الدول الأنموذج (1 من 2)

الدول الأنموذج (1 من 2)


11-16-2015, 08:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1447701839&rn=0


Post: #1
Title: الدول الأنموذج (1 من 2)
Author: سيد البشير حسين تمام
Date: 11-16-2015, 08:23 PM

07:23 PM Nov, 16 2015

سودانيز اون لاين
سيد البشير حسين تمام-
مكتبتى
رابط مختصر

[email protected]

شدني مقال كتبه "جوزيف ستيجليتز" الأستاذ في جامعة كولمبيا والحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، بعنوان "موريشيوس ومجانية التعليم" في جريدة "الاقتصادية" السعودية، المحببة إلى نفسي لكونها مائدة غنية بتنوعها في شتى ضروب المعرفة السياسية والاقتصادية والإجتماعية، وكان ذلك في مارس من عام 2011. وقتها رأيت ودون إستئذان من الكاتب إستنساخ بعض أجزاء ذلك المقال بشيء من التصرف عن الأنموذج الموريشيوسي في النهوض والتطور خاصة في جانب "مجانية التعليم"، وإضافة تجربة أنموذجية أخري هي "تجربة النهضة الاقتصادية الماليزية"، ومقارنة نتائج التطور والنماء الباهرة في هاتين الدولتين، والتي كانت دائما محط أنظار وإعجاب بالغين للكثيرين من أهل المعمورة، بما يجري في بلدي سودان العز منذ إستقلال يصفه بعض الخبثاء ب "البغيض" بدلا من "المجيد" الصفة الدارجة عندما يأتي ذكر الاستقلال، رثاء لحاله كيف كان قبيل وبعيد الاستقلال، وما آل إليه اليوم .
والقصد من المقارنة أو المقاربة هو "إيصال وإبلاغ رسالة"(من باب التذكير عملا بقوله "ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين") لسياسي وقادة بلدي بأنه ليس ثمة علاقة طردية بين "توافر الموارد الطبيعية" ونهضة الشعوب أو الدول كما يبدو دائما، إذ أن العامل المحدد (governing factor) للنمو والتطور الأنموذجي، هو وسيبقي هو "التخطيط السليم" المقترن بالوطنية والتجرد الصادقين، والإرادة القوية للتنفيذ. منطلقنا في ذلك هو تماثل معطيات ومكونات حالتي هاتين الدولتين الأنموذج في الكثير من الأوجه مع السودان. وأهم هذه المعطيات واقع التخلف الذي كانت تعيشه الدولتان قبل الإنطلاق، وكذلك التباين والتعدد الإثني والثقافي واللغوي والديني والسياسي، والاعتماد على المنتج الواحد على الأقل لفترة طويلة بعيد الاستقلال. والغريب في الأمر أن السودان سبق موريشيوس في الاستقلال بأكثر من عقد من الزمان، وتزامن في إستغلاله تقريبا مع ماليزيا التي إستقلت في نهاية أغسطس من عام 1957، وتفوق عليهما كثيرا من جهة ما حبانا الله به من موارد طبيعية ضخمة (زراعية وسياحية وتعدينية ... إلخ)، وفوق ذلك ما كان يتمتع به بعيد الاستقلال من فائض تجاري، وبنية تحتية جيدة (مشاريع زراعية، طرق خدمات مياه واتصال وتعليم وصحة) وخدمة مدنية منظمة. لكن للأسف وللأسي الشديدين فشل في المحافظة وتطوير ما هو متوافر له، بل جرى تدمير كل ذلك.
الأنموذج الأول هو دولة موريشيوسالتي تمثل مجموعة جزر صغيرة (أرخبيل حسب الإصطلاح المتعارف عليه) تقع قبالة الساحل الجنوبي الشرقي للقارة السمراء، وتبلغ مساحتها نحو 2,040 كم2، كما يبلغ تعداد سكانها نحو1.340 مليون نسمة، وذلك حسب كتاب "حقائق عالمية" الذي تصدره وكالة الاستخبارات الأمريكية لعام 2015. تعاقبت على استعمارها عدة دول هي: هولندا (1638 - 1710)، وفرنسا (1715 وحتي سقوط نابليون) وبريطانيا (1810 - 1968). ورغم إفتقار هذه الدولة في جانب الموارد طبيعية، إلا أنها حققت قفزات "بالزانة" في كل الاتجاهات منذ استقلالها في مارس من عام 1968(أعلنت كجمهورية في مارس 1992). وربما من نعم الله عليها أن يحدها البحر من كل الاتجاهات، فلا شمال يربطها به علاقات أذلية كاذبة أو أوهام تكامل اقتصادي و يحتل جزءا عزيزا منها، ولا غرب أو جنوب تطمح في بناء علاقات إستراتيجية معه، متأرجحة صعودا وهبوطا حسب المزاج السياسي للحكام، ولا شرق يغتصب جزءأ من أرضها عنوة وإقتدارا ومسكوتا عنه لقلة الحيلة، وفوق ذلك "وخشم بليلة"، والأخيرة كنا نقولها ونحن يفعا في خصوماتنا البريئة.
ففي مجال السياسة تُعرف موريشيوس على أنها جمهورية ديموقراطية مبنية على نموذج ويستمينستير وما يعنيه ذلك من فصل كامل للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى النقيض من الكثير من دول العالم رأت أن أغلبية الإنفاق العسكري ليس أكثر من هدر للموارد، وأكثر من ذلك إن ذاك النوع من الإنفاق هو مدعاة للإحتراب والتقتيل والتدمير والتخريب. أما إجتماعيا فتتعايش في موريشيوس عدة أعراق هي الكريولية والصينية والتاميل في تناغم وإنسجام تامين،تدين بعدة ديانات هي الهندوسية بمعابدها (48.5% من السكان) والمسيحية الغربية بكنائسها (26.3% من السكان) والإسلام بمساجده(17.3٪ من السكان) بجانب ديانات أخرى وكذلك لا دينيين. وتتحدث هذه الأعراق كلاً من الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، إلا أن الإنجليزية هي اللغة الرسمية للجزيرة، وتوجد بها كذلك لغات شرقية. ولموقعها الاستراتيجي القريب من خطوط الملاحة العالمية بين آسيا أفريقيا والأمريكيتين وسحر طبيعتها الخلاب إستقرت بها أعداد مقدرة من الأوربيين خاصة الإنجليز بعيد الاستقلال، ذلك إلى جانب عدة جاليات من اللبنانيين والمصريين. ولافتقارها لأي نوع من الموارد الطبيعية كما أسلفنا، أدركت موريشيوس أن الإنسان هو "الأصل الوحيد" الذي تتمتع به الدولة وهو "محور" وكذلك "هدف"أي عملية تنموية. لذلك وبالرغم من هذا التباين الإثني والديني والسياسيبين السكان، كما أشرنا، إلا أن ذلك التباين كان عامل حسم في ترسيخ الوحدة الاجتماعية، إذ إلتزمت الدولة بقوة بالمؤسسات الديمقراطية وأرساء مبادئ التعاون بين العمال والحكومة وأرباب العمل، لذا فإن موريشيوس هي إحدى الدول الأفريقية "محدودة العدد" في تصنيف مؤشر التنمية البشرية .. "عالية". ومع ذلك لم تتوقف جهود الحكومة في مجال التنمية البشرية عند هذا، إذ وضعت في عام 2015 "خطة مارشال" من أجل مكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي.
أما في المجال الاقتصادي، فقد نجحت موريشيوس في الإنفكاك من الاعتماد على منتج واحد هو السكر، هذا الاعتماد الذي استمر لأكثر من خمسين عاما، إلى اقتصاد متنوع قائم على السياحة والمنسوجات والتقنية المتقدمة وتصميم المجوهرات والتصنيع. ومؤخرا لجأت إلى قطاعات جديدة للنمو مثل التعهيد (الاستعانة بمصادر خارجية للأعمال)معالجة المأكولات البحرية، التسوق المعفي من الضرائب ومخططات المنتجعات المتكاملة. وكمحصلة لهذا المجهود التنموي، فمنذ أكثر من 30 عاما تشهد البلاد معدل نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي يقدر بحوالي 5%، وزاد نصيب الفرد من أقل من 400 دولار وقت الاستقلال إلى حوالي 9,000 دولار اليوم، وتوفر الدولة لكل مواطنيها مجانية التعليم حتى نهاية المرحلة الجامعية، ومجانية النقل لتلاميذ المدارس، ومجانية الخدمات الصحية بما في ذلك جراحات القلب، وأكثر من ذلك يمتلك أكثر من 87% من السكان لمساكنهم. لذلك تعتبر موريشيوس هي أحد البلدان التي تغلبت علي بذور الخلاف فيها، وحققت بكل النجاح تنمية بشرية واقتصادية جديرة بالدراسة والإقتداء. وحاليا تخطط الحكومة بأن تصبح موريشيوس بالنسبة لإفريقيا ما أصبحت عليه سنغافورة بالنسبة لبلدان آسيا، ودبي بالنسبة للشرق الأوسط.
وأختم مذكرا قادة بلدي السودان بهذا الأنموذج الذي تفوقت فيه موريشوس في كثير من الجوانب (خاصة مجانية التعليم والصحة ونسب السكان الذين يمتلكون مساكنهم) على دول عظمى كأمريكا وبريطانيا.. فهل من مدكر؟؟!!



أحدث المقالات

  • فيم الحوار وعلى ماذا ؟!
  • وادرك الحالمين الصباح ، فسكتوا عن الكلام المباح !
  • الدم المهدور من المسؤول ؟
  • كيف تترجم عبارات و سلوك البشر عبر قاموس (لغة الجسد ) ؟
  • حبّوبة تراجِى لا تفّْهم في اُمْور السِياسة دعُوها إنَّها فتَّنة ...!
  • نسخة إحتجاج السفارة السودانية للخارجية المصرية
  • لهذا السبب يموت المبدعون في بلادي..!!
  • هي أحداث أنا حضرتها وأحكيها بتجرد بقلم بلال زكريا بلال
  • التأمل فى واقع الحوار المرتجى
  • اتفاقية السلام فى ظل حوار حيران الانقاذ
  • برلمان عاطل
  • إنقلاب الرقيب أول عبدالحليم!
  • مشاهد السقوط تتكرر..!
  • استطلاع رأي فلسطيني لا يجامل
  • السياسي السوداني غير وطني؟؟؟ وماهو الحل؟
  • مرحلة ما بعد الجبهة الثورية..!!
  • منتج (خبيث) !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • سيقا تعقب (التحكيم فاشل ) بقلم عمر عشاري أحمد
  • بين البرلمان والموظفة الأمريكية!
  • الحركة الإسلامية والبناء على شفا جرف هار
  • زهد أمين حسن عمر : ياأخي صدقنا!!
  • الحل في النهضة والتنمية..
  • جامعة ميسوري: بأية حال عدت يا عنصرية؟ (1-2)
  • نائب البشير ، حسبو محمد عبد الرحمن و الغاء الروابط و الاندية الجهوية
  • الكنداكة, وعاموراء!!! شعر نعيم حافظ
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (35) النفير الإسرائيلي العام بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • أسرة الشهيدة سارة عبد الباقي تدفع يطعن دستوري
  • وزيرة الدولة بوزارة الصحة تؤكد وجود حمى الضنك بولايات دارفور الخمسة
  • خبراء:الانظمة السلطوية غير مؤهلة لاقامة حكم راشد
  • حسبو يؤكد حرص السودان علي تعزيز علاقات التعاون مع اثيوبيا
  • البرلمان يفشل للمرة الثانية في حل أزمة الموسم الكروي
  • سفير السودان في القاهرة: لا علم لي ولا علاقة بعقد الجرافات
  • خبراء ..الحكم الراشد وتعزيز حقوق الانسان يحتاج الي اصلاحات قانوينة وامنية
  • سفارات دول الاتحاد الأوروبي تخفض أعلامها في الخرطوم بسبب الهجمات الإرهابية بباريس
  • محمد أبو عنجة أبوراس: لسنا طلاب سلطة.. نحن صوت مواز.. جئنا إلى السودان للتعامل مع أي شيء موجب يفيد ا
  • مهرجان الفيلم الأوروبي ينطلق في الخرطوم
  • اليونسيف: «6%» من أطفال السودان يموتون بأمراض يمكن تجنبها
  • السلطات الأمنية توقف د. مريم المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي في مطار الخرطوم
  • برلمانيون يطالبون بالتحقيق حول دفن نفايات بالشمالية
  • الإمام الصادق المهدي ينعي رئيس وزراء اليمن الأسبق عبد الكريم الأرياني
  • الموتمر الدوري الثالث لتضامن أبناء الفور بالولايات المتحدة الامريكية ولاية جورجيا أطلنطا
  • هيئة علماء السودان: لن نقبل بأن يكون الرئيس علمانياً
  • القوات المصرية تقتل 15 سودانياً قرب الحدود مع إسرائيل
  • اعلان موقف - الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة

  • 15 Sudanese killed, 8 injured while trying to cross into Israel from Egypt
  • European Union Embassies lower their flags in Khartoum because of Paris terrorist attacks
  • El Mahdi: Sudan’s opposition opts for silent uprising
  • European Film Festival Kicks off in Khartoum
  • Sudan govt. should remove all press restrictions
  • ICC Prosecutor Fatou Bensouda issues OTP Strategic Plan (2016-2018)
  • Dialogue Mechanism: some leaders of Armed Movements to join dialogue during coming days
  • Sudan’s Nubians speak out against more dams
  • Headlines of Khartoum Newspapers on Nov 16
  • Sudanese govt. urged to investigate nuclear waste dumping