رفعت العقوبات.. وبقيت المشكلات! بقلم محمد لطيف

رفعت العقوبات.. وبقيت المشكلات! بقلم محمد لطيف


10-11-2017, 02:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1507728187&rn=0


Post: #1
Title: رفعت العقوبات.. وبقيت المشكلات! بقلم محمد لطيف
Author: محمد لطيف
Date: 10-11-2017, 02:23 PM

01:23 PM October, 11 2017

سودانيز اون لاين
محمد لطيف-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر


هذه واقعة مضى عليها نحو عقد ونيف من الزمان.. وربما أكثر قليلا.. يومها خرجت مسؤولة إنقاذية من العيار الثقيل لتقول للناس.. إن الإنقاذ إنما نظفت الخدمة المدنية.. وأتت بالأقوياء الأمناء.. وإن الأيدي المتوضئة أمينة.. ثم عادت ذات المسؤولة.. وفِي ذات التصريح.. لتبرر ضعف الأداء في مؤسستها بضعف كفاءة منسوبيها.. ثم مضت شوطا آخر لتتهمهم بالكسل والتخاذل والتواكل.. بل وألمحت إلى الفساد والرشاوى.. ولأن التناقض بدا جليا.. سألناها يومها سؤالا واحدا.. قلت سيادتك إن الإنقاذ قد نظفت الخدمة المدنية من الفاسدين وأتت بالصالحين.. فكيف تحول ذات الصالحون لكل هذا السوء..؟ وهل بعد كل ذلك (التنظيف) ما يزال هناك فاسدون..؟ أم أن هناك أسبابا أخرى.. مثل غياب القدوة القيادية الحسنة.. وهو الذي يثبط الهمم فيسود التواكل.. وإن فسادا مارسه الأعلى فاستسهله الأدنى الذي كان ذات يوم قويا أمينا متوضئا..؟ السيدة بالطبع لم تجهد نفسها بالإجابة على تساؤلاتنا تلك.. ولكن تولت المهمة نيابة عنها نيابة أمن الدولة التي وجهت لي عشرين سؤالا مع التوبيخ.. مقابل سؤالين فقط.. مع التهذيب.. وجهتهما للسيدة المسؤولة يومها..!
لا أدري لمَ تذكرت هذه القصة.. وأنا أتابع في وسائل الإعلام كافة.. وفِي بعض وسائل التواصل الاجتماعي.. حديث البعض عن مطالبة هيئة السكة الحديد بضرورة تشغيل كافة القاطرات التي كانت متوقفة عن العمل بسبب الحظر الأمريكي.. وذلك في أسرع فرصة ممكنة.. بعد أن رفع الحظر وزال سبب التعطل.. ثم مطالبة ذات البعض.. أو بعض هذا البعض.. شركة الخطوط الجوية السودانية بضرورة التعجيل باستجلاب قطع الغيار التي حرمت منها سودانير.. بسبب الحظر الأمريكي..!
تبدو القصة مضحكة.. وغريبة.. هؤلاء يتحدثون عن آليات نقل ومواعينه.. مثل الطائرات والقاطرات والمقطورات.. وكأن قرار الحظر هذا قد صدر أمس الأول ثم رفع أمس لتعود الأمور سيرتها الأولى اليوم.. يسقط هؤلاء ما يقارب العشرين عاما.. تآكلت فيها هذه الآليات بفعل الطبيعة والطقس وعامل الزمن.. تم التخلص منها.. كـ(خردة) لا يرجى منها نفع.. بل ينسى دعاة التعجيل هؤلاء أن هذي العشرين عاما قد شهدت مياها كثيرة قد جرت تحت جسور الاقتصاد السوداني.. شهدت هذه السنوات التحول شرقا في كل شيء.. وينسى هؤلاء.. أيضا.. أن جلهم إن لم يكونوا كلهم.. كان الأعلى صوتا في التغني بشعارات تنادي بلعنة أمريكا والتحول شرقا.. وربط الاقتصاد السوداني كلية بالصين وبيلاروسيا وكوريا الجنوبية إلخ.. لذا يبدو ساذجا تصور.. أو محاولة تصوير.. أو إيهام الناس.. بأن القاطرات قابعة في ورش السكة الحديد تنتظر استجلاب قطع الغيار من أمريكا بعد أن رفعت الحظر.. وأن الطائرات رابضة في حظائرها في انتظار أن تتنزل عليها الرحمة الأمريكية لتنفخ فيها الروح.. فترفرف أجنحتها مرة أخرى.. ليس هذا صحيحا ولا ذاك.. ولكنه يشبه تماما الزعم بأن كل المصائب وراءها الحظر الاقتصادي الأمريكي..!
وهذه الحقيقة التي تثبتها الوقائع الدامغة.. تقودنا إلى سؤال جوهري.. إذا كانت كبرى مؤسساتنا قد تخلصت من الآليات الأمريكية.. واستعاضت عنها بآليات من مصادر أخرى.. فما الذي جرى إذن..؟ وماذا حدث للسكة الحديد..؟ ولماذا انهارت سودانير؟.. نكتفي بهذين النموذجين فقط لكثرة ما قيل عن أثر الحظر الاقتصادي على ترديهما وتدهورهما.. رغم أن المنطق يقول إن تغيير المصادر يعفي الحظر الاقتصادي الأمريكي من مسؤولية تدهور السكة الحديد وسودانير.. فماذا حدث إذن؟.. أخشى أن ينتهي تحقيق مستقل إلى حقيقة مذهلة.. وهي أن الكثير من الانهيارات والتعقيدات التي اعتورت المشهد الاقتصادي السوداني لم يكن سببها العقوبات الأمريكية على السودان.. فها هي العقوبات قد رفعت.. والمشكلات باقية..!



alyoumaltali