جيمس بروس يحاور ستنا ملكة شندي عام 1772 بقلم سعد عثمان

جيمس بروس يحاور ستنا ملكة شندي عام 1772 بقلم سعد عثمان


06-20-2016, 03:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1466434213&rn=0


Post: #1
Title: جيمس بروس يحاور ستنا ملكة شندي عام 1772 بقلم سعد عثمان
Author: سعد عثمان
Date: 06-20-2016, 03:50 PM

02:50 PM June, 20 2016

سودانيز اون لاين
سعد عثمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





جيمس بروس (James Bruce) (1730-1790) رحالة أسكتلندي، يعتبر من أوائل الاوربيين الذين توصلوا الى منبع النيل الأزرق. تتبع جيمس مجرى النيل الأزرق مرورا بسنار حتى وصل الى شندي في 1772. نشر كتابه "رحلات لاكتشاف مصدر النيل في السنوات 1768-73"، باللغة الإنجليزية في خمسة مجلدات (ويكيبيديا). بحثت عن ترجمة لأعماله باللغة العربية فلم اوفق في ذلك. ما وجدته هو كتاب "النيل الأزرق" خطه الان مورهيد (Alan Moorehead) (1910-1983) وقام بترجمته د. ابراهيم عباس ابو الريش يحتوي بعض المقتطفات من كتاب جميس بروس حول رحلته من اثيوبيا وحتى مصر، لكن لا يحتوي على الحوار الذي دار ما بين جيمس بروس وستنا ملكة شندي. قمت بالبحث على كتاب الكتروني لجيمس بروس، ووجدته، وقمت بترجمة الجزء الخاص بوصوله الى شندي ومقابلته لستنا.

يقول جيمس بروس:

وصلنا الى قرية شندي في صباح اليوم التالي. شندي قرية كبيرة، وهي عاصمة هذه المنطقة. تحكمها امرأة تسمى ستنا (وتعنى السيدة)، وهي أخت ود عجيب الذي يمثل شيخ العرب في هذا الجزء من القطر. ستنا تزوجت من رجل يقال له الفحل، لكنه توفي، وترك لها أبن واحد يسمى ادريس ود الفحل، وهو من سوف يرث حكمها بعد موتها، لكنه كان فعليا الحاكم في الوقت الحالي.

تتكون شندي من حوالي 250 بيتاً، بعضهم لا بأس به، لكن الأغلبية هي اكواخ بائسة، مصنوعة من الطين والقصب. هنالك مقولة شائعة تقول ان نساء شندي هم الأجمل في المنطقة، وان رجالها من أجبن الناس، لكن هذه المقولة لم تتاح لنا الفرصة بعد لاختبارها.

اللقاء مع ستنا

في 12 أكتوبر كنت انتظر لقاء ستنا بفارغ الصبر، ولكنها قابلتني من وراء ستار. لذلك كان من الصعب عليّ رؤية وجهها او قوام جسدها. عبرّت عن نفسها بتهذيب، وسألتني باستغراب عن كيف لرجل أبيض ان يقامر بالتجوال في بلد مضطرب مثل هذا. قلت لها " اسمحي لي مدام ان اعبر عن عدم حسن الضيافة عندك، حيث لم يقم بهذا الأمر أيا من العرب قبل ذلك." قالت بتعجب " انا!" ثم اردفت بالقول: هذا بالطبع سوف يعد غريباً، لرجل يحمل رسالة لي من أخي. كيف يكون هذا الكلام؟"

قلت لها " اخبرك كيف مدام، لقد قلت لي قبل قليل انني رجل ابيض، وهذا يعني أنك يمكنك رؤيتي، لكنني في المقابل لا أستطيع ذلك. ملكات سنار لم يقوموا بهذا الأمر؛ ولقد اتاحوا لي رؤيتهم، من غير ان الحّ في هذا الأمر"

بمجرد من انتهيت من كلامي، دخلت ستنا في نوبة من الضحك. بعد الانتهاء من بعض الحوارات معها حول استخدام بعض الادوية لتقوية نمو شعرها، او منع تساقطه، وعدتني بمقابلتها غداً، حيث يكون ابنها ادريس حاضرا في البيت. في هذا اليوم أرسلت لنا الكثير من المعونات، مما تحتفظ به في بيتها.

في مساء اليوم التالي ذهبت الى ستنا. وعند الدخول الى بيتها، رافقني خادمها-ممسكا بيدي-الى ممر طويل، في نهايته يتواجد بابين يعاكس أحدهما الآخر. لم افهم هذا الأمر تماما؛ وبعد فترة انتظار لمدة عدة دقائق، سمعت صوت احدى هذه الأبواب يفتح، وظهرت ستنا، كاملة الزينة، على رأسها طاقية دائرية من الذهب الخالص، بها نقوش دقيقة، متموضعة في مكانها مع شرائط الترتر. من رقبتها تتدلى عدة سلاسل وعقود ذهبية. خصلات شعرها قسمت الى حوالي 10 الى 13 ضفيرة، تتدلى الى ما تحت خصرها. كانت ترتدي جلباب من القطن ناصع البياض، أعلاه وشاح من الحرير الأسود، موضوع عليها بشكل أنيق. في معصميها كانت ترتدي سوارين من الذهب، يبدوان مثل الأصفاد. في رجليها تلبس خلخالين سميكين من الذهب. وقفت في منتصف الممر، قائلة " كيف حالك". عند هذه اللحظة تقدمت نحوها وقبّلت يدها، كتقدير لها، ولم اقابل بتردد من ناحيتها. قلت لها: "اسمحي لي مدام ان أقدم نفسي اليك كطبيب " انحنت لي، ومن ثم تم توجيهي الى دخول واحد من اقسام بيتها من احدى الأبواب، ودخلت هي من الباب الآخر.

كانت أمرأه في حوالي الأربعين من عمرها، تميل الى السمنة قليلا، لها وجه ممتلئ مستدير، به فم واسع، وشفاه وردية، وعيون واسنان لم أرى مثلهما في حياتي. بين حواجبها وشم معمول بالكحل الأسود او الأنتمون، كان ذو أربعة اركان، وآخر، طويل بعض الشيء؛ على انفها، وآخر أسفل فمها.

هذا الحوار جرى بيني وبينها: -

ستنا. "أخبرني ماذا يمكن ان تقول لي كطبيب"

جيمس. " بالطبع يا مدام، سوف يدور حديثنا لما بدأناه بالأمس. هذه الطاقية الذهبية التي ترتديها، والتي تضغط على شعرك، سوف يكون لها اثراً كبيراً على تساقطه."

ستنا. " لدي نفس هذا الاعتقاد؛ لكن قد يصيبني البرد إذا نزعتها من رأسي، وانا متعودة عليها هكذا. هل انت رجل لك اسم معروف او اسم عائلة مشهور في بلدك؟"

جيمس. " الاثنين معا، مدام."

ستنا. "هل النساء جميلات هناك؟"

جيمس. " من أجمل نساء العالم، مدام؛ لكنهن ايضاً ذوي خبرة كبيرة في مختلف شؤون الحياة، حتى ان لا أحد يفكر فقط في جمالهم، ولا يتم تقييمهم على معيار الجمال فقط."

ستنا. " وهل يسمحن لك بتقبيل ايديهن؟"

جيمس. " انا أفهمك مدام، لكنك أخطأت فهمي. عادة تقبيل ايدي النساء في وطني مبذولة للتقدير والثناء والاحترام للملوك وأصحاب السعادة."

ستنا. " لكن يجب ان تعرف أنك اول رجل غريب يقبل يدي!"

جيمس. " من المستحيل عليّ ان اعرف ذلك مسبقاً؛ ولم يشغلني هذا الأمر. ولهذا كنت واثق انها تعني الاحترام، ولا يمكن ان تسبب لك ضرراَ، كما انها لا يمكن ان تسيء اليك."

ستنا. " بالطبع لم تسبب لي أي من هذه الأشياء. كنت أتمنى بشدة أن يقابلك أبني ادريس، ولهذا السبب فأنني قد تجهزّت لهذا اليوم."

جيمس. " كنت أتمنى ذلك مدام، وعندما اقابله، قد يفكر في طريقة ما توصلني بسلامة الى بربر، ومنها اواصل طريقي الى مصر."

ستنا. " بسلامة! ليرحمك الله! انت ترمي بنفسك الى التهلكة دون تدبر. ادريس نفسه، ملك هذه البلاد، لا يجرؤ على القيام بمثل هذه الرحلة. "

حاليا اخطط لمغادرة شندي، لكن قبل ذلك عليّ أن اشكر الانسانة الكريمة ستنا على ما قدمته لي من خدمات جليلة. قامت ستنا باستدعاء الدليل الذي يرافقني، واعطته نصائح قيمة جداً، مصحوباً بعبارات تهديدية إذا ما ساء سلوكه نحوي. اعطتني رسالة لأحدى شيوخ قبيلة البشاريين، توصيه فيه على حمايتي. توسلت اليها، لتسمح لي مرة أخرى بتقبيل يدها، تعبيرا عن عظيم امتناني، لكنها رفضت ذلك بأسلوب لطيف للغاية، ثم ضحكت وقالت: " لو رآني ادريس ابني في هذا الموقف لقال عني مجنونة!"

جهزت نفسي للسفر بقدر الإمكان، وغادرت شندي في 20 أكتوبر 1772.















أحدث المقالات
  • القرار العظيم.. للرجل العظيم!! بقلم عثمان ميرغني
  • السنوسي يعود إلى البيت القديم بقلم عبد الباقى الظافر
  • ثم يلعنوه !!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • المسرحية القاتلة.. تبدأ بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • الشاحنات المصرية والكوميسا بقلم الطيب مصطفى
  • أيهود باراك غائبٌ يتهيأ للعودة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • تائه بين القوم/ الشيخ الحسين / دعوة للتضامن مع ال الشريف الهندي
  • ضعف الدبلوماسية السودانية !! بقلم احمد دهب