و ماذا يعني إذا ما سقط شعاراً ( فضفاضاً ) آخر ؟ّ! فالقصور المُشيَّده و أحياناً الأوطان و الأمم كذلك تسقط ، فلا يستغربن أحدكم من سيادة مبدأ الغاية تبرِّرالوسيلة في سياسة من يحكمون السودان اليوم إذا ما كان نتاجها على الدوام سقوط المباديء و الشعارات ، و ليعلم الذين لا يعلمون من أهل السودان البسطاء و الذين ما زالوا على قائمة الشرف و نزاهة اليد و اللسان و الضمير ، أن حكومة المؤتمر الوطني بتعدد مسمياتها منذ أن أحكمت قبضتها على السودان و أهله منذ ما يقارب السبعة و عشرون عاماً ، يُعبِّرون عن سقوط المباديء و الشعارات بالسكوت عنها و تحييدها عن قائمة ( الهتافات ) المهرجانية ، هل تذكرون الشعارات المتعلقة بمقدسات إيمانية سامية في مقدمتها ( تطبيق شرع الله ) و ( القرآن دستور الأمة ) ، هل تذكرون سيمفيونية ( هي لله لا للسلطة و لا الجاه ) ثم الآلاف من الشعارات و الهتافات المتعلقة بأحداث بعينها أسبابها غالباً ما كانت ردود أفعال دفاعية محضة أو مرحلية بغية الدعاية و التلميع للمشروع الحضاري الوهمي الذي إتضح في النهاية أن غاية معناه و مُبتغاه ( مزيداً من التمكين و التمتع بموارد و نفائس هذا الوطن من مصدرها الأساسي المتمثل في قوت الناس و خزينتهم العامة ) .. من أمثلة الشعارات المرحلية ( نلبس مما نصنع و نأكل مما نزرع ) حتى إكتشفنا في نهاية الأمر أننا قد صنعنا البؤس و السراب و أكلنا الوهم و الهواء و لم نشبع ثم ذاك ، الشعار أو الهُتاف الذي أُعدت له العُدة و كلَّفت ميزانية أبواقه الإعلامية شِقاً وافراً من المال العام إبانها و رددته الجماهير الغافية و الحالمة ( السد .. السد .. الرد .. الرد ) .. ثم تحول الردُ إلى ( رِدة ) .. إذ بعدما صاحت الأبواق في الفضائيات حينها أن البلاد تستعد بعد مروي لتصدير الكهرباء ، نُفاجأ في نهاية الأمر أن إدارة السد و شركة الكهرباء يريدون منا ( تصدير ) آخر ما بقى في جيوبنا المُنهكة من جنيهات ( لدعم ) السد بعد أن رفعت الدولة دعمها عن الكهرباء لتتمرغ في سُرر الراحة و النعيم بتنصلها عن المزيد من واجباتها الدستورية تجاه المواطن ، ومن الشعارات المرحلية أيضاً و المرتبطة بالتخبط المنهجي في ضبط السياسات الخارجية و التعبير عنها بآلة الأهواء العاطفية والشخصية ما تم ترديده علناً و سراً من هتافات ضد أمريكا و حالفاؤها ( الأمريكان ليكم تسلحنا ) ، لنكتشف في نهاية الأمر أن الموضوع لم يتجاوز مزبلة المصالح الحزبية و الحاجيات المُلِّحة التي يحتاجها النظام للمزيد من البقاء على ظهر السلطة ، فلما إنهارت قوى البلادوالعباد إقتصادياً و إستراتيجياً و أمنياً ، سلَّمنا الجنوب للغرب برعاية أمريكا ثم إستجديناها لإستئناف علاقات الإستعمار المُستتر الذي ( حُرمنا ) منه بينما تتمتع به معظم دول الجوار ، ولكن يبدو ألا أمل في إلتفاتة قريبة فقد طغت شعارات الماضي بعنفوانها الصاخب والغبائي ، على ( حِكمة ) اليوم المتوارية خلف إنهزامات و تنازلات الحاضر ، أجمل ما في الموضوع أن الغُبُش البسطاء على ما يبدو قد عقِلوا الدرس و تحصَّنوا ضد كل الشعارات الفضفاضة و المهرجانية ، بفضل التجربة و الخبرة و الإعتداد بحديث سيِّد الخلق الأجمعين ( لا يُلدغ مؤمن من جُحر مرتين ) .. أخيراً إحذروا الشعار ( الفضفاض ) الجديد و الذي تم طرحه في سوق مهرجانات رفع الدعم الأخيره و الذي مفاده ( حماية الشرائح الضعيفة من تأثيرات الحزمة الإقتصادية الأخيرة ).