والخوف لا يتملك (مرضياً) إلا الإنسان الضعيف.. *فالذي يخاف أن يُهجر (خوفي تنساني وتنساها الليالي) فهو ضعيف.. *والذي يخاف الظلام ويظن أن عفريتاً يكمن في جوفه فهو ضعيف.. *والذي يخاف الأمراض ويتوجس منها طوال سنوات عمره فهو ضعيف.. *والذي يخاف أن يفقد عمله ويبقى عاطلاً - دونما سبب- فهو ضعيف.. *والذي يخاف الامتحان ويرى أن فشله - إن حدث- نهاية الدنيا فهو ضعيف.. *والذي يخاف إنساناً مثله - ولو كان ذا سطوة أو عافية- فهو ضعيف.. *ولكن أغرب مظاهر الخوف المرضي هذا هو الخوف الجماعي للشعوب.. *وهو خوف يشير إليه - في زماننا هذا- ما يُعرف بعلم النفس السياسي.. *هو خوف من الحرية يدفع بالشعوب إلى حضن (العبودية) عن رضا.. *وعالم النفس إيريك فروم يطلق على هذه الظاهرة (رهاب الحرية).. *وقال إن الألمان عانوا منها في عهد هتلر وكانوا أشبه بالقطيع.. *ولكن الآريين تخلصوا من خوفهم هذا سريعاً على عكس شعوب أخرى.. *وعلى الأخص شعوب العالم الثالث التي ترتضي القهر خوفاً من الحرية.. *القهر باسم الملكية أو الشمولية أو الجمهورية أو العقائدية أو العسكرية.. *وقليل فقط من هذه الشعوب تغلبت على (عبوديتها) لتكتشف لذة الحرية.. *وفي المقابل فإن الحاكمين لمثل هذه الشعوب الخائفة خائفون هم أنفسهم.. *وخوفهم هذا هو الذي يجعلهم يوجهون معظم ميزانيات بلادهم نحو (الأمن).. *فهم يبحثون عن أمان يفتقرون إليه في أجهزة ذات عدة وعتاد و(عتو).. *ومن مفارقات هذه المعادلة المضحكة أن خائفين يلوذون بخائفين مثلهم.. *فالحاكم الديمقراطي لا يخشى الإطاحة به على عكس نظيره الدكتاتوري.. *ولكنه مع خوفه هذا - الدكتاتوري- يستمد (قوة) من خوف شعبه من الحرية.. *ويشبه علماء نفس خوف الشعوب المشار إليه بخوف الحيوانات المستأنسة.. *فالأغنام مثلاً ترجع إلى حظيرتها (طائعة) رغم اطلاق سراحها لترعى.. *والحمار لا يستشعر الأمان إلا عند (سيده) مهما ألهب ظهره بالسوط.. *والكلب يكفي ما يُقال عنه في المثل الشهير (الكلب يحب خانقه).. *وزميل عربي حكى لي كيف أن جده أعتق عبيداً له فرفضوا (الحرية).. *قالوا له (أحرار نعم ولكنا سنبقى في كنفك نطيعك ونخدمك ونجلك).. *قالها الزميل هذا وهو يضحك دون أن ينتبه إلى (عبوديته) هو نفسه.. *فهو يتبنى فكرة أن كثيراً من شعوب العرب غير مهيأة للديمقراطية.. *يعني - حسب فهمه- هي مهيأة إلى أن يكون أفرادها مثل عبيد جده.. *وهو أولهم - رغم استعلائه - (عبد خواف!!!). assayha