· يتحدثون عن جبال من ذهب في السودان.. و في نفس الوقت يتحدثون عن رفع الدعم عن الدقيق و الغاز.. و الخ.. و يعرجون إلى الحديث عن العودة إلى السلم التعليمي القديم و عن جدواه بعد أن أوسعوا التعليم خراباً باسم الدين.. و لا دين لهم بمعايير الدين الحقيقية.. و يتخبطون عشوائياً في السياسة و الدين و الاقتصاد في كل اتجاه..
· و يطل أحد الصحفيين المدَجَّنة أقلامهم على شاشة إحدى القنوات السودانية بغرض التعليق السياسي على الأوضاع السياسية ( المتخبطة) الراهنة، فيبدأ بالابتعاد عن لمس الحقائق التي تؤكدها الوقائع المشهودة.. و يواصل النأي عنها كلما كادت تفرض نفسها على لسانه الزلِق الطارد لها بعيداً.. بعيداً بلا عودة..
· تحس باحتقار شديد نحو الصحفي المدجن قنمه.. كونك داخل ( الراهن) السياسي و الاجتماعي بكل وعيك و ادراكك للأشياء.. و ربما لديك من المعرفة ببواطن الأمور ما يفوق ما لدى المعلق المدَجَّن قلمه.. و بينما تشتط ألماً، يزيدك المعلق حرقة بكلام أجوف فتتحرك الى إحدى القنوات الخارجية بحثاً عن من يحترم عقلك نوعاً ما.. و لا يستفز مشاعرك على نحو أو آخر..
· و قد تضبط أعصابك هوناً ما، و تواصل مشاهدة القناة السودانية و الاستماع إلى الغث من التحليل بغرض المزيد من استكناه مدى الانحطاط الذي بلغته وسائل الاعلام في السودان.. و اكتشاف المزيد من اللعب في زمن السودان الضائع ومسببات ضياع الأمل لدى الشباب.. و معرفة لماذا لم تعد الخرطوم تقرأ.. دعك عن أن تكتب.. أو تنشر ما يفيد السودانيين.. في حين أن الراهن السياسي يؤكد أنها لا ترقص إلا على إيقاع الهابط من الغناء.. و أحياناً تحاول العودة إلى الماضي لتأكيد الذات.." جايي تفتش الماضي.... خلاص الماضي ولَّى زمان!"
· القنوات التلفزيونية لا تريد أن تعكس سوى محاسن نظام ( الانقاذ).. و لأن محاسن النظام لا وجود لها في واقع حياتنا، تلجأ تلك القنوات إلى استجلاب عدد من الصحفيين ( الأرزقية) لتلميع و تجميل القبح و البشاعة المتجذرين في نظام ( الانقاذ) بكلياته، و قبح النظام و بشاعته أشنع من أن يطالهما أي تلميع أو تجميل مهما (جاهد) محترفو و خبراء التلميع و التجميل..
· في برنامج ( بعد الطبع) بقناة النيل الأزرق وجود دائم لذلك البروفيسير الذي يتعالى على نفسه و هو يكشف عن نفاقه المستدام.. و يلتقيك بعض رؤساء تحرير الصحف الأكثر نفاقاً.. و كلهم ينخرطون في عملية لَي الحقائق.. و توضيب ( الورنيش) على جِلد النظام الخشن..
· لا ننكر أن هناك صحفيين، ملتزمين مهنياً و أخلاقياً، يطرقون أبواب الحقيقة على ( بعد الطبع).. و يطرحونها على البساط بكلمات واضحة و صريحة، رغم أنف المدلسين.. لكن نادراً ما يُستضافون..
· تحتار جداً: ما بال أولئك المدجنة أقلامهم يطلقون كلمات لا تفصح عن ما يضمرون، و هم يعلمون أن كلمة" كذاب!" سوف تشكل رد فعل جمهور السامعين العارفين ببواطن الأمور على كلماتهم.. و أن غير العارفين ببواطن الأمور من الجمهور لا يعولون البتة على ما يقولون عن نظام مبغوض من الجميع..
· إن هؤلاء لم و لن يقنعوا أحداً بأن حوار الوثبة كان حواراً بين المعارضة و الحكومة.. و لا أحد يصدق أن اقتصاداً يدار بطريقة إدارة الأكشاك في ( سوق أم دفسو) سوف ينقذ سفينة ( الانقاذ) من الغرق.. و لا عاقل يثق في أن تعديل و تبديل السلم التعليمي سوف يعيد الحياة إلى العملية التعليمية التي تم تخريب دنياها من أجل أخراها بإحلال النصوص الدينية محل الأرقام حتى في العلوم و الرياضيات..
· لا يمكن خداع أحد بأن السودان تحت النظام ( الراهن) سوف يكون الدولة الأولى في انتاج الذهب في أفريقيا و الشرق الأوسط.. كما يحاولون تأكيد ادعاءات وزارة المعادن..
· لكن الكل يعلم علماً لا شك فيه أن نظام ( الانقاذ) استطاع بناء ميليشيات أمنية شديدة تخويف السودانيين.. ميليشيات لا يهمها تعدي المعتدين من دول الجوار على أراضي السودان .. و هي ميليشيات متعددة الأغراض ظلت تحمي النظام، حتى الآن، من ثورة الجماهير الجائعة..
· إن تسويق النظام أو عدم تسويقه في وسائل الاعلام بتلك الأساليب غير الاحترافية لا يبعد الحقائق عن الوضع المتهالك في جميع محاور الحياة في السودان.. و أصابع الاتهام تشير إلى أن " كل امرئٍ يحتلُ في السودانِ غيرَ مكانِه.. المال عند سفيهه و السيف عند جبانِه"!
· و أنا أكتب هذا المقال، أطل الاستاذ/ الطاهر حسن التوم، الأمين العام لقناة ( سوداني 24)، على شاشة قناته ليخبرنا بأن القناة قد تم التلويح بإيقافها من داخل البرلمان! و بدأ يحتج و يدافع عن القناة.. و انهالت مكالمات عديدة من جماهير المشاهدين المحبين للقناة تستنكر ما حدث..
· لقد دخلت قناة سوداني 24 القلوب بفضل برامجها الأقل سوءً من القنوات الأخرى.. و فيها برنامج يعكر صفو النظام تحت عنوان ( يا اخوانا!).. و ربما هذا البرنامج بالذات هو الذي أرعب النظام، و جعل وزير الدولة للإعلام يعلن من داخل البرلمان أن ثمة قناة ( وليدة) خرجت عن المجال الذي رُخصت لأجله.. و أنهم بصدد ايقافها..
· أثناء اطلالة الطاهر حسن التوم، جاء صوت ياسر ( أراذل القوم) كي ينفي ما يقال عن حديثه المتعلق بالإيقاف.. لكنه لم ينفِ استهداف القناة نفياً قطعياً.. و ظل الطاهر يحاول أن يسمع منه ما يؤكد النفي بالقطع إلا أن إجابات ( أراذل القوم) ظلت تدور حول العموميات.. و حول أن القنوات الخاصة مهمة للنظام و تقف معه دائماً... و ظلت تدعمه في كل المواقف..
· دي نحن عارفنها!
· سأل الطاهر حسن التوم سؤالاً ماكراً كي يطمئن على قناته الوليدة:- " انشاء الله مبسوط من اف 24 يا سعادة الوزير؟!" و لم يطمئنه الوزير.. لكن الطاهر ظل يردد " انشاء الله مبسوط من اف 24 يا سعادة الوزير؟!" .. و سعادة الوزير يلف و يدور حول العموميات..!
· صدقوني.. إن ( أراذل القوم) لن يكون مبسوطاً أبداً من الصحفيين غير المجنة أقلامهم.. حتى و إن قدموا للنظام دعماً متواصلاً كما يفعل الطاهر حسن التوم.. و غداً سوف نسمع أن برنامج ( يا اخوانا) قد تم إيقافه من القناة لتستمر بقية البرامج!