حضرت في ذات يوم ما محاضرة " كاربة " للمفكر الكاتب الكبير د. عمر القراي في زيارة له لتورنتولإلقاء محاضرة شاركه فيها المحامي بدوي تاجو وكانت بدعوة من المنبر السوداني الكندي للديمقراطية والسلام، كلفتني عدة ساعات للوصول إلى المكان رغم ظروفي الصحية ، وكان محور المحاضرة كيفية التعامل بين الآباء والآمهات وأبنائهم إزاء ما يحدث في سوريا والعراق . ، أثارت المحاضرة الكثير من الجدل المفيد ، وكانت فعلا واحدة من الفعاليات الفكرية الهامة للمنبر . كتب كمال الجزولي مقالة رائعة حول نفس الموضوع على طريقة نهجه الخاص في الكتابة بعنوان" محمود " وأظنه كان يعني إبن أختنا مها ، حيث توفى في المحرقة السورية مثل غيره من الشباب الغض ، كمال في مقاله ذاك قدم فذلكة تاريخية رصينة لأفكار المودودي ، مرورا بجماعة الباكستانيين وغيرهم ورؤيتهم للإسلام ، مما بات يعرف اليوم ب " الإسلام الإرهابي " ، مع أن الإسلام الصحيح براء من الدم " اليعقوداعشي " وبراء من : طابان ، القاعدة ، الحوثيين ، داعش ، التكفير والهجرة ، جيش النصرة وبوكو حرام ، هل تصدقوا في ذات يوم جمعتني جلسة ومعي صديقي الصحفي المصري طلعت سليمان وكان قد خرج لتوه من السجن بعد إنضمامه لجماعة التكفير والهجرة ، فسألته لماذا إنضم لهم أصلا وهو يعرف كيف مات ذلك الرجل العجوز الذي ذهب ليشتري صحنا من الفول لعياله فلقي حتفه إثر إنفجار قنبلة في شبرا زرعها تنظيم التكفير والهجرة ، فقال لي بالحرف الواحد : التنظيم يقول : إذا مات وقلبه معهم فقد مات شهيدا ومأواه الجنة ، وإن لم يكن قلبه معهم فمأواه النار !!!!فلماذا لا يقترن الإسلام بالإرهاب وهو دين السماحة والسلام وحب لأخيك ما تحبه لنفسك ، والمشكلة أني عرفت أن عددا من الشباب الذين غسلوا أدمغتهم بماء وصابون داعش الملوث كان من المفترض أن يكونوا أطباء لمعالجة مرضى السودان في زمن طاعون العصر . ذكر كمال في مقاله ما ورد على لسان أحمد السيد هاشم "الطلاب الذين يفشلون في دخول كليَّات الطب البريطانيَّة .. يتمُّ قبولهم بالجَّامعات السُّودانيَّة (الخاصَّة) فقط لمقدرة أسرهم على دفع الرُّسوم الدِّراسيَّة بالعملات الأجنبيَّة. هؤلاء الطلاب بقدراتهم الماليَّة الهائلة، وجوازات سفرهم التي تفتح لهم أبواب 173 دولة بدون تأشيرة، يصبحون لقمة سائغة تتنافس عليها المجموعات الأصوليَّة الجِّهاديَّة المتطرِّفة من جهة، والإجراميَّة المدمِّرة من الجِّهة الأخرى"! إزداد في الآونة الأخيرة عدد الموتى من أمثال " محمود " ، أظن أن الأمر جد خطير ويجب علاجه ، ولكن ماذا نفعل مع طاعون العصر – الموت المجاني في السودان ؟ تخريمة زمان مقتل شهيد مثل " القرشي " يشعل ثورة ، واليوم مقتل طلاب جامعة الخرطوم ومقتل شهداء سبتمبر وأبريل يزيد من عمر النظام ، وها هو عمر البشير يزحف نحو العام 27 !!!!!