المعارضة و جهاز الأمن و الرقص علي صفيح ساخن بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن

المعارضة و جهاز الأمن و الرقص علي صفيح ساخن بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن


01-20-2018, 00:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1516404531&rn=0


Post: #1
Title: المعارضة و جهاز الأمن و الرقص علي صفيح ساخن بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 01-20-2018, 00:28 AM

11:28 PM January, 19 2018

سودانيز اون لاين
زين العابدين صالح عبد الرحمن-سيدنى - استراليا
مكتبتى
رابط مختصر



الإبداع في العمل السياسي أن تفهم العقليات التي تديره ما هي الحظة التي يمكن أن تلتف الجماهير حول المعارضة و شعارها السياسي، الذي يعبر عن معاناتها و يسعي من أجل إزالة هذه المعاناة، أي أن تشعر الجماهير الغفيرة المتضررة، أن المعارضة تعبر عنها و عن مطالبها، و في ذات الوقت أن تبحث العقليات المبدعة عن برنامج بسيط تلتف حوله كل القوي السياسية دون أن يفكر فصيل واحد في الذاتية. كانت دعوة الحزب الشيوعي إخراج مسيرة سلمية تحمل مذكرة لولاية الخرطوم، دعوة بسيطة وضعت كل سلطة الإنقاذ و مؤسساتها القمعية، ليس في تحدي مع الذين يخرجون في المسيرة فقط بل أمام الدستور الذي يوهمون الناس بأنه هو الذي يحدد أفعالهم، كانت الدعوة لمسيرة سلمية تعبر عن عقلية مبدعة، أستطاعت أن تقر الواقع قراءة صحيحة، و تقدم رؤيتها التي قبلتها الجماهير و القوي الساعية لإعادة الديمقراطية، لحظة تجلت فيها القيادة أن تحدد وقت التحدي التاريخي، و تنزع المبادرة من السلطة و تضعها في يد المعارضة.
في لحظة تاريخية يعيدنا الحزب الشيوعي إلي تاريخه النضالي الحافل، و يثبت مقدرته بأن يخطو بالجماهير خطوة نحو عتبة التحرر و الانعتاق من هذا الكابوس الجاسم علي صدر الشعب السوداني ثلاثة عقود. فكانت دعوته تعبر عن عقلية إبداعية. و كان الجميع يعلم إن عضوية هذا الحزب فيها كثير من المبدعين، إذا أفسح لهم الطريق سوف يقدموا ما يحاصر هذا النظام و يجعله ينتقل بسرعة من خانة الهجوم إلي الدفاع. بدعوة بسيطة مع أختيار الزمن الصحيح و الظرف الملاءم يقلب الحزب الشيوعي موازين القوة في المجتمع و يرجع المبادرة للشارع السوداني. تحية أحترام و تقدير للزملاء.
و أيضا كان الإبداع الأخر، عندما فهمت القوي السياسية الأخرى دعوة الحزب الشيوعي للمسيرة، و قبلتها دون تردد، قبولها دون مماحكات تؤكد إنها تعاملت بعقليات جديدة، تقرأ فيها الأحداث بوعي بعيدا عن المصالح الحزبية و الذاتية، و تقبل أن تخوض التحدي مع الحزب الشيوعي السوداني، و يعزفوا معا أجمل سمفونية وطنية، إنتظرها الشعب طويلا، أن تتوحد شعاراتهم و يكونوا علي قلب رجل واحد هو التحدي الذي يهزم الشمولية، إن التغيير يحتاج إلي شعار واحد يلتف حوله الجميع، و يعبر عن حاجات الجماهير، و الجماهير لا تريد أن تزحم أذهانها بالعديد من الشعارات و الخطابات السياسية التي تشوش عليها، الجماهير تتفاوت في درجات وعيها، لذلك تحتاج إلي شعار واحد بسيط يوحدها و يدلها علي الحل الصحيح، و تعتقد هذا الشعار يعبر عن مصالحها.
في الجانب الآخر من المشد السياسي، كذاب من يقول إن المعارضة في مواجهة المؤتمر الوطني، هذا الحزب لا يملك في الشارع جماهير تدافع عنه، إنما هم مجموعة من آهل المصالح الذاتية الذين تعودوا أن يتغذوا من ثدي الدولة، هؤلاء لا يدافعون عن وطن أو مجتمع و حاجات الشعب، إنما يدافعون علي مصالحهم الذاتية، لذلك لا يلتزمون بدستور أو قانون، أنما يغيب عنهم الوعي، و تضطرب فرائسهم عند خروج الناس معبرة عن مصالحها.
إن جهاز الأمن يقاتل لوحده من أجل بقاء هذا النظام، رغم إن الأغلبية المطلقة في هذا الجهاز هم أبناء هذا الشعب الكادح، يعانون نفس معاناته، و يشتكون لطوب الأرض من المعاناة، و لكن جنرالاتهم المآدلجين هم الذين يصورون لهم إن خروج المعارضة يعني تغيير السلطة، و إذا تغيرت السلطة سوف تصبحون دون وظائف، و دون عائل، إن مصالحكم مع هذا النظام، لذلك كان السلوك الأخلاقي الذي تعامل به الإخوة في الحزب الجمهوري، أن يقدموا لهم وجبة الإفطار مع الآخرين " الفول الذي أًصبح وجبة العامة" يؤكد لهم أن حديث جنرالاتهم غير صحيح. و إن المعارضة تريد التغيير حتى ترجع السلطة للشعب، و ليس لفئة صغيرة كما هو حادث اليوم، حيث يصبح التداول السلمي للسلطة في فترة محددة بالدستور الذي يجب أن يحترمه الجميع، و لا يعدل الدستور من أجل شخص واحد كل مرة، ثم تبدأ السلطة الجديدة في البحث عن حل الأزمة الاقتصادية، لكي ينعم الجميع بهذا الحل، و ليس فئة صغيرة كما هو حادث اليوم.
يحاول الجهاز أن يصرف الجماهير عن التركيز في القضية الرئيس، لذلك يرسل العديد من الرسائل التي تشغل الناس في وسائل الاتصال الاجتماعي، فمثلا " رسائل استبدال وزير الخارجية بآخر، أو أن يقول " إن علي عثمان و نافع و صلاح قوش سوف يعودون للمسرح السياسي مرة أخرى، و سوف يتولون مناصب دستورية و حزبية" أو أن الرئيس يفكر في تغيير وزاري جديد. كل هذه الرسائل في وسائل الاتصال الاجتماعي مصدرها واحد إن يصرفوا الناس من مواصلة احتجاجاتهم و مظاهراتهم. الآن يحاول الجهاز أن يخضع العبة السياسية في أيدي بعض الأشخاص من إختصاصي علم النفس، و هؤلاء يحاولون إرسال رسائل متعددة الهدف منها هو كيف إحداث تشويش عند الأغلبية، و محاولت تعطيل عقل المعارضة و إرجاعه من حالة الهجوم إلي الدفاع، و كثير من الناس تتعامل مع هذه الرسائل باعتبارها أخبار جديدة تؤكد إن المظاهرات قد خلقت نتائج جديدة، و إن السلطة تستجيب لدعواتها في عمل تغيير، و إنها تريد تغيير بعض الأشخاص، و يحاولون تحميلهم الذي يحدث، و العديد من المعارضين يقمون بدورهم بتدوير هذه الرسائل. إن العالم الآن يراقب ما يحدث في السودان و يراقب كيف تتصرف السلطة مع المسيرات السلمية، و السلطة الآن حشرت نفسها في جحر ضب.
إن السلطة الحاكمة و التي تتمثل في فئة بسيطة من العناصر التي سخرت الدولة لمصالحها الذاتية، ليس أمامها غير أن تستخدم مؤسسة جهاز الأمن لكي تبعث بعدد من الرسائل في وسائل الاتصال الاجتماعي لكي تشوش علي الناس و تجعلهم يهتمون بقضايا أنصرافية، و السلطة القائمة ليس لديها جديد كل ما في جعبتها قد نضب تماما. و إذا حدث تغيير داخلها أو لم يحدث، هم جميعهم يعبرون عن عقلية واحدة، و ليس لديهم حلا للمشكل الاقتصادي و السياسي غير أن يرحلوا و يفسحوا المجال لآخرين.
تعتبر هناك فئة صغيرة في قمة جهاز الأمن و المخابرات هي التي تريد أن تحافظ علي النظام القائم، و هي الفئة التي أرتبطت مصالحها الذاتية بالنظام، و ارتكبت أنتهاكات ضد المعارضين و غيرهم، هؤلاء هم الذين يعتقدون إنهم في صراع مع المعارضة و يحافظون علي النظام رغم فشله في كل مناحي الحياة. و معلوم إن الأغلبية في جهاز الأمن هم من أبناء هذا الشعب المغلوب علي أمره، و يعلم هؤلاء إن خروج الجماهير يعبر أيضا عن مصالحهم.
إن المعركة الأن مع عقليات قد تحجرت، عقليات لا ترى غير مصالحها الذاتية، و المعارضة تصارع فئة تحاول أن ترسل رسائل من أجل أن تخوف الجماهير و تقول بعض رسائلها، إنها قد استدعت إلي الخرطوم الفريق حميدتي و قوات الدعم السريع، و هؤلاء لا يترددون في إطلاق النار، مثل هذه الرسائل تؤكد إن السلطة هي التي ترتجف خوفا من المصير، و بالتالي غير متسقة في حديثها و لا في رسائلها. إن العقلية المضطربة لا تستطيع التركيز و التفكير المنطقي، و هذا الهرج هو الذي يجعلها تفقد صوابها و تتراجع أمام هتافات الجماهير، إن الشعب هو القوة التي لا تضاهيها قوة أخرى، و هي التي سوف تنتصر بإذن الله.
ليس هناك من يؤكد إن المظاهرات التي تخرج الآن قد تسقط النظام بين يوم و ليلة، و لكنها دلت المعارضة علي الطريق الصحيح، الذي يجعل النظام في حالة دفاع متواصلة، و إن المبادرة أصبحت في يد المعارضة، و كل يوم سوف تكسب المعارضة مساحة جديدة، إذا استمرت علي وحدتها و وحدة شعارها. بعيدا عن الدخول في قضايا انصرافية. و مماحكات حزبية، و محاولة فرض الرآى علي الآخرين، و بالفعل الآن المعركة بين المعارضة التي تعبر عن الشارع السوداني بشعارات وطنية، و بين فئة تمثل مصالحها الذاتية تقف وراء جهاز الأمن، إنها معركة علي صفيح ساخن. و نسأل الله حسن البصيرة.