سواد !! بقلم صلاح الدين عووضة

سواد !! بقلم صلاح الدين عووضة


05-23-2018, 02:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1527081072&rn=0


Post: #1
Title: سواد !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 05-23-2018, 02:11 PM

02:11 PM May, 23 2018

سودانيز اون لاين
صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


*لرمضان خواطر طفولية تعلق بالذاكرة..

*ولأديبنا عبد الله الطيب خاطرة من هذه الشاكلة... لم أقرأها إلا البارحة..

*سطرها بأسلوبه السهل... الممتع... السلس... المباشر..

*وفقرة فيها أعدت قراءتها مرتين... وهي عن كبرياء السودانيين إبان الاستعمار..

*قال إن المستعمر أيقن أنهم ذوو استعصاء على الذل والمهانة..

*ولهذا السبب - يقول - ربما عجلوا برحيلهم (الهادئ)..

*ولكن جاء من بعدهم من عمل على إذلال أهل السودان - وإهانتهم - بالقوة..

*أو بالأصح؛ من بعد الحكومة الوطنية الأولى... المنتخبة..

*والمقصود هنا - بالتأكيد - الأنظمة العسكرية... إذن لماذا لم يسمها؟!..

*لأنه كتب خاطرته هذه في (ظل) نظام عسكري... ولا شك..

*فهي أنظمة ذات (ظل أسود طويل)... بطول سنوات وكستنا منذ الاستقلال..

*وخاطرة ذات (سواد) هي بعض ذكريات طفولتي الرمضانية..

*أبطالها تيس أسود... وقط أسود... وقرد لونه الداكن جداً أقرب إلى السواد..

*أما التيس الذي يخرج علينا من (العدم) فكتبت عنه من قبل..

*وما كانت عقولنا الغضة تؤهلنا لفهم الذي يهمهم به الكبار لنا...تحذيراً..

*وأما القط الأسود فهو لم يكن يموء... وإنما يتكلم..

*وكان موعد ظهوره هو أوان ظهور التيس نفسه... عند ذهاب الكبار إلى التراويح..

*ولم يكن كلامه مفهوماً لنا بالطبع... ولكنه كلامٌ على أية حال..

*ويظل (يرطن) وهو يجوس خلال بيوت الحي... من أعلى حائط إلى آخر..

*والنساء يستعذن منه إلى أن يختفي... ونحن نضحك..

*وما كان اختفاؤه يحدث إلا حين يزداد الليل سواداً... ويصير في سواد لونه..

*وأما القرد فلم يكن يقل غموضاً عن أصحابه... ودارهم..

*كان منزلاً يقع شمال غرب الاستراحة... طوبه البني المحروق يميل للسواد..

*ولون القرد العجيب في لون هذا الطوب ذاته... تقريباً..

*بل كان عجيباً جداً؛ لا نراه إلا عقب الإفطار... مثل التيس والقط تماماً..

*ثم يفعل أشياء لا تقل عن أشيائهما عجباً... ومنها (التمايل)..

*وربما كان أصحابه الغامضون مدمنين للرقص... فما كنا نعرف عنهم الكثير..

*كانوا شديدي بياض البشرة؛ لا يداخلون الجيران... ولا يداخلوهم..

*ويظل يقوم بهذه الحركات المضحكة إلى أن يلحق به صبي من أهل البيت فيأخذه..

*أما الحياة السياسية فكانت مجللة بالسواد... هي الأخرى..

*كان الخوف يحاصر الكبار..... فلا يتكلمون فيها إلا همساً..

*مثلما تحاصرنا نحن الصغار تلكم المخلوقات السوداء...ويحاصرنا خوفنا منها..

*وتلتقط آذاننا - من بين ما تلقط - أحاديث تزيدنا خوفا..

*هذا اعتقلوه... وذاك عذبوه... وتلك رمَّلوها... وأولئك فصلوهم..

*وكلُّ جماعةٍ مؤتلفة تخشى جماعةً مضيَّفة... خشية أن يكون من بينهم (عسس)..

*وقالها عبد الله الطيب ؛ المستعمر لم يذل السودانيين..

*وإنما أذلَّهم من جاء بعدهم... من بني جنسهم..

*وجعل حياتهم (سواداً !!!).



assayha