تماشياً مع تفشي حالة الكذب و النفاق المسترسل لأهل السياسة و الذين يتطلب أكل عيشهم و البقاء في مواقع سلطاتهم و نفوذهم إنتاج الكثير من الترهات و الأراجيف ، فقد عمت حالة من إنعدام الثقة بين الناس على المستوى العام ، لتجد الهواجس في كل موقع تتخبط المتعاملين بالضرورة في شتى إتجاهات التعامل و التواصل ، كلٌ يدعوك لأن ( تعمل حسابك ) ، حتى صار البعض يتحدثون بما يملأ الأشداق عن الأخوان من صلب واحد يتقاضون أمام المحاكم ليس في ميراث ، بل في معاملات تجارية و مالية عادية بينهم ، و في رأيي تلك هي السمة الواصمة لعصرنا هذا ، لأن ما بُني على باطل فهو باطل ، فالكل يعلم أن المال العام أصبح منهبة لأصحاب المصالح و المفسدين ، و المستفيدون من هِبات السلطة مقابل الولاء و الطاعة العمياء ، و ليته كان ولاءاً حقيقياً ، إذ قبِع أهل الولاء الحقيقي للمنظور الفكري الحاكم ممن ما زالت في وجوههم مزعة لحم في بيوتهم ، و تركوها لأصحاب المواهب في التسلق و التطبيل و النفاق و قد عجزت سُبل عدم الحياء في ذواتهم عن مجاراة ما يحدث من فساد و إفساد و ظلم ، و ما زالت الدائرة تدور و الحزب الحاكم أظنه لا يعي على مستوى القائمين الحقيقيين على أمر ( تجويد ) علاقاته بعامة الناس ، أن السيل قبل بلغ أو تجاوز الزبى ، في مجالات لا يمكن معها تفعيل أدوات الدفع بالمنطق أو المهاترات الإعلامية أو حتى الخطب المرجفه و المهرجانات الهتافية ، فقد إنطفأت جذوة الإنبهار بالشعارات و المثل و القيِّم التي طالما تدثَّر بها وجه الظلم و الفساد و الإستحواذ على مقّدرات و ثروات و مصير هذ الوطن المأزوم ، و قد تبيَّن بالفعل مدى مقدرة هذا الشعب المارد على الصبر ، و على العاقلين أن يعلموا شيئاً عن ما سُمي ( بغضبة الحليم ) .. و قد أعجزت النزاعات و الحروب في أطراف مختلفه من أقاليم البلاد الناس عن ممارسة حياتهم الطبيعية السابقة على علاتها المعلومة ، و إندفعت أرتال من ذوي الحاجة الماسة إلى العاصمة و المدن تروم عيشاً خشناً فقط من أجل البقاء ، و غول الغلاء الفاحش و إنعدام الرؤية الإقتصادية المستقبلية لما يحدث في أمر تمرد الدولار و العملات الأجنبيه و إستقوائها على سياسات البنك المركزي و حليلته وزارة المالية ، و إنكفاء القائمين على أمر البلاد على الصرف المحموم لصالح بند الحرب و الأمن و المسرحيات السياسية التي تلهي الناس عن الثورة الحتمية ، و في ذات الوقت إتساع دائرة اليأس من هيكل المعارضة على شتى أصنافها و توجهاتها ناهيك عن وهمية فعالية برامجها و مخططاتها المتعلقة بتغيير النظام ، يظل المواطن البسيط المغلوب على أمره في لقمة عيشه و مسكنه و فاتورة تعليم أبنائة و رعايتهم الصحية ، واقعاً بين خياري الصمود الحكيم المؤقت و الثورة القادمة بلا شك إن إستمر أمر الحكومة كماهو فيما يتعلق بتبنيها و تقديمها لخيارات أخرى تسبق خيار إلتفاتها إلى هذا الشعب الكادح الموجوع معيشياً و سياسياً و إجتماعياً و ثقافياً.