سمعناك تتحدث عن أنكم لا تأكلون السحت.. ضحكنا ذلك الضحك الذي هو البكاء بعينه.. فكم أبكيتنا يا ريس.. كم أبكيتنا.. و كلما جففنا الدموع جئتنا بالمزيد من الضحك الباكي و أنت تقول أنكم لا تكذبون على الشعب.. و أنكم جعلتم التعليم نصب أعينكم وتوسعتم فيه وأقررتم إلزامية التعليم الأساسي، ووفرتم مقعداً لكل طالب في المرحلة الثانوية والمرحلة الجامعية.
كل من صدقكم، سيدي الرئيس .. هالكٌ.. هالكٌ.. و لا محالة في هلاكه..!
أنت أكذب الناس طرّاً، سيدي الرئيس.. و الشعب يسمعك تكذب و يضحك على سذاجة كذبك بغرض شرعنة رفاهيتكم عبر شقائنا.. و يتواصل الكذب.. و يتواصل ضحك الشعب الشقي مع تواصل كذبك..
صدقني، سيدي الرئيس، إنني أخجل أحياناً لأجلك.. لأنك لا تدري.. و الشعب يدري و يدري أنه يدري.. و أنت لا تدري أنه يدري.. فتسترسل في اجهاد نفسك بالتخفي خلف الآيات و الأحاديث لتأكيد نقاء سيرتك و سريرتك.. و الشعب يعرف ( البير و غطاها),, و سيرتك و سريرتك كتاب مفتوح أمام الجميع..
أنت لا تعرف أن الجوع كافر.. و أن أكل مال الناس، دون حق، فعلٌ أكثر أذية للمجتمع من ربا البنك الدولي الذي تتبرأ منه، سيدي الرئيس.. أكلت مال الفقراء و المساكين و الأيامى واليتامى.. أكلتها أنت و أسرتك و عشيرتك و بطانتك.. أكلتموها سحتاً و اكتنزت أجسامكم شحوماً و لحوماً النار أولى بها يوم القيامة الذي نسيتموه و أنتم تهرولون نحو الثراء السريع و بناء الأبراج و تشييد القصور في منتجعاتكم بمزارعكم المغتصبة من المزارعين.. و لم تعد الأرض لمن يفلحها في مشروع الجزيرة.. و في كل مكان في السودان..
بطونكم شحم ينز ريع البترول المنهوب منكم نزاً.. و يلمِّع أوداجكم.. فتنتفخ كروشكم.. و تزدردون المزيد و المزيد.. و دائما تتطلعون لازدراد المزيد من الحرام.. و مع أكل السحت تقول لنا أنكم لا تأكلون السحت..!..
قال ( نحن لا نأكل السحت) قال!
أنتم أكلة السحت.. و كل الناس في السودان ، حتى الأطفال، يعرفون حقيقة العلاقة بينكم و بين السحت.. فإياك.. إياك أن تكرر مقولة أنكم لا تأكلون السحت.. و أنتم أرباب السحت و سدنة معبده.. و كل قطرة من دمكم تنبض سحتاً..
أما عن التعليم، فإن الشعب يعلم أنك تهتم بأمنك و أمن عشيرتك و بطانتك أكثر من اهتمامك بالتعليم الذي خربته تجاربكم الفاشلة التي أعادته إلى القرون البائدة.. و لن يعود إلى القرن الحادي و العشرين و القرون التي تليه إلا إذا غيرتم ما بأنفسكم، و لن تغيروه.. و الشعب سوف يتولى أمر التغيير بنفسه.. و المجيئ بنظام ديمقراطي عادل..
تكذبون.. و تكذبون.. و خدعتم بعض الناس حين دعوتهم لحوار كاذب تعرفون مآلاته.. و ظللتم تتحاورون على مدى ثلاث سنوات عجاف إيذاناً بإجراء تعديلات دستورية زعمتم أنها سوف ترضي الجميع.. و في الزمن بدل الضائع فاجأتم من صدقوكم بتعديلات لا ترقى لمستوى تطلعات الطامحين منهم للتغيير حقيقة و لا تطلعات الطامعين منهم في مناصب تستجيب لرغباتهم في أكل المال الحرام.. و لم تجد الفئتان سوى شروى نقير.. Too little, too late !..
سيدي الرئيس، كلما استمعت إلى أغنية صلاح ابن البادية و التي يقول فيها:- " شوف عجايب الدنيا كيف.. و كيف بقينا بنحملا؟!"، كلما تأكدت من أن طاقة تحمل السودانيين لجرائمكم في دماء أبنائهم و في حقوقهم المادية قد نفدت.. و ما العصيان المدني الذي حركه الشباب، قبل أيام، سوى ارهاصات لثورة قادمة.. ثورة لن يكون فيها مكان للهبوط الناعم لكم مهما تلاعبتم بالحوارات و جندتم من مرتزقة و أرزقية و هوام الأرض..
فالسوداني الذي لم يتحمل موت سوداني واحد هو ( القرشي) داخل الجامعة.. تحمل قتلكم آلاف السودانيين داخل الجامعات و في شوارع المدن السودانية و البيوت الآمنة.. هذا علاوة على أكلكم حقوقه و حقوق الأجيال القادمة دون وجه حق..
فأرجوك، سيدي الرئيس، لا تتحدث عن أنكم لا تأكلون السحت.. أنتم غارقون في السحت.. و لكم يوم آت عما قريب.. يوم تتقيؤون فيه كل ما ازدردتم من أموال الشعب.. و يوم آخر لكم أمام الله العالم بكل أفعالكم.. و ذاك يوم لا تستطيعون فيه أن تطلبوا منه سبحانه و تعالى أن يأتيكم بدليل على فسادكم..!
هل تستطيعون الانكار و كل عضو نبَت من سحتٍ في أجسادكم يشهد يومها عليكم؟!