*وهو قاتل بالمعنى الحرفي للكلمة. *ونبدأ بمقدمات نراها ضرورية عن الحب هذا. *أطلب من شخص في الشارع أن يصف لك موقع بيتٍ ما. *سوف يستهلك أكثر من ثلاثمئة كلمة وصفاً للبيت الذي تنشده. *ثم تُفاجأ - إن عثرت عليه - أن الوصف أسهل من الذي قال بكثير. *أطلب من طالب أن يكتب لك موضوع إنشاء عن الإجازة الصيفية. *سوف يملأ لك صفحتين (فلسكاب) في زمن يتجاوز نصف الساعة. *ثم لن تجد بين ثنايا الكلام الكثير هذا سوى شذرات عن (أصل الموضوع). *أطلب من إحدى قريباتك رأيها في واحدة تعرفها تنوى الارتباط بها.. *سوف تحكي لك من تأريخ حياتها ما يتقاصر دونه- طولاً- تأريخ المهدية.. *ثم لن تخرج من كل الكلام هذا بما يعينك على اتخاذ القرار المناسب.. *أطلب من شخصيات قومية وسياسية وقانونية وضع دستور دائم للبلاد.. *سوف يُصيغون من الكلام ما يعادل مئتي ضعف الذي في دستور أمريكا.. *ثم لن يُحترم معشار احترام الأمريكان لدستورهم (المختصر جداً).. *أطلب من مسؤول حكومي إلقاء كلمة افتتاحية في مناسبة ما.. *سيضيع أغلب الزمن في كلام من أجل الكلام فقط.. *أطلب من مذيع تقديم برنامج فيه ضيوف اشتهروا - كعادتنا - بالثرثرة.. *سوف ينقضي نصف زمن البرنامج في التعريف بالضيوف والبرنامج.. *ثم لا يبقى - من بعد الغناء- سوى ربع الزمن ليتقاتل عليه الضيوف.. *أطلب من زوجتك أن تروي لك تفاصيل حدثٍ ما كنت غائباً عنه.. *سوف تبدأ بنفسها شرحاً لكيف أن قلبها كان (حاسس) منذ البارحة.. *ثم حين تبلغ قلب الحدث تكون أنت (حاسس) بطعنة في قلبك.. *أطلب من مُستكتب- بضم الميم- أن يكتب لك مقالاً صحفياً في قضيةٍ ما.. *سوف يكتب لك ما يعادل مساحة (5) مقالات في صحيفة (الشرق الأوسط).. *ثم حين تستبعد الحشو (الفارغ) تجد أن القضية نصيبها سطران.. *وهكذا نحن أبناء سودان زماننا هذا نعشق الكلام جداً.. *ومع ظهور (الموبايل) استفحلت حالة العشق المرضية هذه بشكل خطير.. *وشركات الاتصال تستثمر في حبنا هذا بمنتهى الذكاء.. *فالكل في حالة كلام لا ينقطع والهواتف على الآذان.. *والآن ثبت- علمياً وعملياً- علاقة الجوال بمرض السرطان.. *وانتشرت السرطانات في بلادنا على نحو مخيف في السنوات الأخيرة.. *وربما تكون هي سنوات انتشار الهواتف النقالة.. *ورغم ذلك لن نتخلى عن (حبنا) هذا أبداً.. *ولن نستخدم السماعات (العازلة).. *فهو الحب (القاتل !!!). http://www.assayha.net/play.php؟catsmktba=11702http://www.assayha.net/play.php؟catsmktba=11702