ في (احداثيات الإنسان)، وسأقول رأي (لست ناقدا)، ولكن بحسي، وفطرتي... وبكل صراحة،
مع حبي وتقديري،
اخوكم
عبد الغني كرم الله

Post: #27
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-10-2005, 02:18 AM
Parent: #1

العزيز محسن الخالد
صباحك زين ...
متشوقين ...
الصراع الذي يدور بين القدامى والجدد مفهوم في إطار أوسع من ذلك على عتبات صراع الأجيال الذي يخاف فيه البعض من كراسيهم (الذين جلسوا عليها بفعل إبداعهم والذين أجلسوا أنفسهم عليها) ... هم لا يعلمون أن الأمر متعلق بحركة التاريخ التي لا تؤمن بفلسفات (القبض على تكالة أيدي الكراسي) ولا تؤمن بالديمومة إلاّ للنص الذي يظل مرتهن لكافة العصور والأزمنة بحكم إنتماءه العميق للفكرة التي يدور حولها كنص مبدع وأفكار حية ... الفكر الميت فيروس نهايته يتخلق معه منذ بدايات تكوينه الأولي في عقل صاحبه الذي لا يفكر إلاّ في أن يقال عنه ويشار إليه ... من باب الزهو والكِبر ... والفكر الحي يظل ممهوراً بديمومة وجوده بناءاً على جينات تماسكه التي لا ينفرط عقدها ...
مفهوم صراع الأجيال تتحدد ساحته في الفكرة وليس في الوجوه ... والذين يحولون الأمر إلى صراع شخصي تكون (رقصتهم خارج الدارة) ...
السعي لإلغاء الآخر ...
برودواي في رواية (الحياة السرية للأشياء) لهذا الولد الرايع محسن يقول لآرثر ذلك البوليس اللئيم حول فرقة أطلنتس الغنائية (كما لا يمكنك إدانة أطلنتس لو قمت بتشريح أغانيها) ...
فيرد عليه آرثر: لا تنجر إذن يا برودواي لو كنت ترجو السلامة، أما الأغاني فنحن ستحرمها لمجرد رائحتها، التشريح لا يفيد مع أشياء متعفنة بالكامل).
أعتقد أنك يا محسن هنا تحدثت عن الأمر بصورة واضحة جداً جداً ...
أنظر (سنحرمها لمجرد رائحتها) ... ألاّ ترى ذلك يا عبد الغني كرم الله ..؟؟؟
لقد كانت مبررات آرثر يا عبد الغني تقوم على (لن نسمح بهذا الخط الهدام بينما رجالنا يقاتلون على أرض الأعداء) ...
مبرر فقط ليقنع به نفسه ولكنه مبرر لا يعني شئ بالنسبة للقضية قضية هذه المجموعة التي تحاول أن تقول أن الموسيقى هي الحياة ... هذا هو الصراع ... وبنفس منهجيته هنا أيضاً ... هل الرواي كان يجهز أحرف (حرب الكلمات) التي ستواجهه ؟؟؟
كان فوكنر يضحك ويقول لآرثر: قانونكم هذا يشم وله أنف يا آرثر!؟ يا له من كلب رائع.
هاهاهاها ... جميلة تفاهته هذا الفوكنر ... لك الله يا محسن الخالد بكتاباتك ...
ولكن يظل السؤال هل الصراع بين الأجيال مقبول فيه الغمز واللمز و(الضرب تحت الحزام)؟ أم أن الأمر غير ذلك أو هو هكذا ونحن لا نعلم ...
متى يكون للكاتب الحق في إلغاء الآخر بشكل نهائي .... ونفي الإبداع عنه ... أو نفي ملكة الكتابة عنه ... وكيف يقرر ذلك ؟؟ هل بقراءة نص واحد؟، بمعرفة سطحية عن الآخر؟، هل يحق لك يا محسن خالد مثلاً إلغاء علي يس من خارطة المثقفين السودانيين؟ أو قل من خارطة الشعراء السودانيين؟، أو قل الأدباء ؟؟؟ هل يحق لك أن تنفي عنه الشاعرية؟، هل يمكن أن تنكر الأسلوب الممتع الذي يكتب به إسحق فضل الله بغض النظر عن أي شئ آخر؟؟
أريد أن أقول أننا في حاجة إلى منهج جديد لصراع الأجيال ... رؤية مختلفة للعلاقة مع الآخر الذي ونختلف معه ... كيف يمكن تحويل علاقة الأعداء الصدامية والتي تتبع منهج الإلغاء إلى علاقة مهذبة في رأيها تجاه الآخر بعض النظر عن الخلفيات والضغائن التي تسكن القلب بفعل قرار قديم يحب كثيرون الدفاع عنه دونما تراجع ....
ولي عودات ...
مع محبتي ...

الأخ عبد الغني كرم الله
الله ... الله ...
يبدو أننا وقعنا على كاتب نصيح آخر يا صاحبي يا محسن خالد ... الود كتّاب ...
لقد استمتعت جداً يا عبد الغني وأنا أقرأ لك ...
لنسمع منك المزيد ...

Post: #28
Title: محسن خالد الكاتب الغول: الكلمات هي حربنا ضد الحرب، وهل ينجح في التحدي حتى النهاية؟!!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-10-2005, 03:04 AM
Parent: #1

هذا هو الحوار الذي تحدث عنه علي يس ... والذي نشر بمجلة أوراق جديدة في عددها الأخير (العدد الخامس نوفمبر 2005م) ...

محسن خالد الكاتب الغول:
الكلمات هي حربنا ضد الحرب
هل ينجح في التحدي حتى النهاية؟!!!



الخرطوم – عبد الله إبراهيم الطاهر

* لم تنالني من فكرة الأُسرة، إلا أبسط أُعطيتها
* البتر -القطع -الحذف –الجذ.. كلها أفعال تعود إلى عصر السكين الحجرية
* كما حَبِطت محاولات "إسحق فضل الله" و"علي يس" في قتل هذا العمل، فقد حَبِطت محاولات الطيب مصطفى
* هذه هي الملاحظة الأساسية التي خرج بها قاص عبقري مثل عيسى الحلو من "تيموليلت"
* الكتابات "اللافتية" في النقد شواهد على مقبرة
* كان الشريف يوسف الهندي مُعجَباً بجَلَدي على القراءة ولعلّي كنتُ أمنح غَيْبة ابنه الراحل معنىً سامياً
* على الرواية أن تشبه مطبّات القَدَر المترّبصة، وسفاهة الأيام التي لا تنقطع
* "إحداثيات الإنسان" كان عملاً يتقصّد الذهنية بأكثر من غيرها



هو كاتب تشتغل عليه الكتابة منذ أيام الطفولة كما يقول، له معايير مختلفة في تكنيك الكتابة عبر منهاج إفترع له إسم "شكلانية الأسس" بإعتباره المنهج الملازم للكتابة في مستوياتها وروح ذاتها ... اللغة الروائية والقصصية لديه كائن مميز ومسكون بروح عميقة الأثر بشكل جاذب يحيلك إلى التفكير بروية أفاده حفظه للقرآن من التمكن من نواصي اللغة وإمتلاكها، يتناول في كتاباته المسكوت عنه، يلامس محكات ممنوعة وإن كانت تسكن بين ثنايا تركيبة مجتمع متفاوت فيه المحافظ وفيه المنفلت، إختلف حوله الناس، بعض كتاباته في الإنترنت حُجِبت في السودان، وكتبه لا تزال محظورة وإن كانت قد وجدت رواجاً خارج السودان، إلتقيته في إمارة أبوظبي هادئ، عميق التفكير لا يعطيك ذلك الإنطباع الذي يمكن أن تخرج به بعد أن تقرأ له نصاً قصصياً أو روائياً، مختلف ومؤتلف في نفس اللحظة بين يدي القلم مشاكس وعلى مقربة منك مهذب بلا إفتعال... تقوم حياته على القراءة والكتابة، بعد ليلٍ مسهد حتى بعد الفجر وجدته في الحادية عشر بين دفتي كتاب تلمع عيناه كما تركته، له الله هذا الشاب وهو يقود حرباً بالكلمات فهل ينجح في التحدي حتى النهاية؟، عبر الإنترنت تلمسنا مع الروائي السوداني محسن خالد بعضاً من القضايا والذكريات لتكون مبتدأ حوار أوسع.


هناك مقوله تقول فيما معناه "حدثني عن بيئة ما أنهارها طقسها جبالها أنهارها أقل لك من يكون إنسان هذه البيئة"، البيئة تلعب دوراً مهماً في التكوين الفكري للفرد وتنشئته، ما يقدم قراءة جيدة له، قراءة للبيئة التي وُلِد بها محسن خالد، وتأثيراتها المستقبلية في تكوينه الفكري؟
هذا الكلام أظنّه يشبه فلاسفة المجتمع والبيئة، الذين سأُقَدّرهم أكثر حين يحدّدون أنّ مثل هذا الكلام يؤثّر على نوعيات كذا وكذا من الناس. حالياً البشري في طريقه لتقبّل الدنيا كلها كحقيبة فارغة في رحلة سفره الداخلية، على الأقل أنا من هذه النوعية. ولي كتاب بعنوان "الحنين بوصفه الموطن"، الموطن هو أنا، والحنين هو اللعبة المطلقة مهما تبدّلت أنا أو تبدّل المكان، تبقى الملاحظة هي أنَّ الحنين جزئية الإنسان نفسه وليس المكان، كما هو جزئية اللحظة الزمانية أكثر منه جزئية الرقعة من المكان.
بأي حال، الإنسان هو الواقعة التي تحدث بين الزمن والمكان، ولا بُدّ للمكان أن يخفت بفعل أمكنة كثيرة إن عَرَّض الشخص لها نفسه بإخلاص شجاع، يبقى حاصل أنَّ الزمن هو المُطَارِد الأكثر لؤماً، وتبقى تاريخية أنني من مواليد الريف الشمالي، شندي-المسيكتاب، ولا أتذكّر من جهتنا سوى النهر والمقبرة، أما تراكيب الصور الأخرى، فغالباً تختلط بالأوقات وبأناس بعينهم، آمالهم، طموحاتهم، إحباطاتهم، وبشوارد هنا وهناك من مجمل سجلات وجودهم الداخلي، أمّا البحث عن جهتنا بأعماقي كمسألة يمكن أن ينحشر فيها الكيلومتر بتوقعّاته، فستُتْعِب من يتتبّعها كمكان أكثر مما أتعبت "طروادة-Troy" مخرج فيلمها "فولفغانج بيترسين" في تصوّرها كمكان، هل تلاحظ! طروادة المكان مضت، ولكن أقاصيص إنسانها بقيت سالمة في ماعون الحكاية، فلم تُحَوِّج الناس بعد ذلك إلى حفريات وعلماء أركيولوجي.
في التنشئة الاجتماعية تُشَكِّل الأسرة الصغيرة العالم الذي يأخذ منه الفرد كل ثقافة المجتمع، أسرة محسن خالد، علاقته بالوالد والوالدة والإخوة، تأثيراتهم فيه، فكرة العائلة أو الأُسرة الكبيرة؟
يبدو أنَّ الأمور معكوسة معي، فأنا لم تنالني من فكرة الأُسرة، إلا أبسط أُعطيتها، وهي تحالف الذكر والأنثى لإنجاب كائن ثالث، أعني تواطؤ أُمي وأبي على إنجابي، فأبي قد تركني يتيماً دون أن أراه، وبعد أعوام قليلة أصبحتُ عَجيَّاً بفقدي لأُمي،..
هكذا بدأتُ آخذ حياتي –الحُرّة- بجرعة أكبر منذ البداية، لعبة أن تكون مسؤولاً عن نفسك-الطفل، التي قادتني إلى المسؤولية و"الحرية" في آن، فبينما الأطفال الآخرون كانوا يُزاولون الطفولة المنزلية المرعيّة جيداً، كنت أنا خارج القطيع، في مواجهة أسئلة أكثر تعقيداً من مرحلتي –كنتُ الخارجي، وكنتُ أنظر إلى أُسريتهم ومنازلهم من موقعي ذلك بعوامل من الريبة كثيرة، ربما تمنيت الفطائر بأيديهم، ما تُعِدّه أُمهاتهم، ولكن إحساس الإنجاز في عيونهم، ولمعة أعينهم بإحساس الوصول، بعد أكل الفطائر، كانت تحبطني برؤيتي للكائن يتحوّل إلى بهيمة شَبِعة ومنتهية إلى منام عاطل، غير قلقة ومتطلعة، إحباطي تجاه ذلك كان أكثر من إحباطي في الحصول على شطيرة منهم.
إذن تصبح الإجابة على سؤالك: لا فكرة معي، أو معي الإجابة كلها التي ليس بوسع أحد صياغتها في كلمات فَقْد مناسبة.
أمَّا ثقافة المجتمع فقد نظرت إليها أبداً بعيني الخارجي الصغير ذلكم، وببيت الأُحيمر السعدي: عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئب إذ عوى... وصوَّت إنسانٌ فكدتُ أطير،..
الدراسة الأكاديمية... المراحل، أيضاً تأثيرها في تكوين محسن خالد؟
البداية هنا كانت للخلوة بالطبع، ثم المرحلة المنزلية التي تزامنت مع الابتدائية، التي قرأتها بقريتي "المسيكتاب"، وكانت ثرية جداً، فقد قرأتُ فيها من نوعية الكتب المُبسّطة "دون كيشوت" وهو أوّل كتاب قرأته بالإنجليزية المعدّة لتدريب الأطفال، و"خطابات طاحونتي"، و"أنَّا كاريننا"، و"أحدب نوتردام"، و"قصة مدينتين"، و"المدفع"، بالإضافة لجمهورية كاملة من الألغاز وكتب الأطفال، وهي نفسها المرحلة التي قرأت في أُخرياتها "عُرس الزين"، ليجرّني نحو باقي أعمال الطيب صالح، وثابرت فيها كثيراً مع "الغصن الذهبي" لفرايزر و"كليلة ودمنة" ثم دخلت الحديقة نفسها من باب الشعر مع "حكايات الحيوان" لأحمد شوقي، وربما لذلك تنامت أوهام الشاعر بداخلي. أمّا الصدمة الحقيقية على صعيد اللغة فقد جاءتني من قراءتي لديوان محمد نجيب محمد علي "ضد الإحباط". وبحلول مرحلة دراسة المتوسِّط التي تلقيتها أيضاً بالمسيكتاب، أصبحت قارئاً محترفاً وأكثر نشاطاً. ثم جاءت الثانوية بالمدرسة الأهلية شندي، القسم الداخلي، وهنا بدأ الالتفات الحقيقي للأشياء وللمعرفة، وللمكتبة الإنجليزية الضخمة بالمدرسة، وهنا جاء "فرانسيس بيكون" و"باشلر"، وقد قرأتهما على نحو خاص. أمَّا الجامعة فهي مرحلة جئتها بنضج ووعي معقولين، وإن كانت ذهنيتي تعاني من سقفيات ما، تَمَّ بعد ذلك التطهُّر منها وترك العقل يركض ما وسعه الفضاء. هذا حدث في جامعة الجزيرة كلية الاقتصاد والتنمية الريفية.
متى أحسَّ محسن خالد بأنه يرغب في أن "يستحضر" أفكاره نصوصاً مكتوبة؟ وما هو النوع الكتابي الذي بدأ به "الشعر، القصة، الرواية"؟ وفي أي واحد منها يجد نفسه محسن خالد؟
الأمور ليست واضحة في ذهني تماماً، يبدو أنَّها حين بدأت بشكل جدّي بدأت بالمسرح الشعري، فقد كنتُ متأثِّراً جداً بمسرحية "العبادي". وعلى هذا الغرار في المدرسة الابتدائية أنجزت مسرحيتي "شنحيب". ثم تحلُّ مرحلة أخرى أصبح فيها شاعراً مضحكاً بأكثر من بهلوانياتي في المسرح الشعري. وحتى في بدايات مرحلة نضجي كنتُ أكتب الشعر بالعامية، وربما أنا فيها معقول المستوى، وإن جاءت كتأثّرات بقراءات مدشّنة جيداً. وربما برعب الاكتشاف نفسه، الذي يعرف به الإنسان رجلاً كان أو إمراة، أنَّه أصبح بالغاً، بقفزة الماء الأخضر مباغتةً من جسده، وبقفز الكائن من مرحلة عدمه، إلى كائن آخر بوسعه أن يورّث حياته لآخرين، وأن يصل حاضره بماضي السلالة، بهذا الرعب كله، بدأت أكتب "إحداثيات الإنسان" و"الحياة السرية للأشياء" في وقت واحد، ومزّقت ديوانيْ شعر والتزمتُ جادّة الحكي، والروايتان ابتدرتاني تنزُّلاً منذ الثانوية.
"الكتاب ماعون للمحو مثلما هو ماعون للكتابة" كيف يتأسس النص عند محسن خالد وفقاً لهذا القول؟
الكتابة عندي هي الخروج في صيد،.. الأفكار، الصور، الأخيلة، العواطف، خزائن الأيام ورفوف العابر،...
الخروج في صيد لغتك الفردية من بين قطيع اللغة الوحشي وقطيعها العاطل،...
أنا أقتفي أثر الكتابة ليس من أجل احترافها، وإنما من أجل متعتها ومجانيتها، ولكي أكون وفيَّاً لطفولتي،..
"الكتاب ماعونٌ للمحو مثلما هو ماعونٌ للكتابة"، هي الجُمْلة التي شرعت بشروطها في كتابة سيرة صديقتي "تيموليلت" الليسبيان، مطبوخة مع سيرتي، العمل الذي راج بسرعة مدهشة ومُرْبِكَة في آن، ربما تشريع دِرفتيْ هذه المقولة نَبَّه الناس إلى المقهي على طرفها الآخر، مقهى المحو، فالناس لسنين وَهْمٍ طِوَال افترضوا في الكتاب مقهى كتابة فحسب، والأمر يتضح أكثر "وتُهَجِّج نارُه" مع موضوعة كالسيرة الذاتية،..
عن كتابة سيرتي أظلُّ الخارجي في نصها أبداً، وإنْ أنا وتدها في نفس الافتراض،..
الوتد ينهض في حر الأرض أو بردها –بالخارج- لأجل تصالب خيمة غيره، من هم بالداخل، وإن يبقى هو الوتد، تتصالب الأشياء به على الدوام،..
القصص أنا على الدوام أنظر إليها من حيث تفتقر هي إلى الترابط، لأنّني سأبني حكايةً لها ولن أروي أحداثها، أمَّا الاقتراب من القصة من حيث هي مترابطة ويمكن تعبئتها في فيلم تسلسلي، فهذا اقتراب لرواية صحفي أو مراسل حربي، الروائي الأمثل لا بُدّ له أن يُفَكّر في المسألة على نحو آخر، وغير إعلامي أو دعائي. الروائي يُعبئ الجُمَل، الجُمل الموقوتة لتنفجر واحدة بعد الأخرى، في طريقٍ تترصّده مفاجآت البارود كلها، شبح التفريغ، والتعبئة بمرحلة صادمة ومتشظية في كل آن، ما يفعله الانفجار بالضبط لو كنّا نذكر.. وهذه هي الملاحظة الأساسية التي خرج بها قاص عبقري وعريق مثل عيسى الحلو من رواية "تيموليلت".
وكانتباهة في ناحية أخرى، لا بُدّ من تفكيك اللحظة من الزمان، فهذا شيءٌ مهم بالنسبة للروائي، هناك لحظة تصلح للرواية، وهناك لحظة متوفية، اللحظة في ساعة حائط على جدار الغرفة، لا تناظر أبداً تلك اللحظة من ساعة المحطة وهي تمر على قلب حبيب منتظر، قُل لي إنَّك تضبط كتابتك دائماً على اللحظات في ساعة المحطة، وأنا سأقول لك إنَّ كتبك ستبقى على الدوام حيَّة ومتقدة.
والرواية لديَّ بدون خلاصات، كرواية رجلين يتساومان حول مسألة غامضة بكل سرور، وبكل ما في الغموض من غواية وطرافة، أحدهما يقول لرفيقه، أنا معي روح عصفور، فقل لي ما معك؟ ويرد الآخر، بأنَّه مفلس، ولكن الفضاء كله في جيبه هو، إن اتفق هذان الرجلان فمعهما عصفورٌ وفضاء، وإن استمرا مختلفَيْن وفي عبثهما القديم! فأيضاً معهما عصفورٌ وفضاء.
الرواية أوَّل ما يجب سلخها عنه، هو مخطّطات الإخباريين القُدامى من الأعراب، الرواية لديّ حيث لا حكايات، فقط جذب لحية الحكاية، البناء الدرامي، التصاعدي، أو التطوري، يبدو خِفّة عقل لم يعد الناس ساذجين لها بالحد الكافي لتتبعها، عليك أن تلعب لعبة عفوية جداً، لعبة مجاورة لتفاصيل الشخص الداخلية ونهنهات روحه، لعبة ونَّاسة أكثر من كونها متسيّدة حكاية، كي تفغر فم الدماغ والخيال لأجل أن يركض بداخلهما دم لا أكثر، وذلك يتم بتجريد الأحداث من الاتجاه والنوايا والقصدية، وفي نفس الوقت بجعلها قابلة للامتلاء بأي قصدية يمكن أن تعترض طريقها، عليك أن تلعب بكل شيء، دون أن تخشى من الضياع وعدم الوصول، على الرواية أن تشبه مطبّات القَدَر المترّبصة على الدوام، وسفاهة الأيام التي لا تنقطع.
"الرواية منطقها الوحيد أنَّها رواية"، هكذا يقول الرجل الأميبي من إحداثيات الإنسان، فأنت تزهو باللغة المنحوتة مثلما تزهو باللغة العاطلة، وتتفرعن في الصور يا صديقي، تتفرعن في الصور لإنتاج يوم الزينة بكامل فراعنته وأنبيائه وتحدياته، عالمٌ من الظلال عليه أن ينهض، والسراديب خلف الجُمَل كلها عليها أن تطول، حُجُرات خلفية إثر حُجُرات، دون نهاية.
تخيّل أن رجلاً يُعِدُّ بيتاً كاملاً بما في ذلك الحديقة والشارع المجاور، من إطارات لصور ولوحات غائبة، ثم يُكَرِّس باقي عمره بعد ذلك في تجريب ملء الإطارات بالصور واللوحات، يملأ ويُفَرّغ، لتعمر لحظاتُ بيتِه بالإيحاءات كلها، بصدفة الذي هو دائم، بدوام الذي هو صدفة، وجوه دائمة في تعابيرها، دوام النيل في طريقه، وجوه تائقة لتعابيرها، تَوْق النيل لوصوله الكلي، بحيث يلتفت خلفه، ولا يرى له ذَنَباً ينجرُّ من ورائه، والمطر يبقى أبداً هو الخائن للُّعبة كي تستمر، والخائن الأبدي للجملة هو الجملة نفسها، الكلام يخون دمه على الدوام.
بأي حال، الكاتب والكتابة كلاهما يتحقّقان عبر مراحل، يبدأان بمرحلة الكاتب الرخو والكتابة الرخوة، التي لا يكاد فيها القلم أحياناً يُبين كثيراً. ثم يجتهدان أكثر، كلاهما، الكاتب والكتابة، ليبلغا مرحلة (الإمتاع والمؤانسة) استلافاً للتسمية من ذلك الكتاب القديم.
ثم تأتي المرحلة الأكثر أهمية، والتي يطلِّق فيها الكاتب الكتابة، ويفرزان معيشتهما كما نقول بالسوداني، ويصبح بوسع الكاتب أن يجدّد الكتابة نفسها، وأن يتعامل معها من خارجها، بهدف "إعادة خَلْقها" وليس ترقية أبنيتها ورؤاها وصورها فحسب، أعني حين يصبح بوسع الكاتب أن يحذف ويضيف إلى مجمل تراثها.
ثم يعود الكاتب للالتحام مع الكتابة من جديد، ولكن لكي يكتبها بكتابته ويُعَبِّر عنها بلغته –لغة كهفه الخاص- التي اصطادها بعيداً عن لغة الكتابة التي هي كيلةٌ من دقيق التموين في مواعين الجميع، وهي المرحلة التي يصبح فيها الكاتب الفلاني جسد وروح كتابته، وليس أن تصبح الكتابة المتداولة روح وجسد الكاتب فلان، هذه كتابة ستُفضي بالشخص في النهاية إلى صحيفة وليس إلى رواية، هكذا لا جديد، ولا غيلان كتابة، وهذا التمرحل هو ما قصدته كثيراً بكوني أسعى لأن أكون غولاً في الكتابة، الكاتب الغول.
في مناقشاتي معك كنت قد ذكرت لك (وفي الصوفية "الطبقات" كأنه مجموع روايات كُتب بلغة هي هجين مثلما يكتب الآن محسن خالد... وود ضيف الله في زمانه فلتةٌ أحدثت الضجيج)،... مثلاً في تيموليلت الكتابة الهجين ظاهرة جداً وموزعة "هجينيتها" بين اللهجة المغربية وحنين محسن خالد للّهجة السودانية الممعنة حتى في دارجيتها... وإن كانتْ لا تُوجد في "إحداثيات الإنسان"، بل بالعكس العربية الصافية تحَدَّث عبرها حتى شخوصك الشعبيين جداً... كيف تفسر ذلك؟ وأيهما أجمل عندك الكتابة بالفصيح "الفصيح المتوسط إن صح التعبير" أم الهجين؟
أولوية اللغة، أو نوعها، موزّعة بين اختيار الراوي لها، وبين إملاءات رسم الشخصية حسب مكوّناتها الثقافية وقدراتها دون شك، هذا من ناحية مهمة وإن ليست شَرْطِيَّة وحاسمة، أمَّا الناحية الأخرى الأكثر ضرورة فهي أنّ الموضوع وهمٌ من أساسه. أو دعنا نقل إنّه وهم متعلّق باللغة العربية تحديداً، لأنّها لغة منفصمة بين لسان فصيح وآخر دارجي-تفاهمي. وأنا أهدف من هذه الإشارة إلى سَوْق الموضوع لينتهي بتقديرات الراوي نفسه للمسألة. وأكبر دليل على أنَّ الموضوع -وهم خالص- يتضح عندما نقوم بترجمة هذه الكتب إلى لغات ثانية، فلو أنَّ إحدى الشخصيات في العمل قالت: "أنا مدّلي علي ساقيتي"، أنا وأنت فقط سنعرف أنَّ المتحدث هو مزارع من شمال السودان بحكم أننا سودانيان وبوسعنا معرفة لغة مزارع شمال السودان عن لغة الأدروب عن لغة الشوايقة عن لغة غرب السودان، عن لغة شخصية بوسعها أن تتحدث الفصيح وتقول نفس العبارة السالفة على نحو: "أنا ذاهب إلى حقلي قُرب النهر"، والعبارتان حين نقوم بنقلهما إلى الإنجليزية تُعطيان معنىً واحداً، بدون أي محددات فكرية أو نفسية -تاريخية، -جغرافية، -حضارية، حول الشخصية القائلة، إذن مسألة اللغة هذه هي مجرّد أوهام إقليمية، السؤال هو: ما هي المحددات الكونية للشخصية، المحددات التي لا علاقة لها باللغة وإنما بالروح، لا بالجغرافية وإنما بالزمان، لا علاقة لها بمستويات الشخصية وإنما بنواة الشخصية، المحددات الكونية والفاصلة، والتي تنهض في الجهة المعاكسة للمدرسة "الوجودية" وهذه هي اللعبة بالضبط التي تعتمدها رواية "إحداثيات الإنسان"، ونظرتي إلى هذه الرواية تختلف عن نظرتي تجاه أعمالي الأخرى، "الحياة السرية للأشياء"، "تيموليلت"، "المرور أمام النشنكة"، "قسيس الطبيعة"، "كلب السجَّان". "إحداثيات الإنسان" كان عملاً يتقصّد الذهنية بأكثر من غيرها، وفي تقديري أنَّه عملٌ يؤسِّس لنوع مهم من الرواية تفتقر إليه الكتابة السودانية، وهي الكتابة المفكّرة، هذه مسألة مهمة لإنتاج آليات إنتاج الأدمغة نفسها، كما هو الحال مع كُتّاب مثل "سارتر" و"كامو" و"ألدوس هكسلي"، وكتابات مثل "زرادشت" و"فارتر" و"يوليسيس" و"التحوُّلات"، أما "الرواية –القص" فمسألة أسهل من ذلكم بكثير، لذا أنا احتجت في "إحداثيات الإنسان"، العالية الطموح، للّغة التي يمكن الاتفاق على قوانين فهمها وكتابتها-الفصيح، مع أنني في تداعيات شخوص نَفْس الرواية سعيت بقدر المستطاع إلى المناوبة بين هذا وذاك. أمَّا رواية "تيموليلت" وغيرها من الأعمال فأنا كنت بصدد الذهنية وظرفية الحكي في نفس الوقت-البيئة-الجمالية- بأكثر من التركيز على جهة واحدة. وكَعَارض لي هنا أقول إن "الحياة السرية للأشياء" كُتِبَت أيضاً بفصيح صافٍ، وإن هو مختزل لأبعد الحدود، هناك لعبة اختزال اللغة الكلاسيكية، بمعنى عرضها في أقرب وجه فصيح يمكنها به أن تشبه العامية، أي مصّها كسُمّ من لدغ الشوارع، لتشفى بمجرّد قناع عافية قاموسية.
القراءات الحرة... اتجاهاتها، تأثيراتها، وهل هناك منهج مُعَيَّن للقراءة؟
لا أدري كيف أُجيب على هذا السؤال، لأنني أبكرتُ في عملية التعلُّم كما هو الحال مع كل العباقرة طبعاً، وهنا موقفٌ للمزحة، فكل من يعدّون معه حواراً من اللامعين لن يعفي الناس من هذه البادئة، ومن بادئة الإبكار في ممارسة إبداعه أيَّاً كان نوعه، لنقل إنني لم أكن أقلَّ شأناً من هؤلاء اللامعين، وإنني أُدخلت الخلوة باكراً من ناحية أُمي، لأحفظ وأجوّد القرآن، هذا بصدد العربي، أمَّا من ناحية الإنجليزية فلحسن الحظ قدّ علمّني ابن خال أمي "محمد فضل المولى" بدايات الإنجليزية وأنا في مطالع الابتدائي، ثم أكمل معي الشوط ابن خالي أنا "مُحي الدين محمد المك" لأنني كنتُ الحوار الذي غلب شيخه محمد فضل المولى بأسرع مما كان يُتصوَّر، إذن أصبحتُ بحاجة لمن يُلقمني حجراً، فكان مُحي الدين الذي ما يزال أبرع مني ومن أهلها أنفسهم.
مجلات الأطفال بجميع أنواعها وألغازها كانت أعلاف طفولتي، وآداب الإنجليزية أو الآداب المنقولة إليها من الروسية وغيرها من اللغات -فقد كوّنت مكتبة ضخمة أيام عيشي بذاك الريف البعيد- بالإضافة لكتب الطيب صالح، التي كنتُ مشهوراً بحملي لها في جيوبي وقراءتها على الناس في أي مجمع أجده، النساء على وجه التحديد كُنّ يطالبنني بإعادة مشهد "الزين" في المستشفى، لا أدري لماذا؟ ربما هي الحاجة للحنان. هكذا كانت تعثّراتي الأولى على الدرب الذي ما يزال يتمطّط. أمَّا الحادثات الأربع والأوضح في توجيهي من ناحية القراءة فأُولاها هي مروري بمكتبة في الخُرطوم كانت تُجْرَد مخازِنُها، وبسعر تافه جداً حصلتُ منها على معظم منجزات الأدب الروسي، بوشكين ودستوفسكي وتشيخوف وإلكسندر كوبرين وفالنتين راسبوتين وليف تولستوي وألكسي تولستوي ومكسيم جوركي وشيلخوف وإيفان غونتشاروف وتورغنيف وكورلنكو ومايكوفسكي وسيرجي يسنن وأنَّا أخماتوفا، وتمنيتُ في تلك الفترة أن أكون مثل المترجمَيْن "سامي الدروبي" و"أبوبكر يوسف"، وأن أتزوّج روسية بيضاء كناستاسيا فيلوبفنا، بشرط أن تكون رائقة. وتأكَّدت الفكرة في رأسي جيداً حينما بلغت مطالع الثانوي وقرأت "حكاية البنت التي طارت عصافيرها"، وذلك الإهداء الفارط الحزن والجمال من بشرى الفاضل لـ"لودملا".
الحادثة الثانية هي ذهابي إلى مدني في زيارة وتعرُّفي بـ"عمر السنوسي" وبمكتبته الضخمة حينها، وهذا الرجل أوَّل من وجَّهني وتناول أعمالي بالدراسة الجادة، مع أنني كنت صغيراً جداً، ولا أكاد أقفز فوق مرحلة المتوسطة. بمساعدة هذا الصديق وتحت ظلال مكتبته يمكنك أن تقول إنني بدأت أعي ما أنا فيه، وما أنا منذورٌ له، لقد جعلني أقرأ وأستوعب في تلك السن أعمالاً مثل "نظرية الأدب.. لأوستن وارن ورينيه ويليك"، "المنهج والمصطلح.. خلدون الشمعة"، "النقطة والدائرة.. طَرَّاد الكبيسي"، "الشعرية العربية الحديثة.. شربل داغر"، "ضرورة الفن"، و"الفن والمجتمع" و"دراسة في منابع الشعر الإنجليزي"، هذا الصديق عَرَّفني على اتجاهات النقد، ومن مكتبته تعرّفت على أعمال ماركيز في مجملها تقريباً، وكنتُ قد قرأت لماركيز "مائة عام من العزلة" و"الحُب في زمن الكوليرا" فقط، هنا وجدتُ تتمته ووجدت "جورجي أمادو"، "كارلوس فوينتس"، "خوسيه ساراماغو"، "وإيزابيل الليندي" و"نادين غورديمر"، "ريلكه"، "لوركا"، "ويليم بليك"، "طاغور"، "أوكتافيو باث"، "برنارد شو –بالعربي"، والذي لا يُحصى، في مكتبة شاسعة جلبها صاحبها من العراق بدل كل ما يجلبه المغتربون –عادة- من متاع، قيل لي إنَّ وحدات الأمن سرقت نصفها بعد رحيلي.
الحادثة الثالثة هي مكتبة "الشيخ عبد الوهاب حاج علي" بالمسيكتاب، كُنَّا نذهب إليها أنا وصديقي "سفيان محمد عبد القادر" الذي عبد الوهاب يكون له جَدّه لأُمه، وهنا كانت المواجهة مع كتب التراث في أضخم احتشاد له أراه في مكتبة شخصية لفرد، كلُّ ما يخطر على قلبك، كان يدخل علينا ويشجّعنا: المباريك! فطرتو وألا لاهسي، العلم بدور البطن الملانة "عليه رحمة الله".. كَنَّا نُركّز على كتب الأدب والتاريخ أكثر من غيرها، مع وضع كتاب للبخاري أو "علي المديني" قريباً منَّا، تحسّباً لدخول الشيخ عبد الوهاب فقد كان يأتي ويقرأ معنا أحياناً، ونحن نُريد "مَسْخَة وطَمْسَة" صاحب العقد الفريد والمبرّد والأغاني وأقاصيص الطبري وابن كثير وابن الأثير و"ابن هشام -الطبعة التي أخرجها الزبير باشا حين اعتقاله بمصر"، ودواوين الشعراء في كلاسيكيات الطبعات المصرية القديمة، "خمريات أبي نوَّاس، بدون أي حذوفات –طبعة قديمة وأصلية"، وكتب أبي العلاء بتمامها، وخصوصاً رسالة الغفران التي كانت من صعوبتها كالعقاب، وإلى آخر أوراق التراث. وحين أعثر على مكتبة جَدّي "عبد الله الأنصاري –المُوفَد"، التي ستقودني إلى كتب تراث المتصوفة تحديداً، سأكون على علم بالكثير من هذه الكتب، هنا يمكنك أن تُراجع قصتي "المُوفَد". مكتبة أبي الشخصية وأجداده لم تفدني كثيراً، لأنَّها كانت تنحصر في كتب الدين الجافَّة –السلفية، وفي علوم اللغة تحديداً وباتساع لا يمكن الإحاطة به، لقد استفدت منها معرفياً، ولكن ليس فنيَّاً أو جمالياً، بما يقدح شَرَر الطاقة الغامضة في روح الكائن.
الحادثة الرابعة هي مكتبة الشريف "يوسف عبد الرحمن الهندي"، الذي عشتُ في بيته كواحدٍ من أبنائه، فابن عمي وصهري عبد الرحمن بدر التمام كان زميلاً وأخاً وجاراً له في إدارة مشاريع النيل الأزرق الزراعية، وأنا مضّيت في تلك المكتبة ما يساوي مجموعه السنين، ولعلّها ومكتبة عمر السنوسي المكتبتان الأكثر تأثيراً في حياتي، فقد كانت مكتبة الشريف تتكوَّن من شقين، الشق الذي يكاد يُغَطِّي أهم مصادر كتابات التراث الأدبية والتاريخية والكتابات المعاصرة، وهذا الشق جمعه وأعدَّه الشريف يوسف بنفسه، أمَّا الشق الآخر فهو تغطية للآداب والفنون والفلسفة الغربية، وهذا جمعه وأعدّه "الراحل بدر الدين" ابن الشريف يوسف، وجاء بمعظمه من دول خارجية إما درس فيها أو قام بزيارتها. هنا تعرَّفت بتوسُّع وتركيز على كتب المدارس الفلسفية والأدبية والفنية، على "نيتشه"، "هايدغر"، "لاختنتريت -الموسيقى والحضارة"، "داروين"، "سيغموند فرويد، أدلر، يونج"، "كارل بوبر"، "أزوالد إشبينجلر"، "هنري باربوس"، "هيرمان هسّه"، "أرنولد توينبي"، "كولن ويلسون –في أعمال له لم أكن أعرفها، وهذا الرجل أنا كنتُ أُسمّيه صحفي الفكر، لأنَّ كتاباته تدلّك على الكتب المهمة التي يجب أن تُقرأ، كولن يتحدّث عن د. لورنس، وما عليك إلا البحث في مكتبة الراحل بدر الدين، كولن يناقش "مدام بوفاري"، وهاهو جوستاف فلوبير بهذا الرَّف. الشريف يوسف كان لا يقرأ بالمكتبة، بل يأتي فقط ليأخذ الكتب إلى غرفته، الأكثر اهتماماً بالقراءة في منزله كانت ابنته "ابتهاج"، ثم زوجته الفاضلة "طيبة"، كان الشريف يوسف يُعجَب بجَلَدي على القراءة والسهر كثيراً، لعلّي كنتُ أمنح لغَيْبة ابنه الراحل معنىً سامياً وذكرى مفيدة.
ربما بعد هذه الفترة بقليل بدأت دراستي الجادة للنظريات العلمية، "النسبية"، "ميكانيكا الكم"، "الأنتروبيا"، "الجيشتالت"، "فيسولوجيا الدماغ"، "التحليل النفسي"، "المدرسة السلوكية"، على يديّ صديقيَّ "د. محمد قُرشي" و"د. السماني يحيى"، وللطرافة الأدبوعلمية فقد عَرَّفني د. محمد قرشي على ألدوس هكسلي، كما عَرَّفني د. السماني يحيى على "إيفو أندريتش"، مع أنني كنتُ دليلهما في هذه الناحية.
ثم تتوسَّع حياتي الثقافية بعدها، بالسفر، وبالاحتكاك المباشر بأكابر المثقفين العرب والأجانب خارج السودان، ومن ثم يتخذ الاطلاع والقراءة شكل المشاجرة وما هو حياتي ويومي، لتصبح تلك الفكرة العَطِرة والحالمة، حول الكتب والكتابة والاطلاع، أزمة عيش.. جهة عمل.. مغالبة ميول وأهواء.. افتراضات لأُعطيات تافهة تمنحها الثقافة.. فما أزال أُكافح وأتمسّك ما وسعتني الحيلة بتلك الرهبة الخافتة، الشيطانية و"المِفَارِقَة"، التي تمنحها الكتب، ما يجعل الأمور كلها تدور مع شَيْمَة الصلاة على الجبين.
ما هو موقف محسن خالد فيما يردده البعض حول كتاباته، لدرجة الاتهام المبطَّن، وهو خلاف يقوم في الأصل حول قضية موجودة أصلاً ومختلف حولها وهي معالجة الجنس في الأدب؟
الأمر كما أشرتَ إليه يا عبد الله، هو مُكَرَّر وقديم، والحديث فيه يُصيبُ بمَلَلِه المتحدث والمستمع، وبميزان واحد، يُجْلِس أحدهما في كفّة الميمنة والأخر حيث لا يجد إلا كفّته الأخرى والمعلومة، لا رغبة لديَّ في إضجار نفسي والقارئ، أنا قلت: "الكلمات هي حربنا ضد الحرب"، و"الكلمة لا يعترضها أحد"، التاريخ من قبل أفتى بذلك، والانترنت خُلقِت خصوصاً لتأكيد هذه المقولة، الإيمان بأي شيء كان -بعد الآن- لن تحميه بطراركية أو إماموية، ومهما بلغت سلطاتها، إلا بقدر ما يستطيع ذلك الإيمان أن يحمي نفسه بداخل الشخص. البتر -القطع -الحذف –الجذ.. كلها أفعال تعود إلى عصر السكين الحجرية، وإنسان كهوفها، إنسان ما قبل الآدمي، "النياندرسيال مان" و"الكروماجنون".
الخلافات التي حدثت حول "إحداثيات الإنسان" فيها كثير من الإجحاف خاصة وأن الرواية لم تكتمل فصولها بعد، ألا تعتقد أن تلك مشكلة وهي أن يُقَدِّم الروائي جزءاً من عمل لم يكتمل، بمعنى أن تلك مغامرة من قبل الكاتب؟
لا، أنت خلطتَ في الأمر، أنا قلتُ إنَّ المنشور منها هو (جزءٌ يسير) من العمل، ولم أقل إنها لم تكتمل بمعنى أنَّ أجواء البدايات للعمل لا يمكن للقارئ الحصول عليها، كلامي بخصوص القارئ الذي ينوي الاطّلاع على الأمر كله من الانترنت فحسب، هناك الجزء الأول مكتملاً ومطبوعاً، ولم يكلّف أحد نفسه عناء البحث عنه أو حتى وضعه في حساباته بأقلّ تقدير. ثم إنّ قرارات الطيب مصطفى –غير المثقّفة أو النقدية، بأي حال من الأحوال- تعنونت باسم أحد الفصول (الرجل الكلوروفيل) هذا صحيح، ولكن مع القليل من رواية (تيموليلت) وأيضاً من الحواشي التي لا دخل لها بالعملين مطلقاً، أما حاصل الحَجْر والمنع فقد وقع على كتابات "محسن خالد" كلها، بما فيها بوست (إصلاح الكتابة) المخصّص للحوار والإفادة حول اللغة العربية، بأي حال كما حَبِطت من قبل محاولات "إسحق فضل الله" و"علي يس" في قتل هذا العمل، وكذلك محاولات رقابات أخرى في بلدان عربية، فقد حَبِطت محاولات الطيب مصطفى. (الكلمة هي عصا موسى).
كيف يمكن النظر إلى أمر النقد الأدبي في السودان؟ وما هي وجهة نظرك حوله؟
النقد الآن في منظوره الكوني يعاني من ارتباك، ويعاني من تأخّر في ملاحقة الآداب والفنون، فتراكم الآداب والفنون والمعرفة بلغ حداً "جنونياً" و"مخيفاً"، جنونياً -لكونه بإمكانه أن يحتوي على أيِّ شيء، ومخيفاً –لكوننا لم نمارس عليه النقد لنعرف ما يحتويه، أما الذي هو رائج الآن وبكثرة من مقالات النقد، لاحظ أنَّه قلّت أعداد الكتب المخصَّصة للنقد، فقط هناك مقالات نقدية قديمة الآليات تلاحق أعمالاً –ليس بالضرورة أن تكون نافدة- ولكنها قطعاً "بائتة"، لكونها لم تُحظَ بالنقد في الوقت المناسب، نحن نتفرّج.
بخصوص الساحة –النقدية- في السودان، هي بالتأكيد لن تفاجئ الساحة العالمية بابتكار مباغت، ربما معنا من النقَّاد العدد القليل، وهذه ليست الآفة ولا المشكلة، الآفة هي أنّ هذا العدد على قِلِّه يناقش كتاباً واحداً دون ملل، "موسم الهجرة إلى الشمال" إن أحببت أن أُسمّيه لك. هم بالطبع سينتظرون نُقّاد الخارج حتى يتناولوا أسماء جديدة مثل (أبّكر إسماعيل) أو (بركة ساكن) أو (محسن خالد)، ليأتوا هم بعد ذلك كالبكتريا التي تعقب الطاعِم، فلا يخرجون إلا بما يخرج به متسقِّط الفضلات، وإن كانوا أذكياء بالفعل ومظلومين من قبل شخص مستهبل ومتجنّي مثلي، فليلعبوا لعبة جديدة ومعاكسة لمرَّة واحدة في حياتهم.
بأي حال تبقى تلك الكتابات العارضة أو "اللافتية" كما أُسميها، "غير المتخصصة"، كنوع من أنواع إبداء "المحبّة" أو "الكُره" تجاه المنتوج الفني أو الأدبي، والتي أصبح إعرابها في غياب النقد الحقيقي في محل "شواهد" على مقبرة النقد.
الذي أقوله لنقادنا، إنَّ فضاء الكتابة العربية تحديداً، لم يغفر لكم أن كان منكم "الطيب صالح"، وليس بالغباء الذي يجعله يرتكب ذنباً جديداً.

Post: #29
Title: Re: محسن خالد الكاتب الغول: الكلمات هي حربنا ضد الحرب، وهل ينجح في التحدي حتى النهاية؟!!!
Author: خالد عويس
Date: 12-10-2005, 09:08 AM
Parent: #28

محسن وعبدالله
القصيدة "الجيدة" لا تكتب بالضرورة في المكاتب "المتربصة"، والدواوين الرسميةأو شبه الرسمية. هي لا تتنفس في طي الملفات "الحكومية"، كما هو حال "الرواية الجيدة" التي يعوزها - ربمافي عرفهم - أن تمتثل للقانون!!
كلا، الفن الجميل، الفن الحقيقي، الفن القريب إلى البدائية بمعناها الفطري "الحر"، فن خادش، عاري، حقيقي، و"ضد القانون"، لأن الابداع دائما فعل استثنائي، لا يقره "أهل اليقينيات المعلبة والأدوات النقدية الجاهزة"!!
الرواية العظيمة ربما تكتب في الحانات، على خشب المناضد، أو على ورق "التواليت"!!. ربما تكتب في غرزة حشيش، أو بين فخذي غانية. لو "تجرأ" ماركيز على كتابة "غانياتي الحزينات" في السودان - الآن - لجز رأسه. الكتابة فيها قدر من محاكاة الحياة وتفاصيلها، فيها رصد لارتعاشاتها ومداراتها والتفافاتها ومداوراتها، من غنجها ودلالها وعهرها.. أليست الحياة في قسم منها "عاهرة محترفة"؟
أنا أستغرب دائما من تصنيف الأدب إلى "أدب مؤدب" و"أدب قليل أدب"..كيف يكون "الأدب" قليل أدب؟ هل مقدور على الروائيين أن يكتبوا مواعظ حتى يرضى هؤلاء؟ إما "أدب" أو "لا أدب". إما أن يقتنص الكاتب لحظة الابداع بكل جنونها وتمردها ونزقها وحريتها وفوضاها وترتيبها الداخلي وأنساقها المغايرة، أو لا يكتب "مجرد كلام فارغ للتسلية".
عزيزي محسن، اكتب قصصا على شاكلة "الشياطين الـ 13" و"أرسين لوبين" ليرضوا عنك.
ما أجمل عدم الرضى هذا !!

Post: #30
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-11-2005, 01:47 AM
Parent: #1

العزيز جداً ... خالد عويس
أزيك يا حبيب ...
يولد الأدب على مفترق طريق ليرى أي الطريقين يذهب القانون ليخالفه ... والإبداع متقلب المزاج لا يردعه قانون ... وإن كان كذلك لما سمي إبداعاً كان يمكن أن يحسب شئ آخر (مدرسي) جامد متحجر ... من الذي أعطى الحق في رفض نص ؟؟؟ ومن الذي أعطاه ... ومن صنع من هي المعايير أو المواد القانونية التي يحاكم بها النص بعمومه؟؟.

Quote: ربمافي عرفهم - أن تمتثل للقانون!!


إن قانون الذي يريدك أن تكون صورة كربونية منه هو قانون من صنع أفكاره المتعفنة التي لا ترى إلاّ في إتجاه واحد أعمى متربص موبوء متحفز لكل آخر ... لا أحد يستطيع أن يحاكم نصاً ... النص يحاكمه النص ... وليس بالضرورة دائماً أن يكون الحكم إيجابياً ... والتدافع بين النصوص هو الذي يبقي النص الأقوى ... هناك نصوص كثيرة (شعر، رواية، قصة فصيرة، مسرحية، ... الخ) لا تترك داخلك إلاّ ذلك الإحساس بالململة ... وهناك نصوص تظل تطن بأذنيك حتى آخر نفس ... كأنها تحولت إلى جزء أصيل منك ... تغازلك من بعد وتتحرش بك ... وتلازمك ...
ما هو الدور الذي يجب أن يقوم به الأدب؟ هل هو جزء من المجتمع الذي يكتب فيه أم هو منبت الصلة به، هل يكتب وفي ذهنه الواقع ... هل يعكس الواقع الحقيقي أم الواقع المجاز الذي يترعرع في أذهان المتزمتين ؟؟؟ أه .. أتريدونه أن يغمض عينيه عن الواقع ويقدم صورة أخرى مختلفة تماماً؟، هذا أدب كاذب ومنافق ... إن الأدب الذي يغض طرفه عن سيرة الحال فهو أدب تافه ... لا يعدو أن يكون فرمانات رسمية تتلبس ثوب الأخلاقيات التي ليس له علاقة بها ...
النقد ؟؟!!!! ألاّ رحم الله النقد وأسكنه فسيح كتب قديمة ... ياااه كان رجلاً طيباً يا سيدي أتذكرونه يا عويس ؟؟؟ كان يسكن جوار الأدباء وفي مناخهم ... ويتساكن في دواخلنا أدباً رفيعاً ... أصبح النقد كما قلنا ونقول دائماً رديف شرعي لمعنى الشتم ... والمحاكمات ...
وسبحان الله أصبح الذي لا يعرف شيئاً ولا يقرأ شيئاً عن أدب أديب ما يطلق الأحكام ويحدد الجزءات ... قاضياً وجلاداً في وقت واحد ...

خالد عويس
محسن خالد
أبكر آدم إسماعيل
بركة ساكن
عاطف خيري
الصادق الرضي
...
...
...
إلى آخر العظماء ...
وقبلهم
كل الذين أحكموا أدبهم وأدبوه ليقول بلا مواربه ... ويتحدث لنا بلا نفاق ...
حتى إبتداءاً من ود ضيف الله (الذي ينظر البعض لكتابه الطبقات شركاً أكبراً)
مروراً بالطيب الصالح
وصاحب الطفابيع بشرى الفاضل
وإبراهيم إسحق ... الذي حدثنا عن أخبار البنت ماياكايا ..
وحميد حسن سالم ... وهو يدوزن ذلك القلق في داخلنا ..
وفضيلي جماع ...
وصاحب مريم تلك التي قال أنها عسل الجنوب ... عثمان حامد
وهذا الصف الطويل من مبدعي بلادي الذين لم أذكرهم بالإسم واحداً واحداً ...

لكم التحية وأنتم تقولونها دونما نفاق ...
هذا الصف الطويل سيظل يقولها ... سيمر زمان وهو قوي ومتين ومتماسك ...
رغم كل شئ ...
مع محبتي ...

Post: #31
Title: أخوي عبد الله..
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 12-11-2005, 02:59 AM
Parent: #1

أخوي، عبد الله...

دحين الزول لمن داير يكتب حاجة،أي حاجة، حتى ولو جواب، أو خربشة على ورقة، هل بكون عندو تصور، فالماضي، يحسب ملاءة المستقبل بيد الحاضر، فالكتابة (كما أتصور)، أرق خاص، وتوتر لذيذ داخلي، جنين ما، تشكل عبر لقاحات لا حصر لها، وقد اكتمل، لو ما طلع وووب، ولو طلع، يبدأ وزنه، على مقاس (شافع شين، سمح، طويل، ازرق)، فالعملية الابداعية، تجربة خاصة، تحمل مقوماتها بداخلها، فالإنسان معبر، أنه يعبر عن نفسه في حركاته وسكانته، بل لم ولن تمر لحظة وإلا والإنسان يعبر عن نفسه، بالصمت، بالتوتر، بالحلم، بالجري من كلبة، بالصياح كالدراويش، (سبحاني ما أعظم شاني)، بكتابة كتاب (أحداثيات الإنسان)، أو (الجمال لاتقف خلف إشارة حمراء)، أو حتى (أنعل أبوكم)، وذلك حين تعفص بني أدم كراع ضخمة في دفارات الحاج يوسف...والحياة طويلة، وهي لاتكفي بفقرة (بعد الميلاد، وقبل الموت)، بل تمد فقرات كتابها الأسطوري، وتسرح لما قبل الميلاد وما بعد الموت، وأشطر زول لا يعرف عنها، إلا أنها(عسيرة الوصف، عسيرة الهضم، عسيرة التعبير)، كما يقول العزيز (بوذا)، وبرضو (كما أتصور)، كي لا أقسم، لشئ أجهله..

وعليك الله يا عبد الله، بعد قصة المجنون بورخيس (عن رجل حلم بأنه فراشة، أم فراشة حلمت بأنها إنسان التبس الأمر عليه، وعلينا)، في زول يحلف ويقسم بأن ما يقوله صاح، وكلام الناس غلط...

فالفنان، شرب مريسة خاصة، وشايف الدنيا بتتحرك أمامه، حتى الحجارة تتلوى كالأسماك في أثير الهواء، ويحس بسرعة الضوء وكأنها سحلفاة،(فالفكر أسرع من الضوء، هكذا يقول الاستاذ محمود)، ويتكثف الوعي بالبيئة المحيطة، ألم يقل تشيخوف، لأديب افلست قريحته (بأن مقدوره أن يسلمه غدا قصة كبيرة عن طفاية السيجاير)، والتي كانت تجلس صامته أمامهم، وبجوفها بقايا جثث لسجائر مص المدخن روحها، ونيكوتينها القاتل، وبرضو احيانا بنشوف الدنيا شينة، وعمكم ادريس جماع، (يستشف من كل شئ جمالا)، عليكم الله المجنون منو، زول جسد الآية (إينما تولي ثمة وجه الله)، ونحن نرى وجه هذا وذاك... وننسى وجه (الله)، والمتجلي في كل شئ، حتى الإلحاد، والجنون، هي ومض (من ذاك الفلك القدسي)..

يحلو الكلام، عن الادب، لأنو ما معروف هو شنو ذاتو، ماهيته زي سؤال بول غوغان، (من أين وإلى أين ومن نحن)، وأجمل ما في سؤال جوجان، أنو ماوضع علامة ؟؟؟؟؟؟ لأنو ماداير جواب، وعارف الأجوبة مجرد (إدعاااااااااااااااءت)...

تحضرني قصة عن إفلاس الحواس، (ناهيك عن مرور قطر بسرعة الضوء امامك عينك فلن تراه)، وهي قصة عن ولي سناري سأل أمه عن (موقف صعب)، فقالت له: بأنها مرت بموقف صعب قبل ان أتزوج أبوك، وقصت قصتها، فقال أبنها (وهو موسى أبو قصة)، يمه!!، الفتى الذي انقذك، هو (أنا)، ومع هذا (لا نبحث عن مصباح ديوجين)، بكل نكتفي بحواس صغيرة، عمياء، كي نوزن هذا، ونطفف ذاك...

اخي عبد الله، والله يحلو الحديث، لكن دحين الشغل بخلي زوال، والله كتبت ده، بشكل تداعى حر، وكأني على (سرير سيمجوند عبد الله إبراهيم)،على وزن (سرير فرويد)، ودحين (محسن خالد)، ده مدينا ضهروا (إنشاء منضج لينا شئ في حلته الدسمة دوما))))

وااااي كر، الشغل جاء، (ما امتع لحظيات الغراغ، والله لو الجنة مجرد (فراغ)، هذا يكفي...

Post: #32
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-11-2005, 04:21 AM
Parent: #1

الحبيب عبد الغني كرم الله بشير
نعلك طيب ونصيح ...
كثيرون هم الذين يستعجلون قدرهم ... الطريق الذي يقود إلى نهاية معلومة أحياناً يكون طريق ممل ... أجمل الطرق التي لا تقود إلى نهاية ...
وإن كان الفتح يأتي كنهاية عند المتصوفة تفتح آفاق جديدة لعلوم لدنية متماهية في حدودها ...
قيل يا أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك؟
قال: طلب الحق.
قيل له: الذي تطلبه قد تركته ببسطام
فتنبه أبو يزيد ورجع إلى بسطام ولزم الخدمة حتى فتح له ....
مستعجلون في الحكم ... البداية ليست كالنهاية ... من يحكم بنفي الثاني على إحداثيات الأول فهو أحمق ... لا يعلم أن الأرض تدور حول نفسها ... والتاريخ يمكن أن يعيد نفسه ...
الكتابة تعبير مادي عن قلق الدواخل ... والبكاء سر الأحدوثة التي تنتمي للواقع بكل عباطته وفجاعته وسماحته ...


Quote: وعليك الله يا عبد الله، بعد قصة المجنون بورخيس (عن رجل حلم بأنه فراشة، أم فراشة حلمت بأنها إنسان التبس الأمر عليه، وعلينا)، في زول يحلف ويقسم بأن ما يقوله صاح، وكلام الناس غلط...


وهل كل الكلام يصلح كلام
ما قلنا حاضرنا أنهزم
مين البيقدر ينتظم
طنطن إنتهازي وقال
ما هذا الطنين
شفناهو أتبخر كلام
في الفاضي
والمليان فضا ...

نفس الصراع القديم ....
أتذكر تلك القصة بين الشيخ الهميم والقاضي دشين ....
بلغتك تلك يا عبد الغني القاضي دشين قال للشيخ الهميم (أنت كلامك غلط) ... لمجرد أنه يمثل الظاهر بكل واقعيته الجامدة ... والهميم يمثل الباطن بكل بساطته وأريحيته وهيامه وتجلياته ... كان الهميم هو الروائي والأديب المبدع في مواجهة (حُجاب النشر) وحارسي بوابة النص المغلق القاضي دشين ... بنفس هذه المنهجية تتحرك أقدار التاريخ كي تكرر نفس المشاهد والجمل ... وحتى الموسيقى التصويرية ...

عبد الغني
زي ما قلته النضم سمح ...
بس الشغل ...
نشوفك ..
مع المحبة

Post: #33
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-11-2005, 03:37 PM
Parent: #32

...



يا عبدول صاحبي، كيفنّك،..

الأعزاء جميعاً، تحياتي لكم، وددتُ تحيتكم جميعاً، ولكن خشينا التغوُّل على بوست الأخ عبد الله إبراهيم، كفانا الغيلانية في الكتابة، ويضحك نهاركم،..
بعدين كلكم أصحابي وأحبابي، وأهل كتابتي أكتر مني، وأنا علي كتابتي ضيف أنعد الوخري معاكم،..


Eng. Mohammed al sayed
تحياتي وتسلم يا رجل،..

محمد عيد الله
تحياتي وماك طيّب،
وأفتكر الموضوع كدا وضح معاك
عاطف عبد الله
كيفك يا صاحبي في الدرب،..

nadus2000
تسلم يا ملك، وبعدين إنت وين غائب؟
نجي الدوحة؟

عادل ابراهيم عبدالله
تحياتي يا صديق، وأبو ذر كاتب له احترامي ومحبتي

بدري الياس،..
كيفك يا صديقي في الغار والقلم وفي أبو ظبي
يا زول أنا مستنيك، وفاتح خشمي،..

خدر
كويس إنك مشيت السودان وجيت بحلاتك، إن شاء الله العام الجاي صاحبك الحارسو داك يجي يكتب معانا هنا
esam gabralla
يا خي اتوحشناك بزاف، لو دانت معاك سقف البيت طل علينا يا رجل

الصادق اسماعيل
كيفك يا صاحبنا في الغار، وغيابك حيرنا

nashaat elemam
يا ولدي نشأت كيفك، قلنا نعمل بوست مكاواة لذيذ
خضر حسين خليل
تحياتي يا خضر، ودي عالم وعم بس قاعدة علي كراسي جلادين حقيقية، غايتو طايبنا كل ما لقيت زمن،
خالد عويس
يا شقيقي في القلم، وحد الحرابة، كن بخير ودائماً أجمل،..



بس أسمحوا لي أحيي عبدالغني كرم الله بشير –علي انفراد- الزول الحلو وكتّاب كما ذكر أخوي عبدول، يا زول إنت حلاتك دي ما جات حايمة علي بهناااك، ناس تيموليلت "مرتي التانية"،..


..

Post: #34
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: Tumadir
Date: 12-12-2005, 05:47 AM
Parent: #33

جيت اقول سلام للجمع الكريم ومتابعينكم .....

ياكافى البلا الزمن بقى شحيح ...

والمتابعه ضرورية ..

قلنا نخبركم ...ونسالمكم ..
علكم تختونا فى بالكم وانتو بتنضمو

Post: #35
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-12-2005, 08:10 AM
Parent: #34

..


Tumadir،...
تماضر الفنَّانة والله مشتاقين ليك،...
عشان البت الوحيدة هنا قلنا نشاغلك،..
وبعدين الزولة الغناية وظريفة ديك ما وصّلتك سلامي!
إنت بعدوك مع ناس السماحة بس، ناس الكعوبية والمشاكل ديل مالك ومالن، بتقدري عاد علي جنس المنابزة اليوماتي وبشربوها الناس مع قهوة الصباح دي، غايتو يضحك نهارك
وكوني بخير،..


..

Post: #36
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: محسن خالد
Date: 12-12-2005, 09:14 AM
Parent: #35

...

Quote:

تيموليلت ... سيرة وحَجَر... "رواية"




محسن خالد




الكتاب ماعونٌ للمحو، مثلما هو ماعونٌ للكتابة،...
هاهنا، سنمحو ونكتب سيرة تيموليلت، في رهان مع محو وكتابة سيرتي، وسأكف وإيّاكم عن الخوض في حالها وحالي،...
ما ضرّ الشجر لو جلس حين أحبّ، ولكني لم أجلس،...
- كي داير لاباس؟
لم أتوقع طولها تحديداً، فقد رسمتها في خيالي بعلو "الروضة" السحاقية السودانية وبائعة البروش، المرأة التي كتبتُ عنها في روايتي: (إحداثيات الإنسان) –الكتاب الثاني، تداعي الفليل.
"لاباس، هانية؟"، تساءلت من ناحيتي، صوتها مخشوشن قليلاً، ليكون شبه بحّة ساحرة، قريباً من التي تميّز صوت المغنية عابدة الشيخ.
تلفّتُ بمحركة مقصودة، حتى خُيّل للجالسين في البار أنني لن أجد كُرسياً، (بوحردة) صديقي كاد أن يهرب.
- را إنت آلسي خالد، بغيتِ تضيعنا، آويلي آويلي؟
بوحردة يظنني مجنوناً، كنّا نجلس في مبنى خارجي حينما مرّت هي لأول مرة رأيتها فيها، صحبة فتاة أخرى فاتكة الجمال. بوحردة وأخته منى وأنا وزوجتي حسناء، جذبني بعيداً عن أخته وزوجتي،..
- تشوف آلسي خالد؟
"آ ويلي آ ويلي، آلغزال، آلزوين، آلفسر، صحت أنا خافضاً صوتي كي لا تطالنا عقوبة حُرّاسنا".
- راها بغيت تحويها آلسي خالد؟ يقهقه بوحردة، كانت قانوناً للجمال في حدّ ذاتها من نوعية القوانين التي لا يطالها الدهر بشيء، ولم أكن أعرف أنها سحاقية، وأنّ تلك الفتاة التي تتطأبطها بإلحاح يشارف على أن يكون عناقاً، صيدها.
قلت له، تعرفها؟
- آشنو بغيتِ منها؟ يقهقه من جديد.
قلت له لا أُريد منها شيئاً، را أنا سيد مزيان، ومعقول، ومجوج! أسبقه على الضحك، فيضحك بوحردة أيضاً، بوحردة لا شيء معه من كل هذه الحياة سوى الضحك، والآن هو يظنني سأتماكر ولا بد أنني أُخبئ نوايا ما.
- را السيد المزيان ما يهتم بالقحاب واللي بحال هدي الشيطان. را هدي السيدة تحوي البنات، والله ما تطال منها شيء آلسي خالد.
سألته أنا: سحاقية؟
- طبعاً.
ضحكت أنا، من فتنتها، وفتنة بلد فيها مثل هذه الفاتنة (بتطبق كمان)، آويلي آويلي.
قلت له: قد ندورو معاها. بمعنى سأمنحها مالاً.
- لالا، هدي نفسها تدوّر. بمعنى أنها من حالي، تدفع للبنات المال أيضاً كي تُغريهن بمزايا الرجل.
كل ما أرغب فيه هو صحبتها، أُريد أن أعرف عن هذا العالم، فالموضوع مغيّم في رأسي منذ زمن بعيد، حين كنت في 3 متوسط، وذهبت لقرية بعيدة من ريف سنار لزيارة أختي، التي كان زوجها يعمل مفتشاً زراعياً بتلك المناطق. وتعوّدتُ دائماً على حب الحقول، كانت تثيرني جنسياً لدرجة السقوط على ظهري، متمرّغاً كجحش، أو كجمل استفحلت عليه الصحراء.
وفي مرة بعينها ذهبت وابتعدت في قلب الحواشات الواسعة، فبدا لي كأنني أسمع نهيتاً خافتاً ينبعث من بين الحشائش والشجيرات، نهنهة يافعة ومراهقة بحقل القصب، هذا شعر يا ربي. أول ما يخطر على البال صبي وصبية بالطبع، وإن تشوّش قلبي لحظتها، وجاءني خاطر غامض غير مفسّر.
وأخذت أسحب تراكم القصب خلسة خلسة، بينما أتقدّم بحذر تجاه الصوت، والولولة التي تستغيث باللّذة وتحت وطأتها،...
الجميلة منهما كانت في الأعلى، بُهتُّ وراعني ما رأيت، لم أكن أعرف شيئاً عن الليسبيان وعالمهم الوردي، المصنوع من ردف وردف، والخافي بين حاشية وحاشية. دائماً تكون الجميلة في الأعلى، كما سنعرّج على حادثة أخرى من جامعة الجزيرة، لماذا وما الحكمة؟ ستجيب تيموليلت بأجوبة لن تخطر على بال إبليس.
اضطربت قليلاً، مع أنني كنت شيطاناً جداً كما يصفني أولاد الحلّة، صحت فيهما،..
"هووي أنا داير أتصارع معاكم!".
انتفضت الفتاتان كلمح البرق، إحداهما تفتش سفنجتها، الثانية تريد خداعي وشغلي: شفتَ طرحة البت دي، تزيل اللعاب عن فمها، تواصل تلاعبها،..
- قصدي هنا في (كركية)، ونحن جينا ماشين،..
طبعاً تريد أن تقول إنهما كانتا تسيران في أمان الله وسقطتا، حسمتها على الفور: هووي ما تعملي لي فيها كركية وما كركية، حشرتُ يدي في ملابسها، ياها الكركية دي بس.
يخصي عليك، ووب لان، ناس القش بجوا بشوفونا،..
- هووي أوع توريني جنك، نهرتُها.
في ذلك الزمن لم أهتم بالأمر، بل انشغلت بما كان يمكن أن أحصل عليه من غنيمة لحظتها، وللغرابة لم أهتم بالتي كانت في الأعلى، بل بالتي كانت عند دورها الطبيعي، وحتى جامعة الجزيرة كنت غبياناً وأفلتت مني "الفحلاية"، وربما هذا كله ما ركّز توقي لسبر الموضوع، خصوصاً وأنّ تيموليلت كانت مثقفة بارعة وتكتب الشعر، ولنا مع شعرها وقفات دونها صديقي الصادق الرضي وعاطف خيري.
تيموليلت تعني "الأبيض" بلغة الأمازيغ، مازحتني في مرّة:
"نحن نحبك يا الدراوي/ الأسود".
قلت لها سأكتب عنك علناً يا تموليلت،...
كانت تدخّن/ القارو، طفأت سيجارتها قريباً من يدي كنوع من التحدي:
- ننيكك، ونيك كل الرجال. قالتها ورمت بيدها البضَّة في درب.



تيموليلت: (ريحانة الشوك)

تمشّينا يومها، أربعتنا، وعرفت اسم البار الذي تديره تيموليلت من بوحردة، البار تمتلكه امرأة يونانية وسيمة هي الأخرى، تيموليلت أخبرتني بأنها شريكة اليونانية في البار، واليونانية لا تُرَوِّج لذلك جهاراً ولا تُنكر، تبقى هذه النقطة معلّقة وغامضة كحال العلاقة بينهما.
أنا لم أمكث في الرباط طويلاً، بعد زيارتي القصيرة لها مع زوجتي، فقد أخذتها ورحلت إلى سهوب تادلا،..
كنت أحب منطقة الفقيه بن صالح جداً، وكانت لي فيها صديقات وأحباب جميلين،.. عندما بلغنا "بني ملال" مدينة حسناء زوجتي، شعرت بالضيق، فأمها امرأة مزعجة ومملّة، تحدّق فيّ أحياناً وبعد تَلَمُّظ بالعيون كتلمُّظ الشفاه للويسكي تقول،..
"ديرتيها آلدراوي"، بمعني: سوّيتها يا الأسود! كانت تعتبرني على الدوام قد أخذتُ منها شيئاً ما كان يجب أن آخذه،..
أما ما يغيظها أكثر فهو أنّ ابنتها قد تسودنت مائة بالمائة، الذين عرفوها يحتارون في كونها سودانية بعيون بنيّة وبيضاء كأنها "نصرانية". لأنها تتحدث عامّيتنا مثلي مثلك وأكثر، وطبخنا وثوبها ويا حليل وسجمي وكُر.
لقد أحبطتْ فرحتي بعنصر الغرابة فيها، الآخرون كانوا يحسدونني عليها، أما أنا فلم أنخدع لهم، هذه المرأة تُخَرِّب الجغرافيا، وتجعلني أدفع ثمن تذاكر طيران غالية دون جديد، ما الجميل والمُغوي في الأمر، إن تحوّلت جبال الأطلسي لجبل (جاري) متنكّر.
دخلت عليها يوماً، بعد يوم لئيم في العمل، فقابلتني مهرولة عند الباب،.
"أقيف أقيف".
"في شنو؟ مالك؟".
"في واحدة صاحبتي بندّخَّن".
استغربت، أهذا وقتٌ تزورنا فيه سودانية، فأوضحت لي بأنها جارتنا اليمنية في الشقة المواجهة لنا،..
وكمان!؟ أصبحت النبي بوليس لتبشّر بالطلح والكليت والشاف ومثل هذه التقاليد.
تسودنت، أو كما يقول ود المكي مع بعض التحريف إنّا طلّقناها وكنا مذنبين.
أمّا أعجب الأعاجيب منها، فهي صداقة لي كانت مع رجل دانمركي وحرمه،...
قابلني صدفة في المصعد، وظنّني هندياً لشُبهة شَعَري، فقال لي،..
- هالو غاندي،..
"بل قُل هالو الأزهري".
ضحكنا وشرحت له من هو الأزهري، وكان يعرف "الطيب صالح" و"علي المك" كما توقعت الأوّل وفاجأني هو بالثاني،..
استفزّني بمقطع من فيلم، كنت لحسن الحظ قد شاهدته،..
الفيلم يتحدث عن ابن لملك الدانمارك يتخفّى في شخصية طالب عادي يذهب للدراسة في أمريكا ويقع في حب طالبة أمريكية، باختصار يزور الأمير أهل الفتاة فيستفزّه إخوتها بـ:
"أنت وبلدك مجهولان، عرّف عن نفسك"،.. فيهزمهما الأمير في مشهد عميق ومؤثّر بذكره لـ: سورين كير كيغارد مبتدع الوجودية، ونيلز بور الفيزيائي المعروف،... وووو
لأنني شاهدت الفيلم طبعاً، ذكرتُ له "الطيب صالح" على الفور،... وأضاف هو علي المك، فلاحقتُه باسمي الشخصي من بعد، ضاحكاً، ففهم النكتة وكان ميلاد صداقتنا.
العجيبة أنني دخلت إلى البيت في مرّة ثانية، فكادت زوجة صديقي الدانمركي تصدمني عند الباب، متلفلفة بالشملة الـ"مابتغباني"، لا حول ولا قوّة،..
كان منظراً عجيباً، ودُرامياً بشكل لا يُوصف، الخُمرة والدلكة يقطران من شعر أشقر هذه المرّة، ومعاها ظرافة الخواجية، لا خجل ولا يحزنون،..
Hi Mr. Muhsin It's so nice, my husband admire this and so so
دخلت إلى الصالون والضحك يفج جنباتي ليفقعني، تذكرت قول ابن عمي لي:
"ها زول ما أحسن ليك الناس الغُلف ديل تختاهن".
(هووي يا مَرَة إنت جنيتِ، كل يوم ما سكاليك مرَة مدخناها ومدلكاها، ما تشوفي شغلتك،..).
فتضحك هي وتُمعن في السودانية بسؤالها لجارتها التي تحادثها على التلفون،..
- لو دايرة أعمل ليك حاجة حلوة تعالي بكرة؟ تغريها بزجاجة خُمرتنا اللعينة، لتغيظني.
تقول لها جارتها اللبنانية،..
- صرتِ سودانية يا حسنا؟
ترد حسناء: عليك الله؟ بحسبانها تحليفتنا الشهيرة.
تُنهي مكالمتها لتقول لي ضاحكة،..
- نوزّع الفرح نحن، ياك؟
وبحق لم تستطب لا الغناء السوداني، ولا الموسيقى السودانية، سوى أغنية واحدة، كانت ترددها النهار بطوله حتى تُضجرني،..
يا عازّة الفراق بي طال، وسال سال مني الدمع وشّال،.. مع لكنة،..
إذ لديّ تسجيل للأغنية بصوت فرفور ومحمود وآخرين لا أعرفهم،..
وكنتُ أقول لها مكاوياً، لو اطلّقنا تمشي تطلعي جبل عين أسردون، حيث نبع أو "عين أسردون" التي تعني البغل في لغة الأمازيغ، والتي كنّا نجلس عندها معاً كل يوم تقريباً، ثم تذّكري يا حسناء "الدراوي" فتبكين حتّى ينسى الناس الأسردون ويقولوا "عين حسناء"، فتصدّقني وتبكي بجِدّها -مقدّماً، كانت "حنينة"، وكنت قد ابتكرت لنفسي ولمعارفي أن نناديها بذلك.
ما زلت أذكر انعكاس الشخص الدراوي والحزين، أنا، في عينيها البنيّتين، لا أدري كيف طلّقتها، كانت بنيّة رائعة لي، فعمرها لم يعتّب الـ19 بعد، ولم تكن تتحدّث عن الناس بسوء أبداً،.. هيّا، أنا ذنوبي كثيرة يا ربي، ومَلَكا التدوين خاصتي، أسلما يديهما لتُوضعا على رأسيهما تمحّناً، وسقط قلماهما منذ زمن بعيد، ليخلو الجو لقلمي وحده،..
أنا رجل خرجت في الكتابة، فالله وأهلي ومعارفي ومن تتزَوَّجني، عليهم أن يعرفوا ذلك،.. فلا فائدة مني إلا بصدد كتاب.

تيموليلت

حينما ذهبت لبار تيموليلت لأول مرّة، ومعي بوحردة، وحين خُيّل للجميع أنني لن أجد كُرسياً أجلس عليه، لعدم رغبتي في الانصراف من أمام عيني تيموليلت، بادرتني:
"زِيد آسيدي زِيد"،.. خُش،...

خلا إن مشيت عَلِي القِدَّام
والخليتو وراك حق الرجعة لما تلوح
كان اتخافى كان انفزع هدَّام
فرداني وطشاش القاصدو لحقو الفوت
وبراك لمَّا القبور شابت عليك مجروح
والموت اتلبش في موت

وجدَتْني ما أزال حيث لا يمكن لصوت أن يبلغني ليناديني، وحيث الصمت مطبقٌ ومخيف كما هو في حقيقته بقلب المجرّات،..
- كاتب ياك؟
"نعم، ياني".
المغاربة يتصوّرون أنّ كل غريب يزور بلادهم هو كاتب، لأنّ هذا التصوّر فيه قدر كبير من الحقيقة، فمعظم كتّاب الدنيا يذهبون إلى هناك، بل الفنانون بشكل عام وخصوصاً صانعو الأفلام بأفلامهم وكوادرها.
قلت لها: محسن خالد،.........
– عزيزة، أجابت هي،.. وهذا اسمها الحقيقي، أمّا تيموليلت فهو اسمها المنحوت من شكلها الأبيض جداً، والشِبْه أشقر.
أنا لا أستطيع فرز تاريخ هذه الحادثة بالضبط، عن حوادث وتواريخ كثيرة تتشابك في ذكرياتٍ مثقلة بأحزانها وبظلال بشر وأشياء كثيرة، عبرتُ من خلال عيشهم، وعيشها،...
فمثلاً ما زلت أذكر لقائي المهم بـ"عبد الواحد كمبال"، الذي التقيته أوّل مرة بالمحفل الخاص بتوزيع جائزة "ابن بطوطة" لأدب الرحلة، التي يقدّمها المركز الذي أعمل فيه،...
كنتُ صحبة كاتب يمني وآخر سوري وثالث عمّاني، فلمحت الشخص الطويل والدراوي، العمّاني منا "الشاعر محمد الحارثي"، والذي كان قد حصل في نفس العام على جائزة أدب الرحلة الحديث، وكنتُ أحد أعضاء لجنة تحكيم منح الجائزة، لكوني روائياً غالباً. نادى محمد الحارث برنّة صوت محظوظ،..
- وحدة يا وحدة، فتلفّتُ ووجدتُه يقصد الرجل الدراوي،..
فعبد الواحد كمبال هو علم السودان في المغرب، وهو القصة التي "حندَكت" كل كاتب ذهب إلى هناك بكتابتها المستحيلة.
فكان تعرّفي به، والرجل يحفظ صحافة العالم كلّها، مؤسسيها، أعلامها، صعاليكها، زبانيتها،...وووو فهو مثقف فذ وصندوق كتب صلد، ورجل كريم.
تزوارنا بعدها، وجاءني في فندق "سوفيتل ديوان" كذا مرّة، ثم دعاني لتناول وجبة الإفطار الرمضاني في بيتهم، رجل يُعتّقُ أُنْسُه الجلسات.
في مرّة أخرى –من عمري المُرَكَّز مغربئذ، شغله عني شاغل، فتأخر في قدومه إليّ، كنّا نجلس في بهو الفندق، نُنصت لفرقة العزف الموريسكي، والبهو ممتلئ بكتّاب من جميع أنحاء ما يُعرف بالبلاد العربية ومن بلاد أجنبية. قَدِم عليّ صديقي كريم الجويطي الكاتب المغربي، وقال لي (آجي آجي آلسي خالد) لأُعرّفك بإدمون المليح، الذي كنتُ قد قرأته حميماً دون أن أراه، الكاتب الشهير واليهودي (المتمغرب). وهو رجل طاعن في السن استقبلني بترحاب جميل، وإن بدا متعباً ويُحزنه إعياء،..
ثم اقترح علينا أن نذهب لبيته، كريم الجويطي، وحسّان بورقية "وهما صديقاه الأقربان"، وبنيَّة مشحوذة الفتنة ترافق حسّان وأنا.
انطلقنا في سيارتين، واحدة لصديقي كريم، والأخرى للبنيّة ياها.
عندما بلغنا بيته لم يكن بوسع إدمون أن يصعد السلّم، فانتظر هو المصعد يسانده حسّان، وارتقينا الدرج أنا وكريم والبنيّة وانتظرناهم بجوار الباب، هو يعيش وحده، تأملت هذه المسألة وتوقعتها بنسبة 80% تحدث لي، هذا مصير السالكين هذا الطريق ولا بُد.
جاء إدمون ودخلنا ومضت مراسم مثل هذه الحالات، وانتقلنا لمرحلة العفوية والاستئناس، جال الحوار هنا وهناك، ثم سألني إدمون:
لا أظنك قد رأيت عبد الخالق محجوب؟
ضحكت وقلت له لماذا؟
"تبدو صغيراً،..".
يتدخل كريم الجويطي ضاحكاً: السي خالد كاتب كبير ومزيان.
ضحك إدمون وأضاف: مع هذه السن قد يكون كاتباً، ولكني لن أسمح له بأن يكون كبيراً، هو يعرف ذلك، صحيح آلسي خالد؟
ضحكتُ وقلت له صحيح، حتى إنهم في هذا المؤتمر احتاروا مع أي مجموعة محاضرين يضعوني، فقد كان الحد الأدنى للأعمار 47 سنة، وضحكت..
ضحك الرجل بكرم: آويلي آويلي وإيش درت آلسي خالد،... بمعنى وماذا فعلت؟
طالبتُهم بوضعي في قائمة د. حسام العبادي، فهو النشاز الوحيد مثلي لأنّه مزداد 1970م وأنا مزداد 1973م؟
سألني: وإيشكون السي حسام؟
قلت له: ابن مختار العبادي.
آه آه، ابن العالم المصري الكبير،.. تدارك هو. وأضاف كريم:
"العبّادي نفسه كان موجوداً وقدّم محاضرة".
المضحك أنّهم وضعوني مع قائمة العلماء التي تتآلف من "الحسن بن شاهد" و"عبد العزيز بنعبد الله"، و"محمد ولد عبدي"، وأدار الندوة "قاسم وهب". كنت محرجاً لأنني لا آخذ الأمور مع نفسي بهذا القدر من الجدية، فكل ما أريده هو أن أكتب لي قصة قصتين لأموت بعدها "في بلداً دامشيقو مُرّاً يشق"، كما يجب أن يكون الحال مع "منطلق وسعلوق" مثلي.
ضحكنا ودعاني للجلوس قريباً منه كنوع من المودّة والحفاوة، فأصبحتْ مدعوّة حسّان بذلك في مواجهتي،.. أنا أسميتها كذلك "مدعوّة حسّان" لأنه لا يعرفها جيداً، وليس في حاجة لذلك، هو كل الناس أصدقاء له. كانت متحرّرة في لبسها ولا غبار على ذلك، أمّا مع تحرّر حركة رجليها فيصبح الموضوع "يا ديني"،.. فخذاها متورّدان كخد ملاك، النوع المستدير في إحكام وامتلاء، وموزون في منتهى الوزنة والهندسة،.. (قلت في سري، ماله لو تركني في مكاني؟ كنت مؤدباً).
عاد إدمون ليقول:
"لقد أعدمتوه لتفتقر سياستكم؟"، يعني عبد الخالق محجوب.
سألته أنا ضاحكاً: ألم تقل بأنني لم أره، أنا إذن لم أعدمه.
لم يهتم بإجابتي، بل واصل قائلاً بنقمة،..
"أنا لم أرَ مثلكم في العالم، مَنْ يقتل مثل عبد الخالق لا بدّ أنّه يعيش خارج العالم،...".
قلت له، نميري كان يخطّط لمجازر كثيرة على كل حال.
"لا لا، لا تقل لي أنا مثل هذا الكلام. عبد الخالق يعرف ما كان يفعله، ولكن منكم من أفسد كل شيء".
زعمه- يعني، أما كان يجب مقاومة النميري؟ سألته أنا،..
نميري يُقاوم، لا أحد يقول بغير ذلك. ولكن لا يُضحّى برجل مثل عبد الخالق مقابل علج تافه مثل نميري. أنتم السودانيون فوضويون ولذلك قتلتم عبد الخالق، كلكم وليس النميري وحده، عبد الخالق كان يجب أن لا يموت هذا هو قولي جملةً وتفصيلاً.
سَكَت قليلاً، كان متعباً،..
قلت له: النميري وجدها فرصة ليقتل الكثيرين معه، الشفيع أحمد الشيخ،..
قاطعني: نعم نعم ذاك رجل فَقْد هو الآخر. وإن كان عبد الخالق المفكّر،..
أضاف بتعجّل مع نبرة هادئة: هذا طبيعي، هذا طبيعي، مثل ذلك الخطأ لا بد أن تنجم عنه كارثة بذلك الحجم،..
أضفت أنا لعامل التشبيع التاريخي وليس المأساوي، فالرجل يبدو أنه محب كبير لعبد الخالق ولفكره،..
"ولا تنسَ الشهداء هاشم العطا وبابكر النور وفاروق حمد الله".
"هاشم هذا أعرفه أمّا الأخيران فلا بد أنني نسيتهما، كنت أعرف القضية كاملة في حينها".
قلت له هؤلاء عسكر، أجاب: هممم، لم يتحمّس للموضوع، همهم بفتور.
"أصحاب الانقلاب؟"، سألني.
قلت له نعم.
"الآن تذكرت، واحد منهم سلّمه القذافي"،...
– نعم، حمد الله.
سألني: أنت شيوعي؟
"أنا؟ لا لا، أنا محب للروح الثورية والاشتراكية عندهم فحسب". فأخذ الرجل راحته أكثر في الحديث.
قال لي لقد حزنتُ على هؤلاء العسكر بنوازع الإنسانية وتعاطفها، لا بد أنّ لديهم أُسَر، ولأنّ بواعثهم كانت وطنية في الأساس. ولكنهم قتلوا عبد الخالق بانقلابهم الغبي ذلك.
لم يعطني فرصة للحديث، أضاف: الرجل لم يكن موافقاً على الانقلاب، صحيح أم أنا مخطئ؟
قلت له صحيح، ضحك بلطف وثقة: هذا لأنه مفكّر وليس بعسكري، الفكر هدفه هو تحجيم هؤلاء جميعاً، النميري وحميد الله -هكذا قالها- على حد السواء. الانقلاب يجر إلى ثأر انقلاب آخر، ومن يُعطه الناس السلطة برضاهم، يعيدها هو مرة أخرى كي لا يخسر رضاهم.
قال حسّان بورقية: لو كان الرجل عائشاً لتحوّل الحزب الشيوعي السوداني لشيء آخر، يناسب هذه الأيام.
يُثَنِّي كريم الجويطي: صحيح، ورفيقة حسّان التي لا أظنّها تستطيب تحوّل الحوار لمناقشة أمور السودانيين السياسية. قمت بتبديل مكاني فالحوار أصبح لا يحتمل إجابات مشتَّتة من قِبَلي "عشان خاطر" فَخْذَيْ تلك الفتاة. كانا يأخذان سَمعَ الزول من أضنينو، وشوفو من عيونو.
إدمون المليح هو ما هو، وكريم كاتب معروف وحائز على جائزتهم الوطنية في الكتابة، وحسَّان بورقية رسّام "عالمي" كما نقول، ومترجم متمكّن نقل أعمالاً كثيرة للعربية من ضمنها كذا مؤلَّف لفريدريك نيتشه أبرزها "العلم المرح"، محسن خالد كاتب شاب وإنْ معه سمعة لا بأس بها عند العرب، تريد أن نعزمها ونهدر معها حول كَتَب يكتب هذه الدريّة، لعامل يفاعتها طبعاً. ربما تتخيَّل أنّ الكُتّاب أنسهم يدور من "سُرَّة الكتابة ولتحت".
واضح طبعاً، أنّه بالنسبة لمفكر مثل إدمون المليح، أنّ الموقف الفكري فوق الموقف السياسي، بل ربما فوق الموقف الأخلاقي نفسه، كما أتمدّد أنا على نحو شخصي بالموضوع.
على كل حال، ندمت على تغيير مكاني، فالحوار انصرف من عند السودانيين وانتقل للحديث عن "خوان غوتسلو" و"محمد شكري"،.. وما تشتهي الصبيّة.
سألني إدمون: هل زرتهما آلسي خالد؟
يقصد "خوان" و"شكري"، قلت له لا، ولكنني أُخطِّط لذلك، أضاف كريم:
"سنذهب لهناك، لقد اتفقت مع "خوان غوتسلو" على ذلك، سنزوره قبل أن يسافر إلى إسبانيا".
"مزيان مزيان"، أجاب إدمون،...
كنتُ أعرف، أنّ طلحة جبريل، قد قام بكتابة سيرة محمد شكري، أو أنّ شكري خصّه بذلك، وغالباً أنني رغبت في رؤية ما قام به طلحة جبريل، وربما رغبت أيضاً في مقارنته بما كتبه "البيير ديشي" في حق سيرة "جان جونيه" وآخرين، ولكنني لم ألتقِ بطلحة حتّى تاريخ اليوم.
بعد ذلك جلسنا طويلاً ودارت الحوارات هنا وهناك حتى استأذنا في الخروج، وتفرّقنا، فخلوتُ لنفسي ودارت أفكار كثيرة في رأسي بينا أنا في طريقي إلى بار تيموليلت.

تيموليلت

في الطريق رأيتُ الغمام، السماء المغبّشة بعيداً، في منحنيات وفي أُلفة، لونها الكابي والمُقَرْمَز،.. البنّي الخفيف وتداخلات الأزرق الشفيفة،...
سيقتلني هذا الحنين، فكّرت بأنني يجب أن أعيش هنا، تذكرت الصديق "نزار عثمان" الذي تعارفت معه في دعوة الإفطار التي أقامها لي "عبد الواحد كمبال"، نزار متزوج من هنا ويعيش في بلد هذا الغمام، يتاجر ويقرأ الكتب ويحب عيشه ما أمكن، ياله من رجل! وغيره الكثير ممّن نَقَل حياته كلها إلى هنا.
ما هو الوطن؟
أهوَ سلام العيش أم أرض لذكريات قديمة؟
أنا لا أخوض في مثل هذه الأسئلة، أنا لا أسأل عن الحال،...
أخطأتُ طريقي إلى البار عدّة مرّات، مع كونها الزيارة الثالثة للمكان، وتلفنت لصديقي "بوحردة" ليصحّح لي وجهتي،.. أعمل في مركز للبحث الجغرافي الحديث، ولكن البوصلة لم تدخل إلى دماغي بعد، أنا مبحر ومبحر، وهاهنا حيث الاسم القديم للمحيط الأطلسي، "بحر الظُلمات"، فلا أسطرلاب ولا مزولة تُعين في حلكته، بموجبات رجل بدائي مثلي.
فلم أعِ نفسي إلا وقد توقّفت لدى بنطال الجينز مباشرة، بالانشحاذ نفسه وفي تمام مواعيد الأنوثة والفتنة، كانت تصرف توجيهاتها لصبيَّة خارج البار:
لمحتني وضحكتْ: زِيد آسيدي زِيد،.. اتوحشّناك،..
خاصرتني وخاصرتُها، في طريقنا إلى الداخل، نهبتنا العيون، فهي إمراة شرسة ونادراً ما ينزُّ عنها مثل ذلك الاستلطاف والتوادد،..
وإيش تشرب؟
البيرّة المغربية نفسها،.. قلتُ مشدّداً حرف الراء كما ينطقون هم الكلمة،..
علاش؟ تسألني، وتُكمل:
"ما الذي يعجبك فيها؟"،..
يعجبني فيها انعكاسكم،.. هكذا تقول أسطورتي القديمة والتي أخترعها الآن،..
حين تنظر في كأس الشراب ترى انعكاس أهله، وتغيب صورتك، مرايا الشراب الناس يقصدونها للتفاهم مع الذاكرة وأساس الصور في قضايا كهذه،... جلستْ لجواري والقناني بيديها، ما أجمل انعكاس صورة النديم في كأسك، حين يكون هي،..
تذوّقت البيرة المنكّهة والراقية وقلت لها،..
لم يصادفني طعمٌ كهذا، إلا مع نبيذ امرأة أخرى، وقد كنتُ عابراً من خلال مطار "ميلانو"، فاضطررت للانتظار يومين بصالة المطار، المقلب الذي وقعت فيه هو نفس المقلب الذي أنا واقع فيه منذ ميلادي، كنت بلا مال.
تحَمَّلت جوع الليلة الأولى واليوم الثاني بجَلَد باسل، ولكن مع الليلة الثانية والبرد، قلت أنا "سانتينو" الجنوبي الذي تحدّثت عنه في روايتي "إحداثيات الإنسان"، ولن أُبالي بمصير "روبرت" الشخصية التي تحدّثت عنها في روايتي "الحياة السرية للأشياء" وكلاهما واجَه الجوع ببسالة، لن أموت لهم في قلب أوروبا جوعاً، البرد بلغ حَدّاً رهيباً يتجمّد معه البول في مثانته.
ذهبت إلى كاونتر الكافتيريا الخاص بالمطار، فوجدتُ رومانية بدينة جداً، تسوّلتها بلغة راقية فهشّتني كالذباب،..
ألححت عليها، فزادت صرامتها ولؤمها: go away fucker
تلفّتُ فوجدتها تقصدني، تلك المترهّلة من الشبع،...
لا بدّ أنها حفيدة النساء اللائي أخذن ما بداخل جيوب "سبارتاكوس" حين صلبه، سالبات الموتى ذكرياتهم وآخر ما معهم،...
طَرّقتُ إنجليزيتي تمام، وقلت سأعيد أيام الجامعة هنا، سأقوم بركن نقاش، في قلب أوروباهم البخيلة والقاسية هذه،... وبدأت الكولينغ،... شيء بالنثر الإنجليزي، وآخر بما أحفظه من مقاطع شعر إنجليزي، وانطلق صوتي يلعلع، أحياناً بالدوبيت، "ود ضحوية" تحديداً:
بالك فاضي في رُوبة الغصون بتقلّم
وأنا متملّي يا الساحر عليك متكلّم
الزول العلي كمش النقود متعلّم
نهجم ديرتو في الكُبسة الضياها مضلّم
وانذهل الخواجات،... أي مجنون هذا؟ مع كونهم فهموا، إذ شرحت قصتي من خلال سباب فاحش ومقذع لأوربا ولحضارتها وديموقراطيتها وكل ما صادف لساني حششتُه حشّاً، بلسان من الحَلْفا،...
فتقدّم نحوي المتبرعون، فيما يشبه منظمات إغاثاتهم وما لا يشبهها،..
جذبتني إمراة رائعة نحوها بقوة، ولفحتني رائحة المرأة الباحثة عمّا هو استثنائي وليس جديداً، لقد كنتُ بطلاً دون شك، ولم تفلح معي كلّ محاولات رجال الأمن والمنظمون بداخل المطار،...
ح يودّوني وين يعني؟ جُوَّه إيطاليا! يا سلام، هذا ما أريده بالضبط،.. مامعاي شينغينغ فيزا ولا دين، وجعان، أموت ليهم يعني؟ أولاد الحايلة!
يا ألله، يا آمين أفلحت الخواجية في جعلي أتوقف، تضمّني بقوة، وأنا أتفلّت، حتى انتبهتُ إلى حيث تضمني، فسكنت ليتسلّقني العطر الفاتر كاللويس، بعضهم قام بشتم رجال الأمن أو بتهدئتهم، لقد غسلتُ أرواح ذلك الصباح من الوجوم والأتيكيت والخنوع التافه الذي تسير به، ومن روتينها البغيض.
صفّت المرأة أمامي ما لذّ وطاب، وبدأ خنوعي يعود لأخجل من كرمها،...
قالت بأنها لم تستطع تخمين البلد الذي ربما أكون منه. سألتها،..
"ومن أي بلد تظنينني؟".
قالت، لا أعرف. لونك إفريقي، وشعرك يضللني بنكهة آسيوية،.. سيريلانكي؟
ابتسمتْ وأضافت: تشبه من يعرضونهم في نشرات الأخبار.
قلت لها متماكراً: يعرضونهم في نشرات الأخبار هذه وصفة غامضة وساخرة، تقصدين المتمردين؟ أم خَرَج المفقود والمدعو فلان وهذه صورته.
ضحكتْ، كانت ذكية وإبليسة،..
قلت لها شكراً،..
قالت ببساطة: لا لا، أنت المشكور، لقد أحييتني وكل هذا المطار،..
قلت لها أنا سوداني.
قالت: أنت مثقف، أو شاعر ربما، قرأتَ شعراً لديريك والكوت على ما أظن،...
قلت لها ضاحكاً، ولكي أدفع فاتورة مثقف هذه ما أمكن،..
"الشعراء التأصيليون من أمثال وليم بليك وطاغور ووليم باتلر ييتس وبابلو نيرودا، لن يخدموا قضيتي".
"شاعر أنت إذن؟".
لا، أنا كاتب، روائي تحديداً.
"أتشرب؟".
نعم.
وأخرجت المرأة زجاجة معتّقة وقديمة من النبيذ، رائحتها تخرج وهي تتلوّى في بخار: وأخوك مريوق وناشف ريق.
تُعَلِّق هي: "أنت ستشربه اليوم، في عصر الكمبيوتر، ولكنه ربما يكون من أيام مونتسكيو ويحمل عبقه".
ضحكنا،...
وكان النبيذ الأشهى في حياة حلقي الشرِّيبة تمام.
لسوء حظي كانت طائرتها المتجهة لأمريكا اللاتينية ستقلع بعد ساعة، وإلا لكنتُ مع استعدادها ذلك قد فعلت بها ما لم يفعله وحشي بهند بنت عتبة.
أعطتني عنوانها وكذا وكذا، ولكنني لا أهتم بمثل هذه الأمور، فالحياة الحقيقية عندي هي مصادفة هذه الواقعة فحسب، أمّا أي استتباع أو استطراد لاحق فهو يتم في خانة التمثيل والتخطيط، ولا حاجة بي للأمرين.
على كلٍّ، فقد ذهب نصف الليل دون أن يسأل الليل عن حالنا، الليل متصوّف كبير ولا يسأل عن الحال،..
قالت تيموليلت: أعرف أنّك تريدنا أن نتحدث، ولكن ليس الليلة، ستحتفل صديقاتي معي، ويمكنني دعوتك لو رغبت،... ستكون الرجل الوحيد، وضحكتْ،..
قلت لها: لماذا؟
"ما هو اللماذا؟"، ترواغني هي.
الضحك لماذا؟
"إمكن تحشم،.."،...
لا، لن أحشم ولن أخجل، بل سأعتبر ذلك تحقق ربع أمنية تعيش بداخلي، منذ لمحت من طرف الباب في "داخلية مدرسة شندي الثانوية للبنات"، ما يمكن أن يحدث لمحب جمال مثلي، لو قُدِّر له أن يعيش بداخل هذه الجنّة المتقدّمة يوم قيامتها بثقة.
خاصرتني وخاصرتُها، ودخلتْ بي إلى حيث (لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب دراوي)،...
أكثر من 15 بنت، بكل صفة عصيّة على البال والتوقّع، عيد ميلاد تيموليلت،..
انذهلوا، وتوقّفوا عن التعابث والرقص لفترة،..
حييتهن، وبعد تحديقة من تيموليلت تقاطرن لمصافحتي،..
بعدها انتحت بي جانباً، وجاءتني بنبيذ أحمر، لتقول ضاحكة،..
"اغتسل من ذكرى الرومانية وحضن سيدة المطار"،.. هي شخصية كريمة جداً، وودودة حين تشاء،..
وبدأ التصفيق المتغنّج، وأخذت الصبيات "تشطح" كما يُسَمّون الرقص، الصفقة والصوت الأنثوي المتوحّد:
ماجولي ماجولي، حبيبتي ماجولي
وإيش حال نغير عليها،..
وأجسادهن المُبهرة، أخذت تتلاوع مع صوت "الداؤودي" وتتملّص من عظامها، وبدأت كل واحدة منهن في التشكّل من جديد، تبني جسدها هذه المرة، من الجنس كله، ومن الغواية كلها،...
لا أفهمهن مع كل كلمة، ولكن فارغتي جاهزة:
وسوووحي، تريلل لا، وبالجنبة موحي، تريرل لا،..
أتحزّم آزول، والنيّة تتراوح مراقد القلبو ني،....
والقزاز يطّقش، الدنيا حلوة وبهيجة، لمّا تشوفها من فَرَق القزاز المسروف، ومن فَرَق أجساد البنات الشفّافة، غايتو، يا حليلنا منها، الفارغة بت الفارغة، أم عجيناً فطير،..
وأقوم أدودر الدريّات يمين وشمال دودير القمري علي القلابة،..
أهو دي السفاهة البعدها نار الله بتبقه نيشان،.. مادام عمري كلو عدّيتو مدني مسروقة حيكومتو، ناركم دي يا ناس جبريل أجدعوني فيها جنرال، إمكن أسرق حيكومتكم،...
غايتو، أستغفر الغفران، أستغفر الله،.. أستغفر الناس،.. أستغفر أُمي،.. وأستغفر الفيافي، هذا عواءُ قلبٍ خالٍ وفي الخلاء،..



تيموليلت (الجمال غول الجمال)

وكما ينادي صوتٌ عربي في فيلم الـgladiator، وسط إنجليزية القرون الأولى: يا ابن الحرااام.
نادى صوت، بالخارج، في الشارع:
"الاتحاد الاشتراكي،... الاتحاد الاشتراكي،..".
ها قد عدنا لعالم الصحف من جديد، بدؤوا يوماً آخر، كلّما أسمع بائع صحف ينادي، وكالعادة يبدؤون منذ الـساعة 12 ليلاً/ أمس، أسمع في دماغي، "فِرْيك،، فِرْيك"،،...
صوت الفُلَّة عندما تطير من فم الزجاجة، فتحوا يوماً جديداً، اللعناء، يلا، كُبّوا صباحكم دا في داهية، يلا، لنمسك بتلابيب يوم غبي جديد وندخله في قبر.
شعرت بالرهق العميق، الذي يغازل الراحة في نخاعها، جسدي يبوّخ صبايا البارحة مثل جنيّات تطير في سوتيانات مزركشة، يتّرّع، عااااع، لولا أنّ الجنس جشاؤه توسيعٌ للمزيد.
لمحتُ تيموليلت، تقف في النافذة، تدخّن،...
رداؤها القصير، مثل صِبْية المدارس، والأفخاذ الممتلئة ومحكمة الاستدارة، في تمام مواعيد عقدتي،...
الأرداف النافرة بهدوء، هدوء حكيم مثل سقراط،...
ويحلف صوت "مغني شعبي من مناطق شندي" له بحّة قاسية مثل صوت "النعام" بالتقطّعوا كل بحور الدنيا، فيأتي ويدندن في كل خلجة مني:
"جااااهل، ومقسّم هِيِن فوق هِيِن، يااااخي عليّ ضنين؟".
هذا ليس الجمال، هذا ما لا يغفر ولا يرحم،...
"مقسّم هِيِن فوق هِيِن" هذا أبلغ تعبير يمكن إيراده، ولو أنّه استُخدم أي تركيب آخر، لفارق الشعر ترميز لوعته ووقع في القصدية الناجزة، ولاستحال عليه أن يُشابه تيموليلت "ولو حشر اللغة كلها في حَنَكاتو".
منذ زمن، وأنا لا أؤمن بوصف الإنسان من الخارج، ولكن مع هذه المرأة هذا ليس الخارج، بل أصعب امتحان إلهي يمكن توجيهه لأخيلة الداخل، لصُنع أندر توليفة فتنة عميقة، عصيّة على العرض، تستخدم الخارج كرفوف فحسب،...
هذا هو الحال، الحال في حِسْبَة المغزى، ولن يكون أبداً في حِسْبة القاعدة والقانون، من يخالف القوانين ومن يتّبع،.. كلاهما مجلى لنَفْس دوامّة المغزى،...
أستغفر الله عن قولي:
والصور مجاهل ما تبدَّى
الصور نحو الحق وكل الإشارة
لفراغها المتكوّن اشتهاء
ولوجهها الفاغر سية القوس
وجنون ذهابه في طُلْبَةِ الأمل

لكم أنا مخطئ، فالذَّهابُ في الأمل، هو الذَّهابُ في الله،...
فما من أكفرَ من شخص بلا رغائب وبلا أمل،...
"علاش تطالعيني؟ ما شبعتِ ياك؟"، تسأل تيموليلت ضاحكة، ومؤنِّثة للّغة والأشياء من حولها.
أنا لا أذكر شيئاً من ليلة الأمس، إلا عيوناً وسيمة بنزواتها تلمع في كل اتجاه، أفواه وأصابع تذرع جسدي، تأكلني، والتنميل بهار اللّذة، دوريات شرسة وكثيرة، لحارة فيها قتيل، أسفلاً وأعاليا، رؤوس الشوارع، الأزقة والصهريج،... (يبتّقن) البنات نحوه من كل جهة عطش، وهو باسلٌ في وقفته، يُحَمِّم الصبيّات بـ"المح"،...
سنعرف من رائحة الخيل، أيُّ يومٍ كان لرايتنا، وأيُّ يومٍ رنّ في خُرج دنانيرهن،...
تلك هي الأسباب وليست الأحوال،...
"لم تجبني!؟"، تُلح بسؤالها تيموليلت، وتركّز عينيها في مدى عينيّ،..
هي تسعى في مقاربات لغوية كي أفهمها، وأنا أسعى في مقارباتي بزحزحة كرسيّ لتفهمني، والرجل منها ومني، يقف ضد المقاربات كلها.
تُؤشر لها صبيّة قريباً من الباب: بالإذن آلشريف! وتتجه نحوها بتعجّل باش.
آآه، الآن أذكر هذه الصبيّة، هي الأحلى بإخراج تيموليلت خارج الحسبة، ولكنها أكثرهن أنوثة وميوعة متدلّلة بدون منازعة، تذكّرتها لكونها تحاشتني ليلة البارحة كذا مرة،...
أكبر كمّية من حشد التأنيث- أعراضه الميوعة والدلع، لتتزن نقطة هناااك و(ما) بعمق تيموليلت،..
لماذا أنا متحسّر؟ هذا الإنسان عجيب، أوَ كنتُ لا أعلم، لماذا لا أُريد إلا هذه المرأة التي وجدت لحياتها المجرى الذي يطرّز زهوها على مقاييس وجودها الإنساني البسيط،...
ربما لتتزن نقطة بعيييدة و(ما) في عمق السي خالد.
أراهما من مكاني، بينما تيموليلت تتحرك قليلاً ليسترها ظهرها مني،...
حديثهما لا يبلغني، اليد البضّة لتيموليلت، ترفع للصبيّة حامل سوتيانها، تنفض شيئاً بحنان، بدفع كلّ نهد في اتجاه، وبعفوية حبيب يتشاغل أثناء الحديث، يفتح زراراً أو يُغلقه، تزيح لها خصلاتٍ تتطاير على وجهها، أو ما يشبه أن تنظّف لها شيئاً عالقاً على خَدّها،...
أجن أنا وأحجّ الجن، من الشامة (الفُل ستوب) الماهرة –والإلهية- على خد تيموليلت، بعد اكتمال فرادتها بالطبع، وضع الله نقطته الخاتمة هنا، فتيموليلت من مكانها ذلك تُعطيني صفحة وجهها،...
هذه شَرْبكة صاعقة لا حلّ لها،...
شيء ما يتحدّى رجولتي، أطفّر من مكاني دا يا ربي وألوحن اللتنين؟،...
أتذكر قول جَدّي لي:
"والله الليلة أخليك تترّع بصطونة آلمسخوت"، لا حول ولا قوة، دي جلدة طيري دي. وأضحك.
"أقوم أخلّيهن، اللتنين، يتّرّعن شنبورة يا ربي؟ وبرضك "جَلْدة" طيري، فالشاعر الجاهلي، يوصي بممارسة الجنس مع الذات، بجلد الأخيلة:
إذا حللت بوادٍ لا أنيس له .............. فاجلد عُميرة لا عارٌ ولا حرجُ
"عُميرة" في أيامهم كانت كُنية لعضو الرجل، لكن برضك ألعن الشيطان، والجاهلي -مهماً كان- يظلُّ جاهلياً واسمه "أبوجهل وأبو لهب وعكرمة، ومهما عاصر الإسلام"، للمرأة في ذمتي الكثير من النبيذ والمبيت مع صويحباتها،...
تغادر الصبية، وتصنع تيموليلت حركة حلوة لقفاها، ضربة نَخْس دافعة ومستبقية في آن، بلطف من هو متأكد كيف يجب أن تكون، تشبه ضربة لعيبة الكرة لبعضهم بعد الهدف -في إطار بعيد،...
تبلغني تيموليلت فأضحك، أصبحتْ تأخذ راحتها معي، نظام (ولّفناك، فردة) وكدا،..
"فقط، أردت أن...."، أبدأُ جملةً تبترها لي ضحكةُ تيموليلت الممزوجة بخَفَر، خَفَر؟... يا الله،.. واللاوصف يبدأ يرصُّ أرادبه، أرطاله، أواقيه ووزناته،..
"تحب الكعوات ياك؟"، "الكعوات" ترادف "الجعبات" عندنا،... وتضحك حتى تختفي الفُل ستوب من وجهها ليتخلّق لحظتها الوجه من جديد، مِن الذي غاب عن البال وغاب عن الإدراك، نظام مُهلة للاستيعاب، فأيّما إنسان ليس بوسعه إدراك كل جمال تلك المرأة، من أوّل لقاء أو أوّل تعارف أو أوّل نظرة،.... أو باختصار من كل فكرة الأوّل التلخيصية/ المبتزة/ والمُفْلسة هذه،...
سألتها: وأنت؟ أي شيء تحبينه أكثر؟
تضحك، يعود الخَفَر والتورّد من جديد، شفتاها تقتلعان نفسيهما –تصبحان عنوان الوجه- في ارتجافة بسمة ناضجة وتطفح باللوعة القانية،...
كنتُ أتصوّر أن تكون وقحة، ولكن هكذا هو حالها،...
بدأتُ أحترمها، هذا الشيء في نفسها ما هو بتهتّك، وإنما قدَر يجب تقبّله من جملة (مُرَاح) الأقدار، القدر الأبرق، والقدر المحُومر، وأب غُرّة، وكيت وكيت،...
رنّ تليفوني، الحاسد، والمشّاء بنميم،...
فينك آلسي خالد، من البارحة نحن ندورو عليك!
ضحكت متلمّساً الخفوت ما وسعتني الحيلة: إنتو بس البتدورو؟ عليكم الله كان لقيتوني قولوا عووك!
"دابا الهدرة احلوّت"، تحندكني اللعينة،...
فتّشتُ الأشياء التي يمكن تفتيشها، الأوراق، السيجار، النعلات، السروال،... "بس لو راجل أعرف قلبك ملصتو وين!"،...
استعددتُ بسرعة، ينتظرني مشوار المخطوطات والمكتبة الوطنية "الخزانة الحسنية"، التفتيش اللعين والآخر،... هو أحمد، ولكن "الهَمْداني"، بسكون الميم، لقبيلة يمنية، "الهَمَداني"، بفتح الميم، لقرى بفارس، "نكوس نكوس، "الأصوات في اكتمالها، ومع انحرافات النَبْر"، لمتين؟ زهجت أنا من الكواسة دي!... فيما له قِوام، وما هو انحراف،..
"ولّفناك آسيدي"،... تشترط عليّ تيموليلت العودة بسرعة، بالزربة بالزربة،...
"أرجيني في حموك، ويا نار ما تغلّطي علي البليلة"،...
أقترب منها لتقبيلها، لا تصدّني، ولكن ترتبك، ترتبك بدافع غريزي، يمانع تذَكّر حكمتها الثانية،...
"أحتضنها بمودّة غاصبة، آويلي آويلي،.. تصيح متفلّتة، كأنها ستُحرج من دخول امرأتها في تلك الساعة،.. تتملّص من حضني بصدق، ولكن تتلاقطها كم بوسة ودغدغة مني، خطفاً، ذاك فم بمهارة محجان الجن"،...
"تضحك ويتشتت تدبيرها، تتصدّى بيديها، وتحشم".
"أزقا يا –روق ياخ،... را نقول عليك مزيان"،...
"وأدروك-الآن؟، إيش وجدتيني يا؟"،.. أتضاحك،..
تدفعني وهي تكزّ على أسنانها، بما يطلق العبث والزعل الخفيف في وجهة صرير واحدة،..
"باللاتي،.. باللاتي"، لحظة لحظة،... أتفكّك عن رائحتها وتتفكّك عن رائحتي، لأودّعها لدى الباب،...
ورائحتي هذه، هي الشيء الوحيد الذي كافأني به الله على صعيد المحسوس، بشهادة ألسنة نساء كثيرة مضغتُها،... وهرّبت الأغاني من فوقها لفوق لساني،..
لم تأتِ تيموليلت بذلك التملّص تمثيلاً، صِدْقاً فقد شعرتُ بنهنة احتجاجها وتمتماتها ذات عمق، وإن لم تود إحراجي،..
قلت في نفسي: لا بد أنّه لا تُوجد في كل تلك المكتبات التي "سأكوسها"، وريثة الأندلس العريضة أيّامها، كُتبٌ تعلّم الناس كيف لا يخسرون كنزاً،...
ولكن أنا مؤلّف وعلي أن أُؤلِّف ذلك، إذ لا بدّ من لجم نفسي، نفسي هذه غنماية ويجب لجمها، وإلا خسرتُ هذا العالم "المفارِق" بتمام حضوره الفاره،...
حزنت،... فحرمان ما كان وما سيأتي يُولّد الحزن، وإن لم يُطَبَّق بحذافيره ووَفْق نظرية صارمة، فلا بدّ أنّه سيسبّب حرمان الحرمان،...
وما لَذَّةُ الوجود سوى تحاشي حرمان الحرمان؟
خرجت، والدنيا ما يزال بفمها طعم قهوة صباحها، الوقت في تحضّره للضحى، والظلال تغزل حنانها لصق الحيطان.
عندما بلغتُ فندق سوفتيل ديوان، واستعددت لمهمتي، النهار كان يتهافت، الاتحاد الاشتراكي،... الاتحاد الاشتراكي،... تتهافت هي الأخرى، ولا يكترث لها أحد،..
اليوم أصبح أكيداً، والناس انشغلت في أخبارها الخاصّة/ الحميمة، وإن كانت، للأسف، الظرفية،...
عمر بأكمله انصرم وتبعزق مني، وما زلت لا أستطيع النظر إلى العيش إلا كمسألة ظرفية،... الدواب وحدها التي تنظر إلى العيش كمسألة حاسمة ومصيرية،... أنا مصيري برغم تفاهته إلا أنني أستكثره على رغيفة، صابونة، لباس داخلي، فرشاة أسنان، وبنطلون ليس له زيق، وآخر فنّيته تتجلّى تحديداً في التفافة هذا الزيق،.. أنا رجل جرّبت نفسي في غاية المَحَل والاختصار، وانعدام هذه الأشياء لن يجدّفَ نهرَ وجودي محتّلاً، لن يغزوني من قِبَله أي دفتردار أو كتشنر، عاطل، ليس لديه ما يفعله في بلاده،...
لاتهتم بي، أنا واحد وهم، أصارع منذ أمد بعيد "كتاب التوهّم" لـ" الحارث بن أسد المحاسبي" من مواليد 782م، وانظر إلى جنون عبقري كهذا وسَبْق في تسمية الكتاب، أمّا مضامينه فمشيخة قاهرة، أوّل الجالسين في ظلها "الجنيد".
أنا واحد وهم، لا أستطيع أن أتداخل وأتقاطع مع هذا الوجود إلا من خلال نظريتي: حياة الشخص لن تكون الخرافة التي يموت بها، إلا على حسب نوعية الشخص، فأيضاً يمكنها أن تكون الخرافة التي يعيش بها.

تيموليلت (الوردة في دور شوك)

الكِتَاب ماعونٌ للمحو، مثلما هو ماعونٌ للكتابة،...
أقول لتيموليلت،..
يا إيد القوي قلمي،..
الكُتّاب الطوب لقوالب غيرهم،... الكتّاب محلولات الكُتّاب
الكُتّاب وإنْ كانوا وبتمامهم،..
والكتّاب محلولات الكُتّاب، بجركاناتهم،...
من يتوتي في ضُلّ الحيط الدواش، وقُبْلَة خشيمو علي الرمل،..
يا فراش توتي الحريق، وبَصِّم الفم الجمر،..
ما قرأتُكم إلا وواطأتني الرغبة..
لأكتبكم بنفسي من جديد،...
جوطتكم تتوالد، وتُفَاقَد السماء في جوطتها، ما يهمّني،...
أنا أُفتّش لكم عن عِيّالٍ من رَوّاق القلب لا من شِبَاك السروال،..
فالجسد ليس بوسعه احتباس الظل أكثر، إن عصرت مثانته الشمس،..
لترفع رأسك، نحو تكاليف الشمس،...
فالسماء هباءٌ فوق هباء،...
والأرض مهما ترفع حجراً من حجارتها لتختبئ
يسبقك "فاشي" ويلدغك،...
انتظروا حتّى ينبت شجر السُّموم،..
فالكيزان شوكاتهم في جذر الحجارة كلها،..
انتظروا، فإنّ الحجارة في منام الأرض لا يضمنها أحد،...
قد تنام، فتهلوس، فترجم نفسها،..
وتهدئني تيموليلت أيضاً، بعد أوجاع رجال التنقيب، من يظنّون أنّ "الشخص في الوجود" عناصرَ يُدْخَل إليها من باب اللحام، زول خارصين وزول صافي ذهب الخزانة وزول رملة ساي، عناصرَ، يُفكّكونها ليعرفوا أسعار جدودهم بعيداً عن مضاربات العقل والروح،.. أأخ يا تيموليلت من النخّاسين الجُدد، والمتدينين الجُدد، والبلاد البدد، يااا تيموليلت لو تجنّسيني حضنك فأنجو من بلاد تتقصّفها حركات الازدوال اليوم، كأنّ الزول يصحو توّاً في بلاد لا يعرف اسمها،..
لو تجنّسيني حضنك، ويبقى شمالي نهد وجنوبي نهد! وارضع شمال وجنوب،..
تهدئني تيموليلت، من أوجاع الرجال القرمصيص،..
عيناها تشتغلان بروفين عندي، ولكل وجعة منّي، إلا أم الوجعات،..
لا يسعني مثل هذا الكلام البجَرِّم يا تيموليلت، وليس بوسعي التودّد إليك،..
"أأخ يا تيموليلت، بس لو ما كانوا قُباح ودقونن سِدْرَاً ترعى فيهو الجُمال، كان أشتريلك تذكرة يا تيموليلت، وأخليك تضوقي مُوديَّة سودانير، المخيّرة زي ربها، البِتْرِك علي كيفها وبرضو ما بتطير إلا إذا حَكَمت معاها زهْجَة الطيور، أودّيك السودان يا تيموليلت، وتِّمي مزاجك الغريب دا فيهم"،..
فالرجال هناك يا تيموليلت، عجزوا عن نيكهم،...
آآآخ، يا جبل الهُرار الما بنطلع، وبحر الزُراق الما بنقطع.
يقفز نداءٌ في الليل، مجرد صوت منفلت، لا مغزى له إلا حيث انطلق، إن لم يصادف شيئاً من ذاكرة نداء لديّ ولدى المكان،..
"الله يرحم الوالدين، آآآلشريفة،.."،..
فيشتد الحال بي، مع البرد الذي أخذ يرصّع النوافذ، ندف الثلج الصغيرة.. صغيرة.. صُغر، تصبح كلمعٍ لعيون نمور وفهود تترصَّد بالناس والمكان، فينادي الشعر ويُغلظ في عوائه:
الليل برد وكلّو زول طَبَق بُرِّيبتو
وخلو المتلي راقد في السَقَط.. وا صيبتو،..
الشعر إن لم ينادِ،.. سابع سماء وسابع أرض فيك،.. فدعه وتكلّم بالموبايل، فقد استوى الحال إذن،...
القدماء كانوا بدائيين، وضاعوا بين أعالي السماوات كلها، وأسافل الأراضين كلها، وبين أعالي وأسافل خرافاتهم الخاصة، لذلك نادوا ونادوا، أو تساكنوا هم والنداء، الجوّة بالجوّة،..
وبما أنّ المرأة أقدم كائن من بلد الخرافة والضرورة، فغناؤها بالنداء الأكثر عمقاً، بئرُ عَنَجٍ لا تَقَط،..
شَلْ شَلْ كُب لي جالون
ولا لا لا، أنا ما بديك،..
وهَيْ هَيْ المحطة قريب،..
ولا لا لا، المحطة هديك،..
بالطبع، لن يفرح أي بائع بنزين في محطة أو متجوّل، بميلاد فتاة إعلانات لهم،..
المحطة هديك، توصيف يقيس بُعد اللّمس،..
وإن لم تفرز الحال وسرتَ في جهة "المحطة قريب"،.. فكُب بنزين عربيتك ودوِّر،..
وإن قمتَ بمماحكات لتعيين جهة "أنا ما بديك" عن جهة الطلمبة، فهذا عين ترقية التوصيف إلى رتبة،...
وشَلْ شَلْ شَلْ، كب لي جالون.. ولا لا لا أنا ما بديك،...
الهجيج يحمى، والناس تنملص منها شباطتتها وشيء طِرَح وشيء خجل، الغناء عيونو حُمر،...
المفطومون في الوراء ينادون أيضاً، بينما الأصابع المعلومة منهم وغير المعلومة بصَلَبة البنات، تجتهد في العِبَار: اللبن اللبن أبوا لي بي، اللبن اللبن الرسول كُبّي،..
وهكذا يعود بي الحال، مع كلّ النداءات، كنّا صغاراً، نكتب ونمحو على ألواح الخلوة، وما زلنا، وفي المساءات نُحضّر أرواحنا وأجسادنا، لنتساكن نحن والخرافة وذاكرة النداء، فلا نغيب عن جيرة الجوّة بالجوّة،..
وكان "بعاتي" النداء، يناسب عمرنا، بتنكّره في اللعب،..
هولبلب،.. ويا الحارس، كم في الخط،... 17، كضباً كاضب،..
هولبلب، ويا الحارس، كم في الخط،... 15، كضباً كاضب،.. هولبلب،..
"هولبلب" تركيبة لنداء يتبنّى (هو لبَّ لبَّاً) أمّا تفصيلته فهي "فاعلٌ ما احتضن مفعولاً به من الخلف احتضاناً يسمح بطرب النتوءات في النتوءات". ننادي "هولبلب" وإن وقع نِردُ اللسان، على رقم النداء المطلوب، يكون النداء –الآخر- المُطْلَق من الحارس: شِدْ واركب،...
نحن وتوأماة الأيام، كنّا ندق الباب، نُراهق تُراهق، تبلغ نبلغ، نحاذيها العورة بالعورة، حتى نصطّف أمام سامية الفاتنة والشرسة، لنلقّبها "الحلو مر" لموجب مساختها، كانت من حلاتها، تصل إلى بيتهم فتتحمّم من النداءات قبل أن تنام،...
بين الطاحونة والصهريج، فضاء ومَقْنَصَة، ألحق بها لأُشاغل وعمري المستهبل قريباً من شنبات النداء،..
ويا قصب السكر، كم في القلب؟
فتلتفت إليّ بالحاجب المقرون وعنجاوي: واااحد وغيرك، ولو قلت كضباً كاضب، بجي بأكّلك السفنجة دي"،...
فأُحبط وأنال: قاه قاه قاه، ثم ينادي الأولاد فيّ: أفرشْ وصَدِّقْ،..
وإن لم تتذكّر معي كل ذلك، فذنبك وذنبي يكفياني، الشخص في الوجود وفي السيئات يُكَفِّر عنه وعن أخيه، وينادي ويذنب عنه وعن مطمورين فيه بلا عدد،..
"فتح السيد"، موظّف البلدية، كلما تمر من باب مكتبه تسمعه في نداء، هذا قبل "كَفْ" سهام المهندسة المدنية طبعاً،..
فآخر نداء له كان: إنتِ أوّوول حاجة مهندسة حلاوة بس، وترووقي علي كدا، للخريف الجاي الحيط ملحوقة،..
يرن جرس الباب، تفتح تيموليلت،.. آه، آويلي آويلي المتغنّجة جاءت، عيناها من الباب تسألان عمّا أفعله في تلك الساعة من سكون الوجود، مع تَرِكَتِها بالطبع وأوسم رجل يمكن الحصول عليه في الدنيا، تُقبّلها تيموليلت "بتفوحل" على فمها، وتجذبها بتحريك دائري، فيما يمسح الحضن أب لارنجة بالحضن أب قريد،..
يقفز صوت جدّي، شاشة العرض المحايدة، فقد خلط ذلك الرجل كسرته بالماء وبالحكمة والتقبّل، تُعينني شاشته من جانب اللغة،.. فأي نوع فكرة له نوع لغة،..
"دامَراً" لا جدوة لا عنجاوي! تتبطّح الجُمَال في سوقها،.. وهو لا ينتقد الناس، بل المدينة،.. أو المدنيّة كما يمكن التمدّد على نحو شخصي بالموضوع،..
ود الحرتي "الرجل المتخلّف، بمعنى غير المتقبّل للجديد بداخلي"، وهذا لقبي الوهمي لشخصه الوهمي بداخلي، أُعيّنه كي أستطيع محاربته،.. تراني في الشارع، وفي سيري الوحيد أقول: قلت لك يا ود الحرتي ما تكاجرني، يا ود الحرتي صياعة شنو بالله، أها قلت كيف؟ لا دي تهمة يا ود الحرتي"، يقول لي وأقول له مدوِّرة طول النهار،..
تعرّفني تيموليت بالدريّة لأول مرّة،.. "سيمو"، اسمها سميرة ندلّعها هكذا،...
فيقفز نداء آخر في ليلي، "هناكَ: في ضياء وظلمة النفس والآخر"، يا لجنون الأقدار معي، دائماً سعيت لأن يكون قدَري ومصيري لا يطابقان أحد، المصادفات تخدمني،..
"سيمو" + حرف واحد من نداء مطمور بداخلي "نون"، تصبح "سيمون"، وما أربَط تلك السيرة بما نحن فيه من عصائد العذاب،..
سيمون إمرأة الشاعرة السورية الشهيرة، والفحلة، "إيتل عدنان" رفيقة تيموليلت في درب الموت عُذريةً، وكلتاهما من سوريا، "إيتل عدنان" الفحلة، و"سيمون" المتمددة تحتها،..
إيتل عدنان، صاحبة الإيعاز بـ"دامر" أخرى، لا يسوسونها بالجدوة والعنجاوي:
مدينة ثُمانيَّة الأضلاع
فقاعة تحمل ذكورة الجسد
وأنوثة الدلالة
......... (قصائد الزيزفون – إيتل عدنان، ترجمة فايز ملص)

أُكرّر، جدّي لا يقصد الناس بل المدينة، لذا لن يستدل بالأنثى هكذا فحسب، جدّي خلط كسرته بالماء وحكمة خصوصيته، بتقبّله للرقيق والحلب والبدو والخمسي ضكر وكل شخص في الوجود، وكان مَكّاً كبيراً،..
البلاد التي تُبنى من مسيرة الجوَّة بالجوَّة، ومن تقسيمها لشوراع "ود حرتي" وشوارع أخرى غير ذلك، فلتتحاور:
إيتل عدنان:
ها عذابي يُفعمني في فجرِ ولادتِه
ولا يبحثُ أن يُشْبِعَ رغباتِه
إنّ حبي كنه وجودي،
وأنتِ النبع الحقيقي للضوء
أنا العنصرُ السيولة
والمرايا وماءُ المرايا،
أنا الموضعُ الذي من خلاله تُعْجَبُ بوجهك
وتتكاثر،
لأنّ الحب هو النظام الأقصى،
تتقدم أمواجُ اليم، حركةً بلا توقف
حركة تجرؤ أن تُسَمِّيَ الاياب ولا التروّي
لكنها تمضي نحو المستقبل، شيئاً مجرّداً
إن الواقع الخفي كله يكمن في هذه الأنهار
("كتاب البحر، كتاب الليل، كتاب الموت، كتاب النهاية" -إيتل عدنان، ترجمة عابد عازريه)
"ود الحرتي" لا قِبَل له بمحاججة هذا الكلام الهواوي والفوقاني كله،..
تتكاثر، يخطُّ "ود الحرتي" تحتها خَطّاً، ليقول: رُبَط برسيم إنتِ بتتكاثري من أختك وألا زرّيعة!؟ جَمَل فوق جَمَل بمشوا وكمان بصلوا! عاد بصلوا وين؟
إيتل عدنان، لن تسعى لجعل أحد يُدرك، هذا غباء، الإدراك إمّا أن يتمّ بآلية نفسه، وإلا فلن يتم، تقول:
أين نحن؟ أين؟ هناك ثمَّة أين
لأننا بكلّ عناد، موجودون
وكان لنا وجود،
فمن نحن إن لم نكن أنا وأنتِ
أين نحن؟ خارج التاريخ، خارج قصته أو قصتها
وعوْداً إليها، خارجاً في الفضاء، وعوداً إلى الأرض
خارج الرحم وبعدها إلى التراب، من نحن؟
أين الأنين، أين الرعب، الحب، الألم؟
أين الكراهية؟
أين حياتِك، وحياتي؟
... .. (هناكَ: في ضياء وظلمة النفس والآخر – إيتل عدنان... ترجمة سركون بولص)

طغيان الخطاب الأعمق في استولاد الوجود يستظلُّ إصراره، ومشاغبته مع حركة أهداب تيموليلت:
رحى الطاحون مخيّلتي
تواجه هذا الزيغ
الآتي من وراء الحدود.. ليحرق الكون
بحيث لا يبقى منه شيء
سوى ذرة وحيدة
تساوي الكون كله

*

"كل إمرأة عذراء إلى الأبد"،..

... (قصائد الزيزفون – إيتل عدنان، ترجمة فايز ملص)

محسن خالد، نصف "ود الحرتي" الآخر، الأظرف قليلاً: الأبد دا يا ربي أتوبيسو واقف وين؟ العذراء زجاجة نبيذ بفلّتها،..
ولكنني أنقلبُ لهامش كبير، ونافلة تُولم للجعليين كلهم، تجلس "سيمو" حيث موقعها، وترجع تيموليلت ندّاً لي، تتمرعف،..
(العُشَر قام ليهو شوك)،..
يا نور يا نور، تتبدّى تيموليلت، (الوردة في دور شوك)، وما زلتُ باسلاً، فنيازكها في قصفها لي، شموسٌ أحصل عليها، تتبدّى تيموليلت، شرسة ووقحة، كحال الفحل في حضرة حوضه، جلافة الأنهار تحطتب الدربْ،...
هلكت مفاحة الياسمين، هلكت،.. هاهي الجنس تحت الطبيعي، الجنس بخصيتين من عالم الشيطان، يا نور يا نور، يا اللولية يا اللولية،..
بنات حبش، بنات أمازيغ، بنات باريا، بنات حَمَر، بنات مورسكيين،... ودَقْ دَقْ دَقْ، اللول اللووول اللولية..
وخُشّي الدارة أخمجيّا – يتكرّر النداء،...
... تتمَّة...
يا بت يا ضابطة وحربية
تتمَّة ثانية، تترَجَّل عن ظهورنا الكائنات كلها بساق الصلف،...
رَجُلان، تركيبتهما "حلومر"، وإمرأة واحدة وبيننا الشراب وعلب القارو،.. فتصبح رغبتي حينها في تيموليلت الرجل، وتيموليلت المرأة بعامل التذكّر فقط ترغب في "سيمو" المرأة الوحيدة والمتوفّرة حالياً، يغرقنا بحر الجسد بتمامنا، يأخذنا التيار بين موج وموج، ونطفّح كلنا في جزيرة شواذ،..
أزيح لتيموليلت وسادة المقعد لتجلس بعد قُبلة فحل جديدة وأكثر تفنّناً، تأخذها تيموليلت من المتغنّجة بعد أن تناولها علبة القارو، والجنس يتقطّع تُرَع، الحُفَر في وجه الحُفَر، استفذّتهما حركة دفعي للوسادة، انحشار الكوريق، فحنبّكت الأرداف من كليهما، الحارس ومن يحزر الرقم،..
أمّا أنا فحسدي وحرماني يُقَوِّلان قلبي:
أيَّما أنثى سَقَتْ ردفها كيما يطول
تخون النبات،..
أيَّما أنثى لا تنفلت لمواعيدي من حبال قوس..
تتأخَّر،..
ولسّاك في دور الحبيب!؟.. "الحريم ديل بصحّهن؟"،...
دا صِح الصِّح العميق، ها وليد ما تشوفلك أريكة تطفر بين شخوطها! هنا الشخوط سماء وقوس قزح.
نجلس، وتنقلب تيموليلت لشبه مذيعة سودانية بلهاء، لولا مغفرة حلاتها، تسألني،..
"حدّثنا عن السودان،... الفنّانون والثقافة، والكُتّاب"،..
فيقفز نداء جديد، لا أذكر رقم كم، فقد جُرِّدت ليلتها من امتيازات "هولبلب" كلها، حسن ود حلتنا الكضّاب، وهو ليس بكذاب غريب ولا أجنبي، بل نفس حسن ود حلّتكم الكضاب، نفسه نفسه، فالدنيا مخلوقة بتكرار شديد كي لا تعاني من نقص في أي جهة من جهات غبائها، الحكمة وما هو ضد الحكمة واحد، لا تنوُّع ولا ضراط،..
عوير حلتنا/ عويركم، وهسّه شكلة النسوان الفي خشم الباب دي، ما سببها فاطمة القوّالة بتاعة حلّتكم؟ ونفيسة البوبارة دي، البقدر عليها منو غير نفيستكم،..
أليس حسنكم الكضّاب أوصافه: يلقى بنائين يتشعبط في سلّمن هواء، أقول ليك كم درجة بتاعة معلّمين مَهَرَة، إلا ينزلوهو ببرشوت،..
ناس الكهرباء يحاحوهو بالشديد القوي، "يا زول ما تسوينا في رَقَبَة!"، ناس اللجان والجمعيات، شيوخ عجائز بالطبع والتكرار ينجزون أعمالهم كلّها بالشفاهة والمغالَطَة، وما تيسّر ممّا يحتاج الكتابة يعودون به لبناتهم في البيوت فيكتبنه،.. حسن الكضّاب جاءهم بنظرية "فيلهلم" للتعاونيات، شرحتها له أنا عصراً وأراد هو تطبيقها مع "الكينزيين الشيوخ" أولئك مساءً، غايتو ضارباه جنس عَجَلة وشفقة،..
أمّا ناس الثقافة ديل فهو متخصّص فيهم،...
كنتُ ضحيته على الدوام، فقط لأنّني امتلكت مكتبة مُرهبة بوسط ذلك الريف الميّت والخانع،..
يأتيني بشعره لأُصحّحه بسبب –كوني لميض في اللغات، يصف هو-، التصحيح الذي ينقلب في النهاية إلى نهزرة بحتة لي من قِبَله،..
نقصد صاحباً لنا، في قرية ثانية، فيستوقفني هو في الطريق لقضاء حاجته، ويؤخّرها قليلاً لينقل حالة وجوده لحالة وجودي، أنا لا أكذب ولا أُزيِّف أبداً، ولا حتّى أتجمّل الأكثر غباءً، بل أنا أتفنَّن، ولكم أصابتني الغَيْرَة من الباسل "نصير الدين الطوسي" لأنّ البحّاثة المكين "أبو الفدا إسماعيل بن علي" قد نعته بـ"المُتَفَنِّن"،...
ياخي ياخي يا محسن، قصيدتي دي ما فيها كلام، ما تقول لي فكرة وبناء ونحو ووجهة وتشيل فوقنا النهار دا كضب ساي!
أسكت أنا ولا أُخاصمه دفعاً عن صدقي ولا علمي، إذ لا فائدة،...
يتعورب في لغته ليهين آرائي أشطَر:
يا زول أنا أمور الجَهَلة المتفلهمين دي چـت عليها خابرها، إنت قايلها هادي برّيكَة ناقتي من الخَلا وألا شنو؟
أغضب أنا، هذه ليست قصيدة يورّط الشخص فيها نفسه، كما يسعى لتوريط آخرين،...
خليهو الكضب المشيّلو ضهري زمان، هسّه تعال، جيب القصيدة،... أتخلَّى عن حكمتي لخاطر حكمة الشعر،...
يُعَلِّي هو صوته قليلاً، بطولته إن لم يسمعها أحد، فما هي؟ فأعرف أنا الذي أُعطي ظهري لبداية الشارع، أنّ رأس الشارع قد غُوزِل ولا بُد، بمرور بنات يقصدن جهة، أو حبيبته سمر تحديداً، التي يتشعبطها غصباً عنها، فما هي إلا سُلّمٌ لبنّائين آخرين يصادفونه، "حنانه" نزولاً عند لغته،...
تُشارف قامة صوته البيوت، فأكاد أجزم أنّها سمر،...
يطير صوته قمرية من فوق البيوت، فأتأكد أنا من كونهنّ "حنانه" فحسب،...
أتوقّف له عند أوّل بيت في القصيدة لأُحاججه، مساعداً له، كي يثبت بطولته في حيث يجب أن يذهب به الحال وينتهي عند حسمه بيد مارزبّة مُشْ شاكوش،...
يجرُّ هو الورقة من أسفلها، ويدفع بأصبعي إلى جوّة القصيدة، وعيني وإن كانت بالفعل كعين العنكبوت، ولكن لا يمكن الاستفادة من ملكاتها المعروفة، إلا حين صيد حقيقي، كما تخلو من أي نتوء أو حفرة فارغة، تُمَكِّنه من حَشْر إصبعه فيها لأجل جرّها إلى جوّه القصيدة التابوت، يتمحّن وينحك،...
يستوي "حنانه"، متجاوزاً، فيما يقصدنا من طريق، فيعود مرّة ثانية لبطولة الكلام المرتفع بأعراض أخرى، جدري البقر سُعار الرتيلة، لا أعرف، ولكن الشعر من أعراضه تلك مسافة نمشي دنيا تانية ونغيب:
يا محسن الفكرة في البيت الأوّل دا خليها، عااارف إنّها قريبة وهينة خالص، وبدون باكورد بجيبها، شوف كلامي التحت دا كيف، أنا داقي فيهو تمانيات جنس ربّك،...
أقول له أنا لعامل الملل وليس الغضب: دينك ياخ، قصيدتك المخوزقة دي قلنالك ملصتها من جعباتك، ولو داير تكتب قصيدة بالجد، واصل من "تمانيات جنس ربي دي" تحديداً، وقصيدتك البتتوحّم فيها من سنة للتانية وفي زمن الولادة تحسى منّك "خور عنجة" الناشف داك! بتجرّها بمشيمتها من العبارة الناشفة دي، بس لو خَلّيت حَكْ رأسك البرّاني دا، لأنّو سمر فاتت، وُبِقيت تحك رأسك دا من جوّة، ياخي النادي دا... بأدبخانتو، شُور رأيك، تقضى غرضك وألا نمشي؟
يحدجني بشراسة، فسمر بقلب الراهن تُلهم كذّابين شوارع أخرى، فتنالني أنا مكافأة انفشاشته، يصيح في الشارع:
خلااااص يا بطل، يا ناس هوووي محسن بطل،..
محسن ليس "الباقات ولا الخيش ولا الحبال" ليصبح بطلاً هكذا، هو لا يعترف بك ولا بهم، ولا بأبطالكم القدماء والمكرورين أولئكم،..
المنتخبون لعامل جبنهم، ومن تنجزونهم أبطالاً بمجرد تهديد، كونوا أبطالاً في أعيننا وبمواصفات بطولاتنا، وإلا فأنتم أبطالٌ في نظر من؟
أنا البطل الذي ينتخب ذاته وفي نظر الخلاء، أنا البطل الساقي والحاصد نفسه في حقل شجاع، ونفسي كلها أبطالٌ، تنازلهم نفسي، في بطولة المرايا..
وعلى صفحة النهر،..
يلعنك ويلعن طاريك، أعُد للمذيعة تيموليلت، بعيون تطلب استكناه السؤال وليس إعادته،..
فين إمشيتِ يا؟ تسألني، والضحك منها مخشوشن قليلاً، لا بُد أنّ دور الرجل الملعوب هذا، وبدون ثعبان يفح في السروال، إن لم تتحرفن فيه جيداً، فسيثبت لها كم من أواقي الحال تساوي في الميزان، بينما الكَفّة الأخرى يصنقر فيها حسن الكضّاب،...
"نتسولوا عن السودان ودرياته ودراري يا؟ تقول هي، نسأل عن أبناء وبنات تلك البلاد القديمة،..
"الله ينعل دين السودان الكضّاب زي حسنو دا!"،...
"الفنّانون والثقافة، والكتّاب"،..
يُفَلِّي سؤالُها رأسي بالتُهم،..
كان لنا أفراد يا تيموليلت،..
أفراد فحسب، حلويييين، فمضغناهم ومضغناهم ومضغناهم،...
حتّى تركوا حالهم، ودخلوا حال اللبان،..
تضحك المسخوطة،..
"علاش، را شفت هاديك التصويرة حلوة بزّاف، ديال.. ديال،.. اللـ..."،..
تقصد حضورها لمعرض تشكيلي، لفنّان سوداني، وأعجبها، وإن لم تعد تذكر اسم الفنّان، سألتُ عنه الشاعر "أحمد بالمسيح"، فاتضح أنّه "راشد دياب"، ورووا لي أنه تفلهم عليهم كثيراً أوان معرضه، وأنا انبسطتُ لذلك، فبعض منّا يذهبون للخارج مجرورين بحبل الدونيّة والمعيز، عفارم عليك يا راشد،...
أنا مثلك بالخارج كلّه، أتفلهم علي من يتفلهم عليّ، وأركبهم بكل ما أمتلك، بقلمي ورأسي وشيتي ولغير المهذّبين كَفّي قريييب، ومع الطيّب طَيْبة الرسول بمآذنها وقِبَابها،..
أنا لستُ الفنّان المسكين، المتروك للجراثيم تتعيّش عليه، المضايَق ومضايَر في أطيَز ركن بالخارج، يا إيد القوي قلمي، ويا إيد القوي إيدي، وعمري سطر واحد، ودغري، يمرق من كتاب ويدخل في التاني،...
يحكى أنّ رجلاً ذهب محزوناً ويتعثّر في أحزانه إلى القيامة،..
قيل له مالك يا مالك الحزين؟
قال يا ربي أحزنني البشر.
قال له ربّه ولماذا حزنت لهم!؟ كان بوسعك أنّ لا تفعل، أنت خوزقت نفسك،..
فحزن الرجل الذاهب بحزنه إلى القيامة من جديد.
وإيّاك أن تسألني، من أين أتيتَ بقصتك هذه؟ إنها قصة، فمن أين يأتون بالقصص!؟
تتكوّر تيموليلت في جلستها الإذاعية،.. تقول:
غير الطيب صالح، لا أعرف أي كاتب آخر؟
نعم الطيب صالح، الطيب صالح،.. أقول أنا هارباً من إزعااااج هذا الرجل، فقط الإزعاج،..
وغيره، ألم يتبقّ أحد؟ تسألني،..
أُتمتم في سري، غيره!؟ ومتى سأل الآخرون ليعرفوا غيره، هم فقط يسألون ليثبتوا معرفتهم له هو، ثم توصيفنا، أنتم كُسالى، لم تبلغونا بعد،... ولكني أُجيبها:
غيره؟ سآتيكم بالصور لغيره، فقد قتلوا وما أبقوا إلا الصور، منها ما يهم، ومنها ما هو لألبومات الصور في المَلَمَّات والمُلِمَّات، الأعراس، والبكيات، ابتداء ديموقراطية، إلغاء ديموقراطية، اتفاق على حرب، إلغاء حرب، انقسام حزب، ترتيق حزب، الألبوم الذي أصبح نيلاً في طوله وجريانه وأبديته،..
ومن ناحية أخرى للحقيقة ومُعَاكِسَة، الألبوم الذي "يجك" في مكانه،..
ثم نخوض في سيرة العارف "محمود محمد طه"،...
الشيخ الذي يهشّ الموت بمسبحته، ليدرس، طَرَقْ طَرَقْ فوق راسو، أقعد آلمبروك، والموت يِمِلّ داير اللعب، طَرَقْ طَرَقْ كَمّل شَرَافَة لوحك آلمبروك،..
الموت سقفُ البيوتِ الواطئة والرجال الواطئين
الشوقُ قيامة الموت، هيّا فقُمْ، والغروب عودة مَنْ بالحقل تأخّروا
ونحن العيال، أبخُرجِك الرحيم فينا "دِفِّيق التمور"؟،..
ها إنِّي أنتظر لا باب لي، ها إنِّي أنتظر وعِرْقي في الأصيص
مثلك لن يرميَ عليه جبلٌ ظِلَّه ولن تطأه ريح،...
أبداً، ضد شلل الجبال المقعدة، ولجة بحر محفوظ الخطو والحافر
لولا الإنترنت لما صدّقت تيموليلت أنّ البورتريه، للعارف محمود، هو لمفَكِّر حقيقي قُتِل في الثمانينات، فقد ظنّته في البداية نظام "أتفلا –أهظّر" معها، وأخيراً سأقول لها، هييييه، غشّيتك،... هذا أبي،.. وسيأتي لزيارتكم،..
أهديتُه لها، وما يزال يُزَيِّن صالة شقّتها حتّى بيان هذا الراديو المضاد،..
الثمانينات،.. كيف؟ كأنها تسأل، أوَ في زمن فيه الدنيا حاضرة!؟ هي مثقّفة طبعاً، وتتوقّع أن يكون تموين القرون الوسطى حينها قد انقطع عن السودان أيضاً،..
لا أعرف كيف، كنتُ في الابتدائي،..
الابتدائي "ديالي -تبعي" والقرون الوسطى، يا تيموليلت، كانا يأكلان بفمٍ واحد، ويتغوّطان بدبر واحد، و"أدروك – الآن"، شحموا المغول،..
عينا سيمو، زرقاوان بمزاجية الحبيبة ونهنهة، لم تصالحاني حتّى هذه اللحظة، متخّصصتان في الدلع على تيموليلت، وتيموليلت لا تبخل على "حنانها" بالتدليع،..
اصبري يا سيمو عليّ، هنا رواية فحسب، وأنا في النهاية روائي ومنصرف،..
الصبر الصبر، يُعطي النساء أولادهن، ويُعطي الأرض والأنهار والجبال معانٍ تجعلها شهيرة في الوجود بشيء،..
يقفز نداءٌ آخر في أطول ليل للنداءات، شقة تيموليلت المكان الأكثر قرباً لمنجم النداءات من باقي الأرض كلها، شقّة المُخْتلِف مُحِبّ المُخْتلِف،..
ندائي بالصبر في عينيّ "سيمو"، يُدخلني في نداء "الصبر وعلي كنعان والقواميس"،..
علي كنعان الشاعر السوري، لا يمكن إعرابه في الوجود إلا كحالٍ بين الصبر والقواميس،..
يقول: يا لعين، عامان ولا تعثر لي على عنوان محي الدين فارس!
أنا وهو شيخان من زمن المحنّة، وأنت وأمثالك الجفاء في زمن الجفاء،..
لطالما وقفت معه ضد نزار،..
لماذا تناصره على نزار قبّاني؟، أسأله أنا،..
"لأنّ محي الدين فارس الشاعر، ونزار قبّاني العاشق"،..
أُهدّده مبتزاً، انتظر حتّى أشيل حالك لفاطمة، يسمّي ديوانه الأخير "نخلة اسمها فاطمة"، زوجته. لا أقول له أنت مثل سليمة بائعة اللبن، تَغِشُ كرمك يا رجل، تُهدي العناوين إلى فاطمة، بينما القلب في إهدائه الأبدي إلى الشعر.
يعرّفني على محي الدين كفارس، بالفعل لا بالاسم، أجهله أنا من زمنه هو، ويمنحني فرصة التعرّف على أصدقائه "عبد الكريم قاصد" الشاعر المتلندن، و"فائز خضّور" الشاعر المجذوب، الذي إذا ما قُرئ الشعر يتحمّم بالشراب، والراحل "ممدوح عَدوان"، الشعر، والدراما، والترجمة، خصوصاً كتاب "تقرير إلى الإغريق"، لنيكوس كازانتزاكيس،... فذاك كتاب من فارط الكتابة،..
كما هو بصبره أيضاً مساهم في الوجود، على نحو عائلي،..
بنيّتان، والبنون حدود شخصية، بين حدودنا وجيرة الوطن،..
شاميّتان من معمار حلوتهم النابغة،..
يدس فوتوغرافين لهما على الدوام في جيب قلبه،..
كوداك تغازل غزلها وتنصرف، يحلُّ سفيه،..
من هذه يا علي كنعان؟
"هذه رؤى".
والأخرى؟
تتلكأ عيناي غمزتين، وتتأخر إجابته في الرد عليّ ثلاث بسمات،..
أقول: لا لا انتظر، هذه الحسناء أعرفها، أستغرق، وأستغرق أكثر، حتّى ينمو فوق عينيّ قوسا قزح إثر غمامها، وأنا صعيق الغمام إلى الأبد، والشارد من برق السماء في فراغ،..
يضحك هو ببشاشته، وكان يتّهِمني دائماً بأنّه بلقائي إن لم يكن قد قابل "الفليل" شخصياً، فلا بدّ أنّه قابل الناطق الرسمي باسم "الفليل"،..
تعرف من؟ يا زنبور خجل السيدات، يسألني هاشّاً لي،..
هذه،.. أتكون هي؟ أنا رأيتها في مسلسل مع أيمن زيدان،.. لا أذكر اسمه،..
يستغرق أعمق في الشاعر الصبوح،..
"يا محسن شو بدّك، هذه الأماني من عمّك كنعان، هذا النشيد"،.. رُبى كنعان،..
لا حولالااا، يا غتيت، ما كان تقول لينا زمان، عشان نتوصّى فيك أكتر، وما نتغابى العرفة في وسامتك.
"يا شيخ روح، شو بدّك من ها الصبية؟".
ما بدّي شيء وحياتك، سلامة الجمال،..
لتأتيه في زيارات له، تُرتِّق بها صدع القلوب، لأقسمها معه بحنكة فَقَير في جيبه "فتّاحة" قَسْم النبقة بين المتصوفين، بـ"فتّاحة" القلوب مُش البيبسي،..
رُبى كنعان، النظرية المناهضة لتيموليلت، والدليل مسلسل "جميل وهناء"، فقد لعبت (الوردة في دور "وردة")،...
لا أدري أيهما الأقدم والأعرق، "الوردة في دور شوك" أم "الوردة في دور وردة"،..
وفي الأحوال كلها النيل أبلغ من مطر قديم.

تيموليلت (الجمال غول الجمال)

لا أذكر في أي بحر تكسّرت مجاديف ذاك اليوم كمُجْمَل الحال مع عمري،...
ولكن مساءً نزل مطرٌ حنين راقت له أدمغة الأرض والناس، ووجدتْ به الطواقي المثبّتة لقفا جلاليب المغاربة مبرّراً لوجودها في كل الفصول والأحوال،...
طواقيهم التي أزعجتني تلك "أُتيحت لها الفرصة، أخيراً، وفي تلك السانحة" كما يقول أغبياء التلفزيون السوداني، وإن كانوا عباقرة وأنا كذّاب، فليتيحوا فرصة أو يجدوا سانحة، للجيب المثبّت في قفا جلاليب السودانيين،...
هذه هي نوعية التأملات التي تستعمر عقل البشري حينما تجعله تيموليلت يُفلس مثلي ويخوض في سيرة الحال،...
"فمنذ زمن وأنا مرهق منّي ومن حنين، لا أعيش أيامي، بل "أُضايرها"، يوم فوق رف، يوم فوق شوّال بذرة، ويوم لا أجد له مكاناً،... أتأمّله طويلاً ثم أعضّه بأسناني، يومي لا يصرخ ولا يتألم، فقط يفرقع كبالون"،..
جلست أُراقب الناس ببهو الهوتيل، العزف الموريسكي الملتاع يعتبر الجالسين في ذلك المكان أخيلته، فيجلدها، يمارس معهم عادته السرية، في إبكائهم وإقصائهم، ويقودني أنا على وجه الخصوص من خلال ذكرياتي فحسب، إلى عمق لعبة "مضايرة" الأيام تلك، لتصطف أيامي "المضايرة" كلُّها، في موجز عُمُر واحد، عُمُر أعضه بضجري هذا كلّه، فأخسره بفرقعة واحدة وخاتمة،...
"يا ربي هذه النادلة مالها؟"،...
يضحك صديقي كريم، "شرموطة آسي خالد بغيت تحويها؟"،...
أضحك ولا أقول له:
"أنا ذاتي خليتو النيك، وداير في رقبتي دي، تنيكني تيموليلت، لا حول ولا قوّة"،...
أقول في نفسي، متمادياً في السفاهة، لماذا لا أصيدها بلعبة كهذه، أنا ما حلو صحيح، لكن هي حلاتها بتكفّينا اللتنين، أقوليها عندي ليك سر يا تيموليلت، أنا شاذ ومغروض فيك شديد،...
أضحك، أفو آلجعلي،.. وتراودني نفسي من جديد، ياخ هو بصّح ما شَرَك وبس، وبعدين حديد يلاقي حديد، العندو برمندي يغزو في التاني، أها الخسران منو آلجعلي؟
أضحك، برضك ما لَفَقَت معاك، المرأة النادرة هذه، فتّش دكان قطّيعها في الحشا وين، وأشتريلك منّو لوريين قَرَض، قرض عَيْنَة المرارة طعمو تخلي حَلْقَك أحوَل، ولمّن تجي تبزقوا تبزق عينك بدلو، كلام زي دا تاني ما تجيبو فوق خشمك تب، لأنو هو ذاتو نتيجته ما مضمونة، وحتّىً كان مضمونة برضك ما بتقولو ولو رغبتك فيها بدل المني منّك اتشتّتتْ رصاص.
وكونك تفكّر كدا بس، إنتَ مليان محبّة للجمال والرجالة لود عين النيل،...
بس برضك غَرِّق مراقدك في جَبّانة القَرَض،..
الله ينعل دينك، ودين شياطين سماحتك يا تيموليلت،..
نهضتُ أقصرَ من قامة قَرَفي بكتييير، فلكي تنتهي أسطورة تيموليلت هذه، فلا بد أن تبدأ أسطورة الكأس، أسطورة الأعالي والأسافل، الأفعى والنّسر، كما لخّص الموضوع نيتشه،...
نظرتُ هنا وهناك فلم أجد أحداً، كريم الجويطي لا يشرب،...
قال لي هو لنذهب إلى "حسن نجمي" في بيته، أُريد أنّ أُسلّمه غرضاً،...
قلت له أنا عروقي نعست شديييد، وهسي دي شايفك جررر.. جررر.. شلشيل كأس وراء التاني،...
ولكنه أصرّ عليّ، فذهبنا لـ"حسن نجمي"، وأنا قبلاً أعرفه، ولكن ضجري خَرَّب ما كان يمكن أن ينتج من أُنس جميل –ساعتها- مع شاعر بحجمه ورئيس اتحاد كتّاب المغرب "الحر".
اعتذرت له كثيراً، وأخذ مني وعداً بأن أزوره في مكتبه أوّلاً، وأن لا أنقطع عنه ما دمت بالمغرب، قال لي تعال، أنت رجل رائع، ابقَ هنا وستعمل معي في الصحيفة، وأنا ندمتُ لاحقاً، كما ندمتُ من قبل مع عرض ضاحك لي من "طلال سلمان" بالذهاب للعمل معه في بيروت، من أنا يا ربي؟ طَوال عمري ندمان، سكران، جَنّان في جَنّان،...
على كل حال سنعود لفصول "حسن نجمي" وسفير السودان بالمغرب، "حسن نجمي" ووالي أزيلال، وكلّ ذلك لمعاونتي في إجراءات التزوُّج بحسناء التي طلّقناها وكنّا مذنبين، فيا لني من رجل وقح ولا يدري أين وقع منه حياؤه!
رجعنا إلى الفندق، ولحسن حظي، وجدتُ الشَّرْبَ مجتمعين،...
في غرفة "جهاد قبّاني" ومع عوده الفهيم،...
دخلت، ضاحكاً، فالمحفل كان سيركّز شِراكه نحو لهجتي وسحنتي، كما يبدو، وأنا بي توق لتحدّي غريزة الاستغراب لدى الناس،...
د. لطفي اليوسفي، بصفائه المناضل والمرحاب،..
"أتمنّى أن أسمعك تتكلّم بدارجة السودان القحّة آخالد!"،... تونسي هو، وواضع جوهرة النقد الحديث، كتابه "فتنة المُتَخيَّل"،...
يشاكسني "نوري الجرّاح"، ياله من موحّد هذا النوري، إنّه –مُوَطِّن عقله وقلبه وشعره- يقع اختياره على الإله في مثل هذه الأمور وليس العكس، مفَارق دنيا الأوثان منذ زمن طويل، يا نديمي أوّلاً في "كأس سوداء" من سِمّ الشعر،...
يقول نوري الجرّاح، أكرم "حَلَبي" –كما أُناديه حُبّاً، قابلني في حياتي، مبتدع مجلة الكاتبة والقصيدة:
"محسن خالد بدّو يقنعنا إنو هيك بحكوا في شوارع الخرطوم"،... يعني شبه الفصيح، أو لغة أوانطة المثقفاتية، الهجين،...
لا أتلاعَن أنا، ولكن محسن خالد لسانو كأس، شيء شراب، ونتمّو موية،...
"لا هو يتحدّث مثل المصريين"، يضيف اليوسفي ضاحكاً،...
"أنت لا تصدّق أنني أتحدّث معك بلساننا، ها؟"، أسأله،...
"لا أصدّقك يا خالد"،.. يقول وهو يضرب على كتفي ضاحكاً،...
أندمج معهم، فهم فنّانون وأشخاصٌ في الوجود،...
نجلس ونتآنس وينفض الشَّرْبُ،...
ولا تنفض تيموليلت أبداً، مشاجرتها ما تزال تقع وتتقاذف لها الأشياء بداخل رأسي،...
موبايلي،.. هاهو "أضرب وألا ما أضرب؟".
يدي تذهب وترتد،..
يصبح الموبايل، كشيء حي، كحشرة تتحرك لقربك في الظلام، يدي تذهب وترتد: ياخي يا تلفن يا نوم، موبايل هو وألا عقرب؟".
عقرب "الكَسْفَة"،...
لا أعي جيداً، ولكنّها السلالم التي تجرّ الكراع صعوداً ونزولاً على أقدَارها وليس على الدرَج،...
"ألو،.. لا باس؟ ما زال ما نعستِ،.. ياك؟"،...
هم يستخدمون كلمة النعاس بدل النوم، وأنا أستخدم بدلهما الاثنين الشراب، وحتّى هو أصبح عاجزاً عن إغلاق عينيّ، عن رؤى، وفي الصحو، لتيموليلت،...
تجيبني بشبه فصيح: أنا مساهرة اليوم، أكتب آلسي خالد، بغيت تجي؟
تكتبين ماذا؟
اللّي تكتبو إنت دا،.. يا! تضحك وتضيف: وأفضل شوية،... بإمالة ياء شوية هذه لأعلى قليلاً، مثل لسان المغاربة عموماً، وبمثل لكنة تيموليلت الشهيّة خاصةً،..
بالأصل كنت لابساً، لم أنتظر المصعد، في طريقي للأسفل، وقريباً من الردهة العامة، قابلني د. شاكر لعيبي، فزحمتُه إلى أضيق الطريق كموقع يليق بالعنصري، د. شاكر لعيبي هذا، مع حذف أن يُكنّى شاعراً، فتلك كنية يُنجزها من هو فقط شخصٌ في الوجود،...
المتأخر حين فهمت على الشط جيادُ الركب أنّها نابتة من لسان البحر للبحر،...
المفارَقة العرجاء لتتأخّر عن جيلها من الشاعرين،...
"نوري الجرّاح"، "سوركن بولص"، "عباس بيضون"، "أمجد ناصر"، "بسّام حجّار" "وديع سعادة"، "هاشم شفيق"،...
وأنا أعتذر لهم، أصدقائي، عن ذكر أسمائهم في مصادفة هذا الرجل، لتغفروا لله أوّلاً وللصحافة ثانياً ولي ثالثاً، ما كان علينا جميعاً، أن نخلط مصير أيام ذلك الرجل مع مصير أيامكم،...
كان علينا أن نبحث في سجلات المواليد وخلاصات القيد، بأحكم ممّا فعلنا، لنُجَيّلكم فيمن هو من نبوغكم وحالكم، ولكي نُجيّله في حيث لا نعرف أين يسقط،...
ذلكم الرجل عنصري كحال زمرةٍ منّا في السودان،..
الفنان هو الشخص حين لا يعد يذكر حاله، الفنان أنظف من أن يتسخ قلبه بالخوض في الحال،..
الفنان من هو في شاغل عن التبسيط، التبسيط سقفٌ لرؤوس الأغبياء ولرؤوس نلمحها من فوق سياج الحظيرة،...
التبسيط إن كان نرداً، لما وقع على طاولته أبداً في مظهر الكُتَّاب،...
التبسيط للبسطاء أقرب إليهم من ملجة الخضار،...
أعرف أنّي هكذا أجعله شهيراً، ولكن في أي خُرجٍ جِلْف يرنّ اسمه،...
ذاك أمر مهم، لمن يعرف أحوال الحال،...
الرجل رغم ودّي له، ولأيام خلت في أبو ظبي، كانت تضيق أمامه كتب الشعر كلها كما ضاقت منابعه القحط بداخله، فلا يجدني إلا ويجد لي:
(إنّ "العبد" كالدخان وإن علا ..... لمنحطٌّ إلى الأرض سافل)
ولأنّ الموضوع لا يعني أحداً على الأرض، خصوصاً أنا، أعف ولا أخبز له في حاله من نفس العجين،... لا أقول له،.. أليس رجلك هو المادح:
(أتيتُ إنسانَ عين زمانه ..... وتركتُ خلفي بياضاً ومآقيا) لنار نَفْس الدخّان،...
ولا أنّ سيف عنترة مقابل كلّ السيوف التي تخرج من دُكّانة الحدّاد، لأيادي من تظنّهم مفخّروك في الوجود لمجرد أن تلدك نساؤهم،...
لا أقول له إنّ آل ياسر كفروا، بينما بلال ساكتٌ في إيمانه أحداً،.. أحداً، أحد،...
أنا لا أقول ذلك، لأني أؤمن بالحظ لا بالقَدَر الظالم والطائش،...
لندع الجاهلية، فصاحب القَدَر نَفْسه من نصّب الكافرين من آل ياسر أبطالاً، في كتابه، ولم يأمر لبلال في رمضائه حتّى بجُرعة ماء،...
الشجاعة كبيرة ولا بدّ لقتلها من خيانة كبيرة،...
أنا قلّة الأدب نفسها وليس قليلاً للأدب حين أُريد، ولكني أعف،...
لا أفتح معه باباً حول المفردات "أسود" أو "عبد"، ولا أفتح معه باباً حول موقف المتنبي من الوجود كفنّان،....
فالمتنبي عندي كفنّان وكموقف من الوجود، عاش عبداً رخيصاً وليس شحّاذاً، الشحاذ رجلٌ شريفٌ لأنّه يشحذ وكفى، ولا يخوض في حال الشعر،...
أنا سأترك متنبيه هذا، في حركات بهلوانياته تلك، لتلقّي دنانير في طريق إذلالها له بتمريغه على التراب، منافساً أيدي العيال، فرجلك يا شاكر "صبّ" الدنانير من أحرار ذلك الزمن المعني بـ"أسود" و"عبد"، ومن كافور،....
كافور، المكروه في مصر "بلاده" وتاريخ السود آلهة النيل،...
كافور، الباسل والمتفوّق رغم عنصرياتٍ ثلاث، لكونه من الشيعة، ولكونه أسودَ، ولكونه من النابغين،...
كافور هذا بِكري لصبوح رجال أنت لن تستطيع شرابهم،...
رجال يُقَطّعون القَدَر في الطريق بسيوفهم، ويمشون قَدَراً يفتلونه من حبال لجم الراحلة،...
يا طريق يا طريق وليس يا دم، يا طريق:
"عبد الخالق محجوب"، "الرفيق فهد"، "غيفارا"، "مانديلا"، "باتريس لوممبا"، "إستيف بيكو"، "مارتن لوثر"، "ماتيلدا نيوبور"، "فرج الله الحلو"، "الياس مرقص"،... يا طريق المدركين وليس الثوّار،...
وأأأخ، يا تيموليلت، "الجمال غول الجمال"، الناس تخالف، كما خالفتِ أنت عادة أن يكون الجمال غول القبح،....
كنّا في أبو ظبي يا تيموليلت، وهذه الواقعة ليست مهمّة بالنسبة لي مطلقاً،...
تقاطعني تيموليلت بتأثّر:
"تكون اتقلّقت من دراوي ياك؟"،...
أعرفُ قلبك يا تيموليلت، أنت فنّانة وشخص في الوجود، أنت تخوضين في الهظار وليس سيرة الحال،...
قلتُ لك إنّ هذه الواقعة ليست مهمّة بالنسبة لي مطلقاً، و"أسود" و"عبد" هذه، لا دخل لها في حال الموضوع إلا بأقل أواقي الحال، فلو كان يجيئك شخص كل مرّة، وبدون أي فرز لحالة مزاجك، ليكرّر "يا برتعول لول لول"، وهذا صوت بدون معنى، مختلَق،...
ويتكرّر الصوت، ونَفْس الشخص في صحبته، تخرج "يا برتعول لول لول"، تدخل "يا برتعول لول لول"، تنيكه في محدودية ثقافته "يا برتعول لول لول"، يقارن وَفْق أمراضه الخاصة موهبتك إزاء موهبته "يا برتعول لول لول"،...
وبأكل الأيام لبعضها ولك، وفي شح المزاج الحسن، سيتخلّق لهذا الصوت معنى، ألا وهو الازعااااااج،.. سيترقّى الصوت من خانة عدم لخانة وجود،...
وستتواجَه لغة وجود مع لغة وجود آخر،....
هنا يا شاكر، شخص من وجود جِدّي وباسل، وأمّه ولدته ليكون زريبة حوشها بدل الشوك،...
هاهو يأتيك، الوجود النائم الذي هززتَه طويلاً، أفاقَ هاويةً ولحد، في عالم اللغة الجديدة الذي ابتكرته له في التوّ:
غِرتُ فيه صفعاً وركلاً مختصراً للبلاغة، جَلْدة طيري، خلّيتو يترّع ناس شَمالية وجنوبيين وغَرّابة وناس شَرق وهوي وحَلَبة، خلّيتو يترّع سودان،...
ولم تُفلح محاولات نوري الجراح كلُّها لإنقاذ جُبنِه الخسيس منّي،...
فتعال وخذ حقك مني كما تشاء:
إن كنتَ من بيت النبي محمدِ... فأنا من البيت الحرام الأسود
وجدي "أبرهة" الما بحبسو إلا عكاز الله، وعكاكيز الرجال يقشها من وشيهو زي العَرَق، والمافي راجمات تقدرو إلا مدافع السماء والطير الأبابيل، وما جدّ القرشيين إلا قرداً فيمن تسلقوا الجبال يومها؟ خوف الأبرهة وعربات تجرها الأفيال والزند الحديد، وخوف رماة الحدق ولات حين مناص، فما فراسة عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، حين تركت يداه تلمُّس طريقها لسيفه، وشرع في تلمس حقوه خوفاً على دراهمه ولجاجةً في خاطر الماعز والنياق، كما يجب للبدوي الجلف أن يفعل بإيمانه، فمن لك اليوم مني بطيرٍ أبابيل -وأنا ابن الأبرهة-،..
هاناس إنتو بتعقلوا متين؟ وديمة عليكم متكاتلين في سيرة الحال ليه؟،...
أهو الجهل؟ أم عقدة القصور، لجسمٍ كان متحرّكاً وسَكَن، للانتماء إلى مكان وناس، لا تنتمي إلا للخلاء وما أجملك نمراً،....
ألم تسمعوا قول الأُحيمر السعدي:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ..... وصوّت إنسانٌ فكدتُ أطير
الحنين هو الموطن،...
مالكَ وحال المكان والناس،..
يا شخصاً في الوجود، كُن عادلاً أبداً، مهما ظُلمت، فأنت ضد الظلم لا ضد أن تكون أنت المظلوم، وأنت مع العدل لا مع حقوق بسيطة لك، بأي حال لستَ في طريقك لوقوع مظلمة ثانية،... لم أشتم أحداً لشاكر ذلكم مطلقاً، لا والديه ولا قبيلته ولا الأشخاص الآخرين في بلد العراق، ولا ميّزتُ حالي عن حال الأكثر سواداً مني في بلاد السودان، أهل العراق وأهل السودان، قوم في حالهم، وأنا رجل في حالي ولن أدخل حالَه،...
العنصري يجب تركيز سَحْلِه بنتائج العنصرية، وليس بعنصرية مضادة،...
حتّى ولو لم تكن لي صحبة نبيلة و"فنّانة" مع عراقيين أمثال المخرج "جوّاد الأسدي" ومع مثقّف وفنّان كبير مثل "منذر العكيلي" مبتدع "الموسوعة الشعرية"، لما تجاوزت عدالتي، ولبقيت في إطار "منهجي الكتابي".
أوَ لستُ أنا الطالب أعمقاً منك بين يدي مدارس الكوفة والبصرة؟ أوَ لستُ أنا الابن الأكثر نجابةً لأنسابي في النبوغ وليس الدم والحال "بدر شاكر السيّاب"، "سُعدي يوسف"، "صلاح فائق"، "فاضل العزاوي"، "مؤيد الراوي"، "جليل القيسي"، "يوسف الحيدري"، "جان دمو"،...
فأنا عبدُ الفن ولستُ عبدَ حالِ شاكر السراب،...
هناك أشخاص يلجؤون في مثل هذه الحالات إلى شتم الدين، هؤلاء ضعفاء فحسب، أنت تدفع عن نفسك الأذى، ولا تنتظر حتّى الله ليدفع عنك العنصريين وعابدي الجهات والدماء،...
الذي يظن أنّ الإنسان يطابق دينه، هذا أبلد شخص في الوجود،...
الإنسان هو الإنسان، وليس الدين، وسيظل على الدوام شخصاً في الوجود، وليس بمقدوره أن يكون الدين، مهما خصّمه الله، وخصّمته نصوص الدين،... افهم، الإنسان شخص في الوجود،...
وحين يعتدي عليك شخصٌ في الوجود، يجب أن تعتدي/ أو تُربّي شخصاً في الوجود، وليس من المنطقي ولا من المقدرة أن تعتدي على الوجود أو أن تُربيه،...
فما أنت إلا شخصٌ في الوجود، شخصٌ واحد، من الوجود كله في الوجود كله،...
ينعل دينكم ودين الوجود،...
لا تجبروني على الخوض في أحاديث الحال،..
لولا أنّ ذلك الشخص يدّعي فِرية قرابة لعالَمي، أنا الشخص الكاتب "منهج" الكاتب، ابن "منهج" الكاتبين، لولا ذلك، لما خاض لساني بلاد غربة، وأسَفَّ في عالم ذاك الشقي،...
تهدئني تيموليلت،...
"ما تتقلّق آلسي خالد، تضحك،... وتكمل: نحن نحبّك آلدراوي، تعرف علاش؟ لأنك ما شيء بحالنا،... بمعنى فأنت مختلف.
ليحكم الله بيني وبينك يا تيموليلت، لأنك أخطأتِ أن تكوني زوجتي ولكنّا قارّين في دارنا بجذورٍ للجبال، أنت منّي ومن القلب الذي غرامه المختلف والمبتدَع لتوّه،...
تنهض لتأتيني بنبيذ، في بيجاما هذه المرّة، والأرداف منها لا تزن حالتي إلا بحال، الحركة المُلْغَزَة والفي كل اتّجاه دون أن تُرى، حركة الكدايس بداخل جوّال مكموم الفم والشفاه،...
الأرداف منها لا تزن حالتي إلا بحال،...
أقول ذلك وطعم تحاشي حرمان الحرمان، يفرقع كم بالونة يوم جديد، أُغنّي يائساً منّي أو مفتّتاً حموضتي في حموضة الدهر والشعر،...
(جاااهل، ومقسّم هِيِن فوق هِيِِن، ياااخي عليّ ضنين،...
وبابورو مشى التن تن ياااخي، وين في وين،...)
"التن تن" هذه، تشرح –لحرماني- قوانين السرعة والمسافة معاً، بحنكة لسان الشعر الذي لا يمتلكه "ود إنشتاين"، أمّا "وين في وين" فهي مقادير الجاذبية الغامضة بين نجم ونجم، بين كوكب وكوكب،... وإيّاك أن تقول "وين لي وين"،...
البرت إنشتاين لكي يُغَنّي هذا البيت، غنّاه بمجلدات نظريتين ضخمتين، (النسبية الخاصة: Special Relativity،.. والنسبية العامة: General Relativity)،...
ود إنشتاين تربال كبير ولا شك، وهو حاله من حال الشاعر، متتربل في حِسّه ووجدانه وفي الأرض، ود إنشتاين والتربال من بلادي يرويان حقولهما بالأفلاك، ويخطّطان لمواسمها البعيدة بمراقبة السماء والأجرام، كما يحدّقان في الأرض كثيراً، والأرض من الإنسان والإنسان من الأرض، فلا بدّ أنّهما يحوزان الكثير من غموض السماء وحكمة الإنسان ومعرفة بَذْر الوجود،...
أمّا تيموليلت فمطلق جمال متفرِّد "Singularity"، لا نسبية منه. فهو حالة البدء نَفْسها،...
يُحكى أنّ الشجر بنات كُنّ مشرورات في مواعيد،...
لذا تيموليلت ليست في انتظار أحد، ولا حتّى النيل،...
تضع تيموليلت النبيذ على الطاولة وتتحرّك من حولي، بقلق وبين غبار القارو، مع كونها معتذرة عن حال المواعيد،...
هاهنا ينتظر شخص كتابةً يكتبها ويقلق،...
تُغريني عبقرية أغنيتي، بالحالين، بما هو تيموليلت النادرة هذه -ولا بد أنّ ذلك الشاعر من ناحيتنا قد حلم بها بطريقة ما، وبما هو عبقريته هو الفذّة التي خلّدها بها كما لا تعرف ميكانيكا الكم Quantum،...
أضحك فيُطبخ بيننا السؤال،...
"لا أبدا أبدا، لا شيء، هذه مأساة خاصة"،.. أقول لها.
مأساتي هي أنّ متوارث تلك الأغنية حالياً، يغنيها ويحرّفها متظارفاً أو متعبقراً، لا أعرف وجهة نظره،...
يقول بلسان أخضر ومتطحلب، ولا بدّ أنّه في هذه اللحظة يعبر في خاطره حقل برسيم،...
وبابورو مشى التن تن، ياااخي بِرا الوزين،...
يفسد الأمر، يفسد الأمر، النيّات المقطوفة من الشجرة الخطأ على الدوام تُفسد الأمور،...
كانت هناك حفلة قريبة من بيتنا، وكنتُ مخموراً أقوقي، جاءتني بنت مَحَنّة سالفة تركض، تعرف مودّتي مع الأغنية:
"يا محسن ألحق ألحق، أغنيتك بغنوا فيها".
فلحقت بالرجل ووزّينه يرعى ساقية ود إنشتاين وساقيتي على حد السواء، لم أتردّد مطلقاً، كما هو الحال، أنا رجل يلتقي بالحياة من ناحية إيمانه دون تردّد، أو لأكن متهوراً وأروشاً، بلغتُه من مكاني ذلك وشياطيني تركض أمامي، عاجلتُه، لم يشعر إلا والميكروفون في يدي، وليده فراغ "العويش"، كما هو الحال مع خيال المآتة "الهنبول" الطارد للعصافير بتلويح الجنائز، يضج الساوند سيستم، طبقات طبقات، تتعالى، بينما أقول به:
الوزين إن شاء الله اللّي يقلّع بيضاتك من عروقن، يا عنبلوق، الغنا بغنوهو زي ما قالوا الشاعر، والمريسة بشربوها بعبّار ستّها، والله تاني أسمع لي بوزينة منّك في الغُنية دي إلا تبقه أشتر مني!
الصعاليك الذين يعرفون سكرتي من جركانتهم ومن جنس هذه الأمور،.. يكاونني من بعيد، من الظلام، وبـ"تن تن" لسان الخَمْر...
"طيّب مااا تم الفاصل مرّة واحدة، تُعوولِم فوقنا ساي".
بنتمّوا الفاصل، لمّا الشجر يدّلّى من شجرو، والطير يصن،...
ولمّا تخرجوا من "رسمة" الحياة تلك، إلى فارط الحياة والعُمُر،...
تحدّوا كلّ شيء،...
جوع المطارات، الغناء الخمج،..
وعوج البلد،..
فكيف سيُخرج أحد زكاته للكيزان؟ وغالب طعام أهل البلدة مبيت القوى،...
كيف سيغني مغني كما يجب؟ وغالب طعام أهل البلدة قَطْع الجِرّة،...
كيف سيرشُد أحد؟ وغالب دماء أهل البلدة الجنون،...
من رائحة الخيل سنعرف، أيُّ يومٍ كان لرايتنا، وأي يوم يرنّ على الأرض من حلق صريعهم،...
بقلب تلك العاصمة الجاهلة، التي تعدّ قناعها لتتنكّر عاصمةً للثقافة في عام الرمادة،...
القناع،.. القناع،.. لها ولهم،....
فالقناع لا يُخفي وجه القاتل من الشرطة، بل وجه القاتل من أن يكون بداية لذكريات الأموات،..
بداية السكّة إلى.... الخرطوم،...
المدينة الطرماج، تسير إلى قفاها بأسرع من سيرها في الأمام،....
عيناها في طيزها، وبصيرتها الفساء،...
إلى أي خرطوم ذهبتَ يا "ويلفرد ثيسجر"، يا ابن أمي وابن أم منوت،...
يا من جئت لتراضعنا همجية الحياة وشعلة كهف، يا من قاسمتنا بردف واحد بنبر حبالٍ في الظلام،...
يا من جئتنا "ويلفرد ثيسجر"، وعدت لقومك زائغ الاسم والقلب، لتُنادى فيهم "مبارك بن لندن"،...
يا كاتباً بالتوهّم والخطأ "الرمال العربية"، وخائضاً في سيرة البلاد النمل، والناس النمل،...
أما راجعتَ ابن أمّك "شِنَوا أشيبي" في تحري سيرة البلاد النمل، والناس النمل؟...
شنوا أشيبي يدلّل اسمه، أو اسم كتابه، لا فرق: "كثبان النمل في السافنا"، والناس من ناحيته، بنيجيريا، يُعدَمون لتسلية مارّة السوق المتبطّلين،...
ذاك كان يا "شنوا أشيبي" بينما ابن أمّك "المبارك" يكتب عن المدينة الطرماج:
(ذهبت إلى الخرطوم في مطلع العام 1935م، وكنت يومها في الرابعة والعشرين. لقد قضيت نصف عمري تقريباً في إفريقيا، لكن إفريقيا التي أعرفها تختلف عن هذه. فالخرطوم تبدو كما لو كانت ضاحية في شمال أوكسفورد، مرمية في وسط السودان. كنت أكره الزيارات والبطاقات، وأشعر بالنفور من رؤية الفيلات المنسّقة والطرق المعبّدة والشوارع المرتّبة بدقة في أم درمان، وإشارات المرور ووسائل الراحة العامة، واشتقت إلى الفوضى والروائح والحياة العشوائية في أسواق أديس أبابا. كنت أريد التنوّع والتوحّش والمشقّة والمغامرات، وهو ما كان ممكناً لو كنت توظّفت في واحدة من المدن الصغيرة. لكني بدأت أتذمّر وقرّرت أن أترك السودان في غضون أشهر قليلة)- Quotation of (Arabic Sands) Book
اليوم، ودون أن نزايد على التاريخ، فأيّما Outsider –لامنتمٍ، يبحث عن الفوضى والروائح والحياة العشوائية، ليلحق بالمدينة الطرماج، سيناله الكثير من الفساء بنكهة اللوبيا والفجل المحلومان بهما،...
ويا "شنوا" لا تغالطني طويلاً كالنيل، لأني ما فاضي أروِّح عمري معاك رحيح،..
لأني مشغول يا "شنوا أشيبي"، مشغول جداً، بالعمل على خلق جسم مبتكر في كيان الرواية، بالله يا شنوا كروائي قديم، أنقر معانا صاحبك "ويلفرد ثيسجر" شاف خرطوم المحن ديك وين؟
خمّن بحدسك الروائي، شاور ستّات الودع، ناس الأرصاد، والطير الخلقو الله عشان يكوس،.. آآخ، مَدَنْكَلة العذاب، يا تيموليلت،...
سأفرط هذا الوريد عن طريقه، فتبلغك الروح منّي، فجسدي الدراوي هذا شامةٌ من ذاك الحريق، وغُرّةٌ سوداء تصدّ الصلوات عن جبيني كلاعب "الضَقَل"،..
أنا الهارب من المعركة، كما ليس هو "الهارب" عند فالنتين راسبوتين، أنا ما تكسّر غَرَيناً على صفحة النهر، شائكاً كالنهر، من "صورة الفنان شابّاً" كما لم تملأ بالجبخانة كما يجب مقبرة "جيمس جويس"، من قال إنّ "عطيل أكذوبة؟"،...
أنا ألف عُطيل غير خفيف العقل،...
عطيل رجل فارط القلب والحنان، يخرج على الناس من العشش أو أقرب "عَشَرَة بيوت"،...
الكتاب ماعونٌ للمحو، مثلما هو ماعونٌ للكتابة،...
هاهنا، سنمحو ونكتب سيرة تيموليلت، في رهان مع محو وكتابة سيرتي، وسأكف وإيّاكم عن الخوض في حالها وحالي،...
سرحت لزمن طويل، حتّى تكرّفست البيجاما على جسد تيموليلت، لعامل اللدونة، ولعامل أن تزيد النتوءات منها وفي قلبي،...
قلت لا بد أن أفسد هذه الأسطورة لكي أعيش،...
إنّها فاتنة من الدنيا بأي حال، وحتّى لو كانت من الخيال، فالخيال نفسه كالرؤى موضوعة دنيوية، ما الذي يمكنك أن تأتي به في خيالك وأساسه ليس من الدنيا، البنت الخيالية جداً مثلاً، أو بنت الخيال، هي ليست فتاة مبتكرة في أساسها، وإنما فتاة سوبر بمقارنتها مع فتيات من فَريق حِلّة فوق وطبيعيات،...
فاطمة بنت الجيران –في طريقها إلى المدرسة، حلوة، لولا آفة القِصر،....
سميرة تمدّ يديها فوق طاولة دكّان منصور لتتناول الدقيق، فارعة وحلوة، إن لم يكن صدرها يكاد يسقي منصور بطول تبهُّله،....
سلمى يا الله، "أتجمّع أنا لها من كل ناحية مني ومعي أولاد المدرسة"، مكمَّلة، لو ما كانت فيها حبّة عوارة "خفيفة العقل"، وتُكثر في استخدامها لكلمة "هناي"،...
وما بنت الخيال؟ الطول الغائب عن حال فاطمة + التكوّر الغائب عن حال سميرة + سلمى + رأس لسلمى،....
ونحن لا نخوض في معيارية الجمال، وكذا باقي الحال،...
أنا نبي جاهز، فافهموني، افهموني، واملؤوا قِرَاب الماء والسيف، وكونوا جاهزين،...
فما خلعنا بيضتيّ ذلك المغني السخيف، إلا لإخصاء الجهل والتكرار،...

سيمو: (تمسح الأُمومة وتكتب تيموليلت)

أنا المرفعين،..
أشيل رجولي علي حُجار الجبل، هوب هوب هوب
والعواء يَنْسَنُّ وينشحذ على حواف الصخر، يُطَرِّق المرفعين صوته في جُملة أصوات المؤذنين،...
هنا مدينة من "المح"، شفائف مخلّلة بالشري والنبيذ، نمص السَّكَر من عروقو، والفتنة من تُرَعها الراكدة بالدم، الشفاه،...
يا مدائن "ألن غينسبرغ"، يا مدائن زعيم البتنكس حي الله قُومي،...
أشيل رجولي علي المدن الطاعون، هوب هوب هوب
وأوصل مبيتي ومعاي حق المبيت،...
حيَّ يا لَبَّ الشجر للشجر وقَّافي
وحيَّ يا شوق الطيور تحت الرفيف متخافي
الليلة الكلام أجرح من كلامو
البنات ويقود،
والمرايس رايبه روب،
ويا ليلنا الطويل، عوّافي

وأوصل بيتي قرقور المرفعين، الليل الأملس وممسَّح بالزيت، أنا لن أعيش حياتي كَعَرَض للحياة، ولن يبلغ شَقَّتي شبحٌ ليتأسرن في الأُسرة بدلاً عني،...
الليل نادل كبير،..
يقسمنا مننا وفينا في فت كاس، نصف وَنَسْ ونصف شلهتة،..
تدير تيموليلت كاسيتة أو شريط لـ"ناس الغيوان" والغناء يتلخم فينا وفي الوجيب الفيهو يدخلنا سريح سريح،...
والغُربة بمَصْرها لنا، لو كانت تشرّنا على درابزين السياج كنّا سنقفز من بلكونتها إلى الطريق، أبداً، كنّا منديل قبضتها،..
ناس الغيوان: آآآه وا ندامتي، مَالْ كأسي حزين ما بين الكيسان
الكورس:
آآآه آآآآلصينية، وآآآه يااا الغربة،....
نَسْمُوا و نَسْمُوا، نترك بهو الشقّة، أرضيّتها المُرَبّعات مُرَبّعات، أريكة تنطّط فوقها أشباحنا، الشبح قالب لطوب إنسان ما انضرب لسّه، أو قالب لطوب إنسان آخر، ما عجبتو ملامحو على بوخ الحصى، ونصعد نصعد، نخرج من جفيرنا ونصعد، نتعنقل التلاتة في بورتريه تاني يكون قريب من ناصية بورتريه العارف محمود،..
ملائكة ملائكة، سريح سريح، صينية صينية،..
وكل كلام في تلك الساعة مدفوع بنسخة ثانية منه، وبنسخة من ملامحٍ لنا أخفت من وظائف للوجه مشرورة على العظام، وأثرى من تفرّعات اللحم،...
الآن حفريات على الوجه، لا تخص وسيم وحلوة بأي نظرة، لا يهمّها شيء، ولا حتّى إنجاز مرحلة في الاستدلال والتعارف ناهيك عن التوصيف،..
آآآه آآآآلصينية، وآآآه يااا الغربة،.... الكورس: آآآلصينية...
يصيح "ناس الغيوان" كلهم، ممكونين،.. (آآآلصينية)... حينما يغشاهم عَبّار الليل،...
الصينية بمعنى اللّمة للأكل، مع الأسرة بتمامها، الطبلية في مصر، وفي حالة السودان يخذلني قاموس عون الشريف قاسم لأعثر لكم على مرادف، فما بين -الديوان- وبين عورة مخازن النساء يركن أصغر فتى في البيت درّاجته لوردية الخدمة،..
يخذلني عون، ولكني لا أخذل فتى الدرّاجة، الفتى تفوّزه حَيْرتي في سباق، فمع شُح صحونه يعثر على رديف،..
الليل نادل كبير، يلمّنا فاضيين، وفي بالو يقفِّل من التعب،..
ونَحْنُ لَسْنَا منكتّين أغبياء، لنطالبه بواحد طلب من شطّبنا،.. كلا،..
نحن نُشَطِّب معه، وندّخر النهايات لعروق نهاياتها،..
ما نعستِ ياك؟
وقولي نعست! يعني أنا منك لسيمو ناقصني النوم؟
ربما ترثي لحالي:
"أكلّم مُنى تجيك؟ تُعزّك هي، صارت تحبك، ماذا فعلت لها؟"، تهشني تيموليلت بعيداً،...
من بُعدي ذلك أفلقها بحجر: نكتها من وراء،...
آويلي آويلي، ما تحشمش، مريض ياك؟ تسألني هي، ثم تضحك فيتسمكر الشغف، عيناها تضيئان بلمعة ندى بديع وباقي السَّكَر، ضحكتها تلف هالات هالات، ترفرف على وجهها كله كالفقاعة، ثم تذهب لتغطس في عينيها وتستحم بنداهما، تغرف تغرف ويتطاير الندى، يا ديني هذه الضحكة-البسمة، "جناح عصفور" راعشة ومبتلة ومتشظية ألوان، ملكها، ملكها وحدها، لكم هذه الفتاة ثرية، ولن تخوض يدي في جيب حالي بحثاً عن ثمن تذكرة لرهان ما،...
أضحك أنا، فيتسمكر حرمان الحرمان،...
الحرمان يتشتّح مطروحاً على الأرض، ليضاجعه نمل الغُربة اللحوح بتقاطراته كلها، يتناك نملة نملة، فيحمل بي منوي في ضنب منوي،.. ليلدني قويم كائنٍ واحد، خمّنوا ماذا يكون؟
أقول لها، من منا المريض؟ برضو أنا جُوَّة الخط، الآوت وفاول كمان الله عالمبو!
الرجال كلهم يتزحزحون الليل بطوله، ليؤبِّروا المرأة من الخلف، أضيف أنا،...
"ليسوا كلهم"، تحتج تيموليلت،..
أتحداك، الكذب وحده من يضعهم في نظرية كلهم وبعضهم هذه، لو كانوا بلا أقنعة مثلي لعرفتِ مزاجهم على حقيقته،..
خيَّبتيييها يا، خيَّبتي الهَدْرَة؟ تقول تيموليلت، بينما تنخفض نحو الأرض لتغرف سيمو من جواري،...
أضحك بدوري، ولا أسألها: هسي البتعتِّلي فيها دي مودّياها الكَشِف؟
سيمو من اللين تدفّق وتسيل مثل مولاص السُّكَّر، الشراب كافر يدفّق النسوان مني على الطاولات هَدْر هَدْر، تَبَخُّر تَبَخُّر، وعِبِّي فضاء فوق الكائن الصاحي وممكون،...
تخمخم تيموليلت البنيّة اللادنة جقمة جقمة،...
ترفع تيموليلت رأسها وتقول: بغيتِ "مُنى" نعيطلها ياك؟
لا، شُكراً،..
بغيتِ شيء واحدة لوخرا؟... أي أُخرى،...
لا يا تيموليلت،... أُعابثها... أنا إن شاء الله أموت ذاتو، مُش مهم، أهو قاعد هنا يونِّسني النبيذ وأونّسو، والليل يقول لينا نكتة، بس إنتِ وسيمو لو انغرضتو في النيك أب ولادة، والبِقد السدادة، ويأكِّل الواحدة منكن الوسادة، ويحميها تقلب الشهادة، قولوا عووك،..
والسجع على وزنة عصر ابن العميد هذه، نكاية في إيتل عدنان،..
تضحك المسخوطة،...
تغمغم بمرح لا أفهمها معه جيداً، وتأخذ مفتاحين من طبلون المفاتيح المعلَّقة. هناك مفاتيح كثيرة لفتيات الخدمة في البار، تحتفظ بمفتاح وتناولني الآخر -تُلقي نظرة في المرآة الواقفة لجوار طبلون المفاتيح- هي تحتفظ إذن بمفتاح دربها إلى المرآة الثانية، المرآة الآدمية –سيمو، ثم تُسَرِّح شعرها في مرآة الزجاج بأصابعها فحسب، وتذهب لتتبادل الانعكاسات العميقة مع ذاتها الأنثى-سيمو،..
أنهضُ قليلاً لأتناول المفتاح من يدها، يبرز وجهي في المرآة الزجاجية، أُسَرِّح مصيري وقَدَري، ليس في المقابل، ولا في الموازي للحركة التي قامت بها تيموليلت، بل في غارق جهة لا تبين،...
أتذكر فتيات الخدمة، بار تيموليلت، الفنادق، الطيران، المؤسسات،...
الجِدّية المعطونة في الحلاوة واللباقة، المساخة الخفيفة والمحنَّكة لزوم لجم الجامحين من الزبائن،..
فتيات خدمة البار يُقِمْن في الشقة المواجهة لشقتها، الباب مفتوح، تلمح إحداهن تيموليلت بجوار طبلون المفاتيح فتبدأ استفتاءً ما:
... آلشريفة؟،... بغينا؟،..
تُؤشر لها تيموليلت بالانصراف دون أن تدعها تُكمل،..
الليل انمحق خلاص، ولم تعد تيموليلت تُميِّز طيزو عن طيز سيمو،..
خُطا فتاة الخدمة المنكسفة قليلاً تبتعد في الليل، خُطَا ثانية ومسرعة لأُخريات تتوزّع الممر، طَقْ طَق طَقْ، الكعب العالي، القفا العالي ومزاج ومنتهى الشهادات العالية، أعرف من وقع خُطاهن زنة الردف من كل عابرة فيهن، يا لني من مرفعين عاطل،...
تمضيان ناحية غرفتهما، وكُلُّ واحدة منهما، تشتل جسدها في الأخرى، وأبقى وحيداً، لا بَرَم ولا عُلّيف لي، ولا يُشاتلُني إلا الشراب،...
أتظاهر بالصلابة والحسرة تطلع من منابعي إلى أقرب باب شارع جُوَّاي، تضع كُرسيها وتصنقر في درب الروح، نداء أهلنا الشوايقة يزيدني من اللؤم المفلس:
العُمُر لا حَدُّو
والمَسير لا مَقَدُّو
البريدنا نريدو
واليابانا قَدُّو
الحسرة تصنقر في درب الروح، تُكَفِّر المارَّة بسرحان مشيها:
معاك سَفَّة،... ولعة يا حبيب،...
جِنّي يبقه قِبلة ومشهاد صلاة، وعليهو جنس وضوء من الهيمان، لا تشطبه المؤخرات مهما ترنَّمت وزمبرت، لأُكافح في أعماقي النداء الآخر:
الليل برد وكلو زول طَبَق بُرِّيبتو
وخَلُّوا المتلي راقد في السَّقَط.. وا صيبتو
أسمع مشية تيموليلت المستأنسة من جديد، بداخل الغرفة، وَضْع الفينشينغ لتلك الليلة، زلقات الشبط الخفيف، الشبط المخصّص كسمسار بين سرير شخص نعسان، وبين مفاوضات دولابه وتفاصيل آخر الليل، اللمسات الصغيرة والأشياء القريبة، في حدود أن تستبدل لسيمو قميصها بقناع قميص، ستيان متهاون وغير جاد، يبتسم في جهة ويشرد منه الحليب في جهة، تسليم حَلَقهما للدولاب، الغوايش والسلاسل الرفيعة والرقيقة، ما يؤكّد قيمة العنق والزند وليس قيمة الذهب كما هو الحال مع نساء السودان والخليج. شبط خفيف، سمسار، يادوب بووم بووم يسوق قِطار تيموليلت وسيمو للحمام، لأجل كريم أو لتفصيلة نسائية –خاصة بالليسبيان- ليس بوسعي توقعها مهما خمّنت، بووم بووم يجوا راجعين، ترلّة وراء ترلّة،..
تخت الخمسة وبرضو معاك الخمسة، ينزلق الشبط مختصراً هذا القطار لدى صنفور، زَلْقة مَنْ رفع رجيله على السرير، ليضرع بهما من بعد في دعاء الجسد،..
فيهلوس بي الشراب، في أسئلة الرجل الأميبي، وليس الشفقة على وجودي ولا الرثاء على المآل،..
إيه الخلاني ضيعتك يا روح
وعَمّدك في ريفي الحزين؟
لو فكرة جابوك من وجود
ذي حداشر بُعُد
الباقي من أبعادي وين؟
ومن قبلك كيف كان طقس الكلام
وآدم صانِّي طين

مخلوق صغير وفانٍ هاهنا يا رب، حكمة صغيرة وهالكة لا محالة، تنقر أيامها كعلبة التمباك وتستمخ،..
هذا أنا يا ربي، محسن خالد، أنت دائماً تقول أيها الناس، وأيها المؤمنون، ويا بني آدم، أو باختصار (أيها المبهمون – أيها الـ"س")،.. ولكن هذا التعميم، أو وجودك الذي خلقته بكامله، هو في الحقيقة الشخص فحسب، أنا محسن خالد، لستُ الناس ولستُ "س" ولا "ص"،..
زول "محسن خالد" له اسم وليس رقم، كي يتحدّد مصيره وتوابعه بدقة، وكي يجنح به الحال نحو أقدار مُتَعَيِّنة، وكي لا تُسقطه مشغولياتك مع العباد الكثيرين في الرمز وحال الرياضيات، زول بعضَ روحٍ منك، خلقتو سمبرية وسُقدة في فت رقبة ومنقار، تنقد النهار كلو، وتتلفت الليل بطولو، وبعد دا لا حايقة في دنياها لا حايقة في التوهان عليك ومنك،...
جسدي مزنَّد نار تمددو في كل اتجاه، دبيب غربة وسندالة حلب يطيّعوا عليها شفاف الروح، وتندق عليها الأحزان،..
روحي تتشقَّق من وجيبها أرواح في تصاريف أرواح
ليلي أليَل من ليلو، ونهاري أشرَق من إملاء تديها الشمس،..
وكل حاجة مني داشرَة فوق ما عونها، وأبعاضها تشتر أبعاضها عن قصد وبواقع التكوين،..
أنا لستُ منحطَّاً كسقراط، إذ يصفه نيتشه، لأعتمد على العقل وحده كمُنجَز لي،..
أنا فنَّان وأعرف ألعاباً أكثر استكناهاً للوجود ولك من العقل،..
أنا المفكِّر من النوع الذي يُرصّص الأشياء بفأسه، كما تُحفر القبور وتُشَق الترع وتُزرع الأشجار،..
يغور المُفَكِّر أب مسطرينة، يملِّس يملِّس، حيط لا تحتمل حجاوي المطر،..
البيني بينك يا ألله أكثر من طاولة المحاسبين وكُرسي استجواب،...
وبرضي بعَقَاب الخوف الفيني مستغفرك،..
وبرضي لا أنجو من عذاب التفكير هنا، لعلّ أقوى عبارة كتبتها في "إحداثيات الإنسان" وفي مجمل حياتي: جهنم ليست حَلَّ الله الوحيد،...
أمَّا حل الإنسان الوحيد لكي يواجه العذابات الكثيرة وأصناف هذه، فهو استئناس هذه العذابات والاستمتاع بها بدل الهرب منها، إذ لا يُجدي، فما معك سوى أن تجنح لاستئناسها بتحويلها إلى عذابات أليفة وداجنة، مثل "الكُرّكاب –صغير الدجاج"، ككووك كووك، كككوووك، ويا أذّانات السماء ضوقي طعم أذّان الأرض،...
بغيتِ شيء حاجة آلشريف؟ يُوقظني صوت تيموليلت من ورائي،..
ما زلتُ أتمدّد على الكنبة، فألمح الرداء القصير لصبية المدارس من جديد،..
مفَاحة الغواية للأفخاذ المستديرة وبندق، مفَاحة تيموليلت طاخ طاخ طاخ، لآكلها ظرف بارود وراء ظرف بارود، فعلاً بت رصاص، مندفعة، حامية ومولّعة، صدر دوائر محكمة، وكذا الأرداف، الأفخاذ، الوجنات، والرصاص بمشي كيف؟ حلزوني، دوائر دوائر، وفي خط مستقيم وقاتل الوصول،..
الآخرة التي شاءت أن تنبت تلك، تَحَتِل من جديد، أريتها ما قَلَّعت، أنا ذاتي أحتل أحسن من أقلِّع جنازة بحر، تحتل بمفاهيم ادَّخاراتها وكونها بائتة كلها، هاهي الحياة طازجة، وكاش داون،..
وكمان، مدعومة بعُطب بنيوي لآلة اسمها البشري، من أعلى درجات الارتباط بالحياة المصمّم بداخلها ذلك، وحتى انفلات اليأس،..
إيش بغيتِ إنت يا تيمو؟
أغمغم بمرح لن تفهمه هي: أنا قلت لا دربي ودرب قزازتي دي، سيمو كرعيها يكونو بين أب ريا والتريا، في أعرض دعاء للجسد،..
تضحك، إيش إتقول إنت يا؟ شيء هدرة خايبة ياك؟
تأخذ قنينة ماء من الثلاجة، وتمر قريباً مني، أديها رصعة، علي الكدايس،..
القطط التي لم يُؤذن لي بفتح الجوال حتى الآن، لأعرف عددهن،..
وهولبلب، يا كعوات تيموليلت كم في الميس؟ وهو-وَيْ وَيْ،..
(أزقا يا- روق ياخ)،.. وتلتفت مبتسمة مع الرصعة، لتصب عليّ شيئاً من ماء قنينتها،..
يتمرجح بندول الرجل بين فخذي، كينغ كينغ كينغ، تصحو كنائس الجسد مرتِّلة، يترجل المسائح كلهم من فوق الصليب، ويا كنائس المسبّحنو بالمسام، حي الله قومي،...
التراتيل،...
قدوُّسٌ هو واهب الإنسان لأجراس العدم،..
جنس بنيَّة زي دي، وسريرها سيمو، خدّها ينوم فوق خد المولاص، أنا ما أشوف لي حَلَّة فوق نار أبيت فيها لان، شكيتك علي الله يا تَمْلِي موت،..
تبتلعها الغرفة السايحة في مولاص سيمو من جديد، من حلاتها لحلاة السَّكَر وكلّ اللوادن وموائع، تغار المياه المصبوبة ناحيتي، التي لا طعم ولا لون ولا رائحة لها كما في درس العلوم، تنزل عليّ قطرة بنزين وراء التانية، وأنا أصلاً كبريت،..
يطير قلبي من حرائق الروح ويقع على أرض جُوّاي في تشظياته، يقع صَدَفة الودع الكبرى، فيجد أنّ تيموليلت هي "الجودلة". إذ ذاك يعم الرمز طريق الحِلّة والبيوت، وعيون نسوة تنتظر تموين الغيب... الودّاعية/ الربَّالية/ الشُّوفَة... ويقع النداء بكامله في حارة الأغنية، الرمز المختزل،...
الرمز ماعون ما لا ماعون له،..
البدولة حبيبتي البدولة، هَيْ يا شامة وشامة شامة، شامَة لا..
وكان المُغَنّي يزيد من عند رأسه، كما كنتُ أظن:
هووي البدولة، وهَييي الجُودلة، أموووت الجودلة،..
وهَي يا شامَة، وشامة أوعَ تقولي لا...
فيمتلئ طريق الحلّة الضيّق، في رأسي، باستبصاراته المختلفة، إلى النهر، إلى السواقي، إلى السوق، وحتَّى المقبرة، ناس يمشوا ويمشوا، لا يكمل عليهم الدرب لا ينولد ليهم المكان القاصدنو،..
وأقعد أنا في ضُلي وضُل الشراب، مدنقر –متوحّد- وغير مدعو، والله يفوت مع ناس الشمس وناس تانيين، كشكيش كرعيهن البَشُوش علي الرمل، ريحة ريحتن وقرقرابن، العازمن منو يا ربي؟
أزمان تمتطي ظهور أزمان أخرى، وتقطعان مخاضة الدهر، الحياة مخاضَة واحدة، وكذلك الإنسان،..
عَرَضاً، تمرُّ تيموليلت لأفهم أنا نقطة ما وقديمة، كتاب "تشحيذ الأذهان، بسيرة بلاد العرب والسودان" لابن عمر التونسي، مُواطِن أعزّ أصدقائي الروائي التونسي والمترجم القاطع عن الألمانية "علي مصباح"، المتخصِّص في فريدريك نيتشه، وفي حب السودانيين على وجه الخصوص، لدرجة تجعله يهاتفني دوماً –ومن برلين- بآخر نكتة سودانية قبل أن تصدر في الخُرطوم، أحببتُ منه "هذا هو الإنسان" ليس لأنَّه كتاب نيتشه، وليس لأنَّه ترجمة صديقي، ولكن لأنه أشجع سيرة حياة مُفَكّرة ومصادمة، الذي يُريد أن يكتب والذي يُريد أن يهندس على نحو جديد، وحتَّى الذي يُريد أن يُعَرِّس ويعثر على عروسة له بالفعل، وينجو من مجرّد التحالف مع إمرأة لإنشاء (ميز سكني) وليس بيت مُحِبِّين، أو الذي يُريد أن يتعرَّف على الـ(CNS) ليُطَبِّب بأسس فاهمة وتضع الجنون في اعتبارها، فلا بُدّ له أن يقرأ نيتشه لدى هذا الكتاب،..
أزمان تمتطي ظهور أزمان أخرى، وتقطعان مخاضة الدهر، الحياة مخاضَة واحدة، وكذلك أنا،..
أكون بالجزائر العاصمة، دون مواقيت، أنا حياتي كلها، ورواياتي كلها، تزهد في الزمكانية، أريد لها أن تكون متوحّدة، بَريّة ومُرضعة وحش، وشريدة أبداً، لأجل أن تبحث عليك لهفة ما، اللهفة نَقَّاع الوحشة،..
- أين هو؟ أين هو؟
يُسلِّم علي مصباح على الناس دون أن يعيهم،..
يسأل زميلنا "علاء البيوك -فلسطيني"، أين عُطيل؟
بدّك الأزرق؟ الأزرق بمعناها الفصيح والسوداني هذا يُعَلِّمها لعلاء التشكيلي السوداني "ناصر بخيت"،..
علي مصباح وجَوَّاد الأسدي، لا يعرفان لي اسم عدا عُطيل،..
ولكي تتراكم الصُدَف جيداً لدرجة تُضَرِّي الوهم والحقيقة في جِهَة محاصيل واحدة،..
أمرُّ أنا مع فتاة جزائرية صغيرة، 16 سنة وغاية الفتنة الطفولية، الصورة والتكوين بالضبط لسلوى، فتاة قصتي "الوجود والوجود الآخر"، الربشة الخفيفة مع ذكاء خام وفطري لبصيرة متقدة، الدروشة، كنتُ أراجع مهاراتي أو إخفاقاتي بمذاكرة البنيَّة مع قصتي، ولَمَّا أحسست بلاوعيها وصِغَر سنّها يكادان التعلّق بي، أخذتُ أتهرّب منها كي لا تُضارّ،..
تآلفتْ هي أيضاً مع صديقي الكاتب والباحث د. عبد النبي ذاكر -مغربي، استبدلت به أباها المُتَوفى، ولكم هو ذاكر عزاء جميل وهكتارات من الآباء، وربما هو من عَزّز لها فكرة تطوير علاقتها معي، إذ لم يلاحظها جيداً في البداية،..
نزوجك أحلى روائي، إيش قلتِ يا؟
وبنفس سُهوم وعفوية رَبْط قيطان الحذاء، تُجيب: كحلوش؟ حلو كحلوش، بس أنا بخاف من الطيّارات،..
أنزل أنا من الضحك تحت الطاولة،..
هسي دي يعرّسوها من وين؟ غرقانة كأجمل ما يكون، دايرة تعرّسني! وألا تعرّس رقبتها المسافرة! وألا زول تاني! شِنْ خَبَّرها،..
بوقاره الشديد يضحك ذاكر هامساً لي: ود الكلب، ما قلت بتكتب الاندراوة وعاجباك، أمشي أمسح القصة الأسمح وأرجل منك دي،..
عَرَضاً، من العَرَض العميق كوجودنا نفسه، نمرُّ أنا وهي، تتعلّق هي بشنطة أوراقي الصغيرة إذ تخجل من مَسْك يدي،..
لدى المدخل، يلمحني الروائي التونسي "حَسّونة المصباحي"، يصيح من مكانه، فين رايح بالطفلة آذبي؟.. ثم يقهقه،..
الظنون السيئة هنا مشروعة طبعاً، لأنَّ مسرح الأحداث، الهول العريض بفندق الأوراسي،..
آجي آجي آخالد، ينادي هو، وأتطارش أنا،..
حَسّونة المصباحي لا يتفوّه بمفردة مطلقاً إلا ومسبوقة أو متبوعة بمفردة "ذِبي"، هي عادة تونسية في المزاح،..
ألفُّ بعيداً عن طاولتهم، فينادي صوتان بتوقيت أمكر ما يكون،..
"ينعل عَرْضك، يا ملعون، عُطيل"، ينادي بها جَوَّاد الأسدي، الذي جاء لإقامة أحد عروضه المسرحية هناك، الرجل عبقري والمغرب الكبير كله يحبّه،..
"عُطيل آشقي، من الصباح ندورو عليك نحن آذبي"، علي مصباح،..
يلتفت الممثّل المصري "محمد رياض"، لدى الكاونتر، يضحك بروحه الحلوة،.. الله! إيه الحكاية يا جماعة؟ دا أنا كنت فاكر عطيل دا حدوتة،..
يطير قلبي من حرائق الروح، قلنا، ويقع على أرض جُوّاي في تشظياته، يقع صَدَفة الودع الكبرى، فيستلهم تيموليلت كلعبة عميقة في أقيام "الجودلة".
كتاب "محمد بن عمر التونسي"، الذي يُقَدَّر لي مراجعته وتحريره ووضع كَشَّاف حضاري له، يخوض في سيرة "علم الرَّمل السوداني"، كما يُسميه ابن عمر. فتنشرح لي تلك الأغنية القديمة،..
هووي البدولة، وهَييي الجُودلة، أموووت الجودلة،..
وهاهي رسمة الجودلة –الرمز، في الكتاب:





ويشرحها ابن عمر: (الجودلة، وهو شكلٌ سعيد، يدلُّ على الفرح والسرور، وأنَّ الحامل تلد أنثى، وأنَّ الأمر يأتي على أحسن حال).
يعني الجودلة، هي الطوطم أو الفيتيش –للكُس،...
رموز "الرمل" كلها 53 رمزاً، أها آذبي! لو صدقت قراءتي للجودلة، فأين تلبد أنت؟ منذ افترعكما ربي وأنتما توأم، لا تفترقان أبداً، سكّين وجفيرها،..

وهذا اسمه "العتبة الداخلة"،.. عتبة وداخلة،




ومحسن خالد ما بفسِّر وإنت ما تقصِّر، يقول ابن عمر: (وهو شكلٌ سعيد في جميع الأحوال. فمن كان أوَّل خَطِّه هذا الشكل أو ثانيه، إن كان مغموماً زال غَمُّه، وإن كان مُتَرَقِّباً لمجيء غائب، قَدِم عليه سريعاً، وإن كان مُعْسِراً زال عُسْرُه).
ولاحظ أنّها أشكال سعيدة فحسب، دون أن يستثني منها كما هو الحال مع بعض الأشكال السعيدة الأخرى، إذ يحذف من سعادتها كأن يقول، إلا في حالة المرض، المريض يموت، أو إلا في قبض الدراهم، يطلع شيك طائر، وهكذا،...
أجي يا يمّة، أريد الله، محمّداني العتبة،..
محمّداك، أمشي ولِّعي حُفرة دخانك ساي وأنبسطي وأبسطي رفيقك، تقول علوية الربَّالية والوداعية في آن، فتجيبها المُحمَّدة بالعتبة مقرقرة:
عاد يا يُمَّة إنت لسانك لسان حَلَبة وفالت، ..
من ناحية أخرى، ومحزنة، تدافع علوية "البائرة" عن قصة وحدتها،..
"عاد يا يُمّة إخير أنا، اللساني وحيدو فالت، إنتن هووي، أسمعن يا نسوان،.."،..
تخفت الرجَّة قليلاً، والمنتكية منهن تزيح فنجان قهوتها من أمامها بظهر يدها، وتُمَيِّل ناحية علوية الضحّاكة ومضحكة، تواصل هي:
هووي آنسوان، بركة أنا الفالت لساني وحيدو، نعمنكن كلكن، القاعدات هنا ديل، جُملاتكن فالتات،..
وينطلق القرقراب والمَقَارَصَة،..
"شكيت محنك، أم سبيع دِقَق،.."،..
"عاد علوية اللّيلا جنسو برا"،..
آمنة إمرأة مؤدّبة وتقية، ذهب بها ابنها العشريني إلى الحج، تعارض النميمة والفُحش منذ رأت قبر الساكن أم صيني:
كدي آبت أفتحي الشي دا، -الراديو-، إمكن تجينا مدحة، علوية شدّاها عاد،..
مافيهو حُجار آخالتي آمنة، تزوّر البنت، فهي شابة ومراهقة، طاعم لسان علوية الفالت وألا المديح؟
حاجة آمنة إبليسة: عاد إنت آلممحوقة! عاجباك طمسة المطموسة دي، تمدح آمنة، للشيخ علي المبارك "الصوت الجارف والوحشي"، فَذّ الجمال:
شوووقك شاويني
طاااهِا يا الساكن أم صيني
وشوووقك شاويني
***
آآهييي...
لاحن لي بروقاً من جيهة البلد الفيهو يقيني
ويا ألله تحلحل قيدي توديني
وشووقك شاويني،..

مدحة آمنة تحمّسها، تُغبِّش لها جيداً غواية علوية، فتقول: هووي آعلوية، كان كدي قولينّا قوموا ساي، خربتيهو الكلام يا بت أمي،..
(خيبتيييها الهدرة!)
تطالبها النعمة، صَرفاً للغلاط، هَيْ يا يمّة ختّلينا الودع، والله (الربل) المسيخ وأب ريحةً رجال دا بمرق لي الجبنة من نفسي،..
لا عَجَب، فالغيب ضرب من ضروب أمزجة الناس،...
تدلق علوية جُراب الودع الصغير، على خطوط الرمل في ضارب الأرض والقَدَر، ثم تستعدل كَشَرها، تُضايره، كي تتكلم، أصابع يدها المعروقة تنغرز بين خطوط وحَبَّات مصيرها، صَدَف الودع، وظيفتها أن تُفَلِّي مصيرها ومصائر الآخرين إلى الأبد، إذن لن تجامل أحداً مهماً كان في الطريقة التي تقضي بها يومها، أو تُعَبِّر بها عن حالها، والوحدة تساعد الإنسان على استنباط السخرية، وملاحظة الوجود بمشرط. الذي بوسط القطيع لا يلتمس من وجوده سوى أذناب من معه وجشاءهم، والتفاته مع ضراط كل من ضرط،..
"هووي يا آمنة، أملي بطاطيرك ساي، وخلينا من علم أبو جليقة الليلك دا، الساكن أم صيني فوق عديلو، سمع أضاني دي، قالوا راجلك محمود سروال صلاة الجمعة ما عندو ليهو طَبَيق"،..
"التاية" قرقارة وكاواية هي الأخرى، كدي يا يُمَّة، عافية منو محمود ود عمتي، باقي الأسبوع أم ميطي ساااي مع حاجّة أمونة، وصارعِني وأنصارعَك؟،..
النسوان ملاعين، وأفحش وأشطن من الرجال حين خلوتهن، حاجّة أمونة إمّا أن تحرد حجّها، وإمّا أن تحرد تتبع أخبار ولدها المغترب، حيازة علوية،..
(أملي بطاطيرك ساي) هنا الريف تيكنيكس، الحُلُم،.. الحب،.. الأخبار،.. السينما،.. أفلام البورنو،.. الفياغرا،.. ومجمل حياتهم ينجزونها بتحلّقهم حول صَدَفة الودع الشيطانة هذه، والمأمول لها أن تنفذ عبر السرمد والعوالَم الخبيئة كلها وصيرورتهم القاسية،..
كنتُ سأجن إن لم أعثر على رواية (شيفرة دافنشي: The Davinci Code) للكاتب (دان براون: Dan Brown)، ولكم خذلني الرجل وكتابه، وهكذا هو الحال معي دوماً، مع مثل كُتب الدعاية والإعلانات هذه، كُتب يؤلّفها الشخص ليكرّس فكرة واحدة ولا يهم إن كانت غبية أو ذكية، لأنها بالأساس تدلُّ على محدودية كاتبها وركاكته، الركاكة نتيجة حتمية لضعف الخيال وغياب بصيرة الإدراك وبطء الدماغ، مثل هذه الكتب تقبلها كمقال عمومي مزعج، أمّا لو خضت معها في البناء الفكري والفني والتفاصيل، إلا تدفع ليها حق المبيت في رأسك من جيبك،..
خلاصة الرواية، صفحتها الأخيرة، ينتهي المؤلِّف بالعمل كله إلى الرمز،..
السيف رمز الرجل، بشكله الأقل شيوعاً كما يقول "براون" ليرسمه هكذا:




وإذا رسمنا الشكل نفسه على نحو مقلوب، نحصل على رمز "القدح"، مُمَثِّل الأنثى:






وباستدخال الرمز الأول على الثاني عمودياً، الناتج:




نجمة داؤود، الاتحاد الكامل بين الذكر والأنثى كما تثرثر شخوص المؤلِّف،..
مجمل الكِتاب (هنا اليهود)، انظر بنفسك خِفَّة العقل والضحالة، الكاتب أو الفنّان بحق لن يُكَرِّس نفسه لقبيلة ولا لدين ولا لأي أحد أو جهة سوى الفنّان فيه، ليس الفن للفن المستهلكة والتافهة هي الأخرى، بل الحرية كميزة أساسية للفنان الحقيقي،..
في دينكم وذمتكم، رمل علوية الفوق دا، ما مدروج ومكرّب أكتر من الشكل الأقل شيوعاً والكأس، لأنّ رموز علوية نبتت من الطبيعة –الحُرَّة- وليست من فكر انحيازي مُهَرِّج وصغير،..
أسمع الهمهمة المعزولة لمخلوقين يصطرعان والعدم، صوصوة الأنثى ومنقار الحنان، عَجْن الرائحة برائحة من تدرّجاتها،..
أنا يا ربي أغمس ريحتي دي وين الليلة، أشرّها في رأس ياتو شجر، كان يشيلها غُراب ويشيلني نوم،..
وبرضو الشجر يكلكل في كرعيهو الجدول، الضحك ما شَرَطَك عاد،..
من غرفة تيموليلت، أسمع الهمهمة الخافتة لموسيقى "تريستان"، يوزّعها شاب مغربي كاسر العبقرية، يا راقية وبراك إنتِ يا تيموليلت،..
فأرى وجه نيتشه، الذي يجلس في الظلام، هذا أنا يا نيتشه، يا عدوَّ سقراط وشكسبير والفلاسفة الألمان إجمالاً، يا عدوّ الأيقونة المجتمعية ومُقَلِّب القيم، ويا صديق ستاندال والموسيقى مثلي، ويا صديق ريتشارد فاغنر بـ"مولد التراجيديا" كلها،..
اليوم ليس بمقدور الموسيقي أن يصادق كاتباً أو مفكّراً، لقد انتهى زمانكم، زمان العباقرة في كل شيء، الموسيقي الذي بوسعه مجاراة الفيلسوف، ذاك انقرض، اليوم مزيكاتية يجارون الراقصات هَزَّة جعبة تلو ترويب نَهَد،..
أعرف أنَّ الأرض ستُقَشِّرني ذات يوم لدود مَعَجَّن، طبعو شين، وبتاع ملاين،..
ورغم ذلك، أُفتَن، وينملص الدين مني بخوفو وكلام ربطيهو زي شبط،...
حين أسمع الوحوحة وقِرْقِر الخافتة ومتقلِّبة، مرّة أسمعها من جهة فوق، وتانية من جهة تحت، أتلفَّت، الشَّقّة بنكهة طراز الأندلس القديم، هناك فتحات عُلوية للطابوق قريبة من السقف، بتتباصر، بس أتطفل يا ربي وألا بتصبح أتجسس؟..
يا خوي بتصبح الدنيا، إن لم تطابق دربك ومصيرك كروائي ومفكّر شرس،..
آه، تذكرت، الممر يتدلى بعيداً في سرداب، السلّم الرشيق مساهر هناك، فتيات الخدمة ينزلن به زجاج الشراب وعلب البيرة من الرفوف،..
سَكَر الجنائن وشجر الفواكه ناسو خلاص ناموا، أها يا محجان الكنوز دَلّي لينا سَكَر الناس، ناس تيموليلت وسيمو البرمو في الشوك،..
الليل يحدّثو قلبو معاي، أها.. أها.. عديلة يا ود أبوي، ونجيب سلّمنا، يطقني علي كتفي وأطقو علي كتفو، الخائن الله يخونو، والبنشوفو ندفنو في محلّنا دا،..
يشاغلني الليل، لكن أنا دفني ما قالوا كراعو برَّه،..
إخير إنت، أنا كمان جَبّانتي نص الكتب، أقوليهو وتشيل حِسَّنا ضحكة أظرف اتنين قَوّالين،..
الليلة يا ود الحرتي تشوف الزرّيعة ورُبط البرسيم ببتّقن من براهن كيف!
الليل يتاوق معاي من جسم مبناه الأساسي، شُرَف وبلكونات، نجلس في همبريبها، نقرمش تسالي الوجيب، ونكتح قُنَّانة المُر والعذاب،...
قلوبنا البندق،..
قلوبنا الكرباج،..
صج صج، جبتك جبتك، يطيع ضهر العذاب نستأنسو، نسكّنو زرائب الطيور ونوّلفو طعم عَليقة الكُرّكاب،...
ككووك كووك، كككوووك، ويا أذّانات السماء ضوقي طعم أذّان الأرض،...

يتسلسل: تيموليلت

أخذتُ....
من اليم... لا عنوان المياه،
ومن الليل... ما غاب عن نهاري





تارتا.. تاتاتا.. تارتا أووووه، أوووووه، تارتا... هاك لون حُزني...
تارتا.. تاتاتا.. تارتا أووووه، أوووووه، هاك شتول من عُمري،..

تيموليلت، الكائن المبلول بالموسيقى، يمشي و(تارتا.. تاتاتا.. تارتا أووووه، أوووووه، تارتا) تنقِّط وتنقِّط،..
الجمال لدى منتهاه الحزين، والحرمان خارج حدود الرحمة، حينما يُصِيغان نفسيهما في خلفية موسيقى حزينة تركض من وراء كواليس العمر والروح كلها،..
أنا هنا في فَرَقَة كبيرة من الوجود، مجقِّماني الغياب ضفة ضفة،..
فَرَق الأرداف، فَرَق التبُّون، فَرَق النهود، فَرَق أحبار الجسد ونُخالة الرهبنة،..
الفَرَق يكون حين يغلُب على المفروق حنانُه، فيتصدّع، لينسى للآخر مقاعدَ ومجارٍ لسبك الذات بأختها، سُكنى تكافح تصدّعها بردم التشظي بتشظٍّ مضاد،..
وآه يا فَرَقة ما بين السقف والجدار، وما بين قامتي مشتولة بين فَرَق السُلَّم للبصيص والفُرْجَة،..
كي نبلغ الأعالي.. فنرى.. الأجساد من تيمو وسيمو تقفزان في امتلائهما وفراغهما اللامحدود، في بحيرتهما الأزليّة والآبدة،..
يا نادي الغمام، بلياردو النجوم، تح تح نهدّف بعصي الضو فجاج المجرّات،.. هناك على الأرض، شفت بحيرة نور الشافعة تيموليلت، من نَقَّاع السماء طَقْ طَقْ اتصفَّت شمس فوق شمس،..
أردافها البيضاء والمصقولة لدرجة الحزن،..
يا تيموليلت،..
أوَرِّث عيوني الطير، يطيرك شوف بعد ما أموت،..
بَعِّدي.. حبيبتي، تقول تيموليلت لسيمو، ممسكة بقدميها البديعتين، ثم تسند لسيمو حوضها بالمخدة،..
أنا أنط كلي عيون كان أشوف أكتر،..
توحوح سيمو،..
أوحوح أنا، وفوقي يوحوح عرش البيت،..
أنا يا بنقو أسأل مني البنقو،..
الليلة مراحي النجوم، أدودرها من هَوْ لي هَوْ، وتوووت يا سكّة أطول من بال حدّافات القطار والأجنحة،..
زول زي محسن خالد من زمن زمان جداً، يطلع فوق رأس قَطَر زي دا، مسافر من هنا لما بعد العُمُر،..
يلف سيجارتو الخضراء فَتْلَة مزاج بعد التانية، وتبقه المسافة بين الحاجات وبين أعماق روحها تتمشي كَدّاري، وماشيها ماشيها حتى لو ادَّلت روحو من عمرها، أو ادّلى بدنو من بدن القَطَر. بعد كلو ساعة والتانية يعاين في سيجارة البنقو ويقول ليها، أنا يا بنقو أسأل مني البنقو...
الليلة يا بنقو أسأل مني البنقو،..
ويا تيموليلت، يا أسلم أمطار الضياء أسلمي،..
شبابيك السماء مفتوحة.. تاوقي وأرمي منديلك علي التربة، تنكسي الأرض درويش، وحَيْ قيوم،.. حَيْ قُدّوس،.. تبتّق الأرض مساجد وكنائس ومعابد من كلِّ لون،..
أنا هسي اتكايتَّ كلي في وَكَر الألم، يلقاني جرح كيف؟
كل محلات جرّيح الحرمان فيني جيوبها ملانة لخشمها، والألم ما باقيلو أي حتة أبعد من هنا يركّبني قَطَر كريمتها،..
زول أصبح من ذوي الاحتياجات الخاصة في مشاعرو زيي كدا، يمشي وين؟
ما من بلاد في المستقبل ستغسل عنه صباه وطفولته،..
أما بلادنا القديمة فعصبنا معقور كيفما تسلّلنا إليها، ورائحتنا معضوضة كلما شاقتنا حوامة بيوتها،..
لم يتبقَّ سوى الذكريات،...
كمؤشِّر محطات الراديو، يتوقّع عشوائياً على المحطات:
"صرّح رئيس وزراء.........."،..
"كيفك إنت؟... ومالك إنت؟ كيفك؟ قالوا عم بقولوا صار عندك ولاد...."،..
"وفيه أنَّ الرسول الكريم... كومبارس متديّنين: صلّى الله عليه وسلّم.. عليه الصلاة والسلام،... الصلاة علي الحبيب"،..
البحث عبر العواصم عن جُملة كونية في الثلث الأخير من الليل، عن ذكرى كونية، عن حضن واسع تنهصر فيه أضلاع الوجود،..
كمؤشِّر لمحطات القلب، تبدأ ذاكرتي تتوقّع على الماضي،..
(المحطة س)
"جارتنا "نعمة" أوَّل من خَوَّض لي طفولتي في لجة الرجل، ولمَّا أبلغ بعد. تعال يا ود البتولا، أريدك أبوي، أجرِ جيب لي زيت من الدكّان، أمسك الجركانة سمح، وجيبلك حلاوة.. ما تتأخَّر، كويس؟ أعود بالزيت، وتكون شقيقة زوجها قد غادرت، وأنا في سن كانت فيها شهوتي بقامة مكافأتها بالحلوى، رغم ذلك لمحت حركةً بين فخذيها أصعب من أن يأتي بها اللحم الخمري وحده، القُنيلا المنقّطة أحياناً والمخرَّمة في أتمم الأحايين، استيقظتْ في أعماقي فرحة لاهية، نبوغ مُبَكِّر لمصاص دماء صغير، مددت لها الجركانة من عند العتبة، فتناولتني بجركانتي، الرائحة، الرائحة المفرطة للأنثى الناضجة، اغتصبتني، دعكتني برائحتها، أكثر ما ضايقني حشرها لفمها داخل فمي، تقزّزت، حشرها ليدها بداخل الرداء، خجلت،..
لم يفرحني منها إلا دعكها لي برائحتها، واحتضانها القاسي، لو كان طفلاً آخر لانكسر ظهره، ما جعلني أصمد هو متعتي اللاهية والغريرة بذلك ولكوني كنت سبَّاحاً ماهراً في تلك الطفولة"،..

(المحطة ص)
لو تزيأنا بخبرة المراكبية، فهم قبل أن تلامس مركبهم القيف يشكّوا هِلِبن، يصيدون اليابسة صيداً،..
في أعراف حياتهم المكرَّسة للصيد، الهلب شرك ليابسة ما قبل الوصول، مرسى المستقبل. يطير هِلِب ونذهب أنا وصديقي هاشم حبيب الله للقاء صديقنا المستشرق دينيس جونسون ديفيدز،..
يقول لي الخواجة العجوز، أتعرف يا مستر خالد؟ أنا لا أؤمن بالله ولم أُحاننه بصلاة قط،..
نضحك أنا وهاشم،..
ولكنني يا مستر خالد كسرتُ هذه القاعدة مرَّة واحدة فقط، تنازلت لأُصلِّي وأطلبُ طلباً،..
سألناه متى وما هو الطلب،..
قال، حين نوى النميري قتل محمود محمد طه، صلّيت لرب يسوع ومحمد، وقلت له تدخّل، لو كان بوسعك إنقاذ هذا الرجل النادر والعجوز مثلي فافعل، صلاةٌ واحدة ومطلبٌ واحد في حياة رجل تتعثَّر فوق الثمانين عاماً،..
قلتُ لهاشم أتشهد؟ قال نعم،..
يسألني دينيس، يشهد لأجل ماذا؟
أتضاحك أنا، لأجل تيموليلت، هناك قصة مصادفاتها تريدُ قليل جرأة مني لا أكثر لكي أخرج إلى الناس كموفَد كتابة، أو كغول كتابة مَجَبَّر بالقَدَر،..
فرحتُ بالمصادفة، فالحديث لم تكن له علاقة بمحمود أبداً، بل كما يقطع العنجاوي ظهر الراكز، قَطَعَتْ عبارة دينيس حديثنا، هاتفتُ صديقي بدري اليأس فوراً، ليُعَلِّق هو: والله لو أنا كنت في محل الله، كان أوّل شيء أخدت لي تبَّة فوق الخواجة دا، وبَشْرية، وتاني الدايرو كلو أسويهو ليهو، أفو،..
أنا استغفرتُ الله، ولم أقل لبدري الياس الله اتلوَّم،..

(المحطة ع)
كانت مهنتي قطع جريد النخل وتأبيره،...
من عُلوِّي ذلك أفضح ثياب البنات وهن يجمعن التمر،..
يا بت زِحِّي، هسي برمي فيك ذب النخلة دا بتحملي بركاوي،..
ويصرخن، مع تراكض مبتهج، بالخجل المكّار والمستزيد نفسه، ووب، بِدَع بِدَع، عاد ما بسألك،.. يا بايخ،.. وتصيح فيهن مُفْتية: هووي يا بنات لو ضحكتن ليهو رأسو بكبر،..
أعابثها أنا من رأس النخلة: رأسي مهما كِبِر، ماشي يفوت رأسك دا؟ وحالي دا قلت لامن أشوفك من رأس النخلة يصغر شوية، الناس البقرقروا شدر التبلدي ديك، عشان يخزّنوا فيهو الموية، لو لمّوا في رأسك دا بخزّن ليهم كم خريف،..
سد خشمك دا يا أهبل، وأخجل لك خجلة، تجيبني هي -ناظرة إلى أعلى النخلة وبحرقة،..
أنظر أنا ناحية الأرض لأُكايدها، فأرى قَوَام السُّرَّة ينحني وينهض تلفّعه البسمة الرقراقة والخافتة، متى جاءت حَتُّوتة؟
بالله! هو السُّرّة معاكن؟ معروفٌ أنَّ لها صدرٌ لو وُضِع مكان الحجر الأسعد لحجَّت الدنيا كلها لتتلمّس بركته بدون فرز بين مسلم ومسيحي وبوزي، أما خصرها فحجّيتكم ما بجّيتكم، أنّ بنتاً اسمها السُّرة كانت تنام على ظهرها، بينما إخوتها الصغار يلعبون عند جانبيها بدحرجة بطيخة كبيرة -جاء بها والدهم من الحقل- من ميمنة جنبتها إلى ميسرتها، وهي ناااائمة،..
جريد النخلة الكثيف يحجبني بعض الشيء، يا السريرة هووي، يا بت، زِحِّي من مكانك دا شوية، ح أدلِّي الشوال من جيهتك دي،..
وررر يفقعنَّها ضحكة. تضحكن مش كدي؟ وأضحك أنا أيضاً، حركة استدراجي للسُّرّة لتكون في مرمى بصري طلعت بايظ،..
أم رأس كبير تقتص مني،..
يا أخوي بلبصتك دي عارفنّها، دايرة تجي عَدَلك عشان تتمنظر،..
أبداً يا أم قادوس، دايرة تزح عشان ممكن الحبل دا ينقطع والشوال دا ما أتقل منو إلا لُقَمك الكبّرتيبها رأسك وجعباتك الما بجرّهن هينو ديل،..
تتلامض أم قادوس: رأسك بالتكسّرو، بلبصة منك وسلبطة بس، نحن مالنا يعني! محوَّطين؟ وألا الشوال من باقي عَقَابنا الفي العيكورة؟
إنتن ما أصلكن مخفّجات ومكعوجات، والبقع فوقها الشوَّال التقيل دا بلخَّها من جديد، يا ماتت وفَكّت بورتها.. يا كمان لقت ليها أسطى أحرف شوية،..
تقول السريرة بخجلها الحلو، لتصرف الكلام عن جهتها، هووي أشتغلوا ساي لكن إنتو، الشمس دي ما غابت،..
مع عبارتها بالضبط يصل صديقي عامر المسخوط، قبل أن يربط حمارته يتناول الكلام، الشمس غابت؟ ودا اسمو كلام يا السريرة، طوالي نناولك لمحسن فوق رأس النخلة دي يختك بدلها،..
أصفّق له أنا، بمسك جريدتين غليظتين وصفعهما ببعضهما بعضاً، كَرَش كَرَش كَرَش، تهب نسمة ريح، وتصفّق معاي كل مدارس النخيل،...


تيموليلت ... يتسلسل

"المحطة ظلال"

عصفور عادي، يقفز إلى الفضاء من ذلك الغصن فوق الشجرة. هو لم يقفز في الفضاء، بل قفز في استعمال يومه. الآن هو يستعمل يوماً طازجاً وبروح طازجة. تماماً مثل الرجل المضغوط بروتين حياته وبظروف عمله، يأخذ إجازة ويذهب إلى بحيرة بعيدة، يشم المكان بخلجات وروده وضَوْع أنحائه ويتمسرح كمادة أصيلة من ديكور خشبته، يخلع ثيابه، خدر جسمه السابق، وكلّ ما يرتديه من معرقلات وروتين قطعة قطعة، ثم يقفز في إجازته، يقفز في إجازته وليس في البحيرة.
وكذلك المرأة الباهية، ومشتَغَلٌ عليها، المصوبنة ومعطّرة حتى باطن عينيها والفؤدين، من بوسعها أن تحشي سندوتش ليلٍ كامل، ونزع وحشية فارطة عن مجمل تفاصيل غابتها وجوعها عبر مكاتبة،..
تقفز تلك المرأة في استعمال ليلها، وكحال كل الأشياء التي تعمل لكونها وجدت نفسها بداخل مهمَّة وقدر، تعمل وتدور،...
وكيفاش حال الصحيحة؟ والدراري...
يا زول كيفها صحّتك؟ وكيفنّو حال الوليدات،..
هكذا الأسئلة، تؤسِّس على الدوام لحقبة قادمة من هَرْش الجلد تمحّناً فحسب،..
المرأة التي بوسعها حشو سندوتش ليلٍ كامل، الخارجة لقفز حواجز الليل، في رهان نساءٍ أخريات، على خمسين درهم مغربي لا غير،....
ورجال وسوّاح دبغون، عائر ليهم ذب في روسينهم،...
من استحالت نوافيخهم لمجرّد دباشك في آخر رشاشات المني،..
وطاخ طاخ، يكوركوا العوين في كل اتجاه من دون والدين، وبوسط ملاجئ من برد الليل وريحة البارود في العطن، ومن كرتة المطاعم ونفايات الهدوم، تُعلَف وتُكسى –تلك الملاجئ- في مبادرة حنان غير مكلّفة،..
آلزوينة ما نشفكش؟
وإيش بغيتِ إنتِ يا؟
واشنو بغيت، زعمه نهدرو وبروحك تقولي ليا...
ثم يضحكان خارج حدود المجتمع، داخل حدود بعض، في محاولة جديدة لترسيم حدود عذراء وبِكْرَة،...
فتبدأ المكاتبة بالعيش والذل ومُضي الحياة بأي حال،..
ويا دَرَبكّة بنات السماح في الدم، وسواقي القلب مربوبة حليب،..
شوارع من خُطا مُذَهَّبَة، خَطْ.. خَطْ من دم الرجال، وتك تك تك مموسقة، من كعب عالي البنات، أورغ، أكورديون، أو فلوت رخيم الحنان،..
كيف يعود الرجال هنا إلى بيوتهم مرة ثانية، أسأل صديقي كريم، فيضحك ويدفعني بعيداً،..
واشنو بغيتنا ندير آلسي خالد؟
تمشوا ساي وتمشوا وتمشوا وراء الجمال دا، إلى أن تسبقوا الجنّة بميل،...
هنا جمال! آآآخ، كل رجل يخرج إلى الشارع فهو مفقود،...
وحتى إن عاد، واستلمته زوجته لدى المغارب فهو في أكفان المفقودين،..
يا الله خالق هذه الشوارع، يا ليتك خلقتني مساماً للبيوت، بدل هذا المفقود،...
أنا المفقود كلّه والفقد بتمامه،...
يتلخم من دَقَّات القلب ضُلّي
يبرالو زول تاني
مَرّ من جنبي

من مدى لمدى، ندخل الحياة، ومن لدى حواف العمر نعبر دون أن تتبعنا ظلالنا،..
الذي يعبر منّا هو ما لم يكن، والظلال التي كانت تبقى،..
وشَلْ شَلْ كُب لي جالون،..
ولا لا لا أنا ما بدّيك،...
وشل شل المحطة قريب
ولا لا لا المحطّة هديك،..
المحطة ظلال،..
في مجمّع "الرازي" فخر الدين، ما يحوي كلية الطب والصيدلة والحاسوب، وما كان يُسمّى سالفاً بمُجمّع الإعدادية، أمر ليلاً من هناك، وأرطال من لبن الشجر في رأسي، مخلياني أشوف الناس تمشي وتجيء في حالها، وأنا أمشي وأتتعتع في حالي،...
رائحة شجر الحناء، طاغية وعجاجة شجر متسابق، متشاعلة قُرب منتصف الليل نَدْ، والليل رااائق خد صبيّة،..
شارفتُ في مشيي آخر مبني يطل على الظلام الخاتم للمشهد، من هنا وأدخل "اللُّقُد"، الشجر الحرشي الذي يفترع المسافة من آخر الجامعة وحتى أوّل حي عووضة، لا أدري وأنا بعمق ذلك الهدوء وتلك الخصوصية كيف لمحت ظلين يرتميان خارج تلتوار المبنى، كانت ظلالاً كبيرة تتقاطع وتتداخل في حركة مضطربة، لم يكن بوسعي رؤية الشخصين، إذ يغطيهما الجدار، وأنا أسير بزاوية غير مستقيمة مع موضعهما، فقط ظلالهما كانت تمتد عملاقةً إلى أمام المبني، وتقع في حصيلة رؤيتي،...
الظلال التي ينتجها اقتراب منتصف الليل تكون كبيرة ومتطاولة، ظل الشخص يساوي ظل شخصٍ يحقّق أسطورة عماليق "العنج"، وظل شجيرة الحناء يساوي ظل شجرة اللبخ، وظل عصفور الجنّة يساوي ظل الرخ الخرافي،...
قُرب منتصف الليل، وقبل انقضاء مواعيد الليتLate Permission هل ترجع حينها أجسام الكائنات إلى حقيقتها، أم تستورد أقنعةً لها من الخارج تناسب تلك المواعيد الفاتحة على "إمكان" الإنسان الخرافي،..
يلا.. "سير في حالاتك"، كما يقول المغاربة، شاب وشابة، عارفين الله عارفم هنا، يخافان النار بالتأكيد، ويرجوان الجنّة ما من شك، لكن نار الجسد هنا وجنّتو برضك ليها أحكام، الله يعرف غيابهما النائي هذا ولم يكسره، فكن جميلاً كربّك وسير في حالاتك، كنتُ بوسط الأشجار وفي القطاع المظلم من ذلك الواقع المخروطي،..
وأنا أُشارف لحظة أن أعبر، تنهض المواعيد الثانية والغائبة، الغائبة في مكانٍ أبعد من الجامعة، وأبعد من الدنيا كلها، تنهض الفتاة وتتمطى تحجّجاً كي تلاحظ الطريق من بين كوعيها المرفوعين بشكل مائل، ومن فوق علو تلّة الحليب، التي تنفر إلى أمامها كثيراً، مع حركة فَتْل الساعدين ودفعهما إلى الأمام بقوة،..
يطفّر نداء:
أبوا لَيْ بي.. أبوا لَيْ بي.. يا اللبن،..
أهلو في العُشَرَة
نسيرلوا في المطره
ندهوا لي الصُلّاح ولمّوا لي الفقراء
أبوا لَيْ بي.. أبوا لَيْ بي.. يا اللبن،..

ولكن.. هذا ما لم يأتِ به نردك، شوف حظك نزيل ياتو طاولة، لا بُدّ أنّ في صحبتها ولد طب، ربما صيدلة، أو حاسوب، وسيم، أطول من قِصَرك بكثير، ومعه مستقبل، وفوق ذلك أمه د. فلانة وأبوه د. فلان، مجتهد وبستحمّ كل يوم، ولد خرطوم متمكيج أكتر من أي عروس يسيرون إليها في ناحيتكم، تنتظره السيارة دائماً لدى الباب، إذا ما فرغ الأستاذ الخصوصي من دروسه،..
قاه قاه قاه، كج كج كج،...
أتوضأ حنانك يا عربي المسيكتاب المبشتن، وغيب، أو وجّه صلاتك حيث طريق القبلة يسلكه الحجّاج وليس تُجّار الحرير،..
وبين أغيب وبين تغيب ذكرى، يطفّح قَدَر زي دولفين، ينفخ الملح من شدقيه، ويضرب بطن اللجّة من جديد، رأسي اصطفّ مجراتٍ من التساؤل، فقد خرجتْ فتاة أخرى، لتتمَطَّى معها، أو كما يقول الخليجيون: شو السالفة؟
يعني الظلال التي كانت تعبث بظلال، ما هي إلا انعكاس الذات في بئرها، إيييك... وألا كيف يا بنقو؟
لم يكن بوسعهما أن ترياني، لذا عادتا بعد تمطّي الاستطلاع ذلك، فيما يشبه نفض الجسم من خدر المذاكرة، لأجل نشاط مذاكرة ثانية، ثم عادت الظلال لتتداخل وتتقاطع في مكانها النائي والمنعزل من جديد، بما يرصد عفريتة لصورة حياة غامضة، ستتحمّض غداً وسط الزملاء والزميلات صوراً مختلفة وواضحة من نواحٍ أخرى،..
هنا مقلوب للسينما البشرية، فالسينما الآلية تدفع بظلالٍ تتخلّق إثرها الحياة على بقعة وسط حشود، صياح، جمهرة، ظلال السينما تنتج الحياة والصور في بقعة منبريّة تتقاطع وتتداخل أمام الجماهير ناسجةً للقُبَل والحنان،..
ولكنني كنتُ المتفرّج الوحيد، كحال كل شخص من الوجود، أيمّا شخص في الوجود هو متفرّج وحيد على الوجود من خلال عمره كله، وحين يُدفن الشخص تُدفن معه "فُرجة" لا يمكن أن تسعها شاشة عرض، ولا تكفي أي كمية من العمر ولا قدرات من اللغة أو الرسم، لروايتها أو حكيها لفرد مهما بلغ قُرْبَه،..
ولذلك أنا لا أتعامل مع اللغة إلا بوصفها نوعاً من أنواع التاريخ المُمَارس. أما بوصفها مُسْتَكْشِفَاً ونبوءات، فذلك ما أنا ناذرٌ عمري له،...
هنا إذن مسرح عرائس في وضعه الصحيح، أنا أرى حركة أصابع المسرحي المدرَّبة في العَلَن، الأرنب يشاكس البطّة، يطوّح برأسه الذئب ويتحرّك الثعلب بمكر، بينما المسرحي هناك –في العماء- متعته سريّة وغامضة، ومختبئة معه، ومع أوراق النص،...
ويوم قامن القطرين... الليلة يا حليلو..
وخشّن علي الجبلين.... حبيبي يا حليلو...
يا كوستي والجبلين.... الليلة يا حليلو..
وأنا ليلي انطبق ليلين... حبيبي يا حليلو،...
قطر الخميس الفات، الليلة يا حليلو
الفرّق الأحباب، حبيبي يا حليلو
"حبيبي –دَوْري، يا حليلو" أنا في عرض دورٍ عاطل وعلى مقعد خائب، بينما آخرون يخدمون الما خدمتن ولا نصيبهم، ريحة الحناء، عجاجة شجر متسابق نص الليل، وريحتي سَكَر سَكَر، لبن الشجر عاد إلى ضروعه، وقطيعه، ليتسابق أكثر، في رأس منتصف الليل، ذاك رأسٌ للوحي،..
يستطيل الظل الأطول وينعرج، على الأقصر منه قليلاً ويلتف عليه، يقضمه،..
لم أكن أراهما، فقط الظلال، أندروس الأنثى فائراً في ماء الأنثى،...
لقد استعارني حزن، من ذلك النوع الذي ينكت القلب بخنجر، كأنَّ تتذكر خيانة حبيب لك، أو فقدك له، موت صديق غالٍ، غياب أحد الوالدين، "الخريف شيءٌ لا يُرى"، لذا تذكرتُ مقطع الرجل الذي استطاع أن يرى الخريف ميّتاً ومصوَّحاً في البحر، الخريف غريقاً ويتلاعب به زبدُ المحيط، الخريف الشيء المعنوي، والوصفة الغامضة لتحديد الفصول الأعلى منه في مراتب الغموض، ورؤية الشمس -الفتاة، تنفض وحل رجليها لدى المدخل وتغيب في منزلها البعيد والغارق:
أرى الخريف نافقاً في زبد البحر
بأوراقه ونوّار الشجر
والشمس تمسح خُطاها على مصطبة الغروب
هكذا حشرتُ نفسي في لقطة فوتوغراف مع امرأة ما عدتُ أذكر منها.. سوى أنني ما نسيتها، ولم يعد يجمعني بها إلا هذا الفوتوغراف،...
بظلال الفتاتين، وهي تتقاطع وتضطرب وتتحاضن، بينما رائحة شجر الحناء عجاجة شجر متسابق منتصف الليل، رأيتُ الخريف من جديد بجثته المخضوضة في الماء والملح، ولا أدري في أي نوعٍ من أنواع الفوتوغراف ستتحمّض صورتي هذه المرّة!
آآآه و"الخريف شيءٌ لا يُرى" أنا رجل راديو تتقاطع موجاتي في أوهام وتفاهات ما كان يُعرف سابقاً بالأثير، الفكرة المضحكة قبل تطور الفيزياء، بل لنقل تتقاطع في روح الوجود، الوجود كائن منفصل عن كينونتنا وله روح مثلنا،..
كادت رجلي أن تنزلق من على السلّم، انتبهتُ لظلال تيموليلت من تحتي وهي تتقاطع وتتماوج مع ظلال سيمو، الأباجورة الصغيرة لم تكن كافية بالنسبة لي، مع ضعف بصري وكل تلك الفناطيز من لبن الشجر في رأسي،...
ترجّلتُ عن السلّم، تطوُّر الأحداث من هنا ليس بقضيتي، أو قضية يمكن متابعتها حتى النهاية من أي فيلم بورنوغرافي تمّ تصويره بمراعاة كافّة زوايا الظلال وهي تتقاطع وتندغم وتتماهى،..
الجسد لا يعنيني، المهم هو نهر الحنان الذي يركض في غير مجراه هذا،...
منذ نهار القصب البعيد ذلك، ونهنهة الإنسان بوسط الظهيرة والقيظ، مروراً بظلال فتاتين جامعيتين، قُرب منتصف الليل، وحتى المساكنة الرسمية بين إيتل عدنان وسيمون، وبين تيموليلت وسميرة،...
أو بالإجمال فكرة الكائن حينما يطلب حقّ لجوء لدى كائن آخر من تركيبته وجنسه، أهو رُعب النوع من النوع الموازي له، أم مجرّد عادة الكائن في تقبّل صورته التي ألِفها؟
وهذا التصوّر يمكن النظر إليه بحياد، من جانب أنَّ كل طرق الحياة لا يمضي فيها الإنسان إلا حسب التشويه الذي ألمَّ به.
أُعيد السلّم إلى مكانه، إلى القبو، ومن فرط الإعياء أعود وأتمدّد على الأريكة،..
لأسمع الديكة تستبشر بالصباح، من سقوف منازل بعيدة، ومن حارات خُصِّصت بكاملها للحمام، وطيور عابرة تزعق ثم يبتلعها الغبش المعلّق بين خواتيم الليل، وقريباً من فِرْك فِرْك كي تطير فُلّة يوم جديد،..
أشعر بنفسي تنسحب عميقاً، في البرزخ الطامي والموحل، تحت وطأة خدر الشراب، والتعب البدني، تعب الأفكار والرأس الذي يخدم دون توقّف كما الشمس، إما أن يخدم في هذه الناحية من الأرض، وإما أن يتركها تنام قليلاً بينما هو يذهب ليضيء دنيا شعوب أخرى،..
أدخل في وساوس وصور ما قبل الغرق الكلي في النوم، تلك الهنيهة التي تتكرّر يومياً، وبرغم ذلك تظل لحظة مبهمة وغامضة وغير مكتشفة بالنسبة لنا، لحظة انسراقك من وجود صاحٍ لوجود نائم، حين تتداخل الأصوات في رأسك وتتقاطع وتتشوّش مثل سماء بعيدة يصطرع فيها النجم والغيم، تتقاطع مع أماكن إدراك بعيدة مطمورة بداخلك، وتَصِرُّ بوضوح صريراً متنقلاً، ثم تتشوّش مرة ثانية كما الإذاعات بدماغ الراديو الخَرِب أواخر الليل والنعاس، أسمع صوت أصدقائي من ماضٍ سحيق ومن مدارس بعيدة ومقفرة،..
يا محسن، يا دين، ما تباصي الكورة معاك لعادل يا "أناني"، إلا تجيب خمسين قون براك يعني،..
ويخزُّ جسدي وينتفض بعدما ينوف عن العشرين عاماً، من اليد التي أيقظتني بين الفجر وانقشاعه: قوم يا ولد، أمّك ماتت الله يرحمها، أجري لفضل الكريم جيب الحاجات عشان يبرّدوها،..
شعوري بسقوط القيمة دفعة واحدة، وأنا بصدد يوم جديد، خروجي لتتلقفني النساء بالعويل ولأعوم ويجدّف ساعداي بين أضلعٍ وأحضان من تُرَع الدمع، رؤيتك للكفن يُسحب من الدولاب كالطبنجة، خطاك الطائشة بجانب بص ترحيلها والجسمان بوسطه ينتظر غيابه التام، الغطاء الأبيض تهفهف به الريح، وتتكرّر العبارة: الغطاء الأبيض تهفهف به الريح، تتكرّر بشكل أبدي حتى يحلّ الشِّعْر بكل أحزانه النزيهة والطاهرة لأجل كائن سامٍ، ويُطرد ذلك الحزن الرخيص والشحّاذ كله، أو يُترك حتى يجفّ على أحضان نسائه السطحيات، من يبكين دابّةً نفقت، وليس أمي، فقد ماتت ابنة الموفَد كأفتن ما يكون، وبباقي ضحكتها تملأ غمازتي خدّيها، ولدى أجمل طقس يمكن أن يتوفّر في السودان، المرأة المتدينة، الواثقة طوفان وحلوة جنّية، من خبأتْ أكفانها بدولابها لمدى سنواتٍ سبع، وأنت تضحك من هذا التخزين للموت وهذه الملاطفة والصحوبية، ولطالما قلت إنها امرأة كما البحر، لا تحصدها الرياح،..
خناجر ما قبل النوم كلها تنقلب إلى قطيع جائعٍ وضارٍ، وأنت أخضر يترامى في المدى وينزلق نحو بلاد الماروتيين البعيدة، "ليميريا"، بلادك الحقّة والمخبأة في دولابك الخاص، لكم هو مؤلم هذا الانزلاق المتدرّج نهنهة فنهنهة، للكائن المستوحد في طمي المنام، بصيرة تغزو بصيرة، وأقدار تعري أقدار، مصائر تركبُ ظهور مصائر، باصي الكورة يا أناني، وصوت فضل الكريم يهمهم: لا حول ولا قوّة إلا بالله، أو فرح مبتور، محسن خالد الفائز الأول في القصة على نطاق ولاية الجزيرة، الثاني في الشعر، كاظم الزعيم الفائز الأول في الشعر، ولا يكتب القصة، ويُستبعدان في الخرطوم لمجرّد أنهما يتابعان الشيوعيين، وعلى طول انغلاق جفن على جفن، ترتقي سُلّم الحسد الشرس والدامي من بيروت ودمشق والقاهرة وعواصم المغاربة وعواصم الخليج إجمالاً، مبتعداً نحو قرارة نومٍ وحيد وطامٍ، وتَبْرَعُ عيناك في الحفر والحياكة، عيناك دودتان في تطاريز اللحد،..

لكِ ناذراً أيامي كالمنام
لا أحلُمُ بل تجازف رغبتي
في نوم خبأتُه عن تَيَقُّظٍ وعن منام
بعيداً تنفيك عن المنام منافٍ كالمنام






Post: #37
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-13-2005, 03:30 AM
Parent: #1

Tumadir
هلا فيك ... طلة جميلة ... كفاية علينا ...
وما نجيك في كعب إن شاء الله .... (قولي امين) ...

مع المحبة ...

Post: #38
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-13-2005, 03:55 AM
Parent: #1

محسن الخالد
عساك طيب
في جلسة جمعتني بالأستاذ سعد الدين إبراهيم بجريدة الصحافة وأنضم لنا الأستاذ نبيل غالي فيما بعد ... سألته هل سمعت بالروائي محسن خالد؟ قال لي نعم وهو شاب كتاب ... قلت له أن الأستاذ علي يس كتب كذا وكذا وكذا ... فتناقشنا في الأمر ومن الذي يصادر أعمال الآخرين وكيف ... وحينما جلس نبيل غالي سألته نفس السؤال فقال لي أنه أتصل على محسن الذي رد عليه الإتصال أيضاً ... فضحكت وقلت لهم سبحان الله كده بقينا خمسة ... نبيل غالي لم يعجبه أن شخص كمحسن يقال أنه لا يعرفه إلاّ ثلاثة على وجه الأرض ...

لم أكن أريد أن أجري استفتاء .... ولكن يكفي أن يكون الأديب معروفاً لدى مسؤولي الملفات الثقافية بالصحف ... لو لم يكن كتّاباً لما كان كذلك ... أما البقية فلا يهم إلاّ من باب الإفادة لهم في المعرفة ...

ومن المصادفات الغريبة جاء تعليق على ما كتبه علي يس في حضرة إسحق فضل الله بمكتب الأخ زكريا حامد مدير تحرير صحيفة الحياة السياسية فقال أنا بعرف الكتابة الزي دي ما غريبة علي (مع ضحكة) وعلق تعليقات باهته ... فخرجت ...

حبيبنا المحسن الخالد
مشكور على إيراد تيموليلت ... نحن هنا لا نتابعها بفعل الذي اعرف !!!
مع محبتي

Post: #39
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: هميمة
Date: 12-14-2005, 01:30 AM
Parent: #1



الاخ عبد الله الطاهر

سلام …
اسحق فضل الله …… كاتب …….. بالحيل بنعرفو وفايت قعر اضاننا
على يس …….. كاتب … والله يطرشنا ……. لحدى الان اتنين بس
طلعو بعرفوه انت وصاحبك محسن …. نحن موجودين فى السودان ( غير
منتجين) للادب ولا للكتابه ولكننا من اكبر المستهلكين .. للادب و (لقلته) كما
قال عاطف … حقيقى الزول دا منو ؟؟ كدى ذكرونا بكتب وين ؟ … ولكن من الحكى
وكتابته واضح انو واحد من اولئك الذين ابتلى بهم الله السودان فى زمن الابتلاءات هذا !!
اليسوا هم الذين عمقوا الازمة ..؟. هم اقل اهل السودان تاهيلا وصلوا بالازمة حد التشبع وما عليهم
الان الا تحمل تبعات افعالهم … ( ان يريدون الا فرارا ) …….. هكذا خاطبهم د. منصور خالد
فى مقاله … عجبى ممن يؤثرون العوراء على العيناء !! وقال ان السكوت عنهم من عى الافعال
او كما قال بشار : وعِيُّ الفعال كعِيِّ المقال وفي الصمت عِيّ كعِيَّ الكَلِم ...................................................
وقال مخاطبا الكاتب اسحق فضل الله ( طبعا ببستفو لما تتكيف) ::
الهيكل المنطقي لأطروحة الكاتب قد يقود إلى النتيجة التي توصل لها، إلا أن ترويضه للمعطيات الموضوعية للوصول إلى حكم مسبق يجعل ذلك الحكم فاسداً، بل باطلاً. فالفاسد، كما يقـول الأصوليون (علماء أصول الدين)، يقع صحيحاً في جملته، ولكن تنقصه بعض الشروط ليكون صحيحاً، أما الباطل فغير صحيح من أصله. ما هي عوامل البطلان؟ توسل الكاتب للوصول إلى حكمه بأسباب لا تُحتسب إن أخضعت لتحليل عابر، ويقود التحليل الامبيريقي الدقيق لها إلى استكشاف ما فيها من افتراضات فواسد. ذلك منهج في التحليل سفاح لأنه لا ينجب إلا وليداً غير مكتمل الخلقة، ولا يقود إلا لنتائج لا بلاغ فيها ولا كفايه .نحن لا نمجد اشخاص ولكن نخاصم سياسات صنعها البشر …….. يعنى لو سمعتو الرقم الفلكى ال استورد بيه الطيب مصطفى .. (العدة ) بتاعت الحجب دى !! انا شخصيا لما قريتو فى الجريدة
طوالى اتذكرت الاطفال ال جنب كلزيوم …… مش كانوا اولى ؟؟ يعنى فى كم زول بدخل الانترنت فى السودان الف؟؟ اتنين ؟؟ عشرة ؟؟ ديل لما تحجب منهم تيموليت او اى كتابه يا ذكى .. يا دوب بتحلى لينا ..
وبنرسل لى اقرب زول بشوتا لينا فى اول ايميل… عرفت البلادة يا على يس معناها شنو ؟؟ البلادة دى واضحة وما دايره حصة!! بس ذى ما قلت ممكن نخلط دى بلادة ولا غباء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ومحسن ح يكتب
ونحن ح نقرا ……… والعندو كتابه بايرة كلو .. ال يجيبها بى جاى … نحن بننظر فيها شوية ويندخلها
لى محسن فى ورشة اصلاح الكتابة.. كل ما يفضى بصلح ليكم فيها حاجة !!! ولا حياء فى العلم وقال (ص)
من المهد الى اللحد!!!!!!!!!!!!!

Post: #40
Title: شنو السادية بتاعتكم دي...
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 12-14-2005, 02:09 AM
Parent: #1

ياخوي عبد الله...

شنو السادية بتاعتكم دي، ترسل لي مسج بقول ( جلسة رائعة، مع بورداب الخرتوم في حضرة فضيلي جماع، ناقصاكم بس)...

يا ود إبراهيم، داير تزيد الوجع، نحن اتحرمنا من رؤية وجوه الشماسة الصبوحة، (فلا انتما لأسرة وأصل ومد وجز)، ومع (هذا لا أنسى بشاعة الجرم نحوهم) ومن بعائعات الشاي، ومن وجوه الشحاذين (والتي تحمل إنكسار وخضوع محبب)...(ألم ولذة الهوان)،

ياخي بتعرف حاجة (بنت المنى)، إنها أمك، لأنها أمي... هي (جنة متحركة)، جنة صامتة، لم أرها في حياتي نائمة، أصحو فأجدها صاحية، وأنام كذلك، ويا دوب وقعت لي الآية (لا تأخذه سنة ولانوم)، ياها أمي دي بس، (ياظلال الأراك أنني لا أراك)...

أه أمي بعيدة عني، وأنا بعيد عنها... عليكم الله الشتا دخل عليكم كيف، والله احساس أول الشتا داك، زي السودان مافي، يظهر أنو ملائكة المناخ، رسموا برواقة، ومزاج.. وكملوا كلو طاقتهم، ثم بعد داك رسموا مناخات العالم، وأنتهوا بي أبوفرار..

محرومين من الام والوطن والمبدعين والأكل السمح (الويكلة، والفول والدوكة)، ومحرومين من نهار بساوي الليل ( 12 - 12)، ما عارف الوقعنا في اخط الاستواء ده منو (لعبة النرد الإلهية انصفتنا جنس انصاف)..

وبعدين معاكم... تقول لينا (اتحرمتوا من أمسية جميلة)، الفينا مكفينا...

عميق سلامي لتراب وغبار وطني الحنون (ومن الحنان ما قتل وشرد)
معليش ياخوي محسن، الكلام شرق وغرب، ولكنك في داخله، (أيها الحرف المعذب اينما تذهب اذهب)...

سلامي لأمك، القريبة منك، التبشوفه كل ساعة... وتسمع كلامها، بل أغانيها...

ونحن في انتظار تصوريكم القلمي لمشهد الأمس البهي...
ويا محسن الخالد معليش لهذه التخريمة، قلت النغشى ناس (سعاد)، قبل ما نزروكم..

Post: #41
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-14-2005, 02:59 AM
Parent: #1

هميمة
أزيك وشرفتي القعده هنا ...

Quote: على يس …….. كاتب … والله يطرشنا ……. لحدى الان اتنين بس
طلعو بعرفوه انت وصاحبك محسن


الله لا جاب لكم الطرش ... لكنه كاتب وشاعر أيضاً ... لن ننفي ذلك عنه ... ونحترم كتابته .... فلسنا كما أقول ممن يلغون الآخر ... ويشطبونه ...
المهم ... أعجبتني كتابتك هذه إعجاب كتير ...
وزي ما قلتي قصة الحجب دي طبعاً طريقة متخلفة جداً في ظل التطورات التكنولوجية الراهنة التي لا تعرف القفل والمنع مثلما قلنا في مقال لنا بمجلة أوراق جديدة في بعنوان: (كتابات محظورة الوصاية على الكتابة ... صكوك المنع والمنح) رابطه: http://www.awragjadida.net/view.asp?release=2&action=article&id=43

وبجك تاني ...
مع محبتي ...

Post: #42
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-15-2005, 06:45 AM
Parent: #1

الحبيب عبد الغني كرم الله
متشوقين والله ....
الله الله ... أنت يعني داير تلمهن الإتنين؟؟ القروش من بلاد النفط ... والمحبة حقتنا الفي الخرنوم الوسخانة والسجمانة دي؟؟ ما بيتلمن تب ... أختا الإغتراب وقروشو تلقى المحبة رُدم رُدم ... وتلك الوجوه الرائعة بتعبها والعيون التي تصيبنا بسهام الصمت دهراً ... السمرة ... الحلاوة ... ولكنة تلك البنت حلوة المبسم التي تقف مطرقة طرف الدكان تطلب الزيت والشمار ... وما شابه ذلك ... آآآآه يا عزيزي إنها جميلة ... أتذكر جميلة بائعة الشاي تلك التي بطعم النعناع ... آآآه الطيب سائق الكارو كان يموت في حلاوة عينيها ... هاهاهاهاها أصوات الضحكات مساءاً في دكان الشيشة ... الله الله الله ...
قال مليون دورار قال ... عليك الله يا صاحبي هسع عيون رذاذ بتي والا خرصانة وأسمنتي بلاد يموت فيها الشعور غيظاً ....
لا أريد أن (أحندكك) يا عزيزي ... ولكن ...
الشتا ؟؟؟؟؟؟ قاتل الله الشتاء الذي يجعل زائراً ليلياً يسطو على أشيائي في الحوش بعد أن أنام متدفئاً في الداخل .... هذه مشكلتي مع الشتاء ... أول ما بدا شتانا جاني الزائر ... إحساس الشتا كان زمااااان لحدي ما تقيف في الشميسه تتدفأ ... الله الله كان زمان يا حبيب حليل زمان وأيامو وسنينو ...
والبكاء يا سيدي هو ثمن قليل لهذه الغربة التي تكبدتم مشاقها (معليش يبدو أنني كنت فظاً معك) ... إختبار الذات صعب ...
بيني وبينك أنت قايل نفسك ما قاعد هنا .... أنا حاسي بيك والله ... كأنك جنبي هسه وبناضم فيك بالكلام ده ذااااتو ... سبحان الله ...

مع محبتي ...

Post: #43
Title: Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 12-17-2005, 01:54 AM
Parent: #1

هذا هو المقال الذي كتبناه بعد حجب بوست رواية تيموليلت والرجل الكلوروفيل من قبل الهيئة السودانية للإتصالات ... ورابط المقال بمجلة أوراق جديدة كما بيناه أعلاه هو: http://www.awragjadida.net/view.asp?release=2&action=article&id=43


الوصاية على الكتابة ... صكوك المنع والمنح!!!

عبد الله إبراهيم الطاهر

(الكتاب ماعونٌ للمحو مثلما هو ماعونٌ للكتابة)

(الرواية عندي هي التعاطي مع/ وبـ/ وخَلَل مجمل الوجود)

محسن خالد

إن الوصاية على ما يكتب ترجع أصولها للقرن الرابع عشر أو ما قبله في بعض النظريات... وتأسس الصراع في أصله على أنه لا توجد جهة وصية تمنعني ما أكتب أو تمنعني ما أقرأ... فالأصل في الأشياء الحرية الكاملة ولك كامل القدرة القانونية في أن تدحض الحجة بالحجة من أجل التوازن الحر.
سؤال قديم غير متجدد:
الصراع الذي دار مؤخراً في الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) حول بعض كتابات الأستاذ الروائي السوداني محسن خالد (32) عاماً والموجود في الإمارات العربية المتحدة عبر موقع (سودانيز أون لاين) (Sudanese on line) والذي تم بموجبه حذف عدد من أجزاء من روايات للكاتب من الموقع من قبل الهيئة القومية للإتصالات يعيد تأسيس السؤال القديم وغير المتجدد على مستوى العالم حول الرقابة ومعايير المنع والمنح لصكوك الكتابة من عدمها في بعض الموضوعات المُختلف حولها، وإن كان السؤال الحقيقي والحالي حول هذه السابقة الأولى من نوعها تقريباًً في السودان يتمركز حول الكيفية التي يتم بها تقييم عمل غير مكتمل ومنعه دون دراسة..
النص المعني هو رواية (إحداثيات الإنسان) والتي يقول عنها كاتبها:
تتكون من ثلاثة كتب، أهم كتاب سوداني كُتب حول الفضيلة الفلسفية والأخلاقية، الرجل الكلوروفيل معنون ب: (التداعي الثاني) التداعي الأول هو (الرجل الأميبي)،.. (كمال جعفر) التداعي الثالث هو (الرجل البرمودي)،.. د. (بدوي خليل)،.. والتداعي الـ4 -5 – 6 -7،.. الرجل الكلوروفيل هو أقصر هذي التداعيات، ومنحاه المبتنى الجسدي، هناك المنحى الصوفي يمثله (مكاشفي النوراني)، وهناك منحى المعنى يمثله (بشرى محمود)..
بمعنى أن الرواية لا تقرأ من سطحها، ولا تقرأ على أجزاء منفصلة تقرأ كنص متكامل ومترابط، ويقول عنها في حوار لنا معه لم ينشر:
(إحداثيات الإنسان) كان عملاً يتقصّد الذهنية بأكثر من غيرها، وفي تقديري أنَّه عملٌ يؤسِّس لنوع مهم من الرواية تفتقر إليه الكتابة السودانية، وهي الكتابة المفكّرة، هذه مسألة مهمة لإنتاج آليات إنتاج الأدمغة نفسها.
الحكم على نص غير مكتمل:
لذلك جاء سؤالنا حول الحكم على نص أدبي لم يكتمل اللهم إلا إذا أردت أن تحاكم اللغة، التحرك من منطلق محاكمة استخدام الجنس في الرواية له أوجه، فمثلاً من القراءة الأولى ستعتبر أن قصة (ذهب بني شنقول) الواردة في مجموعة (كلب السجان) تقوم على الجنس ولا غيره ولكن في الحقيقة ينطلق القاص فيها على أسس مختلفة يقول عنها في حوار له مع الشاعر السوري نوري الجراح نشر في صحيفة (البيان الإماراتية):
(ذهب بني شنقول) القصة التي تروي جسد الوطن من خلال جسد امرأة، فالأُسس التي تدفع الانسان للحصول على الذهب واللَّذة واحدة، ما يجعل شكل الأُسس الخارجي مجرد أقنعة لأساس واحد، منذ حملة اسماعيل بن محمد علي باشا على السودان، بهدف الذهب وجسد القيان والعبيد).
رؤيته للكتابة الجديدة:
الروائي محسن خالد يتحرك في كل ذلك من خلال رؤية تنظيرية للكتابة الجديدة للأدب إعتماداً على ما يُطلِق عليه (شكلانية الأسس) ويقول حولها: (لقد قمت باستقراء لكتابتي تحت مسمَّى (شكلانية الأُسس)، وهذه تأملات قمتُ بها ابتداءً من جوهر الكائن كتمثُّلات لأفكار، شكلانية الأسس، كاستقراء مني لصالح الكتابة، فهو الاستتباع الأُسسي وليس الشكلاني للالتفاف حول ملامح الناس، الدواب، شكل الرواية، القصيدة، مقامات الأغنية، أو يمكن تلخيص كل ذلك بـ (السلطة الناجمة عن الفكر)، بحيث يمكننا تقريب هذه المفاهيم بمثال المؤسسات الفكرية كـ (ناسا) و(مير)، أو حتى مجالس الأساتذة في الجامعات (السينيت) فهي أشكال لأُسس غير مرئية هي أفكار ما، اجتماع (السينيت -مجلس الأساتذة) بوسط الجامعة مثلاً لا يشابه اجتماع اتحاد اللواري، التي تكركر بالخارج، أثناء حديث المجتمعين.
ويضيف على ذلك في تفسيره لـ (شكلانية الأسس): (أنّ الاستيعاب الإنساني شكلاني في مظهره وتجلياته، إذ ينبني على الحواس الخمس والتي هي عبارة عن أجهزة تحسس وإدراك واختبار شكلاني بحت، الروائح، الألوان، والملمس، المشهد، الطُّعوم، (الغَواية)، ومن الغَواية هذه تبدأ سلالم جديدة، للنزول بالأشياء نحو الأُسس، نحو جذورها، للرسم، والحكي، والشعر، والنغم،··إلخ، فهي سلالم الأُسس الماسحة للرحم الأوّلي، للفراغ، فالواقع الشكلاني لا بد له من أسس باطنية صادمة وجارحة ينبني عليها، أو ما يمكن تسميته بالمُحَدِّد الإقليدي، نسبة لإقليدس، فبمجرد قولنا إن للمثلث ثلاثة أضلاع، أو مربع، دائرة، مستطيل، وهكذا تسميات··· فقد شرعنا في اغتصاب الفراغ).
تاريخ الرقابة:
حينما حصل الانسان على حق جديد هو حق الإتصال لجأت السلطات الحاكمة والمتحكمة إلى فرض قيد جديد، ذلك إن السلطات الحاكمة إن كانت سياسية أو اقتصادية أو دينية حينما اكتشفت أهمية عنصر الإتصال ودوره في المجتمع بدأت تتحكم فيه وتقبض بكل طاقة على وسائله حتى تتمكن هي من فرض نفوذها وبسط قوانينها وأحكامها، وبالتالي إخضاع مواطنيها.
وقد نشأت الرقابة على المطبوعات حينما أصدر رئيس الأساقفة برتولد فون هنبرغ مرسوماً في سنة 1485م في ميتز بألمانيا، وهو أول من طبّق الرقابة الوقائية أي ممارسة الرقابة على الكتب قبل أن تطبع، وفي عهد البابا الكسندر السادس صدر فرمان في عام 1501م منع طبع الكتب قبل تصديق سلطات الكنيسة، وفي النصف الأول من القرن السادس عشر كانت توجد في الدول الأوروبية قائمة بالكتب الممنوعة، وكان ملك إنجلترا هنري الثامن أول من أصدر قائمة رسمية بالكتب الممنوعة، وقد أحرق هنري العديد من الكتب، وشهد القرن السابع عشر حرق العديد من كتب الليبراليين.
من ذلك نلاحظ أن الرقابة في بدايتها كانت على الكتب بشكلين: الأول قبل الطبع، والثاني: بعد الطبع، ويتم بحرق الكتب أو منع تداولها، والهدف الرئيسي للرقابة هو دائماً حجب المعلومات عن الجماهير وحظر نشر أي نقد للسلطة.
وحينما تأسست الصحافة كإحدى مؤسسات المجتمع المدني والتزمت بمهمة نقل الأخبار والمعلومات والآراء نُظر إليها كوسيلة من وسائل التعبير التي ينبغي مراقبتها وتقييدها وفقاً للقيم والضوابط والتقاليد السائدة في المجتمع.
وتضع الحكومات الكثير من القيود على حرية الصحافة وتبرر ذلك بحجة حماية الأمن والنظام، وفي الأساس هي تسعى إلى تحقيق أهداف سياسية ولكن أخطر أنواع الرقابة تلك التي تنشأ من الصحافيين والكتاب أنفسهم حين يلجؤون إلى (فرض الرقابة الذاتية على ما يكتبونه خوفاً من العقوبات التي تتضمنها القوانين المقيدة التي تحظر نشر الكثير من الموضوعات والمواد الصحافية والادبية.
التطورات التي شهدتها تكنولوجيا الإتصال وطريق المعلومات فائق السرعة عبر تقنيات البث المباشر وشبكات الإنترنت جعلت أمر الرقابة غير ممكن خاصة مع التدفق المعلوماتي الكبير الذي يشهده العالم، وبالرغم من ذلك فإن بعض الدول خاصةً في العالم الثالث لا تزال تمارس الرقابة على الصحف.
سؤال أخير:
هل يجدي حجب مواقع أو صفحات في مواقع من عدم معرفة الناس بالمحجوب؟ خاصةً مع كثير من السبل عبر تقنية الإنترنت التي لا يمكن منع تداول أي نص عبرها، إذا كانت الأجواء مفتوحة والفضاء منفلتاً فما هي الجدوى من كل ذلك؟، لسنا في عصر رئيس الأساقفة برتولد فون هنبرغ، بكامل نظرته المنتمية لأفكاره وعصره، نحن في عصر أسهل شئ فيه الإتصال وأسرع شئ فيه توصيل معلومة والحصول عليها.
وما هي فائدة الوصاية على الكتابة وعمليات المنع والمنح لصكوك الكتابة؟.