وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم بقلم د.أمل الكردفاني

وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم بقلم د.أمل الكردفاني


12-04-2018, 03:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1543933388&rn=0


Post: #1
Title: وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-04-2018, 03:23 PM

02:23 PM December, 04 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





نزلت من سيارتها الفارهة وتوقفت أمام الفرن ، كان الرجال يقفون صفا طويلا ، والخبز قليل فوقفت في صف الخبز ، البائع كان يبيع لاربعة رجال وامرأة لأن صف النسوة خال والقلة من النساء يشترين كميات مهولة من الخبز. أخذت السيدة الاسلاموية تشتم البائع شتائم شديدة. والبائع شاب اسمر نحيل الجسد هادئ الطباع ، ناولها كيس الخبز فخطفته بعنف وهي لا زالت تشتمه وهو لا يبالي... ثم ركبت سيارتها الاستثمارية الضخمة وأدارت محركاتها بعنف فأثارت غبارا كثيفا ملأ الجو وخنق الصفوف.
كانت صورة البشير وعلم السودان ملصوقتان على الزجاج الخلفي...
الرجال كانوا يهيجون كلما جاءت امرأة واشترت خبزا يكفي سكان حي بأكمله ، وفي نكتة اعتقد أنها حدثت بالفعل وفي صف البنزين جاءت سيدة بسيارتها ووقفت متجاوزة صفوف السيارات وصاحت:
- اين صف النساء؟
فقال لها الرجال:
- لا يوجد سوى نساء فقفي في آخره.
أحد الضباط اراد ان يملأ خزان سيارته دون الالتزام بالطابور ، وحدثت مشاجرة مع شاب آخر فأطلق عليه النار وأرداه قتيلا.
القصص كثيرة لكنها تعكس تغير البنية القيمية للمجتمع. فكما أن الشهامة عند الذكور صارت منعدمة تجاه المرأة ، فاحترام الآخرين واستخدام سلوك مهذب معهم أيضا صار منعدما.
أثناء قيادتك للسيارة ستفاجأ بسائق يندفع بمقدمة سيارته الى الامام لكي يسرق الطريق ، آخر يمكن أن يركن سيارته في منتصف زقاق ضيق ويدير حوارا مع شخص آخر دون اكتراث للسيارات التي تنتظر خلفه. النبرة العنيفة والمتعالية التي يستخدمها الاغنياء في وجه الفقراء أصبحت موضة.إذلال الخدم والعمال من قبل صاحب العمل شيء طبيعي. أن ينتقم وكيل نيابة من فتاة لم تعتد عليه ويحيك لها الدسائس والمؤامرات مستخدما سلطته مسألة عادية ، انتقام صاحبة كوافير من ضابط عبر استخدام نفوذها مع الكبار حقيقة واقعة ، ان تجرف الحكومة أرض اجدادك التي حازوها منذ عقود وتشردك أنت واسرتك ثم تبيع الاراضي للنافذين باسعار بخسة ليبيعها النافذون للمستثمرين بالملايين عدوان مستمر.
في إحدى المحاكم أغمى على أحد المتهمين ، فنادى القاضي على شرطي وأمره بضربه والقائه في الخارج فبدأ الشرطي في ركل الرجل المغمى عليه وكنت شاهدا على ذلك ؛ كان القاضي يصيح مزمجرا:
- دق الحيوان دة خليهو يقوم ...جرو طلعو برا...
وقفت مذهولا أمام هذا الحدث حيث القاضي الذي يتم اللجوء اليه للحماية والأمان والعدل يمارس دور رجل الأمن الشرير. لو كنا في دولة محترمة لطلب القاضي احضار طبيب واسعاف فورا.
في إحدى الدعاوى الجنائية وبعد أن سرد المتحري محضر التحري سأل القاضي المتهم عن صحة ما ادلى به من اقوال فأنكرها المتهم فصاح القاضي:
- يعني المتحري كضاب؟
وحاول ارهاب المتهم ليقر بصحة اقراره غير القضائي. بالرغم من أن القاضي يجب الا يدافع عن الشرطة لافتراض حيدته ويجب الا يرهب المتهم لعدم وجود محام معه...بل هو من يقع عليه واجب عدم الاعتداد قانونا بأي اعتراف ينتج عن تخويف واكراه مادي او معنوي يؤثر على حرية إرادة المتهم.
ومن هذا حدث ولا حرج... فما اصبحنا نراه يوميا من المجتمع بكافة طبقاته لشيء مؤسف حقا ، المجتمع انهار أخلاقيا قبل أن ينهار معرفيا ، والجهالة عمت الناس ، والكبر والرياء والتملق والتزلف. وانعدمت الشهامة وسادت الهمجية والسادية ، وانهار الكبرياء وانعدمت الكرامة.
لقد طبق الاسلامويون نظامهم على الشعب ، فدمروا الدولة والشعب والعدالة والقانون. وبعد ثلاثين عاما من التدمير الممنهج والمنظم انجب نظامهم مجتمعا لا اخلاقيا ، ملؤه الاستغلال والانتهازية والفردانية والسخف وعدم التحضر.
انسان السودان لم يمت فقط في دارفور وانما مات في كل مكان ، لم يمت فقط بالرصاص بل مات باللا قيم وتحول الى كائن مشوه ، أناني وضئيل الحجم والعقل...وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم.