من أكثر ما يعجبني في الترابي ابتسامته.. *فهي تنم عن ثقة في النفس تكاد تبلغ حد الغرور.. *ولكنه ليس مغروراً بدليل إجابته عن سؤال أحمد منصور المتعلق بشهادته.. *وأعني شهادة الدكتوراة في القانون الدستوري من جامعة السوربون.. *فقد بدا مقدم برنامج (شاهد على العصر) مفتوناً بهذه الشهادة الباريسية حد الذهول.. *وطفق- من ثم- يعيد ويردد ويكرر الحديث عنها بإعجاب شديد.. *ولكن الترابي اختصره قائلاً بضيق (يا أخي هي مجرد وريقة وتعد أقل كسبي).. *وغالب أنصار الترابي مفتونون به كذلك.. *وحتى الذين انقلبوا عليه يكنون إعجاباً خفياً له.. *ويتمظهر الإعجاب هذا محاكاة كلامية وحركية وشكلية.. *فهم يقلدونه في ترديد مفردات من قبيل (أحسب) و(يتنزل) و(ينبسط) و(هكذا).. *ويقلدونه في حركات التعبير باليدين - خلال الكلام- و(ميلان العنق يساراً).. *ويقلدونه حتى في انتعال الحذاء الأبيض- شبه المعقوف من الأمام- مع الجلباب.. *الشيء الوحيد الذي عجزوا عن محاكاته فيه هو ابتسامته.. *ابتسامته التي تصير أحياناً إلى الضحك أقرب.. *فهم يبدون متجهمين جداً - عند التحدث- لافتقارهم إلى ثقة الترابي في نفسه.. *ومن ثم فإن حديثهم يتسبب في تهييج المصران الغليظ من شدة سماجته.. *وفي الحلقة الثالثة من (شاهد على العصر) تكلم الترابي عن الثورات في السودان.. *الثورات الشعبية وليست العسكرية التي هي (محض انقلابات ليلية).. *قال إن الثورات هذه صنعها الشباب في أكتوبر وأبريل.. *ثم أشار إلى عجز من تلقاء جيل اليوم الغنائي و(أتمها بضحكة).. *وهو الكلام ذاته الذي قلناه عن شباب اليوم فنبح فينا المناضلون.. *وتعمدت ذكر مفردة (نبح) لأن بسببها شُتم شاعرنا الكبير محمد المكي إبراهيم أيضاً.. *وفي رسالة حزينة منه نصحني بتجنب الكتابة الساخرة لأن (قومنا لا يفهمون).. *وذلك تعضيداً لكلمتي بعنوان (ومعها غباء).. *شتموه رغم إنه شاعر (الثورة والملاحم والأكتوبريات).. *فهم لم يفهموا مغزى سخريته التي صاغها تساؤلاً (متى تنبح كلابنا؟).. *والتساؤل هذا مبني على حديث كاتب أمريكي عن (عدم نباح كلاب كثيرة بالسودان).. *وهو يعني المعارضة في بلادنا اقتباساً من مقولة غربية عن الـ(Topdog and underdog).. *فأبدع أخي محمد وأنت تردد (علي نحت القوافي من مقاطعها، وما علي لهم أن تفهم البقر).. *المهم أن الترابي رأى الذي نراه نفسه في (جيل أغاني وأغاني).. *وحدهم مناضلو الحواسيب الذين يعجبهم العيش في الوهم.. *ويعجبهم أكثر أن يشتموا من لا يتوهم مثلهم.. *ونكتفي نحن بأن (نتمها ضحكة!!!).