لماذا رحلت الآن يا قرنق ?

لماذا رحلت الآن يا قرنق ?


08-01-2005, 06:09 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=74&msg=1191995642&rn=0


Post: #1
Title: لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
Author: altahir_2
Date: 08-01-2005, 06:09 AM

لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
برحيله دخلت البلاد فى أعقد أزماتها
تهدم البناء الذى ارسى اساسه
وفتحت الشهية على اوسعها لمن صام مجبرا فى الفترة السابقة
بفضل النضال العظيم الذى قاده من اجل الوحدة والحرية والعدالة
أن تفقد الساحة السودانية اهم وابرز لاعبيها فى هذا الوقت لايسمى سوي كارثة
بكل المقاييس كارثة لعدة اسباب
1 اننا فقدنا القائد الوحدوى الواعى لمشروعه.وسط كثير من الظلامات التآريخية والفكريةوالعنصرية الناشبة بين جزء من الشماليين وكثير من الجنوبيين .
2 لم نفقد الفكر الوحدوى والرجل الوحدوى فقط بل فقدنا ضمانة الوحدة نفسهاالتى كان يمثلها القائد جون قرنق .

Post: #2
Title: Re: لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
Author: altahir_2
Date: 08-01-2005, 06:23 AM
Parent: #1

3 من خلال تأريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان لم يبرز شخص يوازى كارزمية بديلة لقرنق او حتى قريبة منه . وهذايفتح الباب واسعا نحو مجاهل المستقبل .
4 لقد تمتع قرنق بعلاقات واسعة جدا فى العمق الافريقى مع قادة زاملهم وكان قريبا منهم وكذلك أسس لنفسه وجود فىالعمق العربي بنفس المستوى والدليل على ذلك علاقته بالقاهرة وطرابلس . فمن هو البديل القادر على ان يكون فى مستوى جون قرنق .

Post: #3
Title: Re: لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
Author: altahir_2
Date: 08-01-2005, 06:35 AM
Parent: #1

5 لقد راهن الجميع على قرنق معارضوه ومساندوه ولذلك ان نفتقد رجلا حقق كل هذا القدر من الاجماع حوله فى هذا الوقت هو ما نسميه (الكارثة) او (الوقت
الخطأ لموته)
6 إن الحفاظ على ماتركه قرنق اصبح فى حد ذاته مشروع ضخم فى ظل هذا الواقع فى حين كنا نعتقد اننا مع قرنق سوف نحيل السودان لحلم اخضر كنا نرجوه ولم يكن بعيدا ان نناله لو لا هذا الموت.المفاجئ فى الزمن الخطأ.
فلماذا رحلت يا قرنق?

Post: #4
Title: Re: لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
Author: altahir_2
Date: 08-08-2005, 08:11 AM
Parent: #1

up

Post: #5
Title: انصاف جون قرنق: الضرورة والامكانية
Author: altahir_2
Date: 08-09-2005, 04:00 AM
Parent: #1

مكتب الاعلام الخارجي

حزب البعث السوداني




انصاف جون قرنق: الضرورة والامكانية

2005/08/05



عبد العزيز حسين الصاوي
الاهتمام العربي الاستثنائي باحوال الوحدة الوطنية السودانية امر مفهوم ومطلوب كما انه ايجابي في حصيلته النهائية. فأذا استبعدنا اصحاب الاجندة الايديولوجية والمصلحية الخفية الموضوعة فوق المصلحة القومية العربية عموما والوطنية السودانية خصوصا، وهم اقلية ضئيلة، لايمكن للمرء الا ان يرحب بكافة وجهات النظر والتصورات، بما فيها تلك التي يعتبرها غير سليمة، لانها تساهم في ابقاء الموضوع حيا بابقائه خلافيا.. واستمرار المناقشة والاخذ والرد هو اضمن السبل للوصول الي الحقيقة.
ابرز نماذج وجهات النظر المعنية هو الادراك السائد عربيا بتأثير عاطفة التآخي القومي العربي والديني الاسلامي ومدخلات عدد كبير من الكتابات العربية، حول خطر جنوبي سوداني وتوابعه الامريكية ـ الاسرائيلية علي عروبة السودان واسلامه. واوضح مظاهر ذلك هي الهواجس التي يثيرها مجرد ذكر اسم زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق حتي لدي المثقفين.
لقد ادلي السيد قرنق اكثر من مرة بأحاديث لوسائل اعلام عربية تعرض فيها لمسألة هوية السودان القومية من خلال فكرتين هما: ان الشماليين عرب تأفرقوا وان الجنوبيين افارقة تعربوا او ان الطرفين خليط من العروبة والافريقية. والثانية هي ان الثقافة العربية احد مكونات الشخصية السودانية.
نحن هنا لسنا بالتأكيد امام عقلية تضمر شرا للعرب والعروبة حتي لو اختلفنا معها في تصوراتها حول تعريف الهوية القومية عموما والعربية بوجه خاص. ولكن البعض يمكن ان يعترض علي ذلك بأن الرجل يتستر علي نواياه، خاصة وان تصريحاته هذه صادرة وهو تحت الاضواء العربية الاتهامية المسلطة عليه وفي سياق اسئلة تشكيكية من صحافيين عرب. هذا اعتراض وجيه وله مبرراته الاخري في تشابكات جنوبية معروفة مع المخططات الاسرائيلية والغربية في افريقيا، ولكن يجدر بنا تأمل اعتبارات وحقائق اخري.
اولا: ان هذه التشابكات سابقة لعهد جون قرنق والحركة الشعبية الذي بدأ عام 1983 بكثير. فمن المفارقات الصاعقة في تاريخ المعضلة السودانية الجنوبية ان اتفاقية اديس ابابا التي اوقفت الحرب الاهلية مؤقتا بين اعوام 1972 ـ 1983 كانت مستحيلة لولا انعقاد قيادة الحركة الجنوبية المسلحة وقتها لجوزيف لاقو، وان هذا كان مستحيلا بدوره لولا دعم اسرائيلي موثق ومعترف به رجح كفته ضد القيادات الاخري.. ولم يمنع هذا تسنم لاقو لمواقع قيادية مركزية واقليمية عسكرية ومدنية وبقاءه علي علاقة وثيقة بكافة الحكومات السودانية منذ ذلك الحين وحتي الان. التداخل الصهيوني والغربي في العمل السياسي والعسكري الجنوبي موروث منذ العهد البريطاني وسيستمر ويتعمق اذا لم تتجه ازمة التعايش العربي ـ غير العربي في السودان نحو الحل السريع علما بأن الانفصال العنيف سيوجد دولة متحالفة علنا مع اسرائيل بسبب حاجتها للدعم وغياب الكابح الشمالي.
ثانيا: ان مايمكن رؤيته بوضوح حينا واستنتاجه من بين السطور حينا اخر في مقولات جون قرنق من تقليل للوزن العربي في الشخصية السودانية لايبطن وراءه شيئا لانها ببساطة مقولات منتشرة عند الاغلبية الساحقة من النخبة الشمالية نفسها منذ مدة، اي فيما عدا المنتمين الي التيار القومي فكريا او / و تنظيميا. حتي النخبة الاسلامية السودانية الحاكمة وغير الحاكمه لاتخرج من نطاق هذا التعميم لان طرحها التعريبي الراهن لا أثر له في تكوينها الايديولوجي او تاريخها الفعلي فهو ضرورة اقتضاها استدرار الدعم العربي، تشتد كلما احتدت مشاكل ادارة سلطة انقلابية المنشأ. فالاسلام يحل عندها محل الهوية القومية.
ان هناك مجموعة من الظروف التاريخية، اهمها حساسيات علاقة الاخ الاكبر والاخ الاصغر بين مصر والسودان وتقاسم التيارين الماركسي ثم الاسلامي السيطرة الفكرية منذ الاستقلال، ادت الي توليد تصور ذاتي لاعروبي لهوية الشمال لدي القطاع الاكبر من النخبة الفكرية والسياسية والاكاديمية السودانية الشمالية..
اما الجنوبيون فلديهم اسبابهم الخاصة المتعلقة بخصوصية تكوينهم التعليمي في ظل الادارة الاستعمارية والتاريخ الشقي والمعذب للعلاقة بين الشمال والجنوب، التي تجعل مجرد حديثهم عن العروبة في سياق ايجابي كما يفعل قرنق تقدما لايستهان به، مهما كان مشوها ومحدودا، فالموقف الجنوبي الكلاسيكي ظل معاديا للعروبة والاسلام علي الدوام بينما يمكن ان يستشف من مقولات قرنق ان هناك الان تطورا يتعدي الاستعداد للتخلي عن هذا الموقف الي تأسيسه فكريا بتبني الاطروحات السائدة وسط النخبة الشمالية.
ليس مهما الان ان اطروحات عروبة الشماليين الجزئية هذه متناقضة مع المعطيات الموضوعية والواقع التاريخي والافق المستقبلي التي تضع اغلبية الشماليين الساحقة بثبات في دائرة الحضارة العربية ببعدها الاسلامي الثقافي وليس الايديولوجي.. الاولوية الان هي لايقاف نزيف دم البشر السودانيين بصرف النظر عن حقيقة هويتهم القومية. وبقدر ماتتعافي الوحدة الوطنية بقدر مايستيقظ فعل العقلانية والحوار الهادئ حيث تثبت الحقيقة العربية ثقل وجودها السوداني بالقبول الطوعي الحر من قبل الحقيقة غير العربية.
ثالثا: احوال السودان السياسية الراهنة التي تتعادل فيها قوة الحزب الحاكم التسلطية مع قوة الاحزاب المعارضة في معركة تدميرية المال للكيان السوداني بمجمله، تؤهله كمرشح اول لاختبار مدي صحة مقولة الديمقراطية اولا .
هذه المقولة تبرز جانب الوسيلة في الديمقراطية علي حساب جانب الهدف فيها بدلا من التركيز المقلوب الذي سمح عربيا من قبل بتأجيل الديمقراطية انصياعا للاهمية، المصيرية فعلا، للصراع مع اسرائيل وللتنمية.. والذي يسمح الان سودانيا بتسريب حجة الوحدة الوطنية اولا بدلا من البحث عن صيغة لتواكبها مع التأسيس الديمقراطي. واذا قبلنا صحة هذا التصور الممكن والانقاذي حقا لاسيما وان المعارضة قابلة لفكرة الحل التفاوضي مع نظام الانقلاب فأن تعامل الشماليين ـ وامتدادهم القومي والديني خارج السودان ـ مع جون قرنق يصبح امرا لاخيار لهم فيه بصرف النظر عن مدي صدقيته تجاه العروبة والاسلام، بالنظر لوزن حركته الحاسم في الجنوب. والمصالحات الحكومية مع ست حركات جنوبية اخري بينما تتصاعد الهجمات العسكرية في الجنوب الي ذروة لم تصلها من قبل تثبت ان تجاوز الحركة الشعبية لتحرير السودان وزعيمها قرنق غير وارد.. علي ان هناك اسبابا ايجابية ايضا لقبول هذا الخيار وهي ان الانفتاح الديمقراطي هو المجال الوحيد لاختبار مدي جدية تصريحات جون قرنق ونواياه. كذلك فأن ميزة الفشل الديمقراطي انه لايكون مطلقا، بعكس الفشل الدكتاتوري. فأذا انتهت تجربة المواكبة الديمقراطية لعملية اعادة بناء الوحدة الوطنية بالانفصال كان هذا افضل من وحدة مفروضة قسرا لانه يترك مساحة لامكانية نشوء دولة صديقة للعرب والمسلمين بل واستعادة الوحدة مستقبلا، بينما القوه ستحافظ علي دولة سودانية موحدة دستوريا وشكليا ولكن في حرب ازلية فعلية مع نفسها الجنوبية جاذبة بذلك مهددات الامن القومي العربي بكافة انواعها ومصادرها.
كاتب من السودان

المقال جزء من كتاب صدر عام 1999 بعنوان مراجعات نقدية للحركة القومية دار الطليعه

Post: #6
Title: Re: لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
Author: رشيق اباظة
Date: 08-10-2005, 04:38 AM
Parent: #1

انه الاقدار، اراد الله ان يختبر هذا الشعب
في تماسكه
في تسامحه
في تعايشه السلمي...
في وجهة نظري، قرنق هو القيادي الجنوبي الوحدوي الوحيد،القادر على تحقيق الوحدة.
وحدوي أكثر من القيادات الشمالية حتى!
قرنق كان فرس رهان الوحدة، واتمني ان الغد يثبت العكس.
رحل، وقد احتجناه لقليل من الاشهر!
رحل، ليعود البعض للعب من جديد!
أخي الطاهر
لك مودتي

Post: #7
Title: Re: لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
Author: altahir_2
Date: 08-10-2005, 04:49 AM
Parent: #1

Quote: انه الاقدار، اراد الله ان يختبر هذا الشعب
في تماسكه
في تسامحه
في تعايشه السلمي...
في وجهة نظري، قرنق هو القيادي الجنوبي الوحدوي الوحيد،القادر على تحقيق الوحدة.
وحدوي أكثر من القيادات الشمالية حتى!
قرنق كان فرس رهان الوحدة، واتمني ان الغد يثبت العكس.
رحل، وقد احتجناه لقليل من الاشهر!
رحل، ليعود البعض للعب من جديد!
أخي الطاهر
لك مودتي



ولك مودتى ايضا يا رشيق وربنا يكذب الشينة

Post: #8
Title: Re: لماذا رحلت الآن يا قرنق ?
Author: altahir_2
Date: 10-30-2005, 04:34 PM
Parent: #7

بمناسبة اربعينيته
قرنق : انه فقيد العروبة السودانية ايضا

عبد العزيز حسين الصاوي

غياب جون قرنق متعدد المعاني .. فالرجل كان جوهرة ثمينه تشع في اكثر من اتجاه وزاويه حتي تعذر علي المرء عند وقوع الحدث- الصاعقه ان يمنع نفسه من التساؤل عما اذا كانت لعنة ما قد حلت ببلادنا العذبة المعذبة هذه. ماستحاول هذه المجموعة من الملاحظات استقصاءه وطرحه في فضاء التداول الحواري بين المثقفين السودانيين الجنوبيين والشماليين هو الغائب الاكبر عن كل ماكتب حتي الان حول معاني غياب جون قرنق ببساطه لان قسما هاما من هؤلاء المثقفين لايعتبره كذلك : دور قيادة جون قرنق في محاولة انقاذ العروبة السودانية.
هذه الوشيجة الثقافية بعمادها اللغوي التي نسجت وتنسج لحمة ترابط موضوعي بين اغلبية السودانين الشمالين وتشكل وسيلة للتواصل مع السودانيين الجنوبيين وجدت نفسها تغوص في اوحال مأزق متعدد الطبقات والاسباب بعد فترة وجيزة من ظهورها الايجابي المردود في الحياة العامه للبلاد مع ولادة المعادل السوداني لعصر التنوير الاوروبي والعربي. والمقصود هنا ماسمحت به ظروف التخلف السوداني التاريخي من ارهاصات استناره في العلوم والفنون والاداب واسلوب الحياة الشخصيه الفردية والجماعيه افترعتها مجموعات نخب مفتتح القرن الماضي متفاعلة مع حقبة مابعد الحرب العالمية الاولي. من هذه الارهاصات استقي الفكر السياسي مضامينه الحديثة التحديثيه المتنوعة ومن بينها افضل الصياغات الممكنة بمقاييس ذلك الزمان للتلازم بين اكتشاف الذات العربيه الحضارية في السودان بتجريدها من الصياغات الفكرية السلالية- العرقيه، وتحرير الوطن والمجتمع .. وهو مايمكن تسميته بالعروبة السياسيه : احد تيارات الفكر والعمل السياسي التي تمخضت عنها يقظة العالم الثالث علي حقوقه ودوره الانساني وتطورت منذ اواسط القرن الماضي في اتجاه تبني قضايا الطبقات الشعبيه بأهم تجلياتها في المنطقة العربيه عبر الصيغتين الناصرية والبعثيه.
في السودان حققت هاتان الصيغتان حضورا متفاوتا في محدوديته من صيغة لاخري ومن مرحلة زمنية لاخري ضمن حركة التقدم السوداني العامه وبقيتا بذلك الامكانية الوحيدة للحفاظ علي الدور البناء وطنيا للعروبة السودانيه. فحركة الاستقلال الوطني ( الاتحادية مع مصر في مرحلتها الاولي ) التي نشأ تيار تيار العروبة السياسية البناء سودانيا في رحمها ممثلا في جمعية القراءة ( ابو روف) اكثر من غيرها، فقدت ديناميكيتها التطورية بالتدريج تحت ضغط عوامل موضوعية وذاتيه بينما تعذر قيام الحركة الشيوعية بدور الحاضنة البديله. الحزب الشيوعي السوداني استلم تدريجيا زمام قيادة النخبة السودانيه من حركة الاستقلال الوطني وبلغ بها ارقي مستوي ممكن من الفعالية الفكرية والسياسية خلال الستينيات ثم السبعينيات الاولي بيد ان الخصومة الفلسفية بين الماركسيه والمسألة القوميه والخصومة السياسية بين التيارين الشيوعي والقومي العربي في مصر والمشرق العربي حرمت الثقافة العربية السودانية من فرصة تطوير مساهمتها التاريخية في ميلاد الكيان الوطني السوداني بالمكتسبات المعرفية للعصر الحديث الي مساهمة بنفس المستوي في اعادة تأسيس الوحدة الوطنية لاسيما بين الشمال والجنوب.
هذه الوحدة، علي بساطة تصوراتها لدي الاجيال السابقه التي تمثلت في احادية مفهوم هوية السودان القومية الثقافيه، ورثها الوعي السوداني عن الحركة الوطنية نابضة بالحياه من دفق الامال العريضة التي ايقظها الجهد العظيم لاباء الاستقلال من السياسيين والادباء ورجال التعليم والالاف المؤلفة من المناضلين شماليين وجنوبيين. ومثل غيرها من الامال تعرضت الوحدة الوطنية بعد ذلك لامتحان الترجمة الي انجازات ملموسة بما يفسح مكانا ظاهرا للحقوق الثقافية والتنموية للمجموعات السكانية السودانية غير العربيه، علي يد قيادات مابعد الاستقلال في ظروف موضوعية غير مواتية. بنظرة بعدية نري نحن الان ان فشل هذه القيادات في تطوير التجربة الديموقراطيه، القاعدة الرئيسية للعمران المادي والمعنوي بما في ذلك تعميق مفهوم الوحدة الوطنية وتوسيعه، كان تعبيرا عن ضعف الرصيد النهضوي الاستناري في البيئة السوداانيه تاريخيا حتي بالمقارنة لدول عالمثالثية اخري مثل مصر والشام، اكثر من كونه تعبيرا عن ضعف ذاتي لدي هذه القيادات. وايا كان السبب فأن اثار التفاعل بين انهيارات الديموقراطية المتتابعة والمتطاولة عمرا وتخريبا الناجم اساسا عن ضعف الوعي الديموقراطي لدي النخب المدينية الاجتماعية- السياسيه، والتلاشي المتسارع للرصيد الاستناري كما تجلي في تنامي نفوذ الاسلام التقليدي وسط هذه النخب القيادية نفسها صاحبه بالضرورة ضمور في مفهوم الوحدة الوطنيه. واتخذ هذا الضمور شكل التراجع المضطرد نحو مفهوم احادي الجانب منغلق للثقافة والشخصية العربية السودانية انحدر مع استلام الاسلاميين للسلطه الي مستوي تحويلها اداة اقصائية مكشوفة للثقافات الجنوبية وحتي الشمالية غير العربيه. وكرد فعل لذلك تنامي الشعور المعادي للثقافة والقومية العربية السودانيه في المناطق المعنيه واصبح من المعتاد لدي نخب هذه المناطق تكرار مقولات مؤداها تحميل الهوية القومية العربيه لاركان السلطة المركزيه المسئولية عن المظالم المادية والمعنويه وليس مجموعات الطغم العسكرية- المدنيه التي هيمنت علي هذه السلطه معظم الحقبة الاستقلاليه سادة الطريق امام امام تطور الحياة الحزبية الديموقراطية. وهي رؤية واضحة الخلل من بين استطراداتها الفكرية ضالة وزن الهوية القومية الثقافية العربيه النوعي والعددي سودانيا وطبيعتها التخريبية بالنسبة للوحدة الوطنيه وكذلك التفسير المغلوط لازمة الحكم في السودان تحت اصطلاحي التهميش والمركز والاطراف ينتفي فيه جوهرها المتمثل في تدهور الوعي الديموقراطي لدي النخب المدينية القيادية للمجتمع مؤديا لتوالي الانقلابات العسكرية، مما ينتهي عمليا ونظريا الي تحميل العروبة السودانية هذه المسئولية ايضا. واذا لاحظنا ان هذه الافكار اجتذبت مجاميع متزايدة من نخب المناطق المسلمة العربية وغير العربيه اتضحت الابعاد الكبيرة والمعقدة للمأزق الذي وجدت فيه العروبة السودانية نفسها.. مأزق صنعه اهلها تقليديين كانوا ام حديثين بقدر ماصنعته ردود فعل غير عقلانيه من النخبة الجنوبية لها اسبابها المقبولة وغير المقبوله... وهنا تجلت قيادية جون قرنق وايجابياتها تجاه هذه القضيه.
ان من المسلم به ان مايطلق عليه تيار القومية الجنوبيه الذي ينتمي اليه ثقل كبير من الانتلجنسيا اكاديميين ومثقفين وناشطين تتراوح مواقفهم بين الميل للانفصال والعمل الجدي له، يستند الي ذلك النوع من التصورات المختله في نفس الوقت الذي يشكل فيه العمود الفقري ل "الحركة الشعبيه لتحرير السودان ". علي ذلك فأن مجرد اقدام قيادة قرنق علي ربط مصير الحركة بمصير المعارضة الشماليه الي حد او اخر بأنضمامه الي التجمع الوطني الديموقراطي عام 1995 كان اشارة مبكرة الي تصور لجذور ازمة تهميش الجنوب يختلف عن المفاهيم الرائجة لدي حلقات اساسية في قاعدته داخل الحركه. وهي اشارة لاتنم عنها حقيقية وحدوية الحركة منذ بداية نشوئها عام 1983 لان ذلك كان افصاحا عن توجهاتها الاشتراكية الماركسية وقتها لايحمل اي مغزي مختلف عن ذلك الذي ينطوي عليه تيار القوميين الجنوبيين فيما يتعلق بطبيعة الهوية العربية السودانيه... تتالت بعد ذلك المواقف العملية والمفاهيم الفكرية المؤسسة لها مؤكدة، في وقت واحد، مدي تجذر هذه القناعات لديه وقدرته علي التأثير في الحركه حيث بقي زعيمها بغير منازع حتي وفاته. فالمتابع لتصريحات جون قرنق خلال سنوات عديده لاتفوته ملاحظة حرصه علي التعبير عن تقديره للثقافة العربيه ومكانتها حتي اصبحت لازمة متكررة في احاديثه. وبلغت جدية سعيه لتجسير الفجوة مع الاوساط الشماليه التخاطب مع الشرائح الشعبية بأقامة علاقات مع قيادات الطرق الصوفيه والفرق الرياضيه.. في الوقت نفسه عمل جون قرنق بدأب علي التواصل مع الرأي العام العربي خارج السودان : المحاضرات مع النخب المثقفه ( مركزالاهرام للدراسات الاستراتيجيه ) .. اللقاءات الصحفية والتلفزيونيه ( قناة الجزيزه الفضائيه ) مع الجمهور العام .. وعلاقات تجاوزت العشرة اعوام عمرا مع القيادات الرسمية المصرية والليبيه واخري مع الامارات العربية المتحده والجزائر ثم مع الجامعة العربيه التي اقترح ايجاد تمثيل جنوبي فيها. وترافق ذلك مع مفاهيم معينه تشكل الجذور القوية لهذه التصرفات العمليه. علي سبيل المثال في خطابه بلمتقي كوكا دام عام 1986 قال قرنق : " نحن نتاج لتطور تاريخي واللغة العربيه، مع ضعف المامي بها، وحرصي علي اجادتها سريعا، لابد ان تكون هي اللغة الرسميه للسودان الجديد. نحن صريحون واضحون في كل شئ. لايمكن القول ان اللغة العربيه هي لغة العرب وحدهم ( يقصد عرب السودان : د.منصور خالد) وانما هي لغة السودان كله. فالانجليزية هي لغة الامريكان ولكن القطر الذي يسكنونه هو امريكا وليس انجلترا. والاسبانية لغة الارجنتين وبوليفيا وكوبا وكل هذه البلاد معروفة وليست هي اسبانيا..نحن جادون فيما نريد ولانحس بمراراة فيما نقول. نحن جادون في خلق سودان جديد، يخلق حضارة جديده تضيف الي العرب والي الافارقه والي حضارة الانسان، فالحضارة ليست ملكا لاحد لان الحضارات جميعها وليدة تلاقح ".
حتي فكرة وحدة وادي النيل التي شكلت المحور الرئيسي لحركة الاستقلال الوطني ويمكن بأستشفاف مفاهيمها التكوينيه اعتبارها صيغة تبسيطية من صيغ التطلع السوداني الي التواصل مع المحيط العربي وكانت مصدر خلاف بين الشماليين انفسهم، يجد جون قرنق كيفية لاستيعابها مع بعض التحوير عندما يقول : " نقبل انفسنا كسودانيين بدون تمييز وبغض النظر عن العرق او الدين .. بعد ذلك يمكن ان نطمح الي وحدة ارحب، مجتمع اوسع، اي وحدة مع مصر علي سبيل المثال تشمل فيما بعد كل وادي النيل " ويضيف " ان وحدة السودان شمالا وجنوبا مع مصر هي مجرد مقدمة للتلاحم بين شعب مصر وكل شعوب وادي النيل حتي نخلق سوقا كبيرة اذ يشكل سكان مصر اضافة الي باقي سكان حوض النيل حوالي 250 مليونن نسمه ما يجعلها سوقا كبيرة " .
من ناحية اخري سنجد في كتاب د منصور خالد الذي تأتي منه هذه المقتطفات ( جنوب السودان في المخيلة العربيه ) وكتابه الاخر ( اهوال الحرب وطموحات السلام ) تحليلا يؤشر الابعاد الايجابية لتاريخ الثقافة العربية في السودان ( صفحة 668 و672 : اهوال الحرب ) لايختلف كثيرا عن الافكار التي يتبناها هذا المقال, ولعله ليس من باب الجموح في الخيال الافتراض بأنه تحليل لايفترق كثيرا ايضا عما كان يدور في عقلية جون قرنق بحكم علاقة التشارك الفكري والسياسي الوثيقة بين الرجلين. وبينما يتعرض تحليل منصور خالد ايضا للعوامل الشمالية في خلفية سلبية نظرة الجنوبيين للعروبة السودانيه فأنه ينوه ببعض التطورات التي يراها ايجابية في هذا الصدد مشيرا ( صفحة 706 ) الي مادة في صحيفة البيان الاماراتيه تكشف " عن حوار صحي في حزب البعث السوداني حول ازالة التمييز المصطنع بين القومية والوطنيه والزعم بأن قضية الديموقراطية يمكن ان تؤجل الي حين تحرير فلسطين وحول منهج الاستيلاء علي السلطة بالقوه. "
هذا الحوار الذي كان جزء من صراع بعثي تشققي شهدته مثله كافة الحركات السياسية الشماليه يعتبر في احد وجوهه صراعا بين تيارات التجديد الديموقراطي والثقل التقليدي فيها يملك فيه الاخير ميزة استثنائيه اكتسبها خلال العقدين الاخيرين بصورة خاصه. بسبب اضمحلال الطبقة الوسطي والتضخم الكمي للمنظومة التعليميه مع التدهور المريع في نوعية التعليم والهجرة الريفية الكثيفة الي المدن ( انظر دراسة الاستاذ محمد علي جادين بعنوان " نحو اعادة نظر في استراتيجية المعارضه " صحيفة الايام مايو 2005) تبخر او كاد الرصيد الاستناري النهضوي السوداني الذي كان قد بلغ قمته خلال السبعينات الاولي متصاعدا منذ العشرينات، مما يكشف عن بعد اخر لنوعية العقبات التي جابهها تمسك جون قرنق بالتعامل الايجابي مع العروبة السودانيه. تبخر الرصيد كان معناه حدوث ضعف خطير في مرتكزات المعارضة التجمعية وغير التجمعيه بالنظر للعلاقة العضوية بينه وبين الثقافة والسلوكيات الديموقراطية في الاوساط النخبوية والشعبيه وهذا مايفسر حالة الجذر السياسي التي تعانيها المعارضة منذ فتره طويله مقابل احتفاظ الاسلام السياسي بقوته بحيث اضطرت الحركة الشعبية للتعاطي معها كشريك رئيسي في تنفيذ اتفاقية السلام. من هنا ظلت الرياح تهب قوية في اشرعة العروبة والاسلام التقليديين منذ فترة طويله الي درجة بزوغ تيار انفصالي شمالي بينما عجزت الحركة الديموقراطية الحزبية وغير الحزبيه عن اداء دورها في التفاعل التعزيزي لتوجهات قيادة قرنق الايجابيه وفي الوقت نفسه تعميقها في فكره فبقي تحت سطح الاشياء السودانية مشهد غريب يخوض فيه زعيم غير عربي وغير مسلم مايشبه معركة الدفاع عن العروبة السودانيه في غياب اهلها. لقد ارسل الراحل الكبير اكثر من مره اشارة كوديه في هذا الصدد بقوله تكرارا انه لايمكنه خوض معركة الشريعه نيابة عن المسلمين... اشارة اوضح بعض كبار قيادات الحركة من الشماليين معناها بكونه عجز المعارضة الشماليه.
احزاب الاتحادي الديموقراطي والشيوعي والامه وكافة الاحزاب الاصغر الملتفة حولهم تقريبا لم تدرك حتي الان سر ضعفها سادرة في الحديث عن اوزان تاريخيه رغم مظاهره التي تفقأ العين من نوع هيمنة السلفية علي العقل الطلابي الجامعي.. علي هذا الاساس لايتوقع المرء ان تتمكن المعارضة من اهتبال الفرصة - الصدفه التي اتاحها لها التشكيل الوزاري الجديد بأيكال امر الوزارتين المختصتين مباشرة بأعادة تكوين العقل الطلابي اليها، لوضع اسس معالجة هذه المعضلة الخطيره. والمعني بذلك وزارة التعليم العالي التي تسلمتها الحركة الشعبيه ووزارة التربية والتعليم المعروضة علي التجمع الوطني الديموقراطي. عند كتابة هذه المقاله لازال الاخير مترددا في القبول بما يؤكد صحة الفكرة الواردة في مطلع هذه الفقره علما بأن الشاب النابه علاء ابو مدين ممثل حزب البعث في اجتماعات القاهره، فضلا عن الاستاذ محمد عتيق ممثل الحزب في هيئة قيادة التجمع، طرح الرؤيه العامة وراءها اكثر من مره. الاسلام الحاكم، بدعم شرس من الاسلام غير الحاكم قد يصل حدود التحريك الغوغائي للشارع ( دفاعا عن حياض الاسلام والشريعة المهددة بجيوش الشرك العلماني )، لن يقبل المس بمناهج التعليم ولكن تحالفا بين كافة قوي المعارضه بتفاهم وثيق مع الحركة الشعبيه واستثمار ذكي لثقل اصدقاء الايقاد سيعطي النتائج المطلوبه. المحاولة واجبه ان لم يكن لاي سبب فعلي الاقل وفاء لروح رجل عظيم ساهمنا بمعني المعاني في قتل بعض احلامه وتطلعاته قبل موته الجسدي.