فشل معرض (صنع في السودان).. *وقبل أيام كنت في جلسة تحسر فيها الناس على صناعات زمان.. *قالوا إنها كانت مصنوعة بحب...وضمير...ومواصفات.. *ومن بين هذا الذي تحسروا عليه الطحينية...والمعلبات...والمشروبات.. *وقالوا إن الطحينية- بالذات- صارت رخوة...وهشة...و(بائخة).. *وقد يكون هذا الكلام غير صحيح على إطلاقه.. *ولكن مما لا شك فيه أن نزعة التكسب- بأي شكل-هي الطاغية الآن.. *وعبارة (أي شكل) هذه ضع تحتها أكثر من خط أحمر.. *ثم اقفز بجملة (صنع في السودان) من المستوى التجاري إلى السياسي.. *مروراً بالتعليمي...والصحي...والنقلي...والخدمي.. *فنحن نصنع قرارات سياسية نفشل- بعد ذلك- في احتواء آثارها الكارثي.. *ونسمح- من ثم- لآخرين-بأن يعملوا على حلها لنا.. *بأن يتدخلوا في شؤوننا الداخلية- وسيادتنا-لإصلاح ما أفسدناه بأنفسنا.. *بأن يطمع كل من هب ودب في تعلم الحلاقة على رؤوسنا.. *بأن يصرح لأجهزة إعلامنا حتى السفراء ليبشرونا بغد أفضل جراء جهود دولهم.. *والبارحة صرح سفير دولة خليجية بأن علاقتنا مع أمريكا ستتحسن.. *وأن المشاكل التي (صنعناها) بأيدينا في طريقها إلى زوال.. *مع أن ألف باء تاء السياسة- والسيادة- يقول أن هذا التصريح مكانه وزارة خارجيتنا.. *فنحن الدولة الوحيدة في العالم التي يستبيح سيادتها حتى السفراء.. *ثم يتمادى بعضهم بأكثر من التصريحات...فيجوس خلال ديارنا ليقابل من يشاء.. *ليقابل رموز معارضة...ورجال دين...ونشطاء مجتمع مدني.. *بينما خارجيتنا تنتهج سياسة دبلوماسية تشابه منتجات (صنع في السودان).. *فهي ليست بقوة دبلوماسية زمان...ولا جودتها...ولا مواصفاتها.. *سيما في عهد غندور هذا الذي أضفى عليها من (النعومة) ما جعلها مثل طحينيتنا.. *وقد نجد له بعض العذر في محاولة إصلاح ما أفسدته سياستنا.. *السياسة التي جسدها كلاماً- خير تجسيد- يونس محمود حين كان (يصيح مع الديك).. *وربما كان اللقب الذي يناسبه أكثر (ديك العدة)...لا (الصباح).. *فهو ترجم هياج جماعته (الثوري) إلى عنتريات عابرة للحدود و البحار والقارات.. *وعندما هدأ أخيراً- بكافوري- لم تهدأ آثار الذي كان يعبر عنه.. *فقد أضرت سياسة (صنع في السودان)- آنذاك-بكثير من علاقاتنا الخارجية.. *وأضرت - تبعاً لذلك - ببلادنا...وشعبنا...وصناعاتنا.. *إذن...قد نجد العذر لخارجيتنا...ولكن ليس إلى هذا الحد الذي بلغته مع غندور.. *فحتى معارضو الحكومة لا يرضون لها هواناً يحرجهم.. *وآخر هوان بدر من غندور اعتذاره عن ملاقاة نظيره المصري بحجج واهية.. *ولا نريد أن نقول (بحجج كاذبة)...تخفي حقائق جارحة.. *حقائق تؤلم الوجدان السوداني...تماماً كما يؤلمه المنتج السوداني.. *والديباجة واحدة...وهي (صنع في السودان ).. *فكله ...........(طحينية !!!).