لاحظت شيئاً عجيباً قُبيل وقوع كارثة ما.. * وهو أن الشخص المتسبب فيها تنتابه حالة تبلد لا تخلو من غرور.. * وواحدة من هذه الحالات أشرت إليها في كلمة بعنوان (وقائدنا يغني للقائد).. * فقائد سيارة أقلتنا من كسلا إلى حلفا لم يسكت فمه لحظة.. *لم يسكت عن ترديد أغنية (قلناها نعم ، وألف نعم ، ليك يا القائد الملهم).. * أي أن (قائد) السيارة كان يغني لـ(قائد) البلاد جعفر نميري.. * وليس الغناء في حد ذاته هو ما أزعجنا بقدر سلوكه طريقاً بدا غريباً علينا.. *وكلما نبهناه - بلطف- تجاهلنا صائحاً (ليك يا القائد الملهم).. * ثم ارتسمت على وجهه- قبل الكارثة -أمارات (بلادة) ممزوجة بعنجهية.. * وكارثتنا المعنية هنا هي بلوغنا نقطة (الضياع).. *ثم حالة (التبلد) هذه لاحظتها على وجه (القائد الملهم) نفسه- نميري- بعد ذلك.. * لاحظتها عند إلقائه خطابه المستفز قبيل سفره إلى أمريكا.. * وظللت أرصدها- الحالة- على وجوه الكثيرين مع اختلاف أنواع الكوارث.. *سياسية كانت ، أو مرورية ، أو رياضية ، أو اجتماعية.. *ومن الكثيرين هؤلاء- على صعيد السياسية - بن علي ومبارك والقذافي وصالح.. *وذلك في أُخريات أيام أنظمتهم ذات العمر الطويل.. *ومن قبلهم صدام حسين وهو ينشغل بإثبات شرعية زائفة و(الكارثة) على الأبواب.. *فقد كانوا جميعاً في حالة تبلد تظهرهم وكأنهم (منغوليون).. *يبدون كذلك رغم محاولات التستر وراء أقنعة (التعالي الزائف).. *ومع قليل ذكاء وتواضع وإحساس بـ(الواقع) كان بمقدور كلٍّ منهم تجنب كارثته *ولكنهم - وبغرابة شديدة - يكررون أخطاء بعضهم البعض.. *وسبب اجترارنا لقصة (كارثة قائدنا) هذه ما شاهدته في برنامج (كوارث الطيران).. *فقد ذكرني وجه (قائد) الطائرة بوجه (قائد) سيارتنا تلك.. *كان متبلداً - قبيل الكارثة - مع كلمات وحركات وإشارات تدل على الغرور.. *ولم يستمع لنصائح مساعده الذي كان يرى (الواقع) أفضل منه.. *وبما أن الطائرة قد صارت حطاماً فإن ما رأيته كان ترجمة صورية دقيقة للتسجيل.. *وربما يكون لعلم النفس تفسير لهذه الحالة العجيبة.. *أما أنا فقد سميتها (ظاهرة ما قبل وقوع الكارثة).. *ولمن (فاتهم الاستماع)- بلغة أهل الإذاعة - عليهم ترقب ما هو قادم.. *فالأيام - والليالي- حبلى قطعاً بالمزيد من الذي نتحدث عنه.. *حبلى بحالات بلادة - مع غرور وتعالٍ وعنجهية - تسبق الكارثة.. *فقط التقطوها (في الوقت المناسب !!!). assayha