مزحة كونديرا ومزحة كيم جونغ.. كل شيء يبدأ بمزحة بقلم د.أمل الكردفاني

مزحة كونديرا ومزحة كيم جونغ.. كل شيء يبدأ بمزحة بقلم د.أمل الكردفاني


06-12-2018, 08:06 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1528787194&rn=0


Post: #1
Title: مزحة كونديرا ومزحة كيم جونغ.. كل شيء يبدأ بمزحة بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 06-12-2018, 08:06 AM

08:06 AM June, 12 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر







حقيقة ادهشني جدا الانقلاب على الذات الذي قام به رئيس كوريا الشمالية... في وقت كان الافق على اتساعه مغلقا بين كوريا والولايات المتحدة ؛ وبدون اي مبررات ؛ لا سياسية ولا عسكرية ولا اقتصادية ؛ استيقظ السيد كيم صباحا ... ابتسم أمام المرأة ؛ ارتدى ملابسه الانيقة وصفف شعره الاسود الناعم ، وخرج الى وسائل الاعلام معلنا انهاء البرنامج الكوري الشمالي النووي وان كوريا ستنهي حقبة الصراع مع الولايات المتحدة الامريكية. شيء مدهش جدا ؛ الا يفكر الرئيس الكوري الشمالي حتى مجرد تفكير في طرح الامر للتفاوض بحضور ضامنين اقليميين كالصين مثلا ومن ثم الحصول على منافع اكبر من مجرد استسلام مجاني.
تجاوز الرئيس كيم جونغ اون الصين بكل بساطة ، ولا اعرف كيف يمكن محو عقود من ايدولوجيا العداء مع امريكا من عقل الشعب الكوري خلال اربع وعشرين ساعة فقط. قيل بان هناك ضغوطا صينية وحصار امريكي شامل وخلاف ذلك من مبررات.. لكنها مبررات غير مقنعة... بل انها مجرد محاولات لاكتشاف سبب هذا الانقلاب الذي ادهش العالم.
لقد بدأ الامر قبل اسابيع بتصريحات اعلامية متبادلة بين ترامب وكيم... قال كيم ان على طاولته زر يمكن ان ينسف امريكا ؛ رد تركب بأن على طاولته زر اجمل واكبر واسرع واقوى...
يبدو ان رد ترامب قد اضحك السيد كيم جدا . ثم تواصلت المناكفات بين ترامب وكيم فقد وصف كل منهما الاخر بأوصاف مضحكة مستهزءا بالآخر. فقد وصف كيم ترمب بالعجوز ورد ترمب في تغريدة انه لن يصف كيم بالقصير السمين.
في الانظمة الدكتاتورية كل شيء يمكن ان ينقلب بمزحة ؛ هكذا اخبرنا ميلان كونديرا في روايته المزحة ؛ حين انقلبت حيات بطلها رأسا على عقب بعد اطلاقه لمزحة غير مدروسة امام مسؤولة الحزب الشيوعي. لقد تغير مصير البطل بسبب مزحة . كانت ردود افعال ترمب لطيفة حيث لم يتعامل كالسياسيين الامريكيين التقليديين بل كرجل اعمال ناجح وبفكر رأسمالي محض قد ادت الى نوع من التقارب العاطفي بين الرجلين. ويبدو ان السيد كيم وعلى نحو ما قد اعجبته شخصية ترمب بشكل كبير وربما لم يستطع اخفاء اعجابه هذا ، بل قام مباشرة ومنذ صباح ذلك اليوم بانهاء عداء استمر لأكثر من ستين عاما بين الدولتين بجرة قلم.
السيناريو هذا ما كان بامكانه ان يحدث لو كان اوباما او هيلاري كلينتون أو بوش او غيرهم هم الرؤساء ؛ لأن من طبيعة الرؤساء الامريكان هو التعامل الجاد والرسمي والمدروس عند القاء تصريحات بشأن سياسات الولايات المتحدة الامريكية الخارجية. أما ترمب الذي حول وسائل التواصل الاجتماعي الى منصات اخبارية لشخصه وللبيت الابيت الابيض عبر تغريدات صغيرة مستمرة بحيث باتت وسائل الاعلام العالمية تستقي اخبارها منها مباشرة وهي طازجة ؛ فقد مارس اسلوبه كرأسمالي قح ، واستطاع اجتذاب الرئيس كيم اليه.
اليوم انتهت المحادثات التي تمت بين الرئيسين والتي انتهت كما اعلن كلاهما بنتائج مرضية للطرفين. لم يحاول كيم استغلال الفرصة كما فعلت ايران للحصول على مزايا اقتصاديا ولم تحاول امريكا فرض شروط اذعان كما فعلت مع ايران ، ويبدو ان الطرفين الكوري والامريكي يقدران قوة كل منهما تماما.
وكل شيء في هذا العالم يمكن ان يتغير بمزحة قبل ان يتغير بحرب.