لماذا اعتذروا ..!! بقلم عبدالباقي الظافر

لماذا اعتذروا ..!! بقلم عبدالباقي الظافر


05-17-2018, 02:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1526562298&rn=0


Post: #1
Title: لماذا اعتذروا ..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 05-17-2018, 02:04 PM

02:04 PM May, 17 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


ربما كانت المرة الأولى التي يتحسس فيها الشيخ رأسه .. أحد المقربين أبلغ الترابي أن الأستاذ عبدالباسط سبدرات اعتذر عن قبول التكليف .. وقتها كان الشيخ الترابي في إحدى قفزاته الفكرية. قرر يولي سبدرات على مقاليد قطاع الثقافة والفكر بالمؤتمر الوطني.. وكان قبول التكليف يستوجب الاستقالة من المنصب الوزاري .. المهم أن سبدرات اعتذر بكل لطف من قبول المنصب الحزبي وظل في مرتبة الوزير لعدة سنوات .. حتى وقت قريب كان الإسلاميون يعتبرون اعتذار سبدرات واحدة من الكبائر.. بل أن بعضهم اجتهد في تبرير المخالفة باعتبار أن الرجل وافد على التنظيم وبالتالي لم يتشرب بالأعراف والتقاليد السائدة بين أفراد الجماعة .
حينما انتهى اجتماع المكتب القيادي في وقت متأخر من مساء الأحد كانت التسريبات قد ملأت الآفاق.. اتضح منذ الوهلة الأولى أن الحزب الحاكم عاد لدفاتره القديمة منقبًا.. فظهرت أسماء علي كرتي وإبراهيم محمود في قلب قائمة التعديلات .. لكن حينما أشرقت شمس الصباح أعلنت التعديلات ناقصة.. فقد اعتذر نحو ثلاثة من الولاة.. فيما كان اعتذار الدكتور مضوي إبراهيم مبررًا بسبب المسافة الفاصلة بينه والإنقاذ .. لم يقبل الحبيس السابق أن يضع يده فوق أيدي الذين ظلموه وكالوا له التهم .. بعدها أدركوا أن الرجل يستحق الوزارة لا الحبس.
الملاحظ أن جل الاعتذارات تركزت في منصب الوالي.. رغم السلطة الواسعة و(البيرق) المرفوع إلا أن معظم قادة الحركة الإسلامية لا يحبذون العمل خارج الخرطوم.. حتى الذين اضطروا للقبول بالتكليف البعيد تَرَكُوا الزوج والولد في أحياء الخرطوم الراقية .. لم يكن كرتي ليعتذر لو تم اختياره وزيرًا للخارجية .. لو ربما ابتهج محمد حاتم سليمان ونحر الذبائح لو تم ترفيعه واليا للخرطوم.
ربما اعتقد البعض أن اعتذار أربعة من شغل مناصب دستورية أمر في حكم المتوقع.. ولكن نسبة الرافضين تقترب من ٢٠٪‏ من الذين كلفهم الحزب .. من هنا يقفز سؤال لماذا اعتذر هؤلاء؟.. في البداية علينا التأمين أن هنالك حالة سيولة في مفاصل الحزب الحاكم.. وبالتالي ومنذ زمن طويل ضعفت الآمرة التنظيمية .. بل في أحيان كثيرة كانت هنالك قيادات على مستوى المركز والولايات بمقدورها أن تتمرد على إرادة الحزب او تستقوى بمراكز قوىً في الخرطوم أو حتى قواعد قبيلية في الأمصار.
في تقديري أن الولاء التنظيمي قد وهن مؤخرًا وأصبح المنصب مجرد واجهة تشريفية..هنا يصبح الحساب حساب دنيا تستخدم فيه الآلة الحاسبة.. مثلًا أحد المعتذرين يشارك في عدد كبير من مجالس الإدارات .. الخروج للولايات يعني فقدان العوائد الجليلة.. بل أن أحد مظاهر الضعف يكمن في تلك المحاصصة القبيلية والجهوية.. عبر هذا المعيار خرج وزيرا العدل والداخلية قبل أن يتجاوزا العام في المنصب .. لكن في الحقيقة أن ذات المعادلة كانت حاضرة يوم اختيارهما.
بصراحة.. بات واضحًا أن عددًا كبيرًا من أعضاء الحزب الحاكم استشعروا دنو الأجل السياسي.. في هذه المرحلة سيعتذر رجال بارزون من ركوب السفينة التي من المحتمل أن لا تصل المرفأ..لكن الالتزام الأخلاقي يحتم على من تمتع بمزايا السلطة أن يقبل بالتكليف وإن طالت المسافة وصعبت الشقة.



assayha