· نتحسر هذه الأيام ونحن نتابع نهائيات أمم أفريقيا التي تستضيفها الجابون. · نتحسر لأن منتخبنا خرج من التصفيات خالي الوفاض كالعادة. · نتحسر لأننا نشاهد تنظيماً راقياً في بلد لا يفوقنا من ناحية الإمكانيات لا المادية ولا البشرية. · نتحسر لكوننا نشاهد ملاعب مخضرة ونظيفة رغم أن البلد المضيف لا يشقه نيل من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله. · نتحسر لأننا بدأنا الكرة قبلهم ورغماً عن ذلك لا نشكل حضوراً معهم في النهائيات ولا ننجح في تنظيم كالذي نراه عبر شاشات التلفزة. · وما يزيد حسرتنا أن القائمين على أمر الكرة عندنا ليس لديهم ولا الحد الأدنى من الغيرة على البلد. · ومن أن أين تأتيهم الغيرة على وطن يعاني من أزمة ضمائر كافة مسئوليه من أعلى الهرم إلى أسفله. · كلما تابعنا مباراة في النهائيات الجارية حالياً تقفز إلى أذهاننا أسئلة من شاكلة: ما الذي يمنع منتخب السودان من تشكيل حضور وسط المنتخبات الشقيقة الأفريقية والعربية المشاركة في البطولة؟ · وإلى متى سنظل مجرد متفرجين فقط على كل ما هو جميل، رغم أننا كنا فيما مضى من صناع الأحداث على كافة الأصعدة؟! · ما يضاعف حالة حزننا على حالنا أن مسئولي اتحاد الكرة السوداني يجوبون كل بلدان العالم ويشاركون في مثل هذه المناسبات، دون أن يتحسروا مثلنا على غيابنا التام كمشارك فعال. · ولا يحاولون الاستفادة من تجارب الآخرين في حسن الإدارة ونقلها للبلد الذي كان يُضرب به المثل في التميز الإداري فيما مضى. · يكفيهم فقط أن يقيموا بالفنادق ذات الخمس نجمات ليتزينوا مساءً بفاخر الثياب ويشكلوا حضوراً وسط الباقين في أي من المناسبات القارية. · والمرء يستغرب دوماً لحماسهم الزائد في التواجد بعضوية لجان الكاف وحضور مناسباته دون أن يحركهم ذلك ويشعل حماسهم لأن يعملوا بجد من أجل إعادة سيرتنا القديمة في هذا المجال. · كل جيراننا الأفارقة يتغيرون نحو الأفضل إلا نحن. · حتى وقت قريب كانت منتخبات شمال أفريقيا صاحبة الكعب الأعلى. · لكن الكثير من المنتخبات الأخرى قلبت الطاولة بتطورها كروياً، واستفادت من التراجع الفني لبعض منتخبات الشمال الأفريقي. · ما عادت نتائج النهائيات مضمونة لمنتخبات دون غيرها. · أمس الأول بدأ التوانسة بتماسك واستحواذ على الكرة، لكنه كان استحواذاً سلبياً توقعنا معه أن يخسروا إن لم يسجلوا سريعاً. · وقد تحقق ذلك بالفعل حيث سجل السنغاليون هدفين انتهى عليهما اللقاء. · وبالأمس تجرع المغاربة من نفس كأس الهزيمة أمام منتخب الكونغو الديمقراطية. · واليوم سنتابع لقاء مصر ومالي. · فأين نحن من كل هذا؟! · متى نُرحم من هرجلة وعشوائية وفوضى وفساد اتحاد معتصم ومجدي وأسامة، حتى نشكل حضوراً وسط الآخرين؟! · بالأمس أجرى اتحاد الفشل قرعة دورينا المُسمى مجازاً بالممتاز. · وكالعادة تم الترتيب للموسم الجديد دون مشاركة فاعلة من الأندية. · وسوف يبدأ الموسم بذات الأساليب القديمة. · وبعد أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر ستبدأ الخلافات والمشاكل والأزمات. · وسيختفي عن المشهد ضباط الاتحاد مع بروز أول أزمة. · وفي أحسن الأحوال سنشهد فصلاً جديداً من الهرجلة والجدولة السيئة للمباريات والتأجيل المستمر. · وسنتابع المباريات عبر بث تلفزيوني فقير وصورة باهتة وتعليق ممل ورتيب وتحليل سطحي. · ما أكتبه ليس تشاؤماً أو استباقاً للأحداث، لكن المعطيات والمؤشرات التي أمامنا وعدم اختلاف الترتيبات عما ظل يجري في الأعوام الماضية يؤكد ذلك. · ويظل الأمل في أن يتولى شأن الكرة في البلد في يوم رجال يحبون وطنهم أكثر مما يحبون أنفسهم.. · نتوق لرجال يمتلئون غيرة وتحركهم نجاحات الآخرين لكي يعلموا من أجل مستقبل أفضل لكرة القدم السودانية. · وقتها فقط نستطيع أن نسترد مكانتنا القديمة ونعلن عودتنا لمثل هذه النهائيات. · أما بالوضع الحالي فمن سابع المستحيلات أن يكون السودان حاضراً هناك. · وحتى إن أسهمت الصدفة في بلوغها فسوف يكون مصيرنا الخروج دون وضع أي بصمة كما حدث في نهائيات غانا. · نشعر بحياء شديد كلما سألنا بعض أخوتنا العرب هنا السؤال الصعب: معقولة منتخبكم أضعف من كل هذه المنتخبات التي نراها؟! · نخجل نحن ونطأطئ الرؤوس أمام مثل هذه الأسئلة.. لكن متى يخجل ضباط اتحاد الفشل أو يشعروا بآلام قطاع عريض من المهتمين بشأن الكرة في البلد؟!