فضيلة الدكتور جاسم سلطان محاضرة عن : السيرة ومكانتها المستقبلية

فضيلة الدكتور جاسم سلطان محاضرة عن : السيرة ومكانتها المستقبلية


01-06-2017, 02:05 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1483664714&rn=0


Post: #1
Title: فضيلة الدكتور جاسم سلطان محاضرة عن : السيرة ومكانتها المستقبلية
Author: سيد علي أبو آمنة
Date: 01-06-2017, 02:05 AM

01:05 AM January, 06 2017

سودانيز اون لاين
سيد علي أبو آمنة-
مكتبتى
رابط مختصر


فضيلة الدكتور جاسم سلطان محاضرة عن : السيرة ومكانتها المستقبلية
رصد وتقديم / سيد علي أبوامنة
مقدمة
في اطار فعاليات المؤتمر الثالث للباحثين في السيرة النبوية ( قضاياها النظرية والمنهجية والتطبيقية), الذي نظم أيام 24- 25- 26 صفر 1438هـ الموافق 24- 25- 26 نوفمبر 2016م. بقصر المؤتمرات بفاس ـ المغرب, قدم فضيلة الدكتور جاسم سلطان مؤسس ومشرف مشروع النهضة هذه المحاضرة الهامة جدا و التي ألقى فيها فضيلته صخورا تساؤلية كبيرة في البركة الراكدة لوعي مجتمعاتنا المسلمة, و كانت فعلا محاضرته تختلف عن الأنماط السائدة في مجتمعاتنا المسلمة للندوات والمحاضرات التي - على كثرتها - لم تكن لتشبع العقول و لا تكاد تأتي بجديد ان لم تكن اجترارا للسقيفة العلمية التي ورثناها و وضعها السابقون, في عصور وبيئات و مناظير تختلف عن ما نحن فيه اليوم, ويسعى البعض للحؤول بين العقول النيرة وبين هذه السقيفة, فان لبيئة الركود من يحرسها كما قال الدكتور.
في هذه المحاضرة الهامة جدا اتخذ الدكتور أول ما اتخذ منظوره لموضوعها من المنطقة التي يسميها (خارج الصندوق), ثم تناول السيرة و عظمتها و كذلك ما فيها من فجوات وما يحتاج فيها لنظر و ماهية علاقتها بنهضة الأمة و بالمستقبل, ثم عرف النهضة و تناول مشكلات الأمة - مشكلات السطح ومشكلات العمق المسببة لها - و ما أسماه ب(بيئة الركود) التي تعيشها مجتمعاتنا رغم وجود القران الكريم و السنة النبوية المشرفة و رغم وجود كل هؤلاء العلماء وكل هذه الكتب, وتناول كيفية معالجة هذه البيئة, و تسائل عن الوجه الذي يمكن للسيرة أن تحرك سكون الأمة منه, وماهية المعايير التي يمكن أن تكون حواكما للتدقيق في مرويات السيرة وقصصها, و كيف نجنب الأمة الأخطار والكوارث الناجمة عن استدعاء البعض لأجزاء من السيرة والاستنتاج المباشر منها, و وضع فضيلته مرتكزات أساسية لأحسان التعامل مع السيرة, و حواكم وضوابط للسيرة أسماها ب(المساطر) التي يجب أن تقاس عليها السنة, و كذلك ذكر أربع افات قد تصيب كل من يحمل معتقدا و ما حكم القران فيها, والقضية الأساسية للدين فيما يصفه ب(مشروع العالمين) و (مشروع قيام الناس بالقسط), و كان من الهام جدا بالنسبة للباحثين والمهتمين في مجتمعاتنا المسلمة, بل ولكل أفراد الأمة أن تناول الدكتور – علاوة على اختلالات السطح وكيفية معالجتها – ذكر ثمانية اختلالات أساسية و قاتلة تكمن في الغور الفكري الذي أطلق عليه فضيلته (الاطار التصوري للأمة), مما خلق صدى واهتمام كبير لدى العلماء والحضور والمهتمين بصحوة الأمة ويقظتها و بمشروع النهضة على وجه الخصوص من شتى بقاع العالم, و خلقت المحاضرة تحركا ايجابيا من الشباب المتعطشين لمعرفة كيفية تطويع ركائز الدين وارثه كله لانتشال أمتنا من وهدتها الغريبة بأن تلمس الكثيرين منهم الأسئلة المحورية للنقاط الهامة جدا التي تناولها فضيلته والتي أشعلت جزوة الرغبة في الابحار بأشرعتها حتى بر السلام والأمان والنماء والنهضة البشرية الشاملة وليس المجتمعات المسلمة فقط, وحسب الدكتور فهذا هو هدف الاسلام والأديان كلها اعمار الكون ونهضة البشرية جمعاء انطلاقا من عدة مفاهيم ذكرها الدكتور في محاضرته القيمة.
افتتح الجلسة الدكتور حسن الأمراني الأستاذ بجامعة محمد الأول
منذ حوالي قرنين من الزمن واجه امتنا سؤال جوهري عريض وهو سؤال النهضة اثارة علماء الاصلاح وكانت اجاباتهم عنه متبيانة انطلاقا من مرجعيتهم المتباينة أيضا, ولم يكن اجابة الطهطاوي على سبيل المثال مطابقة لمحمد عبده أو لجمال الدين الأفغاني ولا لشكيم أرسلان, و ظل هذا السؤال قائما ومتجددا كل هذه المدة الطويلة, وتصدى له في القرن العشرين مجموعة من المفكرين كان من اشهرهم مالك بن نبي رحمه الله, وسؤال النهضة غير بعيد عن موضوع هذه الندوة ( السيرة النبوية الشاملة الكاملة ) ذلك بان من شروط النهضة ان نستحضر مجموعة من الامور المتعلقة بالاصول ومنها قضية السيرة النبوية وفي هذه الجلسة نستمع الى محاضرة ونعطي القوس باريها ويتناول الدكتور جاسم سلطان الكلمة وهو من فوارس هذه القضية (قضية النهضة) لانه صاحب مشروع النهضة وهو مشرف على هذا المشروع وهو أيضا يرأس حاليا مؤسسة تنمية وجميعها تصب في اطار واحد وهو ايضا يعمل مستشارا استراتيجيا للكثير من المؤسسات, وهذا الهم يشغله في حياته العلمية والعملية ويعكسه مجموعة من المؤلفات التي قدمها واغني بها مكتبتنا الاسلامية والعربية ومن ذلك كتابه من الصحوة الى اليقظة ثم قوانين النهضة ثم فلسفة التاريخ ثم الذاكرة التاريخية ثم التفكير الاستراتيجي و قواعد في الممارسة السياسية ثم خطوتك الاولى نحو الاقتصاد ثم بداية جديدة ثم الجيوبولتيك عندما تتحدث الجغرافيا ثم تساؤلات المرحلة ولحظة الاقلاع الحضاري ثم انا والقران سورة البقرة ثم التراث واشكالياته الكبرى نحو وعي جديد لأزمتنا الحضارية كل هذه الكتب متصلة بمشروع النهضة وكما نرى من هذه الكتب فان هذه النهضة متشعبة تمس الجانب التربوي والاقتصادي والحضاري والدكتور جاسم أيضا طبيب يستغل تخصصه من اجل خدمة هذه القضايا وكان مديرا طبيا للمؤسسة القطرية للبترول وهو متفرغ الان لهذا المشروع مشروع النهضة , هذا المشروع الذي يعمل لاعداد أطر شبابية مؤهلة فكريا للقيام بمتطلبات نهضة المجتمعات, السيرة ليست شيئا متعلقا بالماضي فقط ومن أسئلتها كيف نجعلها واقعا لحاضرنا وايضا ماهي ممكناتها المستقبلية وهذ هو الموضوع الذي سيتناوله الدكتور جاسم وهو السيرة وممكناتها المستقبلية فليتفضل سيادته مشكورا .
محاضرة فضيلة الدكتور جاسم
بسم الله الرحمن الرحيم, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن تبع هداه, اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلا, وأنت تجعل الحزن ان شئت سهلا, وبعد
في سياق المؤتمر والعلماء الذين يتكلمون في شئون متخصصة من السيرة, يستحسن أن يسمع لصوت من خارج الصندوق, كيف يرى الانسان موضوع السيرة من خارج الصندوق, هذا الموضوع الكبير والمهم جدا وهو سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام.. ونحن اطفال باستمرار كنا نسمع قصة السيرة وكبرنا ونحن متعلقين بشخص الرسول عليه الصلاة والسلام, وبقصص السيرة, حفظنا اجزاء كثيرة منها, و عندما كبرنا اصبحنا متعلقين بأن يكون في السيرة كم كبير من اجابات الاسئلة التي تحيط بنا, فحاولنا أن نغوص فيها ليس بعقلنا ولكن بعقول أخرى, فالسيرة بعد ما كانت تتناول بالطريقة التقليدية - السرد العادي الموجود في كتب السيرة التقليدية, بدأت تطلع عندنا كتب (فقه السيرة) و (السيرة الحركية) وكل الكتب المشهور و المعروفة التي تداولت في الستينات والسبعينات وما الى ذلك, و غرقنا في هذا الطوفان من الكتب والاتجاهات والتصورات بأن هنالك حلول جزرية موجودة في السيرة فقط علينا ان نتبع الخطوات الموجودة في السيرة وسينتج عندنا المستقبل المرجو بطريقة ما سيحدث ذلك, ثم كبرنا وبدأ نكتشف أيضا هنالك مساحات جديدة في السيرة بدأ الحديث عنها, فبدأت تطلع كتب تتكلم عن (صحيح السيرة), و قبلها كنا نعتقد ان كل شى - مادام كتب فيه عن فلان أو صححه فلان - انه ممتاز ويمكن الاستشهاد به واخذه و السير فيه, و أحيانا نبني عليه قضايا كبيرة جدا - قضايا استراتيجية - قد يكون فيها حياة أو موت, و بعد ذلك بسنوات تكتشف ان الرواية لا أصل لها, لكن مرت فترة من العمر بهذا الشكل التلقائي الذي كنا – و نحن شباب نتعامل به مع السيرة, بدأت كتب مثل كتاب الأستاذ (أكرم ضياء العمري) في كتابه (عن صحيح السيرة) و (ابراهيم العلي) أخرج كتابا (في صحيح السيرة), ثم بدأنا نكتشف أمور - انه حين يجمع صحيح السيرة هنالك فجوات كبيرة جدا داخل اطار رواية السيرة, ففترة الأربعين سنة قبل النبوة تكاد تكون فراغا ضخما فيها شزرات صغيرة جدا موجودة, وبين الروايات التي ذكرت في السيرة كانت تبدو في قصة واحدة متماسكة تروى لنا ونحن صغار أيضا موجودة فجوات تحتاج الى عمل والى تفكر.
ولما أدركت الأمور .. وجدت أن هنالك الكثير مما يحتاج الى نظر, وكنت اعتقد ان الموضوع نضج و احترق وان كل شئ في موضوع السيرة قد تم تناوله, أنا كنت أفتح مكتبتي كل سنتين أحاول مرة أخرى أن أزور المكتبة و أزيل الكتب التي لا أحتاجها , فتظهر لي الكتب التي وضعتها في السياق بعد أن حصلت عليها من هنا أو هناك أو أعجبني عنوان فوضعته في المكتبة, فطبعا تطلع مكتبة كبيرة جدا يلزم اخراجها لتحل مكانها كتب أخرى, وجدت ان مجموعة ضخمة جدا من هذه الكتب كلها في السيرة - السيرة بكل أشكالها, كل واحد كتب مجموعة مجلدات مجموعة كذا الخ كانت موجودة على الرفوف و أنا لا أقرأها انا أحفظ قصص السيرة - الموضوع الذي قرأته وأنا صغير أحفظه و الباقي هو زيادات على الموضوع.
و لما بعث الاخوة الدعوة الى هذا المؤتمر, و رأيت القائمة الجميلة الموجودة من المهام المطلوبة في المؤتمر , خطر ببالي السؤال: ما علاقة كل ذلك بالمستقبل, هل سنظل نحقق في الماضي ونعيد قراءة الماضي؟ ما علاقة هذا الماضي بالمستقبل والتحديات الكبرى التي تحيط بالأمة العربية والاسلامية؟ فاليوم الأمة تهتز من أطرافها.. أوضاعها لا تسر في كل البلاد, غالبا حين تسمع الناس ! لا تجد ذلك الاستقرار النفسي - حتى على الغد, لا يدري أحد ما هو الغد وما الذي ستؤول اليه الامور , هنالك قلق كبير على المستقبل , و السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو ماذا تنفعنا السيرة في هذا المستقبل ؟ حتى نبذل جهد كبير جدا .. ماذا سينفعنا ذلك في المستقبل؟ و كيف سيحركنا ذلك للمستقبل؟ كيف نستفيد من هذه الزخيرة اذا كنا سنشتغل عليها في مواجهة متطلبات اصبحت متطلبات حياة أو موت, لم يعد الموضوع المتعلق بالمستقبل هو من التحسينيات أو حتى من الحاجيات, بل أصبح من الضروريات, ضرورة بقاء أو موت - أن نفكر في المستقبل تفكيرا عمليا.
هذا الموضوع المتعلق بالمستقبل و السيرة .. أنا أشتغل في مشروع النهضة كما ذكر أخي الكريم, لفترة بسيطة منذ العام 1984 الى الان في هذا الموضوع بحثا وتقليبا, وأعرف النهضة باعتبارها (أفكار حية تتنزل على بيئة ركود تثيرها تفعلها وتدخلها في دورة حضارية جديدة), فاذا أردنا الكلمات المفتاحية في هذا الموضوع ! فهي متعلقة بما سأتكلم عنه, فاذا قلنا أفكار حية ! فماهي الأفكار الحية الموجودة في السيرة و التي يمكن أن تكون مصباحا لنا في هذا المشروع المستقبلي الذي نأمله ؟, واذا قلنا تتنزل على بيئة ركود ! فماهي صورة الركود الذي نعيش فيه ؟ ما هو جزره وأساسه ؟ - طبعا لدينا مستويين من الركود , على السطح وأسميها قضايا السطح, أو ( الصفيح الساخن ) حروب – فقر- جهل مرض بطاله .. سمها ما شئت, هذه كلها قضايا السطح, لكن ما الذي أنتجها في العمق ؟ اذا كنا خير أمة أخرجت للناس , واذا كان عندنا كتاب الله عز وجل, اذا كان عندنا هذه السيرة المطهرة, و كل هؤلاء العلماء, واذا كان عندنا كل هذه الكتب المحققة, فما الذي أنتج عندنا هذا الواقع الذي نئن منه ؟ هو سؤال محير ومقلق, تجاوزه غير ممكن بالنسبة للانسان العاقل, فاذا كان كل شئ لدينا ممتاز !! فما الذي يجعل هذا السطح بهذا الشكل الذي نعيش فيه ؟ هذا السؤال الكبير جدا و يؤول أيضا الى قضية البيئة التي نتعامل معها اذا تنزلت عليها الأفكار الحية, فاذا كانت هذه البيئة بيئة ركود .. فهل ستتفاعل مع هذه الأفكار سلبا أم ايجابا ؟.
قبل حضوري للمؤتمر كنت أقرأ كتابا في الفلسفة, و في مقدمة الكتاب قائمة بأسماء الفلاسفة و ما الذي جرى لهم, فوجدت في قمة الهرم ان افلاطون مثلا بيع في سوق العبيد نتيجة أفكارة باعتباره يسمم الأجواء, فبيع في سوق النخاسة مع انه من أسرة كريمة في روما, مما يعني انه ليس سهلا على المجتمع أن يتقبل فكر جديد أو تصور جديد أو رؤية جديدة, بيئة الركود لها من يحرسها, هي بيئة عصية على التحولات, وأفضل طريقة لتحويلها أن تعالجها من داخلها.
و السيرة النبوية قد تكون أداة ضخمة جدا – اذا أحسن استخدامها – في هذا البعث النفسي و والبعث الروحي والفكري والعقلي للمجتمعات التي نعيش فيها, لكن كيف وبأي شروط ؟ هو هذا السؤال المركب الذي يحتاج أن نجيب عليه , كيف وبأي شروط يتحول القران الكريم الى أداة باعثة ؟ هو وحي منزل ولكنه لا يشتغل في هذه البيئة, فاذا كان القران عدل وحرية وكرامة انسانية وتقدم وصناعة و زراعة !! اذا فالذي عندنا هو ليس مشروع القران, الذي عندنا هو شئ اخر لا علاقة له بالقران, الذي يسكن عقولنا ليس هو القران, لأن بالتعريف نتكلم عن الكتاب والهدي السماوي الباعث للأمم والمحرك للطاقات المولد للبيئات المتقدمة والذي سيجعل الأمة خير أمة أخرجت للناس, بينما واقعنا المعاش لا يشي بشئ من ذلك, فاذا أردنا العلم اتجهنا للغرب, واذا أردنا الصناعة اتجهنا للغرب, و اذا أردنا النمازج الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اتجهنا للغرب, لم نعد بوصلة للبشرية, فبأي معنى نكون عندنا كلام الله؟ و بأي معنى نكون عندنا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم , أهي وجود ساكن على الرفوف نحتفي به و نلمعه وننظفه نحترمه و نبكي فيه ثم نعيده للرف ؟ أم هو حالة ولودة تولد فينا طاقة وفعلا و تغيرا حقيقيا؟ ما هي الشروط التي تجعل القران والكريم و السنة النبوية يبعثان فينا ما بعثاه في الأوائل و حركا به سكونا و أطلقا طاقات أمة؟ هذا السؤال الكبير المحير الذي خطر ببالي و أنا أرى المعالجات الموجودة في هذا المشروع الضخم جدا والمهم جدا في هذه المرحلة من مراحل الأمة.
اذا أول قضية رئيسة تخطر بالبال هي هذه العلاقة الواصلة - ماذا تعني السيرة النبوية ومن أي وجه ستحرك سكوننا وستغير نظام الأفكار عندنا ؟ وما هي الأفكار التي تحتاج الى تغيير عندنا ؟ نحتاج أن نبحث في هذه القضايا حتى نعرف كيف نوظف هذا المنتوج حتى يبعث فينا ما يفترض أنه يبعثه فينا من حيوية و حركة, لكن في المشروع الأساس الذى تتكلم عنه - السيرة – أول سؤال هو ما هي المعايير التي ستستخدم للتدقيق في المرويات ؟ بأي درجة من الصحة ستعتمد المرويات ؟ و نحن نعرف انه توجد (مساطر) مختلفة للتدقيق في المرويات, فهل سيتم ذلك على مسطرة البخاري ؟ أم على مسطرة مسلم ؟ أو على مسطرة المتأخرين مثل الشيخ الألباني أو محمد شاكر وغيرهم من العلماء , علي أي مسطرة وهي درجات مختلفة من التدقيق, أي سلم ضخم جدا في مقدمته يقف البخاري ثم ينزل السلم حتى يصل الى المعاصرين, ثم على فرضية اننا قررنا أي درجة من السلم !! فبأي حاكمية سنعتبر؟ هل القران هنا سيدخل في المعادلة وبالتالي سيصبح عندنا حكما اعلى المرويات نفسها ؟ هل السيرة (بمضمونها الكلي) ستدخل حكما في التدقيق؟ فمثلا أنا أذكر فيما قرأت في مرحلة الشباب عندما أصدر الشيخ الغزالي عليه رحمة الله كتابه في السيرة, طلب من الشيخ الألباني أن يحق الكتاب, وكان الشيخ الألباني معترضا على الغزالي في رواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم غزا قوما وهم غارون أي غافلون , باعتبار ان في مجمل السيرة لم يكن هنالك غدر من الرسول صلى الله عليه وسلم, فأي كانت هذه الرواية فانها لا تستقيم مع مجمل الروايات, فهنا حكم الألباني مجمل السيرة في رفض هذه الحادثة الموجودة مع تصحيحها, اذا المعايير المحتملة للتدقيق في الروايات قد لا تكون محل اتفاق, ماذا سندرج وماذا سنخرج من هذه الدائرة الضخمة, وما الذي يبقى وما الذي سيكون مصيره غير ذلك.
القضية الثانية هي قراءة السيرة – كيف نقرأ السيرة, فقراءة أي نص هي نص بذاتها, بمعني اننا حينما نقرأ نصا .. فنحن نكتب نصا اخر, لأن النص الذي أمامنا باستمرار فيه فجوات, وهذه الفجوات يملأها القارئ من عقله, فمثلا اذا رويت أنا ما جرى في هذه الصالة لأحد في الخارج فعليه أن يملأ بقية المشهد يؤسسه من ذاته, فينتج قراءة أخرى للمشهد, اذا فما هو المعيار الذي سيضبط القراءات المختلفة ويجعل لها معنى متقاربا وليس معنى متباعدا.
و أخطر من ذلك القضة الثالثة, وهي ان الذي يتابع منابر الجمعة و والخطب والوعظ الموجود و حتى التداول الشبابي في الانترنت للخطاب و النقاش, يجد ان أحداث السيرة يتم استدعائها والاستنتاج منها مباشرة و بأي كيفية, و أحيانا تؤدي الى نتائج كارثية قد يكون بها استباحة دماء, مجرد حادثة ويقول لك (والدليل على ذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كذا وكذا وقد روي كذا وكذا) و هو يستنتج الباقي, فكيف سنوجد وعيا شاملا بأن هذا الاستدعاء قد يحدث كوارثا و ان هذا الاستدعاء يحتاج الى ضوابط, و من سيضع هذه الضوابط؟ و الخطب جلل, لا تكاد تذهب الى خطبة جمعة أو تستمع الى واعظ أو تقرأ شيئا في الانترنت بالنقاشات الموجودة .. الا والسيرة حاضرة بهذه الكيفية البسيطة التي يتم فيها الاستدعاء و الاخذ والرد فيها بدون ضوابط.
ثم سؤال أخر خطر ببالي أيضا – هذا المشروع قد يأخذ سنوات طويلة, فان لم يكن عقدا قد يزيد, قد يكون هذا عمر المشروع لانه مشروع ضخم, فمن هنا الى هناك – ما هي احتياجات الشباب فعلا أي القدر الذي يحتاجونه - وهم الذين يشكلون هذا المستقبل – من السيرة, وتنضبط به مقولاتهم و تصوراتهم, لأن الأحداث لن تنتظر العشر سنوات القادمة ولن تنتظر العشرين سنة القادمة, الناس تمارس وتقرر والشباب يتحركون – مرة جائني أحد الأباء يبكي فسألته عن أمره فقال ان ابنى بعث لي برسالة وهو موجود في احدى المناطق الساخنة التي تسمعون عنها, فقد تفاجأ بأي شئ يحدث في هذه البيئة المتحركة, وأنت تريد أن تلحق هذه الموجات السريعة جدا, و المشروع يحتاج عشرة أو عشرين سنة, فيخطر في بالي و أنا - كما قلت لكم - من خارج الصندوق لست من داخل الاطار لكن كانسان ينظر من الخارج و يقول لك بعد عشرين سنة تكون الطيور قد طارت بأرزاقها و الخيول قد جرت بأعنتها, اذا كيف نستطيع أن ننشئ شيئا سريعا الى جانب هذا الشئ العميق الذي نريد أن ننتجه.
أعتقد ان مرتكزات للنظر للسيرة - وهو قول خاص بي أشارككم فيه من باب الاستئناس و قد يكون كله خطأ لس فيه شيئ من الصواب – أعتقد ان هنالك ثلاث مرتكزات هامة اذا أردنا أن نحسن التعامل مع سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وأن نأمن من المستقبل, وهي القران الكريم ونسقه القيمي, و السياق التاريخي الحاكم للفعل, والانتظارات المستقبلية المخزونة في المشروع الانساني, فالمرتكز الأول هو أن تكون هناك قبل السيرة منظومة قيمية قرانية هادية, منظومة ولا أقول متفرقات, وقرانية لأنها صادرة من الوحي مباشرة وليس الوحي بوسيط, و هادية لكل الأعمال التي ستتم في المستقبل, ماذا أقصد بمنظومة قرانية هادية؟ فاليوم مثلا لما نبحث في كتاب الله عز وجل ونجد أمامنا تقريرات كبرى اذا قسمنا مساحات النظر للقران في علاقته بالواقع وليس علاقته بالأفراد انما علاقته بالواقع الاجتماعي فيمكن تقسيم الموضوع الى أربعة تقسيمات كبرى: فهناك قيم العمق التي يتأسس عليها هذا البناء كله, ففي عمق المشهد هناك معاني قرانية مستقرة و قوية, و على هذا البناء يوجد نظام التساكن و التعايش بين البشر, لكنه مرتبط ارتباط وثيق بقيم العمق, ثم هنالك مستوى ثالث اذا التقى البشر فيما بينهم يدور بينهم حوارا, دعونا نسمي هذه المنطقة (قيم الدعوة والتواصل), ثم فوق هذا البناء البشر قد لا يستمرون في قضية اللقاء والحوار, فقد تكون بينهم حروب, فعندنا أربع مستويات من النظر للقيم اذا تعلقت بالمجتمع العام الذي نحن موجودين فيه, و اذا صح ما أستشفه أنا من كتاب الله عز وجل فقد قلت ان أول المستقرات الكبرى في كتاب الله عز وجل لما نقابلها هو موضوع ( الرحمة), فنحن نقول بسم الله الرحمن الرحيم, ونبدأ نحمد الله عز وجل انه الرحمن الرحيم, والقضية الثانية أنه (رب العالمين), ففي العمق موجود مشروع ( العالمين ) و في العمق موجود الرحمة بالعالمين, هذا اطار حاكم كلي كبير نستقبله في كل لحظة, والرسول صلى الله عليه وسلم نصفه ب (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) والانسان المسلم عندما يقابل البشر يعدهم ثلاث وعود كبرى فيقول السلام عليكم أي جئتكم ب(السلام), ورحمة الله أي جئتكم ب(الرحمة), وبركاته أي جئتكم ب(النماء والتطور), ولا أدري ما ان كنا نقصد الكلام لما نقوله, أم اننا نقولها كما نقول باللغة الانجليزية (هاي) أو (هالو), هل هي مشروع حقيقي أم هي عبارة عن كلام نقوله فقط ولا معنى له, لكن اذا ربطنا الأمور ببعضها البعض سنجد نسقا, فان فكرة الرحمة وفكرة العلاقة بهذه الرحمة للعالمين هي أول المؤشرات التي يمكن اعتمادها في مشروع السيرة النبوية لاننا نستقبلها عند بداية أي سورة و عند لقاء أي بشر وعند حمد الله عز وجل في كل صلاة نحن نشير ونتكلم عن هذا المشروع الضخم, كيف يكون لمشروع رحمة للعالمين دلالة في حياة البشرية وليس في حياتنا نحن المجتمعات المسلمة فقط, كيف يكون له معنى متصلا ب( العالمين) متصلا بالبشر والحجر والشجر و والكون والبيئة و كل الأشياء, هذا مشروع ضخم, كيف يمكن أن تسند السيرة هذا المشروع الضخم في حياة البشرية؟
و اذا انتقلنا أعمق من ذلك بقليل فنحن نعرف ان نزول الكتب السماوية ليقوم الناس بالقسط ( وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) , هكذا (النَّاسُ بِالْقِسْطِ) , فمشروع قيام الناس بالقسط لم يقم بعد, ما زالت البشرية تعاني من غياب مشروع القسط الشامل, لأن كل أمة انحازت لأن تقول القسط لنا ولغيرنا الحشش أو الشوك, فمشروع رحمة للعالمين - مشروع ليقوم الناس بالقسط ما زال بكرا, والرسول صلى الله عليه وسلم ما عليه الا البلاغ ( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ), و الرسول بلغنا والان مهمة اقامة القسط في العالمين وتقديم النموذج الفكري والمادي والعملي والرحمة للعالمين بهذا المعنى الواسع ما زال مشروعا مفتوحا على المستقبل, فاذا ربطنا السيرة بكتاب الله عز وجل يصبح عندنا معنى لما نقره أو لا نقره من خلال المرويات الموجودة - بعدا اخر في النظر.
و اذا عمقنا النظر أكثر من ذلك, و قلنا في مستوى العمق سنجد عندنا ان القران يقرر ان الناس مختلفين ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) فهناك اقرار بهذا الاختلاف, اعمق منه ان (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ), اذا يجب أن يتعايش الانسان المسلم مع هذه الحقائق القرانية في سعيه لتغيير البشرية و تعبيدها لله عز وجل , فهنالك حقيقة قرانية ان البشر سيبقون مختلفين, و ان البشر أغلبهم لن يكونوا مؤمنين, و هذا العمق الذي نتحدث عنه مشفوع بأمر اخر في غاية الخطورة, وهو ان الملائكة في أصل تكوين الانسان خافت من قضيتين كبيرتين, أن يفسد فيها و أن يسفك الدماء, بهذا المعنى فالبشر رغم اختلافهم و تنوعهم هم مهددون بالافساد وبسفك الدماء, و مشروع الدين فيهم هو وقف الفساد و وقف سفك الدماء, هانحن نكتشف داخل العمق القراني الموجود ( مسطرة) و مرتكزات كبرى, فاذا خالفتها النصوص الجزئية الي أيهما نحتكم ؟ أي القضايا ستصبح حاكمة على الأخرى ؟
كذلك داخل هذا العمق القراني سنجد قضية كبرى و هي ان المطلوب هو اعمار الكون (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا), و هذه القضايا اذا لم تكن متسقة مئة بالمئة مع مشروع التساكن البشري يكون في كلام الله عز وجل اختلاف (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا), لكن أنظر الى فوق في البعد الثاني وهو البعد التعايشي بين البشر, سنجد قضايا عجيبة جدا, فالقران الكريم يقول (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ) بين البشر موجود مشروع البر والقسط, و مشفوع بفكرة التعاقد و مشفوع بفكرة الوفاء بالعهود و العقود فالبشر حين يعيشون مع بعضهم البعض يحتاجون الى هاتين الركيزتين مع مبدأ التعاقد, و لماذا قدم البر على القسط ؟ - و البر هو أعلى درجات الاحسان لانه يأتي في سياق الوالدين والأقربين و ما الى ذلك - لأن الناس في الحياة العادية ليسوا مختصمين طوال الوقت, فهم يعيشون حياة عادية و يحتاجون القسط عندما يختلفون حول قضايا ويصلون الى القضاء, و هذا شئ استثنائي في حياة البشر, فاذا عاش البشر مع بعضهم البعض على اختلافهم وتنوعهم و واعراقهم وأجناسهم و أديانهم فقد يكون بينهم القسط ولكن ليس بينهم البر, فالقران في هذا المعني يتسق مع ذاته العميقة, المعاني العميقة التي تكلمنا عنها لم تعد مفصولة عن قضية التساكن و وعينا بشروط التساكن.
أما اذا ارتفعنا فوق هذا المستوى سنذهب الى مستوى التواصل والدعوة, فماهو أخطر ما يمكن أن يبتلى به الانسان الذي يحمل معتقدا ؟ هي أربعة افات كبرى يمكن أن يبتلى بها الانسان الذي يحمل معتقدا - بصفته بشرا - الأولى هي التسلط على الاخرين, والثانية هي التجبر على الاخرين, والثالثة ادعاء انه سيحفظهم, والرابعة ادعاء انه وكيل عنهم, والقران الكريم ينفي هذه القضايا متسلسلة, ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22)), (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بحفيظ ) (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) , اذا وماذا بعد ذلك ؟ (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) , هانحن في منظومة الخطاب ما يجب على الداعية والانسان في المجتمع أن يفعله – مسلما أو غير مسلم – حتى تكون الحياة مستقرة بين البشر - أن يمتنع عن مثل هذه الأفكار ثم يؤسس لماذا ؟ (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) هاهو الخطاب الاجتماعي المتسق مع التعايش الاجتماعي.

و اذا صعدنا للسقف الأعلى من ذلك , وان الناس ما أستقرت وقامت بينهم الحروب, يقول الله عز وجل (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( 39 ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ), فها أنت اذا اعتدي عليك فأنت مشروع لك أن تدافع, بل و أفضل منه أن تكون في منتهى القوة بحيث تمنع الطرف الاخر من العدوان عليك أصلا (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) لا لتقاتلون به !! انما (تُرْهِبُونَ بِهِ), هذا لمنع حدوث القتال, لأن العدوان يأتي من استضعاف طرف لطرف اخر, والقوى لا يفكر أحد في أن يقيم معه حربا, فيقيم معه حوارا وتواصلا, ولكن !! ماذا اذا جنح الناس للسلم ؟ نعود الى موضوع (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
فلما ننظر الى هذه المنظومة ننظر للقران ك(منظومة واحدة) فيها بناء مركب كامل, خلاف ان نستدعي النصوص مجزئة من سياقاتها, فاذا أحكمنا البناء القراني يسهل علينا أن ننظر في السيرة فنقول ان هذا الموضوع في السيرة متسق مع أصل السيرة و أصل البعثة و أصل النبوة و أصل الخطاب و هو خطاب القران الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, فيكون لدينا مسطرة نحتكم اليها .
و الأمر الاخر الخطير أيضا يوجد في تعاملنا مع القران, اذا أحكمنا محكمات القران و نظمناها في نسق .. فتجد مثلا (مدرسة الحرب المشهورة جدا) هذه الأيام وجدت أمامها سدا ضخما من الايات المنظمة في كتاب الله عز وجل, فقالوا بنسخها جميعا باية السيف, لان بدون نسخ الايات هذه لا يمكن لهذا المشروع (مشروع الحرب) أن يقوم, لأن القران جعل أمامه ترسانة ضخمة من الايات بلغت سبع و أربعون مئتا اية من ايات الرحمة, فهذا الصنف من البشر وهذا النوع من الاختيارات لما وجد هذا السد الضخم من الايات المانعة من هذا التصور, قاموا بهدم النسق كله, وقالوا هذا منسوخ باية السيف وأراحوا أنفسهم من عناء الرد على كل اية لوحدها, ثم انفتح لهم أمر الحرب بعد أن انهار السد أمامهم, مع انه سد منيع غير قابل للاختراق الا بهدم النظم القراني كاملا.
سؤالي الاخير – و أأسف لأني أطلت عليكم – ما هي نوعية الاختلالات التي تحتاج علاجا في امتنا ؟ طبعا اختلالات السطح أي المستوى الأول ( الصفيح الساخن ) تحتاج الى طفاية حرائق, حيث تجري هنا لتساعد هنالك وتجرى هنا لتحل قضية معينة, لكن أصل الداء باق, ونحتاج أن نعرف أصل الداء ومن أين يأتي هذا الخلل؟ ومن أين يأتي هذا الضعف ومن أين تأتي جزور المشاكل؟ سنجدها في الاطار التصوري في الأمة, و هذا الاطار للامة اذا ضرب لا تقوم لها قائمة , و هذا الاطار يشمل ثمانية مساحات كبيرة جدا
أولا : النظرة لطبيعة الفرد
الانسان في المجتمع – أي كيف يتخيل المجتمع الفرد ؟ هل يتخيله عنصرا صالحا يريد أن يفتح أمامها الأفق لينطلق ؟ أم يعتقد انه مشروع شرير عليه أن يقيده ويحاصره ؟ فاذا حوصرت ملكات الانسان في المجتمع – قدراته طاقاته واحلامه واماله وافكاره وتصوراته جهده !! اذا حوصر بالقانون وحوصر بالشك و حوصر بالخوف و الخ, فماذا ستكون فرصة المجتمع للتقدم ؟ لن تكون له فرصة, اذا ماذا اذا تبنى المجتمع نظرة أخرى ؟
ثانيا: النظرة الى الطبيعة
هل ننظر للطبيعة باعتبارها كنز أسرار ينتظر أن يفتحه الانسان و يسخره لمصلحته ؟ أعني حين نرى المطر و نرى الرعد والبرق و الحجر والشجر ! انعتقد انه فرصة لقراءة كتاب الله عز وجل في الوجود .. وبالتالي نلامسه للتعلم ونفحصه ونفتحه؟ أم نعتبره وجودا مساوقا لوجودنا نمر عليه معرضين ؟ أي نوع من العلاقة في مجتمعاتنا بين الانسان والمادة ؟ هل يعتقد انها كنز أسرار أم يعتقد انها وجود مساوق ؟ فالمجتمعات التي تعتقد ان الطبيعة كنز أسرار ! هي تختلف تماما عن المجتمعات التي تعتقد ان الطبيعة هي وجود مساوق, فلدينا تجد الطفل في المدرسة يعلمونه كيف يرسم الشجرة على الورق و يرسمون له الأوراق والجذور , بينما توجد هنالك شجرة تنمو الى جوار الفصل يستطيع الطفل أن يلامسها ويتعرف عليها بشكل مباشر, فعلاقتنا بالطبيعة مختلة, و نحن نمر عليها معرضين بالليل وبالنهار.
ثالثا: المجتمع والنظرة الى الزمن
هل الناس في مجتمعاتنا مشغولون بالمستقبل ! أم انهم معنين بقضايا الماضين ومشغولين بحلها ؟ المجتمعات الحية معنية بالمستقبل, و معنية بالسؤال كيف سيكون المستقبل وكيف نستعد له, والمجتمعات التي تئن تحت الركود مشغولة بالماضي تريد علاج قضايا الماضي مرة أخرى و احيائها في دورات لا تنتهي من الجدل حولها, و أخطر من ذلك في علاقتنا مع الزمن هو ماهية قيمة الزمن بالنسبة للانسان ؟ أيعتقد انها قيمة عالية جدا فهو يريد أن يقترف منها بأكبر قدر؟ أم انه يعتقد ان الزمن عبئ عليه و عليه أن يقضي عليه ويهدره بما يستطيع ؟ أي علاقة بالزمن خلقناها في عقولنا وفي نفوس أبنائنا و في الجيل الذي يحيط بنا؟ .. مالك بن نبي عليه رحمة الله يقول ان نهر الزمن يتدفق تحت كل المدن يغذي نشاط الذين يقترفون منه بطاقاته الأبدية, كيف يمكن تطوير واستثارة عقول المسلمين من خلال كتاب الله عز وجل ومن خلال سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام لاعادة النظر في الزمن, لأن القران لما يتكلم (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر) فان من خسر الزمن خسر كل شئ, فما فعلنا الا فعل في الزمن, و اذا اختفى الزمن لم يعد لنا فعل.
رابعا : المجتمع والنظرة الى الحياة
هل فعل الانسان في الحياة مؤثر فيها ؟ و مؤثر في اعتباره انسان فيها ؟ بمعنى هل قيمة الانسان عندنا بمدى مساهمته في تقدم المجتمع – ام تكون قيمته بالشرف الموروث ؟ هل كرامته الوجودية يكتسبها من اسهامه في تطور المجتمع, أم لانه بن زيد أو عبيد أو من هذه السلالة أو تلك ؟ أي نوع من الاحتفاء نحتفي به – بالانسان؟ أي أي نوع من الانسان هو من نكرمه في مجتمعاتنا, فهذا سؤال كبير جدا .. في كتاب لطيف جدا عن الديمقراطية كتب في الولايات المتحدة الأمريكية وكان صاحبه يحاول أن يحلل ما هو أكبر تغير حدث في الغرب فنقل المجتمعات الأوروبية من عصورها المظلمة الى عصورها الحديثة, فقال - بعد تحليل طويل جدا لكل العناصر المحتملة – لا شك ان هنالك عنصر واحد حاكم وهو الانتقال من الشرف الموروث الى اكتساب الشرف بفعل الانسان في مجتمعه, هذا هو الانتقال الكبير الذي جعل الانسان قيمته الحقيقية تتحدد بمساهمته, فأصبح كل انسان يعتقد انه مشروع تحول في المجتمع, يستطيع أن ينشئ وجوده دون حاجة لأسلافه, فوجوده مكتسب من فعله, هذا التغير الضخم في حياة البشر ! كم هو قريب مما هو في حياتنا؟.
خامسا: نظرة المجتمع للعلم
هل العلم في المجتمع هو اجترار لا زيادة فيه ودوران حول الذات ؟ أم انه علم يقوم بالارتقاء طورا بعد طور, و يطرح أسئلة جديدة و نقاشات جديدة فيرتقي, و هل العلم هو علم لدني ينتظر فيه الانسان أن يصفي قلبه فينزل له الكسب ؟ أم هو علم نظري فلسفي, أم هو تجريبي مخبري ؟ أي نظرة للعلم هي نظرة مجتمعاتنا؟ وبالتالي تحدد موقفنا من بقية الحضارات وقدرتنا على هذا السباق الكوني الموجود.
سادسا : النظرة للحياة الاخرة
هذا مدخل اخر, في المجتمعات المتدينة – النظرة للاخرة - هل هي وقود لاحسان الفعل في الدنيا؟ أم هي دعوة للانسحاب من فعل الدنيا و انتظار الموت والاخرة ؟ أي خطاب يتكرس في مساجدنا و وفي بيئاتنا؟ هل نحن ندوعوا الناس – لأجل الاخرة – أن يحسنوا في المصنع و المزرعة و المدرسة والمتجر وفي الأخلاق وفي القيم , أم اننا نقول لهم ان كل هذه القضايا لا قيمة لها فاعتنوا باخرتكم واتجهو بعيدا عن هذه الامور؟ أي الخطابين يغلب على المجتمع؟ تحويل الاخرة الى وقود للفعل في الدنيا والاحسان فيها في هذا المشروع المتكامل القراني ؟ أم انسحاب للبشر من الدنيا ؟ فالاخرة قد توظف في الاتجاهين وعلينا أن نحسم أمرنا في أي الاتجاهات سنوظف الاخرة.
سابعا : النظرة للقريب المماثل
ففي المجتمعات الاسلامية اليوم خذ مثلا مسلم واحد و أصبر عليه لمدة أربعة أيام ينقسم الى أربعة و يكون أربعة جماعات, أو ضع أي مجموعة بشرية متعاونة من مجتمعاتنا معا و بعد شهرين أو أربعة أشهر تجدهم لا يكلم بعضهم بعضا, تستغرب من هذه الحالة الانشطارية, ثم تجدهم يقفون ويرددون ( انما المؤمنون أخوة ), ما هي المشكلة لدى مجتمعاتنا المؤدية الى هذا الخطاب المزدوج وهذه الحالة الغريبة جدا الموجود عندنا ؟ فمثلا في سوريا الان كل الشباب يحملون رايات اسلامية و يضعون علامات عليها لا اله الا الله وكتيبة مصعب بن عمير و غيرة حتى استنفدوا كل أسماء الصحابة, لم يستنفدوا أصحاب الصحابة رغبة في الصحابة, ولكن لانشاء مجموعات جديدة مفرقة عن بعضها البعض وكلهم في موقف قد يموت الواحد منهم بين لحظة و أخرى, لكن فكرة الاندماج فكرة العمل فكرة التواصل فكرة اللقاء غير موجودة لديهم, فالكل يعتقد ان عنده الخاتم السحري الذي سيصون المجتمع ويحفظه والاخرين سيبددون هذا الخير. ففي مرة كان أحد من المسلمين الانجليز يقول : ( في كل المجتمعات الناس يتفقون على الحد الأدنى, و نحن الوحيدون الذين نريد الحد الأعلى للاتفاق, و هذا لا يحدث أي اتفاق) انتهى, فما هو الحد الذي يكون به المسلم مسلما و تستقيم حياته ويستطيع أن يتعاون انطلاقا منه مع الاخرين ؟ - روى الامام الذهبي في قصة لطيفة لما تكلم عن الامام الأشعري بعد وفاته , فقال: ( أشهدوا أني لا أكفر أحدا اختلف معي في مثل هذا - و يقصد في الأسماء والصفات – فقد اختلفت العبارات و أشاروا الى معبود واحد ) انتهى , أنظر متى قال ذلك ؟ قاله في اخر عمره, و لكن !! هل توقفت المعارك التي دارت قبل هذا بمقولته الأخيرة بأن الحد الأدنى هو اتفاق الناس حول معبود واحد, و بأنه مادامت الناس تشير الى معبود واحد فهذا كاف في ايمانها ؟ وفي نفس الموقف يقول الامام الذهبي : ( وقد حضرت شيخ الاسلام بن تيمية – و كان صديقه - فقال في اخر عمره أشهدوا أني لا أكفر شخصا توضأ وصلى) انتهى, ثم ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأصبح المعيار الان (توضأ وصلى) بعد أن كانت هنالك منافحة كبيرة جدا عن قضايا لا حصر لها في كل صغيرة و كبيرة, فنحن لا نحسن ادارة الحد الأدنى حتى نقيم تعاونا وثيقا, فالكل يعتقد ان عنده المفتاح الكلي الذي يحتم على الاخرين أن يطيعوه ويسمعوا كلامه او سيضيع الدين والملة, الدين والملة ليسوا في عهدة أحد بل هم ملك شائع بين كل الأمة.. فالنظرة الى القريب المماثل – هل هي نظرة تساوي, أم هي نظرة عمودية ؟ فالمجتمعات التي لديها نظرة عمودية فهي تنتج ديكتاتوريات صغيرة و كبيرة, والمجتمعات التي عندها الناس أكفاء و رؤوسهم و أطوالهم واحدة !! تنتج مجتمعات قادرة على الحوار وتنشئ مجتمعات سوية, فأي النظرتين ستغلب عندنا ؟ .
ثامنا : النظرة للبعيد المغايير- المخالف
هل نعتقد ان علاقتنا بالاخرين هي فرصة للدعوة وفرصة للتواصل و فرصة للاستفادة وتبادل الخير, أم نعتقد انهم مشروع عداء دائم ومشروع اقتتال دائم لا مكان فيه لأي سلم أو أي لقاء, أي نوع من التفكير يغلب علينا في مجتمعاتنا؟ هذه القضايا الأساسية الكبرى - و التي كان القران الكريم واضح في معاييره فيها – رقم واحد فهي ليست شائعة بيننا, الأطر الأساسية كلها عندنا – طبعا ليست عندي دراسة وصفية مسحية انما أتكلم عن طريق الانطباع – فاذا قسنا هذه القضايا كلها في العلاقات الأساسية في المحاور الثمانية سنجد أن كلها تميل الى أضدادها, أي تميل الى الاتجاه السلبي, يبقى عندنا مشروع مفتوح على المستقبل, والسيرة قد تخدمه خدمة لا مثيل لها اذا أحسنا استخدامها كأداة في هذا البعث المستقبلي وصناعة النهضة في المستقبل , أما كتاب الله عز وجل فهو مخزن المخازن للتقدم, أيضا اذا أحسنا التعامل معه بانساقة وليس بجزئياته – فالقران يحزر من قضية أن يتخذ الناس القران عظين, أي مجزءا بأن يستدعى كل جزء دون سائر البناء, كأن يأتي أحدهم مرة بنافذة ومرة بباب واخري بجزء اخر من البناء – و أضرب دائما مثلا بأن يقول لك أحدهم بانه سيبيعك سيارة مارسيدس بثمن رخيص, فتوافق على ذلك و تسأله أين السيارة, فيقول لك موجودة في المخزن, فتدخل المخزن فتجد قطع غيار مارسيدس, وتسأله مجددا عن السيارة فيقول لك هذه هي مشيرا الى قطع الغيار, و هذه ليست السيارة انها قطع مفرقة مجزئة قد تستخدم في سيارة و قد تظل قطعا لا تتحرك ولا يتحرك بها أحد, أما كتاب الله فهو نسق محكم (أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) بنائه متناسق, الرؤية فيه يجب أن تكون متناسقة, كل شئ يجب أن يوضع في مكانه حتى يظهر جماله, أما اذا أخذ مفرقا فالجميل سيبدو غير جميل, والنافع سيبدو كأنه ضار لأنك أخرجته من سياقه. و في الختام - أنا أطلت عليكم, و لعلي قلت شيئا من خارج الصندوق قد يكون فيه من الخطأ أكبر مما فيه من الصواب, فأعوذ بالله سبحانه وتعالى من زلات اللسان
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.




أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 05 يناير 2017

اخبار و بيانات

  • بيان إدانة لمجزرة مدينة الجنينة دار أندوكا من حركة العدل والمساواة السودانية الجديدة
  • دعوة لمظاهرة للسودانيين بهولندا تنديدا بمجزرة نرتتي
  • بيان من رئيس حركة/جيش تحرير السودان حول مجزرة الجنينة
  • الإعلام والإستقلال حكايات، ومواقف، وأسرار يرويها محجوب محمد صالح، وعلي شمو بمنتدي الصحفيين
  • حركة العدل والمساواة تدين مجزرة الجنينه
  • الحزب الإتحادي الموحد – يدين أحداث مدينة الجنينة
  • أمين الشباب والطلاب بحركة تحرير السودان للعدالة يدين تجدد المجازر في غرب دارفور (الجنينة ) و يطال
  • الكاروري: قضية المعدنين المحتجزين في مصر تحتاج جلوس الطرفين
  • إسرائيل تقرر منح السودانيين غير العرب صفة اللجوء
  • وزير الداخلية: لا توجد تأشيرة خروج للسودانيين
  • (10) قنطار (تمباك) دعماً للوطني بشمال دارفور
  • عودة طائرة (سودانير) من الممر قبل إقلاعها لإنقاذ حياة سوداني
  • الحكومة السودانية: اتفاقات رئيسية مع حركات دارفور
  • قال إن مواجهتهم تتطلب دبابات وزير الداخلية: مسلحون أجانب يسيطرون على التعدين بجبل عامر
  • المركزي ينفي رفع الحظر الأمريكي عن البنوك السودانية
  • كاركاتير اليوم الموافق 05 يناير 2017 للفنان ودابو عن الوطني يقتسم الكعكة مع احزاب الحوار
  • البروف حسن ابوعائشه رائدا لطب الكلي في أفريقيا

    اراء و مقالات

  • مفكرتي: وادي سيدنا الثانوية (3): اول مقابلة صحفية مع خواجه واشنطن: محمد علي صالح
  • ما معنى ان نحتفى ل61 عاما باستقلال لم يحقق اى عائد للسودان وشعبه بقلم النعمان حسن
  • نائب الرئيس السيد / حسبو محمد عبد الرحمن بقلم الامين اوهاج
  • ما دام ماسك مبادءك صاح بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان
  • استنكار ومقاطعة لزيارة الوالي السابق للبحر الأحمر فشل ندوة سيادته بمنتدى النورا بقلم الأمين أوهاج
  • الفساد قبل العلاج بقلم عمر الشريف
  • محمد طاهر جيلاني ( ماك براك ) كان الله في عونك !!؟؟ بقلم الامين اوهاج
  • إضطهاد المسيحيين في الشرق الأوسط بقلم ألون بن مئير
  • الأدارات المسيسة أحد أكبر أشكالات مؤسسات التعليم العالي بقلم المثني ابراهيم بحر
  • كيف نستقيم الرعاية الإجتماعية وريفي البحر الأحمر خالي من الوحدات الصحية تماماً !!؟؟ وزيارة وزيرة ال
  • ما زال التخبط حاضراً بقلم كمال الهِدي
  • 15 ديسمبر بقلم فيصل محمد صالح
  • كريم تفتيح البشرة.. بقلم عثمان ميرغني
  • مِين دَه..؟ بقلم عبد الله الشيخ
  • الرائع المروع.. أنت بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • زواج الأمير ..قراءة أخرى..!! بقلم عبدالباقي الظافر
  • نقطع رأسه !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • بين الور وباقان ودولة الجنوب(2-2) بقلم الطيب مصطفى
  • المرأة في المسرح السوداني بقلم بدرالدين حسن علي
  • نرتتي الجميلة المنكوبة بقلم هلال زاهر الساداتي
  • حركات الهامش المسلحة هي صانعة الثورات من اكتوبر حتي عصيان نوفمبر و ديسمبر؟!! بقلم ابوبكر القاضي
  • حركة جيش تحرير السودان قيادة مناوي ابوعبيدة الخليفة : احتفال النظام بالاستقلال علي اشلاء نيرتتي
  • علي عثمان : الفريد و المُدهش بقلم بابكر فيصل بابكر
  • المحقق الصرخي .. داعش المارقة يخالفون أمر الله تعالى و ينكرون الوصية بقلم احمد الخالدي

    المنبر العام

  • فترة نقاهة. تُوجد صورة اللّت مُستند. والله صحي...
  • النجيضة - انفجار سلالاسير
  • برلماني: البشير كان “ضبح” في الساق “بنقول” حلال- معقول بس هو صحابي!؟
  • وزير الداخلية: لا توجد تأشيرة خروج للسودانيين-ههههههه
  • عادل الباز يكتب : وزيرة الاتصالات تهدر 32 مليون يورو و10 ملايين دولار
  • قيادات “الدعم السريع” تكسب ذهبا من تهريب البشر
  • بؤر الهلاك
  • أقالة أمين حسن عمر وتعين المدير السابق لمكتب مجذوب الخليفة بديلاعنه
  • إت ماك عارفني أنا منو ؟؟؟
  • صور تشيع شهداء مجزرة الجنينة ـ القتل لأتفه الأسباب في دارفور
  • هل ترغب في شراء مزرعة في السودان؟مزارع للبيع...
  • التحيه والسلام
  • مجزرة الجنينة : شوفو قوات النظام وهي بتتفرج علي البيوت التي احرقتها ( صور )
  • عاجل : الطيران الاسرائيلي يقصف بورسودان ( صور )
  • وقفة قوية أمام وزارة العدل من اجل نيرتتي اليوم
  • بعد نرتتي مجزرة أخري في الجنينة (صور)
  • أجانب مسلحون يحتلون مناجم جبل عامر بوسط دارفور ..
  • مبااااااشر الان من جبل عامر
  • هل ينجح العصيان المدني في إسقاط النظام؟؟؟ و من هو البديل للإنقاذ؟؟؟
  • ندي القلعة تغرد في كوستي
  • شهيق الضفة ... زفير الموج
  • الاعلان عن انطلاق فضائية الولاية الشمالية
  • انبهلت علي ناس المؤتمر الوطني وحكومة بشة...تكبير..تهليل
  • تراجي..قريمان.. وآخرون...أعداء السلام ينصبون المشانق !!!!
  • من هو أفضل كاتب و ما هو أفضل مقال في سودانيزاونلاين للعام 2016
  • أقربُ و أبعدُ
  • رحبوا معي بعودة الدكتور حيدر ابراهيم: بعد شفائه يعود بمقال جديد رصين و عميق و شامل:
  • أتسلى بالمتاهة
  • محمد اركون: من هو ؟و لماذ الهجوم عليه؟
  • مراجعة التوصيات التي تمخطت من الحوار بشأن الحريات ...
  • تاني راس سنة برا ما في الا حفر أمدر مرقه مافي نموت مع الغبش علي الاقل !#