من كفر مسلما فقد كفر بقلم بهاء جميل

من كفر مسلما فقد كفر بقلم بهاء جميل


03-29-2016, 06:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1459271178&rn=0


Post: #1
Title: من كفر مسلما فقد كفر بقلم بهاء جميل
Author: بهاء جميل
Date: 03-29-2016, 06:06 PM

05:06 PM March, 29 2016

سودانيز اون لاين
بهاء جميل-
مكتبتى
رابط مختصر


ما أن دهم الأمة الإسلامية خبر وفاة الدكتور حسن الترابي ، حتى هبّت عاصفة غير مسبوقة من الأحكام التي تقدح في إيمان الشيخ ، ومن الاتهامات التي تتهمه بكل مصيبة حاقت بحياة الناس العامة والخاصة في السودان .
منذ الوهلة الأولى كان واضحا أنّ كل رياح تلك العاصفة الهوجاء تهب من مرتفعات الأهواء الذاتية ، وكان بينا أنّ مطرها يهطل من سحب أمراض القلوب، التي حذّر منها المصطفى صلى عليه وسلم ، و التي تنكرها فطرة المسلم الحق ، وتأباها نفس المؤمن السليمة ، فتلك الأحكام الطائشة لم تستند إلى أراء فقهية علمية صحيحة ولا الى ادلة جازمة ، ولم تأت من علماء كبار ، أو من أشخاص مُنزهون عن نزعات النفس الأمارة بالسوء ، فالذين أطلقوها كان واضحا أنّ بعضهم تنقصه الإحاطة الكاملة بأقوال الترابي ، وانه يفتقر للفهم ، و للإدراك التام لما قال ، وكان واضحاً أنّ البعض الآخر ينقصه وضوح الرؤية ، وانه يفتقر للعلم الكافي الذي يجعله قادرا على الحكم على الآخرين لأنه متمترس خلف نصوص لا يحملها إلا على وجه واحد ، و لا يرضى بغيرها ، أما البقية فهي كالعهد بها تتناقل ما يطلق سامعاً عن سامع ، دون إعمال للعقل، و دون مراجعة للنفس من اجل (عصمة الألسن ) حتى لا توردهم الموارد.
إنّ كثيرا من الذين تناقلوا تلك الأحكام ، وفرحوا بها ، وتداولوها في السابق قد عادوا إلى تداولها ، ونشرها ، بعد أن أضافوا إليها السّب ، والشتم ، واللّعن ، والتّمنى بدخول جهنم من أوسع أبوابها في اللّحظات التي كان يوارى فيها الجثمان الذي نظن طهر صاحبه - دون أن نزكيه على ربه - الثرى ، وهي اللّحظات التي أمر فيها الرسول الكريم بالدعاء للميت ، وبالاستغفار له ، فأي دين يتبع هؤلاء ، وبأي سنة يقتدون .
إنّ أي مسلم يتمنى دخول مسلم آخر النار، ويفرح بذلك ، هو مسلم لم يفهم الإسلام ، ولم يعرف رحمة ربه الرّحمن الرّحيم ، الذي طوى الأرض طياً ، من أجل أن يُدخِل نفساً واحدة الجنّة ، بالرغم من أن صاحب تلك النفس كان قد قتل مائة نفس ، دون أن يطرف له طرف أو يرف له جفن .
إنّ الله يحاسب الناس على نياتهم قبل أفعالهم ، ولذلك فان أول ثلاثة توقد بهم النار يوم القيامة ، هم قارئ قُرآن ، ومُجاهد ، ومُتصدِّق بماله ، ويقيننا أنّ نوايا الشيخ بشأن الدين ، والوطن ، كانت خالصة لوجه الله تعالى ، حتى وان كان قد أخطا في أمر، أو جانب الصواب في قضية ، بالرغم من أنّ كل أو معظم القضايا التي دفعت أولئك لتكفيره هي قضايا خلافية ، تحدث فيها كثيرون غيره ، دون أن نسمع أحداً يكفرهم ، أو يحضّ الناس على تكفيرهم ، أو الدعاء عليهم ، وذلك أمر يبين ، ويؤكد أن الشيخ كان مستهدفاً لشخصه ، ولمكانته ، ولحراسته لثغرة من ثغرات الدين في هذا الموقع المهم من العالم الإسلامي ، وان البغض ، والكره كانا هما الدافع الأساسي في الحكم عليه.
إن العداء للترابي قد سنّه أول الأمر أهل اليسار من السياسيين في السودان ، الذين بارت أحزابهم ، وكسدت سلعهم ، وفسدت دعاواهم ، أولئك الذين لم يعجبهم إغلاق البارات ، ولا الغاء رخص بيوت الدعارة ، ولا اختفاء صفوف الزنا ، التي كان يتولى حراستها ، وتنظيمها أفراد الشرطة النّظامية ، فمضوا من وقتها يلفقون الأكاذيب ، وينشرون الإشاعات عن الترابي في حرب مستترة على كل ما هو إسلامي ، حتّى وصل بهم الأمر للتحّدث في رجولته ، فتمكنوا بتلك الوسائل الرخيصة ، من التأثير على أنصاف الفقهاء ومن استعدائهم عليه ، واستطاعوا التأثير على عوام الناس فجعلوهم يرمونه بكل ما لم يفعله وحتى أطلقوا على قوانين الله قوانين سبتمبر .
إنّ أكثر ما اضرّ بالإسلام ، واضر بأمتينا العربية ، والإسلامية عبر التاريخ ، هو شدة الحماس ، وقلة المعرفة ، الحماس الطاغي الذي يعمي البصر ، فيجعل صاحبه عاجزاً عن رؤية الشمس في وضح النّهار ، وعن تمييز الصواب من الخطأ ، ويدفعه ليرمي بنفسه في المهالك ، والشرور ، ظانا انه سيصيب خيراً ، ونجاحاً ، وفلاحا ، وقلة المعرفة التي تعمي البصر ، والبصيرة ، وتجعل الإنسان متعصباً يظن من شدة تعصبه انه أولى بالله من غيره ، وانه اقرب إليه من الآخرين ، وانه أعرف بدينه منهم ، لذا فهو ينوب عنه في الأرض ، وانه بموجب تلك الإنابة له الحق في إجبار الآخرين على أتباع ما يتبع ، وعلى سلوك الصراط الذي يسلك فان أبوا فمن حقه أن يحكم عليهم ، وان يحاكمهم ، أما أكثر ما اضر بالسودان فهو تصديق كل ما يقال وترديده بتلك الطريقة الببغائية دون تحري ودون تثبت .
ومن عجب أنّ بعض علماء هذا الزمان يبينون رأي الشرع للناس في بعض القضايا من مذهب واحد ، ومن قول واحد هو المذهب الذي يعتنقون ، دون أن يذكروا لهم أنّ هناك أراء أخرى لفقهاء آخرين لها أدلتها وبراهينها .
إنّ الذين كفروا الشيخ في السودان هم فرقة متفيقهين ، أنصاف متعلمين ، أولياء مذهب ، أو أنصار جماعة ، أو متعصبين لطائفة ، لا يقبلون بخلاف أو اختلاف ، يفرحهم التكفير فيسارعوا له كأنه فتح الفتوح ، ويبهجهم ويثلج صدورهم دخول الناس إلى النار فيكيلوا لمخالفيهم اللّعنات ، والدعوات من أجل أن يدخلوها، بدلاً من أن يسألوه أن يمن عليهم بالهداية (مثلهم ) طالما أنهم يظنون أنهم مهتدون ، وطالما أنهم يسالون رباً رحيماً ، كريماً ، يستجيب الدعاء و يفرح بتوبة عبده فرحاً عظيماً ، فمن المفترض أنهم دعاة خير لا دعاة شر .
وهؤلاء يشبهون أصحاب ذي الخويصرة اليماني الذي قال فيهم الرسول صلى الله عليه (إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع ‏صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ) .
فالأيام تدور ولا بد أننا نستشرف زمانا مثل زمان ذي الخويصرة ولا بد أننا على أعتابه فقد بدت طلائعه تترى وبانت نذره تقول( صبحكم ومساكم ) ففي الكثير من بلدان العالم الإسلامي اليوم أصبح المسلمون يقتلون المسلمون ( جهادا في سبيل الله ونصرة لنبيه ) ، و يجعلون من بقر بطون النساء ، والأطفال ، والشيوخ طريقاً يسلكونه إلى جنة الفردوس الأعلى ، لينعموا بحورها ، وحريرها ، وأنهارها ، وثمارها ، وإيمانهم بصحة ما يفعلون ، وما يقولون ، وما يعتقدون ، يفوق أي إيمان آخر فأي ضلال أشد من هذا الضّلال .
.ان تكفير المسلم لا يكون إلا بأدلة قطعية لا تقبل الجدل ، ولا يكون إلا باستفهامه وبمراجعته عمّا قال اذا كان ما قاله فيه لبس ، ولا يكون الا بالتحدث اليه لفهم مراده ، ولقد شهد الكل أن الشيخ الراحل كان في غاية اللّطف ، والصبر والتواضع ، وان باب داره كان مفتوحا على الدوام ، وانه كان يستقبل كل من يقصده ، ويحادث كل من يحادثه ، ويراجع كل من يراجعه ، فهل ذهب الذين كفروه إليه يوما ليراجعوه فيما قال ويسألوه عنه ؟
هل جلسوا اليه مستفسرين حتى يفهمهم ويعرض عليهم أدلته ؟ أم أنهم سارعوا إلى تكفيره فرحين ؟
ولماذا لم يذهبوا إليه ومضوا يكفرونه - من على البعد - استنادا إلى مقولات المجلات والصحف التي لا يجزم احد بصحة كل ما تكتب ؟
إنّ السبب واضح فالشيخ قد كساه علمه الغزير هيبة كهيبة الأسد ، جعلت الآخرين يهابونه فمضوا يرمونه بسهامهم من بعيد ، خشية أن تفترس أنياب علمه لحم معرفتهم الغض الهش ، فيتضح جليا قلة معرفتهم إلى جانب معرفته فاثروا السلامة .
إن أنصار الترابي يرحمه الله ، وتلاميذه ، ومحبيه ، والمؤمنون بصدق نواياه ، وبجهاده واجتهاده ، المستوعبون لأحاديثه الفاهمون لمقاصده ، يترحمون عليه في الصباح وفي المساء لأنهم مقتنعون انه أفنى عمره كله في محاولة تمكين الدّين في السودان ، وفي السعي لإيجاد مخرج لهذا البلد الطيب ، بل يعرف فضل الترابي حتى الأفارقة الذين لا يجيدون اللّغة العربية إجادة تامة ويكفىه انه كان السبب ، في تطبيق أول شريعة في السودان بعد الاستعمار ، ويكفيه انه صُلّي عليه صلاة الغائب في 60 مسجدا في موزمبيق وحدها ، مثلما صُلّي عليه صلاة الغائب في الكثير من دول الساحل الأفريقي.
أما غوغاء السياسية أصحاب الاتهامات الكاذبة الذين تطاولوا عليه وأطلقوا الأكاذيب ، وروجوا الإشاعات ، ورموه حتى في شرفه سيعرفون يوم يقوم الناس لرب العالمين أي منقلب ينقلبون لان الله سيطالبهم ، بادلتهم ، وسيرد أمرهم إليه إن شاء أن يقتصّ منهم ، وان شاء غفر لهم .
ألا رحم الله العلامة الدكتور حسن الترابي ، واسكنه فسيح جناته ، مع الصديقين ، والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
بهاء جميل



أحدث المقالات
  • عبد المنعم عجب الفيا والكتابة الجادة بقلم د. حامد فضل الله \ برلين
  • الانسحاب الروسي من سوريا... الاسباب والتداعيات
  • خديعة .. إستفتاء دارفور !! بقلم د. عمر القراي
  • د. محمد عثمان الجعلي :كلمات في حق إنسان متفرد أو محاولة الدخول لعوالم الجعلي المدهشة (1)
  • لجنة عقوبات افريقيا .. اكاذيب وضح النهار ! بقلم عمر قسم السيد
  • سفيان (البريء) ما بين جهل مباحث شرطة مدني و(الإشاعات) المضللة وإتهامه بإغتصاب طفلة واقعة كاذبة
  • ليلة القبض على بنت (متلبسة)! بقلم أحمد الملك
  • جمهورية الريكشا المحتضرة بقلم محمد رفعت الدومي
  • في ذكري يوم الارض .. اننا لعائدون ... بقلم سري القدوة
  • أصل الفراعنة : بين مصداقية حواس وتاريخانية ديوب بقلم حامد جربو
  • تصريحات الاخوان المسلمين !! بين نقض التجربة !! واشتهاءات السلطة!! بقلم بثينة تروس
  • حالة الممارسه الديمقراطيه الاميريكيه في سباق الرئاسه بقلم دالحاج حمد محمد خيرالحاج حمد
  • ( يغلب أجاويدك ) بقلم الطاهر ساتي
  • خيوط دخان الحشيش بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • تقرير موسع عن نشاطات النظام الإيراني الإقتصاديه في العراق بقلم صافي الياسري
  • المعلم الشهيد / محمود محمد طه الميت الحي(1) بقلم حيدر احمد خيرالله
  • حسن صادقي.. الإيراني الذي ليس لديه ما يخسره..! بقلم وائل حسن جعفر
  • أدوات التغيير( 2): حروب الجيل الرابع بقلم عثمان نواي
  • ذكري مذبحة الضعين بقلم شوقي بدري
  • سلوى ألشذى شعر نعيم حافظ
  • دور جنوب السودان فى الوُحدَةِ والإستقلال، وكيف خَذّلهُ المركز؟ (7) بقلم عبد العزيز عثمان سام