حبوبة مهجوسة بأسئلة مستعصية بقلم ياسين حسن ياسين

حبوبة مهجوسة بأسئلة مستعصية بقلم ياسين حسن ياسين


07-15-2017, 02:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1500125331&rn=0


Post: #1
Title: حبوبة مهجوسة بأسئلة مستعصية بقلم ياسين حسن ياسين
Author: ياسين حسن ياسين
Date: 07-15-2017, 02:28 PM

01:28 PM July, 15 2017

سودانيز اون لاين
ياسين حسن ياسين-Kingdom of Saudi Arabia
مكتبتى
رابط مختصر


mailto:[email protected]@consultant.com

حبوبة نبوية بت الغلباوي امرأة من طراز آخر. لا تعرف البهارات والتزويقات إلى حديثها سبيلاً. يأتي حديثها واضحاً صريحاً، وصادماً.
قال لها ولد بنتها: حبوبة، شفتي ناس الحكومة كيف مشغولين بأميركا وجارين وراء رفع العقوبات؟ يا حبوبة، ديل بيقولوا انو وضعنا المتدهور سيكون عال العال بمجرد ما يرفع ترامب العقوبات. يا حبوبة قولي ربنا يرفعها، عشان نمشي المدرسة السنة دي وفي يدنا سندوتشات فطور!
أخذت حبوبة نبوية نظارتها المكبرة، وضعتها بإحكام على عينين شاهدتا الكثير المثير منذ أيام الاستعمار البريطاني، إذا عاصرت كل الحكومات الوطنية، وعجمت عود الانقلابات العسكرية الغاشمة. عرفت كل الكذابين، وما أكثرهم، في تاريخنا.
قالت لحفيدها، وهي أشد ما تكون صرامة: يا وليدي دا كضب ساي. العقوبات دي بدت متين؟ قبلها كان وضعنا كويس يعني؟ وهل بتصدق أنو رفعها سيوفر ليكم الفطور؟
حبوبة نبوية نوع من النساء زادته الأيام حنكة وحكمة وروية. ابنها البكر، الذي يعيش حالياً في أوروبا، كثيراً ما قال لأبنائه في غربتهم إن حبوبتهم عندها ميزة فريدة، وهي قدرتها على توليد التساؤلات الصحيحة والمجهرية في عقول أبنائها. فأنت إذا جئتها سائلاً عن سبب احتراق الكسرة، مثلاً، لعدت منها بتساؤلات لا تحصى عن محصول السنة من الذرة، وسعرها في الأسواق، والغش الذي يمارسه التجار في الزريبة، والضرائب الحكومية عليها، ورداءة ساج العواسة مقارنة بساج زمان. تساؤلات لا نهاية لها. بيد أنها، لا تطرح التساؤلات، والحق يقال. إنما تغرزها في عقول الصغار غرزا كالدبابيس. كيف يتم ذلك؟ أمر ليس سهلاً شرحه، كما يقول ابنها البكر.
بهذه الميزة، التي زادت مهارةً عبر الأيام، لم يستطع حفيدها الصغير أن يصدق موضوع العقوبات ويأخذه على علاته.
في اليوم التالي ذهب مهموما إلى مدرسته، وسأل أحب المعلمين إلى قلبه أسئلة عن معنى التمكين والفساد ودمار هيكل الاقتصاد وفشل مشروع الجزيرة والتخصيص ومصير النقل النهري والسكك الحديدية، وغيرها من سواءات.
الأستاذ المغلوب على أمره، بكى بكاء ناشجاً، وطلب من تلميذه النجيب أن يحتفظ لنفسه بهذه الأسئلة المستعصية على الإجابة. فمثل هذه الأسئلة يمكن أن تجر عليه مصائب لا قبل له بها في هذه السن الغضة.
في هذه الأثناء، كان الأستاذ قد تذكر أن هذا اليوم بالذات هو يوم صرف الرواتب، وأن راتبه هذا الشهر قد استدانه بالكامل من الدكان.
لكن، الأستاذ، وبالأمانة العلمية المعهودة فيه، لم يدر هل كان بكاؤه بسبب الأسئلة المستعصية لتلميذه، أم للماهية «المنقرضة» قبل استلامها، أم لوجود حبوبة غلباوية تحوّل الصغار إلى محققين كبار يطرحون أسئلة عويصة لم يحن وقت طرحها بعد؟