مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد

مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد


09-11-2005, 01:17 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1126397872&rn=0


Post: #1
Title: مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد
Author: أبوالزفت
Date: 09-11-2005, 01:17 AM


((مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد))
بقلم محمود دليل

تخرج الملازم ثان محمد طلعت أفندي فريد في الكلية الحربية عام 1938م وكانت تعرف آنذاك بـ [مركز تعليم] وكانت أقدميته أو ترتيبه الثالث على الدفعة.
وكان من أفراد دفعته الآخرين الذين أمسوا في مستقبل أيامهم من نجوم وأعلام الجيش السوداني: اللواء أحمد عبد الوهاب الذي كان أول الدفعة واللواء حسن بشير نصر والأميرألاي أحمد رضا فريد والأميرألاي عمر إبراهيم العوض والأميرألاي عمر محمد إبراهيم والأميرألاي محمد نصر عثمان والأميرألاي أحمد أبو بكر شقيق الشاعر الصاغ محمود أبو بكر صاحب ديوان [أكواب بابل من ألسنة البلابل] وشاعر أغنيات [زاهي في خدره] لأحمد المصطفى و [صه يا كنار] لأسماعيل عبد المعين و [إيه يا مولاي إيه هل من حديث اشتهيه] لخضر بشير.
كان طلعت من الضباط السودانيين الذين قادوا بلتونات وبلوكات قوة دفاع السودان التي قاتلت الطليان في جبهة شرق أفريقيا على محاور كسلا القلابات أغوردات كرن أسمرا تسني خلال الحرب العالمية الثانية تحت إمرة القائد الإنجليزي الميجر –وليم بلات- حيث تميّز أداؤهم التكتيكي على عناصر القوات المشتركة من الفرقة الرابعة هندية والفرقة الخامسة هندية والألاي الرابع من المدفعية الملكية البريطانية أي [الفتحوا كرن باينين] كما غنَّت عائشة الفلاتية، وقد جرح في تلك الحرب جرحاً غائراً خلف أذنه لم تبرح آثاره تلوح هناك لا كباقي الوشم في ظاهر اليد ولكن كالوسام الفاخر.
عندما كان الأميرألاي طلعت فريد يعمل بالفرقة الاستوائية عام 1958م قائداً لحامية توريت وقع انقلاب عبود فأستدعي على عجل للخرطوم حيث اختير عضواً في [المجلس الأعلى للقوات المسلحة] المكون من الفريق إبراهيم عبود رئيساً وعضوية كل من الأميرألايات: أحمد عبد الوهاب وأحمد عبد الله حامد و محمد رضا فريد وحسن بشير نصر وأحمد مجذوب البحاري ومحمد نصر عثمان ومحمد أحمد الخواض ومحمد أحمد التيجاني وعوض عبد الرحمن صغيرون ومحمد أحمد عروة والقائمقام حسين علي كرار وقد توسع المجلس لاحقاً لكي يشمل الأميرألاي محي الدين أحمد عبد الله كوزير للمواصلات والأميرألاي عبد الرحيم محمد خير شنان كوزير للحكومات المحلية بعد الحركة التي قاما بها في مارس 1959م بتحريك قوات القيادة الشرقية والشمالية من القضارف وشندي واحتلال الخرطوم.
من الوزارات التي تقلدها طلعت فريد أو بالأحرى أتته منقادة تجر أذيالها ولم تكن تصلح إلا له ولم يكن يصلح إلا لها وزارات الإعلام والإرشاد القومي والتربية والتعليم، وكانت تلك مواسم غرس وري وإزهار وإثمار حقول الرياضة والفن في السودان. أي ساحات شعبية أي دورات مدرسية أي تلفزيون أي سينما متجولة أي مسرح قومي كان يقدم الروائع من مسرحيات وعروض الفرق القومية والعالمية ومجهمرات الغناء السوداني في ليالٍ حالمات هي دوماً حبلى بكل جديد وبديع مثل اكتشاف الفنان محمد أحمد عوض من بين المتفرجين الذين طلب منهم تقديم بعض الوصلات الغنائية ومثل فكرة مطرب الجماهير الذي يتم اختياره في نفس الأمسية وكيف فاز الفنان سيد خليفة باللقب في تلك الليلة الشهيرة بأغنية [زهرة الليلاك] على الفنان إبراهيم عوض الذي قدم أغنية [عزيز دنياي] من كلمات اللواء عوض أحمد خليفة.
وكيف جاء في تلك الليلة وبدون وعدٍ منتظر الفنان المنسي إبراهيم عبد الجليل وتغنى ثملاً من وراء الكواليس بأغنيته [ينوحن لي حماماتن] ثم يكسرها بـ [الساعة كم كلمني الساعة كم]فاستحق الجائزة وسط صيحات الترحيب والتصفيق الداوي وقد كانت ظاهرة [الكسرات] التي تختتم بها الأغنيات آنذاك هي [عنكوليب] الطرب الذي ينسال رحيقه العذب من بين صلب وترائب ألحانها الحسان فيضاعف من نشوة المستمعين مثل أغنية المرحوم عبد الحميد يوسف [أذكريني يا حمامة] التي كان يكسرها بـ [زرعوك وين شتلوك وين يا عنب] ومثل أغنية [أهواك] لأحمد المصطفى التي كان يكسرها بـ [يا حبيبي وين إنت أدميت قلبي طولت ما اتكلمت ونسيت حبي] .
لقد تميز ذلك الرعيل من الضباط بالضبط والربط والديناميكية والحسم في اتخاذ القرار مثل اللواء حسن بشير الذي كان شعاره [Do It Now] ومثل مصطفى جيش الذي أدار هيئة الموانئ البحرية كما يدير ثكنة أو حامية عسكرية ومثل مدير الأركانحرب المرحوم اللواء إبراهيم أحمد عمر الذي أشرف على إنشاء سلاح البحرية في بورتسودان ومصنع السكر بالجنيد وكأن تحت إمرته قبيل من الجن يعملون له ما يشاء.
ومثل الصاغ التاج حمد [أول الدفعة 6] الذي تقمصته يوماً روح مقاتلي أفراد [برنجي بلك هجانة] بالأبيض الذي التحق به إثر تخرجه في الكلية الحربية عام 1954م فقد قاد في لحظة غضب عصر ذلك اليوم فصيلة من سرية الاستعداد بالقيادة العامة وتوجه إلى بيت ما بالديوم الشرقية وأعاد بالقوة أسرة جندي غائب طويلاً بالجنوب بعد أن طردهم صاحب المنزل بدعوى التمادي في عدم دفع الإيجار وللجنرال طلعت فريد أيضاً مواقف طريفة في اتخاذ مثل هذه القرارات الفورية القوية ومتابعة تنفيذها.
فمثلاً عندما أزمعت حكومة الثورة التوسع في التعليم ولم تكن الفصول كافية لاستيعاب الأعداد الإضافية من الطلاب، أمر طلعت فريد فوراً باعتباره الوزير المسئول ببناء الخيام واستئناف الدراسة لحين تشييد الحجرات وقد كان.
في مباراة الفريق القومي الشهيرة ضد أثيوبيا وإصابة اللاعب المحينة الخطيرة قرر القومسيون الطبي ضرورة علاجه في لندن ولكن هناك مشكلة فهو ليس في [إسكيل جي] ولا يحق له بالتالي التمتع بهذه الخدمة فما كان من اللواء طلعت فريد إلا أن اتصل هاتفياً بمدير مصلحة النقل الميكانيكي حيث يعمل المحينة مجرد عامل بسيط قائلاً له : [الولد ده أدُّوه الإسكيل المطلوب وأعملوا الأوراق والإجراءات خلوه يروح يتعالج ولمّن يرجع شيلوهوا منه] !!!! .
عندما كان الصحفي المخضرم العم محمود أبو العزائم يعمل في وكالة –الأخبار الأفريقية- نشر خبراً رأت فيه الحكومة أنه يستعدي عليها فئة العمال فأعتقل (تعسفياً) وانتظرت الخرطوم متوجسة تترقب ماذا سوف يكون مصيره مع مدير مصلحة العمل الصاغ محمد عبد الرحيم وضابط الشرطة الرهيب أحمد عبد الله أبّارو ووزير الداخلية المرعب اللواء أحمد عبد الوهاب إن هو لم يفصح عن مصدر الخبر، فجازف وإدّعى (كاذباً) بأن مصدر الخبر هو الوزير نفسه أي اللواء طلعت وذلك دون سابق معرفة بينهما، ولكن سعادة اللواء فطن سريعاً أن أبا العزائم إنما يريده قارباً للنجاة فحسب وهو على ساحل الهلاك فلم يخيب ظنه وأطلقوا سراحه وانفتح إذن باب لصداقة أبدية بين الرجلين.
فنان الشرق آدم شاش هو صاحب أغنية [سوِّي الجبنة يا بنية] وأغنية التراث البجاوية الشهيرة [وِي إيلا أوكام] أي –الجمل الأبيض- التي يحاكي لحنها الحنين وإيقاعاتها المدوزنة كيف يتهادى البعير فيما هو يتمشّى أيام وليالي عبر تلك السهول والتلال والكثبان في وحدة الرهبان أو في رفقة القوافل.
في أحد احتفالات 17 نوفمبر سافر وفد فني من بورتسودان للمشاركة في الاحتفالات مع الفرق الإقليمية الأخرى ومعهم آدم شاش، وجاء اللواء طلعت فريد في الصباح الباكر يتفقد الوفد في مكان إقامته بدار المرشدات بأم درمان وسألهم "إن كان كل شيء" على ما يرام؟؟
فهابه الناس أن يكلموه إلا العم شاش الذي تجرأ قائلاً [والله يا جنابك حاجات كتيرة مش تمام]!!! قطب الوزير جبينه دهشة أو استنكاراً واكفهر الجو برهة ونظر مرافقو اللواء شذراً إلى آدم شاش الذي تجاهلهم تماماً بكل دهاء أهله الهدندوة ورباطة جأشهم ومضى موجهاً كلامه لطلعت فريد شخصياً [يا جنابك أنحنا من أمبارح خرمانين جبنة ياخ]! وانفجر اللواء ضاحكاً وتبعته بطانته وزالت الوحشة عن الناس فضحكوا هم أيضاً وكانت صفائح البن المطحون تأتيهم بعد ذلك ومعها توابعها من السكر والزنجبيل والقرفة والحبهان.
وجاء يوماً إلى مكتبه رجلٌ كهلٌ من بعض الأمصار زاعماً بأنه رئيس النادي الرياضي والثقافي في قريته ويطلب صورة كبيرة للرئيس عبود تعلق على الجدار وراديو لسماع البرامج والأخبار فأمر له بما أراد ولكن العجوز المحتال أنتهز فرصة انشغال الوزير ببعض شأنه فخرج خلسة بالراديو [الفليبس] تاركاً الصورة من خلفه ولمحه طلعت فريد في آخر لحظة فتبسم ضاحكاً من فعلته ولم يأمر بملاحقته أو إيقافه وكان ذلك تجاوزاً منه وليس غفلة كما يقول الفيتوري [الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء] .
كان شاباً ظريفاً من أولاد الجريف يهيم حباً بابنة الجيران أو كما يقول "فاروق" فنان بورتسودان:
"جارتنا بت حارتنا"
"كبرت واتملت فتنة"
"يمكن فيها قسمتنا"
وعندما طلبها للزواج ربما لم يرغب أهلها ولذا فقد اشترطوا عليه شروطاً تعجيزية بغية صرفه عنها ومن ذلك أن يكون الحفل بالفنانين أحمد المصطفى وحسن عطية وكانا في أوج مجدهما يومئذٍ بينما الفتى رقيق الحال لا خيل عنده يهديها ولا مال، ليس له إلا ما قاله –إيريك سيجال- على لسان –أوليفر باريت- بطل روايته [قصة حب] :
"إنني أمنحك يدي"
"أمنحك حبي"
"الذي هو"
"أثمن من المال"
"أمنحك نفسي"
"قبل كل إيمان أو قانون"
"فهل تمنحيني نفسك"
"هل تمشين الدرب معي"
"أترانا سنبقى معاً ما حيينا"
"يا حبي الكبير"
"الأول والأخير"
ومرت الأيام ولم يظهر العريس وظن أهلها بأنهم قد أفلحوا وحالوا بينه وبينها ولكنه اهتدى إلى فكرة عجيبة فقد أرسل رسالة رقيقة مؤثرة للواء طلعت فريد يشرح فيها هواه وما فعلت به الأشواق وتعنت "أصهاره" وقِلة حيلته وهوانه على الناس.
حسم اللواء المسألة مع مراقب الإذاعة الصاغ التاج حمد وأطلعا كل الأطراف وفي يوم الزفاف جاء أحمد المصطفى وجاء حسن عطية يرفلان في ألقٍ من الأناقة وحسن الهندام وجاءت فرقة أوركسترا الإذاعة وفريق التصوير من وزارة الإرشاد القومي وعدداً معتبراً من الخراف "المدوعلة" كما يقول إبراهيم دقش وسهرت الجريف مبتهجة مع روائع أحمد المصطفى مثل [أهواك] و [الوسيم] و [غرام قلبين] و [حياتي حياتي أحبك إنت كحبي لذاتي] ومع روائع حسن عطية مثل [خداري] و [يوم سعيد] و [حورية المحراب] و [يا ماري عند الأصيل وحدك بشاطئ النيل صدقني شكلك جميل] .
وفي حياة طلعت فريد مواقف أخرى ليست طريفة بل "نبيلة" فمثلاً كان المجلس الأعلى يامر أحياناً بمصادرة أو إغلاق بعض الصحف وكان طلعت من بينهم يشترط عدم المساس بالعاملين من عمال المطبعة والمخزنجية والصفيفين والبوابين والسعاة وغيرهم.
وأمثلة أخرى نضربها للناس ولا سيما ولاة الأمر الذين –يتطاولون في البنيان- والناس في شكٍ من أمرهم مريب، نعم فبعد موسم الخريف في ذلك العام احتاج بيته لبعض أعمال الصيانة والترميم فلم يجد اللواء الوزير في جيبه أو في "سحارته" ديناراً أو درهماً أو ثمن كيس الأسمنت البالغ سبعة جنيهات !!! فاستدان خمسة جنيهات من صديقه القطب الهلالي الراحل مصطفى كمال راشد (كيشو) وجنيهين من محمود أبو العزائم، وأزعم لو أن زوجه اشتهت يوماً الحلوى لقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها!! .
بُعيد سنوات من ثورة أكتوبر 1964م اكتشف المواطنون بل والمنظرّون من أصحاب شعار [التطهير واجب وطني] بأنهم لم يجدوا ما يحاكموا عليه الفريق إبراهيم عبود ورفاقه، وإما كسدت بضاعة الديمقراطية الثانية أيضاً فقد أخذ من أطاحوا بهم يتباكون عليهم ولكن مضى أولئك الرجال إلى مثواهم الأخير في أوقات متفاوتة وفي صمتٍ يكاد أن يقول [سيذكرني قومي إذا جدّ جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر].

Post: #2
Title: Re: مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد
Author: ALGARADABI
Date: 09-11-2005, 11:53 AM
Parent: #1

UP

Post: #3
Title: Re: مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد
Author: sourketti
Date: 09-11-2005, 07:54 PM
Parent: #1

الأخ أبوالزفت كم يتمنى المرء لو أنه كان من أبناء تلك الفترة ومعاصر لتلك الأجيال ومن هولاء النفر الرائع ...فهم كما أسلفت قدموا الكثير فى نكران ذات وتفان وإخلاص وبقيت سيرتهم العطره تحكى عن أروع الحكايات وأعظمها فى عزة وكبرياء أسلافهم وكما ذكرت وكما يقول أكابرنا وحبوباتنا كتيرها رايح وقليله رايح ويقول سيدنا عمر بن الخطاب أنه (يخشى لو عثرت بقلة بالشام لسأله الله لما لم يفسح لها الطريق )ومن الأشياء التى لا أنساها قط أن مدير عام غرفة عمليات التموين فى وزارة التجارة فى عهد نميرى القريب فى أوآخر السبعينات كان لا يملك ما يُعمر به ماكنة سيارته وهو المسئول عن كل المواد التموينيه وحركتها فى خارج وداخل القطر وكان وزير تلك الوزارة فى نفس الوقت هو اللواء مبارك عثمان رحمه ....
وأنه لم يتفرغ لنفسه ويجد ما يأويه وأسرته من مسكن متواضع إلا بعد أن تمت إحالته للمعاش ...
رحم الله من مات منهم وأطال فى عمر من بقى وهدى من ضل وبغى وغفر لمن شاء إنه نعم المولى ونعم الغفور

Post: #7
Title: Re: مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد
Author: على محمد على بشير
Date: 09-26-2005, 00:49 AM
Parent: #3

Quote: رحم الله من مات منهم وأطال فى عمر من بقى وهدى من ضل وبغى وغفر لمن شاء إنه نعم المولى ونعم الغفور


آميييييييين

Post: #4
Title: Re: مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد
Author: أبوالزفت
Date: 09-13-2005, 05:41 AM
Parent: #1

ALGARADABI

يا سيدى مشكور على رفع هذا المقال

واتمنى ان يستفيد الجميع من ابداعات

الاخ محمود دليل

Post: #5
Title: Re: مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد
Author: أبوالزفت
Date: 09-14-2005, 03:00 AM
Parent: #1


Post: #6
Title: Re: مواقف طريفة في حياة اللواء طلعت فريد
Author: أبوالزفت
Date: 09-25-2005, 11:50 PM
Parent: #1