البشير.. البحث عن الدفاتر القديمة بقلم د. ياسر محجوب الحسين

البشير.. البحث عن الدفاتر القديمة بقلم د. ياسر محجوب الحسين


08-18-2018, 06:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1534570418&rn=0


Post: #1
Title: البشير.. البحث عن الدفاتر القديمة بقلم د. ياسر محجوب الحسين
Author: د. ياسر محجوب الحسين
Date: 08-18-2018, 06:33 AM

06:33 AM August, 18 2018

سودانيز اون لاين
د. ياسر محجوب الحسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر

أمواج ناعمة



كانت كلمات الرئيس السوداني عمر البشير أمام مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني الحاكم الأسبوع الماضي، أكبر مؤشر على حالة الجزر التي تعتري هامش المناورة السياسية التي أجادها وخبرها وأسهمت في بقائه في السلطة زهاء 30 عاما.
البشير أكد في ختام فعاليات مؤتمر الشورى أن حزبه حركة إسلامية كاملة الدسم وأنه حزب قائم على مبادئ معروفة، وليس حزباً علمانياً. البشير لم يأت بجديد فهذا ما هو معروف بل هو قناعة كل من يراقب الشأن السوداني عن كثب؛ بيد أن ما يثير الدهشة نفي البشير نفسه أي علاقة لحكمه بتنظيم الإخوان المسلمين، وقال لقناة سكاي نيوز الإماراتية إبان زيارة له للإمارات في فبراير 2015 عندما سئل عن ما هو موقفه من جماعة الإخوان المسلمين الآن قال: "نحن لسنا لدينا علاقة تنظيمية مع هذه الجماعة أو تأثير عليها".
قد يقول قائل إن تنظيم الإخوان المسلمين غير الحركة الإسلامية التي أشار إليها البشير، لكن المعروف أن تصريحات البشير جاءت في سياق سياسي يتطلب منه موقفا سياسيا في إطار المناورة التي اعتاد عليها، وذلك السياق كان معنيا بالهجوم على ما عرف بالإسلام السياسي ويشمل هذا المصطلح تنظيم الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية عموما.
أما اليوم وقد اقتضى الحال السياسي خاصة في الداخل البحث عن الدفاتر القديمة، وطلب النصرة والدعم من الحركة الإسلامية عقب تراجع اقتصادي كبير وانفضاض قيادات ومجاميع سياسية مقدرة داخل الحزب الحاكم بعد نيته الترشح للمرة الثالثة لرئاسيات 2020 رغم تعارض ذلك مع دستور البلاد الساري ومع النظام الأساسي للحزب الحاكم.
ويحتاج البشير في معركته إلى دغدغة مشاعر جمهور الحركة الإسلامية والاستثمار في شعاراتهم المرفوعة بعد أن تعمد إبعادهم وتهميش حركتهم في السنوات الماضية. فالبشير لا يكفيه امتلاك حزبه الحاكم الذي يرأسه الأغلبية في البرلمان التي تمنحه القدرة على إجراء تعديلات على الدستور لإتاحة الفرصة له للترشح لانتخابات الرئاسة في 2020. بل يحتاج إلى دعم وسند سياسي يكسب مسعاه مشروعية لا تبدو متاحة بدون جماهير الحركة الإسلامية.
ويبدو أن البشير يبتدر اليوم محاولة لترميم علاقته بالحركة الإسلامية بعد فتورها عقب مؤتمرها العام الثامن في نوفمبر 2012 بلغ ذروته حين تم التلويح بحلها أو دمجها في الحزب أو تحويلها لمنظمة اجتماعية، قبل تأجيل مؤتمرها العام التاسع الذي كان مزمعاً عقده في نوفمبر 2017. وعزا البعض ذلك بأنها كانت محاولة لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية في إطار التفاهمات والمفاوضات التي أفضت لرفع العقوبات الاقتصادية عن الخرطوم في أكتوبر 2017، لتتبقى مسألة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حيث تحاول واشنطن دائما الربط بين الإرهاب وما تسميه بالإسلام السياسي.
في المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية في 2012 خاطب البشير الجلسة الختامية وحدد في كلمته إطارا لعمل الحركة في الفترة القادمة، حصر فيه عمل الحركة في مجال الدعوة والإصلاح الاجتماعي وذلك كان توجيها للحركة بالابتعاد عن السياسة. والمفارقة كانت أن دستور الحركة الذي أجازه المؤتمر يقول في الفصل الثاني الفقرة (9): "يقوم النظام السياسي في فكر الحركة على مبدأ التعدد ويبنى على دعائم أساسية، منها التخطيط العملي للنشاط السياسي، وإصلاح الدولة والمجتمع". فيما بعد وضع الأمين العام الجديد (الدورة الحالية) وهو المرشح الذي دفع به البشير الحركة في إطار (بيت الطاعة) الذي أريد لها.
ولإكمال إجراءات ترشيح البشير بعد الشروع في تعديل النظام الأساسي للحزب يقتضي الأمر تعديل الدستور وفي آخر تعديل للدستور الذي جاء لاحقا لمؤتمر الحركة، أجرى 18 تعديلا. وكرست تلك التعديلات السلطات في يد الرئيس بصورة مطلقة ولذلك لم يعد البشير يكترث لأي سقف مرجعي سواء كان ذلك حزبه الحاكم أو الحركة الإسلامية. واليوم تبدو الحركة الإسلامية على قلب رجل واحد أو أنها تثق في النوايا التي دعت البشير للاستنجاد بها أن وضعها على هامش الفعل السياسي.