محمد على جادين: أيها الراحل في الليل وحيدا بقلم عبد الله علي إبراهيم

محمد على جادين: أيها الراحل في الليل وحيدا بقلم عبد الله علي إبراهيم


06-22-2016, 06:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1466574295&rn=0


Post: #1
Title: محمد على جادين: أيها الراحل في الليل وحيدا بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 06-22-2016, 06:44 AM

05:44 AM June, 22 2016

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر





كان محمد على جادين "يزاول" لي لأيام وليال قبل أن يتناهى إليّ رحيله الفاجع. وجدته يطلب صداقتي في الفيس بوك. فضحكت لنفسي ونقرت موافقاً. ورغبت أن أشفع ذلك بتعليق ظريف عن تأخره في إعلان هذا الود لقريب من نصف قرن مذ تعارفنا. ثم طاف بي طائف المرحوم حين كنت أطالع كلمة قديمة لأستاذنا عبد الخالق محجوب استعرض فيها كتاب البروفسير سعد الدين فوزي "الحركة العمالية في السودان" (1957) بجريدة "الطليعة"، لسان حال اتحاد نقابات عمال السودان خلال أغسطس 1957. وهو عرض اتسم بقواعد عرض الكتب وخلقه. فأخذ عليه مآخذ جوهرية بقوة ثم قال ""وأخيراً فإن هذا البحث يستحق المناقشة الدقيقة والالمام به. (وآمل) أن يترجم للعربية ليطلع عليه العمال". ولفت نظري استعانة أستاذنا بعرض سابق للكتاب على جريدة الأيكونوموست الإنجليزية ليحسن منطقه ونقده. ولم يحقق لأستاذنا رغبته في تعريب الكتاب سوى جادين بعد نحو نصف قرن أو يزيد. وأعلم أن ترجمة الكتاب كانت على أجندة الشيوعيين. فكلمني المرحوم بابكر أحمد عبد الله أنه كان سجيناً مع الشفيع أحمد الشيخ واستحثهم تلك الترجمة. ولم تحدث. ولهذه السلحفائية الشيوعية في الشأن الثقافي مصطلح بينهم وذات سجل. فهم يسمونها "المحقة". وتبقى الواجبات الفكرية تنتقل من محضر سابق إلى محضر سابق. وتنصلت شيوعية مرة عن حضور اجتماعات فرعها حتى يخلصوا من "المحضر السابق".
وكنت توقفت قبلاً عند ترجمة جادين لكتاب عجيب للسوداني الجنوبي الدكتور جون قاي نوت يوه وعنوانه "ثورة في جبال الاستوائية: تمرد توريت وتأثيره في السياسة السودانية: 1955-1972" الصادر عن دار عزة بالخرطوم في 2009. وهو كتاب سمح الخاطرة. سعى الكتاب به إلى تجديد النظر إلى "تمرد" الفرقة الجنوبية من قوة دفاع السودان في 1955 بما يتجاوز "تقرير التحقيق في اضطرابات الجنوب، أغسطس 1955" الذي كلفت حكومة الوقت بوضعه القاضي قطران والسلطان لادو لوليك والسيد خليفة محجوب. وأخذ جون يوه على التقرير أن صلاحيات لجنته اقتصرت على النظر في الأسباب الإدارية للتمرد لا بواعثه الاقتصادية والاجتماعية. كما أنها لم تتطرق إلى أدوار قد تكون للمصريين والبريطانيين في اندلاعه. ولم يتجاوز المؤلف التقرير "طق حنك ساكت" بل جاء إلى دائرة النظر بأرشيف لم يسبقه إليه أحد. فقد مكنته معرفته باللغة العربية من الرجوع إلى ما كتبته صحف ومجلات مصرية (الأهرام والمصور ورز اليوسف) وعربية (الحياة والنهار) عن التمرد. كما استفاد من مذكرات أعضاء بمجلس قيادة الثورة المصرية عن صدى التمرد في مركز السلطة المصرية. واعتنى المؤلف أيضاً بروايات بعض من شاركوا في التمرد التي أدلوا بها لكتاب سبقوه. وأثنيت على جادين الذي لقط الكتاب المبتكر من بين براثن الضوضاء الفاسدة عن الجنوب في خطابنا السياسي.
ما يؤلمني أنني لم أوفق إلى مرافقته إلى قرية من قرى الجعليين لنعزي في حامد المطري. وكنت وضعت هذه التعزية على قائمة أولوياتي حين عدت للسودان للترشيح لرئاسة الجمهورية في 2010. وكنت قرأت لجادين نعياً حفياً بحامد المطري صاحب مكتبة المحطة الوسطي في الخرطوم في الستينات. وكانت المكتبة من وفر الكتاب العربي واللبناني والمصري على أيام ذيوع الفكرة القومية العربية ودقائق خلافاتها وتوقعاتها. ووجد فيها جيل القوميين العرب والبعثيين الباكر من مثل جادين مادة غذت فيهم هذا الأرق السياسي القومي. وسميت عروبة الستينات "بعروبة" حامد المطري التي ثقفتنا في أرث العروبة وسياساتها ومالاتها. وجئت بهذا المصطلح بمقابل العروبة المضادة القائمة الآن تبشيعاً بالعرب وتربصاً بهم. وهي ما سميته بعروبة "الكفيل" الذي "كرهنا في العروبة ياخي". وشتان. رحم الله حامد المطري.
نظرت في نعي جادين على صفحة سودانيزأونلاين. لم يزد من ساهموا فيه كتابة عن 13. ولم يخرجوا عن الترحم المعتاد إلى رحاب فكره وتضحيته ونبله وجماله ومتانة قماشته بين جيله. وقرأه 781 منهم. ولو كان البوست عن نافع (ساهم فيه 18 وقرأه 5229) أو هروب المك نمر أو عردته (ساهم 169 وقرأه 11177) أو فطور بورداب جدة السنوي (بوستان ساهم فيهما 115 وقرأهما 5966).
أخجلو ليكم حجلة. والغالي لربو.



أحدث المقالات


  • هل سترفع الولايات المتحدة الأمريكية الحظر عن النظام السوداني؟ بقلم د.أحمد عثمان عمر
  • العدالة الغائبة في دارفور.. بقلم عبدالله مرسال
  • وتر حساس بقلم حماد صالح
  • لماذا تأخرت هجرة اللصوص الى الله 25عام ؟؟ بقلم عصام جزولي
  • شهادة الترابي على العـصـر حلقة (9) بقلم مصعب المشرّف
  • الظافر جاب من الآخر بقلم كمال الهِدي
  • دِيكْ الجِّنْ..! بقلم عبد الله الشيخ
  • الجنجويد في الخرطوم! بقلم أحمد الملك
  • الحقيقة والكرامة، عدالة انتقالية على الطريقة التونسية. بقلم د. محمود ابكر دقدق
  • إيلا يغطي بالإتاوات عجز الحكومة!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • رحيل.. مظلوم!! بقلم عثمان ميرغني
  • السادة المخلصون بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • (غلط) في رمضان!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • هذا الشيخ ! بقلم الطيب مصطفى
  • داعش في الميزان .. بقلم موفق السباعي
  • هوية السودان .. في الحضر والبادية بقلم نورالدين مدني
  • مناشدة للإمام الصادق المهدى وقوى نداء السودان:من أجل المصلحة العامة والمصالحة الجامعة ،عجلوا بالتوق
  • ركاب قطارأديس أبابا الي اين يذهبون بقلم عبدالرازق محمد إسحاق
  • العلاقات السودانية البريطانية… ما خفي كان أعظم بقلم خالد الاعيسر ٭
  • إصلاح الخدمات الطبية مسئولية من ؟ بقلم عميد معاش طبيب. سيد عبد القادر قنات
  • عمر البشير يعلن وقف لاطلاق النار ومليشيات الدعم السريع ينهبون المواطنيين في مزبت وام حراز وامبرو.
  • العيون الإيرانية لا تدمع أبدا ... ؟ بقلم الدكتور سفيان عباس التكريتي
  • دردشات في المصالحة بقلم سميح خلف
  • التحديات الشيعية والحاجة الى مراكز الأبحاث والدراسات بقلم د. خالد عليوي العرداوي