حكومتنا أصبحت لا تخشى الإنهزام السيادي و لا الوقوع في الحرج حال حدوث الفشل و الإنفضاح بالنتائج السلبية ، و للحقيقة علينا أن نسأل سؤالاً إستراتيجياً مفاده ( مِن مَن يكون الحرج ) ؟؟ بالتأكيد ليس من شعبها الذي ألِف خلفانها للوعود و إنتهاكها للعهود ثم إعتاد على قبول كل شعاراتها الفضفاضة و المهرجانية و التي دائماً ما كان مخاضها أفعالاً و أحداثاً تقع في خانة ( الضِد ) مع ما ترفعه من شعارات ، فالشعب السوداني قد أُقتيدت إرادته الحُره بأشرس و أفتك سلاح يمكن أن يواجهه شعب في العالم و المتمثل في ( صراع البحث عن لقمة عيش شريفه ) تسهم في صموده من أجل البقاء ، فكل الكادحين الواقع تصنيفهم خارج دائرة النفوذ السلطوي و الطفيلي المنفعي للمؤتمرالوطني يصارعون الغلاء الفاحش و تنصل الدولة عن أبسط إلتزاماتها تجاه التعليم المجاني و الدعم الصحي و العلاجي ( المُجدي ) .. ليوفِّروا قليلاً لا يُغني و لا يُثمن من جوع و يكلِّفهم العودة إلى بيوتهم بعد غروب الشمس و هم يعانون الإنهاك النفسي و الجسدي ، نعم أن من مصلحة النظام أن يستديم ( إنهاك المواطن ) حتى لا يقوى على المعارضة الحقيقية و لا يتسع له مجال للتعمُّق الذهني في التُرهات التي تترى من الهتافات المهرجانية التي بدأت بـ ( هي لله ..هي لله .. لا للسلطة و لا للجاه ) و إنتهت هذه الأيام بالجملة الممجوجة التي يرددها وزير المالية و كل ( ذو جاه و سلطان ) سنحت له فرصة منبرية مفادها ( حرص الدولة على حماية الشرائح الضعيفة ) ولا ندري من ماذا تكون هذه الحماية ، من الفقر أم من الذل و الهوان أم من الحرمان من حقوقها الإنسانية التي كفلتها جُل الأعراف و الدساتير ، هذه البلاد التي إندثرت فيها ما كانت تسمى ( الطبقة الوسطى ) و إنقسمت إلى مُترفين قوام مالهم الفساد المُستمد من مساندة السلطة أو تراخيها عن ردعهم ، و كادحين لا مجال لتصنيفهم إلا في قائمة ( تحت مستوى الفقر ) .. هؤلاء أصبح جُل همهم الحصول على لُقمة العيش من أجل البقاء ، و هم أولئك الذين يفعل بهم أي طاريء في حياتهم الأفاعيل ، فإن مرضوا ماتوا لأنهم لا يملكون حق التدواي ، و أن إلتفتوا للتعليم كضمان لمستقبل أبنائهم وجدوا أن مجافاة مهرجان ( تجارية التعليم ) هو أقرب سبيل إلى عالم الجهل و الضياع و العجز ، حكومتنا لا تخاف من الحرج و لا تستحي من شعبها الذي أنهكته النوائب ، تحتفل بالتوافق السياسي و الإستراتيجي عبر حوار لا تشارك فيه أكثر قوى المعارضة فعالية ، و تدعو شعبها في ذات الوقت للحبور و الإحتفال و التصديق بأن مشكلات السودان ( المحورية ) في طريقها للحل الجذري ، ويطبِّل المطبلون من أصحاب المصالح و المستفيدين من ( إنغماس ) السُم في الدسم ، ثم لا حياة لمن تنادي إذا ما ناديتهم للوطن بإسم الحرية و الحقيقة و المساواة و العدالة المطلقة ، هم ليسوا على إستعداد للتقدم خطوة واحدة تجاه الآخر .. طالما كان المواطن البسيط الكادح و ( غير المُسيَّس ) آخر همهم .. وإن غداً لناظره قريب !!.