* حسب هيجل أنظر إلى الشيء عن بعد لتعرفه .. *فالنظر إليه عن قرب لن يكسبك معرفة (كلية) به .. * وهذا قد يكون صحيحاً على صعيد المعارف الكونية والوجودية وحتى السياسية .. * ولكنه قطعاً ليس كذلك في مجالات العلوم التخصصية .. * والنظر إلى غابة من عل يجعلك على معرفة بأبعادها وتنوعاتها و(جمالياتها).. * ولكن خبير الغابات لابد له من أن يجوس خلال أشجارها وأدغالها وينابيعها (ليعرف) .. * والآن إذ أنظر إلى بلادنا من بعيد أراها على نحو (كلي) أفضل من رؤيتها عن كثب .. * أفضل من رؤيتها في حالة كوني متلاشياً - ذهنياً ونفسياً وعاطفياً- مع تفصيلات مشاكلها و(مشاكلي) .. * مشاكلها مع قادتها ومعارضتها و(حركاتها) واقتصادياتها .. * ومشاكلي أنا نفسي مع (نفسي) ومعها ومع تفاعلاتي إزاء قضاياها المتشابكة.. * والغريبة أن رؤيتي هذه لوطني عن بعد تطابقت مع نظرة الذين أنا بينهم الآن إليها .. * تطابقت على نحو كبير- ومذهل- في كل شيء عدا بعض الجزئيات .. * فالمثقفون هنا ينظرون إلى السودان على أنه مأزوم .. * وأن غالب أزماته هذه هي بفعل أبنائه أنفسهم، حاكمين ومعارضين.. * وأنه لولا الأزمات (الذاتية) هذه لما وجدت التي هي بفعل (الآخرين) إليها سبيلاً .. * وعلى رأس قائمة الآخرين هؤلاء الإدارة الأمريكية التي (أدمنت) تجديد العقوبات الاقتصادية على شعب السودان.. * ولاحظ أنهم قالوا (شعب السودان) بمثلما نقول نحن وليس (حكومة السودان) .. * فالحكومة لا تقع عليها العقوبات هذه بشكل مباشر كما يحدث مع الشعب .. * أو - بعبارة أخرى- ليس بالحدة ذاتها التي تقع بها على الشعب.. * ومما يرونه بوضوح - كذلك- أن جانباً من أزمات بلادنا يتمثل في (الترهل الوزاري) .. * قالوا إن العدد المهول هذا من الوزراء والولاة ووزراء الدولة والمسؤولين هو أمر (غير طبيعي) .. * وإن من واجب حكومتنا - في ظل أوضاعنا الإقتصادية هذه- أن تقلص الإنفاق الحكومي إلى أقصى حد ممكن .. * لا أن (تبحبحها) وكأن بلادنا تعيش في (بحبوحة) من العيش .. * أما المعارضة- كما يرونها- فهي تنطبق عليها مقولة رئيس اليمن المخلوع علي صالح (فاتكم القطار) .. * فهي صارت مثل حزب الوفد المصري يعيش في التاريخ، وبه ومنه .. * وقالوا إن هنالك مقولة في السودان إن لم تنته لن تنتهي مشاكلنا .. * إنها مقولة (دخول الغابة) كناية عن الحركات التي تلجأ لخيار السلاح.. * وأنا الآن أنظر إلى بلادنا -عن بعد- من منظار الفيلسوف الألماني هيجل .. * فأرى (غابة) تسير نحوها المزيد من (الأشجار!!!) . http://www.assayha.net/play.php؟catsmktba=10129http://www.assayha.net/play.php؟catsmktba=10129