٭ عقب تخرجي في الجامعة كنت مزهواً بما درسته فيها من علم نفس.. ٭ كنت أتخيل نفسي سيغموند فرويد في علم النفس (حتة واحدة).. ٭ ولا أنسى ليلةً عالجت فيها نفسي بنفسي استهداء ببعض نظرياته في مجال الكوابيس.. ٭ نظريات متعلقة بضربين من ضروب المعالجة؛ تحليلية وذاتية.. ٭ فقد كنت أعاني من كابوس يهجم عليّ في هيئة امرأة بشعة ذات ثوب أبيض عليه بقع دماء.. ٭ إنه كابوس مخيف تطاولت سنواته معي منذ فترة الطفولة وإلى مرحلة الشباب وأنا طالب بالثانوي.. ٭ وفي أول هجمة من تلقاء ذلكم الكابوس عليّ اجتهدت في أن أفيق سريعاً كيما أقبض عليه متلبساً.. *فعلت ذلك اقتداءً بنظرية لفرويد عن (أصل) الكوابيس.. ٭ أو كي أقبض على (حقيقته) الكامنة وراء مظهره المخيف .. ٭ فكانت (الحقيقة) امرأة شاهدتها ـ وأنا طفل صغير ـ تحترق بنار (وابور الجاز)، وتموت، وتُكفَّن بثوب أبيض.. ٭ واختفى الكابوس من لياليَّ مذ تلكم اللحظة.. ٭ ولكن بقيت ليالٍ ـ من بعد ليالٍ ـ ذات كابوس أشد فظاعةً ورعباً.. ٭ وهذا ما سنأتي لشرحه بعد الإشارة إلى قصة التباهي تلك بدراسة علم النفس.. ٭ ومناسبة اجترار حديثنا الذي (يجيب النفسيات) هذا الإصرار على انعقاد المؤتمر الدوري الإقليمي الخاص بـ(الصحة النفسية).. ٭ وما لن يناقشه المؤتمرون- بالتأكيد- السبب (الحقيقي) لما تعانيه شعوب المنطقة من (نفسيات).. ٭ فما لم تحس شعوب القارة بأن أطباءها النفسانيين يشعرون بـ(كوابيسهم) فلا فائدة تُرجى منهم.. *بل إن نظرتهم إليهم سوف تبقى مشابهة لنظرة صلاح قابيل لهم في المسلسل العربي.. ٭ فقابيل- الـمُعلِّم- كان يعشق حسناء في الحي حتى أضحى قاب قوسين منها بفضل ما يُغدق على أهلها من مال.. ٭ثم يظهر في الحي ـ فجأة ـ طبيب وسيم شغل الفتاة عن المعلم ذي الشال والجلباب و(النبوت).. ٭ وقبل أن تختمر في ذهن المعلم فكرة (متاواة الطبيب) تأتيه معلومة مهمة.. *معلومة يطير بها فرحاً نحو مقاهي الحي كافة آمراً بأن تكون (المشاريب) على حسابه.. ٭ وكلما سُئل عن سبب فرحته الفجائية- من بعد غم- أصلح من وضع عباءته على كتفه.. *ثم أجاب قائلاً بفرح (الواد المفعوص اللي عاملكو ضكتور).. *وقبل أن يُسأل يضيف ساخراً (مش طِلع نفساوي؟!).