*ولا يخطر ببال أحدكم أنني أعني وزيراً ما.. *فمن رابع المستحيلات أن يستقيل مسؤول في زماننا هذا مهما أخطأ.. *بل من الجائز أن تصادف غولاً أو عنقاء أو خِلّاً وفيّاً.. *ولكن أن تصادف وزيراً مستقيلاً فهذه (معجزة) إن حدثت.. *ولا نعني- كذلك- ثقلاء الجاحظ المشهورين.. *فهنالك صنف جديد من الثقلاء لم يكن موجوداً في زمانه.. *وأنواع جديدة من (الثقالة)- أيضاً- لم يسمع بها.. *وبسبب أحد أنواع هذه (الثقالة) صرت أنا نفسي (ثقيلاً).. *وتتمثل ثقالتي في عدم الرد على أي رقم غريب غير مسجل عندي.. *ولكن (حذري) قد يسهو أحياناً فيقع في (المحذور).. *وكمثال على ذلك تعجلي الرد على رقم غريب- يوماً- دونما تدقيق.. *أو ربما لتشابهه مع رقم أعرفه لم أتردد في الرد.. *قلت ربما ظهر الرقم- وسقط الاسم- كما يحدث أحياناً لأسباب أجهلها.. *فإذا بمؤرخ يحكي لي تاريخ جزئيةٍ ما من الألف إلى الياء.. *من قبل جلاء المستعمر وحتى أيامنا هذه.. *ولم أندم على شيء كتبته في حياتي مثل ندامة الكسعي التي وجدت نفسي فيها.. *ندامة إشارتي إلى هذه الجزئية (بالذات).. *وطفق (المؤرخ) يتحدث عنها حتى أحسست بالجوال (يسخن) على أذني.. *ثم شعرت بيدي (تثقل) من شدة (الثقالة).. *ثم لم أعد أنتبه إلى ما يقوله بعد مضي قرابة نصف الساعة.. *وحين فرغ أخيراً من (المحاضرة) سارعت إلى شكره وأنا بين مصدِّق ومكذِّب.. *ولكن الشكر هذا ذاته أضحى مادة لحديث جديد.. *وأخذ يروي كيف أنه تفضّل على زميل لي بمعلومة تاريخية فلم يشكره.. *فأدركت حينها أنه لا مفر من (الثقالة) فأغلقت الخط.. *والغفلة هذه نفسها جعلتني ضحية اتصال طرق هاتفي عن طريق الخطأ.. *فما أن رددت حتى انهمر سيل حديث عن (بضاعة).. *ولم يترك لي فرصة لأوضح له أنني لا علاقة لي ببضائع ولا (أموال).. *ولما سكت (ثانيةً)-لالتقاط أنفاسه- التقطت الفرصة.. *وأوضحت له سريعاً أن (النمرة غلط) ليواصل متسائلاً: (طيب إنت منو؟).. *فأجبت قبل إغلاق الخط (واحد ثقيل زيك).. *أما أغرب مكالمة (ثقيلة) فكانت من واحدة لابد أن تكون (ثقيلة).. *فقد أوضحت لها أنني (فلان) ولست بـ(علان).. *فاستطردت ضاحكةً- رغم ذلك- (فلان، علان، ترتكان، كله ينفع).. *فلم أجد ما (ينفع) سوى أن أتثاقل وأغلق الخط.. *والآن لعل الذين يعاتبونني على عدم الرد قد عرفوا السبب.. *ولا يهمني إن بت مستحقاً لعبارة (يا ثقيل) بدلاً من بعض مسؤولينا.. *فثمة ضرورات (تبيح الثقالات !!!).