لماذا يخاف الدقير ونداءه من انتقادات الحزب الشيوعي؟ بقلم عبدالغني بريش فيوف

لماذا يخاف الدقير ونداءه من انتقادات الحزب الشيوعي؟ بقلم عبدالغني بريش فيوف


09-12-2018, 10:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1536788965&rn=0


Post: #1
Title: لماذا يخاف الدقير ونداءه من انتقادات الحزب الشيوعي؟ بقلم عبدالغني بريش فيوف
Author: عبدالغني بريش فيوف
Date: 09-12-2018, 10:49 PM

10:49 PM September, 12 2018

سودانيز اون لاين
عبدالغني بريش فيوف -USA
مكتبتى
رابط مختصر




تأسف رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير حيال انتقادات وجهها الحزب الشيوعي لتحالف (نداء السودان) ودعاه للتخلي عن مواصلة سياسة “التخوين” وتوجيه السهام صوب النظام الحاكم.
ونشرت صحيفة (الميدان) الناطقة باسم الحزب الشيوعي الأحد الماضي تقريرا أصدرته اللجنة المركزية للحزب تحدث عن أن قوى (نداء السودان) حسمت أمرها وانتهجت “الهبوط الناعم” برنامجا لها، كما أشار الى أن الحركات المسلحة باتت ضعيفة ولم يعد أمامها سوى القبول بـ “السلام القسري” أو مواجهة عقوبات مجلس الأمن، كما دعا لفك الارتباط بالقوى المكونة للتحالف.
ووصف الدقير في مقال نشرته صحيفة (أخبار الوطن) الأحد، موقف الحزب الشيوعي حيال (نداء السودان) بالمؤسف، ولا يخدم قضية التغيير.
وتابع “بل هو توجيهٌ للسهام إلى الهدف الخطأ ويهدي النظام على طبقٍ من ذهب مزيداً من التشرذم والتشاكس في صفوف قوى المعارضة.”
ونوه الى أن الحزب الشيوعي ظل في الآونة الأخيرة يُسّخِّر جُلّ طاقاته الإعلامية لتوجيه الاتهامات لقوى التحالف.
وأضاف الدقير الذي يرأس تنظيم (نداء السودان) بالداخل قائلا” هذا الموقف قابلناهُ بالصمت -ليس بسبب عِيِّ اللسان أو انكسار القلم -وإنما احتراماً للحزب الشيوعي وتاريخه في مسيرة النضال الوطني وترفعاً عن معارك لا تخدم قضية التغيير ولا تفيد غير النظام.”
وشدد على أن ادعاء تقرير مركزية الشيوعي بتمحور أهداف النداء حول “الهبوط الناعم” يكذبه الواقع كليا.
ودعا الدقير قادة الحزب الشيوعي، وعموم قوى المعارضة، إلى الكفِّ عن المبارزة بالتخوين والرمي بالخروج عن الخط الوطني لأن ذلك لا يخدم غير النظام ويهدد بإجهاض كلِّ ما يُرتَجى ميلاده من رَحِم الحراك المعارض.
عزيزي القارئ..
في البدء لا يسعنا سوى تقديم الشكر الجزيل للجنة المركزية للحزب الشيوعي على إصدارها لهذ التقرير ووضعه أمام الرأي العام السوداني حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ومعرفة من الذي يحبك الوهم السياسي بعدما تفنن في إنتاج الفشل وأفرز مبادرات عاكسة وروج للوهم السياسي الذي أطال من عمر النظام.
هذا التقرير الذي يعتبره السيد عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني تطاولاً على نداء السودان، هو في الأصل تقرير احتوى على الواقع الذي يعيشه هذا التحالف منذ تأسيسه. وكون المجتمع الدولي المتمثل في الدول الأوروبية وبعض الدول الأفريقية، يسعى بكل الطرق والوسائل للدفع بهذا التحالف المتناقض إلى التطبيع السياسي مع نظام عمر البشير عبر ما عرف (بالهبوط الناعم)، شيء لا ينكره إلآ قادة نداء السودان الذين ادمنوا الفشل وهم يتنقلون من عاصمة دولية لأخرى بعيدين بآلاف الأميال عن هموم ومشاغل الشعوب السودانية.
يقول التقرير الذي أزعج رئيس حزب المؤتمر السوداني وجعله يهلوس، إن قوى نداء السودان حسمت أمرها وانتهجت “الهبوط الناعم” برنامجا لها، وأن الحركات المسلحة المشاركة فيه باتت ضعيفة ولم يعد أمامها سوى القبول بـ “السلام القسري” أو مواجهة عقوبات مجلس الأمن. ونحن لا ندري بالضبط، لماذا هذا الانزعاج والتململ واعتبار ما جاء في التقرير تخوينا، ذلك أن التقرير لم يضف شيئا جديدا، بل كل ما فعله هو أن تناول واقع نداء السودان بالتفصيل، وحذر السودانيين من كذبه الهجومي والدفاعي، وحذر من رفع الشعارات التي تداعب أحلام الناس وطموحاتهم الآنية والقاء الخطابات الرنانة وتقديم الوعود الكاذبة، وحذر أيضا من خداع الشعوب والسير بها في سبيل تحقيق أحلام مجنونة لقادة مرضى بحبّ السلطة يتخذون من الكذب مصعدا للارتقاء السياسي ومدخلا للإثراء المالي.
برنامج نداء المهدي، معروف وواضح للجميع، وهو محاورة نظام عمر البشير ومن ثم خوض انتخاباته البرلمانية والرئاسية القادمة. وهذا البرنامج المفترى عليه تثبته بيانات حزب الدقير ورسائل عرمان لقوى الإجماع الوطني بالداخل يحثهم فيها بالاستعداد للمشاركة في انتخابات 2020م، ولا يمكنهم انكار هذا البرنامج المتفق عليه من قبل مكوناتهم.
أما بالنسبة للحركات المسلحة المشاركة في نداء السودان (حركة تحرير مناوي + العدل والمساواة)، فإن وضعهما الميداني والعسكري سيء للغاية، الأمر الذي اجبرا كل من مناوي وجبريل باللجوء إلى الخارج والتنقل ما بين باريس ولندن وكمبالا واديس. ولطالما هذا هو الوضع الحقيقي للحركتين، فليس أمامهما إذن سوى مرافقة المهدي بطائرته قسريا إلى الخرطوم والارتماء في أحضان البشير.
إذا جاز لنا مواجهة الحقيقة ووضع النقاط على الأحرف…بالسؤال عن ماذا حقق تحالف نداء السودان في مواجهة نظام الخرطوم حتى اليوم؟ …فالإجابة بكل بساطة… لا شيء اطلاقا، لأن هذا التحالف يعول ليس على إرادة الشعب، بل على إرادة المجتمع الدولي ليهبط به سلسا في العاصمة السودانية بديلا لعمر البشير ونظامه. لكن ما لا يعرفه هو أن المجتمع الدولي نفسه، لا يريد الإطاحة بالنظام الحاكم في السودان، بل يريد فقط الحاق الآخرين به من خلال الهبوط الناعم.
مقال الدقير في صحيفة (أخبار الوطن) يعكس خوفا من الحقيقة.. إنه الخوف.. قاعدة علمية، وهي أن أكثر الحيوانات الضارة لا تلسع ولا تعض إلا خوفا -أي أنها إذا خافت نشرت أنيابها وأظافرها دفاعا عن النفس.. ولكن إذا لم يكن هناك خوف، فلا حاجة إلى الدفاع أو العدوان على الآخرين.
ما يقال عن الحيوانات والحشرات، يقال أيضا عن البشر.. فبعض الناس يبادر بالهجوم عليك بسبب الخوف منك أو من الآخرين كنوع من الدفاع عن نفسه لأنه يخاف. فرئيس حزب المؤتمر السوداني بانزعاجه من انتقادات الحزب الشيوعي لنداء السودان إنما يخاف من أن ينكشف أمرهم للعامة، كون قوى (نداء السودان) قد حسمت فعلا أمرها، وانتهجت “الهبوط الناعم” برنامجا لها -أي الإبقاء على النظام وعصابته في السلطة.
التغيير الذي تطالب به الشعوب السودانية منذ فترة طويلة ومصرة عليه، هو ما طالبت به قوى الإجماع الوطني بالداخل والحزب الشيوعي السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال -أي التغيير الشامل بشروطه الموضوعية والمادية بسياقات سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية وولخ. تغيير يدعو إلى بث روح المواطنة.. تغيير العقليات للوصول الى تقبل العيش مع الأخر بمساواة والتقاسم المشترك قيما مادية وروحية فكرية وعقائدية دون الإقصاء والتفرد واستغلال الأخر ضمن مجتمع له قواسم مشتركة للعيش سويا.
تغيير يطلق الحريات واحترام كرامة وحقوق المواطنين وتكريس فعلي للتعددية السياسية وحرية الاختيار وإعادة توزيع الثروات بطريقة عادلة وضرورة المساءلة والمحاسبة للمسؤولين أيا كان موقعهم. لكن مثل هذا التغيير، يخيف الذين لجأوا إلى لندن وباريس وبرلين. وهو حال تحالف نداء السودان الذي اعتاد أن يقتات على موائد المجتمع الدولي. فهو لا يهمه أن يحدث هذا التغيير في السودان لأن اعضاءه سيكونون فيه مكشوفين، وسيكون عليهم الكدح لكسب عيشهم، بدل التسكع والاعتماد على فضلات المجتمع الدولي.
ما يجب ان يدركه السيد عمر الدقير ورفاقه في تحالف الصادق المهدي، هو أن صناعة المرحلة السياسية المقبلة ليست بأيدي ممن يختبئون في الغرف المظلمة خوفا من التغيير الشامل الجذري، يسيرون عكس إرادة الشعوب، ويضعون الحواجز تلو الأخرى أمام مسيرة التغيير. إنما التاريخ اثبت لنا أن أمثال هؤلاء رغم عوائقهم وعواءهم، فالقافلة تسير حتى ترسو بساحل النجاة، ساحل التغيير الجذري والحرية لهذه الشعوب السودانية الأبية التي تستحق حياة كريمة وغدا أفضل.