قيادات أتحادية و معاناة الإرباك السياسي بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن

قيادات أتحادية و معاناة الإرباك السياسي بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن


02-02-2018, 10:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1517608676&rn=0


Post: #1
Title: قيادات أتحادية و معاناة الإرباك السياسي بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 02-02-2018, 10:57 PM

09:57 PM February, 02 2018

سودانيز اون لاين
زين العابدين صالح عبد الرحمن-سيدنى - استراليا
مكتبتى
رابط مختصر


لفت نظري تصريح لنائبة برلمانية في (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل) نشر يوم 28 يناير 2018م، في جريدة ( الجريدة) مطالبتها لفك الشراكة مع الحزب الحاكم، و تحاول في التصريح أن تحدد الأسباب التي جعلتها تنادي بفض الشراكة، الأمر الذي يوضح حالة من الإرباك في الذهنية الاتحادية، و محاولة البعد عن تناول جوهر قضية المشاركة، هل هي مشاركة بالفعل أم تعين في حقائب دستورية. يقول تصريح النائبة "طالبت البرلمانية عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، مواهب السيد حزبها بفض الشراكة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم و الخروج من حكومة الوفاق الوطني فورا، و قالت حزب المؤتمر الوطني قد تنصل عن التزاماته فيما يتعلق بتنفيذ التوصيات المتفق عليها و ما اعتبرته محاولته الالتفاف عليها. و استغربت النائبة الاتحادية في تصريح لجريدة الجريدة عن تشكيل مجالس رئاسية في هذا التوقيت، و اعتبرتها إلغاء لمهام و أختصاصات مجلس الوزراء القومي. و قالت أيضا، أن التشكيل قد تجاوز الحسن الميرغني رغم إنه يمثل الرجل الثالث في الحكومة بعد الرئيس و نائبه الأول" التصريح يحمل ثلاثة قضايا أساسية يجب التعليق عليها، حتى لا تعتقد بعض القيادات الاتحادية أن الشارع السوداني لا يدررك الذي يحدث داخل الحزب الاتحادي الأصل، و يحاولون أن يرموا أخطائهم علي الآخرين.
السؤال: هل الحزب الاتحادي الديمقراطي شريك في السلطة، و إذا خرج من السلطة سوف يؤثر عليها و بالتالي لا تجد الأغلبية الحق في الاستمرار، و تحل السلطة بسبب هذا الخروج و يرجع مرة أخرى للبرلمان؟ أي بمعني أخر، إذا خرج الحزب من السلطة سوف يؤثر علي استمراريتها. الإجابة ( طبعا لا) لآن الحزب الاتحادي الديمقراطي لم يشارك فقط في حكومة الوفاق الوطني، أنما كان مشاركا في السلطة منذ عودة الحزب بعد اتفاقية ( نيفاشا) 2005م، و ظلت بعض قيادات الحزب معينة في الحكومة و البرلمان و رئاسة الجمهورية، و لكن التعين لم يعط هؤلاء سلطة، بل وظائف خالية من أي صلاحيات سلطوية، فظل جعفر بن الميرغي مهمشا في القصر، ثم جاء الحسن الميرغني الذي أتخذ المثل القائل " من سار علي درب أخاه ما ظلم" تزمر الحسن من التهميش و عدم تحديد أختصاصات للمنصب، و ذهب يداوم في الجنينة و لم يسأله أحد و لم يؤثر علي السلطة، و كان هو غاضب و متزمر و لكنه يحصل علي كل مستحقات الوظيفة، و لم يرفض أستلامها. و نسي قول الرسول الأكرم " من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل" و عندما تم إهمله و عدم مساءلته ترك البلاد و ذهب يتجول بين أمريكا و بريطانيا و مصر. و أيضا تم إهماله، و قبل تشكيل حكومة الوفاق رجع البلاد، باعتباره هو مفوض من والده، و هو المفوض لتقديم العناصر التي يجب أن تشارك في السلطة، و قال إنه يحمل رؤية جديدة لإصلاح الحزب، و حاول أن يدخل في مناكفات مع المجموعات الآخرى، الذين أيضا يؤكدون لديهم تفويض من رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني، و قبلت الحكومة أن تتعامل مع الجانب الآخر دون الحسن، و لكنها عينته في وظيفة المساعد الأول لرئيس الجمهورية دون أعباء، و دون أي أختصاصات أو مسؤوليات لهذه الوظيفة، و لم يقدم أحتجاجا، لكنه فضل الموقف السلبي أن يقبل الوضع كما هو عليه، مادام مخصصات الوظيفة لم تتوقف، أي المشاركة في الفساد.
إن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل لم يشارك في السلطة وفقا لاتفاقية بينه و الحزب الحاكم، ولم يشرع في ذلك، و لم يصر الحزب علي تنفيذ هذا الاتفاق، بل الحزب كان منقسما علي نفسه، و كل فريق يعتقد إنه يملك التفويض من محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب تجعله هو الذي يملك حق التفاوض مع الحزب الحاكم، و الغريب في الأمر؛ رغم تعدد المجموعات، و لكنها جميعا كانت تسعي للدخول في الحكومة و البرلمان، لأن الهدف ليس مباديء حزبية يسعي الحزب أن تنفذ، إنما كان الهدف كيف يحصل هؤلاء علي مناصب دستورية في السلطتين التنفيذية و التشريعية، و يمكن أن يقدموا كل فروض الولاء و الطاعة للحزب الحاكم، هذه الهرولة نحو السلطة لا تجعل صاحبها له الحق أن يقدم أي أحتجاجات إذا كان حدث تهميش للحزب، و الحزب الاتحادي هو الذي أختار أن يكون مهمشا، باعتبار إن قياداته قد وافقت أن تكون في هذا الوضع. و حديث فك الشراكة لا ينطبق علي وضع الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في السلطة. بل ينطبق علي قوي سياسية مؤتلفة وفق برنامج سياسي أتفقت عليه، و يجب أن يلتزم به الجميع، و أي تجاوز يعرض التحالف للإنفضاض، لكن الوضع الحالي إذا خرج الحزب الاتحادي أو غيره من السلطة لن يؤثر لأنها سلطة شمولية، سوف تظل مستمرة، و هم أختاروا أن يكونوا داعمين للشمولية، و أبناء الميرغني ليس لهم علاقة بقضية الديمقراطية و الحرية، و مصالح الوطن و الشعب، هؤلاء يبحثون عن مصالحهم الخاصة و كل الأموال التي يتحصلون عليها تغادر السودان لتودع في بنوك في بريطانيا و الولايات المتحدة، و أبناء الميرغني لديهم أستثمارات في مصر و اليونان و السعودية و بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية، و أمريكا اللاتينية تقدر 2,7 مليار دولار، و الغريب في الأمر ليس لهم أي استثمارات في السودان غير أصول عقارية فقط، لذلك تجدهم قد شاركوا في كل النظم العسكرية و الديكتاتورية في البلاد " نظام عبود – نظام نميري – نظام البشير" و سخرت مجموعة كبيرة من أبناء السودان المتعلمين لخدمة هذه الطائفة بهدف كسب ودهم و التعين في الوظائف الدستورية، فالحديث الذي تقوله النائبة ليس له علاقة بالواقع و لا بالشراكة.
و السيدة النائبة البرلمانية في تصريحها لجريدة (الجريدة) تخلط بين الأوراق و تدخلها في بعضها البعض. أولا تتحدث عن إن تشكيل السيد رئيس الجمهورية لخمس لجان رئاسية، و تعده منافيا لمخرجات الحوار الوطني، و تعتقد إن التشكيل غير متفق عليه، و تعتبر إلغاء لمهام مجلس الوزراء، ثانيا تعرج مرة أخرى و تحتج إن رئيس الجمهورية قد أهمل الحسن الميرغني المساعد الأول لرئيس الجمهورية و لم يرد أسمه ضمن هذه اللجان. إن الاحتجاج علي عدم ورود اسم الحسن في اللجان يؤكد أنها موافقة علي اللجان، و لكن الاحتجاج لعدم ورود أسم الحسن الميرغني في هذه اللجان، الأمر الذي يؤكد حالة الإرباك السياسية عند بعض القيادات الاتحادية، مما يؤكد أن التصريح نفسه لم يكن دافعا شخصيا، أنما هو تكليف من جهة لها صلة بالمساعد الأول لرئيس الجمهورية الحسن الميرغني، ألأمر الذي يؤكد أن الحزب الاتحادي ليس شريكا في السلطة، و لا يملك فيها حتى إبداء الرآى، أنما هو تعيين، و علي المعينين مباركة القرارات و ليس نقدها. و السلطة هي لا تريد الحزب الاتحادي أنما يهمها فقط أسم الميرغني جزء من المؤيدين للسلطة، و أغلبية القيادات الاتحادية بأسمائهم المختلفة يعلمون ذلك و يبصمون عليه بأصابعهم العشرة، و حين تلوح الفرصة للتعين في وظائف دستورية، أو قيادة في مؤسسات الدولة لا يترددون، و إذا لم تتم عملية التعيين يرجعون باعتبارهم معارضين لنظام شمولي.
كان الأفضل للسيدة النائبة أن تواصل في تقديم أسباب رفض الحزب أو رؤيتها الشخصية لتشكيل اللجان الرئاسية، و توضح للقارئ كيف سوف تلغي هذه اللجان دور مجلس الوزراء، و الذي يمثل حكومة وفاق القوي السياسية التي شاركت في الحوار الوطني علي حسب قول السيدة النائبة، لكي يعرف القارئ ما هو المطلوب أن تؤديه هذه اللجان الرئاسية، التي تشكلت من كل الأسماء المشاركة في السلطة و مؤسساتها الدستورية المختلفة و غير الدستورية، و ضمت ذات العقليات التي تدير الآن العمل التنفيذي لدولاب الدولة. و هي ذات الذهنيات التي أوصلت البلاد للحالة التي تعاني منها. كما تم تشكيل اللجان في الوقت الذي تعاني منه البلاد بضائقة اقتصادية كبيرة، لا تتحمل زيادة في الانفاق الحكومي. و لا يتوقع أي عاقل أن العقليات التي فشلت أن تقدم حلولا قرابة الثلاث عقود متواصلة قادرة أن تقدمها فقط لأنها ضمت في لجان. إذا كان حديث السيدة النائبة قدم في شكل نقد متواصل في هذا الاتجاه الموضوعي، كانت تجد آذان صاغية، أو الوقوف برهة مع القارئ لقراءة الأحداث و تطوراتها، كان يعتقد أن القيادات الاتحادية ما تزال لديها إهتمام بالشارع السوداني، لكنها عرجت إلي الاحتجاج لعدم ورود أسم الحسن الميرغني في هذه اللجان.
و السيدة النائبة وضعتنا في موقف يضطرنا أن نسأل السؤال الذي يجب أن يسأل منذ ظهور الحسن علي المسرح السياسي. إذا كان الحسن ورد أسمه في لجان أو حتى أعطي رئاسة الوزراء، ما هو الشيء الذي يمكن أن يقدمه، و الرجل لا يملك إلا خبرة سياسية قليلة، و معرفة متواضعة بالعمل العام؟ منذ ظهور الحسن علي المسرح السياسي إذا كان ذلك داخل حزبه أو علي مستوي العمل العام، لم يثبت إن الرجل لديه رؤية سياسية يريد تحقيقها، بل ظل علي هامش الفعل السياسي. و ظل يمارس الاحتجاج السلبي، دون أن يواجه مشكلته بصورة جدية، و كل ذلك يرجع للصورة التي قبل بها الحزب أن يكون جزء من السلطة دون أي اتفاق يلتزم به الجميع. الأمر الذي يؤكد الإرباك وسط القيادات الاتحادية في الأصل. نسأل الله حسن البصيرة.